ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد ان نتمم الكلام بعون الله عز وجل اما ابتدأناه في درس البارحة وهو الكلام عن رؤية الله سبحانه وتعالى في الاخرة اسأل الله جل وعلا ان يجعلنا من اهل هذه الرؤية انتهينا من الكلام عن مذهب اهل السنة والجماعة وعرفنا ان اهل السنة والجماعة يعتقدون بما نطقت به ادلة الكتاب والسنة وما قام عليه اجماع السلف الصالح ومن بعدهم من اثبات رؤية الله عز وجل وانها واقعة حاصلة في الاخرة في عرصات القيامة وفي جنات النعيم وعرفنا ايضا ان ثمة مخالفين لهذا الحق المبين وهم طوائف من اهل البدع والضلال انبهها هنا الى المذهبين الذين يرجع اليهما كل اه ما كان مخالفا للحق في هذا الباب المذهب الاول مذهب النافين للرؤية هؤلاء قوم صرحاء نفوا رؤية الله سبحانه وتعالى في الاخرة فقالوا ان الله عز وجل لا يرى في الاخرة مطلقا قالوا ان هذا من المحال هؤلاء هم الجهمية والمعتزلة ومن لف لفهم من الخوارج ومثل هذا الموضوع يحتاج الى تنبيه ويحتاج الى توضيح نظرا الى ان فرقة خارجية قديمة حديثة تنشر هذا القول تستدل له وتبثه من خلال شبكة المعلومات وغيرها وربما آآ ابتلي بعض المسلمين بالنظر الى هذه الشبه ولربما وقع في القلب شيء فيحسن العناية بهذا الموضوع نحن لا نتحدث عن موضوع اه خيالي او بعيد او مهجور بل هذا موضوع المخالفون فيه للحق ينشطون في نشره فحري المسلم ولا سيما طالب العلم ان يكون على عناية ودراية بهذا الموضوع قال هؤلاء بنفي الرؤية ومذهبهم في مسألة الرؤية مبني على مذهبهم في باب الصفات وهذا يرشدك يا طالب العلم الى امر مهم يتعلق بمسائل الاعتقاد فان مسائل الاعتقاد كالحلق التي يأخذ بعضها ببعض فمن المهم ان تعرف العلاقات والصلات بين المسائل العقدية اتعرف ان هذا القول مبني على اصل عند هؤلاء وبالتالي يسهل عليك فهمه وبالتالي يسهل عليك رد هذا القول هؤلاء قالوا ان المتصفة بالصفات جسم والجسم محدث والله عز وجل قديم لا محدث وبالتالي فانه لا يتصف بالصفات هذا احد اصولهم في مسألة الصفات جاءوا الى مسألة الرؤية فقرروا الامر نفسه قالوا ان الذي يرى هو الجسم والجسم لا يكون الا محدثا والله عز وجل قديم لا محدث. النتيجة الله عز وجل لا يرى ويجب القطع بانه لا يرى هذه المسألة مسألة يطول فيها البحث واظن انه في اثناء الدروس الماضية جرى شيء من الحديث عن مسألة الجسم والتجسيم وقلت ان اهل السنة والجماعة لا يثبتون هذا اللفظ ولا ينفونه في حق الله جل وعلا فلا يقولون ان الله جسم ولا يقولون ان الله ليس بجسم فانهم لا يثبتون الا ما ثبت ولا ينفون الا ما ثبت ولا يتجاوزون القرآن والحديث والقوم لهم في تعريف الجسم اقوال كثيرة والخلاف بينهم اعني بين المتكلمين كبير في تحديد ما هو الجسم اتريدون الجسم بمعناه المعروف والذي نطق به القرآن وهو انه هذا الجسد ذي اللحن انه هذا الجسد للحم والدم كما قال سبحانه واذا رأيت واذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وزاده بسطة في العلم والجسم ان كنتم تريدون هذا فيتعالى الله عز وجل عن ان يكون جسما ليس كمثله شيء وهو السميع البصير وعلى هذا فانه يقال ان قولكم انه لا يتصف بالصفات الا ما هو جسم بهذا المعنى هذه مكابرة للمعقول والمنقول ايقول عاقل انه لا يتصف بالصفات الا اجسام بني ادم هل يقول عاقل ذلك لا يقول عاقل ذلك. اذا حددوا لنا ما هو الجسم حتى نتكلم معكم باثبات او نفي في هذا الباب ثم اننا نقول سلمنا لكم جدلا بتعريف الجسم على اي تعريف تختارونه وعلى جميع هذه التعريفات فانه لا ينحصر اتصاف الا ينحصر الاتصاف بالصفات فيها فان الليلة والنهار مثلا ليست اجساما عند المتكلمين ومع ذلك قالت العرب ودلت الادلة انها تتصف بالصفات فان الله سبحانه وتعالى يقول والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى اذا هذه صفات فالليل يتصف بانه يغشى والنهار يتصف بانه يتجلى وانت تتكلم وتقول تقول نزل البرد تقول حل المرض اليس كذلك؟ وهذه ليث ليست اجساما حتى على تعريفهم. اذا قاعدتهم التي قعدوها وهي انه لا يرى الا الاجسام قاعدة غير صحيحة فلا يسلم لهم ذلك يكفينا ان كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم قد دلت على ان الله جل وعلا يرى فماذا بعد الحق الا الضلال نأتي الان الى مناقشة مذهب هؤلاء هؤلاء كان لهم ايراد على ما استدل به اهل السنة وكان لهم ادلة زعموا انها تدل على نفي الرؤية عن الله سبحانه وتعالى واشرت في درس امس الى ايراد اوردوه يتعلق بقوله تعالى وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة ما هو هذا الايراد؟ يا براء قالوا ان النظر ها هنا ليس نظر العين وانما هو الانتظار وذكروا شاهدا على هذا وبينا ان هذا الشاهد لا يصلح للاستشهاد اذا هذا قول قالوه وقلنا انه باتفاق اهل اللغة كلمة نظر لا تعدى بالى لا تعد بالى الا والمراد نظر العين الا والمراد رؤية العيب وخلاف هذا لا شك انه جنوح عن مسلك الانصاف كان للمتكلمين مسلك اخر مع هذه الاية وهو انهم زعموا ان الى ليست حرف جر وجوه يومئذ ناضرة الى ربي ناظرة قالوا الى هنا انتم تستيطلون علينا فتقولون ان النظر قد عدي بالا. اليس كذلك؟ وهذا ليس الا نظر العين سلمنا لكم القاعدة ولكن الى ها هنا ليست حرف جر انما هي اسم قالوا الى مفرد الاء كمع مفرد امعاء وعليه فيكون نظم الاية وجوه يومئذ ناضرة ناظرة يعني منتظرة نعمة ربها فهمنا يا جماعة الى اصبحت ماذا اسما بمعنى نعمة وبالتالي تعدى تعدت هذه الكلمة بنفسها فتكون بمعنى ها الانتظار فيكون المعنى في الاية وجوه يومئذ ناضرة تنتظر نعمة ربها هكذا قالوا ووالله لو انه سلك هذا المسلك بهذه الاية اعني في تحريفها هذا التحريف فان تحريف نصوص المعاد والجنة والنار بل الامر والنهي اسهل بكثير من هذا الحمل الغريب البعيد عن ظاهر السياق والذي لا يخطر ببال احد يقرأ هذه الاية وهو يعرف لغة العرب اذا الرد على قولهم من وجوه فاولا يقال هذا حمل بعيد غريب عن مسلك الفصاحة والبيان من الذي يرد على ذهنه هذا المعنى واين نظير هذا الاستعمال في كتاب الله عز وجل هذا امر بعيد وحمل في الحقيقة فيه بعد كبير ولا يليق ان يحمل كتاب الله عز وجل على مثل هذه الا التخريجات الموحشة البعيدة عن السياق وظاهر الكلام وما هو قريب من الاذهان ومعروف في مجال كلام العرب ووجه اخر يقال فيه انه ليس متفقا عليه ان الى مفرد الاء ففي هذا الامر منازعة من اه جماعة من اهل اللغة فان منهم فان منهم من يقول ان هذا قول ليس له شاهد صحيح فان الاء مفردها الا وليس وليس الى على كل حال انا اردت فقط ان انبه الى ان هذا الذي ذكروه ليس امرا متفقا عليه وقل مثل هذا في منازعة املائية منازعة من جهة اللغة لكن من جهة الاملاء لا من جهة اه اه ما ذكروه من اه هذا التصريف فان من اهل اللغة من قال ان الى انما تكتب بالياء او بما يشبه الياء كما نسميها نحن ماذا الالف المقصورة لا تكتب هكذا وانما تكتب بالالف الممدودة وهذا لا يناسب رسمه وهذا لا يناسب رسم القرآن عدا ان من اهل اللغة من قال ان هذا فيه تكلف بعيد عن الفصاحة من جهة ان اسم الفاعل انما عمل فيما قبله لا بعده ومثل هذا تكلف بعيد عن الفصاحة انما يلجأ اليه عند المضائق في مثل ضرورة الشعر اما في القرآن فانه مجال فسيح فما الذي يلجئ لان نعمل او ان يعمل اسم يعمل اسم الفاعل فيما فيما قبله وليس وليس فيما بعده. اذا هذا الموضع ليس محل تسليم ثم يقال ثالثا ان هذا الحمل الذي ذكروه حمل مخالف للاجماع فلا احد من اهل القرون الثلاثة المفضلة اهل الخيرية في هذه الامة حمل هذه الاية على هذا المحمل يا لله العجب اكان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اكان التابعون واتباعهم جهلاء بكتاب الله حتى جاء متأخروا المعتزلة بهذا الوجه اكانت الامة مضيعة للحق في كتاب ربها جاهلة به حتى اتى هؤلاء ليعرفونها الى على اي شيء يحمل والى اي شيء آآ يوجه كلام الله سبحانه وتعالى هذا مما لا يمكن ان يقال به ثم انه يقال رابعا وهذا اشرنا اليه في درس البارحة وهو ان الانتظار لا نعيم فيه وقد قلنا انهم قد قالوا ان الانتظار الموت الاحمر وقالوا الانتظار يورث الاصفرار يورث السقم وليس محلا لماذا وليس محلا للتنعيم والاية مسوقة لبيان النعيم الذي يكون عليه اهل الايمان في ذلك اليوم العظيم وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة فاين النعمة منه الانتظار ثم انه يقال خامسا قرينة ذكر الوجه تمنع من ان يكون السياق متعلقا بالانتظار فان الانتظار لا مناسبة بينه وبين الوجه هم ينتظرون وليست وجوههم هي التي تنتظر اليس كذلك؟ ولذلك تجد مثلا لما كان المراد الانتظار تجد ان الامر كان متعلقا بهم فهل ينظرون الا الساعة ان تأتيهم بغتة قل فانتظروا انا معكم من المنتظرين. اذا تجد ان النظر بمعنى الانتظار انما يتعلق بماذا بهم وليس وليس بوجوههم اما الرؤية فالمناسبة واضحة بينها وبين الوجه اليس كذلك؟ لان الرؤية بالعين والعين محلها الوجه واضح يا جماعة؟ ولا يرد على هذا ان يقال فماذا نقول فيما بعد هذه الاية؟ ووجوه يومئذ باسرة تظن ان يفعل بها فاقرة لا يرد هذا فليست هذه الاية كتلك لان الفاقرة هي المصيبة العذاب الذي ينتظره هؤلاء الكفار فوجوههم بائسة وجوههم اه حزينة مكفهرة تنتظر ان ينزل العذاب بهم ولا شك ان الوجه من اول ما يناله ماذا العذاب اول او من اول ما يناله العذاب هو الوجه. اليس كذلك؟ ولذلك من لحظات الاحتضار ينال الوجه ما يناله من العذاب كما اخبر الله عز وجل عن الملائكة انهم يضربون وجوههم وادبارهم اليس كذلك؟ فليست الاية الثانية كالاية الاولى اذا هذا الذي ذكروه من ان اه هذه الاية محمولة على الانتظار لا شك انه قول غير صحيح لا من جهة تأويلهم وتحريفهم الى ولا من جهة ايضا حملهم النظر ها هنا على محمل الانتظار بل ان الاية واضحة صريحة بل هي اوضح ما يكون دلالة على ان اهل الايمان يرون الله سبحانه وتعالى باعينهم ينظرون اليه جل وعلا بابصارهم ننتقل الان الى ما زعموا انه دليل يدل على مذهبهم قال القوم اننا وجدنا ايتين في كتاب الله تدلان على استحالة رؤية الله سبحانه وتعالى فليس امامنا الا ان نأول الايات التي اوهمت خلاف ذلك هكذا قالوا اما الاية الاولى قالوا انها قوله تعالى عن موسى عليه السلام قال لن تراني لما طلب موسى عليه السلام من ربه ان يراه قال ربي ارني انظر اليك قال لن تراني ولكن انظر الى الجبل فان استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا فلما افاق قال سبحانك تبت اليك وانا اول المؤمنين. الشاهد ان القوم قالوا ان قوله تعالى لن تراني يدل على استحالة رؤية الله سبحانه وتعالى وترتيب الاستدلال عندهم هو ان الله تعالى قال لن تراني ولن تفيد ها تأبيد النفي يعني هذا الذي نفي بلن نفي ماذا مؤبد لن تراني مطلقا لن تراني ابدا وبالتالي فيستحيل ان يرى احد ربه سبحانه وتعالى والجواب عن هذا ان يقال ان هذا الذي ذكروه من ان لن تفيد تأبيد النفي هذه بدعة لغوية وهذا كلام لا اثارة عليه من علم انما هي دعوة ادعوها لاجل ان يصلوا الى مآربهم الى تحريف كتاب الله عز وجل وانظر كيف انهم يسلكون اي مسلك حتى ولو كان الاختراع في اللغة المهم ان يحرفوا دلالات الكتاب والسنة عن وجهها الى الشيء الذي يهوون قاعدة القوم انهم يعتقدون ثم ثم يستدلون اقول الجواب عن هذا ان زعمهم ان لن تفيدوا تأبيد النفي هذا قول غير صحيح وما احسن ما قال ابن مالك رحمه الله في الكافية ومن رأى النفي بلا مؤبدا فقوله اردد وسواه فاضداه هذا قول ليس بصحيح وان زعمه من زعمه من هؤلاء المتكلمين ولذا هذه ان لن تسمى عندهم ماذا لن الزمخشرية نسبة الى الزمخشري الذي هو من ائمة الاعتزال وانا لم اقف في شيء من كتبه على انه نص على نفي على تأبيد النفي انما وقفت في كتابه الانموذج في النحو على انه نص على ان لن تفيد تأكيد النفي والامر على كل حال قريب بين التأكيد والتأبيد هو قال ان لن كلا تفيد النفي لكنها تزيد عليها بالتأكيد فانها تفيد تأكيد النفي وقال غيره من المعتزلة انها تفيد ماذا تأبيد النفي وهذا القول غير صحيح ولا دليل عليه من كلام العرب بل ان السهيلية رحمه الله كما نقل ابن القيم في كتابه بدائع الفوائد قال ان العرب لا تنفي بلن الا ما هو ممكن الحدوث العكس ماذا هو الصحيح ان العرب لا تنفي بلن الا ما هو ماذا ممكن الحدوث وليس الذي يستحيل ان يحدث. فهمنا هذه ونص على هذه الجملة غيره ايضا من اهل اللغة ويؤيد هذا ما يأتي تأملت معي في قوله سبحانه وتعالى ولن يتمنوه ها ابدا لاحظ كيف ان النفي ها هنا اكد بقوله تعالى ابدا ولو كانت لن تفيد التأبيد بذاتها لاصبحت كلمة ابدا ها هنا حشوا فهمنا يا جماعة فلما جاء قوله تعالى ابدا دل على ان النفي بلن لا يفيد التأبيد من حيث من حيث لفظ لندن. ها وانما استفدنا التأبيد بماذا بقوله ابدا ثم نقول ايضا سلمنا لكم بان لن تفيدوا التأبيد وزاد التأبيد تأكيدا او وزاد التأبيد تأكيدا قوله ماذا ابدا فان هذا محمول على الدنيا لا على الدنيا والاخرة لم؟ لان الله سبحانه وتعالى ذكر عن اليهود انهم لن يتمنوا الموت ابدا وهم مع اخوانهم الكفار يوم القيامة سوف يتمنون الموت اليس الله عز وجل قال عن الكفار ونادوا يا ما لك ليقضي علينا ربك اذا ما كان التأبيد تأبيدا في الدنيا والاخرة انما كان متعلقا بماذا بحال الدنيا اما في الاخرة فالشأن شأن اخر هب ان قوله لن تراني تعلق بماذا بنفي مؤبد في ماذا في الدنيا لكنه ليس كذلك ولكنه ليس كذلك في الاخرة. فتنبه الى هذا يا رعاك الله اذا لن لا دليل على انها تفيد ماذا لا دليل على انها تفيد التأبيد والعكس هو الصحيح فانها تدل على النفي القريب وليس النفي الممتد كما يقول السهيلي رحمه الله ثم يقال لهم ايضا وهذا الوجه آآ الثاني انتم تقولون انه يستحيل تستحيل رؤية الله سبحانه وتعالى هذا امر محال لان هذا بزعمهم لا يليق بالله عز وجل فنقول يا لله العجب اانتم اعلم بالله من كليم الله انتم عرفتم الامر الذي يستحيل ولا يليق بالله عز وجل وموسى عليه السلام جهله ايقول هذا مسلم ارأيت الى طلب موسى عليه السلام اليس طلبا فيما يعتقد موسى عليه السلام فيما يعتقده شيئا ممكن الحدوث ايطلب موسى شيئا عليه السلام؟ ايطلب شيئا يعتقد انه مستحيل؟ هذا ماذا؟ غير معقول. اذا هو ما طلب الا شيئا يعتقد وانه ماذا انه ممكن وانتم تزعمون ان هذا ماذا ان هذا مستحيل ويترتب عليه نقص في حق الله سبحانه وتعالى. فكنتم على هذا اعلم بالله من هذا النبي الكريم وهذا الرسول العظيم من كليم الرحمن سبحانه وتعالى. وهذا لا يمكن ان يقوله مسلم ثم يقال لهم ثالثا ارأيتم الى طلب موسى عليه السلام ان يرى ربه لو كان شيئا لا يليق لكان ثمة توجيه من الله سبحانه وتعالى وتنبيه وتحذير وعظة انظر كيف ان الله سبحانه وتعالى وعظ نوحا عليه السلام في شأن ابنه اليس كذلك؟ اني اعظك ان تكون من الجاهلين ولم يكن هذا واقعا في هذا الطلب بل الله سبحانه وتعالى اجاب موسى ببيان ان هذه الرؤية لا تمكن بني ادم. ولذا احاله الى رؤية ماذا الجبل اذا كان الجبل وهو جبل ما قوي على تجلي الله سبحانه وتعالى. فكيف فكيف بانسان ضعيف من لحم ودم وعصب واضح يا جماعة؟ اذا هذا دليل على ان موسى عليه السلام ما طلب شيئا مستحيلا لذاته انما الله سبحانه وتعالى برحمته ولرحمته بموسى عليه السلام بين له انه لن يراه لانه ماذا ضعيف ثم بين له ما يرشده الى ذلك وهو ما كان من تجليه للجبل فما كان من الجبل الا ان اندك ثم يقال رابعا ان الله سبحانه وتعالى قد نادى موسى وقربه نجيا كلمه سبحانه وتعالى كفاحا ليس بينه وبينه ترجمان فما الذي يمنع بعد ذلك من رؤيته جل وعلا يعني اذا كان النداء واذا كانت المناجاة واذا كان الكلام ممكنا فلا ان تكون الرؤية ممكنة من باب اولى ما الذي يمنع ذلك ثم يقال لهم قامسا ان الله سبحانه وتعالى قد تجلى للجبل اليس كذلك والتجلي في اللغة هو البيان والظهور تجلى للجبل يعني بان سبحانه وظهر كيف شاء جل وعلا للجبل فاذا كان التجلي ممكنا بل حاصلا للجبل فما الذي يجعله مستحيلا استحالة ذاتية في حق ماذا في حق موسى عليه السلام كيف وقد جاءت الادلة صريحة في اثبات رؤية الله سبحانه وتعالى يوم القيامة اذا زعم القوم ان النفي في قوله تعالى لن تراني نفي مؤبد والصحيح الذي لا شك فيه ان الله سبحانه وتعالى انما اجاب موسى عليه السلام عليه السلام بقوله لن تراني يعني في هذه الحال او في حال الدنيا وليس هذا نفيا للرؤيا في الدنيا وفي الدنيا والاخرة اما الدليل الثاني الذي ذكروه فقالوا قد دل على نفي رؤية الله جل وعلا قوله تعالى لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار قال الله عز وجل نفى ادراك الابصار له والادراك هو الرؤية الادراك هو الرؤية. اذا الله عز وجل لا يرى لا تدركه الابصار والحق ان هذا الذي ذكروه باطل غير صحيح هذه اية عظيمة لا دلت على كمال الخالق جل وعلا وانه سبحانه لعظمته لا يدرك وللطفه وخبرته يدرك الابصار الله جل وعلا لعظمته لا تدركه الابصار وللطفه وخبرته يدرك الابصار فسبحان العظيم في لطفه واللطيف في عظمته هذا الذي ذكروه مبني كما قد سمعت على التسوية بين لفظي الادراك هو الرؤية وهذا غير صحيح لغة فالادراك قدر زائد على الرؤية الادراك قدر زائد على الرؤية الادراك في اللغة هو الاحاطة وكون هذه الاحاطة تكون برؤية بصرية او لا تكون هذا مرجعه الى السياق قد تكون مصاحبا للرؤية البصرية وقد وقد لا تكون ولذا اذا رجعت الى كتب المعاجم تجد انهم يقولون الادراك هو الاحاطة واذا رجعت الى الاحاطة يقولون الاحاطة هي الادراك. فالاتراك هو الاحاطة والاحاطة هي هي الادراك وهذا ليس الرؤية انما الله عز وجل يرى بلا احاطة كما انه يعلم ولا يحاط به علمه الله عز وجل يرى ولا يحاط في رؤيته كما انه يعلم ولا يحاط به علما ولا يحيطون به علما. نحن نعلم شيئا عن الله سبحانه وتعالى. اليس كذلك؟ عن اسمائه وصفاته ونعوت وافعاله ولكننا لا نحيط علما به لا نعلم كل شيء عنه سبحانه وتعالى. كذلك الامر في الرؤية نحن واسأل الله عز وجل ان يجعلنا ان يجعلنا كذلك سنرى الله سنرى الله سبحانه وتعالى بفضله ومنه وكرمه وهذا رجاؤنا فيه سبحانه وتعالى سنرى الله عز وجل في الاخرة ولكن بصرنا لا يحيط به انت اذا رأيت شيئا صغيرا فان بصرك ماذا يحيط به لكنك قد ترى الكبير العظيم وبصرك لا يحيط به ارأيت اذا وقفت امام البحر هل تراه اجيب لا تراه تراه هل تحيط به تراه من جميع جوانبه والسبب انه واسع وكبير وعظيم والله اكبر واوسع واعظم الله اكبر والله الكبير والله الواسع والله العظيم فيراه العباد لكنه يتعالى عن ان يدرك وان يحاط به سبحانه وتعالى اذا لا تلازم بين الادراك والرؤية وانما الادراك قدر ماذا زائد فالمثبت شيء والمنفي شيء اخر المثبت ها الرؤية والمنفي الادراك ومما يرشدك الى انه لا تلازم بين الامرين كتاب الله عز وجل تأمل معي في قوله سبحانه وتعالى في شأن موسى وقومه وفرعون وقومه فلما تراءى الجمعان قال اصحاب موسى ايش انا لمدركون انتبه تراءى الجمعان يعني رأى كل فريق الاخر السؤال حصلت الرؤية نعم حصلت الرؤية. طيب ظنها هنا يرحمك الله اصحاب موسى انهم سيحاط بهم ويدركون ان لمدركون ماذا قال موسى عليه السلام قال كلا ايكذب موسى عليه السلام اي يخبر بخلاف الواقع اليس يرى بعينه فرعون وقومه اجيبوا يا جماعة ومع ذلك قال ماذا كلا فدل هذا على ان الرؤية حصلت ولكن الادراك لم يحصل زد على هذا الله عز وجل امر موسى عليه السلام فقال له ولقد اوحينا الى موسى ان اسري بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا ماذا لا تخاف دركا ولا تخشى لا تخافوا ايش بركا هذا وعد من الله سبحانه وتعالى اليس كذلك مع ان الرؤية ماذا حصلت اترون الله عز وجل يخلف الميعاد الله اذا الرؤية شيء والادراك شيء اخر الرؤية حصلت تراءى الجمعان ولكن الادراك لم يحصل والله عز وجل ماذا وعد انه لن يحصل. قال موسى كلا وقال الله جل وعلا لا تخافوا دركا اذا ليس الادراك هو الرؤية وجه اخر مر بنا ان كنتم تذكرون ان النفي في الصفات لا يكون مرادا لذاته لان النفي من حيث هو عدم والعدم ليس بكمال وليس فيه مدحة. اليس كذلك والله جل وعلا انما يوصف بالكمال وبما يقتضي المدح والثناء وها هنا اي كمال واي مدحة في ان ينفى عن الله عز وجل الرؤية لو كان ما زعموه حقا لا تدركه الابصار يعني لا تراه الابصار لكان هذا ماذا نفيا محضا فما الكمال في ذلك هذا شيء المعدوم يقال فيه ذلك. المعدوم يقال فيه ماذا انه لا يرى اليس كذلك فاي مدح ان يوصف الله سبحانه وتعالى بانه لا يرى انما النفي في صفات الله عز وجل كما تذكرون عند اهل السنة انما يدل على ثبوت كماله الضد فالله عز وجل لا يدرك لماذا لعظمته ولسعته ولانه اكبر من كل شيء سبحانه وتعالى اذا تنبه الى هذا الامر المهم الذي يتعلق بالنفي في بابه بباب الصفات اذا قوله تعالى لا تدركه الابصار لا يدل على ماذا لا يدل على نفي رؤية الله سبحانه وتعالى. فالرؤية شيء والادراك شيء اخر والله تعالى اعلم هذا هو الفريق الاول الذي ظل وانحرف في مسألة الرؤية ثمة فريق اخر هؤلاء قالوا ان الله عز وجل او قبل ان اقول اقول ان هؤلاء اخطأوا في امرين في هذا الباب الاول انهم قالوا ان الله عز وجل يرى لا من جهة ماذا يرى لا من جهة يقولون يرى لا من جهة العلو ولا من جهة السفل يعني لا يراه الراءون اعلى منهم ولا امامهم ولا خلفهم ولا عن يمينهم ولا عن يمينهم ولا عن شمالهم ولا اسفل منهم. يرى لا من جهة وهذا القول في حقيقة الامر قد اضحك العقلاء عليهم ولذا استطال عليهم المعتزلة بل حتى الفلاسفة ولو رجعت الى مواضع عند شيخ الاسلام رحمه الله في بيان تلبيس الجامية فذكر هذه الالزامات بل هذا الشيء من النعي على هؤلاء المتكلمين حتى من الفلاسفة كابن رشد يقول هذا اضحك العقلاء على عقولكم كيف تكون رؤية لا يكون فيها المرئي في جهة من الرائي كيف تكون الرؤية في اه كيف تكون رؤية لا يكون فيها المرئي في جهة من ماذا من الرائي هذا امر مستحيل بل لا تكون رؤية الا والمرئي في جهة من الرائي والحق ان الله سبحانه وتعالى يرى من جهة العلو العلو صفة ذاتية ثابتة لله سبحانه وتعالى هذا الذي قالوه مبني على ماذا على نفيهم صفة العلو لله سبحانه وتعالى. اذا تنبه الى الصلات والروابط بين المسائل هؤلاء نفوا العلو فلما وصلوا الى مسألة الرؤية وقع عندهم اشكال لو اثبتنا الرؤية الحقيقية الثابتة التي يعقلها الناس في مجاري كلامهم وفي ضوء لغتهم لاقتضى هذا نقض مذهبهم في ها في مسألة العلو فما وجدوا امامهم الا ان يأتوا بهذا الشيء المخترع الغريب العجيب وهو ان يقال ان الله تعالى يرى لا من جهة ولا شك ان هذا امر غير معقول و لازمه نفي الرؤيا وان الرؤية ليست بالبصر الشيء الذي يرى لا من جهة هو الشيء الذي يرى بالقلب يعني ما يرجع الى معنى التفكر والتدبر والاعتبار اما ان تكون رؤية بصرية فهذه لا يمكن الا ان تكون ماذا الا ان تكون من جهة فهمنا يا جماعة؟ وهذا ما اعترف به حذاقهم تجد ان الرازي في بعض كتبه قد نص على ان على انه لا مناص ولا محيص اذا قلنا بان الرؤية لا من جهة ان نحمل الرؤية لا على رؤية البصر وانما على الرؤية القلبية التي هي بمعنى تفكر او زيادة في الادراك والعلم لا اقل ولا اكثر وبالتالي كان الخلاف بينهم وبين المعتزلة لفظيا وهذا ما صرح به بعض متأخريهم صرحوا بان الخلاف عند التحقيق ماذا بيننا وبينهم لفظي المعتزلة لا ينازعون في رؤية بمعنى هي زيادة الادراك العلمي في القلب. هذا المعنى ما عندهم فيه اشكال وهذا الذي ال اليه قوله هؤلاء هؤلاء المتكلمين فكانت النتيجة ان القولين ها الخلاف بينهما الخلاف بينهما لفظي فالحق الذي لا شك فيه ان المسألتين متلازمتان الرؤية والعلو اما اثباتهما معا او نفيهما معا اما اثبات احداهما ونفي الاخرى فتناقض يربأ عنه العقلاء اما ان تقولوا ان الله في العلو والله يرى بالابصار او تكونون صرحاء كما فعل المعتزلة فتقولون لا علو ولا رؤية بالبصر و مما يدل على المذهب الحق الذي هو مذهب اهل السنة والجماعة في هذه المسألة وهي آآ وهو ان الله سبحانه وتعالى يرى من جهة العلو ما ثبت في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان الناس قالوا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل تمارون برؤية القمر ليلة البدر وفي رواية قال هل تضارون او تضامون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا يا رسول الله قال هل تمارون في رؤية الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله قال كذلك ترون ربكم اذا هذا الحديث وتنبه يا رعاك الله الى ان التشبيه فيه ليس تشبيه المرئي بالمرء وانما فيه تشبيه الرؤية بالرؤية قوله صلى الله عليه وسلم سترونه كما ترون القمر او كما ترون الشمس ليس تشبيها للمرء بالمرء تعالى الله عن ذلك. فالله ليس كمثله شيء شيء انما هذا تشبيه للرؤية بالرؤية وذلك من جهتين اولا انها رؤية واضحة لا لبس فيها ولا مشقة رؤية واضحة لا لبس فيها ولا مشقة. والامر الثاني انها رؤية من ماذا من جهة العلو كما انك ترى القمر وكما انك ترى الشمس من جهة العلو كذلك الله عز وجل يرى من جهة في العلو وان كان هو سبحانه ليس كمثله شيء وان كان هو سبحانه لا نعلم له سميا ولم يكن له كفوا احد اذا هذا هو القول الحق الصواب في هذه المسألة ومذهب هؤلاء في الحقيقة مذهب مناف للمعقول كما انه مناف للمنقول اما المسألة الثانية التي اخطأوا فيها فبذلك اختم الكلام في هذا الدرس فهي ما زعمه بعض اساطين هؤلاء المتكلمين من ان الله سبحانه وتعالى يرى رؤية لا نعيم فيها ولا لذة يقول هؤلاء وهذا ليس قول بعض حواشيهم بل هذا بعض كبرائهم واساطينهم قالوا ان الله تعالى يرى رؤية ماذا لا نعيم فيها ولا لذة فيال الله العجب وانظر الى هذا الحرمان كيف اتوا الى هذا الامر العظيم الذي طارت قلوب العابدين شوقا اليه وتطلعا ورغبة فيه وهو رؤية الله سبحانه وتعالى وما يكون لهم بسبب ذلك من النعيم واللذة جاء هؤلاء فنفوا هذا فانظر اثر علمي الكلام في قسوة القلوب وما احسن ما قال اهل العلم لو لم يكن في الكلام يعني في علم الكلام الا سقوط هيبة الرب من القلب لكفى به قبحا علم الكلام يورث القسوة يورث الجفاف والجفاء اما اهل الايمان الذين عكفوا على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فما الين قلوبهم لذكر الله وما اعظم محبتهم وشوقهم الى الله سبحانه وتعالى وهذه المسألة عند هؤلاء قرينة للمسألة الاخرى وهي نفيهم المحبة بين الخالق والمخلوق فان جماعة من هؤلاء فان عامة هؤلاء نفوا ان يحب الله عبده ونفى بعضهم ان يحب العبد ربه سبحان الله لب العبودية نفوها لب العبودية نفوه العبودية والتأله ما هو الا التذلل والتأله للمعبود محبة ورغبة ورجاء وخوفا منه سبحانه وتعالى جاء هؤلاء فقالوا لا محبة بين خالق المخلوق العبد يحب النعيم يحب الجنة يحب الثواب. اما الله عز وجل فانه عند هؤلاء لا يحب سبحان الله ما هذا الخذلان والله جل وعلا يقول فسوف يأتي الله بقوم نحبهم ويحبونه ولو لم يأتي في الادلة ولا في النصوص اثبات هذا الامر لكان ما هو قائم في قلوب العابدين المؤمنين من فطرة شوق عظيم ومحبة غالبة لربهم سبحانه وتعالى وشوق الى رؤيته سبحانه وتعالى لكان والله هذا كافيا باثبات هذا الامر الذي لا ينكره الا جاحد بل حتى فطرة هؤلاء تنكره وفي لحظات الاضطرار تخونهم عقائدهم التي يتكلمون بها او يكتبونها المقصود قال هؤلاء انه لا تحصل لذة ولا نعيم برؤية الله انما تحصل الرؤية والنعيم عند رؤية الله انتبه الى الفرق اللذة والنعيم لا تكون بالرؤية انما تكون ماذا عند الرؤية بمعنى ان الله تعالى يخلق نعيما ولذة في هذه الحال وليس لرؤية الله عز وجل فيها اثر الرؤية ما لها اي علاقة بهذا النعيم انما ذاك نعيم يخلقه الله عز وجل في هذا في هذا الوقت ولا شك ان هذا من ابطل الباطل ومنافات للفطرة كما انه مناف للمنقول وللمعقول اين هؤلاء عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرجه اه النسائي وغيره من حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنه وفيه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم واسألك لذة نظري الى وجهك والشوقة الى لقائك وهؤلاء لا لذة عندهم بهذا ولا شوق اليه وهذا آآ حرمان وخذلان عافاني الله واياكم من ذلك. لا يملك المسلم الا ان يقول اذا رأى مثل هذه التخبطات ومثل هذه التخليطات الا ان يقول الحمد لله الذي عافانا مما ابتلاهم به وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا. والله تعالى اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان