بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفع يا رب العالمين قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته العقيدة الواسطية وهذا الباب في كتاب الله كثير من تدبر القرآن ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا. من يهده فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فها هو شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ينهي الفصل الاول من عقيدته العقيدة الواسطية. هذا الختم وهو ان من تدبر وهو ان هذا الباب في كتاب الله كثير. وان كان المؤلف رحمه الله يريد ان الادلة على صفات الله عز وجل او انه ورود اسماء الله وصفاته في كتاب الله الكثير فهذا حق لا شك فيه. وان كان يريد الادلة على الايمان بالله وتوحيده وهو ما ابتدأ به عقيدته فهذا لا شك ايضا انه حق وذلك ان الله سبحانه قد مضى او قد مضت سنته في خلقه وامره وهو الذي له الخلق والامر انه متى اشتدت حاجة الناس الى شيء فان الله عز وجل ينعم به اكثر. واعتبر في هذا بحاجة الى الطعام والى الماء والى الهواء كيف لما كانت حاجة الناس اليه عظيمة؟ فان الله سبحانه وتعالى انعم به كثيرا وكذلك الامر فيما به حياة القلوب. ان كان ذلك كذلك فيما به حياة الابدان وكذلك الامر فيما به حياة القلوب. وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا فان صلاح الارواح وحياة القلوب انما هي بهذا الوحي الذي اوحاه الله سبحانه وتعالى الى عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم. فلما كانت حاجة الناس في ايمانهم وتوحيدهم وحياة قلوبهم بل وحتى في صلاح معاشهم مبنية على تعظيم الله سبحانه ومعرفته والتعبد له فانه قد كثر قد كثر في كتاب الله ذكر اسمائه وصفاته وحقوقه على عباده ولذا قل ان تجد اية لم تشتمل على اسم او صفة للباري جل وعلا فهذا يدلك على ان هذا الامر من اعظم ما تحتاجه النفوس ان تعرف ربها وان تعرف خالقها وان تعرف معبودها الذي تتأله له وتتعبد وتخضع وتحب وتخاف وتعظم فاي علم يفوق هذا العلم في الاهمية وما الذي يجدي على الانسان علمه اذا كان جاهلا بربه سبحانه وتعالى فهذا اعظم العلوم وهذا اشرف العلوم وهذا اعظم العلوم اهمية فلذا كان الموفق هو الحريص على ان ينال حظا من العلم بالله سبحانه وتعالى من خلال ايات الكتاب واحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الباب في كتاب الله كثير وقل مثل هذا في شقيق القرآن وهو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالامر فيها ايضا كثير كما سيأتي معنا في الفصل القادم من هذه العقيدة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا الباب في كتاب الله كثير من تدبر القرآن طالبا للهدى منه تبين له طريق الحق ما احسن هذه الكلمة هذه قاعدة ينبغي ان تحفظ من تدبر القرآن طالبا للهدى منه تبين له طريق الحق دليل هذا في كتاب الله فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى قال ابن عباس رضي الله عنهما تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل به الا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة الخير والهدى والنور والصلاح كل ذلك مخبوء تحت تدبر القرآن فتدبر القرآن ان رمت الهدى فالعلم تحت تدبر القرآن هذا اهم ما ينبغي ان يحرص عليه المسلم وهو ان يتدبر القرآن بقصد طلب الحق وبقصدي الوصول الى الرشاد والهدى ومن كان كذلك فانه واصل الى الحق ولابد والناس في هذا الباب ثلاثة اقسام منهم من كان طالبا للهدى من القرآن يعني تدبر القرآن ونيته وقصده الوصول الى الحق والنور والهدى فان هذا موعود بان يصل الى الحق الحق الذي هو ضد الباطل والنور الذي هو ضد الظلام شيء واحد ثابت هو ما جاء في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وبالحق انزلناه وبالحق نزل ويستنبئونك احق هو قل اي وربي اذا الحق واحد موجود واضح يمكن الوصول اليه الحق مثل الذهب الخالص لا يشتبه بالمغشوش عند العارف به و لاجل هذا كان السعداء هم الذين تدبروا القرآن بقصد الوصول الى الحق فاذا وصلوا اليه اثروه على غيره جماع الكمال الانساني في معرفة الحق وايثاره على غيره من وصل الى هذا كان له الكمال الانساني. وكانت له البشرى والسعادة ان يعرف الحق وان يؤثره على غيره اذا وصل اليه اعتقده وشد عليه بالخناصر وجمع عليه همته وقصده ولم يأخذوا فيه لم تأخذه فيه لومة لائم وتهون نفسه في سبيل الوصول الى هذا الحق هذا هو السعيد الموفق القسم الثاني من تكاسل في طلب الحق من القرآن او اعرض عنه هؤلاء هم الذين قصروا في تدبر القرآن واسوأ منهم من اعرض بالكلية عن تدبر القرآن وهؤلاء اهل التعاسة والشقاء وهذه البلية لعلها اعظم البلايا في حال المسلمين اليوم الا وهو التقصير او الاعراب عن تدبر كتاب الله سبحانه وتعالى وهذا هو الخذلان وهذا هو الحرمان بيكون الانسان مقصرا معرضا لا همة له في فهم كلام الله سبحانه وتعالى ولاجل هذا ربما يقع في امور عظيمة دون ان يشعر وهو والله ليس بمعذور لان التقصير كان من قبله فما الذي منعه من ان يطلب الحق وان يسلك طريق العلم وهو يسير ولله الحمد ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ليس الامر معقدا انما اتي هذا الانسان من قبل نفسه وايضا من تسويل شياطين الانس والجن فانهم قد قعدوا قاعدة ظلماء حالت بين القلوب وبين الهدى والنور جعلوا الحواجز والحوائل والستور بين الناس وبين تدبر كتاب الله عز وجل فتجد انهم يأصلون ويكررون على الناس ان القرآن والسنة لا يفهمه لا يفهمهما الا المجتهد المطلق والمجتهد المطلق هو الذي جمع كذا وكذا وكذا في شروط لعلها لا تجتمع في بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكر معنى هذا شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في الاصول الستة عند ذلك عزلوا القلوب عن ان تستفيد اليقين من وحي رب العالمين وحين ذلك فحدث ولا حرج عن تخبطها في انواع الضلال يقرأون القرآن؟ نعم ولكن للبركة ولتحصيل الختمة وربما للتأكد به يقرأونه لاجل الاجر وربما قرأوه في المقابر وعلى الاموات هذا حظهم من القرآن لا اكثر يهتمون به من جهة اقامة حروفه نعم كما قال ابن القيم رحمه الله هذا وهم حرفية التجويد او صوتية الانغام والالحان عناية فائقة بتحقيق الحروف ومخارجها وما يتعلق بالتجويد او تحسين الاصوات وتلاوته على اوزان معروفة هذا الذي ينبغي ان يعتنى به في القرآن فحسب اما ان يتلى القرآن بقصد ان يكون شفاء للصدور وان يكون الوسيلة لنيل الحق فهذا شيء غريب عند هؤلاء يحذرون ويحذرون من ذلك اشد التحذير حذاري من ان تعمل قلبك وعقلك في فهم هذا القرآن لان هذا امر مستحيل على غير المجتهد المطلق والمجتهد المطلق هذا اعز من الكبريت الاحمر في هذه الامة وبالتالي من خاض في القرآن من جهة التأمل والتدبر والتفكر فانه هكذا يقولون اما مجنون او زنديق فماذا بعد ذلك يا ترى لا عبرة بالوصول الى الحق لا عبرة بالقرآن في الوصول الى الحق ولا مطمع في ان يفهم القرآن الشيء الذي يتلوه وهذا كما اسلفت اس الضلال وهذا اصل الانحراف عن الحق عياذا بالله ان اقامة حروف القرآن امر حسن لا شك فيه ولكن الاهم والاوجب اقامة حدوده ان يحرص الانسان على تدبره لو جهل الانسان ما يتعلق باحكام التجويد او قرأه وصوته فيه ليس بحسن لا يأثم لكنه لو اهمل تدبر القرآن فانه اثم تارك ما اوجب الله سبحانه وتعالى عليه والله جل وعلا حث على تدبر كتابه وانكر اهمال ذلك الله جل وعلا جعل تدبر القرآن الغاية والحكمة من انزاله. كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته افلا يتدبرون القرآن افلم يتدبروا القول اذا هذا هو القصد الاعظم والاهم وهو ان يعرف الانسان ما يقرأ ما يقرأ في كتاب الله بمعنى ان يقرأه متدبرا متعقلا متفكرا ثم يبني بعد ذلك اعتقاده وقوله وعمله بناء على هذا التدبر والتفكر اما خلاف ذلك فلا شك انه انحراف ولا شك انه ضلال ربما تجد المضحكات المبكيات في حال هؤلاء المهملين لتدبر كتاب الله عز وجل ربما وجدته يقرأ القرآن والقرآن يلعنه قال ميمون ابن مهران رحمه الله رب تال للقرآن يلعن نفسه يقرأ قوله تعالى الا لعنة الله على الظالمين وهو ظالم و لذا انظر في احوال الناس تجده حريصا على تلاوة كتاب الله يقرأ يقرأ ويختم ويكثر من تلاوة القرآن وفيما يقرأ نهي الله عز وجل عن اكل الربا وايذانه بحرب منه سبحانه وتعالى لمن لم يدع اكل الربا وامواله في حساب بنكي بالفوائد بل ربما وجدت في ضريح او مسجد فيه قبر يستغاث به وينذر عنده ويطاف به ومكتوب في اعلاه وان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا عجيب والله حال هؤلاء الناس ما اقربهم مما بين الله عز وجل من حال الضالين كمثل الحمار ماذا يفعل يحمل اسفارا فهل ينتفع بها لا ينتفع بها حالهم كحال الذي ينعق بما لا يسمع الا دعاء ونداء اذا الحق الذي لا شك فيه وطريق الانبياء والمرسلين والسابقين الاولين ومن تبعهم من المفلحين هو الحرص على تدبر كتاب الله سبحانه وتعالى احرص على ان تتدبر وتتفكر وان تفهم ما تتلو سبحان الله ربما تجد انسانا يقرأ القرآن ثلاثين سنة اربعين سنة سبعين ثمانين يقرأ مثلا سورة الفلق كل يوم ويكررها مرات وما حدث نفسه ولو مرة ان يعرف ما معنى هذه الكلمات ما معنى فلق؟ ما معنى غاسق؟ ما معنى وقب وقل مثل هذا في بقية السور سبحان الله الا همة في النفس الى معرفة معنى كلام الله عز وجل عجيب هذا التقصير الذي ربما يكون اعراضا والعياذ بالله ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى هذا من اسباب ضيق العيش كثير من الناس عيشه ضيق ولو ولو فتش في نفسه لعلم السبب هذا كلام الله وكلام الله حق من اعرض عن كتاب الله عز وجل اعرض عنه في التدبر او اعرض عنه في العمل فان له معيشة ضنكا. ربما فيا عبد الله من هذا الباب اذا الخير والتوفيق والسعادة والرزق في الدنيا والاخرة كلها ثمرة من ثمرات تدبر كتاب الله عز وجل ثم العمل به ان تطلب الحق فتعرفه فتؤثره على غيره هذا صنف الصنف الثالث هم الذين تدبروا القرآن لكن ليس طلبا للهدى والحق طلب القرآن لا للهدى وانما للهوى هو فرق بين الامرين من عكف على القرآن يتأمل وينظر ويتعرف ولكن يغالب به الاقران ولينتصر به على خصمائه بغض النظر اكان على حق او على باطل نريد ان يتباهى وان يسمع بنفسه فمثل هذا لا شك ايضا انه محروم لابد من اجتماع الامرين لابد من ان تكون متدبرا للحق والهدى والنور وهو وحي الله عز وجل مع قصد الوصول الى الحق اما ان تدبرت القرآن وانت لا تقصد هذا فانك لا توفق ولا تهدى الحق يا اخوتاه عزيز فلا يقبل الا على من يقبل عليه ولا يفوز به الا من طلبه وقصده انتبه لهذا الامر الحق عزيز الحق لابد ان تطلبه وان تقصده حتى يقبل عليك وحتى تفوز به اذن لابد من الامرين و بلية اهل الضلال والبدع كانت من حرمانهم الامرين وذلك تقصير منهم واعراب اولا لم يتدبروا القرآن طلب الهدى من غيره الهدى لا يطلب من القرآن ما هو القرآن القرآن عندهم ادلة لفظية لا تفيد اليقين كل ما تفهمه منها كل ما تفهمه من ايات القرآن لا يخرج عن ان يكون ضربا من التخمين هكذا يقولون وهكذا ينص اساطينهم اذا من اين اصل الى الحق انما تصل اليه من الدلائل العقلية القطعية حينما تطلب ذلك من القواعد الكلامية الكلام او علم الكلام هو شيء هجين ارادوا به ان يوفقوا بين الوحي والفلسفة فخرجوا بهذا الامر القرآن وفلسفة اليونان خلطوها فانتجوا من هذا علم الكلام ومن اهم قواعده ان الدليل القطعي هو الدليل العقلي اما ادلة القرآن والسنة ويسمونها الادلة النقلية اللفظية فهذه ان وافقت عقولهم حيا هلا والا فان الحق لا يطلب منها وانما آآ يتلى القرآن للبركة وهذه الايات لا اشكال في تحريفها وتأويلها و ان غلب الانسان في شأنها فما عليه الا ان يفوض انما الحق والهدى يطلبان من الادلة العقلية ثم قد يكون منهم من يزعم انه يتدبر كتاب الله ويتأمله ولكن المصيبة انه لا يريد الوصول الى الحق انما يريد نصرة مذهبه والرد على خصومه الذين هم اهل السنة والجماعة فتجده يقرأ كتاب الله فيعرض عن دلائله البينة يعرض عن اثار السلف الذين فهموا هذا القرآن على وجهه وتلقوا هذا من مشكاة النبوة باسناد متصل يأخذون هذا الفهم الصحيح للكتاب والسنة عن التابعين عن اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين تلقوا هذا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام هؤلاء ليس عندهم همة ولا حرص على ذلك. انما المقصود ان نتلو القرآن فنلوي اعناق النصوص حتى توافق ما نهوى يطلب يطلبون علم القرآن للهوى لا للهدى واظن اني ذكرت لكم مثالا على هذا في درس ماظ عبدالجبار الهمداني مؤصل ومنظروا مذهب المعتزلة هو اعظم من نصر وهذب وابرز علوم المعتزلة الف كتابا سماه متشابه القرآن نظر في القرآن من سورة الفاتحة والى سورة الناس يمر على كتاب الله عز وجل اية اية كل اية ترد على مذهبهم ولا توافقوا اهواءهم فانه يحرفها ويؤولها يقول هذه الاية يستدل بها المجسمة ابو الحشوية ويريد اهل السنة اتباع السلف الصالح والجواب عنها كذا وكذا وتوجيهها كذا وكذا. القرآن من اوله الى اخره مر عليه بالكامل فحرف واول جميع اياته هذا نعم تفكر في القرآن ولكن هل كان طالبا للحق الجواب لا هذا لم يكن طالبا للحق لم يكن متجردا في قصد الوصول اليه فكان منه ما كان نسأل الله السلامة والعافية. اذا لابد من تدبر القرآن ولابد من ولابد من اخلاص القصد فاذا وصلت الى الحق كان عليك ان تؤثره على غيره وبهذا ينجو الانسان وبهذا يسعد ويفوز اسأل الله جل وعلا ان يجعلني واياكم من الموفقين السعداء. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ثم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تفسر القرآن وتبينه وتدل عليه وتعبر عنه هنا بدأ المؤلف رحمه الله بعد ختم كلامه عما يتعلق بادلة القرآن عطف على هذا بذكر ما يتعلق بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ومهد بهذا التمهيد قبيل ذكره جملة من احاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي دلت على اثبات الصفات لله سبحانه وتعالى ثم سنة النبي صلى الله عليه وسلم لا شك ان مرتبة السنة في المنزلة والمكانة بعد كتاب الله عز وجل فالسنة كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله وتقريره والقرآن كلام الله جل وعلا ولا شك ان فضل كلام الله على كلام غيره كفضله هو سبحانه وتعالى على غيره اذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم في المنزلة والمكانة تأتي بعد كتاب الله عز وجل وتنبه ها هنا الى ان هذا التقديم او التأخير انما يتعلق بالمنزلة والمكانة. اما من جهة الحجية ومن جهة الاستدلال ومن جهة كون الكل وحيا من الله عز وجل فلا فرق بين القرآن والسنة فالكل حجة والكل واجب الاتباع والكل وحي من الله عز وجل الفرق فقط ان القرآن وحي متلو والسنة وحي غير متلوم وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فلا فرق بين القرآن والسنة من هذه الجهة. من جهة الاحتجاج او من جهة كونك اليهما وحيا من الله سبحانه وتعالى فلا نقدم ولا نؤخر من هذه الجهة مع ان القرآن والسنة والحمد لله رب العالمين متفقة شيئان متفقان مؤتلفان لا يختلفان ولا يتعارضان البتة وهذا امر قطعي لا يمكن البتة ان يكون ثمة تعارض بين اية وحديث. كما انه لا يمكن ان يكون ثمة تعارض بين اية واية او حديث وحديث هذا امر قطعي. وكل من توهم خلاف ذلك فانه مخطئ قطعه اتي اما من سوء القصد واما من ضعف العلم المقصود ان سنة النبي صلى الله عليه وسلم شقيقة القرآن في الحجية في الاستدلال على كل امور الدين على اصوله وفروعه ما يتعلق بالاعتقاد ما يتعلق بالعبادات ما يتعلق بالمعاملات والاخلاق كل ذلك يستدل عليه بايات الكتاب واحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فلا فرق بين الوحيين من هذه الحيثية وان كان التأدب مع كتاب الله عز وجل يجعل اهل العلم يستدلون اولا بايات القرآن ثم يعطفون بادلة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فعل المؤلف رحمه الله وكما فعل غيره من اهل العلم. بين هنا المؤلف رحمه الله ان سنة النبي صلى الله عليه وسلم تبين القرآن وتعبر عنه وترشد اليه وتدل عليه و هذا من احوال السنة مع القرآن فان احوال السنة مع القرآن ترجع الى ما يأتي هذا ما يعبر عنه بعض اهل العلم بمنزلة السنة من القرآن وان شئت فقل احوال السنة مع القرآن اولا ان تأتي السنة بما جاء به القرآن فتدل على ما دل عليه القرآن ولا تزيد عليه من ذلك ان يأتي في القرآن ادلة امرة بالتوحيد وامرة بطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وامرة ببر الوالدين وامرة باحسان العشرة للازواج وامرة بالصدق وامرة بالبر بالناس وقول الذي هو احسن في نصوص كثيرة فتأتي سنة النبي صلى الله عليه وسلم بما جاء به القرآن فتكون مؤيدة مؤكدة لما في القرآن وهذا امثلته كثيرة جدا الحال الثانية هو ان تكون السنة ان تكون السنة مبينة للقرآن وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم هذه السنة منزلة كما ان القرآن منزل والله جل وعلا يقول وانزل الله عليك الكتاب والحكمة فكلاهما منزلان والحكمة هي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. المقصود ان الله عز وجل بين في هذه الاية وانزلنا اليك الذكر لتبين للناس ما نزل اليهم. وتبيين السنة الى القرآن يرجع الى ما يأتي اولا تفسير الالفاظ من ذلك ما مر بنا قريبا من تفسير النبي صلى الله عليه وسلم للزيادة في قوله للذين احسنوا الحسنى وزيادة بماذا برؤية الله سبحانه وتعالى. ثانيا تبيين المجمل اذا جاء في كتاب الله عز وجل شيء مجمل المجمل هو الذي لا يتبين المراد به على جهة التعيين هنا تأتي السنة فتبين وتعين هذا المراد فيكون هذا المجمل بينة من ذلك ما امر الله عز وجل به باقامة الصلاة وايتاء الزكاة تفاصيل احكام الصلاة ان تكون الصلوات ذات اركان ذات اه اه ركعات معينة وفي اوقات معينة وفي تفاصيل تتعلق بالاركان والواجبات والسنن هذا ما جاء في كتاب الله فاين في كتاب الله ان الظهر اربع ركعات؟ وان العصر اربع ركعات هذا ما جاء بيانه في سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وقل مثل هذا في بيان المجمل في قوله تعالى واتوا الزكاة مقادير هذه الزكاة وانصبتها وتفاصيل احكام ذلك وقل مثل هذا في تفاصيل احكام آآ قيام وتفاصيل احكام الحج الى غير ذلك هذا كله جاء بيانه في ماذا في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. خذ مثلا قوله تعالى في شأن عدة المرأة لما ذكر الله عز وجل فعدتهن ثلاثة طرق والقرؤ لفظ مجمل يحتمل ان يكون المراد القرء بمعنى الحيض واللفظ ايضا يحتمل ان يكون القرء هو هو الطهر فجاء حديث النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت ابي حبيش قال عليه الصلاة والسلام دع الصلاة ايام اقرائك فبين هنا ان القرء هو ماذا هو الحيض فكانت السنة ماذا مبينة لمجمل لمجمل القرآن في امثلة كثيرة. اذا هذا من تبييني السنة لكتاب الله سبحانه وتعالى. يدخل في التبيين امر ثالث وهو تخصيص العموم فتأتي ادلة عامة في كتاب الله ويرد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخصصها فتجد مثلا في قوله تعالى وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس فتأتي سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فتبين لنا ما يخصص هذا العموم من انه لا يقتل والد بولده تجد انه ماذا كان حكما عاما ماذا خص بهذا الحديث تجد الله عز وجل يقول حرمت عليكم الميتة والدم فيأتي حديث النبي صلى الله عليه وسلم مخصصا لذلك حيث يقول اهلت لنا ميتتان ودمان. اما الميتتان فالحوت والجواد. واما الدمان فالكبد والطحال. اذا سنة النبي صلى الله عليه وسلم تخصص عموم القرآن ايضا السنة وهو الامر الرابع تقيد مطلق القرآن فالله جل وعلا يقول مثلا يقول سبحانه والسارق هو السارقة فاقطعوا ايدي يهود واليد تحتمل عدة احتمالات فمن اين تقطع هذه اليد؟ ستأتي سنة النبي صلى الله عليه وسلم فتبين ان ذلك من مفصل الكف هذا تقييد لماذا تقييد للمطلق اذن هذه الحال الثانية للسنة مع القرآن ان تكون مبينة لما جاء في القرآن الامر الثالث او الحال الثالثة ان تأتي السنة ب احكام زائدة على ما في القرآن وقد علمنا انه لا فرق في الاستدلال والاحتجاج بين القرآن والسنة كما جاء في القرآن فعلى الرأس والعين وما جاء في سنة الرسول صلى الله عليه وسلم فعلى الرأس والعين وحينما نقول في هذه الحال انه قد جاء في السنة ما هو زائد على القرآن نريد من جهة الاحكام التفصيلية والا ففي الجملة كل ما جاء في سنة النبي صلى الله عليه وسلم فانه قد دل عليه القرآن في صحيح مسلم ان عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن فبلغ ذلك امرأة من بني اسد وكانت قارئة للقرآن فاتت ابن مسعود رضي الله عنه فقالت بلغني انك لعنت كذا وكذا فقال ومالي لا انعن ومالي لا العن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في كتاب الله قالت فاني قد قرأت ما بين لوحي القرآن فلم اجد ذلك. قال لو كنت قرأتيه وجدتيه الم يقل الله عز وجل وما اتاكم الرسول فخذوه اذا كل ما جاء في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في الجملة قد دل عليه القرآن. اما اذا جئنا على الى جهة التفصيل فثمة احكام جاءت في السنة كثيرة لم ترد في كتاب الله سبحانه وتعالى ولذا تجد ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي مخلب من الطير وكل ذي ناب من السباع وهذا لم يرد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد ان النبي صلى الله عليه وسلم كما مر بنا قريبا نهى عن الوشم ونهى عن النمص في اه ادلة كثيرة زادت فيها السنة على القرآن احكاما وجوبا جزاك الله خير او نهيا مثل هذه لا شك انها حق ومقبولة وواجبة الاتباع. متى ما صح الحديث عن رسول الله صلى الله الله عليه وسلم ثمة حال رابعة وان كان اكثر اهل العلم ينصون على هذه الاحوال الثلاث ومن اولئك ابن القيم رحمه الله في كتابه طرق الحكمية فانه نص على ان منزلة السنة من القرآن ثلاث لا رابع لها لكن الذي يظهر والله اعلم ان ثمة حال رابعة ولكن لعل كثيرا من اهل العلم لا يذكرونها للخلاف الحاصل في ثبوتها وهي ان تكون السنة ناسخة لما في القرآن وهذه فيها خلاف وبحث طويل بين العلماء وقد مر تفصيل ذلك في درس اصول الفقه والحق انه لا مانع يمنع من ان تكون السنة ناسخة للقرآن سواء كانت السنة متواترة او احاده و يدل على هذا قول الله سبحانه وتعالى كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين نسخ هذا بقوله صلى الله عليه وسلم ان الله اعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث اذا هذه احوال اربع تبين لك منزلة السنة من القرآن والمقصود ان ما يأتي من ادلة السنة التي سنتدارس ما جاء فيها ان شاء الله في قابل الدروس هذه الادلة واجب اعتقاد ما دلت عليه ولا يجوز لمؤمن يؤمن بالله واليوم الاخر ان يتردد في قبول شيء من ذلك باي زعم كان وباي علة تدعى من قبل اهل الاهواء والكلام ولعلنا نزيد الامر بسطا فيما يتعلق بهذا الموضوع فيما يأتي والله سبحانه وتعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد