الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وبارك في علمه واجزه عنا خير الجزاء. قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته العبودية والدين يتضمن معنى الخضوع والذل يقال دنته فدان اي ذللته فذل ويقال يدين الله ويدين لله ان يعبدوا الله ويطيعه ويخضع له فدين الله عبادته وطاعته والخضوع له والعبادة اصل معناها الذل ايضا. يقال طريق معبد اذا كان مذللا قد وطأته الاقدام لكن العبادة المأمورة بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب. فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فقد ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الموضع من هذه الرسالة النفيسة رسالة العبودية بين ان ثمة ترادفا بين كلمتي الدين والعبادة فالدين هو العبادة والعبادة هي الدين واستروح المؤلف رحمه الله في تقرير ذلك في الرجوع الى الاصل اللغوي لكلا الكلمتين فالدين في اصله يدل على معنى الذل وكذلك العبادة باصل معناها اللغوي تدل على معنى الذل فهذا مما يدل على المناسبة او التراد في العام بين هاتين الكلمتين والترادف في اللغة عند التحقيق انما يراد به الترادف المطلق لا الترادف الكلي بمعنى انه اذا قيل ان هذه الكلمة مرادفة لتلك فالمراد انها تشترك معها في المعنى العام وان كان كل لفظ يختص بمعنى لا يكون في اللفظ الاخر فلا يوجد كلمتان مترادفتان من كل وجه انما هناك ترادف في الجملة بحيث يمكن ان يعبر عن احدى الكلمتين بالاخرى فيفهم المعنى اما ان تكون كلمة وضعت في اه او بازاء كلمة اخرى من كل وجه فهذا عند التحقيق غير موجود وذلك ان العرب اهل اختصار فلا يتكلمون بكلمتين مؤداهما واحد من كل وجه ويستروح شيخ الاسلام رحمه الله وها هنا الى تسمية هذه الكلمات بالالفاظ المتكافئة يعني ثمة تكافؤ ثمة ترادف في الجملة لكن يختص كل لفظ بمعنى لا يوجد في اللفظ الاخر وهذا ينسحب على ما نحن فيه من كلمتي الدين والعبادة فهما وان كانا يترادفان في الجملة لكن يبقى ان للدين معنى يختص به للعبادة معنى يختص به على كل حال ذكر المؤلف رحمه الله ان العبادة اصل معناها الذل. وهذا صحيح وقد توارد على ذلك اهل اللغة وقد ذكر ابن فارس رحمه الله ان العبادة على المعنى الذي نبحث فيه اصل هذه الكلمة يرجع الى معنى اللين والذل. الى معنى اللين التذلل او عفوا قال لينا ترجع الى معنى اللين والذل. ذكر قريبا مما ذكره شيخ الاسلام رحمه الله من انه يقال طريق معبد يعني مذلل يقول شيخ الاسلام قد وطأته الاقدام وكذلك ذكر ابن فارس رحمه الله بان الطريق المعبد هو المسلوك المذلل فالعبادة فيها ذل بمعنى فيها خضوع لله سبحانه وتعالى لكن هذا القدر لا يكفي في ثبوت العبادة حتى يجتمع الى هذا الذل المحبة بل لا يكفي ذلك حتى يجتمع غاية الذل مع غاية المحبة فالذل وحده ليس عبادة والمحبة وحدها ليست عبادة انما تكون العبادة اذا اجتمعا غاية المحبة مع غاية الذل وهذا ما لا يستحقه الا الله سبحانه وتعالى و بلغني عن بعض الفضلاء انه قد توقف او آآ شكك او قدح في ان العبادة تفسر بالذل لله سبحانه وتعالى فان مما عرفت به العبادة انها غاية المحبة مع غاية الذل لله جل وعلا وعرفت ايضا بانها التذلل لله جل وعلا بفعل اوامره واجتناب نواهيه محبة وتعظيما. في هذا يقول ابن القيم رحمه الله وعبادة الرحمن غاية حبه مع ذل عابده هما قطبانه وعليهما فلك العبادة دائر ما دار حتى قامت القطبان وذلك فيما بلغني انه يميل الى ان الذل معنى لا يليق بالعبادة و الحق الذي لا ريب فيه ان الذل هو المعنى المناسب للعبادة وهذا ما توارد عليه المتقدمون والمتأخرون. واني مع كثرة تفتيشي في كلام العلماء من كلام المتقدمين والمتأخرين لم اجد من طعن في تفسير العبادة بانها التذلل لله سبحانه وتعالى واما القول بان الذل لا يتناسب والعبادة فينبغي ان يعلم ها هنا ان الذل جاء في كتاب الله جل وعلا على ضربين جاء على معنى قبيح وجاء على معنى حسن فمن القبيح قوله تعالى ان الذين اتخذوا العجل سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحياة الدنيا فهذه الذلة معناها يرجع الى الاهانة والخسة وما الى هذه المعاني لكن هذا ليس شيئا مطردا في استعمال هذه الكلمة فان الذل يأتي بمعنى الخضوع ومن هذا قوله سبحانه وتعالى واخفض لهما جناحه الذل من الرحمة ومن ذلك قوله تعالى اذلة على المؤمنين هل يفهم من هذا ان هذا التذلل الذي يكون من الانسان لاخوانه المؤمنين هو بمعنى الاهانة والخسة وما شاكل ذلك الجواب بالتأكيد؟ لا انما هذا راجع الى معنى اللين والخضوع. وهذا لا شك انه معنى صحيح اذا العلماء الذين فسروا العبادة بالتذلل لله سبحانه وتعالى لا شك انهم مصيبون وهم قد رجعوا في تفسير هذه الكلمة الى معناها اللغوي ومثل هذا لا ينبغي انكاره لا سيما وقد توارد عليه الائمة قديما وحديثا ان من الوصايا التي ينبغي ان نتواصى بها معاشر طلاب العلم ان يستوحش الانسان الانفراد ما احسن هذا في طالب العلم ان يستوحش الانفراد ومهما ظهر له تقرير لم يجد من طرق الطريق اليه فينبغي عليه ان يعود بالتهمة الى نفسه وعلى الاقل لا يبث ذلك ولا ينشره فمثل ذلك ربما اوقع صغار طلبة العلم في شيء من الالتباس المقصود ان تفسير العبادة بالتذلل لله سبحانه وتعالى او انها غاية الذل مع غاية المحبة لا شك ان ذلك معنى صحيح دون ادنى اشكال والذل ها هنا بمعنى الخضوع ومن الذي ينبغي ان يكون له كل الخضوع الا الباري سبحانه وتعالى نعم قال رحمه الله فان اخر مراتب الحب هو التتيم واوله العلاقة لتعلق القلب. العبادة قال والعبادة اصل معناها الذل ايضا. يقال طريق معبد اذا كان مذللا قد وطأته الاقدام. لكن العبادة المأمور بها تتضمن معنى الذل ومعنى الحب فهي تتضمن غاية الذل لله تعالى بغاية المحبة له فان اخر مراتب الحب هو التتيم واوله العلاقة بتعلق القلب بالمحبوب. ثم الصبابة لانصباب القلب اليه ثم اما الغرام وهو الحب اللازم للقلب ثم العشق واخرها التتيم. يقال تيم الله اي عبدالله. فالمتيم المعبد لمحبوبه ومن ذكر المؤلف رحمه الله ها هنا اشارة الى مراتب المحبة ومناسبة ايراد ذلك انه بين ان المحبة او عفوا قال ان العبادة مجموع الامرين وهما غاية التذلل لله مع غاية المحبة له ذكرها هنا مراتب المحبة التي اعاد المحبة اليها وذكرها هنا مراتب آآ خمسة و ذلك انه ذكر ان اول ذلك العلاقة ثم الصبابة ثم الغرام ثم العشق ثم التطيب هذا الموضع فيه بحث طويل لاهل العلم هم مختلفون في تعداد مراتب هذه المحبة بعضهم يذكرها على سبيل آآ كونها مراتب وبعضهم يذكرها على انها اسماء للمحبة وابن القيم رحمه الله في روضة المحبين ذكر ان المحبة قد ذكر لها نحو ستين اسما ستون اسما وضعت للمحبة وذلك لعظيم شأنها في انفسهم وتعلق قلوبهم بها ذكر جملة من هذه التسميات وعند التحقيق هي مراتب بعضها يتقدم وبعضا وبعضها يتأخر بعض والمؤلف كما ترى جعلها اه خمس مراتب و ابن القيم رحمه الله ذكر هذه المراتب في كتابه اغاثة الله فان لكنه ذكر بعد المرتبة الرابعة وقبل المرتبة التي ذكرها شيخ الاسلام خامسة ذكر الشغف وذكر ان الشغف هو الحب الذي وصل الى شغاف القلب يعني الى داخل القلب وبالتالي كانت المراتب عند ابن القيم رحمه الله ستة مراتب وعلماء الادب واللغة يتفننون في هذا الموضع بذكر هذه المراتب ومن اهل العلم باللغة والادب من اضاف الى ما ذكر شيخ الاسلام رحمه الله ولم يجعل التتيم المرتبة الاخيرة بل ان من اهل العلم من اضاف بعد التتيم اه التبلو فيقال رجل متبول وهو الذي امرضه الحب وهذه مرتبة يرون انها بعد التتيم ثم يتبع ذلك الوله والوله هو الحب الذي معه ذهاب العقل ثم يتبع ذلك فيما ذكروا الهيام وهو ان يذهب الانسان على وجهه حتى لا يلوي على شيء من شدة ما اصابه من هذه المحبة التي دخلت قلبه المقصود ان مراتب المحبة كما ذكروا آآ متعددة ومتنوعة والمؤلف رحمه الله ذكر ان اخر مراتب المحبة التتيم وبين رحمه الله ان المتيم هو المعبد لمحبوبه والمقصود بذلك هو الاشارة الى ان اعلى واغلى وارفع درجات المحبة هي ما ينبغي ان يصرف لله سبحانه وتعالى و ينبغي ان يشار ها هنا الى ان هذا المقام ينبغي ان يتبع فيه الدليل مع مراعاة الادب مع الله سبحانه وتعالى فاذا قيل ما الذي يقال في حق الله سبحانه وتعالى من جهة ما يقوم بالعبد فالجواب ان الذي ينبغي انما هو الوقوف عند الوارد والوارد من مراتب المحبة اولا المعنى العام وهو المحبة وقد اختلف العلماء من اهل اللغة اختلافا طويلا في اصل هذه الكلمة هل اصلها من الصفاء ام ان اصلها من الملازمة والثبات ام ان اصلها من الاضطراب والقلق في بحث طويل عند اللغويين المقصود ان المحبة عبادة يتوجه بها العبد لله سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا يحبهم ويحبونه فالله عز وجل يحب عباده والعباد يحبون ربهم سبحانه وتعالى المعنى الثاني الود والود خالص المحبة والله عز وجل من اسمائه الودود وهو الغفور الودود والتحقيق في معنى الودود انه اسم فاعل واسم مفعول معا فهو ودود بمعنى واد وهو ودود بمعنى مودود بمعنى انه يحب ويحب او يود ويود. وبالتالي فكون الانسان يود ربه سبحانه وتعالى هذا معنى صحيح لا حرج فيه الامر الثالث هو الخلة وهذه مختصة بالخليلين عليهما الصلاة والسلام فكلاهما اتخذ ربه خليلا وبالتالي فهذه عبودية خاصة بالخليلين عليهما الصلاة والسلام ويبقى البحث بعد ذلك في الشوق من اهل العلم من ادرج الشوق في مراتب المحبة ومنهم من لم يفعل وممن ادرج الشوق في مراتب المحبة ابن القيم رحمه الله واذا كان ذلك كذلك فان هذه يمكن ان تدخل ضمن انواع العبودية المتعلقة في هذا الباب يدل على هذا ما ثبت عند النسائي من حديث عمار رضي الله عنه في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وفيه واسألك لذة النظر الى وجهك الشوق الى لقائك استنبط من هذا ابن القيم رحمه الله جواز اطلاق الشوق في هذا المقام العلم عند الله سبحانه وتعالى عطفا على ما ذكرت اشير الى ان للناس ها هنا انواع من الاخطاء التي تقودهم الى شيء من الرعونات التي لا تليق ولا تنبغي من ان تكون من عبد في حق مولاه فان منهم من يتوسع في استعمال هذه المراتب فيطلق ما لم يرد به النص بل ما لا يليق بالعبد ان يقوله في حق الله جل وعلا ومن ذلك اطلاق العشق فيقول قائلهم انني اعشق الله عز وجل او انا اعشقك يا ربي او يقال فلان عاشق ربه او عاشق الهي وما شاكل ذلك وهذا لا شك انه لا يجوز اولا لعدم ورود الدليل وثانيا لان هذا المعنى لا يليق وذلك ان العشق كما ذكر غير واحد من المحققين من علماء اللغة العشق محبة مقرونة بشهوة وقد يقولون محبة مقرونة برغبة في التمكن من المحبوب ولا شك ان هذا المعنى لو قصده قائله فلا شك انه يكون قد كفر بالله عز وجل لكن من يطلق ذلك لا شك انه لم يراعي هذا المعنى وبعض اهل العلم يذكر ان العشق فيه افراط في المحبة اشبه ما يكون بحال الجنون وهذا ايضا معنى لا يتناسب والعبادة العبادة ليس فيها هذا المعنى الذي هو الجنون انما محبة عظيمة لا تتنافى مع العقل الذي حبى الله عز وجل الانسان اياه المقصود ان كون الانسان يتوسع فيعبر عن محبته لله سبحانه وتعالى بمراتب كالهيام او الغرام او العشق او العلاقة او الصبابة هذا لا شك انه امر لا يجوز ولا شك انه ايظا سوء ادب في اه تعامل الانسان وعبوديته لربه سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ومن خضع لانسان مع بغضه له لا يكون عابدا له ومن احب شيئا ولم يخضع له لم يكن عابدا له. كما قد يحب ولده وصديقه ولهذا لا يكفي احدهما في عبادة الله تعالى بل يجب ان يكون الله عز وجل احب الى العبد من كل شيء وان يكون الله اعظم عنده من كل شيء. بل لا يستحق المحبة والذل التام الا الله عز وجل. نعم من خضع لغيره دون محبة فانه لم يعبده ومن احبه دون خضوع فانه لم يعبده ومن كان منه طرف من الخضوع والمحبة لم يعبده انما يكون عابدا اذا جمع بين غاية الحب وغاية الذل بحيث يكون هذا المحبوب احب شيء الى نفسه ويكون ذله له اعظم ذل منه له وبالتالي فيكون بذلك عابدا فمن كان منه ذلك في حق الله سبحانه وتعالى فانه عابد له موحد ومن صرف ذلك لغير الله فانه يكون بهذا قد اشرك مع الله عز وجل الشرك الاكبر وهذا حال المشركين الذين اشركوا مع الله عز وجل معبوداتهم واصنامهم وساداتهم فانهم كانوا يحبونهم محبة عظيمة توازي محبتهم لله او هي ابلغ من ذلك كذلك الشأن في ذلهم وخضوعهم لهم انما هو مثل ما يكون منهم في حق الله عز وجل وربما كان ابلغ والعياذ بالله فهؤلاء لا شك انهم صرفوا خالص العبادة لغير الله عز وجل فليس لهم من الاسلام ولا من الدين نصيب. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكل ما احب لغير الله عز وجل فمحبته فاسدة. وما عظم بغير امر الله عز وجل كان عظيمه باطلا. نعم لا شك ان المحبة لا تجوز ان تكون الا لله عز وجل او لاجله سبحانه وتعالى او فيما اذن فيه سبحانه وتعالى المحبة لا يصح ان تكون ولا يجوز ان تكون الا في هذه الامور الثلاثة في محبة الانسان لربه سبحانه وتعالى او في المحبة التي تكون لاجله تبارك وتعالى كمحبة الانسان اخوانه في الله عز وجل او تكون فيما اذن الله سبحانه وتعالى في محبته ذلك كمحبة الانسان لطعام يميل اليه او محبته لولده او محبته لزوجه وما الى ذلك فهذا هو القدر المباح من المحبة والذي اريد بقولي انه مباح اي انه مقابل ممنوع والا فمن هذه المحبة ما هو واجب بل ما هو اوجب الواجبات وهو محبة الله سبحانه وتعالى و في مقابل ذلك القدر الممنوع غير الجائز وذلك على درجتين قد يكون كفرا اكبر وشركا اكبر وقد يكون دون ذلك اما القدر الذي هو شرك اكبر فانه محبة غير الله عز وجل كمحبة الله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله واشنع من ذلك ان يحب الانسان غير الله اعظم من محبته لله وهذا والعياذ بالله غاية ما يكون من الشرك والضلال والقدر الذي دون ذلك هو محبة ما لا يجوز ان يحبه الانسان يعني ما لم يأذن الله عز وجل اذنا شرعيا بمحبته ومن ذلك محبة المشركين والكفار ومحبة المعاصي واهلها كل ذلك من المحبة التي لا يجوز ان تتعلق القلوب بها او ان تقع فيها القلوب بل الواجب ان يتخلص منها الانسان الله جل وعلا حذر المؤمنين من ذلك يا ايها الذين امنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم اولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق هذا لا يتأتى من اهل الايمان اذا هذه محبة غير مأذون فيها وان من الامر العجيب ان عقوبة من يحب محبة ممنوعة تكون في الدنيا قبل الاخرة فما احب احد شيئا لغير الله عز وجل الا عذب بسببه الا ناله من الاذى والعذاب بسبب هذا المحبوب الذي احبه لغير الله سبحانه وتعالى وهذا جزاء معجل في الدنيا قبل الاخرة نسأل الله السلامة والعافية نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكل ما احب لغير الله فمحبته فاسدة. وما عظم بغير امر الله كان تعظيمه باطلا. قال الله تعالى قل ان كان اباؤكم وابناؤكم واخوانكم وازواجكم وعشيرتكم واموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادا ومساكن ترضونها احب اليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله. فتربصوا حتى يأتي الله بامره فجنس المحبة تكون لله ورسوله صلى الله عليه وسلم كالطاعة. فان الطاعة لله ورسوله والارضاء لله ولرسوله الله ورسوله احق ان يرضوه. والايتاء لله ورسوله. ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله واما العبادة وما يناسبها من التوكل والخوف ونحو ذلك فلا تكون الا لله وحده. تنبيه مهم وهو ان من هذه الالفاظ ما يصح ان يقال في حق الله عز وجل ويصح بقيده ان يطلق في حق المخلوق مثال ذلك الطاعة فالعبد يطيع الله عز وجل والانسان يطيع والديه ويطيع ولي امره ويطيع معلمه لكن الطاعة التي لله عز وجل تناسب مقام العبودية له تبارك وتعالى وطاعة المخلوق تناسب كونه مخلوقا فلكل طاعة تليق به وقل مثل هذا فيما ذكر المؤلف رحمه الله كالمحبة فان المحبة تكون لله عز وجل وتكون لغيره فيما اذن الله سبحانه وتعالى فيه لكن العبادة لها شأن اخر فليس للانسان ان يعبد الا الله سبحانه وتعالى لا يجوز له بحال ان يعبد غير الله فلا تستعمل هذه الكلمة كما تستعمل كلمة الطاعة والمحبة وما الى ذلك بل لا يجوز ان لا يجوز ان يصرف الانسان عبوديته الا لله سبحانه وتعالى بل لك ان تعلم ان عبودية الحكم لا عبودية لاختيار يعني العبودية التي هي حكم من الاحكام واريد بها الرق فانه يقال فلان عبد لفلان يعني انه ماذا رقيق له اليس كذلك وهذا الرق نقص حكمي بسبب الكفر كما تعلمون بما يعرف الفقهاء رحمهم الله المقصود ان من حكمة الله عز وجل ان هذه الكلمة لا تتصرفوا على وجه الفعل اميتت في اللغة وان كان في اصل اللغة لا بأس يعني من حيث من حيث الاستعمال اللغوي فيقال هذا عبد لفلان يعني رقيق له وانه يعبده لكن هذا قد اميت كما قال علماء اللغة وارجع في هذا الى ما اورد ابن فارس رحمه الله في مقاييس اللغة وهذا من حكمة الله عز وجل فلم تسمع العرب قول فلان يعبد فلانا او فلان عبد فلانا بمعنى انه ماذا رقيق له لا يريدون ماذا عبودية الاختيار التي هي غاية الذل مع غاية الحب انما يريدون ماذا الرق لا يستعملون هذا الفعل انما يستعمل هذا استعمالا صحيحا في حق الله عز وجل او يقال هذا في حق الذين اشركوا مع الله سبحانه وتعالى. اما ان يستعمل هذا استعمالا صحيحا في حق هذه العبودية الحكمية فانها هذا كما قال اللغويون قد اميت ما استعملته العرب حتى يتمحص ويتخلص هذا اللفظ في حق الله سبحانه وتعالى. فيقال فلان يعبد الله والمؤمنون يعبدون الله سبحانه وتعالى والمراد هذه العبودية الشرعية التي هي لله سبحانه وتعالى. اذا هذا يدلك على ان لفظ العبادة لا يجوز اطلاقه الا في حق الله عز وجل هو الذي اه يرتبط العبد به في حق مولاه سبحانه وتعالى فليس بينه وبين ربه جل وعلا الا هذا السبب الذي يوصل الى رضاه ويوصل الى جنته سبحانه وتعالى وهو عبادته له تبارك وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واما العبادة وما يناسبها من التوكل والخوف ونحو ذلك فلا تكون الا لله وحده. كما قال تعالى قل يا اهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم الا نعبد الا الله ولا نشرك به شيئا. ولا يتخذ بعضنا بعضا اربابا من دون الله فان تولوا فقولوا اشهدوا بانا مسلمون. وقال تعالى ولو انهم رضوا ما اتاهم الله ورسوله وقالوا الله سيؤتينا الله من فضله ورسوله انا الى الله راغبون. فالايتاء لله والرسول صلى الله عليه وسلم كقوله وما اتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا. واما الحسم من استعمل هذا اللفظ في حق المخلوق وهو في حق النبي صلى الله عليه وسلم فالله يؤتي والنبي صلى الله عليه وسلم يؤتي هذا لا بأس به لكن ما يرجع الى معاني العبادة والمحبة ما يرجع الى معنى العبادة فانه لا يكون الا لله سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال واما الحسب وهو الكافي فهو الله وحده. كما قال تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا اصل كلمة الحسب في اللغة ترجع الى معنى الكفاية حسبنا الله ونعم الوكيل يعني كافينا حسبهم جهنم تكفيهم عقوبة وامثال ذلك في النصوص. نعم كما قال تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل. وقال تعالى يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين. اي حسبك وحسب من اتبعك من المؤمنين الله عز وجل ومن ظن ان المعنى حسبك الله والمؤمنون معه فقد غلط غلطا فاحشا كما قد بسطناه في غير هذا الموضع. نعم الحسب يطلق بمعنى المصدر يعني الكفاية ويطلق بمعنى اسم الفاعل يعني الكافي فيقال آآ الله عز وجل حسب عباده وهو حسبنا يعني كافينا المؤلف رحمه الله ينبه ها هنا الى خطأ بعض المفسرين الذين فسروا قوله تعالى يا ايها النبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين فسر بعضهم وهذا ذهب اليه بعض المفسرين كمجاهد رحمه الله وجماعة من اهل العلم الى ان المعنى حسبك الله وحسبك من اتبعك من المؤمنين. فالله يكفيك وكذلك هؤلاء المؤمنون ينصرونك ويطيعونك فتكون الكفاية بهم المؤلف رحمه الله رحمه الله يقول هذا تفسير غلط بل من قال هذا فقد غلط آآ غلطا فاحشا والصواب هو القول الاخر في الاية وهو الذي ذهب اليه اكثر المفسرين وهو قول ابن عباس رحمه الله وكثير اه وكثير من المتقدمين والمتأخرين ومعنى الاية على ما ذكروا هو ان الله عز وجل حسبك وهو حسب المؤمنين الذين اتبعوك ايضا فالله عز وجل حسب الجميع حسب النبي صلى الله عليه وسلم يعني كافيه وهو حسب المؤمنين اي كافيهم سبحانه وتعالى. نعم احسن الله اليكم قال وقال تعالى اليس الله بكاف عبده وتحرير ذلك ان العبد يراد به المعبد يراد به المعبد الذي عبده الله فذلله ودبره وصرفه وبهذا الاعتبار فجميع المخلوقين عباد الله من الابرار منهم والفجار والمؤمنون والكفار واهل الجنة واهل النار اذ هو ربهم ومليكهم لا يخرجون عن مشيئته وقدرته وكلماته التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر. فما شاء كان وان لم يشاءوا وما شاءوا ان لم يشأه لم يكن. كما قال تعالى فغير دين الله يبغون وله اسلم من في السماوات والارض طوعا وكرها واليه يرجعون. المؤلف رحمه الله يشير ها هنا الى تقسيم للعبادة فهو تقسيمها الى عبادة عامة وان شئت فقل عبادة كونية والى عبادة خاصة وان شئت فقل عبادة شرعية اما العبادة العامة او العبادة الكونية فانها الخضوع لامر الله الكوني ما معنى العبادة العامة الخضوع لامر الله الكوني وهذا يعم جميع المخلوقات افتعرفون احدا ليس خاضعا لامر الله عز وجل الكوني ليس مصرفا ولا مدبرا من قبل ربه وخالقه سبحانه وتعالى تعرفون شيئا من ذلك حاشى وكلا. جميع المخلوقات خاضعة لامر الله عز وجل الكوني وهذا ما جاء في نحو قول الله عز وجل ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبده هو كذلك آآ مما جاء في قول الله عز وجل بعثنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد فجاثوا فجاسوا خلال الديار وذلك على احد اقوال اهل التفسير في هذه الاية المقصود ان جميع العباد ان جميع المخلوقات عباد لله سبحانه وتعالى بهذا المعنى وبناء عليه فاذا قيل لنا هل الكافر عبد لله عز وجل ام لا الجواب انه لا يصح الاطلاق لا بنفي ولا باثبات بل لا بد من التفصيل فان اريد انه عبد لله عز وجل العبودية العامة او العبودية الكونية التي هي بمعنى الخضوع لامر الله عز وجل الكوني الجواب نعم هو عبد لله اما ان اريد العبودية الاخرى الخاصة العبودية الشرعية وهي الخضوع لامر الله الشرعي فلا شك ان الكافر ليس عبدا لله بهذا الاعتبار الكافر ليس عبدا لله عز وجل بهذا الاعتبار. وهذا ما جاء في نحو قوله تعالى وعباد الرحمن الذين يمشون على الارض هونا الى غير ذلك في كتاب الله سبحانه وتعالى المقصود ان المؤلف رحمه الله ينبه ها هنا الى هذا المعنى من العبودية وسيشير بعد قليل ان شاء الله الى القسم الثاني. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومقلب قلوبهم امورهم لا رب لهم غيره ولا مالك لهم سواه. ولا خالق لهم الا هو. سواء سواء اعترفوا بذلك او انكروه. وسواء علموا ذلك او جهلوه لكن اهل الايمان منهم عرفوا ذلك واعترفوا به بخلاف من كان جاهلا بذلك او جاحدا له مستكبرا على ربه ولا يقر ولا يخضع له مع علمه بان الله ربه وخالقه. فالمعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار عن قبوله والجحد له كان عذابا على صاحبه. هذه قاعدة نافعة للمسلم اعدها قال فالمعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار عن قبوله والجحد له كان عذابا على صاحبه. نعم. لا ينفع العلم ولا تفيد المعرفة ما لم يكن خضوع لسلطان الحق وقبول له وامتثال وتسليم له ان كان ذلك كذلك فالعلم نافع والا فانه وبال على صاحبه والجهل لا شك انه خير منه ولذلك يقول العلماء العلم ليس موجبا للهداية انما هو سبب بمعنى ليس كل من علم اهتدى لو كان العلم موجبا للهداية لكان يصح لنا ان نقول كل من علم ماذا اهتدى والحق ان الامر ليس كذلك فكم ممن علم وضل وكم ممن علم وتمرد بل ربما كان من اعتى المتمردين ومن اعتى الذين صدفوا عن الحق وصدوا عن سبيله وتمردوا على امر الله والعلم كان سببا لذلك اذا هو سبب والسبب لا يستقل بحصول المسبب كل الاسباب لا يوجد سبب وحده يستقل بحصول المسبب ما لم تجتمع اسباب اخرى ولا وما لم يكن توفيق من الله سبحانه وتعالى والا فالامر كما ذكر المؤلف رحمه الله ان العلم او المعرفة بالحق اذا كانت مع الاستكبار فانها تعود على صاحبها بان تكون عذابا على صاحبها. نسأل الله السلامة والعافية. ولذلك على الانسان اذا سأل ربه ان يسأله العلم النافع العلم النافع العلم الذي يصحبه التسليم والقبول والاذعان لامر الله عز وجل واما اذا كان ذلك على خلاف آآ هذا فانه لا شك انه وبال على صاحبه نسأل الله السلامة والعافية. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله كما قال تعالى وجحدوا بها واستيقنتها انفسهم ظلما وعلوا انظر كيف كان عاقبة المفسدين. وقال تعالى الذين اتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون ابناءهم. وان فريقا منهم ليكتمون وهم يعلمون. وقال تعالى فانهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بايات الله يجحدون. فان اعترف العبد ان الله عز وجل ربه وانه مفتقر اليه محتاج اليه. عرف العبودية المتعلقة بربوبية الله. وهذا العبد يسأل ربه ويتضرع اليه ويتوكل عليه لكن قد يطيع امره وقد يعصيه وقد يعبده مع ذلك وقد يعبد الشيطان والاصنام. يشير المؤلف رحمه الله الى ان من عرف واقر بتوحيد الربوبية فانه يعود اهل هذه الحال الى آآ قسمين منهم من يعبد الله عز وجل عبودية خالصة ومنهم من يشرك مع الله عز وجل ولا شك ان الحجة على هذا قائمة هذا المشرك الذي اقر بربوبية الله عز وجل فاعتقده الخالق وحده واعتقده المدبر وحده ثم بعد ذلك اشرك معه في الالوهية لا شك ان الحجة قائمة عليه بذلك فليس كل من اقر بربوبية الله سبحانه وتعالى فانه يكون مخلصا العبادة له تبارك وتعالى. بل الناس منقسمون فبالتالي فعاد الناس جميعا الى من ينكر ربه سبحانه والى من يعرفه بكونه الرب الخالق المدبر المصرف ثم بعد ذلك انفصل هؤلاء الى من هو موحد والى من هو مشرك وفي النتيجة لا فرق بين من انكر وجود الله عز وجل ونفى معرفته به كحال الملاحدة المعاصرين ومن كان يعرف ربه ويقر بربوبيته وانه هو الخالق له. ولهذا الكون كله لكنه لم يوحد الله سبحانه وتعالى في العبادة. النتيجة ان هؤلاء كفار وهؤلاء كفار ولا يجحد ان الكفر بعضه اغلظ من بعض فلا شك ان كفر الملحد المنكر لله عز وجل بالكلية اغلظ من كفر الذي اقر بربوبية الله سبحانه وتعالى لكنه معه في العبادة لكن النتيجة والمحصلة ان الكل كفار ومن مات على هذا فانه يكون خالدا مخلدا في النار نسأل الله السلامة والعافية. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ومثل هذه العبودية لا تفرق بين اهل الجنة واهل النار. ما هي العبودية العامة العبودية الكونية هذه ليس فيها ما يميز اهل الجنة من اهل النار بل كل الخلق من اهل الجنة ومن اهل النار من اهل السعادة ومن اهل الشقاوة كلهم يندرجون تحت هذه العبودية. هذا القدر وحده لا يكفي في النجاة ما لم تكن العبودية الاخرى وهي العبودية الشرعية الخاصة. نعم قال ومثل هذه العبودية لا تفرق بين اهل الجنة واهل النار ولا يصير بها الرجل مؤمنا. كما قال تعالى الشيخ معاذ لو قلنا لا تفرقوا بين اهل الجنة واهل النار الا يكون انسب نعم طيب تأملها احسن الله اليكم. قال كما قال الله تعالى وما يؤمن اكثرهم بالله الا وهم مشركون فسر هذه الاية ابن عباس رضي الله عنهما ب ان هؤلاء اذا قيل لهم من خلق السماء؟ ومن خلق الارض؟ ومن خلق الجبال؟ قالوا الله وهم يشركون معه. يعني في العبادة فهذا الذي اراده الله سبحانه وتعالى الايمان الذي اثبته الله لهؤلاء هو ماذا الاقرار بربوبيته والشرك الذي اثبته الله لهم الشرك في العبادة اذا جمعوا بين كونهم مؤمنين مقرين بربوبية الله عز وجل وكونهم ماذا مشركين معه في الالوهية. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله فان المشركين كانوا يقرون ان الله خالقهم ورازقهم وهم يعبدون غيره قال تعالى ولئن سألتهم من خلق السماوات والارض ليقولن الله. وقال تعالى قل لمن الارض ومن فيها ان كنتم تعلمون سيقولون الله قل افلا تذكرون قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم؟ سيقولون لله قل افلا تتقون؟ قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه ان كنتم تعلمون. سيقولون لله قل فانى تسحرون هذا من المواضع المهمة التي ينبغي ان تستقر في نفس طالب العلم وذلك ان المشركين الذين نزل القرآن في بيان حالهم وهم الذين كفرهم النبي صلى الله عليه وسلم وقاتلهم وعاداهم كانوا يقرون بربوبية الله سبحانه وتعالى في الجملة بمعنى انهم يسلمون بان الله عز وجل هو الخالق وهو الرازق وهو المدبر ولئن سألته من خلق السماوات والارض ليقولن الله ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ومن يدبر الامر فسيقولون الله هذا القدر لا شك فيه ولا ريب ومع ذلك ما نفعهم ولا كانت النجاة بسببه ويؤكد هذا المعنى ايضا ان هؤلاء المشركين اذا نزلت بهم الشدائد ما لجأوا الى هذه المعبودات انما لجأوا الى الله سبحانه وتعالى وحده فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. ما السبب لماذا لا يدعون هذه المعبودات ولماذا يدعون الله عز وجل وحده الجواب لانهم يعتقدون ان الذي يقدر على انقاذهم انما هو الله عز وجل لان تصريف الامور وتدبيرها اليه تبارك وتعالى اضف الى هذا امرا ثالثا. وهو ان هؤلاء المشركين صرحوا بالتصريح البين الواضح كما بين الله عز وجل في كتابه ان هذه المعبودات التي يعبدونها لم تتجاوز ان تكون مقربة لهم زلفى الى الله جل وعلا انما هي شفعاء الى الله عز وجل ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى اف اذا كانوا يعتقدون فيها ما هو ابلغ من ذلك. من انها تخلق وترزق وتدبر وتحيي وتميت اما كانوا يذكرون هذا بلى لكنهم اقتصروا فقط على انها تشفع لهم عند الله وتقربهم الى الله وترفع الحاجات الى الله عز وجل اذا كان القوم مقرين بربوبية الله سبحانه وتعالى وما نفعهم ذلك اضف الى هذا امرا رابعا وهو انك ان تأملت كتاب الله لا تجد ان هؤلاء المشركين خوطبوا بالامر بتوحيد الله عز وجل بالخلق والرزق والاحياء والاماتة ولا نهو عن ان يشركوا مع الله عز وجل احدا في هذه الامور. ما نجد اية في كتاب الله فيها امر لهؤلاء المشركين ان يعتقدوا بان الله عز وجل هو الخالق الرازق لكننا نجد قول الله عز وجل يا ايها الناس اعبدوا ربكم ما نجد ان الله عز وجل ينهاهم عن ان يشركوا مع الله عز وجل في الخلق والتدبير. لكننا نجد ان الله عز وجل يقول فلا تجعلوا لله اندادا وانتم تعلمون. تحبونهم وتخضعون لهم وتخافونهم تجعلونهم كاله عز وجل في العبادة. هذا الذي تجد ان الله عز وجل ينهى هؤلاء المشركين نعم اذا كان المشركون الاولون مقذين بربوبية الله عز وجل في الجملة والسؤال هل هذا يكفيهم هل نفعهم ذلك هل قبل منهم ذلك النبي صلى الله عليه وسلم؟ الجواب لا السبب انهم كانوا مشركين في العبادة. اذا لا بد من اجتماع الامرين. لا بد من التوحيد العلمي ولابد من التوحيد العملي لابد من توحيد المعرفة والاثبات ولابد من من توحيد القصد والطلب. اما اما احدهما فانه لا ينفع صاحبه ما لم يقتنع بالاخر نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكثير ممن يتكلم في الحقيقة ويشهدها يشهد هذه الحقيقة. وهي الحقيقة الكونية التي يشترك فيها وفي ومعرفتها المؤمن والكافر والبر والفاجر بل وابليس معترف بهذه الحقيقة واهل النار بهذه الحقيقة نعم واهل النار كذلك معترفون بهذه الحقيقة مراده رحمه الله اهل الخرافة الذين يتزينون بزي التصوف واهل الكلام على شاكلتهم ليسوا بعيدين عنهم يدورون حول هذا المعنى حول ما يتعلق بتوحيد الربوبية لله عز وجل وكونه الخالق وكونه الرازق وكونه المدبر فقط ما تجاوزوا هذا وما آآ تناولوا في بحثهم وتقريراتهم هذا القدر وبالتالي كان تقصيرهم عظيما في جانب توحيد العبادة بل ربما وقعوا في ضد ذلك عياذا بالله. نعم احسن الله اليكم قال قال ابليس ربي فانظرني الى يوم يبعثون. اذا كان ابليس مقرا بماذا بان الله هو الرب نعم الله اليكم وقال ربي بما اغويتني لازينن لهم في الارض ولاغوينهم اجمعين. وقال ارأيتك هذا الذي كرمت علي لان اخرتني الى يوم القيامة لاحتنكن ذريته الا قليلا. اذا هو يعتقد ان الذي يملك التأخير واعطاء الفسحة في العمر انما هو الله سبحانه وتعالى فهذا من فروع ربوبية الله عز وجل ومع ذلك فهو اكثر الكافرين وما انتفع بهذا الاعتقاد الذي اعتقده. نعم قال وامثال هذا من الخطاب الذي يقر فيه بان الله ربه وخالقه وخالق غيره وكذلك اهل النار قالوا ربنا غلبت علينا شقوتنا وكنا قوما ضالين. وقال تعالى عنهم ولو ترى اذ وقفوا على ربهم قال اليس هذا بالحق قالوا بلى وربنا فمن وقف عند هذه الحقيقة وعند شهودها ولم يقم بما امر به من الحقيقة الدينية التي هي عبادته المتعلقة بالوهيته وطاعة امره وامر رسوله صلى الله عليه وسلم. هذا هو النوع الثاني وهو العبودية الخاصة العبودية الشرعية. نعم قال كان من جنس ابليس واهل النار وان ظن مع ذلك انه من خواص اولياء الله واهل المعرفة والتحقيق. الذين سقط عنهم الامر والنهي وعيان كان من اشر اهل الكفر والالحاد ومن ظن ان الخضر وغيره سقط عنهم الامر لمشاهدة الارادة ونحو ذلك. كان قوله هذا من شر اقوال الكافرين بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم نعم يشير المؤلف رحمه الله الى قول من ترقى من ما يسمونه حال الحقيقة الى ان وصل الى حال الزندقة فانسلخ من الاذعان لامر الله سبحانه وتعالى فصار ممن يزعم انه ليس ملزما ولا مخاطبا الاوامر والنواهي ارتقى عن ذلك وصل الى درجة اليقين يزعم ان هذا هو الذي اراده الله عز وجل بقوله واعبد ربك حتى يأتيك اليقين فاذا وصلت الى اليقين وهو مشاهدة امر الله عز وجل الكوني. اذا تحققت بتوحيد الربوبية فانه ترتفع عنك التكاليف فلا تصبح مطالبا العبادة لله عز وجل وهذا ضلال مبين بل كفر مستبين وهذه الاية التي ذكروا باجماع اهل العلم قاطبة اليقين ها هنا هو الموت فليس للعبادة حد دون الموت. وواجب على كل احد ان يكون عابدا لله عز وجل في كل احواله ومن ظن انه يسعه ان يخرج عن حد الامر والنهي الذي جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يبلغ عن الله تبارك وتعالى فلا شك انه من اعظم الكافرين ومن اشد الملحدين كما بين المؤلف رحمه الله هؤلاء يستدلون بحال الخضر مع موسى عليه السلام من جهة انه لم يكن مطالبا ولا مأمورا بالتزام اوامر موسى عليه السلام والسبب الذي يزعمون انه قد وصل الى اليقين واليقين عندهم مشاهدة الامر الكوني وبالتالي فانه لم يكن مطالبا بالخضوع والالتزام الاوامر الشرعية التي كانت من موسى عليه الصلاة والسلام ولا شك ان هذا من ابطل الباطل واستدلال ظاهر السقوط وذلك ان الخضر عليه السلام لم يكن مأمورا باتباع موسى عليه السلام اصلا ولا كان موسى عليه الصلاة والسلام مرسلا اليه رسالة موسى عليه الصلاة والسلام لم تكن رسالة عامة على ما كانت عليه رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. الامر ليس كذلك. كانت رسالته رسالة خاصة كانت خاصة بمن ببني اسرائيل والخضر لم يكن منهم الخضر لم يكن منهم بدليل ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما الذي حدث به عن ابي ابن كعب عن رسول صلى الله عليه وسلم وفيه ان موسى عليه السلام وصاحبه لما وقفا على الخضر وكان مضطجعا فسلما عليه فقال ومن اين السلام في ارضك قال انا موسى قال موسى بني اسرائيل قال نعم ماذا قال له الخضر قال موسى بني اسرائيل هو يسمع به اذا لم يكن ماذا من بني اسرائيل ولم يكن موسى مرسلا اليه والا ما قال له موسى بني اسرائيل اذا هذا دليل على ان الخضر لم يكن من بني اسرائيل ولم يكن مخاطبا بشريعة موسى ولم يكن موسى عليه السلام اه اه مأمورا اه دعوة الخضر واخباره بانه داخل في دعوته. ويؤكد هذا المعنى ان الخضر عليه السلام لما قال هذه الكلمة عطف عليها قوله انني على علم من علم الله علمني اياه لا تعلمه وانك على علم من علم الله علمك اياه لا اعلمه. هذا لا يقوله لو كان ماذا مخاطبا باتباعه لو كان رسولا في حقه ما قال له هذا الكلام اذا الخضر عليه السلام لم يكن ماذا مأمورا باتباع موسى عليه السلام حتى يقال انه قد بلغ الى درجة الحقيقة فزال عنه التكليف ولم يعد مخاطبا باتباع موسى عليه الصلاة والسلام و هذا يجرنا الى آآ البحث في شأن الخضر عليه الصلاة والسلام وهو الذي جاء ذكره آآ في سورة الكهف وذلك ان العلماء مجمعون على ان الذي آآ كانت القصة معه في سورة الكهف مع موسى عليه الصلاة والسلام آآ انه الخضر عليه الصلاة والسلام وهذا ما جاء التصريح به او في الصحيحين من حديث ابي بن كعب الذي ذكرته لك فان فيه التصريح بان هذا الرجل الذي اتاه الله عز وجل من لدنه رحمة وعلمه من لدنه علما انه الخضر عليه الصلاة والسلام العلماء يبحثون ها هنا امرين الاول هل الخضر عليه الصلاة والسلام كان نبيا او لم يكن كذلك الناس مختلفون فيه الى اربعة اقوال منهم من يقول انه نبي ومنهم من يقول انه رسول والرسول ارفع من النبي ومنهم من يقول انه ولي ومنهم من يقول انه ملك. اذا عندنا اربعة اقوال واختلفت في خضر اهل العقول قيل نبي او ولي او رسول. والقول الرابع انه ملك وشيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في اكثر من موضع نبه الى ان قول الاكثر واحيانا يقول قول الجمهور ان الخضر كان وليا ولم يكن نبيا وبعض العلماء ينسب قول الاكثر الى انه كان نبيا والاقرب والله تعالى اعلم انه كان نبيا وهذا ما رجحه جماعة من المحققين من اهل العلم كابن كثير وابن حجر والقرطبي وان شئت تحقيق ذلك فاوصيك بالرجوع الى موضع غاية في النفاسة في اضواء البيان في سورة الكهف فان العلامة العلامة الشنقيطي رحمه الله قد بحث هذه المسألة بحثا نافعا وخلص الى انه كان نبيا لقرائن جاءت في قصة اه الخضر وموسى عليهما الصلاة والسلام والبحث الثاني يتعلق بوجوده او عدم وجوده يعني هل لا يزال حيا او انه قد مات والحق الذي لي لا شك فيه وعليه جماهير اهل العلم ان الخضر مات كما مات بقية الناس وانه ليس موجودا وكل من زعم خلاف ذلك فلا يخلو من احدى حالتين اما ان يكون كاذبا او ان يكون متوهما كل من ادعى انه رأى الخضر او انه حدثه الخضر او انه لقي الخضر فالواقع انه بين امرين اما ان يكون كاذبا او ان يكون او ان يكون متوهما والبحث في ذلك يحتاج الى وقت اوسع على كل حال المقصود ان من زعم ان احدا يسعه الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه الصلاة والسلام فلا شك انه قد كفر بالله عز وجل وانه واجب ان يستتاب. فان تاب والا فانه يقتل قد بسط الكلام عن ذلك المؤلف رحمه الله في المجلد السابع والعشرين من مجموع الفتاوى وانتم تحفظون في نواقض الاسلام التي آآ ذكرها امام الدعوة رحمه الله ذكر في الناقض التاسع من اعتقد ان بعض الناس لسعو الخروج عن شريعة محمد صلى الله عليه وسلم كما وسع الخضر الخروج عن شريعة موسى عليه الصلاة والسلام فهو كافر وهذا مما اجمع العلماء عليه فان الاجماع القطعية المعلومة بالضرورة ان النبي صلى الله عليه وسلم رسول الى جميع الثقلين من الجن والانس منذ بعثته عليه الصلاة والسلام والى قيام الساعة ولا لاحد وليس لاحد الخروج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ولا قيد شعرة ليس لاحد ان يخرج عن شريعة النبي صلى الله عليه وسلم ولو قيد شعره ليس لاحد ان يقول او ان يتفوه بان هذا الامر لكم وليس لي او ان هذا انتم منهيون عنه وليس انا فانا حدثني قلبي عن ربي او انا قد بلغت الى درجة اليقين كل ذلك زندقة مكشوفة وخروج عن دين الله سبحانه وتعالى بالكلية. فالكل منذ مطلع انه شمس النبوة منذ بعثة محمد صلى الله عليه وسلم قبل اكثر من الف واربع مئة سنة والى ان يرث الله الارض ومن عليها الكل يجب ان يكون ملتزما شريعة محمد صلى الله عليه وسلم اخذا بها واجب عليه ان يعمل بما امر به النبي صلى الله عليه وسلم وان ينتهي عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم. هذا من المعلومي بالضرورة من دين الله سبحانه وتعالى. ولعلنا نكتفي بهذا القدر. والله تعالى اعلم. وصلى الله على نبينا محمد محمد وعلى اله وصحبه اجمعين