الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال تقي الدين احمد ابن عبد الحليم رحمه الله تعالى في رسالة العبودية فاما الاول فهو الفناء عن ارادة ما سوى الله بحيث لا يحب الا الله ولا يعبد الا اياه ولا يتوكل الا عليه ولا يطلب من غيره هو المعنى الذي يجب ان يقصد بقول الشيخ ابي يزيد حيث قال اريد الا اريد الا ما يريد اي المراد المحبوب المرضي وهو المراد بالارادة الدينية وكمال العدنان ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا النوع الاول من الفناء والذي سبق الكلام عنه في الدرس الماظي وهو الفناء عن ارادة السواء فيفنى بعبادة الله عن عبادة غيره وقلت ان اهل السنة منهم من يستعمل هذا اللفظ وان لم يكن واردا في النصوص وذلك من باب التنزل مع الناس من باب مخاطبة اهل الاصطلاح باصطلاحهم العبرة على كل حال انما هي بالمعنى المراد والا الاصل ان الغنى حاصل بالفاظ الكتاب والسنة ولا حاجة الى استعمال ما سواها وها هنا يذكر المؤلف رحمه الله ان هذا المعنى هو الذي يجب ان يقصد بقول الشيخ ابي يزيد حيث قال اريد الا اريد الا ما يريد وابو يزيد هذا هو طيفور البسطام المنسوب الى بسطام وهي مدينة بين العراق وخراسان والمتوفى سنة احدى وستين ومئتين وهو من الشخصيات التي كثر الكلام عنها وحولها والناس مختلفون اختلافا كثيرا في الحكم على هذا الرجل فمن واصف له بالزندقة الى واصف له بانه سيد العارفين وفيما بين ذلك مواقف اخر والرجل نقلت عنه اقوال كثيرة بعضها اقوال حسنة مريحة من ذلك ما ينقله بعض علماء التوحيد المؤلف وبعض ائمة الدعوة من قوله استغاثة الغريق استغاثة المخلوق بالمخلوق كاستغاثة الغريق بالغريق وهذا كلام حسن كذلك جاء عنه انه قال اذا رأيتم الرجل يطير في الهواء او يمشي على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند حدود الله وهذا ايضا من الكلام الحسن وثمة كلمات اخرى مروية عنه تقشعر منها الابدان لو نظر اليها من حيث هي لكانت محض الكفر بالله دون شك ثم الناس مختلفون بعد ذلك في هذه الاقوال المنسوبة اليه وهي التي كانت منكرة غاية الانكار ومنهم من يقول انها مكذوبة عليه ومنهم من يقول ان هذه الاقوال مجملة ويمكن حملها على محمل صحيح ومنهم من يقول ان الرجل قد قالها في اوقات كان فيها فاقدا للعقل وصل الى مرحلة الفناء التي سنتكلم عنها او السكر والاصطلام والغيبة وبالتالي كان قد رفع عنه القلم في ذلك الوقت والمؤلف رحمه الله وكذلك ابن القيم وكذلك الذهبي وغيرهم من اهل العلم يميلون الى ان الرجل كان بريئا من عقيدة الحلول والاتحاد التي يرمى بها وان تلك الكلمات هي بين مكذوب عليه او اقوال قيلت في لحظات سكر فناء وغيبة وقد نقل شيخ الاسلام في المنهاج انه كان اذا استيقظ وافاق ينكر تلك الكلمات الله اعلم بحال الرجل لكن المقصود ان النقد لا يجب ان يتردد في كونه يتوجه الى الكلمات التي قالها المنكر منكر وان قاله من قاله ولا يجوز التساهل في هذا بل لا يجوز ان تقال الكلمات المجملة ويجب الاستعاظة عنها بالالفاظ الصريحة التي تؤدي الى الحق كما هي جادة اهل السنة المعلومة على كل حال من الكلمات التي نقلت عنه هذه الكلمة اريد الا اريد الا ما يريد هذه الكلمة نقلت عنه بروايتين هذه الاولى ورواية اخرى انه قال اريد الا اريد ماذا اريد ان لا اريد وهذه الكلمة نقلها عنه ابن القيم رحمه الله في غير ما موضع من كتبه وتناولها بالنقد لا سيما في كتابه طريق الهجرتين وبين انها كلمة متناقضة فيها نفي واثبات على شيء واحد لانه قال اريد الا اريد وشيخ الاسلام رحمه الله انما يحكيها عنه بهذا المعنى او بهذه الزيادة اريد ان لا اريد الا ما يريد وهذه الكلمة فيها تفصيل ان كان مقصوده انه لا يريد الا ما يريد الله كونا وقلنا ان هذه الكلمة غلط ولا تجوز بل ما اراده الله كونه لا يجوز ارادته هكذا باطلاق فمما اراد الله كونا ما لا يجوز ان يريده الانسان اليس كذلك واذا اراد الله عز وجل كونا حصول الطاعات والخيرات فهذا مما يجب ان يرضى به وان يحب اما ما اراد الله عز وجل من وجود الشر الذي له فيه حكمة هذا لا يجوز الرضا به ولا محبته لكن شيخ الاسلام رحمه الله يحمل هذه الجملة على المحمل الاخر وهو انه اراد الارادة الشرعية وهذا هو الحق الذي يجب على كل مسلم ان يريد ما اراد الله شرعا فيوافق الله عز وجل في محابه وهذا هو تحقيق التوحيد ان تحب ما يحبه الله وان تبغض ما يبغضه الله وهذا على كل حال ما وجه اليه المؤلف رحمه الله هذا الكلام قال اي المراد المحبوب المرضي وهو المراد بالارادة الدينية اذا كان ذلك كذلك فهذه الكلمة حسنة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكمال العبد الا يريد ولا يحب ولا يرضى الا ما اراده الله ورضيه واحبه. وهو ما امر به امر ايجاب او استحباب. ولا يحب الا ما يحبه والله كالملائكة والانبياء والصالحين وهذا معنى قولهم في قوله الا من اتى الله بقلب سليم قالوا هو السليم مما سوى الله او مما سوى وعبادة الله او مما سوى ارادة الله او مما سوى محبة الله فالمعنى واحد. نعم لا شك ان القلب السليم له شأن واي شأن فان النجاة انما وعد بها هذا القلب كما قال ابراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام ولا تخزني يوم يبعثون يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم والقلب السليم ما كان اجتمع فيه امران اولا ان يتصف بخمسة اوصاف وثانيا ان يجتنب خمسة محاذير اولا ان يتصف بخمسة اوصاف وثانيا ان يجتنب خمسة محاذير اما الامر الاول فان القلب السليم هو القلب الذي اسلم وسلم وسلم واستسلم وسالم اسلم وسلم وسلم واستسلم وسالم اسلم لله اذ قال له ربه اسلم قال اسلمت لرب العالمين وسلم من كل ما يقطعه عن الله وسلم لشرع الله واستسلم لقضائه وسالم اولياءه وعاد اعداءه هذه اوصاف خمسة لا يكون القلب السليم سليما الا باجتماعها ثم عليه ان يسلم من خمسة محاذير لا يكون القلب سليما مع وجودها اولا ان يسلم من شرك يناقض التوحيد وثانيا ان يسلم من بدعة تخالف السنة وثالثا ان يسلم من غفلة تناقض الذكر ورابعا ان يسلم من شهوة تخالف الامر وخامسا ان يسلم من هوى يخالف التجريد والاخلاص اذا اجتمع الامران اوصاف خمسة مع اجتناب محاذير خمسة كان القلب حينها قلبا سليما هذا القلب الذي يسلم يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من اتى الله بقلب سليم اسأل الله ان يجعلني واياكم من ذوي القلوب السليمة ان ربنا لسميع الدعاء. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا المعنى ان سمي فناء او لم يسم فهو هو اول الاسلام واخره وباطن الدين وظاهره. نعم وقد قيل ان اول من استعمل مصطلح الفناء ابو يزيد البسطاني الذي ذكرته انفا ولم يكن هذا اللفظ مستعملا فيما قبل ذلك نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واما النوع الثاني فهو الفناء عن شهود السواء وهذا يحصل للكثير من السالكين فانهم لفرط جذاب قلوبهم الى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن ان تشهد غير ما تعبأ غير ما تعبد وترى غير ما تقصد لا يخطر بقلوبهم غير الله بل لا يشعرون الا به كما قيل في قوله تعالى واصبح فؤاد امي موسى فارغا ان كاد لا تبدي به لولا ان ربطنا على قلبها قالوا فارغا من كل شيء الا من ذكر موسى. نعم هذا هو النوع الثاني وهو الذي ذكرناه امس وقلنا ان النوع الثاني هو الفناء عن شهود السواء وهذا النوع معناه ان الحب اذا قوي وكان القلب ضعيفا فان المحب يفنى بمحبوبه عن حبه وبمعبوده عن عبادته وبمذكوره عن ذكره فيضعف التمييز بين الرب والعبد حتى لا يشعر هذا الفاني الا بربه وتنبه هنا الى ان هؤلاء لا يريدون فناء الرب سبحانه وتعالى في الخارج بل يريدون الفناء في الشعور والاحساس والا فهم يعتقدون اعني اصحاب هذا الفناء ان الله عز وجل مباين العبادة والمخلوقين لكنهم لا يحسون ولا يشعرون الا به ومبدأ هذا الفناء هو شهود توحيد الربوبية ثم الاستغراق فيه وهذه الحال حال ناقصة وربما تكون مدرجة الى الوقوع بالنوع الثالث الذي هو الفناء عن وجود السواء فهذا هو محض الكفر والالحاد كما سيأتي الكلام عنه ان شاء الله وهذه هي الحال او هذا النوع من الفناء هو الذي كان يدور عليه اذا احسنا الظن كلام ابي يزيد البسطامي وامثاله ومن هو ارفع درجة منه ايضا الهروي الذي هو صاحب الكتاب الذي شرحه ابن القيم رحمه الله في كتابه مدارج السالكين بين منازل اياك نعبد واياك نستعين فان الهروي بنى كتابه على هذا المعنى وجعله الغاية التي ينبغي ان يشمر المشمرون اليها وهذه حال ناقصة لم يكن عليها اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي الكلام عن ذلك ان شاء الله نعم اعد وهذا يحصل احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا يحصل لكثير من السالكين فانهم لفرط جذاب قلوبهم الى ذكر الله وعبادته ومحبته وضعف قلوبهم عن غير ما تعبد وترى غير ما تقصد لا يخطر بقلوبهم غير الله. من لا يشعرون الا به كما قيل في قوله تعالى واصبح فؤاد ام موسى ان كانت لو تبدي به لولا ان ربطنا على قلبها قالوا فارغا من كل شيء الا من ذكر موسى وهذا كثيرا ما يعرض لمن داهمه امر من الامور اما حب واما خوف واما رجاء يبقى قلبه منصرف عن كل شيء الا عن ما قد احبه او خاطئ فهو او طلبه بحيث يكون عند استغراقه في ذلك لا يشعر بغيره. بل لو تراءى له شيء فانه لا يشعر الا انه هو ولو سمع اي شيء فانه لا يظن الا انه صوته وهكذا هذا كله من الاستغراق في هذا الشيء الذي استولى عليه مع ضعف القلب والاحتمال فانه يصل الى هذه المرحلة سواء كان ذلك يتعلق الفناء في توحيد الربوبية او كان ذلك في غير هذا الامر الفناء في شيء يحبه الانسان حبا عظيما او يخاف منه خوفا شديدا او ما الى ذلك نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فاذا قوي على صاحب الفناء هذا فانه يغيب بموجوده عن وجوده وبمشغوله عن شهوده وبمذكوره عن ذكره وبمعروفه عن معرفته حتى يفنى من لم يكن وهي المخلوقات العبد فمن سواه ويبقى من لم يزل وهو الرب تعالى والمراد ثناؤه في شهود العبد وذكره احسن الله اليكم والمراد ثناؤها في شهود العبد وذكره وفناؤه عن ان يدركها او يشهدها وليس كما قلنا ثناء وجود الخالق في الخارج نعم او فناء المخلوقات في الخارج انما الكلام عن انه اذا استغرق على قلبه هذا المحبوب او المرجو فانه يفنى ما سواه عن احساسه وشرعوره فيصبح لا لا يحس ولا يشعر الا بهذا المحبوب ويفنى كل ما سواه بعد ذلك يفنى من لم يكن ويبقى من لم يزل نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واذا قوي هذا ضعف المحب حتى يضطرب في تمييزه. فقد يظن انه هو محبوبه كما يذكر ان رجلا القى نفسه في اليم فالقى محبه نفسه خلفه فالقى فالقى محبه نفسه خلفه فقال انا وقعت الذي وقع اولا نعم فقال انا وقعت فما اوقعك خلفي؟ قال غبت بك عني فظننت انك اني قال غبت بك عني فظننت انك عندي اني هذا يلخص المعنى الذي نريد الكلام عنه في هذا المقام الثاني نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا الموضع زلت فيه اقوام وظنوا انه اتحاد وان المحب يتحد بالمحبوب حتى يكون بينهما فرق في نفس وجودهما. وهذا غلط فان الخالق لا يتحد به شيء اصلا بل لا يمكن ان يتحد شيء بشيء الا اذا استحال وفسدت نعم اعد وهذا الموضع احسن الله اليكم قال وهذا الموضع زلت فيه اقوام وظنوا انه اتحاد وان المحب يتحد بالمحبوب حتى يكون بينهما فرق في نفس وجودهما هذه العبارة صحيحة نعم سقطت لا حتى لا يكون منبه اظن ان هنا حتى في مسافة ان الطابع اراد ان يضيفها ونسي على كل حال اضف حرف النفي لا حتى لا يكون بينهما فرق في نفس وجودهما نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا غلط. فان الخالق لا يتحد به شيء اصلا بل لا يمكن ان يتحد شيء بشيء الا اذا استحال وفسدت حقيقة كل كل منهما وحصل من اتحادهما امر ثالث لا هو هذا ولا هذا. كما اذا اتحد الماء واللبن والماء والخمر ونحو ذلك. نعم اذا اتحد الماء واللبن فانه قد خرجت لنا مادة ثالثة لا تستطيع ان تقول ان هذه المادة هي لبن فقط ولا تستطيع ان تقول انها ماء فقط بل هذه حالة ثالثة امتزج فيها الامران وبالتالي فلا يتحد شيء فيه شيء اصلا ويبقى هذا وهذا بل اذا حصل امتزاج او اتحاد بين شيئين فانه لا يبقى واحد منهما على حالته وهيئته بل تصبح تصبح هناك حالة ثالثة نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ولكن يتحد المراد والمحبوب والمراد والمكروه ويتفقان في نوع الارادة والكراهة. هذه الجملة ايضا فيها يعني لو انها كانت ولكن يتحد المراد المحبوب والمراد المكروه ويتفقان في نوع الارادة والكراهة اظن ان هذه اوضح اما المراد والمحبوب والمراد والمكروه ان اظافة الواو هذه يعني مقحمة المقصود انه يتحدوا بين الاثنين او يتفق المراد عند الاثنين فيصبح هذا يحب ما يحب هذا ويكره هذا ما يكرهه هذا. فيتحدان في المراد يتحدان في المراد نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ويتفقان في نوع الارادة والكراهة في حب هذا ما يحب هذا ويبغض هذا ما يبغض هذا ويرضى ما يرضى ويسخط وما يسخط ويكره ما يكره ويوالي من يوالي ويعادي من يعادي. هذا هو فناء الاولياء هذا هو النوع الاول ولذا يقول ابن القيم رحمه الله كلمة جميلة يقول الاتحاد الحق في المراد لا في الارادة ولا في المريد الاتحاد الحق في ماذا بالمراد لا في الارادة ولا في المريد صفة الارادة بالله عز وجل مباينة لصفة الارادة بالمخلوق ومن باب اولى ذات الله سبحانه وتعالى مباينة لذوات المخلوقين فالاتحاد لم يكن بالارادة ولا في المريد انما كان الاتحاد في ماذا في المراد بحيث يحب المؤمن ما يحبه الله ويبغض ما يبغضه الله يرضيه ما يرضي الله ويسخطه ما يسخط الله وهذا ما جاء في حديث الاولياء فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها. بمعنى انه اذا احب الله عز وجل عبده بعد ان يكون قد اتى بالفرائض وكمل النوافل الله عز وجل يشتبيه فيصبح موفقا لا يحب الا ما يحبه الله. لا يسمع الا ما يحب الله سماعه ولا يبصر الا ما يحب الله ابصاره ولا يمشي الا الى ما يحب الله الاتيان اليه وهكذا. اذا صار الاتحاد في ماذا في المراد وهذا هو كمال الايمان وهذا هو تحقيق التوحيد ان يكون الاتحاد المراد وهذا الذي قلنا عنه انه شوه وهو الفناء عن ارادة السواء نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا الفناء كله فيه نقص. عاد مرة اخرى الى النوع الثاني بقوله وهذا اسم الاشارة هنا يعود الى النوع الثاني وهو الفناء عن شهود السواية. يقول هذا نقص هذا ليس كمالا وليس هو المطلوب من المؤمنين المطلوب شيء ارفع من ذلك من اتى بتوحيد الربوبية ووقف عند ذلك ولم يرتقي الى توحيد الالوهية ما انتفع بتوحيد الربوبية لكن توحيد الربوبية لابد منه فهو الباب الذي يولج منه الى توحيد الالوهية لكن المصيبة ان يقف الانسان عند هذه الدرجة ولا يرتقي الى ما فوقها وهذا ما اتى بالتوحيد الذي ينفعه ولا بالتوحيد الذي يخلصه عند الله عز وجل انما يكون ذلك اذا اتى بتوحيد الربوبية ثم ارتقى الى توحيد الالوهية وهؤلاء ظنوا ان العلم الذي يشمر اليه والغاية التي ان الغاية التي يجب ان يرتقى اليها انما هي توحيد الربوبية فحسب وهذا لا شك انه غلط بل هو غلط عظيم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واكابر الاولياء كابي بكر وعمر والسابقين من والسابقين الاولين من المهاجرين والانصار رضي الله عنهم لم يقعوا في هذا الفناء فضلا عن من هو فوقهم من الانبياء. وانما وقع شيء من هذا بعد الصحابة فكذلك كل ما كان من هذا النمط مما فيه غيبة العقل وعدم التمييز لما يرد على القلب من احوال الايمان فان الصحابة رضي الله عنهم كانوا اكمل واقوى واثبت في الاحوال الايمانية من ان تغيب عقولهم او يحصل او يحصل لهم غش او ضعف او سكر غفلاء او وله او جنون وانما كان مبادئ هذه الامور في التابعين من عباد البصرة فانه كان فيه من يغشى عليه اذا سمع القرآن ومنهم من يموت كابي جهير الضرير وزرارة ابن وزرارة ابن اوفى قاضي البصرة. نعم ينبه المؤلف رحمه الله الى ان هذه الحال التي يدعي من يدعي انها هي الحال الاكمل يقول انها في الحقيقة حال ناقصة والاكمل حال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه رضي الله عنهم والقاعدة انه متى ما اشتبه الامر اذا اشتبه علينا حالة او حال من الاحوال او صفة من الصفات او خلق من الاخلاق او ما شاكل ذلك فالميزان الذي ينبغي ان يرجع اليه ويوزن به حال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه فانها الحال الاكمل بالاتفاق وعليه فما وافق ذلك فلا شك انه كامل وما خالف ذلك فانه ناقص اذا دعونا ننظر في هذه الحال التي يدعيها من يدعيها وهذا الفناء الذي يزعمه من يزعمه انه هو الحال الكاملة اكان عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه؟ الجواب لا لم يعرف شيء من ذلك عن حال النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن اصحابه لا الوصول الى درجة الفناء بحيث يغيب بالكلية ويصبح لا يشعر او لا يرى الا وجود الله سبحانه وتعالى فضلا عما هو دون ذلك كالاحوال التي آآ تصاحب ذكر الله او سماع القرآن او تلاوته كما يحصل لهذه الطبقة التي نتكلم عنها فانه قد شاع فيهم احوال غريبة كالوله والصياح او الصعق سواء كان صعقا غشيان واغماء او صعق وفاة بحيث انه لو سمع اية من كتاب الله فانه يموت او على الاقل يغمى عليه او على الاقل يصيح او يضرب رأسه رأسه او يمزق توبة وكل ذلك لم يكن عليه حال الصحابة رضي الله عنهم وحال النبي صلى الله عليه وسلم وهو الاكمل يقول ان مبادئ ذلك انما كان في طبقة بعد الصحابة في طبقة من طبقات التابعين الذين لم يكونوا من الراسخين في العلم لم يكونوا من الراسخين في العلم كائمة التابعين ومبدأ ذلك كان بالبصرة ها هنا مدينتان متقاربتان الكوفة والبصرة الكوفة كان فيها او منها منشأ الرأي والاجتهاد من جهة القياس والتوسع في ذلك اه بما هو معلوم قريب منها البصرة وكان منها وكان منها هذه الاحوال التي يدعيها من يدعيها ويذكرها من يذكرها وهي حال الصعق او حال الاغماء او حال الجنون ربما يصاب من يصاب منهم بالجنون بسبب كلمة يسمعها تتعلق بالله او اية تتلى عليه ومثل لهذا رحمه الله بما يذكر عن موتي آآ ابي ابي الضرير الذي هو مسعود آآ البصري الذي قرأ عليه صالح المري هكذا اورد القصة ابن عساكر في تاريخ دمشق صالح المر قرأ عليه ايات من القرآن لما وصل الى قوله تعالى وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا خر ميتا ذكر وهذا عن ابي ضرير كذلك ما يروى عن زرارة ابن اوفى وهو قاضي البصرة احد التابعين انه صلى بالناس يوما فتلا قوله تعالى فاذا نقر في الناقور فخر ميتا فهذه وامثالها من القصص التي تذكر عن العلماء ولها نظائر وقد الف ابو اسحاق الثعلبي كتابا سماه قتلى القرآن وليته سمى الكتاب باسم غير هذا سماه قتلى القرآن واورد فيه نحوا من عشرين قصة او اقل من ذلك ومنها هاتان اه القصتان ومنها ما جرى علي ابن الفضيل ابن عياط غير ذلك حتى انه اورد قصصا تتعلق بعض الجن انه مات بسبب سماع سمعه من ايات الله عز وجل وهذه القصص في اسنادها او في بعض اسانيدها ما فيه وفي بعض متونها من النكارة ما لا يمكن جحده وبعضها قصص صحيح قصة زرارة آآ وصفها بالصحة الذهبي رحمه الله السير على كل حال آآ انا قلت ابو الضرير هو ابو جهير الضرير ابو جهير الضرير على كل حال نقول ان حال اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اكمل وحال النبي صلى الله عليه وسلم اكمل واكمل فانهم لم يبلغوا الى هذه الدرجة النبي صلى الله عليه وسلم الذي انزلت عليه هذه الايات ما بلغ به الامر الى هذه الدرجة كذلك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين سمعوا القرآن من اعظم من يتلوه احسن صوت تلي القرآن به صوت النبي صلى الله عليه وسلم كان الغاية في الجمال والخشوع ومع ذلك اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين هم اهل القلوب الحية التي ينبت ويزكو فيها الايمان ما بلغ بهم الدرجة ما بلغ بهم الامر الى هذه الدرجة انما كانت حالهم ما بين الله سبحانه وتعالى انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم واذا تليت عليهم اياته زادتهم ايمانا كما بين الله سبحانه الله نزل احسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله كذلك كان من حالهم ما بين الله سبحانه وتعالى ترى اعينهم تفيض من الدمع مما عرفوا من الحق يخرون للاذقان يبكون اذا وجل للقلوب تكون لهم قشعريرة في الجلود تكون لهم حال من جهة البكاء و هطول الدمع اما ان يصل الامر الى درجة ان يغشى على الانسان او ان يصعق او ان يموت فهذا لم يكن عليه حال النبي صلى الله عليه وسلم ولا حال اصحابه رضي الله عنهم بل ان من بلغه هذه الحال من السلف جاء عن بعضهم انكار ذلك كما جاء اه انكار ذلك عن اسماء بنت ابي بكر رضي الله عنها كذلك عن ابنها الذي هو عبد الله ابن الزبير وكذلك عن محمد ابن سيرين وغيرهم انهم انكروا هذه الاحوال ومأخذهم في هذا الانكار امران الاول انهم ظنوا ان بعض من يقع منه ذلك انما كان عن تكلف وتصنع فانكروا هذا وهذا ان كان صحيحا في بعض فلا يمكن تعميمه بل ان بعض المحققين من اهل العلم اصابه شيء من ذلك والامام احمد رحمه الله يقول تلي القرآن على يحيى ابن سعيد القطان فاصابه شيء من ذلك ولو كان يستطيع ان يمنع نفسه لمنعها اذا هو شيء وارد عليه شديد ونقل شيخ الاسلام رحمه الله ان شيئا من هذا وقع للامام الشافعي وغيره من ائمة المسلمين اذا وصف ان هذا او الحكم على ان كل ما يقع انما هو تصنع وكذب وتكلف اه ليس بدقيق لكنه ربما يكون واقعا في بعض تلك الحالات المأخذ الثاني ان هذا بدعة مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ولهدي اصحابه رضي الله عنهم قل لاجل هذا انكروا تلك الاحوال ومهما يكن من شيء فالناس في الحكم على هذه الاحوال التي تقع من بعض الناس ينبغي ان ينظر فيه من عدة وجوه اولا من الناس من ينكر ذلك غاية الانكار ويذمه غاية الذم وما ذلك الا لان قلبه فيه قسوة فهو لا يحب هذه الحال بل ينكرها على اهلها ولا يعتذر لاهلها وما ذلك الا لقسوة في قلبه وهذا لا شك انه مذموم الامر الثاني من ينظر الى هذا الامر من جهتين من جهة الاعتذار عن اصحاب هذه الحال واعتقادي ان الكمال حال النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه هؤلاء ينظرون الى هؤلاء من جهة انهم معذورون. فالوارد الذي ورد عليهم اقوى من احتمالهم قلوبهم اضعف من احتمال هذا الوارد الذي ورد على قلوبهم من شدة الخوف او شدة المحبة او شدة الرجاء فكان منهم ما كان وقلنا سابقا ان ما يرد من الاحوال ان كان عن عذر ان كان عن غير سبب محظور فان صاحبه معذور اما ان كان موجب تلك الاحوال سبب محظور فصاحبه ليس فصاحبها ليس بمعذور اليس كذلك؟ وهؤلاء لا نعلم عنهم آآ انهم تعاطوا شيئا من الاسباب المحظورة فهم معذورون. جاءهم شيء فوق احتمالهم النظر الاخر انهم يحمدون على ما كانوا عليه من خشوع ومن رقة قلب هذا القدر ينبغي ان يذكر فيشكر هؤلاء ما بلغ بهم الامر الا لان قلبهم قلب حي. ولا شك ان هذا اكمل من حال القساة. الذين قبلهم لا شك ان حالهم ماذا اكمل من حال القساة الذين قبلهم فعندهم من الخشوع ما يجعل الانسان يعتبر ويعود على نفسه ان كان ذا قلب قاس باللوم الى هذه الدرجة يصل الامر لبعض الناس ان تتلى عليه اية من كتاب الله فيخر مغشيا عليه وربما نحن ومن على شاكلتنا ومن على شاكلتنا من يتلى عليه القرآن من اوله الى اخره ولا يتحرك قلبه ادنى حركة ولا تدمع عينه دمعة واحدة اذا هذا مما ينبغي ان يعتبر به وان يحمد اهله في القدر الذي احسنوا فيه. وما هو هذا القدر الخشوع ورقة القلب وحياة القلب اما القدر الزائد على ذلك فهم فيه ماذا معذورون اذا يحمدون على القدر المشروع ويعذرون فيما زاد اداء فيما زاد على ذلك مع اعتقاد ان الكمال ارفع من هذا وذلك ان الكمال حال النبي صلى الله عليه وسلم وحال اصحابه النبي صلى الله عليه وسلم لما تلا عليه ابن مسعود رضي الله عنه من سورة النساء ووصل الى قوله تعالى فكيف اذا جئنا من كل امة بشهيد وجئنا فعلى هؤلاء شهيدا ما صعق النبي صلى الله عليه وسلم ولا صاح ولا لطم على وجهه ولا اصيب بالجنون وحاشاه عليه الصلاة والسلام انما وجد النبي صلى الله عليه وسلم يبكي دمعت عيناه عليه الصلاة والسلام وهذا اكمل ما يكون من الاحوال لا يرتاب مسلم ان اكمل الاحوال حال النبي صلى الله عليه وسلم ثم حال اصحابه رضي الله عنهم وارضاهم النظر الثالث هو ما قدمته من ان المبالغة في هذا الامر واعتقاد ان هذا هو الكمال وان هذا غاية ما يصل اليه السالكون لا شك ان هذا خطأ اذا الصواب هو في الموقف الثاني او النظر الثاني لا الذين ذموا ذما مطلقا اصابوا ولا الذين مدحوا مدحا مطلقا اصابوا. الصواب مع اهل الوسط الذين كان لهم نظران مدح على القدر المشروع واعتذار عن القدر الزائد مع اعتقاد ان الكمال هو حال النبي صلى الله عليه وسلم وحال اصحابه ولعل هذا هو التحقيق في هذه المسألة والعلم عند الله نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وكذلك صار في شيوخ الصوفية من يعرض له من الفناء والسكر ما يضعف ما يضعف ما هو تمييزه حتى يقول في تلك حتى يقول في تلك الحال من الاقوال ما اذا صحا عرف انه غالط فيه كما يحكى نحو ذلك عن مثل ابي يزيد وابي الحسين النوري وابي بكر الشبلي وامثالهم بخلاف ابي سليمان الداراني ومعروف اخي والفضيل ابن عياض بل وبخلاف الجنيد وامثاله. نعم لا شك ان هؤلاء اكملوا علما ولا شك ان هؤلاء ارسخ في السنة من الاسماء التي قبلها ومع ذلك ما عرف عنهم شيء من الاصطلام او الفناء او الغيبة او الصياح او الصاعق او الغشيان وما او ان يغشى عليهم او ما شاكل ذلك لم يكن يعرف هذا عن سادات هؤلاء الصالحين كمعروف والفضيل ابن عياض الداراني واكمل وارفع منهم الجنيد رحمة الله تعالى على الجميع ناهيك عن من من هو ارفع من هؤلاء وارسخ في العلم والسنة من التابعين رحمهم الله فضلا عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله بل وبخلاف الجنيد وامثاله ممن كانت عقولهم وتمييزهم يصحبهم في احوالهم فلا يقعون في مثل هذا ثناء والسكر ونحوه بل الكمل تكون قلوبهم ليس فيها سوى محبة الله وارادته وعبادته. وعندهم من سعة العلم والتمييز ما يشهدون الامور على ما هي عليه. بل يشهدون المخلوقات قائمة بامر الله مدبرة بمشيئته بل مستجيبة له قانتة له فيكون لهم فيها تبصرة وذكرى ويكون وما يشهدونه من ذلك مؤيدا وممدا لما في قلوبهم من اخلاص الدين وتجريد التوحيد له والعبادة له وحده لا شريك له. نعم هذا النبي صلى الله عليه وسلم كانت حاله اكمل حال محبة وانابة وخوفا ورجاء هو الغاية في كل ذلك عليه الصلاة والسلام بل انه ارتقى الى مقام عال جدا عرج به الى السماء ورأى ما رأى وسمع من الله سبحانه وتعالى ومع ذلك فانه لما نزل بات في الناس كانه لم يكن به شيء ما كان منه شيء عليه الصلاة والسلام كان اذا دخل الى الصلاة يسمع صوت الصبي الذي يصيح فيتخفف في صلاته مع انه اكمل الناس خشوعا مع انه يستيقن انه واقف بين يدي ربه وان الله عز وجل ينصب وجهه للمصلي ومع ذلك ما غاب ولا فني هذا الفناء بل انه جمع بين الامرين بين كونه خاشعا وبين حضور قلبه وتمييزه اليس كذلك؟ ولذلك لما صلى عليه الصلاة والسلام على تلك القطعة التي فيها اعلام اشغلته عليه الصلاة والسلام وامر بارسالها الى من اهداها وهو ابو الجهم هذا دليل على انه ما فقد في صلاته التي فيها اكمل الاحوال ما فقد فيها الشعور والتمييز عليه الصلاة والسلام وخير الهدي هديه صلى الله عليه وسلم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذه هي الحقيقة التي دعا اليها القرآن وقام بها اهل تحقيق الايمان والكمل من اهل العرفان. ونبينا صلى الله عليه وسلم امام هؤلاء واكملهم. ولهذا لما عرج به الى السماوات وعاين ما هنالك من الايات واوحي اليه ما اوحي من انواع المناجاة اصبح فيهم وهو لم يتغير حاله ولا ظهر عليه ذلك ولا ظهر عليه ذلك. بخلاف ما كان يظهر على موسى من التغشي صلى الله عليهم وسلم اجمعين. نعم. يقول العلماء حال النبي صلى الله عليه وسلم اكمل من حال موسى عليه الصلاة والسلام والكل فاضل فيه من الكمال ما فيه دون شك كلاهما من اولي العزم من الرسل ولكن حال النبي صلى الله عليه وسلم اكمل فانه لما سمع كلام الله حصل ما حصل له في السماوات ما كان منه ان صعق صلى الله عليه وسلم بخلاف موسى عليه الصلاة والسلام فانه لما تجلى ربه للجبل خر صعقا عليه الصلاة والسلام فحال النبي صلى الله عليه وسلم لا شك انه اكمل نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واما النوع الثالث مما قد يسمى ثناء فهو ان يشهد ان لا موجود الا الله هذا الذي قلنا ان اسمه ها الفناء عن وجود السوا اعيد ثلاثة انواع اولا الفناء عن ارادة السواء ثانيا الفناء عن شهود السواك. ثالثا الفناء عن وجود السواء فالاول هو التوحيد والثاني حال ناقصة مدرجة الى الثالث والامر الثالث هو الحلول والاتحاد الضال الذي هو في غاية البطلان نعم احسن الله اليكم احسن الله اليكم قال رحمه الله هو ان يشهد ان لا موجود الا الله وان وجود الخالق هو وجود المخلوق فلا فرق بين الرب والعبد فهذا فناء اهل الضلال والالحاد الواقعين في الحلول والاتحاد. وهذا يبرأ منه المشايخ المستقيمون. فاذا قال احدهم ما ارى غير الله او لا انظر الى غير الله نحو ذلك فمرادهم بذلك ما ارى ربا غيره ولا خالقا ولا مدبرا غيره ولا الها غيره ولا انظر الى غيره محبة له او خوفا منه او رجاء له فان العين تنظر الى ما لا فان العين تنظر الى ما يتعلق به القلب. فمن احب شيئا او رجاه او خافه التفت اليه واذا لم يكن للقلب محبة له ولا رجاء له ولا خوف منه ولا بغض له ولا غير ذلك من تعلق القلب به لم يقصد لم يقصد القلب ان ان يلتفت اليه ولا ان ينظر اليه ولا ان يراه وان رآه اتفاقا رؤية مجردة كما كان كما لو رأى حائطا ونحوه مما ليس في قلبه تعلق به والمشايخ الصالحون رضي الله عنهم يذكرون شيئا من تجريد التوحيد وتحقيق اخلاص الدين كله بحيث لا يكون العبد ملتفتا الى غير الله ولا ناظرا الى ما سواه لا حبا له ولا خوفا منه ولا رجاء له بل يكون القلب فارغا من المخلوقات خاليا منها لا ينظر اليها الا بنور الله. فبالحق يسمع وبالحق يبصر وبالحق يبطش وبالحق يمشي في حب منها ما يحبه الله ويبغض منها ما يبغضه الله ويوالي منها ما والاه الله ويعادي منها ما عاداه الله ويخاف الله فيه ويخاف الله فيه ولا يخافها في الله ويرجو الله في ويرجو الله فيها ولا يرجوها في الله. فهذا هو القلب السليم الحنيف الموحد المسلم المؤمن يحقق العارف بمعرفة الانبياء والمرسلين وبحقيقتهم وتوحيدهم. فهذا النوع الثالث الذي هو الفناء في الوجود هو تحقيق ال فرعون معرفتهم وتوحيدهم كالقرامطة وامثالهم. واما النوع الذي عليه واما النوع الذي عليه اتباع الانبياء فهو الفناء المحمود. الذي يكون صاحبه وبه ممن اثنى الله عليهم من اوليائه المتقين وحزبه المفلحين وجنده الغالبين وليس مراد المشايخ والصالحين بهذا القول ان الذي اراه بعيني من المخلوقات هو رب الارض والسماوات فان هذا لا يقوله الا من هو في غاية الضلال ايها الفساد اما فساد العقل واما فساد الاعتقاد وهو متردد بين الجنون والالحاد. وكل المشايخ الذين يقتدى بهم في الدين متفقون على كما اتفق عليه سلف الامة وائمتها من ان الخالق سبحانه مباين للمخلوقات وليس في مخلوقات شيء من وليس في وليس في مخلوقاته شيء من ذاته ولا في ذاته شيء من مخلوقاته وانه يجب افراد القديم عن الحادث وتمييز الخالق عن المخلوق وهذا في كلامهم اكثر من ان كان ذكره هنا وفي الادلة من هذا ايضا ما لا يمكن استقصاؤهم بل ذكر ابن القيم رحمه الله في الصواعق ان ادلة مباينة الخالق لمخلوقاته تزيد على مئة الف دليل كلها ادلة تدل على هذه المباينة وان الله عز وجل لم يمتزج بخلقه ولا حل في خلقه فضلا عن ان يكون اتحد بخلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله هم قد تكلموا على ما يعرض للقلوب من الامراض والشبهات فان بعض الناس قد يشهد وجود المخلوقات فيظنه خالق الارض والسماوات لعدم التمييز في قلبه بمنزلة من رأى شعاع الشمس فظن ان ذلك هو الشمس التي في التي في السماء. من اكبر المشكلات التي وقع فيها هؤلاء الذين ما ارتقوا الى نهج النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وانما كان في مسلكهم ما كان من بنيات الطريق اكبر او من اكبر مشكلاتهم انهم اصيبوا بالتوهم مرض الوهم عندهم اوهام كثيرة وقلوبهم تنجذب الى تلك الاوهام فيعتقدون الامور على خلاف ما هي عليه كما ذكر المؤلف رحمه الله من ان هؤلاء قد يشهدوا وجود المخلوقات فيظنه خالق الارض والسماوات ربما يرى نورا فيتوهم انه نور الله ربما يرى شيئا جميلا فيتوهم انه مظهر من مظاهر تجلي الله عز وجل القوم عندهم مشكلة من جهة الوهم توهمون الاشياء على خلاف حقيقتها وهذا من ضعف العلم ومن ضعف ايضا تحقيق التوحيد والايمان والله جل وعلا يقول ان تتقوا الله يجعل لكم فرقان من الفرقان ان يميز الانسان بين الحق والباطل بين ما له وجود حقيقي وبينما هو سراب واذا اردت تحقيق حالهم في هذه المسألة اوصيك بالرجوع الى موطن مهم حقق فيه وحرر شيخ الاسلام رحمه الله حال هؤلاء وهذه النزعة التي فيها التي فيهم وهي الانسياق وراء الاوهام وانهم يتكلمون بكلام هم لا يكذبون كثير مما يحكونه من كرامات ومن اشياء هم ليسوا كاذبين فيه لكن طبعا بعضهم وبعضهم كذبة فجرة لكن بعض اولئك من نظر في حالهم يغلب على ظنه انه ليس كاذبا لكن المصيبة ماذا انه ينساق وراء الاوهام يتوهم الاشياء وربما يكون حديث النفس فيظنه امرا في الخارج فيظنه امرا في الخارج. اقول لو رجعت حفظك الله الى كتاب شيخ الاسلام الرد على الشاذلي وجدت تنبيها على هذه النكتة المهمة التي تستطيع بها ان تفهم كثيرا من آآ زلات هؤلاء التي يقعون فيها والله المستعان نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهم قد يتكلمون في الفرق والجمع ويدخل في ذلك من العبارات المختلفة نظير ما دخل في الفناء. نعم والحق الذي لا شك فيه ان كان ولا بد من استعمال كلمة الفرق والجمع فان الفرق هو اعتقاد الفرق بين الخالق والمخلوق ومباينة الخالق للمخلوق واعتقاد الفرق بينما يحبه الله وما يبغضه الله. واعتقاد الفرق بينما اراده شرعا وما اراده كونا ثم الجمع جمع القلب على الله سبحانه وتعالى بحيث يوافق الله سبحانه في محبوباته وفيما يريده شرعا. ويوافق الله سبحانه وتعالى فيما يبغضه فيبغض ما يبغض الله يكره ويسخط ما يكره ويسخطه الله ويعادي من يعاديه الله ويوالي من يواليه الله وهكذا هذا هو الفرق والجمع الصحيح نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فان العبد اذا شهدت اذا شهدت تفرقة والكثرة في المخلوقات يبقى قلبه متعلقا بها مشتتا ناظرا اليها متعلقا بها اما محبة واما خوفا واما رجاء. فاذا انتقل الى الجمع اجتمع قلبه على توحيد لله وعبادته وحده لا شريك له. فالتفتت فالتفتت قلبه الى فالتفت احسن فالتفت قلبه الى الله بعد التفاته الى المخلوقين فصارت محبته لربه وخوفه من ربه ورجاءه لربه واستعانته وهو في هذه الحال قد لا يسع قد لا يسع قلبه النظر الى المخلوق. ليفرق بين الخالق والمخلوق فقد يكون مجتمعا على الحق معرضا عن الخلق نظرا وقصدا وهو نظير النوع الثاني من الفناء ولكن بعد ذلك الفرق الثاني وهو ان يشهد ان المخلوقات قائمة بالله ومدبرة بامره. ويشهد كثرتها معدومة بوحدانية الله سبحانه وانه سبحانه رب المصنوعات والهها وخالقها ومالكها فيكون مع اجتماع قلبه على الله اخلاصا ومحبة وخوفا ورجاء واستعانة وتوكلا على الله وموالاة فيه ومعاداة فيه وامثال ذلك ناظرا الى الفرق بين الخالق والمخلوق مميزا بين هذا وهذا ويشهد تفرقا مخلوقاتي وكثرتها مع شهادته ان الله ان الله رب كل شيء ومليكه وخالقه وانه هو الله لا اله الا هو وهذا هو الشهود الصحيح المستقيم. وذلك واجب في علم القلب وشهادته وذكره ومعرفته. وفي حال القلب وعبادته وقصده وارادته ومحبته وموالاته وطاعته. وذلك تحقيق شهادة ان لا اله الا الله فانها تنفي عن قلبه الوهية ما سوى الله ما سوى الحق وتثبت وفي قلبه الوهية الحق فيكون نافيا لالوهية كل شيء من المخلوقات ومثبتا لالوهية رب العالمين. رب الارض والسماوات وذلك يتضمن اجتماع وذلك وذلك يتضمن اجتماع القلب عن على الله وعلى مفارقة ما سواه فيكون مفرقا في علمه وقصده في شهادته وارادته في معرفته ومحبته بين الخالق والمخلوق بحيث يكون عالما بالله تعالى ذاكرا له عارفا به وهو مع ذلك عالم بما وعالم بمباينته لخلقه وانفراده عنهم وتوحده دونهم. ويكون محبا لله معظما له عابدا له راجيا له خائفا منه محبا فيه مواليا فيه معاديا فيه مستعينا به متوكلا عليه ممتنعا عن عبادة غيره والتوكل عليه والاستعانة به والخوف منه والرجاء له والموالاة فيه والمعاداة فيه والطاعة لامره وامثال ذلك مما هو من خصائص الهية الله سبحانه وتعالى واقراره بألوهية الله تعالى دون ما سواه يتضمن اقراره بربويته وهو انه رب كل شيء ومليكه وخالقه ومدبره حينئذ يكون موحدا لله. نعم الالوهية تتضمن الربوبية والربوبية تستلزم الالوهية نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ويبين ذلك ان افضل الذكر لا اله الا الله كما رواه الترمذي وابن وابن ابي الدنيا وغيرهما مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم انه قال افضل الذكر لا اله الا الله وافضل الدعاء الحمد لله وفي الموطى وغيره عن طلحة بن عبيدالله بن كريز ان النبي صلى الله عليه وسلم قال افضل ما قلت انا والنبيون من قبلي لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. نعم كما مر معنا سابقا ان شهادة التوحيد تدل بدلالة المطابقة على توحيد القصد والطلب وتدل بدلالة اللزوم على توحيد المعرفة والاثبات شهادة الاخلاص لا اله الا الله تدل بدلالة المطابقة على ماذا على توحيد القصد والطلب وتدل بدلالة اللزوم على توحيد المعرفة والاثبات لعل هذا القدر فيه كفاية والله عز وجل اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين