الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين قال الامام محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى في رسالة ثلاثة الاصول وبعدها امر بالهجرة الى المدينة. والهجرة الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام والهجرة فريضة على هذه الامة من بلد الشرك الى اعد قال رحمه الله وبعدها امر بالهجرة الى المدينة والهجرة الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام والهجرة فريضة على هذه الامة من بلد الشرك الى بلد الاسلام وهي باقية الى ان تقوم الساعة والدليل قوله تعالى ان الذين توفاهم ظالمي انفسهم قالوا فيما كنتم؟ قالوا كنا مستضعفين في الارض. قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ فاولئك مأواهم جهنم اساءت مصيرا الى المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. فاولئك عسى الله ان يعفو عنهم وكان الله وعفوا غفورا. وقوله تعالى يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة فاياي فاعبدون. قال البغوي رحمه الله سبب نزول هذه اية في المسلمين الذين بمكة لم يهاجروا ناداهم الله باسم الايمان والدليل على الهجرة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان المؤلف رحمه الله بعد ان ذكر هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة. فرع على هذا الكلام عن الهجرة وحكمها. والهجرة نوعان الاول هجرة قلوب والثاني هجرة ابدان اما هجرة القلوب والابدان لها تبع فانها تعني هجرة كل ما حرم الله سبحانه وتعالى والانتقال منه الى ما يحبه الله وهذا ما دل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم فيما خرج الامام البخاري وغيره والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه. هذه هي هجرة القلوب وهي فرض عين على كل مسلم ومسلمة الى ان يتوفى الله العبد هذه وظيفة العمر التي لا يجوز التواني فيها ولا التخلي عنها ان يسعى المسلم في كل وقت الى ان يهجر ما حرم الله عز وجل وان يعوض ذلك بفعل ما يحبه الله سبحانه وتعالى من واجب او مستحب واما النوع الثاني فهو هجرة الابدان. تعريف هذه الهجرة هي ما ذكر المؤلف رحمه الله الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام عامة النصوص التي جاءت في الهجرة امرا بها او نهيا عن تركها فانها تتعلق بهذه الهجرة وهي التي ذكر المؤلف رحمه الله الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام. وذلك لان هذه الهجرة شأنها عظيم في الاسلام. فهي من الواجبات المؤكدات اورد المؤلف رحمه الله الدليل على ذلك فكون الله عز وجل يتوعد تارك هذه الهجرة بعذاب النار هذا دليل على وجوبها وعلى ان تركها مع القدرة انه معصية بل كبيرة لان كل معصية توعد عليها دخول النار فهي كبيرة. والله عز وجل وصف التاركين لها بانهم ظالمون لانفسهم ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا يعني الملائكة الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها؟ ثم قال الله فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيره فدل هذا على وجوب الهجرة وان على كل مسلم ان ينتقل من مساكنة الكفار الى مساكنة المسلمين. وفي هذا بعض احاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ايضا وانما يستثنى من هذا الوجوب اثنان الاول من لم يكن له قدرة على الهجرة والدليل على هذا الاستثناء ما جاء في هذه الاية الا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان. قال ابن عباس رضي الله عنهما كنت انا وامي ممن استثنى الله عز وجل. وهؤلاء كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو لهم في قنوته ان ينجيهم الله عز وجل. كان يدعو الله ان ينجي المستضعفين من المؤمنين من لم يكن قادرا على الهجرة بسبب تسلط الكفار او بسبب بعض الامور المتعلقة بالسفر او ما يتعلق ببعض الامور النازلة كالتأشيرات والحدود وما الى ذلك فان هذا معذور ولا يكلف الله نفسا الا وسعها كل اوامر الشريعة مقيدة بقوله تعالى لا يكلف الله نفسا الا وسعها. الحالة الثانية او الرجل الثاني المستثنى من هذا الحكم من كان قادرا على اظهار دينه في بلد الكفر فمثل هذا الهجرة في حقه مستحبة لا واجبة لان المقصود من الهجرة تمكن العبد من اظهار دينه وكونه يعبد الله عز وجل ويبين شرائعه ويدعو اليه دون ان يكون عليه مكروه في ذلك فاذا كان ذلك كذلك في بلد الكفر فان هذا يكون اه قرينة على اخراج الحكم في حقه من الوجوب الى الاستحباب وهذا ظاهر في قوله ظالمي انفسهم وهؤلاء لم يكونوا ظالمين انفسهم يتبع هذه الهجرة هجرات اقل منها ثمة تجرات صغرى بعد الهجرة الكبرى ومنها الهجرة من بلاد البدع والمعاصي الى بلاد السنة والطاعة فان هذه الهجرة وان كانت دون الهجرة السابقة في الوجوب الا انها تتأكد في حال كون الانسان يعيش بين ظهراني اناس يظهرون المعاصي ولا يقدر على الانكار عليهم او يقعون في البدع والمحدثات وهي من اشنع المعاصي. وقد افتى مالك رحمه الله بالهجرة من بلد يسب فيها السلف الصالح ان هذه بدنة فان هذه بدعة شنيعة. والاثار في هذا عن السلف معروفة. وايضا هجرة اخرى وهي الهجرة من بلد الخوف الى بلد الامن متى ما كان الانسان مستضعفا في بلده خائفا لا يتمكن من ان يعيش في امن وطمأنينة امنا على دينه امنا على دنياه فان الهجرة تتأكد في حقه الى بلد يأمن فيها على نفسه ويأمن فيها على ماله ويأمن فيها على ولده والدليل على هذا ما كان من الهجرة الاولى الى الحبشة الحبشة لم تكن ارض اسلام لكنها كانت ارض امن وعدل الشريعة جاءت بجلب المصالح وتكفيرها ودرء المفاسد وتقليلها متى لم تتوفر بلاد اسلامية يأمن الانسان فيها على نفسه ودينه فانه ينتقل ولا حرج الى بلد كفر يأمن فيها متى ما كان مستطيعا اقامة دينه فيها كما كان من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين هاجروا باذن النبي صلى الله عليه وسلم الى الحبشة فامنوا فيها هاتان هجرتان تابعتان للهجرة الاولى وهي الهجرة من بلد الكفر الى بلد الاسلام ومعلوم الحكمة من هذه الهجرة كون الانسان يهاجر من بلاد الكفر لا شك ان هذا الحكمة فيه بينة واضحة فان مساكنة الكفار يترتب عليها مفاسد كثيرة تعود على الانسان وعلى اهله وعلى ولده بالضرر والواقع اكبر شاهد كم من اناس ذهبوا الى بلاد الكفر لاجل تحصيل دنيا يريدون شيئا من زهرة الحياة الدنيا لكن الضريبة كانت غالية كانت الضريبة عائدة على دينهم وعائدة على ابنائهم حيث نشأوا في غير طاعة الله سبحانه وتعالى يرون الصلبان ويسمعون النواقيص تمتلئ اعينهم واذانهم مما حرم الله عز وجل ذلك لا شك انه من الامر المحرم الذي لا يجوز متى ما توفر للمسلم ان يعيش بين المسلمين امنا مؤديا شرع الله عز وجل على ما يحب ما الذي يلجأه الى ان يساكن الكفار مع قدرته على عدم ذلك الامر لا شك في هذا الباب عظيم وان الواقع يشهد بان جملة من هؤلاء الذين هاجروا الى بلاد الكفر تاركين بلاد الاسلام قد عاد الامر عليهم في اديانهم او في اولادهم بشر عظيم وكم من اولئك من ارتد عن دين الله عز وجل الامر عظيم وما يعرض في بلاد الكفر من الشهوات والشبهات شيء كبير جدا مكر كبار يدخل الانسان نفسه واهله وولده في غماره ولا يعمله حسابا لهذه المغامرة الخطيرة هذا امر لا يجوز فعلى الانسان ان يتنبه لهذا الله عز وجل خلقك لعبادته ما خلقك لغاية اكتساب المال ولا لتحصيل شيء من لععات الدنيا انما خلقك الله عز وجل لعبادته وتحصيل المال والدنيا شيء تبعي. ان لم يكن معينا على طاعة الله عز وجل كان وبالا على صاحبه والله المستعان بقيت مسألة وهي ان المؤلف رحمه الله استدل ايضا على وجوب هذه الهجرة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لا تنقطعوا الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها قد يقول قائل كيف نجمع بين هذا الحديث وقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الاخر وهو ما خرجاه في الصحيحين لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فالحديث الثاني فيه نفي للهجرة والحديث الاول فيه اثبات لها فكيف نجمع بين الحديثين الجواب عن هذا ان يقال ان الجمع بين الحديثين متيسر ولله الحمد فمن انعم النظر فيهما تبين له وجه الصواب فان فان النفي في الحديث الثاني لا هجرة بعد الفتح تعلق بالهجرة الخاصة واثبات الهجرة في الحديث الذي بين ايدينا وكونها باقية لا تنقطع الى قرب قيام الساعة هذا في الهجرة العامة اذا الحديثان يتعلقان بامرين ولم يتواردا على امر واحد فقوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح اي الهجرة الخاصة من مكة الى المدينة هذه الهجرة انقطعت بماذا بفتح مكة اي هجرة هذه من مكة الى المدينة وقد اضحت مكة بلد اسلام اذا ذهبت الهجرة اه او ذهب اهل الهجرة باجرها فمن سافر بعد ذلك من مكة الى المدينة لا يقال عنه انه مهاجر انتهت الهجرة وفاز اصحابها بها وانتهى الامر اما قوله لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة وجاء عند النسائي واحمد وغيره لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو لا تنقطع الهجرة ما قوتل العدو فهذه الهجرة العامة التي هي باقية في كل زمان ومكان متى ما وجد سببها وهي الانتقال من اي بلد من بلاد الكفر الى اي بلد من بلاد المسلمين على ما مضى تفصيله. اذا الاثبات تعلق بالهجرة العامة والنفي بالهجرة الخاصة نعم اعد احسن الله اليكم قال رحمه الله والهجرة الانتقال من بلد الشرك الى بلد الاسلام. والهجرة فريضة على هذه الامة من بلد الشرك الى بلد الاسلام. وهي باقية الى ان تقوم الساعة الدليل قوله تعالى ان الذين توفاهم الملائكة ظالمي انفسهم قالوا فيما كنتم قالوا كنا مستضعفين في الارض قالوا الم تكن ارض الله واسعة فتهاجروا فيها فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا. عندنا هنا مبحث يتعلق منهج اهل السنة في فهم نصوص الوعيد فقوله سبحانه وتعالى ظالمي انفسهم هل هذا من الظلم الاكبر ام من الظلم الاصغر هذا من الظلم الاصغر لا الظلم الاكبر ذلك ان الظلم جاء في النصوص على ضربين جاء ظلما اكبر ومنه قول الله عز وجل ان الشرك لظلم عظيم واما الشرك الاصغر واما الظلم الاصغر فانه الذنوب والمعاصي وهذه الاية تعلقت بذلك بدليل ان الله سبحانه وتعالى في الاية الثانية خاطب من لم يهاجر بوصف الايمان قال يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة فالخطاب توجه اليهم بماذا باسم الايمان فدل هذا على انهم ما خرجوا والاية صريحة في مخاطب في مخاطبة من توجبت عليه الهجرة ولم يهاجر اليس كذلك؟ بلى سياق الايات ظاهر في انها توجهت الى من وجبت عليه الهجرة ولم يهاجر بعد هل في هذه الحال كونه وجبت عليه الهجرة ولم يهاجر بعد كان كافرا الجواب؟ لا لان الله قال يا عبادي الذين امنوا فدل هذا على ان الظلم في الاية الاخرى هو الظلم الاصغر الذي هو بمعنى الفسق بمعنى اه ارتكاب الكبيرة وليس هو الكفر بالله سبحانه وتعالى والقاعدة التي تعلمون ان النصوص يجب التأليف بينها ولا يجوز ضرب بعضها ببعض طيب وماذا عن قوله تعالى فاولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا توعدهم الله عز وجل بدخول النار وانهم يكونون من اهل النار فالجواب عن هذا ان مأواهم النار فيدخلونها الدخول المؤقت لا الدخول المؤبد فان دخول النار جاء في النصوص على ضربين ويجب تنزيل كل في محله دخول النار قد يكون دخولا مؤقتا كما في هذا كما في هذه الاية وكما جاء في نصوص كثيرة تعلقت بالمعاصي. ان الذين يأكلون اموال اليتامى ظلما. انما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا. قال صلى الله عليه وسلم دخلت النار امرأة في هرة فدل هذا على ان المعاصي توعد الله عز وجل على اصحابها بدخول النار ولكن هذا الدخول دخول مؤقت وليس دخولا مؤبدا بدليل ان النصوص قد تواترت على اخراج طائفة من المؤمنين الموحدين المؤمنين الذين معهم اصل الايمان بقي فيهم شيء من الايمان ولو كان مثقال ذرة من ايمان اذا كان معهم اصل الايمان فهؤلاء معهم اصل التوحيد الذي يقتضي اخراجهم من النار اقول تواترت النصوص على اخراج كل من دخل النار من العصاة وانه لا يبقى فيها الا من تأبد دخوله واولئك هم الكفار الذين ليس معهم من الايمان الذين ليس معهم من الايمان شيء اذا دخول النار قد يكون دخولا مؤقتا وقد يكون دخولا مؤبدا. وذلك في حق النار وذلك عفوا في حق الكفار اذا هذه الاية ينبغي ان تحمل على وجهها وان مرتكب المعاصي متوعد بالنار وهذا الدخول دخول مؤقت وحينما نقول انه دخول مؤقت لا يعني هذا التهوين من شأن هذا العقاب اسأل الله ان يعافيني واياكم فان اجسادنا لا تقوى على النار والله ولا لحظة واحدة والله اعلم كم يكون هذا الدخول الذي نقول انه مؤقت والله عز وجل قد خوفنا من عذاب عظيم والعظيم اذا قال ان عذابه عظيم فهو عظيم على الانسان ان يخاف ويحذر لكن ايضا عليه ان يحمل النصوص على الوجه الصحيح دون اجحاف دون غلو او تقصير ثم انه يقال ايضا ان كل وعيد تعلق بالعصاة فانه مقيد بقوله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. اذا ننظر الى النصوص التي تعلق بها وعيد في حق العصاة من جهتين اولا ننظر الى النص فنفهمه على وجهه دون غلو وعيدية ودون افراط مرجئة ثم نقول هذا الوعيد الذي فهمناه فهما صحيحا نقول انه وعيد ان شاء الله عز وجل امضاه وان شاء عفا عن صاحبه والله عز وجل لا معقب لحكمه وربك يخلق ما يشاء ويختار فالله عز وجل اذا شاء العفو ان هذه العقوبة فالله عز وجل لا يمكن ان يدافع سبحانه وتعالى فيما يشاء فالله عز وجل اذا شاء العفو عفا اذا نفهم النص اولا ما معناه ثم نفهم ان هذا الوعيد تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى ان شاء سبحانه وتعالى امضى بحق هذا العاصي المعين وان شاء سبحانه وتعالى عفا عنه فدخل الجنة من اول وهلة نسأل الله عز وجل ان نكون ممن يدخل الجنة من من اول وهلة ان ربنا جواد كريم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وقال تعالى ان المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا فاولئك عسى الله يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا فقوله تعالى يا عبادي الذين امنوا ان ارضي واسعة فاياي فاعبدون. قال البغوي رحمه الله سبب نزول هذه الاية في المسلمين الذين لم يهاجروا ناداهم الله باسم الايمان والدليل على الهجرة كلمة البغوي هذه آآ حرصت على معرفة مرجعها فما وجدتها لا في التفسير ولا في شرح السنة لا عند كلامه عن الاية الاولى ولا عند كلامه عن الاية الثانية اعني قوله ناداهم باسم الايمان فلا ادري هل هي في نسخة ما وصلتنا من التفسير او في كتاب اخر سوى هذين او حصل وهم في نسبة هذا الكلام الى البغوي الله اعلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله والدليل على الهجرة من السنة قوله صلى الله عليه وسلم لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها فلما استقر بالمدينة امر ببطية شرائع الاسلام مثل الزكاة والصوم والحج والاذان والجهاد والامر بالمعروف والنهي عن المنكر اخذ على هذا عشر سنين نعم عاد المؤلف رحمه الله الى ما ابتدأ الكلام به وهو التعريف بالنبي صلى الله عليه وسلم لان الاصل الثالث هو معرفة النبي صلى الله عليه وسلم فاراد المؤلف ان يكمل ما ابتدأه من الكلام عن هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم يقول انه هاجر الى المدينة وبين شرائع الاسلام ولم يكن شيء من هذا قد كان بمكة اللهم الا الصلاة في اخر وقته عليه الصلاة والسلام بمكة على ما مضى بيانه وتفصيله. اما في المدينة حيث الامن والاستقرار وحيث توطدت الدولة الاسلامية الناشئة بهذه المدينة المباركة شرع النبي صلى الله عليه وسلم ببيان احكام الاسلام مع ذلك ما كان النبي صلى الله عليه وسلم متخليا عن بيان التوحيد والدعوة اليه والتحذير من ضده حاشا وكلا بل لم يزل النبي صلى الله عليه وسلم يبين التوحيد ويعظم شأنه ويحذر من ضده جنبا الى جنب مع بيانه الشرائع ومع بيانه المعاملات وما بعد مع بيانه الاخلاق. ما ترك الدعوة الى التوحيد. الدعوة الى التوحيد لا تتعلق فقط حال من كان عنده مخالفات او عنده نواقض لهذا التوحيد الدعوة الى التوحيد ينبغي ان تكون في كل حال ولكل احد ان يدعى الى التوحيد وان يذكر بالتوحيد من كان مخالفا او كان موافقا هذا النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ العهد على اصحابه على التوحيد كما في الصحيحين من حديث عبادة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال بايعوني على الا تشركوا بالله شيئا كانوا جمعا من الصحابة الذين هم اهل التوحيد وائمة التوحيد ومع ذلك يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم العهد عليهم بعدم الاشراك بالله سبحانه وتعالى وهذا يدل على ان الدعوة الى التوحيد ينبغي ان تكون ديدنا الداعية الى الله عز وجل في كل وقت يذكر بالتوحيد لان القلوب ربما يعتريها ما يعتريها من الخلل من الضعف من استيلاء شبهة من تأثر هذا القلب بشيء من الامور التي تضعف هذا التوحيد فعلى الانسان ان يكون دائم التذكير ودائم التذكر لهذا التوحيد استمر النبي صلى الله عليه وسلم يدعو الى التوحيد في مكة وفي المدينة والى اخر لحظات حياته عليه الصلاة والسلام في اخر اللحظات في حياته ينبه على موضوع التوحيد ويحذر من ضده ويقول لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور انبيائهم مساجد كان يحذر ما صنعوا عليه الصلاة والسلام اذا مكث النبي صلى الله عليه وسلم على هذا عشر سنين ومجمل دعوته العهد النبوي ثلاث وعشرون سنة ثلاث عشرة سنة كانت بمكة وعشر كانت بالمدينة نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وتوفي صلى الله عليه وسلم ودينه باق وهذا دينه لا خير الا دل الامة عليه ولا شر الا حذرها منه والخير الذي دلها عليه التوحيد وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرها منه الشرك وجميع ما يكرهه الله ويأباه لما اكمل الله عز وجل دينه واتم نعمته قبض خليله ونبيه محمدا صلى الله عليه وسلم اليه وما عند الله كان خيرا لنبيه مما ترك صلى الله عليه وسلم ترك النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدنيا ورحل عنها ودينه قد كمل ودينه باق والله عز وجل قد وعد بحفظه ونبينا صلى الله عليه وسلم قد اخبرنا بانه باق وان الامر يستمر خيرا ودعوة وتوحيدا وان الله سبحانه وتعالى سيمكن لهذا الدين وانه لا يبقى بيت شجر بيت مدر ولا حجر الا دخله هذا الدين بعز عزيز او بذل ذليل وقد كان ما كان مما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم توسعت رقعة البلاد الاسلامية كثرت الفتوح دخل الناس في دين الله افواجا والحمد والمنة لربنا جل في علاه دينه صلى الله عليه وسلم باق الى قيام الساعة وقبيل قيام الساعة يرسل الله عز وجل ريحا طيبة يكون بها قبض كل مؤمن على وجه الارض ولا يبقى بعد ذلك الا شرار الخلق الذين لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا ولا يعرفون الله سبحانه وتعالى لا يبقى في الارض من يقول الله الله ولا يبقى في الارض من يقول لا اله الا الله كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك والدين الذي بينه صلى الله عليه وسلم هو الخير والهدى والسعادة التوحيد وفروعه التوحيد ما تحته مما يحبه الله سبحانه وتعالى وامر به امر ايجاب او استحباب دينه باق عليه الصلاة والسلام فيه الخير وفيه الهدى وفيه السعادة الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم دين عام شامل لكل مناحي الحياة ينظم كل شيء ويعود على صاحبه وعلى مجتمعه وعلى الناس جميعا بالخير والسعادة في كل شيء في دين الناس وفي دنياهم ايضا دين النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن محصورا بتنظيم احوال الناس وامورهم فيما بينهم وبين ربهم في العبادات المحضة كلا بل ان هذا الدين لا يدع شيئا من مناحي الحياة الا وله فيه توجيه الا وله فيه تنظيم يدرك ذلك من يعلم هذا الدين واما اولئك الذين يقولون ما دخل الدين بالسياسة بالاقتصاد بالاعلام بالتجارة والاقتصاد هؤلاء بين جاهل وحاقد اما انهم جاهلون بهذا الدين ما عرفوا الدين. ولا ادركوا عظمة هذا الدين واما ان قلوبهم حاقدة مليئة بالغل لهذا الدين ولحملته المقصود انه لا توجد مشكلة في اي باب من الابواب في اي منحى من مناحي الحياة الا وفي الاسلام حلها لا يوجد باب الا وفي الاسلام تنظيمه لا يوجد شيء على الاطلاق وهذا شيء يتحدى به المسلمون غير المسلمين ان يأتوا بشيء واحد في هذه الحياة لم يكن للاسلام فيه توجيه ولم يكن للاسلام فيه تنظيم ولم يكن للاسلام فيه بيان لا يمكن دين كامل دين شامل دين دقيق. ليست التوجيهات في الاسلام توجيهات عامة بل توجيهات دقيقة مفصلة في كثير من الاشياء وما عدا ذلك فثمة قواعد عامة واصول جامعة تجمع بيان الحكم في كل ما عدا ذلك من كل الحوادث اللامتناهية التي تكون في دنيا الناس. المقصود ان هذا الدين ودين عام ودين شامل ودين يعود على اهله بالخير والسعادة دين ميسر دين سهل دين سمح ولله الحمد ما اتى النبي صلى الله عليه وسلم بقيود ولا اغلال ولا تضيق انما اتى النبي صلى الله عليه وسلم بحنيفية سمحة فيها السعة وفيها التيسير وفيها كل خير يعود على الانسان في دينه ودنياه واخرته بالخير والسعادة. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله بعثه الله الى الناس كافة وافترى طاعته على جميع الثقلين الجن والانس والدليل قوله تعالى قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا. نعم. هذه كلمة تتعلق بعموم رسالة النبي صلى الله عليه وسلم. وهذا ما مضى الكلام فيه وقد علم من الدين بالضرورة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان مرسلا الى جميع الانس والجن كافة من كل لون ومن كل عرق وفي كل مكان وفي كل زمان منذ ان ارسل عليه الصلاة والسلام والى انتهاء هذه الدنيا لا يقبل الله دينا الا الدين الذي جاء به محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم. قال عليه الصلاة والسلام بعثت الى كل احمر واسود قل يا ايها الناس اني رسول الله اليكم جميعا فكل احد واجب عليه ان يتبع النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول والذي نفسي بيده لا يسمع بي احد من هذه الامة يهودي ولا نصراني ثم لا يؤمن بالذي ارسلت به الا كان من اصحاب النار واذا كان هذا في حق يهودي او نصراني فكيف بالمشرك والملحد والبوذي والهندوسي وغيره ممن لا كتاب لهم اصلا فدل هذا على عموم بعثة النبي صلى الله عليه وسلم وكل من تردد او توقف او توقف او انكر ولا شك انه كافر بالله العظيم مآله الى النار ومن لم يؤمن بالله ورسوله فانا اعتدنا للكافرين سعيرا كذلك الجن عليهم ان يؤمنوا هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ويتبع شرعته ولا يجوز لاحد منهم ان يتدين بغير ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومر بنا الادلة على هذا وقلنا هذا هو اجماع المسلمين والله عز وجل قد بين هذا في كتابه انما اخبرنا في قوله واذ صرفنا اليك نفرا من الجن يستمعون القرآن هؤلاء الجن اراد الله بهم خيرا سمعوا القرآن فامنوا ثم بعد ذلك ولوا الى قومهم منذرين ماذا قالوا لهم قالوا يا قومنا اجيبوا داعي الله. من هو الذي سمعوا اخباره بالقرآن وهو محمد صلى الله عليه وسلم اجيبوا داعي الله وامنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب اليم. ثم قالوا ومن لا يجيب داعي الله فليس بمعجز في الارض وليس له من دونه اولياء اولئك في ضلال مبين. اذا كان واجب كان من الواجب عليهم ان يؤمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واكمل الله به الدين والدليل قوله تعالى اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام مدينة اكمل الله عز وجل الدين به هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم النعمة والمنة به على الناس جميعا امر عظيم تفوق كل منة ونعمة لقد من الله على المؤمنين هذه منة وهي ان بعث فيهم هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم اذ بعث فيهم رسولا من انفسهم يعرفونه يعيفون نسبه يعرفون خلقه يعرفون صدقه صلى الله عليه وسلم فالله عز وجل هدى به من الضلالة وانقذ به من الغواية واعز به من الذلة واغنى به من العيلة وجمع به من الفرقة صلى الله عليه وسلم الله اكمل دينه قبل ان ينتقل نبيه اليه سبحانه وتعالى وصلى الله على نبينا وسلم فما مات النبي صلى الله عليه وسلم الا والدين كامل كل ما يحبه الله عز وجل وشرعه قد بينه النبي صلى الله عليه وسلم البيان التام ونحن نشهد الله على ان النبي صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وادى الامانة ونصح الامة ما ترك شيئا يقربنا الى الله الا بينه ولا شيئا يبعدنا عنه وعن رحمته ورضوانه الا حذرنا منه كان ما اخبر به صلى الله عليه وسلم فيما خرج الامام مسلم قال عليه الصلاة والسلام ما بعث الله من نبي الا كان حقا عليه ان يدل امته على خير ما يعلمه لهم. وان يحذرهم من شر ما يعلمه لهم فكيف بسيدهم وامامهم صلى الله عليه وسلم؟ اذا بلغ البلاغ المبين وكمل الدين قبيل وفاته عليه الصلاة والسلام فكان دينا كاملا تاما وهذا فيه فائدة عظيمة لنا اذا علمنا ان الدين كامل فاننا حينها نستفيد انه لا يقبل الزيادة الكامل لا يقبل الزيادة لانه كامل الزيادة يكمل بها الناقص هذا الذي يعرفه العقلاء اليس كذلك حينما يكون هذا الكأس ناقصا اقول لك اكمله. ضع فيه ماء حتى يصبح ماذا كاملا طيب هذا الكأس كامل يقبل الزيادة ما يقبل زيادة لو زدت عليه حصل فساد انسكب صارت مشكلة الدين كامل فلا يقبل الزيادة والزيادة هي الاحداث فيه والابتداع فيه كل بدعة وكل محدثة فانها تحطم بهذا السيف السقيل وهذا المهند القاطع الذي هو قاعدة كمال الدين قاعدة راسخة رسوخ الجبال لا شك فيها ولا ريب بالتالي يقطع بها عنق كل بدعة وكل احداث في هذا الدين لماذا نزيد ولماذا نبتدع اهناك شيء يقرب الى الله ليس موجودا فيه الا فليعلم كل من اضاف شيئا الى الدين وقال انه يقرب الى الله هذا خير يوصل الى جنة الله كل من قال هذا يلزمه يلزمه احد لازمين ولابد. شاء ام ابى اولا ان يكون قائلا بلسان مقاله او بلسان حاله ان هذا خير يقرب الى الله ما علمه النبي صلى الله عليه وسلم كان جاهلا به وانا المحدث له علمته اذا هذا المحدث اعلم بالخير وبالدين من الرسول صلى الله عليه وسلم افيجرأ يجرؤ مسلم يؤمن بالله واليوم الاخر ان يقول هذا لا والله من قال هذا صريحا لا شك في كفره لانه مكذب لقوله صلى الله عليه وسلم انا اعلمكم بالله واشدكم له خشية اللازم الثاني اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالكتمان وعدم البلاغ فلسان مقاله او لسان حاله يقول هذا خير علمه النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه كتمه وما بينه ولا اذاعه وانا اقوم بهذا الواجب ومن قال بهذا فقد كفر اتهم النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة وحاشاه عليه الصلاة والسلام اذا على كل مسلم ان يوقن يقينا تاما انه لا تمكن الاظافة الى هذا الدين ولا يجوز الاحداث فيه ومن فعل هذا فقد ركب مركبا ذا خطر يريده الموارد النبي صلى الله عليه وسلم كان يكرر على اصحابه كثيرا هذه حقيقة يجب ان تدخل الى سويداء القلوب اما بعد فان اصدق الحديث كلام الله وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الامور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار هذا الكلام الحق او هزل ها قالها النبي صلى الله عليه وسلم مازحا حاشاه عليه الصلاة والسلام هذا حق والله انه لحق اذا من احدث في الدين واظاف اليه ويزعم انه يقربه الى الله اضاف صلاة ذكرا هيئة في العبادة عددا لم يرد كل ذلك احداث في الدين سواء كانت بدعة محدثة في اصلها او بدعة محدثة في وصفها كل ذلك لا شك انه داخل في الاحداث في الدين وصاحبه متوعد بهذا هذا الذي اراد ان يقربه الى الله سيبعده عنه. هذا الذي اراد ان يدخله الى الجنة توعد النبي صلى الله عليه وسلم انه يدخله النار قال الامام مالك رحمه الله من ابتدع بدعة يراها حسنة يراها حسنة فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة فان الله تعالى يقول اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فما لم يكن بالامس دينا لا يكون اليوم دينا. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله والدليل على موته صلى الله عليه وسلم قوله تعالى انك ميت وانهم ميتون ثم انكم يوم القيامة لربكم تختصمون. نعم بعد ان اتم الله النعمة وكمل الدين قبض الله عز وجل خليله وصفيه محمدا صلى الله عليه وسلم اليه توفي النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تلك الفاجعة الكبرى والمصيبة العظمى التي لا مصيبة في الدنيا تعدلها حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم اوصى ان يتسلى المؤمن في المصائب التي تنزل به بما كان من المصيبة بفقده عليه الصلاة والسلام هذا دليل على انها مصيبة واي مصيبة لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم اشرق منها كل شيء ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم اظلم من المدينة كل شيء هكذا يقول انس رضي الله عنه وارضاه توفي النبي صلى الله عليه وسلم في السنة الحادية عشرة من الهجرة وتوفي عليه الصلاة والسلام في شهر ربيع الاول من من هذه السنة وتوفي عليه الصلاة والسلام في اليوم الثاني عشر من ربيع الاول على الصحيح من كلام اهل العلم وكان ذلك في وقت الزوال او قبيل الزوال لما اشتد الضحى قبض النبي صلى الله عليه وسلم وكان ذلك يوم الاثنين بابي وامي صلى الله عليه وسلم ثم انه غسل في يوم الثلاثاء ثم دفن عليه الصلاة والسلام في ليلة الاربعاء يعني من السحر ليلة الاربعاء صلى الله عليه وسلم فقام على غسله علي والعباس والفضل ابن العباس وقسم ابن العباس وشكران مولى النبي صلى الله عليه وسلم واسامة بن زيد رضي الله عنهم اجمعين والذين انزلوه في قبره عليه الصلاة والسلام هم ما سبق هم من سبق سوى اسامة رضي الله عنه توفي عليه الصلاة والسلام وقد اتم ثلاثا وستين سنة اتم ثلاثا وستين سنة عليه الصلاة والسلام لانه ولد على الصحيح في الثاني عشر من ربيع الاول وتوفي عليه الصلاة والسلام في الثاني عشر من ربيع الاول وهكذا قبظ ابو بكر وعمر كلهم هؤلاء الثلاثة الاصحاب صلى الله على نبينا وسلم رضي الله عنهما توفوا اعمارهم في الثالثة والستين كما قال معاوية رضي الله عنه فيما خرج الامام مسلم في صحيحه المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم قبض في يوم الاثنين الثاني عشر من ربيع الاول في السنة الحادية عشرة ازيح السرير الذي كان عليه في حجرة عائشة ودفن محله عليه الصلاة والسلام لان النبي لا يقبض الا حيث يدفن كما عند الترمذي وغيره باسناد لا بأس به فدفن النبي صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة لهذا السبب ولسبب اخر وهو ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها ولاجل ذلك آآ لم يبرز قبره ما ابرز يعني جعل في البراز جعل في العراء في البقيع كبقية قبور وذلك خشية ان يتخذ مسجدا لهذين السببين دفنه الصحابة رضي الله عنه بالمكان الذي توفي فيه وهو حجرة عائشة رضي الله عنها وهي في الموضع المعلوم عندكم في الجهة الشرقية من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ولما توفي عليه الصلاة والسلام اصاب المسلمين الشيء المقيم المقعد فاختلفت احوالهم بين من كان يبكي بكاء وبين من كان مندهشا وبين من اقعده الخطب حتى ما استطاع ان يقوم وكان ابو بكر رضي الله عنه وهو مقدم الصحابة وخيرهم رضي الله عنه كان بمنزل له في العالية فاتى الى هذا المسجد والناس فيه في اضطراب عظيم وكلهم تشرئب اعناقهم اليه فما كلم احدا حتى دخل الى حجرة عائشة رضي الله عنها وكشف عن وجهه عليه الصلاة والسلام وقد غطي وقبله وبكى رضي الله عنه وقال طبت حيا وميتا والله لا يجمع الله عليك بين موتتين اما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها ثم انه خرج الى الصحابة وكان عمر رضي الله عنه يتكلم فيهم فقال على رسلك يا ايها المتكلم في حديث ابن عباس انه اكمل كلامه وهو في البخاري فبدأ ابو بكر في الكلام انحاز الناس اليه وفي حديث عائشة وايضا عند البخاري تقول لما قال على رسلك جلس عمر رضي الله عنه والجمع ممكن وهو انه جلس بعده ان بدأ ابو بكر رضي الله عنه بالكلام ثم قال تلك الخطبة العظيمة الجليلة التي كان فيها سبب الثبات لمن اصابه ذلك الهم العظيم وناله ذلك الخطب الفاجع من الصحابة رضي الله عنهم فان الامر قد بلغ مبلغا عظيما حتى ان عمر رضي الله عنه انكر موت النبي صلى الله عليه وسلم وقال والله ما مات وانه سيقطع الله عز وجل به اعناق قوم وايديهم فقام ابو بكر رضي الله عنه وقال من كان يعبد محمدا فان محمدا قد مات ومن كان يعبد الله فان الله حي لا يموت ثم تلا قوله تعالى انك ميت وانهم ميتون وتلا قوله تعالى وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين هكذا جاء في حديث عائشة رضي الله عنها انه تلا الايتين واما في حديث ابن عباس فقد اقتصر على ذكر الاية الثانية يقول ابن عباس رضي الله عنه فوالله لكأن الناس ما ظنت ان هذه الاية نزلت حتى سمعوها من ابي بكر رضي الله عنه ولا اجد بشرا الا وهو يتلو هذه الاية كل الناس صاروا يتلون هذه الاية ويرددونه. وما محمد الا رسول قد خلت من قبله الرسل افان مات او قتل انقلبتم على اعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين اذا النبي صلى الله عليه وسلم قد مات وموته اراد الله عز وجل به الخير له صلى الله عليه وسلم فما عند الله خير وابقى لنبيه عليه الصلاة والسلام المقصود ان موت النبي صلى الله عليه وسلم ثابت بالنص والاجماع لا شك بذلك لا شك في ذلك ولا ريب وكأني بالمؤلف رحمه الله قد اشار هذه الاشارة الى موته وبيان الدليل عليه للرد على اناس من الغلاة الذين جاءوا بقول يخالف العقل ويخالف الفطرة ويخالف الشرع ويخالف الاجماع وهو زعمهم ان النبي صلى الله عليه وسلم حي الحياة الدنيوية في قبره عليه الصلاة والسلام ثم اسسوا على هذا ان من دعاه وطلبه وسأله فانما هو يدعو حيا ويسأل حيا كالشأن في سؤال الحي للحي فلا يعد هذا من الشرك بالله سبحانه وتعالى قالوا هل تنكرون ان الشهداء احياء في قبورهم قال اهل السنة لا فلهذا نص كتاب الله ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون والنبي صلى الله عليه وسلم اكمل حالا وحياة من الشهداء. بل كل ميت مسلما كان او كافرا فانه سترد اليه روحه بعد موته وهو في قبره والادلة على هذا متغافرة قالوا اذا كان الامر كذلك فمن جاء الى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فدعاه فانه في الحقيقة انما دعا حيا وعليه فلا وجه للانكار على من يدعو النبي صلى الله عليه وسلم او يستغيث به ولا شك ان هذه شبهة داحضة وهذا الكلام مخالف للمعقول والمنقول اما من جهة المنقول فان المقطوع به ان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات والله عز وجل قد بين هذا في كتابه وان النبي صلى الله عليه وسلم سيموت وهذا ما قرره آآ وهذا ما جاء في كلام الصحابة رضي الله عنهم. والحديث كما رأيت في صحيح البخاري والنبي وابو بكر رضي الله عنه يقول ومن كان يعبد محمدا صلى الله عليه وسلم فان محمدا قد مات. والصحابة يسمعون هذا الكلام وما انكر احد وعليه النبي صلى الله عليه وسلم بالنقل قد مات ثم لو كان النبي صلى الله عليه وسلم كما زعموا حي الحياة الدنيوية في قبره فهو في قبره كما هو فوق الارض لا فرق وعليه فان الاحكام المترتبة في مخاطبته وسؤاله هي هي متى غيرت لو كان ذلك كذلك لكان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم كفارا بل صارت هذه الامة كلها كافرة من لدن الصحابة وابتداء من ابي بكر الى ساعة الناس هذه لما لان وضع النبي صلى الله عليه وسلم في القبر واهالة التراب عليه وهو حي اليست اهانة له عليه الصلاة والسلام اجيبوا اهانة عظيمة واذا رضي المسلمون ابتداء من الصحابة بهذا ثم استداموه مع علمهم بكونه حيا في قبره فهذه اهانة واي اهانة؟ لو كان النبي صلى الله عليه وسلم حيا فجاء شخص ووضع حفنة من تراب على رأسه اما كان مهينا له وادنى اهانة للنبي صلى الله عليه وسلم كفر بالاجماع فواجب تعذيره واجب توقيره وواجب تعظيمه. اليس كذلك فكيف يترك النبي صلى الله عليه وسلم حيا في قبره ويمنع من الخروج الى هذه الدنيا هذا لا شك انه يقتضي كفر هذه الامة بل كفر من كان متكلما بهذا الكلام اذا كان يعتقد ان النبي صلى الله عليه وسلم حي الحياة الدنيا وهي في قبره فانه يكفر بهذا لانه رضي بذلك وما سعى في في ازالة هذا المنكر وهذا لا يقول به عاقل وعليه الحق الذي لا شك فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قد مات شأنه شأن الانبياء قبله بل شأنه شأن البشر لانه من البشر عليه الصلاة والسلام وان كان افضل البشر صلى الله عليه وسلم طيب ماذا نقول فيما جاء في هذه الحياة نقول حياته صلى الله عليه وسلم وحياة الشهداء وحياة الناس في قبورهم حياة برزخية الله اعلم بحقيقتها لانها غيب بالنسبة لنا ما ذهب احد الى تلك الحياة ثم عاد ووصف لنا كيف هي لكنها ليست هي هذه الحياة الدنيوية حياة من جنس اخر الله اعلم كيف هي ولا تترتب عليها احكام هذه الدنيا وقد علمنا فيما مضى ان للروح بالبدن تعلقات خمسة اولا تعلق الروح بالبدن حال كوني الانسان جنينا في بطن امه فانه اذا مضى عليه مئة وعشرون يوما يرسل الملك اليه فينفخ فيه الروح تعلق الثاني تعلق الروح بالبدن بعد خروج الانسان وولادته بعد خروجه من بطن امه وولادته وهذا هو التعلق الذي انيط به التكليف التعلق الثالث تعلق الروح بالبدن حال النوم فانها متصلة بالبدن من وجه منفصلة من وجه اخر ولذا كان الموت ولذا كان النوم موتا ووفاة صغرى تعلق الرابع تعلق الروح بالبدن في البرزخ يعني في القبر لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث كعب بن مالك عن النبي صلى الله عليه في حديث البراء ابن مالك في الحديث المشهور بحديث البراء الطويل قال فتعاد روحه في بدنه بعد ان يقبر ويتولى اصحابه قال النبي صلى الله عليه وسلم ماذا فتعاد روحه في بدنه ولكنه عود اخر ليس التعلق الاول بدليل عقلي لو كان لو كانت هذه الحياة وكان هذا العود للروح في البدن هو الذي كان في السابق هل يمكن ان تستمر هذه الحياة اذا كانت الحياة جنسا واحدا فوق الارض وتحت الارض فينبغي ان نقول انه عادت روحه ثم مات مرة اخرى لماذا ولا يستمر شيء لا نعيم ولا ولا عذاب في البرزخ لانه في الدنيا لابد ان يعيش الانسان بالاكسجين لابد من هواء ومعلوم انه في تحت الارض لو اعيدت روحه ربما يكون هناك ثواني معدودة ثم بعد ذلك ينتهي الهواء صح ولا لا وبالتالي يكون الموت فلا نعيم ولا عذاب والادلة متواترة بثبوت النعيم او العذاب في القبر فدل هذا على ان هذه الحياة من جنس اخر ليست هي الحياة التي نعهدها وهذا ظاهر يفتح له باب الى الجنة او يفتح له باب الى النار نسأل الله العافية يمد له في قبره مد البصر او يضيق عليه حتى تختلف اضلاعه. كل ذلك متعلق بحياة ليست من جنس هذه الحياة التي نعهدها التألق الخامس تعلق الروح بالبدن عند البعث كما جاء في حديث كعب ابن مالك الاول في حديث البراء بن عازب والثاني في حديث كعب بن مالك وهو قوله صلى الله عليه وسلم انما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى فيرجعه الله تبارك وتعالى الى جسده يوم القيامة فهذا اكمل التعلق