بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد ربي تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان سيدنا ونبينا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام في كل مكان فمن رحاب المسجد النبوي حيث هاجر المصطفى صلوات الله وسلامه عليه بعد ثلاث عشرة سنة من الدعوة والكفاح والبلاغ بمكة مهبط الوحي ليقضي بعدها صلى الله عليه وسلم عشر سنوات في ارض طيبة بعد بناء مسجده المبارك هذا عليه الصلاة والسلام. هذا المسجد العامر بالهداية المحفوف بالاحداث والمواقف بالجمة التي تنزل فيها الوحي من فوق سبع سماوات. هذا المسجد المشرقة جنباته بروضة من رياض الجنة منبر على ترعة من تراع الجنة من هذا المسجد المبارك في ارض طيبة نتدارس سويا اخوة الاسلام هذا الموضوع الجوهري وهو سيرته بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام السيرة التي انطلقت من رحاب هذا المسجد لتسجل في التاريخ البشري اعظم سيرة واسعد حياة واكرم قصة لخاتم الانبياء وامام المرسلين صلى الله عليه وسلم ولتغدو سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم بعد ذلك مشكاة ونبراسا ومشعل هداية يستضيء به السارقون. ويبصر به التائهون وينجو به المتخبطون في ظلمات التيه دراسة السيرة النبوية اهميتها وطريقتها هو عنوان هذا اللقاء الذي تنظمه مشكورة الادارة العامة للشؤون التوجيهية والارشادية بوكالة المسجد النبوي في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي في سلسلة اللقاءات التي تنعقد من رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. هذا اللقاء ذو المجالس الاربعة خلال يومي الخميس والجمعة الحادي عشر والثاني عشر من شهر شوال سنة احدى اربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. بعد المغرب وبعد العشاء نستكثر بهذا اللقاء في هذه الليلة الفضيلة ويوم الجمعة المبارك نستكثر من الصلاة والسلام على امام الهدى وسيد صلى الله عليه واله وسلم ونتدارس ايضا في هذا اللقاء عن بعد ما يقربنا من مرضات ربنا وحب نبينا صلى الله عليه واله سلم وما نستلهم به معالم السعادة والنجاة والهداية اجل فانها سيرة نبي صلى الله عليه وسلم النبي الاكرم الذي قال الله له وانك لتهدي الى صراط مستقيم. صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض الا الى الله تصير الامور. هو النبي عليه الصلاة والسلام الذي قال لنا الله معشر امته لقد كان لكم في لرسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا اخوة الاسلام ها هنا نتحدث عن باب عظيم من ابواب الشريعة وعن محور جليل من محاور ديننا العظيم. الذي جاءنا بكل خير ونور وهداية ونجاة وسعادة في الدنيا وفي الاخرة تدارسنا لهذا الموضوع الجليل المهم لكل مسلم ومسلمة فينا. انما هو مهم لنا جميعا امة الاسلام صغارا وكبارا عربا وعجما ذكرانا واناثا. سابقين ومتأخرين جهالا ومتعلمين. الكل صغير تلميذ تعلموا في مدرسة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. يتعلم ما به تتحقق السعادة في الدارين. وما به يستضيء السارق في طريق دربه الى ربه عبادة وقياما بالواجب الذي من اجله خلق الله هذه الخليقة وما خلق الجن والانس الا ليعبدون. هذا المجلس سينقسم على مراحل اربعة ومجالس اربعة. هذا الموضوع سينقسم على المجالس الاربعة. اثنان منها هذه الليلة. هذا احدها والاخر بعد صلاة العشاء باذن الله تعالى. واللقاءان الاخران يوم غد الجمعة بعد المغرب وبعد العشاء ايضا بحول الله وقوته سبحانه تعالى. في هذه المجالس الاربعة سنعرض لموضوع دراسة السيرة النبوية سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. في هذين المحورين الكبيرين الاهمية والطريقة جوابا عن السؤالين الكبيرين لماذا؟ وكيف لماذا ندرس السيرة النبوية؟ نتناول فيها الاهمية. وكيف ندرسها؟ وما طريقتها؟ نتدارس فيها الكيفية التي بها يتأتى للمسلم اذا فهذه المجالس الاربعة اخوة الاسلام لن نستعرض فيها صفحات من سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام. وهي لن يسعها مثل هذه المجالس الاربعة ولا اربعين ولا اربعمائة عليه الصلاة والسلام. انما نتناول فيها منهجية نستبين فيها الطريق لسلوك هذا الباب الكبير. وسعادة الحياة في ظلال سيرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لن نقلب صفحات من احداث حياته او غزواته او سراياه ولا من شمائله العطرة عليه الصلاة والسلام. مع ان ذلك قل له متعة قلوب المسلمين وانس ارواحهم وسعادة حياتهم. لكن الشأن في هذا اللقاء هو وضع معالم. تعين على سلوكها هذا الطريق في هذه المجالس الاربع من خلال هذين المحورين الاهمية والطريقة التي نستبين بها الجواب عن السؤالين لماذا؟ دراسة السيرة النبوية؟ وما طريقة دراستها لمن اراد ان يدرسها ويتعلمها من خلال هذين المحورين لعدة عناصر مهمة في هذا الطريق هي اسئلة تتردد كثيرا لدى اخوتنا المسلمين والمسلمات تجاه سيرة الاكرم عليه الصلاة والسلام. اسئلة تهم كل مشتاق محب لنبيه عليه الصلاة والسلام. متطلع الى معرفة المزيد عن شأنه وحياته بما يزيده قربا من نبيه صلى الله عليه واله وسلم. فيها تعريف للسيرة النبوية. وعلى بالعلوم النبوية الاخرى وصلتها بها مثل المغازي والسير. مثل الحديث النبوي والشمائل المحمدية مثل الدلائل الخصائص النبوية ما مراجع دراسة السيرة النبوية وما الطرق التي يسلكها الراغب في تحصيلها؟ كيف السبيل اليها وكيف نستقيم ما يمكن ان يشبع الفؤاد المشتاق الوله الى معرفة شأن وسيرة وحياة نبينا صلى الله عليه واله وسلم. ما جوانب الاهمية بالنسبة الى المسلم الفرد الذي يقبل على دراسة سيرة نبيه عليه الصلاة والسلام من معانيها ويستلهم من احداثها ويتقلب في اكنافها. ما الاثر الذي يعود به على المسلم والمسلمة. ثم على مستوى الامة ما الذي يمكن ان يتحقق لها من معالم السعادة والفلاح والنجاح. كل وذلك سنعرض له في نقاط وعناصر تعود علينا بخير عظيم. وحسبنا ان يكون هذا الحديث امة الاسلام منطلقا بمسجده صلى الله عليه واله وسلم الذي شهد قبل نحو من اربعة عشر قرنا من الزمان هذه الحياة الكريمة هذه السيرة المشرقة هذه الجوانب التي تفيأ في ظلالها الصحابة الكرام رضي الله عنهم وارضاهم. تقلبوا في معانيها فيأوا ظلالها فغدوا اكرم جيل واشرفه في الامة لانهم عاشوا في صحبته عليه الصلاة والسلام عاشوها بملئ حواسهم بصرا وسمعا وادراكا وهم يعيشون المواقف والاحداث تباعا فيدخلون ويخرجون معه عليه الصلاة والسلام يصلون خلفه ها هنا في مسجده عليه الصلاة والسلام. يشهدون معه الغزوات وعيادة المرضى واتباع الجنائز ودفع ان الاموات ويتنزل الوحي بينهم وبين ظهرانيهم رضي الله عنهم فادركوا من معاني هذه الشريعة واسرارها وحكمها بها وفقهوا من دين الله جل جلاله ما بلغوا به الذروة العليا فلا يقاربهم فيه احد فضلا عن ان يتجاوز مداهم رضي الله عنهم وسلك بنا سبيلهم. من هذا الموقع في رحاب مسجده عليه الصلاة والسلام. ينطلق الحديث عن اهمية دراسة سيرته صلى الله عليه وسلم. وكيفية تحصيلها والسبيل الى نيلها والتظلع من احداثها وفقهها ادراكها ليخط المسلم طريقه في الحياة على ضوء وبصيرة وهداية. من مشكاة سيرته عليه الصلاة والسلام ها هنا طرف من اقوال ائمة السلف رضوان الله عليهم وهم يتحدثون عن هذا الجانب من حياته وسيرته ومغازيه عليه الصلاة والسلام. وكيف يكون لذلك اثر عظيم يعود على المسلم بخيري الدنيا والاخرة. يقول الامام شهاب الدين الزهري رحمه الله تعالى عن علم المغازي انه علم الدنيا والاخرة واحسبوا انه اراد بوصفه في علم الدنيا انه به يصبح العالم عالما. فالعلم الحقيقي هو الذي يعرف به العبد المقصود من ايجاده في هذه الحياة وسيرته ومغازيه عليه الصلاة والسلام تحمل ذلك باوفر حظ ونصيب واما علم الاخرة فلا اراه الا الاجر والثواب الذي يدل العبد على مراد الله ورضوانه. وكيف يبلغه منازله العلا هناك في الاخرة حيث الانتظار ليوم الموعد الاكبر وان يحط المسلمون رحالهم في الجنة بصحبته عليه الصلاة والسلام. يقول محمد بن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه. كان ابي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه ويعدها علينا. ويقول يا بني هذه مآثر ابائكم فلا تضيعوها انه مجد كانوا يتوارثونه رضي الله عنهم ويربون عليه ناشئتهم ويغذونهم بها لتكون جزءا من حياتهم من تكوينهم من نفسياتهم ومشاعر افئدتهم واحاسيسهم اجل هكذا ينبغي ان تكون سيرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام. ومن اجل ذلك وفي عبارة مقاربة يقول علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنه وعن ابيه وعن جده يقول كنا نعلم المغازي كما نعلم السورة من القرآن انه منهج عظيم واما ان تعليم السور من القرآن يستدعي تكرارا وتلقينا ومتابعة يوما بعد يوم واية بعد اية وسورة تلو سورة هكذا ينشأ الصبيان في تعلمهم قراءة الفاتحة مثلا او قصار السور فكونهم كانوا ينشئون صغارهم وصبيانهم في تعليم المغازي. ماذا حصل في غزوة الابواء؟ في غزوة بدر واحد في الخندق في غزوة تبوك وغيرها من الاحداث كانوا يلقنونهم اياها تلقينا. ادركوا رضوان الله عليهم انها تنشئة عظيمة جليلة لا يستقيم اعواد النشء الا على اصولها واساسها. فبها ارتفعت صروح التربية والتعليم والتوجيه في ظلال لسيرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. ما زالت العبارات هذه تحمل تلك المعاني العظام. ليقول ائمة الاسلام اقوالا عظيمة ما زالت تشع نورا في جلالة العناية بهذه العلوم النبوية. يقول الامام ابن الجوزي رحمه الله تعالى رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث مع انها علوم شريعة فقه فيه معرفة الحلال والحرام وسماع الحديث وهو حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا رعاكم الله. يقول رحمه الله رأيت الاشتغال بالفقه وسماع الحديث لا يكاد يكفي في صلاح القلب الا ان يمزج بالرقائق والنظر في سير السلف الصالح واصلح سيرة سيرة نبينا صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وصدق رحمه الله وقال ايضا واصل الاصول العلم وانفع العلوم النظر في سير الرسول صلى الله عليه وسلم واصحابه قال الله تعالى اولئك الذين هدى الله فبهداهم مقتضى وكان الزهري يقول كما تقدم علم المغازي علم الدنيا والاخرة يقول سفيان ابن عيينة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الميزان الاكبر. فعليه تعرض الاشياء على هديه وخلقه وسيرته فما وافقها فهو الحق. وما خالفها فهو الباطل. في عبارة جليلة وصف الامام ابن القيم رحمه الله شأن العناية بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعرفة سيرته والاطلاع على احواله في شأنه كله وصفها في الجمل افاضت من معاني عبارات السلف ومن قولها المأثور في طرف مما سمعتم رعاكم الله فصاغ من ذلك عنوانا كبيرا ومعنى يعيش عليه المسلم اقبالا ورغبة واستزادة من تعلمه ودراسته ومعرفته بسيرة نبيه عليه الصلاة والسلام. فقال رحمة الله عليه في كتابه زاد المعاد. في هدي خير العباد صلى الله عليه وسلم يقول ومن ها هنا نعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة الى معرفة الرسول صلى الله عليه وسلم وما جاء به. وتصديقه فيما اخبر به وطاعته فيما امر فانه لا سبيل الى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الاخرة الا على ايدي الرسل واذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم. فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاتها وسعادتها. ان يعرف من وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين ويدخل به في عداد اتباعه وشيعته وحزبه والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم. والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم هذه العبارات التي تقطر اهمية وجلالة بشأن دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي التي حملت علماء اسلافنا وائمتنا وساداتنا ممن سبق على ان يقوموا بواجبهم في حفظ سيرته عليه الصلاة والسلام. والنهوض بها وتأليف الدواوين الحافلة بحفظها وروايتها وتوثيق احداثها. يقول الامام الخطيب البغدادي رحمه الله في جامعي لاخلاق الراوي وادب السامع. يقول تتعلق بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم. احكام كثيرة فيجب كتبها فيجب كتبها والحفظ لها. ادركوا رحمهم الله ان معرفة السيرة جزء. ينبغي ان توارثه الناس من حياتهم يعيشون عليها ينشؤون عليها يفقهون احداثها هذه نبذة يسيرة ايها الكرام من عناية اسلافنا رحمة الله عليهم بشأن سيرة رسول الله صلى الله عليه واله وكيف يعيش عليها العبد ادراكا لها واستلهاما لمعانيها ومعرفة بجوانبها وما يتصل بها بين يدي الحديث عن سيرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اخوة الاسلام. ها هنا مدخل قبل الحديث عن اهميتها ندرك بها المراد من السيرة النبوية. وصلتها كما اسلفت بالعلوم النبوية المرتبطة بها مشابهتي لها المكملة لجوانبها جميعا. فان السيرة النبوية بعنوانها العام ومفهومها الشامل وابعادها الواسعة تعني دراسة حياة نبينا الاكرم صلى الله عليه واله وسلم دراسة نستبين فيها اخلاقه وصفاته العطرة عليه الصلاة والسلام ونتعرف فيها على احوال عصره. ومراحل دعوته صلى الله عليه واله وسلم نستلهم فيها المعاني العظام التي خصه الله تعالى بها. في خصائصه صلى الله عليه وسلم. والمعجزات والدلائل نبوية الدالة على صدق رسالته وبعثته التي اكرمه الله تعالى بها. في ذلك ايضا نتناول طرفا من صحبة في اصحابه رضي الله عنهم لنبينا عليه الصلاة والسلام وما عاشوه في ظلال سيرته العطرة من جليل المعاني التي بها تفقه واحكام الشريعة وتدرك مراحل التشريع التي مرت بها في صحبتهم لنبينا عليه الصلاة والسلام السيرة النبوية بهذا المفهوم الشامل وسعة الاطراف مترامية الابعاد وهي كذلك. لاننا نتحدث عن سنين من حياته عليه الصلاة والسلام من بعد الاربعين الى ان توفاه الله في الثالثة والستين ثلاث وعشرون سنة الاخيرة من حياته عليه الصلاة والسلام هي ما تعنون لها بالسيرة النبوية وانما ندرس ما قبل ذلك من ولادته وطفولته وصباه ونشأته عليه الصلاة والسلام وارهاصات الوحي مقدمات نستبين بها ما كان بين يدي النبوة التي اشرقت بها شمس الاسلام على حياة البشر. فبددت ظلمات الجاهلية واذنت لهذا النور ان يشرق من على عالم الناس وحياتهم فيخرجون من الظلمات الى النور بامر خالقهم وباريهم رحمة منه سبحانه وتعالى. ما قبل في حياة العرب وكيف كانت قبل الاسلام من اجل ان نعرف الظروف المكتنفة ببعثته ونبوته عليه الصلاة والسلام وندرك عظيم فضل الله ان اذن بهذه البعثة وهذا النبي الكريم ان يحمل رسالة الله من فوق سبع سماوات الى هذه لتعود الى الكرامة التي اخبر الله عنها لبني ادم ولقد كرمنا بني ادم وحملناهم في البر والبحر بحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا. كرامة اودت بها حياة الجاهلية حين حطت بهم في اوحال الجاهلية والشرك والخرافة ففقدت الانسانية كرامتها واضاعت طريقها الى خالقها فجاءت هذه الرسالة المحمدية وهذه البعثة النبوية واشرقت شمس الاسلام فعادت الى البشرية من جديد كرامتها بمعرفتها لحق ربها وخالقها. الذي جاءت به رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث وعشرون سنة من الدعوة من النبوة من تبليغ الوحي كانت هي العنوان الحافل لمعنى السيرة النبوية التي يقبل عليها الناس اما انها والله امة الاسلام اعظم سيرة انسان على وجه التاريخ واكثرها بركة وامارة ذلك ان البشرية لا زالت منذ الف واربعمائة سنة وزيادة ما زالت تقتات على هذه المائدة من السيرة النبوية. تعاقبت اجيال وقرون حضارات ودول اجيال من البشر كانت تستلهم من سيرته عليه الصلاة والسلام معالم السعادة والنجاة والفلاح ومعاني الهداية التي جعلها الله عز وجل في طيات حياته وسيرته صلى الله عليه واله وسلم. ولا زالت البشرية الى اليوم والى غد والى قيام الساعة محتاجة الى معرفة سيرته عليه الصلاة والسلام نتحدث عن عظيم من العلوم وجليل من المعارف تحتاجها البشرية اليوم لتعيش السعادة المنشودة وتدرك المقصود الذي من اجلها خلقها الله سبحانه وتعالى. امة الاسلام السيرة النبوية بهذا المفهوم الشامل تعني اشياء عظيمة وعلوما قامت صروحها في في حياة الاسلام وفي شأن العلماء المسلمين اضحى كل جانب منها علما مستقلا وهذا الذي سمي فيما بعد بالعلوم النبوية. نتحدث هنا عن جملة منها لتستبين لنا العلاقة بين اجزائها ونعرف الفارق الذي يميز كل واحد منها. كل ذلك طرف من سيرته عليه الصلاة والسلام. لو قلت لكم كيف نصف حياته صلى الله عليه وسلم منذ ان يصبح الى ان يمسي ويدخل في ذلك عبادته لربه ويبلغ يدخل في ذلك ايضا تبليغه للرسالة ربه ومعايشته لاصحابه تعليمه الجاهل وافتاؤه السائل زيارته المريضة وشهادته الجنازة يدخل في ذلك جلسته في بيته مع اهله عشرته لازواجه وتربيته لاولاده صلى الله عليه وسلم يدخل في ذلك امور حياته المعتادة طعامه وشرابه كساؤه ولباسه فراشه نومه واستيقاظه. كل ذلك داخل في حياته عليه الصلاة والسلام كما يدخل فيها خطبوه باصحابه وحديثه اليهم. والوحي الذي يأتيه في تشريع الاحكام. وبيان ما يحتاج اليه الناس من امور اولي الدين في الحلال والحرام. يدخل في ذلك اقواله التي غدتني براسا وطريقا تستلهم منه المعاني ويستنبط منه الحكم ويعرف الناس طريقهم الى ربهم حياة كاملة هي حياته عليه الصلاة والسلام بكل تفاصيلها بكل اجزائها بكل ابعادها كل ذلك يحمل جملة وافرة اعتنى بها اسلافنا بدءا من الصحب الكرام رضي الله عنه الذين رصدوا تلك السيرة وحفظوا تلك الحياة بعد ان عاشوها. واستمتعت ارواحهم بها وتقلبوا في اكنافها وتظللوا بظلالها. عاشوا تلك الحياة فحفظوا كل تفاصيلها اي والله حفظوا نومه واستيقاظه ودخوله وخروجه وكلامه ومزحه وضحكه وغضبه وبكائه وفرحه وسروره كل ذلك رصدوه رضي الله عنه بل رصدوا ما هو ادق من ذلك بكثير رصدوا معالم خلقته عليه الصلاة والسلام وصفوا لنا وجهه عينيه حواجبه رمشه انفه وفمه ثناياه واسنانه عليه الصلاة والسلام. بل انهم احصوا عدد الشعرات البيض في برأسه ولحيته عليه الصلاة والسلام هذا الرصد الدقيق هذا الحفظ الوثيق منهم رضي الله عنهم لحياة نبينا عليه الصلاة والسلام كان يعني اولا بالدرجة الاولى ادراك التام لعظيم واثر العناية بسيرته صلى الله عليه وسلم وينبغي ان نفقه ذلك نحن اليوم لنخط على اثارهم رظي الله عنهم كما انه يعني ثانيا انهم رضوان الله عليهم. كما شرفهم الله واختارهم لصحبة نبيه عليه الصلاة والسلام فقد كانوا كذلك في عظيم الاصطفاء الذي جعلهم الله تعالى به رواة لهذه السيرة وحفظة لها ونقلوا كل ذلك بوفاء. اما انهم كانوا امناء والله رضي الله عنهم. امناء في حفظ ما ادركوه لينقلوه بعدهم استمتعوا بحياة شاهدوا وسمعوا ورأوا واحسوا وادركوا شيئا لا يوصف فنقلوه ورووه ليأتي من بعدهم ذلك الوصف الدقيق في في معنى كأنه يدركه بحواسه. كانوا امناء رضي الله عنهم فحقنا نحن اليوم ان نكون اوفياء. لهذا الميراث عظيم من سيرته صلى الله عليه واله وسلم. ان الصحبة الكرام رضي الله عنهم وهم يرصدون ويحفظون ما تناقلته الدواوين وراوته الاسفار وحفظه العلماء وبقي محفوظا لنا في تراثنا الاسلامي امة الاسلام يعني ان بين يدينا ذخرا وميراثا عظيما من سيرة نبينا صلى الله عليه عليه وسلم متعدد الجوانب لكنه كما قال ابن القيم رحمه الله فيما سمعتم قبل قليل يقول والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم. وهكذا انا وانت وانت اليوم امام سيرته عليه الصلاة والسلام والاقبال عليها والاخذ منها والاستمتاع بما فيها كلنا والله بين مستقل ومستكثر ومحروم لا حرمنا الله واياكم بركة هذه في السيرة النبوية وافاء علينا وعليكم من فضله الذي يجعلنا به من المستكثرين من هذا الخير في الدنيا المستمتعين ورفقته في الاخرة صلى الله عليه واله وسلم. مرة اخرى ساقول هذه السيرة النبوية بكل ابعادها وتفاصيلها بكل احداثها واجزائها كونت فيما بعد لدى علمائنا الاسلاف علوما قامت مستقلة فاما الحديث النبوي فهو العلم الذي حفظ فيه اقواله وافعاله صلى الله عليه وسلم فصنفت فيها الدواوين في كتب الحديث رواية كما نقول في الصحاح والسنن والمسانيد كصحيحي الامامين الجليلين البخاري ومسلم. وصحيح ابن حبان وابن خزيمة رحم الله الجميع. وكذلك الشأن في الجوامع والسنن مسانيد كسنن الائمة الاربعة المشاهير ابي داوود والترمذي والنسائي وابن ماجة وكذلك في موطئاتي واشهرها موطأ الامام مالك. وكذلك الشأن في المسانيد كمسند الامام احمد ومسند الامام ابي حنيفة. ومسند الامام رحم الله الجميع والشأن كذلك في كتب الاثار التي رويت والمصنفات كمصنف عبدالرزاق وابن ابي شيبة رحم الله الجميع فهذه كتب الرواية التي حفظت علم الحديث تمثل جزءا من سيرته. ماذا قال عليه الصلاة والسلام ماذا قال في شأن العبادات وبيان صفاتها واحكامها طهارة وصلاة وصياما وزكاة وحجا؟ ودعاء وسائر ابواب عبادات. ماذا قال عليه الصلاة والسلام في بيان احكام المعاملات بيعا وشراء واجارة ورهنا والمواقف التي حصلت. ماذا قال عليه الصلاة والسلام في شأن النكاح والطلاق والصداق والهبة والخلع والايلاء واظهار وماذا قال عليه الصلاة والسلام في شأن العقوبات والحدود والجنايات والقصاص والتعزير كل ذلك هو علم الحديث النبوي. بدواوينه الضخمة التي اورثها لنا ائمتنا. رضي الله عنهم وارضاهم هذا احد العلوم النبوية وهو من اجلها واشهرها. والذي اشتدت اليه الرحلة وحفظ التاريخ سيرة مشرقة الحديث في طلبهم له وتحريهم وتمييزهم ونقدهم وذبهم ودفاعهم عن سنته عليه الصلاة والسلام في حفظ رواية الحديث. ومن العلوم النبوية ايضا علم جليل يتعلق بشأن غزواته واخبار ترايا والبعوث التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يقيم بها شعيرة الجهاد ويحفظ دين الله ويذب عن حماه ويوجه اصحابه الى اقامة هذا الدين امتثالا لامر الله سبحانه وتعالى. وعامة ما يسمى بكتب السيرة النبوية هو مقصور على هذا الجانب المغازي والسير والوصف الادق لها ان تكون هكذا فهي الموازي والسير كما سمى ابن اسحاق كتابه الجليل الذي اصبح مرجعا لمن بعده وكذلك فهو الوصف المطابق لها فانها تتحدث بالدرجة الاولى عن غزواته عليه الصلاة والسلام وتفاصيل احداثها وسراياه التي بعثها صلى الله عليه وسلم بتوجيه اصحابه الكرام رضي الله عنهم وايضا يدخل في مفهوم السيرة النبوية عين ثالث من العلوم النبوية وهو ما يسمى بالشمائل النبوية او مائل المحمدية والمقصود بالشمائل الخصائص والصفات التي تتعلق برسولنا صلى الله عليه وسلم. صفات خلقية وصفات خلقية هذا علم وافر دونت فيه ايضا الدواوين والفت المؤلفات. وحفظت فيها دقائق الاوصاف المتعلقة بخلقته او خلقه الكريم صلى الله عليه وسلم. الشمائل التي وصفت فيها كل ما يمكن وصفه من اجزاء الكريم عليه الصلاة والسلام وصفا يجعلك كانك تراه صلى الله عليه وسلم. وكذلك اخلاقه فيصفون فيها كرمه وصدقه وامانته وتواضعه وحلمه وعدله وسائر الاخلاق الكريمة والخصال التي قال الله تعالى عنها وانك لعلى خلق عظيم يدخل في الشمائل ايضا ما يتعلق باموره الخاصة به عليه الصلاة والسلام. كشأن بيته واهل بيته وازواجه واولاده اسمائهم وما يتعلق بمقتنياته الخاصة وما هو من شأنه ومستعملاته عليه الصلاة والسلام فيها اسماء الدواب الخيل والبغال والسلاح والادوات التي كانت في في في ملكه صلى الله عليه وسلم واستعماله. وكذلك كما يتعلق بسيوفه وما يتعلق بلباسه هذا داخل كله في عداد ما يسمى بالشمائل. فهذا مكون ثالث بعد علم الحديث وبعد المغازي والسير الشمائل النبوية او المحمدية يدخل ايضا في مفهوم السيرة النبوية بمفهومها الواسع. علم رابع يسمى بالدلائل النبوية والمقصود بها الايات والمعجزات التي خص الله بها نبينا صلى الله عليه واله وسلم. لتكون شاهد صدق يثبت انه نبي الله حقا وانه رسول الله صدقا صلى الله عليه وسلم. فكانت هذه الجوانب المتعلقة بدلائل نبوته صلى الله عليه وسلم تأكيدا على عظيم ما خصه الله تعالى به معجزات وايات حافلة لتكون اثباتا للمعاند امينا للموافق والمصدق زيادة في ايمان المؤمن واقامة للحجة على الكافر. والفت في هذا ايضا مؤلفات مستقلة في الدلائل والمعجزات التي خص الله بها نبينا عليه الصلاة والسلام تجمع وتنقل فيها افرادها احداثها مواقعها وما صح منها وما لم يثبت سنده وما الى ذلك. يدخل ايضا في مفهوم حياته الشامل عليه الصلاة والسلام وسيرته الكاملة بكل ابعادها. علم خامس من هذه العلوم. وهو ما يسمى بالخصائص النبوية ونعني بها الامور التي اختص الله تعالى بها نبينا عليه الصلاة والسلام دون سائر الخلق اما فيما يتعلق بصفاته الجسدية والنفسانية والبدنية او ما يتعلق بالاحكام الشرعية وما خص به صلوات الله وسلامه عليه. وهذا ايضا افرد مستقلا في مصنفات سيأتي ذكرها في مجلس اخر ان شاء الله تعالى مع سائر العلوم الاخرى فهذه جملة العلوم النبوية المتآزرة المتكاملة فيما بينها. لترسم صورة مشرقة متكاملة عن حياة نبينا عليه الصلاة والسلام فلو قلت لك ان كنت صحابيا وادركت ذلك الزمن الكريم وعشت في صحبته عليه الصلاة والسلام اياما او شهورا او سنين او متعك الله بصحبته على مدى ثلاث وعشرين سنة كما كان لابي بكر الصديق رضي الله عنه مثلا ثم قلنا لك حدثنا عن سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام ما عساك ان تقول ستحكي وتظل تحكي وتصف ما يملأ فؤادك حبا واشتياقا وما يملأ اذن السامع حبا واشتياقا ايضا لكن الحديث لن ينتهي وسيظل متصلا عن ماذا ستتحدث؟ وماذا ستترك ومن هنا قامت هذه العلوم المتكاملة باختصاصات ليكون بعضها ادعى الى الحفظ والرواية والقراءة والاطلاع فاذا كان الحديث النبوي وكذلك المغازي والسير وكان ايضا الشمائل المحمدية. وكانت الخصائص النبوية وكانت الدلائل والمعجزات. ثم يجللها سادسا هذا العلم الكامل وبالسيرة النبوية يعني احداث حياته عليه الصلاة والسلام متكاملة منذ ان يصبح الى ان يمسي عليه الصلاة والسلام. وما يحصل له في حياته من مواقف واحداث. وما يكون بينه وبين غيره من نقاش واخذ وعطاء وما يعتري حياته صلى الله عليه وسلم من مواقف متعددة ذات جوانب شاملة كلها يدخل في مفهوم سيرته صلى الله عليه وسلم فقولنا دراسة السيرة النبوية اذا امة الاسلام تعني المفهوم الشامل لاحدنا ايها المسلمون والمسلمات تجاه سيرة نبيه الاكرم عليه الصلاة والسلام كيف يقبل على السيرة النبوية كيف يغترف من نبعها المتدفق كيف يستضيء بنورها المشرق؟ كيف يتقلد تلك القلادة الفاخرة وهو يتقلب في اكناف السيرة ويغترف له منها ما شاء الله له ان يغترف بهذا المفهوم الشامل فالمقبل على جزء من اجزائها مستكثر في محور من محاورها كما ان من يقبل على علم الحديث ليتعلمه ويرويه ويحفظه فهو مقبل على خير كثير وفيها جانب جم من سيرته عليه الصلاة والسلام تجده مبثوثا في ثنايا الاحاديث. في ثنايا الروايات التي في مجموع تكون لك صورة متكاملة مع باقي الجوانب الاخرى لتخرج بصورة وصفحة من سيرته. صلى الله عليه وسلم فلو قلبت النظر مثلا في كتاب الاذكار والادعية وماذا كان يقول عليه الصلاة والسلام اذا لبس ثوبه او اكل طعامه او اذا دخل او خرج من المنزل او اذا دخل الخلاء وخرج منه عليه الصلاة والسلام. ماذا كان يقول؟ ماذا كان يفعل اذا جلس اذا قام اذا نام واضطجع اذا وقف يصلي كيف يتوضأ؟ هذه التي تنقل احكاما فقهية هي في حقيقتها جزء من سيرته عليه الصلاة والسلام نتعلمه نجمع بعضه الى بعض وجزءه الى جزئه الاخر لنرسم الصورة المتكاملة للسيرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة واتم كذلك من يقبل على دراسة المغازي. فعندما يأخذ في تفاصيل احداث غزواته صلى الله عليه وسلم بعد هجرته الى المدينة والسرايا والبعوث النبوية. فيقف على تفاصيل اعداد من شاركوا فيها واسمائهم. وماذا كان في احداث الغزوة؟ وماذا فقيل وماذا تم في اللقاء عندما التقى الصفان والتحم الجيشان ومن استشهد ومن اسر من العدو وماذا نزل من الوحي في تلك الوقائع والغزوات والمراد منها وما يكتنف ذلك ايضا من احكام تتعلق بالغنيمة تارة او الفيء تارة او الشهادة التي تارة كل ذلك ايضا يرسم جزءا يكمل بعضه بعضا في سيرته عليه الصلاة والسلام فما الذي يفعله من يروم دراسة السيرة النبوية الذي يفعله انه يجمع ذلك بعضه الى بعض ليكون له نصيب وافر وحظ طيب وادراك جليل لهذا المعنى ان الكريم من حياته عليه الصلاة والسلام هو المعنى الذي عاشه الصحابة رضي الله عنهم فنقلوا ذلك كله هم الذين نقلوا صفات العبادة واحكام التشريع وهم الذين نقلوا لنا الحلال والحرام. هم ايضا رواة تلك الوقائع والاحداث فانها منهم اخذت رضي الله عنهم. وعن طريقهم الينا وصلت رضي الله عنهم وقد قلت لكم لقد كانوا امناء رضي الله عنهم. غاية الامانة في حفظ ذلك اولا ورصده وتتبعه وتوثيقه ثم في روايته للاجيال من بعدهم حدثوا بها اولادهم وحدثوا بها طلابهم ومن يجلس اليهم ومن يستمع الى اقاويلهم وربما سأل السائل احد الصحابة الكرام عن شيء ما افيضوا بالجواب عما ادرك وما رأى وما سمع من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم بل ان حياة الصحابة رضي الله عنهم ودراستها ومعرفة احوالهم في اسلام من اسلم منهم بعد كفر او في احداث قصته التي في بها هدى الله قلبه للاسلام. وماذا كان في زمن صحبته لرسول الله عليه الصلاة والسلام؟ سواء كان ممن مات قبله صلى الله وعليه وسلم. او بقي بعده فعاش ما شاء الله له ان يعيش ثم توفاه الله. احداث حياتهم هي جزء من سيرته عليه الصلاة والسلام لان احدهم كان يأتي اليه ويقف معه ويتكلم اليه ويتحدث واياه. هذه جزء من سيرته عليه الصلاة والسلام فهي مفهوم شامل واسع نقصد بها المعنى الكبير لدراسة السيرة النبوية لرسولنا عليه الصلاة والسلام. لست بهذا يضخم موضوعا كبيرا ربما يظن البعض انه تهويل وابعاد للمسألة عن تحصيل المراد. بلى هي كذلك لكنها دعوة الى تحفيز الهمم لاننا نقف امام سيرة عظيمة لانسان كرم الله عز وجل قدره ورفع شأنه. وقال سبحانه من فوق سبع سماوات لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة. لقد كان لكم في رسول الله ليس في عبادته فقط وليس في غزواته فقط وليس في صفاته واخلاقه فقط صلى الله عليه وسلم. بل في كل شأن يتعلق به. لقد كان لكم في رسول الله ولم يقيد المتعلق هنا به عليه الصلاة والسلام. لتبقى الاسوة فيه صلى الله عليه وسلم في شأنه كله في تعامله مع اهله لنا فيه اسوة في بيعه وشرائه في السوق لنا فيه اسوة في تعامله مع العدو والمحارب والمخالف لنا فيه اسوة في احكامه وتطبيقه ربه لنا فيه اسوة في كل حياته صلى الله عليه وسلم لنا فيه اسوة كما قال الله لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر. وذكر الله كثيرا هذه اذا العلوم النبوية التي تجتمع بعضها مع بعض لتؤازر بعضها بعضا وتكون لنا جملة ما يتعلق بالسيرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة واتم التسليم وهي محفوظة مدونة مروية يقبل عليها المسلمون فيجدون في تراثنا امة الاسلام ما يشبع الرغبات ويحقق المراد ويصل به المسلم الى معرفته بسيرة نبيه. عليه الصلاة والسلام. هذه اطلالة والماحة عن المقصود بالسيرة النبوية وعلاقتها بالعلوم النبوية الاخرى امة الاسلام. لاجل ان نتبين وقفنا على كتاب او رسالة تتعلق بشيء من ذلك نعرف موقعها من السيرة النبوية. وكلها خير وفي كلها من الاقبال عليها ومعرفة ما فيها من رصيد كبير يعود الى المسلم بشيء من دراسته ومعرفته لسيرة لنبيه عليه الصلاة والسلام وهذا يقودنا الى النقطة التالية وهو الحديث عن الاهمية لسيرته صلى الله عليه وسلم. وما الذي يمكن ان يستفيد منه المسلم الفرد والمسلم في امته والامة والمجتمعات المسلمة في مجموعها من عنايتها. ساقتصر في هذه الجلسة على اول هذه الجوانب من اهمية لتكون باقيها في المجلس التالي بعد صلاة العشاء باذن الله تعالى. اول جوانب الاهمية ايها الكرام انها حاجة فطرية وشرعية لنا امة الاسلام افرادا وجماعات. والمقصود بالحاجة ها هنا اننا معشر البشر خلقنا خلقنا من اجل ان نخط طريقنا في هذه الحياة تحقيقا لمراد الله ما خلقنا عبثا والله قد قال افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون. فتعالى الله الملك الحق لا اله الا هو رب العرش تبتري. ويقول سبحانه ايحسب الانسان ان يترك سدى ليست حياتنا اذا عبثا وليست لغير قصد بلى هي لقصد جليل وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فحاجتنا ها هنا شرعية جليلة عظيمة لتعلم ما يمكن ان ندرك به طريقنا لتحقيق هذا المقصود وهذا المقصود انما يتحقق بادراكنا لسر النشأة واصل الخلقة. ابونا ادم عليه السلام الذي خلقه الله بيديه ونفخ فيه من روحه وكرمه بكرامته اسجد له ملائكته الكرام عليهم السلام خلقه الله واوحى له ولزوجه حواء الا يقربا تلك الشجرة فوسوس لهما الشيطان ليبدل لهما ما ووري من سوءاتهما ووقعا في تلك الوسوسة فاكلا من تلك الشجرة فكانت الخطيئة وعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى. قال ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا ارحمنا لنكونن من الخاسرين اذن الله للبشرية منذ تلك اللحظة ان تكمل رحلتها على الارض لا في السماء بحكمة ارادها الله فيهبط ابونا ادم عليه السلام وامنا حواء ومنذ تلك اللحظة الاولى لحياة البشرية على الارض التي ما زلنا نكمل فيها المسيرة منذ تلك اللحظة جاء هذا القانون الرباني الذي يحكم حياتنا الى قيام الساعة اسمع بقلبك قبل اذنيك قال اهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو. ادم وذريته وابليس لعنه الله ذريته فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى اذا هما طريقان لا ثالث لهما. فاما الهداية فالنجاة والسعادة والفلاح والعودة الى المسكن الاول في الجنة واما الضلال والغواية والشقاء وتنكب الصراط فيكون المآل عياذا بالله الى جهنم وبئس المصير الله قال منذ ان اهبط ابانا ادم قال اهبط منها جميعا بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم مني هدى فنحن نعيش في هذه الحياة المؤقتة في الدنيا لنرجع الى الاخرة ننتظر الهداية من الله. تدري ما معنى الهداية؟ الطريق الذي يعود بك الى الجنة حيث نزل ابوك ادم عليه السلام لانك لو ظللت الطريق واخطأته سيكون المآل عياذا بالله الى جهنم وقانا الله واياكم. فاما يأتينكم مني هدى يا رب فاين هداك الذي نستدل به على الطريق جعل الله الهداية في كتابه الكريم مناطة بثلاثة اشياء اولها كتابه الكريم الف لام ميم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين. هداية ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوى. ليست هداية لاهل الاسلام فحسب للبشرية كلها شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس مسلمهم وكافرهم فالمسلم يزداد هداية والكافر يبصر به طريق الغواية ويرجع الى طريق الهداية فهذا اول مواضع الهداية التي جعلها الله طريقا للعباد. مفتاحا دليلا يعودون به الى الطريق الذي يعود بهم الى الجنة مرة اخرى واما ثاني هذا الجوانب ومناطات الهداية فهي بيت الله الحرام وكعبته المعظمة ان اول بيت وضع للناس لا الذي ببكة مباركا وهدى للعالمين تلحظون ايضا ان الهداية في بيت الله الحرام ليست مخصوصة باهل الاسلام وهدى للعالمين يدخل في ذلك المؤمن والكافر على حد سواء. وقد جعل الله في ثنايا بيته الحرام والايات البينات كما قال سبحانه من معالم الهداية ما تهتدي به البشرية ولابد. وما ينبغي ان يكون سببا لمعرفتها طريقها الى ربها والعودة مرة اخرى الى مساكنها في الجنة وهدى للعالمين واما ثالث مواطن الهداية فهي التي قال الله فيها لنبيه عليه الصلاة والسلام وانك لتهدي الى صراط مستقيم انصراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض. وانك يا محمد صلى الله عليه وسلم لتهدي فكانت حياته وبعثته رسالته واقواله وافعاله وتقريراته. وصفاته واخلاقه صلى الله عليه وسلم. كان هداية لتهدي الى صراط مستقيم صراط الله. ومن اجل ان ندرك ايها الكرام اهمية دراسة السيرة النبوية ينبغي ان ندرك كاننا امام باب من ابواب الهداية التي نستدل بها على الطريق الذي يعود بنا الى الجنة مرة اخرى واننا اذا اخطأنا هذا الطريق معاذ الله او ظللناه عياذا بالله او اضعناه وحاشانا والمسلمين جميعا فاننا نفقد من بين ايدينا مفتاحا يقودنا الى الجنة والعودة الى رحمة الله لا وانك لتهدي الى صراط مستقيم من ظل عن هداه صلى الله عليه وسلم وعن سنته وعن الاستجابة لامره فانه غارق في الغواية فانه تائه اي والله تائه في بحور الهوى هكذا قال الله عز وجل يقول لنبيه عليه الصلاة والسلام فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم لا شيء ثالث فهو اما سنة واتباع واقتفاء لاثره ومعرفة لشأنه عليه الصلاة والسلام. فتكون الهداية المنشودة والا فان الله قال فاعلم انما يتبعون اهواءهم فانما فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. ان الله لا يهدي القوم الظالمين. امة الاسلام هذا اول جوانب الاهمية لدراسة السيرة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والسلام جانب يدلنا على طريق الهداية المنشودة التي لن يكون من بعدها الا التيه والحرمان والضلال والشقاء عافانا الله واياكم هذا اول المناطات التي يجعلنا وتجعلنا اشد حرصا على الاقبال على سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستكثار منها والتقلب في اكنافها. هي حاجة فطرية هي حاجة شرعية ايضا. هذه الحاجة هي التي جعلت الامام ابن القيم رحمه الله تعالى يقول فيما تقدم من عبارته يقول ومن ها هنا نعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة الى معرفة الرسول وما جاء به. هي الضرورة التي يصفها رحمه الله الله الى معرفة الرسول وما جاء به وتصديقه فيما اخبر به وطاعته فيما امر فانه لا سبيل الى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الاخرة الا على ايدي الرسل. واذا كانت سعادة العبد الى ان قال واذا كانت سعادة العبد في الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم. فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاتها وسعادتها ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين ويدخل في عداد اتباعه وشيعته وحزبه والناس في هذا ما بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم. ختام مجلسنا هذا ايها المباركون ادراك هذا الجانب الجليل من الاهمية لدراسة السيرة النبوية ولنقلها بطريقة مختلفة هكذا ليست دراسة السيرة النبوية تسلية في قراءة صفحة من تاريخ الاسلام فقط واستمتاعا بمواقف حصلت في حياته عليه الصلاة والسلام نقصها على الطلاب والاطفال والاولاد في البيوت فقط ليست متعة وتسلية فحسب هي هكذا هي متعة لكنها فوق ذلك كله واجل حاجة وضرورة وفترة. نحن لا نستغني عنها ابدا هي مثل طعامنا وشرابنا لا يمكن ان نتخلى عنه ولا ان نكتفي بغيره بدلا عنه ابدا والله. دراسة السيرة النبوية هواء نتنفسه وماء نشربه وطعام تقتات به ارواحنا لا ابداننا. هذا هو قوت الارواح امة الاسلام. هذا غذاؤها الوحي الذي نزل عليه صلى الله عليه وسلم وسيرته التي كانت تطبيقا عمليا لهذا الوحي وامتثالا لشريعة الله نريد ان نفهم هذه الشريعة هي سيرته صلى الله عليه وسلم وما جاءنا به من رب كريم رحيم اصطفاه ربه واجتباه و جعله برحمته في خاتمة الرسالات لامة ارادها الله ان تكون خير الامم. نحن امة اكرمنا الله بهذا الدين وبالقرآن الكريم وبنبينا الامين صلى الله عليه واله وسلم للحديث بقية في بيان اهمية دراسة السيرة النبوية. نأتي عليها تباعا في المجلس الثاني بعد صلاة العشاء. اسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد الله وسلم وبارك على عبده ورسوله وحبيبه نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين