بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد سبحانك وبحمدك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له جل جلاله وعظم نواله وتتابعت الائه فله الحمد اولا واخرا وظاهرا وباطنا واشهد ان سيدنا ونبينا وحبيبنا وامامنا وشفيعنا وقرة عيوننا محمد بن عبدالله عبد الله ورسوله امام النبيين وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين. ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام فمرحبا وحياكم الله في ثالث المجالس المعقودة من رحاب مسجد رسول الله صلى الله عليه واله سلم بمدارسة هذا الموضوع الجليل الذي ابتدأ البارحة دراسة السيرة النبوية اهميتها وطريقتها وحيث كان مجلس ليلة البارحة متناولين لموضوع اهمية دراسة السيرة النبوية ووجوه تلك الاهمية فيما تقدم بيانه فان مجلسي هذه الليلة بعد المغرب وبعد العشاء سيتناولان موضوع الطريقة التي يتم بها دراسة السيرة النبوية وهذا يتناول ابوابا ومداخل رئيسة مع ذكر بعض امثلة اللي اسماء الكتب والمراجع التي بها تتناول هذه القضية المهمة في حياتنا امة الاسلام بدراسة سيرة نبي اسلام عليه الصلاة والسلام مع ذكر وصف لتلك المنهجية والطريقة التي نصل بها الى المراد. ونحقق بها المطلوب ايها المباركون بين يدي هذه الطريقة والمنهجية التي سنتناولها في مجلسي الليلة ها هنا مقدمات لابد من ذكرها حتى يتم لنا المراد اولها دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمفهومها العام الذي تقدم بيانه البارحة مهم من وجوه عدة ايضا تم ذكرها البارحة ليست هي من الكمالات ولا فضل ولا من النفل الذي يدعى اليه المسلم. بل هي فرض وهي من جنس العلم الشرعي الذي يتوجب على المسلم ان يأخذ حظه منه والقدر الذي يتحقق به هذا الفرض والواجب من دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما يعرف به المسلم نبيه معرفة تقوم عليها سائر اصول الشهادتين ومقتضاها من المحبة والايمان والطاعة والاتباع لرسول الهدى عليهم الصلاة والسلام وما يؤدي به واجبات العبودية لرب العالمين اذا فدراسة السيرة النبوية هي من جنس العلم الشرعي المنقسم الى فرض ونفل فالفرد هو ما لا يسع جهله ولا يجوز تركه لكل مسلم ومسلمة وما تجاوز هذا القدر من الوجوب والفردية فهو نفل وهو من جليل العلم وشريف ابوابه الذي يتسابق اليه الموفقون والربانيون من العلماء فدراستنا لسيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام هي الباب الواسع من ابواب العلم الشرعي ومن جليل مسالكه وابوابه وفصوله. فقدر منه فرض يتحتم على كل مسلم ومسلمة معرفتها ودراستها وتحصيلها لانها جزء مما يقوم عليه واجبات هذا الدين وتحقيق مقتضى شهادتي ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما تجاوز هذا القدر فهو من الكمالات وعظيم العلم وجليله وشريف ابوابه التي يندب المسلمون الى تحصيلها والتنافس في نيلها المقدمة الثانية ما زاد على هذا القدر الواجب الواجب تحصيله من دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس درجة واحدة بل هو درجات متفاوتة تختلف باختلاف الاشخاص وما يتعلق بهم من احوال واحكام وادوار فاهل العلم مثلا ليسوا كالعوام ويتعلق بهم من دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والتوسع في طلبها والاجتهاد في الابحار في مراميها ما لا يتعلق بغيرهم ومن تصدى من اهل العلم للدعوة والتعليم والافتاء وتوجيه الناس فهو اكد واحرى بان يكون ارتقاؤه وتحصيله فيما زاد على القدر الواجب من دراسة السيرة النبوية اكد ان يكون في حقه اعظم وهو لما يتعلق به من واجبات وادوار اكدوا كذلك ثالث هذه المقدمات بما ان دراسة السيرة النبوية مطلب فطري وشرعي كما تقدم البارحة فانه يتعين هنا على الاباء والامهات في البيوت ويتعين على المعلمين في ميادين التعليم وعلى العلماء والدعاة والخطباء في منابرهم وسائر المصلحين في الامة وحملة همها يتعين عليهم جميعا. العمل على نشر سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رايتها لتكون مبثوثة في البيوت والمدارس والمساجد والمجامع لتكون في حياة الامة المسلمة صوتا مسموعا وحسا مدركا وحياة تعيشها الامة وهواء تتنفسه وماء تشربه وقوته ان تتغذى ارواحها به لان دراسة سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصبغ شخصية المسلم وتجري في عروقه بما يشكل فكره ومن هجه وصياغته في وقت احوج ما نكون في دعوة الى ان تعود الامة الى رشدها وان تتمسك بمنهجها الذي تاره الله لها وذلك يتمثل اوفى ما يكون في سيرة الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. لتكون سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام من العلم الذي يشاع وينتشر في تعلمه الصغير والكبير والمتعلم والجاهل والامي الفلاح في مزرعته والطبيب في عيادته والعجوز في دارها وكل مسلم كل في موقعه ينال حظه من دراسة سيرة نبيه وامامه وقدوته عليه الصلاة والسلام ليتمثل له شاهد القدوة في كل موقف من مواقف حياته هذه امانة يتحمل تبعتها وواجبها والمناط بها. كل بحسبه ارباب الامانة والمسؤولية في الامة اباء وامهاتا في البيوت علماء ودعاة وائمة وخطباء في المساجد والمدارس وكل بحسبه يبذل ما كتب الله له من تأصيل هذا الاصل العظيم ورفع راية هذه السيرة النبوية خفاقة في سماء الامة ليعم خيرها ويكون ضوئها نبراسا تستضيئ به الامة كلها في طريقها نحو ربها والدار الاخرة. وقد مر بكم البارحة عبارة ائمة السلف مثل قول علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهم كانوا يعلموننا المغازي كما يعلموننا السورة من القرآن كانت منهجا يتلقفه الاباء والامهات لصغارهم وناشئتهم وهم في طور النشأة والتربية حتى تشتد اعوادهم على هذا منهجي القويم وتختلط بدمائهم وعصبهم ولحمهم ودمهم سيرة وانفاس حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وكما تقدم بكم ايضا مقولة محمد بن سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه. كان ابي يعلمنا مغازل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيرته وسراياه ويقول يا بني هذه مآثر ابائكم فلا تضيعوها الوقفة الرابعة ايها المباركون ما يذكر ها هنا في مجلس الليلة من الابواب والمداخل الرئيسة والطريقة والاساليب التي يتم بها دراسة السيرة النبوية سيكون متعددا متنوعا والمقصود من هذا التعداد وهذا التنويع شيئان مهمان احدهما بيان انها متعددة وان طريقة دراسة السيرة النبوية وهي ليست طريقا واحدا وليست بابا واحدا فقط وليست دربا واحدا من فقده اه فقد ضاع عليه دراسة السيرة. بل ابوابها متعددة ومساراتها ايضا متعددة ومداخلها كذلك ليكون هذا التعداد في بيانه مقصودا لادراك هذا المعنى وانها ليست منحصرة في باب او مدخل او طريقة واحدة وان التكامل في دراسة السيرة النبوية يقتضي المزاوجة بين هذه الابواب وتلك المداخل ليتحصن من مجموعها للمسلم مراده من دراسة سيرة نبيه وحبيبه وقدوته عليه الصلاة والسلام. والمقصود الاخر من هذا التعداد والتنويع ان يأخذ المسلم قسطه من دراسة السيرة النبوية كل بحسبه كما تقدم. فالناس ليسوا سواء والمسلمون في وجوب ما يتعلق بهم من العناية بالسيرة ودراستها وتحصيلها ونشرها في الامة وتبليغها للعالمين. بقي ان في خاتمة هذه المقدمات امة الاسلام دراستنا لسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام. والدعوة اليها ليست حقا منحصرا لنا امة الاسلام لا لان الله لما بعثه قال وما ارسلناك الا رحمة للعالمين وقوله للعالمين يشمل المسلمين والكافرين على حد سواء. امة الدعوة لا امة الاجابة فحسب. امة الدعوة هي البشرية بل الثقلان اللذان بعث اليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. واعني بهذه المقدمة في الخاتمة ان اقول ان شاعت السيرة النبوية وبثها ونشرها وتعريف الناس بها ينبغي ان يكون حقا مشاعا ينبغي ان يكون واجبا ينتشر ليسمع به المسلم وغير المسلم. ليعلم الناس من هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم نحن حق امة الاسلام واحرى واولى بالعناية بهذه السيرة والانكباب عليها والالتفات اليها والالتفاف على مائدتها العطرة كيتي لكن الامم الاخرى ممن لم يهتدي بعد الى الاسلام. هم ايضا بحاجة الى الاستضاءة بنور الهدي النبوي الى استكشاف ما في سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام من عظمة تستوجب الايمان به. وتصديقه عليه الصلاة والسلام والايمان سالته وهو المقصود من بعثته عليه الصلاة والسلام لينقذ الله تعالى بدعوته ورسالته وما بعثه الله به من يوقظهم من الظلمات الى النور من النار الى جنة عرضها السماوات والارض. اما انه واجب علينا امة الاسلام ان نكون في العناية برفع راية السيرة نبذل فيها كل الاسباب ونتخذ الوسائل ونجتهد في تبليغ هذا الباب من العلم لكل انس لكل بشر حتى يكون له حظه من نور الهداية بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. والله عز وجل قد قال وانك لتهدي الى صراط مستقيم هذه المقدمات الخمسة ايها الكرام كانت بمثابة اضاءات ومنطلقات بين يدي حديثنا عن المداخل والطرق التي يلج منها من يريد وينشد ويروم دراسة سيرة نبيه عليه الصلاة والسلام. وها هنا اضرب مثالا يسيرا يستحق منا ان نتأمل كيف يتأتى للمسلم التشبع والاقبال والارتواء من سيرة حبيب القلب عليه الصلاة والسلام. هذا المثل فيما نعيشه اليوم في واقعنا المعاصر من التفات كثير او بعض من ابناء المسلمين وناشئتهم فتيانا وفتيات. في الاقبال على بعض النماذج من البشر الذين يأسر الاعجاب بهم قلوب ناشئتنا وافكارهم. من سائر الفئات ايا كان ذلك الشخص او الاسم او فان اولئك الناشئة عندما يتعلق بفكرهم وقلبهم واعجابهم يتعلق بشخص ما او اسم ما فانهم يكونون اسرى لتلك الشخصية لذلك الاسم. فتراهم يتابعون بحرص اي شيء يتصل به اخباره احواله شيئا ما يبعث على الاعجاب به ايا كان بابه فانهم يأتسرون لذلك المعنى فتراهم غالبا ما يتابعون ذلك وينشدون معرفة ما يستجد من احواله ومتابعة القديم. فاذا انكبوا على ذلك تنافسوا في كثار من التعرف على من اسر قلوبهم الاعجاب به. هذا المثال اليسير يعود بنا الى اصل عظيم تقدم ذكره البارح وهي ان النفوس البشرية مفطورة على التعلق بالقدوات والاسوة لتحل محلها في قلوب البشر تتعلق به اعجابا وحبا واجلالا ومن ثم اقتداء ومشابهة واكتساء. هذا الذي ينبغي ان يكون مقامه الاكبر الاوفر في القلوب المسلمة لمن اراد الله له ان يكون ذلك. نبينا عليه الصلاة والسلام. لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الاخر وذكر الله كثيرا. نحن بحاجة امة الاسلام الى الالتفات الى هذا المعنى الكبير والتوجه بكل الاحاسيس والمشاعر وبذل الجهود والاسباب والوسائل الى الاغتراف العظيم والاستكثار من سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم حتى ترتوي الارواح. وحتى تطمئن النفوس وتأخذ حظها من هذا الحب والهدي والمعرفة التامة بنبينا عليه الصلاة والسلام. اذا تبين ذلك فاننا سنقسم الحديث بين مجلسي الليلة على هذه المداخل ومنهج التعامل معها للاستقاء منها ما يتعلق بسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام. واذا كنا سنعد المداخل والبوابات التي نلج منها الى ساحة السيرة النبوية فان الباب الاعظم والمدخل الاكبر لذلك هو القرآن الكريم. كتاب ربنا سبحانه وكلامه جل جلاله الذي انزله الله معجزة لنبيه عليه الصلاة والسلام وحجة على خلقه الى قيام الساعة ودستورا للامة وحاويا لما تحتاج اليه في دنياها واخراها ومصدر سعادتها وموئل كرامتها ومرجع عزها وشرفها في الدنيا وفي الاخرة. اجل فكتاب الله الكريم اعظم باب واوسع مدخل واجل طريق يلج منه المسلم للتعرف على سيرة رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا معلوم لكل مسلم حسبكم ان تدركوا الارتباط بين القرآن وبين السيرة النبوية ان نزول القرآن الذي كان متفرقا على مدى ثلاث وعشرين سنة انما كان ينزل شيئا فشيئا ايات وسورا حسب الوقائع والاحداث التي تعرض لحياة رسول الله عليه الصلاة والسلام يمكننا ان نقول ان القرآن بسوره المئة واربعة عشر باجزائه الثلاثين واحزابه الستين كلها توثيق وثيق لسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم. يأخذ في مجموعها جملة الاحداث والوقائع. ايات تنزل في بدر واخرى في احد ثالثة في تبوك. سور تنزل في مكة شيء منها في الشعب وفي بيعة العقبة. وفيما حصل له في غار حراء وفي طريق الهجرة ايات جمة تصف المشاهد والاحداث والوقائع. من يقرأ القرآن الكريم بتمعن وتأمل وتدبر وهو يلقي النظر على مكامن احداث السيرة النبوية سيدهشه هذا المعنى الكبير المتضمن في كتاب الله الكريم توثيق لسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام ها هنا امور عظام ينبغي ان ننظر اليها ونحن نقرأ سيرة نبينا عليه الصلاة والسلام في كلام ربنا. ونحن تعاطى هذه الاحداث والوقائع من القرآن الكريم. عندما نستلهم احداث السيرة النبوية من القرآن. فاننا يدهشنا في الكتاب الكريم في القرآن العظيم انها توثيق للسيرة يحمل سمات لا يمكن ان توجد في غيره قط اولها هذا التوثيق الوثيق فلا شيء اصدق ولا اوثق من كتاب ربنا سبحانه. ولا تملك امة الاسلام الى اليوم والى قيام الساعة شيئا ما ايوثق دينها واحداث حياة صاحب هذه الدعوة رسول الله عليه الصلاة والسلام. ليس شيء في المصداقية والوثاق والصحة اجل ولا اعظم من القرآن الذي نزل في تلك الاحداث والذي حفظ لهذه الامة متواترا ينقل لفظه واياته وحروفه لا ينقص منه شيء ولا يضيع منه شيء. هذا التوثيق لكتاب ربنا الكريم احد السمات البارزة في اوثق صورة واعظم سياق. السمة الاخرى تتمثل في اللفظ المحكم والايات المعجزة والاسلوب الذي لا احد من خلق الله قط ان يأتوا بمثله. ولو اجتمع الانس والجن ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا. كتاب الله اجل عبارة واروع كلام واصدق بيان واشده تأثيرا في النفوس وتبليغا للمعاني العظام في اوجز لفظ وادقه واحكمه. كتاب احكمت اياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير. لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من فيه تنزيل من حكيم حميد. فضلا عن ان سمة ثالثة عظيمة تجدها في السيرة النبوية التي نجدها في القرآن الكريم وهو ان القرآن اذ يحكي مواقف السيرة واحداثها ما حدث في غزوة تبوك كما تضمنتها سورة التوبة مثلا او غزوة بني المصطلق وما اشيع فيها من حادثة الافك في سورة النور مثلا او غزوة احد وما افاضت بها ايات سورة ال عمران هذا التوثيق القرآني لاحداث السيرة كان يحمل بعدا ليس يقتصر على مجرد السرد القصصي لذكر الواقعة واحداثها وتفاصيلها وما الى فيها بل انه يحمل المضامين التي تستلهم منها المعاني والعبر والفوائد القرآن اذ نزل لم يكن يحكي واقعة انتهت في ذلك الزمن. بل كان يحمل توجيها للامة. ورسالة تستقي منها شريعة ربها وهداية القرآن الى قيام الساعة وهذه سمة جليلة ما زالت موئلا لكل مقبل متعطش باحث عن سيرة نبيه عليه الصلاة والسلام يجدها في القرآن اوفى ما تكون. يجدها اكثر ما تكون تأثيرا واعظم ما تكون عبرا وحكما وهداية لانه لا يأتي حدث في القرآن يوثق شيئا من سيرة النبي عليه الصلاة والسلام الا ويجلله ذلك التوجيه الالهي. ذلك المعنى العظيم الذي يحيي في القلوب المقاصد والحكم والبواعث التي تنطلق منها القلوب نحو امتثال مراد الله سبحانه تعال غزوة بدر في سورة الانفال غزوة احد في سورة ال عمران غزوة الخندق في سورة الاحزاب غزوة تبوك في سورة التوبة حادثة الافك في سورة النور غزوة بني المصطلق سورة المنافقون غزوة بني النظير في سورة الحشر. قصة الظهار في سورة المجادلة وقصة اللعان في سورة نور وايات جمة واحداث كثيرة لن نتحدث عن جزء كبير من القرآن كان ينزل في احوال او مسائل كانت تعرض لحياة رسول الله عليه الصلاة والسلام ام بل انه كان يترقب الوحي فيما يعرض له من الحوادث والوقائع فينزل الوحي بيانا للحكم مرتبطا بتوثيق الحادثة وهذا المعنى الجليل الذي لا يجده مسلم في ما يتعلق بسيرة النبي عليه الصلاة والسلام مثل ما يجده في كتاب ربه به الكريم اذا فقرائتنا للقرآن امة القرآن ليست مجرد استكثارا استكثار من الحسنات ولنا بكل حرف حسنة والحسنة بعشر امثالها وليست فقط استشفاء من الامراض والادواء والاسقام والقرآن شفاء وليست فقط هي ايضا استبصارا او استنزالا للاحكام والتشريع والقرآن ومصدر الشريعة لكنها مع ذلك كله هي ايضا معايشة لمعاني القرآن وتدبر لما فيه من الايات والحكم ومن ذلك القسط الوافر الكبير المتعلق بسيرة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فالى كل من يبتغي دراسة السيرة واستقائها من كتاب ربنا الكريم فانه يقبل على القرآن باياته وسوره ويستعين في فهم المراد بها ومعانيها التي اشتملت عليها بكتب التفاسير التي اعتنى بها ائمة الاسلام سلفا وخلفا فان المكتبة الثرية التي هي حافلة كانت ولا زالت بجهود ائمة الاسلام وعلمائه الكرام لمعاني القرآن الكريم وبيان تفسير اياته كثيرة جما. فيها المطول المسهب المستقصي وفيها الموجز المختصر وفيها المتوسط بينها والذي ينشط له المسلم لا يبلغ في ادنى درجاته الا ان يقف على بيان معنى اللفظ المشكل او الغريب وما زاد على ذلك من استقصاء وارتباط لتلك الايات ببعض الاحاديث الواردة في دواوين السنة فانها تكون في المطولات. التفاسير كلها الموسع والمختصر والمتوسط بينها هي كثيرة عديدة لكنها تتفاوت ايضا في مدى دقتها واحكام ائمة العلماء المفسرين في ايراد ما يتعلق باحداث السيرة وذكر الروايات المتعلقة يتفاوتون في الانتقام او في جمع ما يتعلق او في ذكر الاسانيد والاحالة اليها ومن اسند فقد احال كما يقول العلماء. لكن طالب العلم ومبتغي السيرة ينشد ذلك بتحر وتوثيق وليس المقام ها هنا سرد اسمائها وبيان خصائصها ومزاياها لكنه من المهم ايضا انه مما يتعلق بكتب التفسير لاستقاء احكام السيرة منها ودراسة ما جاء فيها ذكر كتب اسباب النزول. سواء كانت اسباب النزول واردة في ثنايا كتب التفسير كما هو الشأن في كثير منها. او كانت اه مصنفات مستقلة في اسباب النزول. فانها مصدر ايضا مهم مرتبط بالتفاسير فان سبب النزول الذي يحكي سبب نزول هذه الاية وتلك السورة يرتبط باحداث وهو قائع هي جزء من سيرته عليه الصلاة سلام واسباب النزول ايضا هي مثل اه ما يتعلق بكتب التفسير عموما وبالروايات التي تتعلق بالحديث ايضا خصوصا يعني منها الصحيح ومنها الضعيف ومنها الوسط وعلماء الاسلام قد بينوا ذلك ومن يتناول اسباب النزول سيميز بينها بما يذكره العلماء ليكون في وقوفه على معاني الايات المرتبطة بالاحداث التي نزلت لاجلها ليكون ايضا متوثقا في بيان ما يتعلق بها. هذا هو المصدر الاكبر. والمدخل الاعظم والبوابة الام لمن يريد دراسة التفسير لمن يريد دراسة السيرة النبوية هي الاقبال على كتاب الله الكريم. وها هنا اشارة الى ان بعض عاصرين قد صنف في سيرة النبي عليه الصلاة والسلام كتابا في مجلدين من خلال القرآن الكريم مقتصرا على ما جاء في القرآن وهو الاستاذ محمد عزت في كتاب سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وكان منهجه فيه الاقتصار على ما حكاه القرآن فخرج من ذلك بجملة وافرة. نعم ليس هذا ينبغي ان يكون مقتصرا حتى لا تتجزأ الحوادث او تكون مقتضبة او يكون فيها شيء مما يكمله مما جاء في البوابات والمداخل الاخرى الاتي ذكرها لكني قصدت الاشارة الى وفرتها وعظيم ما جاء فيها. فيا امة القرآن يا امة محمد صلى الله عليه وسلم دونكم كتاب الله الكريم. تجدون فيه المعاني العظام الاحداث الجسام المتعلقة بسيرة نبينا وحبيبنا صلوات الله وسلامه عليه. هذا هو المدخل الاكبر والبوابة الاعظم ثاني المداخل ونختم به جلسة هذه الفترة لنكمل البقية في جلسة بعد العشاء ان شاء الله تعالى كتب السنة ودواوين الحديث النبوي الصحاح الجوامع السنن المسانيد المعاجم الموطئات المصنفات آآ كل ذلك وفرة عظيمة وتراث جليل افنى فيه ائمة الاسلام من المحدثين اعمارهم في روايتها وتدوينها وتحصيلها وتمييز صحيحها من سقيمها ومقبولها من مردودها. ومن بنى على ذلك من علوم جم في صرح الحديث النبوي الشريف كان شيئا مذهلا معجزا مفخرة من مفاخر امة الاسلام في العناية بحديث نبي الاسلام صلى الله عليه واله وسلم هذه المكتبة الحديثية العامرة التي تشرف بها امة الاسلام منجزا علميا وحضاريا وارثا مكتسبا تتوارثه وتورثه للاجيال في الامة جيلا بعد جيل بقدر ما هو مفخرة بحق ومصدر شرف وعز بحق اصبح مع كتاب ربنا الكريم ثنائيا تقوم على دعامتيه امة الاسلام في حياتها في دنياها واخراها. تستقي توجيه ربها وتوجيه نبيها صلى الله عليه واله وسلم هذه المكتبة الوافرة الحديثية التي صنفت فيها احاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم القولية والفعلية والاقرار الذي كان منه وصفاته الخلقية والخلقية كل ذلك قد حفظه ائمة الاسلام في كتب الرواية هذه الكتب في الجوامع اه في الجوامع والصحاح والسنن فان في الغالب تأتي حاملة تبويبا ذات راجمة اعتاد عليها الائمة المصنفون. فتأتي الكتب المنعقدة ابوابا داخل هذه المصنفات. لتحمل في هذا التقسيم لسيرة النبي عليه الصلاة والسلام. فاذا وجدت داخل تلك المصنفات ابواب العبادات الطهارة والصلاة والصيام الزكاة والحج. فماذا انت واجد فيه؟ تجد فيه حياة النبي عليه الصلاة والسلام في تلك العبادات. كيف كان يصلي كيف كان يصوم؟ ما صفة حجه؟ كيف اعتمر؟ ماذا فعل؟ ماذا قال؟ هذه جزء من سيرته وحياته المتعلقة بعبادة ربه صلى الله عليه واله وسلم هذا التوثيق في الرواية الحديثية يحمل قدرا كبيرا من السيرة واذا جئت الى الابواب الاخرى ستجد فيها مثلا كتاب المغازي كتاب السير كتاب الجهاد فيها احداث الغزوات والسرايا والبعوث واحواله في جهاده مع اعداء الدين. واذا جئت الى كتاب الادب وجدت فيه ما يتعلق بشأن المسلم في كل صغير وكبير. فيما جاءت به ابو النبوي في اللباس والطعام والشراب والنوم والاستيقاظ وكل ما يتعلق بالتعامل مع الانسان ومع الكون من حوله. ماذا يقول وما ماذا يفعل؟ هذا هو ايضا هدي النبي عليه الصلاة والسلام القولي والفعلي. كيف كان يتعامل في الدنيا من حوله مع كل شيء في الدنيا ها هنا وهذا جزء من سيرته ايضا عليه الصلاة والسلام. الدعوات والاذكار وكيف كان كثير الذكر لربه منذ ان يصبح الى ان يمسي هي ايضا جزء من صميم حياته وسيرته عليه الصلاة والسلام كتاب المناقب وما فيه من الفضائل المخصوصة بالاماكن او الاشخاص او الاعلام او فضائل الاعمال ايضا هي جزء من سيرته عليه الصلاة والسلام ولهذا قيل وصدقت هذه المقولة ان اعظم الناس اعظم المسلمين معرفة بسيرة نبيهم عليه الصلاة والسلام هم اهل الحديث اهل الحديث بمثابة الصحابة وان لم يدركوا زمن الصحبة ولا شرفها لكنهم يصحبون انفاس النبي عليه الصلاة والسلام. فطالما اشتغلوا في ليلهم ونهارهم وصرفوا قاتهم في رواية الحديث والتقلب في ابوابه وحفظه وروايته فليس لهم شغل شاغل الا نبينا عليه الصلاة والسلام كيف ففعل هنا وكيف صنع هناك؟ وما الذي مر به في تلك الحوادث والمواقف؟ فيعيشون تفاصيل السيرة النبوية من خلال ما تضمنه كتب الحديث في رواياتها المتعددة بمصنفاتها الضخمة التي حفظت لنا شريعة ربنا من خلال سنة نبينا عليه الصلاة والسلام. كتب السنة ودواوين الحديث النبوي امة الاسلام مصدر وثيق ومدخل كبير. وبوابة عظمى من بوابات دراسة السيرة النبوية لكل مسلم ومسلمة ينشد فيها معرفته. ما يتعلق بالنبي عليه الصلاة والسلام وكما ارتبط الشأن في الحديث عن المدخل الاول وهو القرآن الكريم. بالرجوع الى كتب التفاسير وما يتصل بها من اسباب النزول وانها ايضا مراتب متعددة فيها المطول وفيها المختصر وفيها المتوسط فكذلك الشأن ايضا في كتب الحديث وروايته ودواوين السنة النبوية هي احجام كبيرة وصغيرة ومتوسطة بينها فثمة اجزاء حديثية تحمل قدرا يسيرا من الاحاديث المتعلقة بباب ما او برواية ما وفيها المصنفات المتوسطة التي تحمل ابوابا متجانسة وفيها الجوامع والسنن والمسانيد معاجم وكل جنس من تلك المصنفات يحمل طريقة ومنهجا كما هو معلوم عند اهل الحديث اما على التبويب الفقهي او على رواية اسماء الصحابة رضي الله عنهم او على اثار التابعين ومن جاء بعدهم كل ذلك محفوظ في مكتبة النبوية على صاحبها افضل الصلاة والسلام ومن يريد دراستها فسيستعين في تحصيل السيرة النبوية التي اشتملت عليها يستعين بشروح الاحاديث المرتبطة بتلك الدواوين. فصحيح الامام البخاري مثلا الذي اعتنت به الامة في شرحه والتعليق عليه وتدوين الفوائد المستنبطة من احاديثه كثيرة عديدة جدا. ليست تقف على مصنف او اثنين او عشرة وكذلك الشأن في صحيح الامام مسلم. فاذا ما عددنا كتب السنن والمسانيد والمعاجم الفين خيرا كثيرا وفيرا في اوحي احاديث المصطفى عليه الصلاة والسلام. هذه الوفرة من شروح دواوين السنة تحمل في ثناياها. العناية بشروح تلك قاعدين في وما يتصل بها. فاذا جاءت الرواية ذات سطرين او ثلاثة تتعلق بحادثة من حوادث السيرة او حديث يحمل صفحات او صفحة فاكثر فان الشروح لتلك الدواوين تحمل في ثناياها امورا اخرى. الايات المرتبطة بتلك الواقعة فيؤتى بها في سياق ذلك الحديث اثناء شرحه والروايات المتعلقة بها او ما يذكره اصحاب الكتب المختصة بالسيرة النبوية كما سيأتي ذكرها في مدخل ثالث فانها تأتي بحافلة فكتب الشروح المتوسعة تعمد الى جمع ما يتعلق بشرح الحديث الذي ربما جاء في سطرين او ثلاثة لكنا في شرحها تفيض لجمع ما يتعلق بها ومن شراح الحديث من يعمد الى استلهام الفوائد وذكر الحكم المتعلق بذلك الحديث وذاك الباب. فتأتي التي تحمل هدايات السيرة النبوية لمن يبتغي تحصيلها وهناك ايضا الشروح المختصرة التي تقتصر على بيان معنى الحديث. وسبب وروده وتسمية المبهم فيه شخصا او مكانا او مالا هذا كله يا كرام يحملنا على الابحار في دواوين السنة النبوية وشروحها وما يتعلق بها. مكتب عامرة حافلة ثرية بقدر ما هي شرف وفخر كما قلت لامة الاسلام ان وثقت سيرة نبيها واقواله وافعاله عليه الصلاة والسلام فانها حفظت لنا مصدرا مهما وبوابة كبرى من بوابات لتحصيل تحصيل سيرة نبينا عليه افضل الصلاة والسلام. هذان مدخلان هما الكتاب والسنة. هما القرآن والحديث النبوي الذين عليهما عماد الامة في شأنها كله. هما ايضا عماد الامة ومصدرها الاساس في تحصيل سيرة نبيه كريم صلى الله عليه وسلم ليتكرر في كل موقف وحادثة وطريق تسلكه الامة يتكرر التأكيد على العناية بهذين الاصلين العظيمين. كتاب الله الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما الحكم والاحكام فيهما الشريعة والهداية فيهما مراد الله ومراد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهما سيرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام الذي تبحث عنه الارواح المتعطشة وتنشده القلوب والمتلهفة وتريد منها ما يتعلق بتحقيق قصدها من معرفة اخبار نبيه عليه الصلاة والسلام حسبنا ان نقول ان مجرد الاقبال على القرآن وتفهم معانيه وادراك ما يتعلق بصوره واياته وكذلك الشأن مع احاديث النبي عليه الصلاة والسلام المروية في دواوين السنة. الاقبال عليهما والله كتابا وسنة بفهم وادراك وشرح وتفاصيل المعنى هو والله كفيل بان يكون للمسلم صورة مشرقة متكاملة لما يتعلق بسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام. لكن ذلك ليس معناه الاستغناء عن المداخل الاخرى الاتي ذكرها او البوابة التي يستعان بها ايضا على تحصيل جوانب اخرى مما يتعلق بسيرة نبينا عليه الصلاة والسلام فهي دعوة الى التأكيد على هذه الابواب العظيمة والمداخل الرئيسة لتحصيل سيرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم وليس يغيب عن البال ها هنا التذكير بان كتب السنة التي تتفاوت في درجات ثبوتها بين صحيح طوع بصحته مجزوم به كالمتواتر. ومن عقد عليه الاتفاق على ما في الصحيحين البخاري ومسلم. والى ما هو مردود وضعيف او باطل مكذوب وما هو بينهما كل ذلك مبين وقد اعتنى العلماء ببيانه والمعول على اهل الشأن المختصين من المحدثين في بيان ذلك. فاذا انقسمت الرواية في السنة الى وصحيح وباطل منكر وضعيف وما بينهما من الحسن الذي يتردد بينهما فانه يرتبط بها ايضا ما يتعلق بتحصيل احداث السيرة فالمكذوب منها وان كان مرويا في بعض كتب الرواية انما يروى ليبين انه لا يصح اثبات فلن يكون مقبولا ان يبنى عليه شأن في نسبة حادثة الى نبينا عليه الصلاة والسلام. وقل مثل ذلك في الدرجات الاخرى التي اهل العلم حكم الاخذ منها والبناء عليها واستقاء الاحكام. فالصحيح منها يبنى عليه الحكم كما يبنى عليه اثبات الحادثة ايضا وقل مثل ذلك في سائر الدرجات التي يتعلق بدرجة ثبوتها الحكم المبني عليها. فهذان مدخلان فمن ورائهما المداخل الاخرى وتتمة البوابات التي يستقى منها دراسة السيرة النبوية استكمالا لهذا المجلس في في مجلس بعد العشاء ان شاء الله تعالى. اسأل الله لي ولكم التوفيق والسداد والهداية والرشاد. وان يجعلنا واياكم من خيرة عباد لله الصالحين الذين يفتح لهم في ابواب العلم والهداية والدراية والاقبال على سيرة النبي عليه الصلاة والسلام ومعرفته معرفة الوافية والادراك التام الذي تستضيئ به القلوب وتستنير به الدروب ويجد به المسلم بغيته من تحصيل سيرة نبيه عليه الصلاة والسلام مداخل اخر يأتي سياقها في المجلس المقبل بعد صلاة العشاء ان شاء الله تعالى. والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين