بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن. احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام في كل مكان فمن رحاب بيت الله الحرام وفي هذه الليلة الشريفة المباركة ينعقد هذا المجلس الذي نستكثر فيه في ليلتنا الشريفة المباركة هذه من صلاتنا وسلامنا على امام الانبياء وخاتم المرسلين. الذي اوصانا بالاكثار من الصلاة سلامي عليه في مثل هذه الليلة فقال اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي صلى الله عليه واله وسلم هذا هو المجلس الثاني ايها المباركون من مجالس مدارستنا لتهذيب السيرة النبوية وموجزها المختصر من كتاب تهذيب الاسماء واللغات للامام محي الدين النووي رحمة الله عليه وقد تقدم في المجلس المنصرم انه احد فصول هذا الكتاب الذي قدم فيه الامام النووي رحمه الله هذا المدخل الموجز النبذة اليسيرة من السيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدي ذكره لتراجم الاعلام والائمة والمحدثين والفقهاء وغيرهم ممن اودع اخبار اراهم مسيرهم كتابه تهذيب الاسماء واللغات. في المجلس الاول تقدم بعض ما جاء في هذا الكتاب وتحديدا ما يتعلق باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسبه. واسم امه وولادته. وكان الوقوف عند فاته صلى الله عليه وسلم لنواصل في مجلس هذه الليلة بعون الله تعالى وتوفيقه الحديث عن باقي الفصول الواردة في هذا المدخل المختصر فيما تعلقوا بدفنه صلى الله عليه وسلم وعمره حين وفاته عليه الصلاة والسلام. وايضا ما يتصل بذلك مما ساقه المصنف رحمه الله تباعا وكل ذلك كما تقدم مدخل مهم يحتاج اليه كل مسلم ومسلمة لتوثيق معرفته وصلته بنبي امته صلى الله عليه وسلم. وما ينبني على ذلك من الايمان والمحبة التي اودوا الى صادق الطاعة والاستنان والتأسي برسول الامة صلوات الله وسلامه عليه. سائلين الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه وللسامعين قال المصنف رحمه الله دفنه وعمره صلى الله عليه وسلم ودفن يوم الثلاثاء حين زالت الشمس وقيل ليلة الاربعاء وتوفي صلى الله عليه وسلم وله ثلاث وستون سنة وقيل خمس وستون سنة وقيل ستون سنة والاولى اصح واشهر. وقد جاءت الاقوال الثلاثة في الصحيح قال العلماء الجمع بين الروايات ان من روى ستين لم يعد معها الكسور. ومن روى خمسا وستين عد سنتي المولد والوفاة. ومن روى ثلاثا ثلاثا وستين لم يعدهما والصحيح ثلاث وستون سنة. وكذلك الصحيح في سن ابي بكر وعمر وعلي. وعائشة رضي الله عنهم ثلاثة ثلاثة وستون سنة. هاتان مسألتان اولاهما الحديث عن وقت دفنه صلى الله عليه وسلم والاخرى فيما يتعلق بعمره الشريف وكم بلغ من السنوات صلى الله عليه وسلم وانما تطرق للحديث عن وقت الدفن لانه انتهى فيما سبق من الحديث عن وقت الوفاة. فقد تقدم ليلة الماضية انه قال وتوفي صلى الله عليه وسلم ضحى يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الاول سنة احدى عشرة من الهجرة. ثم قال ها هنا ودفن يوم الثلاثاء حين زالت الشمس صلوات الله وسلامه عليه فاذا كانت الوفاة يوم الاثنين ضحى او عند اشتداد النهار كما تقدم فان الدفن في احد قوليه كان يوم الثلاثاء وفي القول الاخر انه كان ليلة الاربعاء اي من اليوم التالي وهذا قول المصنف رحمه الله ودفن يوم الثلاثاء حين زالت الشمس وقيل ليلة الاربعاء وعلى هذين القولين تواردت كتب السير في ذكر وقت دفنه صلى الله عليه وسلم وقبل ان نلج في المسألة الثانية فيما يتعلق بعمره الشريف وكم بلغ من السنوات صلوات الله وسلامه عليه اعلموا رعاكم الله ان الدفن لرسول الله صلى الله عليه وسلم تأخر يوما وليلة او ليلة ويوما وبعظا من ليلة اليوم الثاني كما هو بين من هذين القولين وهذا التأخر له اسبابه المهمة التي ينبغي الوقوف عليها ومعرفتها حتى لا يبقى المسلم حائرا في سبب تأخير الصحابة رضي الله عنهم لدفن نبينا صلى الله عليه وسلم بعد مماته. لكن اعلموا اولا انه لم يدفن في اليوم الذي مات فيه يعني يوم الاثنين ولا ليلته ليلة الثلاثاء. بل تأخر الى اليوم التالي. فعلى احد القولين كان في نهار يوم الثلاثاء وعلى القول الاخر كان الى دخول ليلة الاربعاء يعني بعدها في المساء وهذا التأخر له اسبابه التي يأتي ذكرها الان ولكن ينبغي ايضا تقرير طهارة رسول الله صلى الله عليه وسلم وجسده الشريف حيا وميتا. كما قال الصحابة رضي الله عنهم وفي حديث عائشة في قصة موته صلى الله عليه وسلم فيما اخرج البخاري قالت فجاء ابو بكر فكشف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبله فقال بابي انت وامي طبت حيا وميتا الى اخر الحديث ومثله من حديث العباس ابن عباس رضي الله عنهما عند الامام احمد في المسند وغيره فجسده صلى الله عليه وسلم طاهر شريف محفوظ بحفظ الله وانما ندبنا في الشريعة الى تعجيل دفن الموتى واكرامهم من اجل خشية تغير الاجساد بعد الوفاة وهذا مأمون في حقه صلى الله عليه وسلم لانه لا يتغير بسبب الموت فعندئذ لا كراهة اذا دعت الحاجة الى تأخير للدفن كما سيأتي اما تأخير دفنه على يدي الصحابة رضي الله عنهم فان ذلك يعود الى جملة من الاسباب. اولها حرصهم رضي الله عنهم على الصلاة عليه اجل فقد صلى عليه صلى الله عليه وسلم جميع الناس. الرجال والنساء والصبيان صلوا ارسالا اي جماعات من متفرقين تلو جماعات لم يؤمهم امام واحد وانما كان يدخل الجميع منهم حجرته الشريفة. صلى الله عليه وسلم بعدما غسل كفنا فيصلون عليه فرادى وهذا الامر بهذه الطريقة لابد ان يستغرق كثيرا من الوقت ولابد. ولهذا جاء في موطأ الامام مالك رحمه الله انه بلغه انه صلى عليه الناس افذاذا لا يؤمهم احد وروى ابن ابي شيبة في المصنف عن سعيد ابن المسيب رحمه الله قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع على سريره فكان الناس يدخلون زمرا زمرا يصلون عليه ويخرجون ولم يؤمهم احد وقد كان اختلافهم في شأن غسله صلى الله عليه وسلم ومن يغسله واين يدفن كل ذلك مما يستغرق شيئا من الوقت هذا سبب اخر هو التشاور فيما بينهم في طريقة غسله ومن يغسله واين يدفن فانه ايضا مما جرى فيه بينهم تشاوروا والنقاش حتى اهتدوا الى ما اراد الله لنبيه صلى الله عليه واله وسلم. وهذا يدعو ايضا الى بعض التأخر حتى وقفوا على انه يدفن الانبياء حيث تقبض ارواحهم. وحتى انتهوا الى ان يكون ال بيته الكرام رضي الله عنهم هم من يتولى تغسيله وتكفينه كما سيأتي بعد قليل اذا كان هذان سببان معقولان وهو المشاورة في شأن غسله ودفنه وايضا ما حصل بسبب تأخر الصلاة عليه حتى انتهت الامة كلها رجالا ونساء وصبيانا من صلاتهم عليه ارسالا افرادا جماعات تلو جماعات تدخل حجرته الشريفة صلى الله عليه وسلم. اذا كان هذان سببان معقولان فاعلموا ان كما هو اعظم من اسباب التأخر التي دعت الى ابقاء الصحابة رضي الله عنهم وهو وقع هذه الفاجعة على قلوبهم رضي الله عنهم جميعا اي والله فلم تكد تكد عقولهم وقلوبهم تصدق ما حصل وتطيق هذا الامر الجلل الذي اوجعوا به وفطرت عليه قلوبهم رضي الله عنهم جميعا حتى ان بعض الصحابة حصل منه شيء من عدم تصديق الامر في مبادئه وانكار ان يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد مات وكان من الصحابة من اصمت ومنهم من اقعد الى الارض فلم يستطع حراكا فلم يصب الصحابة رضي الله عنهم بمصاب اعظم من ذلك اليوم. بل لا والله لم تصب الامة كلها الى لليوم بمثل مصابها بموت نبيها صلى الله عليه وسلم. حتى قال حسان بن ثابت رضي الله عنه فيما انشد لقد غيبوا حلما وعلما ورحمة عشية علوه الثرى لا يوسد وراحوا بحزن ليس فيهم نبيهم. وقد وهنت منهم ظهور واعضد يبكون من تبكي السماوات يومه. ومن قد بكته الارظ فالناس اكمد. وهل عدلت يوما رزية هالك رزية يوم يوم مات فيه محمد صلى الله عليه وسلم اهذان الامران وما اضيف اليهما من هول الواقعة وشدة الخطب وعظم المصاب كان تفسيرا واقعيا لما حصل من تأخير دفنه واذا اضفنا اليها هذا الامر الاخير وهو اشتغال الصحابة رضي الله عنهم بما يحفظ على الامة امرها وشأنها اي ما كانوا يتشاورون فيه من شأن ولاية الامر من بعده وخلافته في الامة عليه الصلاة والسلام هذا امر جلل. وقد كان منهم رضي الله عنهم المشاورة والنقاش والنظر في هذا الامر على ما كان في سقيفة بني ساعد ومشاورة الصحابة بين المهاجرين والانصار حتى انتهوا رضي الله عنهم الى مبايعة الصديق ابي بكر رضي الله عنهم جميعا وارضاهم. وهذا من اجل اختيار الخليفة لتوحيد راية الامة وقطع سبل التفرقة على الشيطان لئلا يخلو الناس من امام يقيم فيهم الحق ويخلف نبيهم صلى الله عليه وسلم في الشؤون العظام وهذا اعظم امر دعاهم الى التأخر في دفنه قال الامام الزرقاني رحمه الله معلقا على الاثر الذي اورده الامام ما لك في الموطأ فيما اورد قبل قليل قال انما اخروا انه لاختلافهم في موته او في محل دفنه او الاشتغالهم في امر البيعة بالخلافة حتى استقر الامر على الصديق قال ولدهشتهم من ذلك الامر الهائل الذي ما وقع قبله ولا بعده مثله. فصار بعضهم كجسد الى روح وبعضهم عاجزا عن النطق وبعضهم عن المشي او لخوف هجوم عدو او لصلاة جم غفير ايه انتهى كلامه رحمه الله تعالى. وهذا جمع لطيف مركز لكل تلك الاسباب مجتمعة او منفردة لكنها الا تخرج عن هذا السياق؟ ومع هذه الاسباب المتنوعة والاحداث المتعددة في تأخير دفن رسولنا، صلى الله عليه وسلم، عن يوم وفاتهم فان الامر ايضا لم يستغرق اياما متتابعة وليالي متتالية ولا اسابيع بل الامر كان اقل من ذلك بكثير اقصد اننا لو قسنا تلك الاسباب وعظيم وقعها وحاجتها الى كثير من الوقت حتى تتم بالنظر الى ما احتاج اليه الصحابة رضي الله عنهم من الوقت لدفن نبينا صلى الله عليه وسلم فانه لم يكن شيئا يذكر فانه لم يكن الا شيئا من نهار الاثنين وليلة الثلاثاء في المساء يعني ثم نهار الثلاثاء وعلى احد القولين جزءا من النهار وعلى القول الاخر دفن وسط ليلة الاربعاء يعني الامر كله يا كرام لم يستغرق اكثر من ثمان واربعين ساعة. وهذا وقت قصير جدا بازاء ما ذكر من الاسباب. ولا يحصل هذا الا كرامة من الله لنبيه صلى الله عليه واله وسلم وبناء على ذلك فقد اختلف المحدثون والمؤرخون في اليوم الذي دفن فيه النبي عليه الصلاة والسلام كما اشار اليه الامام النووي هنا ما هو الله ايجازا اختلفوا على قولين. الاول انه دفن ليلة الاربعاء وهو قول الاكثرين واستدلوا لذلك بما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت توفي النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن ليلة الاربعاء كما اخرجه الامام احمد في المسند وله متابعات اه ترتقي بها الى الحسن واما القول الثاني فهو انه دفن يوم الثلاثاء نهارا. قال الامام ابن كثير رحمه الله بعد ذكر القول الثاني وهو انه يوم الثلاثاء قال هو قول غريب والمشهور عن الجمهور ما اسلفناه من انه عليه الصلاة والسلام دفن يوم الاثنين توفي يوم والاثنين ودفن ليلة الاربعاء كما ذكر في البداية والنهاية. القول الاخر انه دفن يوم الثلاثاء وردت به مجموعة من الاثار حتى قال الحافظ بن عبدالبر رحمه الله تعالى هو قول اكثر اهل الاخبار وفي موطأ مالك كما تقدم بلغه ان الرسول صلى الله عليه وسلم توفي يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء وصلى الناس عليه افذاذ من لا يؤمهم احد وتقدم اثر سعيد بن المسيب ايضا في مصنف ابن ابي شيبة. وفي الشمائل للامام الترمذي عن ابي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء. قال الامام الترمذي هذا حديث غريب وفي شرح السنة قال عروة توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن في اخر الليل من ليلة الثلاثاء او مع الصبح قال عكرمة دفن ليلة الاربعاء. وعن الاوزاعي كما في دلائل النبوة للبيهقي قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين في شهر ربيع الاول قبل ان ينتصف النهار ودفن يوم الثلاثاء. وكذا عن ابن جريج قال ان النبي صلى الله عليه وسلم مات في الضحى يوم الاثنين ودفن في الغد من يوم ودفن في الغد في الضحى. واما الوفاة فقد تقدم انها لما اشتد الضحى من يوم الاثنين باتفاق المحدثين. كما في حديث عائشة رضي الله عنها لما قال ابو بكر الصديق رضي الله عنها لها في اي يوم توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قالت يوم الاثنين اخرجه الامام البخاري قال هنا النووي رحمه الله بعدما ذكر مسألة الدفن وهو يشير الى ترجيح ما رجحه الحافظ ابن عبد البر وقال انه عليه اكثر الاخبار انه يوم الثلاثاء والامام ابن كثير يرجح القول الاخر انه ليلة الاربعاء وكلا القولين محتمل قال المصنف رحمه الله وله ثلاث وستون سنة وقيل خمس وستون سنة وقيل ستون سنة. ثلاثة اقاويل ايها الكرام وردت في تحديد سن وعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ادركته الوفاة والذي عليه الاكثر والاشهر انه ثلاث وستون سنة كما سيرجحون مصنف. لكن القولين الاخرين انه ستون او خمس وستون هو بناء على حذف الكسور من الاعداد والمقصود من الكسور ما كان بين كل عشرة وعشرة في الفاظ العقود او ما بين العشرة والخمسة. يعني ما كان بين المضاعفات الخمسة يكون كسرا. فاما ان ستون او خمسة وستون ولا تقل ثلاث وستون او تقول ستون وسبعون فما كان بين الفاظ العقود يعد كسرا وقد جرت عادة العرب في ذكر الارقام تاريخا كان او عددا او شيئا مما يستدعي ذكر الرقم ان انهم يجبرون الكسر فان كان الى اللفظ في العقود الاقل جبروه فحذفوه. وان كان الى لفظ العقود في الاكبر جبروه فاتموه يعني ما كان دون الخمسة والستين تجبره بحذفه. فتقول ستون وما كان فوق الخمسة والستين تجبره بحذفه فتزيده فتقول سبعون. وهذه طريقة دارجة وبعض الناس لا يزال يستعملها اختصارا او اجمالا للكلام. ولهذا قال المصنف الجمع بين الروايات ان مرة لم يعد معها الكسور. ومن روى خمسا وستين عد سنتي المولد والوفاة ومرة وثلاثا وستين لم يعدهما يعني سنة الولادة وسنة الوفاة. وذكر الرقم على الضبط الصحيح من غير زيادة ولا نقصان بالصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة هذا اصح الاقوال لسببين الاول صحة الحديث فقد خرج في الصحيحين معا والثاني ان الراوي لهذا والذي يذكره بالعدد تحديدا اعرف الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم. زوجته الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها وثالثا فانه وافق ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما اخرج البخاري في الصحيح انه حد العدد بثلاث وستين سنة فلهذا اصبح هذا القول ارجح الاقوال. وفي رواية اخرى عن ابن عباس قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس وستين سنة اخرجه انتهى الامام مسلم فهذه دليل القول الثاني وصح عن انس رضي الله عنه انها ستون سنة اخرجها الامام البخاري. وهذا دليل القول الثالث. وقد جمع الامام النووي هناك ما سمعت بانها عبارة عن تقارب لا اختلاف. فهو اختلاف عدد على وجه التقريب لا على وجه التحديد. فمرة والستين حذف الكسر ومن قال خمسا وستين عد معها سنة الولادة والوفاة فزادت سنتين. ومر وثلاثا وستين ذكرها على الظبط الصحيح. رجح المصنف رحمه الله فقال والصحيح ثلاث وستون. وهو الرقم الذي يحفظه عامة الناس عندما يسأل عن عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال المصنف في تمام الفائدة وكذا الصحيح في سن ابي بكر وعمر وعلي وعائشة رضي الله عنهم ثلاث وستون سنة. يعني ان الله كتب لهم ايضا موافقة اعمارهم لعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفياتهم. فتوفي ابو بكر وعمره ثلاث وستون وتوفي عمر وعمره ثلاث وستون وتوفي علي وعمره ثلاث وستون وتوفيت عائشة وعمرها ثلاث وستون رضي الله عنهم جميعا. وهو مخرج في الصحيحين في شأن ابي بكر وعمر في صحيح مسلم ان عمرهما عند الوفاة ثلاث وستون سنة وشأن علي اخرجه الامام الذهبي وذكر في تاريخ الاسلام وكذا ذكر ما يتعلق بعمر عائشة رضي الله عنهم جميعا. فقد وافقت اعمارهم اعمار نبيهم الله صلى الله عليه واله وسلم قال الحاكم ابو احمد وهو شيخ الحاكم ابي عبدالله. لما قال الحاكم ابو احمد خشي ان ان يظن انه وهم وانه يقصد الامام الحاكم النيسابوري ابي عبدالله صاحب المستدرك فبين رحمه الله فقال الحاكم ابو احمد شيخ الحاكم ابي عبدالله. فافاد فائدتين انه ليس هو فاثبت المغايرة. والثاني بين العلاقة بذكر ان الحاكم ابا عبدالله صاحب المستدرك شيخ للحاكم ابي احمد الذي ينقل عنه القول التالي نعم. يقال ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ونبئ يوم الاثنين وهاجر من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين وروي انه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا. قال الحاكم ابو عبد الله يقال ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ونبئ يوم الاثنين وهاجر من مكة يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين توفي يوم الاثنين بعض هذه التواريخ ثابتة صحيحة تاريخا وسيرة وبعضها لا دليل عليه يثبتها. فان ثبتت فهي من الموافقات اللطيفة. ان كان يوم الاثنين في سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما توقيتا لعدد من الاحداث العظام مولده ونزول الوحي عليه نبوءته وهجرته ووصوله المدينة ووفاته صلى الله عليه وسلم اما الثابت منها حسب قوة ورودها وصحتها فهو اولا يوم ولادته ويوم وفاته. ويوم الوفاة قد تقدم في غير ما رواية في الصحيحين من احاديث عدد من الصحابة رضي الله عنهم جميعا واما في شأن ولادته فقد ثبت ايضا في الصحيح لما سئل صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه. وهذان اصح من غيرهما مما ذكر هنا في مقولة الامام الحاكم ابي عبدالله رحمه الله ويبقى النبوءة والهجرة ووصول المدينة. فانها مما يذكرها ارباب التواريخ والسير وان الوحي اول ما نزل عليه في غار حراء وافق يوم الاثنين وهذا معنى قوله ونبأ يوم الاثنين. والهجرة ايضا انها وافقت يوم الاثنين ولما بلغ المدينة ايضا وصلها يوم الاثنين والمقصود بالوصول يعني قباء فانه قد بلغ قباء ومكث عندهم بضعة ايام حتى اه بني مسجد قباء وصلى فيه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وارتحل عنهم صبيحة الجمعة متجهة الى طيبته حتى ادركته صلاة الجمعة في الطريق فصلى في بني عمر ابن عوف فيما يسمى اليوم بمسجد الجمعة فبلغ المدينة تأي طيبتان يوم الجمعة والمقصود بيوم الاثنين بلوغه ارض طيبة وتحديدا بقباء صلوات الله وسلامه عليه فهذا ما ذكره الحاكم ابو عبدالله. ثم قال المصنف رحمه الله في سياق آآ ما يتعلق بشأن الولادة والوفاة. قال وروي انه صلى الله عليه وسلم ولد مختونا مسرورا. الختان معروف ختان الصبيان بعد الولادة وهو ازالة الجلدة التي تكون على حشفة الذكر كما جاءت به الشريعة انقاء وتطهيرا وتطببا. فانه انفع واطهر وقد جاءت به شريعة الاسلام التي ما جاءت الا بكل خير وكمال وطيب والحمد لله واما قوله مسرورا يعني مقطوع السرة التي ينزل بها الجنين من بطن امه مرتبطا بهذا الحبل السري الذي كان منه يتغذى الجنين في رحم امه فانه بعد الولادة يقطع الطبيب او القابلة في الولادة هذا الحبل السري حتى يتم انفصال الجنين عن امه فقوله ولد مختونا مسرورا اي قد تم ختانه وقوله مسرورا اي مقطوع السرة الذي جاءت به الاثار هذا الحديث لا يصح ولهذا اورده الامام ابن الجوزي رحمه الله في كتاب الموضوعات ثم ان ثبت يعني كونه ولد مسرورا فليس هذا من خواصه صلى الله عليه واله وسلم اقصد بالولادة مختونا فان وقد ذكر غير واحد ان كثيرا من الناس يولد مختونا كما ذكر الامام ابن القيم رحمه الله تعالى. وذكر قولا اخر في شأن ختان صلوات الله وسلامه عليه وهو انه صلى الله عليه وسلم ختم يوم شق قلبه لما شقته الملائكة عند مرضعته حليمة ثم غسل في طست بماء زمزم واعيد اليه في حادثة شق الصدر الثابتة في سيرته صلى الله عليه وسلم وقيل ايضا قول الرابع وهو ان جده عبد المطلب لما ال النبي صلى الله عليه وسلم اليه وبشر بولادته ختمه يوم سابعه وصنع له مأدبة وانه سماه محمدا وهذا مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما فهذه اقوال متعددة في شأن ولادته مختونا وهذا كما قلت لا يثبت به دليل صحيح والحديث المذكور هنا قد ضعفه ابن الجوزي بل اورده في الموضوعات رحمه الله تعالى وكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة اثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة ثبت ذلك في الصحيحين. نعم ثبت في الصحيحين انه كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثلاثة اثواب بيض يمانية سحولية ليس فيها قميص ولا عمام المراد اولا بالاثواب هنا جمع ثوب وليس هو الثوب المخيط المفصل على الجسد الذي نلبسه ونصطلح اليوم على تسميته بالثوب بل الثوب في لغة العرب قطعة القماش المفردة قبل ان تخاط وتفصل تسمى ثوبا هذا اولا وثانيا فان الثوب اذا فصل في لغة العرب يسمى بالهيئة التي يفصل عليها. فما نلبسه اليوم هذا يسمى قميصا فان كان ازارا او رداء او نحوه يسمى باسمه. اما الثوب بهذا اللفظ فهو قطعة القماش. فكفن في ثلاثة اثواب كما يكفن الموتى بان تفرد قطع الثوب واحدة فوق الاخرى ثم تلف عليه واحدة تلو الاخرى بعد الغسل عند التكفين فكان تكفين رسولنا صلى الله عليه وسلم في ثلاثة اثواب. هذا وصف. والوصف الثاني يعني في تحديد العدد. والوصف الثاني في وصف لون الثوب ثلاثة اثواب بيض فكانت بيضاء نقية نظيفة كفن فيها رسولنا صلى الله عليه وسلم وكفن فيها هذا الجسد الطاهر الشريف فدته نفسي وما ملكت يداي والامة جميعا عليه الصلاة والسلام. الوصف الثالث قال ثلاثة اثواب يمنية سحولية هذا الوصف الاخير هو لنوع القماش والثوب الذي كفن فيه وهي نوع معروف بقوله سحورية تقدم من اليمن فيها هذا الوصف المعروف فكانت هي كفن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم اكد فقال ليس فيها قميص ولا عمامة. يعني لم يكفن في قميص مفصل على الجسد البس اياه كلا. ولا عمامة جعلت على رأسه كلا بل هي اثواب بيض مفردة كفن في واحدة منها تلو الاخرى تكون لفافات واحدة فوق الاخرى وهذا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم مضت به السنة في امته في تكفين موتاها اسوة برسول الله صلى الله عليه واله وسلم قال الحاكم ابو احمد ولما ادرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في اكفانه وضع على سريره على شفير القبر. لما ادرج اي لما وضع صلى الله عليه وسلم في اكفانه الثلاثة ولف فيها صلى الله عليه وسلم واصبحت جنازته الشريفة الطاهرة مهيئة للصلاة واستعدادا للدفن بعدها وضع على سريره على شفير القبر يعني قد حفر القبر ثم وضع السرير النعش الذي تكون عليه الجنازة وضع صلى الله عليه وسلم على السرير من اجل تهيئة الصلاة عليه. وقد تقدم قبل قليل. فيما ذكر الامام ما لك رحمه الله في الموطأ بلاغا وما اخرجه ابن ابي شيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب رحمه الله ان الناس دخلوا ارسالا ارسالا مجموعات مجموعات يدخلون للصلاة عليه رجال ونساء لا يؤمهم احد كل يدخل فيصلي بنفسه على حبيب قلبه ونبي امته صلى الله عليه وسلم ويخرج ويدخل اخرون وهكذا. نعم ثم دخل الناس ارسالا يصلون عليه فوجا فوجا لا يؤمهم احد لا يؤمهم احد كل يصلي بنفسه صلاة فردية فان قيل لي ما؟ فالجواب من وجوه اولها انه لم يكن هناك مكان متسع لصلاة جماعة واحدة عليه صلى الله عليه وسلم هذا اولا وثانيا انه حتى لو تهيأ المكان فان الناس في تتابعهم وقدومهم وبلوغهم المدينة بعد سماع الخبر وانتشاره. ايضا تدعي وقتا فحتى لو استوعب مكان متسع لجماعة كبيرة فانه يقينا انه ستأتي جماعة بعد جماعة وكل كلما فرغت جماعة من الصلاة لحقت بهم اخرى للصلاة عليه فلن يكون هناك جماعة واحدة محصورة تتم الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال الامام الحافظ ابن كثير رحمه الله ان صلاتهم عليه فرادى لم يؤمهم احد عليه امر مجمع عليه. وهذا مهم فهذا باتفاق بالا خلاف فيه قال وقد اختلف في تعليله. يعني لماذا؟ اختار الصحابة هذا الامر وهو ان يصلوا عليه فرادى. قال الشافعي انما صلوا عليه مرة بعد مرة افذاذا لعظم قدره ولمنافستهم ان يؤمهم عليه احد. انتهى كلامه من كتاب الام، رحمه الله تعالى وكلام الامام الشافعي ها هنا لطيف للغاية وفيه نكتتان دقيقتان جليلتان اولاهما قوله انما صلوا عليه مرة بعد مرة لعظم قدره يعني لعظيم قدر رسول الله صلى الله عليه وسلم اراد الله ان تكون الصلاة عليه ليست مرة ولا مرتين. بل صلوات بعدد افراد من صلى عليه واحدا واحدا. فلو قلت كم مرة صلى الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مماته لما حصرت العدد لكثرتهم لان تقولهم هل صلوا عليه الف مرة او الفي مرة او ثلاثة الاف او عشرة الاف مرة عظيم قدره لكن جنازة الواحد منا في المسلمين. ولو اتوا به الى اعظم المجامع والجوامع كما في الحرمين وغيرهما. فصلى عليه ولو مليون انسان. ستقول صلوا عليه صلاة واحدة لكن صلوا عليه افذاذا لعظم قدره ووجه اخر في فهم العبارة انه لعظيم قدره فانه لا تطيق الجماعة في عظيم هذا القدر ان تصلي عليه مرة واحدة الجملة الثانية اللطيفة في كلام الامام الشافعي قال ولمنافستهم ان يؤمهم عليه احد. وهذا وجه لطيف يقوله رحمه الله تعالى لا اجتهادا لكأنك تعيش شعور احدهم بعدما عاشوا هول الواقعة وعظيم المصاب وخطب الجلل بوفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذا الذي يقبلون به ان يكون اماما يأتمون خلفه للصلاة على نبيهم صلى الله عليه وسلم بل كلهم ينافس في شرف ان الا بنفسه الصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم. وهو من كلام الامام الشافعي رحمه الله في الام كما تقدم. نعم فاولهم صلاة عليه العباس ثم بنوا هاشم ثم المهاجرون ثم الانصار ثم سائر الناس فلما فرغ الرجال دخل الصبيان ثم النساء ثم دفن صلى الله عليه وسلم ونزل في حفرته العباس وعلي والفضل وقسم ابن العباس وشكران. نعم. انتهى كلام الامام الحاكم ابي احمد رحمه الله ولما ذكر الصلاة انتقل الى تحديد تفويج الناس في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فاولهم صلاة عليه العباسي ابن عبد المطلب عمه صلى الله عليه وسلم ورضي الله عن العباس. وقد كان كبير ال البيت رضي الله عنه سنا وقدرا ومكانة في ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتولى اولا الصلاة عليه. ثم بنو هاشم يعني قرابته. ابناء العباس وابناء او ابي طالب قال ثم المهاجرون ثم الانصار ثم سائر الناس يعني من القبائل والصحابة من سائر القبائل رضي الله عنهم جميعا لما فرغ الرجال دخل الصبيان ثم النساء وهذا الترتيب كما ترون موافق لترتيب الشريعة في الصفوف التي تكون في العبادات كما في الصلاة فانه تبتدأ صفوف الرجال ويليها صفوف الصبيان ثم تكون صفوف النساء وهذا الترتيب يا كرام في شريعة الاسلام ليس فيه حق لقدر ومنصب لجنس على جنس. كما لا يعني تفضيلا ايضا من هذا الاعتبار بتقديم الصفوف لكنها حكمة الشريعة في ترتيب الامور وفق ما ارادته الشريعة من حكم جليلة وهو تولي الامور على قدر عظمها وتولي كل وتهيئ كل لما خلق لاجله. فالرجال ان يتولى عظائم الامور والقيادة والولاية ومباشرة الامور العظيمة في الاسرة والبيت والامة والمجتمع يتقدمون في الصفوف لحاجة المجتمع والبيت والاسرة والامة الى ان يكونوا في الصفوف الاول يقودون الزمام ويحملون الاعباء ويتحملون الثقل. ثم الصبيان ليكون ذلك تربية لهم. على الاقتداء بمن يرونه امام اعينهم في الصفوف التي تتقدمهم فيتأسون ويقتدون ولما يكون من شأن الصبيان عادة في شيء ربما من عدم الانضباط او الخلل الذي اي يراد له ان يكون ظاهرا وباديا في مقدمات صفوف الامة في صلاتها في جهادها في مظهرها العام الذي تتولى ففيه تشريف هذه الامة باداء رسالة الله المناطة بها. وتأخير صفوف النساء في جماعة المسجد في الصلاة وفي شأن الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مماته كما في هذا الخبر هو ايضا حفظا لهن وصونا لهن وخصوصية لهن بالانفراد الذي يأنسن فيه من غير مزاحمة ولا مضايقة او ايعاج فيستأثرن بتمام الراحة والاختيار وانشراح الصدر مع عدم مضايقة وانزعاج كما تقدم. قال ثم دفن صلى الله عليه وسلم اما وقد وضع جسده الطاهر عليه الصلاة والسلام على السرير على شفير القبر وفرغ الناس من الصلاة فان الخطوة التالية هي انزاله في اللحد عليه الصلاة والسلام. وانزاله في اللحد هو من اجل الدفن الذي مضى فيه سنة الله على كل الاموات. فقد تهيأ القبر وما بقي الا انزاله في اللحد عليه الصلاة والسلام. قال نزل في حفرته العباس وعلي والفضل وقسم ابن العباس وشقران اما العباس فقد تقدم انه كبير ال البيت واما علي رضي الله عنهم جميعا. اما علي فصهره وابن عمه والقريب منه جدا صلى الله عليه وسلم والفضل وقسم ابن العباس فانهما كانا ممن تولى الغسل. وهؤلاء المذكورون مع شقران وشكران مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا من تولى الغسل وهم من تولى التكفين وهم من تولى الدفن وكان معهم في الغسل ايضا اسامة بن زيد رضي الله عنهم جميعا فنزلوا وفي حفرته العباس وعلي. والفضل وقسم ابن العباس وشقران مولى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان يتولون هذا الامر العظيم وقد تولوا شأن غسله وتكفينه ثم دفنه صلى الله عليه وسلم قال ويقال كان اسامة بن زيد واويس بن خول واويس بن خولي معهم. ويقال كان اسامة ابن زيد واوس ابن خولي معهم. اما اسامة فقد تقدم انه ممن شارك في الدفن رضي الله عنه وارضاه لكن هل كان معهم ممن شارك في الغسل؟ فهل شارك معهم في الدفن؟ قيل هذا. واما اوس بن خولي فقد ذكره الحافظ بن حجر في الاصابة في ترجمته عن ابن اسحاق انه ذكره ضمن من نزلوا في قبره صلى الله عليه وسلم وعزا ذلك الى الطبراني. رواه من الطريق نفسه قال قال وفيه راو ضعيف. واورده المصنف هنا بصيغة التضعيف قال ويقال كان اسامة بن زيد واوس بن خولي معهم والله الله اعلم. ودفن في اللحد وبني عليه صلى الله عليه وسلم في لحده اللبن يقال انها تسع لبنات ثم اهالوا التراب وجعل قبره صلى الله عليه وسلم مسطحا ورش عليه الماء رشا. نعم. قال رحمه الله تعالى ودفن في اللحد تعلمون رعاكم الله ان دفن موت المسلمين في مقابرهم اما ان يكون شقا او يكون لحدا. فالقبور نوعان الشق الحفرة التي تأتي مواجهة لفتحة القبر ينزل فيها الميت في اسفلها فتكون عميقة وينزل فيها الميت ثم اه يغطى قبره ويهال عليه التراب ويدفن والنوع الثاني من القبور هو اللحد والمراد باللحد الشق في عرظ القبر. فاذا نزل فتح القبر يكون الشق في عرضه اي تحت الارض في داخله الى الداخل. ويلحد فيه الميت ان يكونوا في داخله وهل كان قبر النبي عليه الصلاة والسلام شقا او كان لحدا. الصحيح انه كان لحدا اي الحد. وهذا معنى قوله دفن في اللحد او يقال الحذ في القبر. ولهذا صح في صحيح مسلم من حديث سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه قال الحدوا لي لحدا وانصبوا علي اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم. فقد اثبت ان النبي عليه الصلاة والسلام قد الحد في قبره فاراد ان يكون له صنيع يماثله فهذا اللحد وفي الاثر ايضا ان العباس رضي الله عنهما لما استقر خبر الوفاة بعث رضي الله عنه الى الصحابة ممن يجيد الحفر في القبر في الشق او في اللحد يبحث عمن يتولى شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتهيئة القبر او اللحد احدهما فكان الاسبق حضور من يتولى اللحد فكان بذلك اختيار من الله لنبيه صلى الله عليه واله وسلم فلوحد في قبره صلوات الله وسلامه عليه. قال المصنف رحمه الله وبني عليه في لحده اللبن فان الميت اذا ادخل في اللحد يحتاج في فتحة اللحد ان يسد عليه بلبنات من من الطين يقال انها تسع لبنات فانها ترص حتى تسد بها الفتحة في اللحد ثم يهال التراب من فوقها. قال ثم اهالوا تراب واما المسألة الاخرى في الجملة فقوله وجعل قبره صلى الله عليه وسلم مسطحا. المقصود بتسطيح القبر هو الا يكون مسنما اي عاليا مرتفعا او بارزا على هيئة سنام البعير فان سنام البعير له ارتفاع ليس ظهرا مستويا كما في الدواب كالغنم والبقر والفرس والبغال والحمير ليس كذلك فان ان الارتفاع في ظهر البعير يسمى سناما. ومنه يقال تسنيم القبور اي ان يكون على وجه القبر ارتفاع كارتفاع سنام البعير قال هنا جعل قبره مسطحا صلى الله عليه وسلم والصحيح ان قبره كان مسلما صلى الله عليه وسلم وعن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم الحد ونصب عليه اللبن نصبا ورفع قبره من الارض نحوا من شبر كما اخرجه ابن حبان في الصحيح. وبهذا مضت السنة الا يرتفع تسنيم القبور اكثر من شبر. يعني عن مستوى سطح المقابر. فيكون التسليم له دلالة. وهو ان ها هنا ميتا مدفونا في هذا القبر فيحترم ويسلم عليه ويدعى له او يصلي عليه ان كان مقبورا فاما تسميمها اكثر من ذلك فمخالفة للسنة. فضلا عن ارتفاع ذلك التسليم وتجاوزه الى حد البناء. سواء كان بناء مرتفعا قدر ذراع فيرفع على شكل صندوق ويبنى عليه من جص مثلا او رخام. فضلا عن ان يكون فوق ذلك فيرتفع بناء على شكل غرفة فضلا عن ان تتخذ عليها القباب وان تكون مزارات تصبح فيما بعد ذريعة الى تجاوزات غير مشروعة جاءت الشريعة بابطالها واغلاق ابوابها راعت الشريعة ذلك الامر ابتداء فقررت الاكتفاء بتسنيم القبور لا يزيد عن شبر. وهذه السنة التي قال فيها النبي صلى الله الله عليه وسلم لا تدع تمثالا الا طمسته ولا قبرا مشرفا الا سويته يعني مرتفعا بارزا ظاهرا لان اظهاره ابرازه مدعاة الى اقبال اصحاب القلوب الضعيفة المتعلقة بغير الله. والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحذر من ذلك وهذا من تميم الرعاية الشريعة لحماية حمى التوحيد وسد ذرائع الشرك وابقاء القلوب متعلقة بخالقها كلة عليه وحده سبحانه. قال المصنف رحمه الله ورش عليه الماء رشا. اي رش على قبره الماء. على قبره صلى الله عليه وسلم. اخرج ذلك الامام البيهقي في دلائل النبوة وفي اسناده الواقدي وهو متروك الحديث. وروي في رش الماء على القبر ايضا عند ابن ماجة عن ابي رافع رضي الله عنه قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا ورش على قبره ماء لكن الحديث ضعيف السند لضعف بعض رواته فقوله رش الماء يذكره الفقهاء في جواز ذلك بعد دفن الميت على قبره لاجل مصلحة تتعلق بذلك يلتزق ترابه ولان لا يثور غباره فتكون هذه من المصالح المتعلقة باتخاذ رش الماء على القبر حفاظا عليه ورغبة في تسكين التراب الذي يكون فوق القبر من اجل حرص على آآ ابقائه من غير ما آآ اشكال يحصل فيه وهذا معنى قول المصنف ورش عليه الماء رشا. فالخلاصة اذا ان نبينا صلى الله عليه وسلم يا كرام دفن في قبره وقد كان قبره لحدا. وتقدم ان الصحابة رضي الله عنهم انما اختاروا اللحد في قبره عليه الصلاة والسلام لاختيار الله له لامر اجتهدوا فيه رضي الله عنهم فاختار الله لنبيه صلى الله عليه وسلم ما هو آآ اليق به و اولى به وقد اخرج ابو يعلى وابن ماجة من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال لما ارادوا ان يحفروا لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعا العباس رجلين فقال لاحدهما اذهب الى ابي عبيدة ابن الجراح وكان يطرح لاهل مكة. يعني يحفر قبورهم واضرحتهم وقال لاخر اذهب الى ابي طلحة وكان هو الذي يحفر لاهل المدينة وبالمناسبة فانه لا يزال الى اليوم قبور اهل مكة اي هو الشق وقبور اهل المدينة اللحد عملا بذلك منذ تلك الى اليوم فقال العباس اللهم خر لرسولك يعني اختر لنبيك. فوجدوا ابا طلحة فجيء به ولم يوجد ابو عبيدة. فلو حد لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دفن وسط الليل من ليلة الاربعاء الى اخر ما اورده في الرواية فهذه الخلاصة انه دفن في اللحد عليه الصلاة والسلام وبني عليه اللبن تسع لبنات ثم اهالوا التراب عليه وكان قبره مسمما ورش عليه الماء ورش نعم قال نزل المغيرة في قبره ولا يصح. هذه الجملة التي نختم بها مجلس الليلة قال يقال نزل المغيرة ابن شعبة في قبره ثم عقب المصنف فقال ولا يصح والمقصود بهذه الرواية ما ذكره غير واحد ان نفرا من اهل العراق قالوا لعلي ابن ابي طالب يا ابا الحسن جئناك نسألك عن امر نحب ان تنجزنا او تخبرنا عنه قال اظن المغيرة يحدثكم انه كان احدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا اجل عن ذلك انا نسأله فقال احدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم قثم ابن العباس. ولما وضع في الرواية في لحد عليه الصلاة والسلام القى المغيرة ابن شعبة خاتمه في قبره فقال علي انما القيته لتنزل فنزل فاعطاه اياه او امر رجلا اعطاه اياه وقد ذكر ذلك الحاكم في المستدرك بسنده لما القى المغيرة خاتمه قال له علي لا يتحدث الناس وانك نزلت في قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا تحدث انت الناس ان خاتمك في قبره فنزل علي وقد رأى موقعه فتناوله فدفع اياه وهذا مما يذكر في تصحيح الرواية ولهذا قال المصنف ولا يصح ايضا يعني لا يثبت ذلك في نسبة هذا الى فحتى ان ثبت ان المغيرة القى خاتمه لا يقتضي له انه حصل ما امله لما في الرواية من ان عليا لم يمكنه من النزول بل امر غير فناوله اياه وقد قال الواقدي القى المغيرة خاتمه في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا كله مما صحح المصنف وهي احدى ميزات الكتاب ايراد الاخبار مع التصحيح والترجيح فلا يزال في هذا الفصل بقية ناتي عليها ليلة الجمعة المقبلة. استكثروا من خير هذه الليلة وبركاته باستكثاركم من الصلاة والسلام على رسول الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم تزدادون خيرا وبركة وتنالون عظيم من المغفرة والرحمة وصلاة ربكم عليكم طابت ليلتكم بكثرة الصلاة على نبيكم صلى الله عليه واله وسلم. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا حي يا قيوم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. واجعلنا يا الهي في خيرة خلقك واحبهم اليك ، وارزقنا يا رب السعادة الابدية، وادفع عنا وعن كل مسلم كل شر وبلية يا رب العالمين. واخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين