ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فنحمد الله تبارك وتعالى على نعمه العظيمة ومن ذلك الاجتماع بمثل هذه المجالس الطيبة التي يذكر الله عز وجل فيها ويتدارس فيها العلم المستمد من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وقد اجتمع لنا والفضل والمنة لله في مثل هذه المجالس شرف الزمان وشرف المكان وشرف العلم فالزمان والحمد لله زمان فاضل والمكان مكانه فاضل كيف لا وهو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم واما شرف العلم فاننا في هذا المجلس بتوفيق الله سبحانه سنتدارس متنا من متوني الاعتقاد وليس يخفى يا ايها الاحبة ان علم الاعتقاد اشرف العلوم وكيف لا يكون كذلك وشرف العلم بشرف المعلوم والله سبحانه وتعالى اشرف معلوم فالعلم به وهو الذي يبحث في علم الاعتقاد لا شك انه اشرف العلوم والله اكبر من كل شيء فالعلم به اكبر من كل علم نجتمع بعون الله سبحانه وتعالى بهذا الدرس لمدارسة كتاب نافع مفيد بمعتقد اهل السنة والجماعة الفه الامام الشيخ العلامة محمد ابن صالح ابن عثيمين رحمه الله المولود سنة سبع واربعين وثلاث مئة بعد الالف والمتوفى سنة احدى وعشرين واربع مئة بعد الالف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم والشيخ محمد ليس يخفى على ابناء العصر فضله ومكانته فانه قد حاز قصب السبق في العلم وجودة الفهم وحسن الاستنباط من الكتاب والسنة مع ما حباه الله عز وجل من صفات جميلة وخلال جليلة اسأل الله ان يجزيه عن اهل العلم وطلابه خير الجزاء. هذا الكتاب وعقيدة اهل السنة والجماعة وهو مثن مختصر في الفاظه لكنه كبير في معانيه وهو يمثل زبدة وخلاصة لمعتقد اهل السنة والجماعة رتبها المؤلف رحمه الله على ترتيب اركان الايمان كما جاء في حديث جبريل عليه السلام ومن مميزات هذه الرسالة اضافة الى وجازتها انها قد حوت اللب من معتقد اهل السنة والجماعة مع الدقة في الجمل والتحرير في العبارة انتقاء اهم المسائل التي يحتاج المسلم الى تعلمها فهي رسالة لا يستغني عنها طالب علم وينتفع بها كل مسلم ان شاء الله هذه الرسالة قد تداولها طلبة العلم كما انه قد اطلع عليها العلماء وقد قررها سماحة الشيخ عبد العزيز ابن باز رحمه الله كما تجده في مقدمة هذه الرسالة فنستعين بالله سبحانه ونسأله التسديد والتوفيق في مدارسة هذه الرسالة بعون الله عز وجل في هذا الدرس نبدأ بقراءة مقدمة الرسالة. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وارفعه وانفع به يا رب العالمين قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في رسالة عقيدة اهل السنة والجماعة بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والعاقبة للمتقين. ولا عدوان الا على الظالمين. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك الحق المبين. واشهد ان محمدا عبده ورسوله. نعم. لا شريك له الملك الحق المبين. نعم واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له الملك الحق المبين واشهد ان محمدا عبده ورسوله خاتم النبيين وامام المتقين صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد فان الله تعالى ارسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق رحمة للعالمين وقدوة للعاملين وحجة على عبادي اجمعين بين به وبما انزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة احوالهم في دينهم ودنياهم من العقائد الصحيحة والاعمال القويمة والاخلاق الفاضلة والاداب العالية. فترك صلى الله عليه وسلم امته على حجت البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك فسار على ذلك امته الذين استجابوا لله ورسوله وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعهم باحسان فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنته وعضوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقا وادبا. فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق لا يضرهم من خذلهم او خالفهم حتى يأتي امر الله تعالى وهم على ذلك. نعم بدأ المؤلف رحمه الله هذه الرسالة القيمة بمقدمة حمد فيها الله سبحانه وتعالى الجمل الثلاث الاولى فيها منتزعة من كتاب الله عز وجل فاولها الحمد لله رب العالمين وهذه بعض سورة الفاتحة التي هي اعظم سورة في القرآن ثم قال والعاقبة للمتقين و كذلك هذا قد جاء في كتاب الله عز وجل فاصبر ان العاقبة للمتقين ثم قال ولا عدوان الا على الظالمين كذلك هذا في كتاب الله فلا عدوان الا على الظالمين ثم ثنى بالشهادة الحقة لله عز وجل بالوحدانية ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة ثم بين رحمه الله تعالى ان نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم قد ارسله ربه جل وعلا بالدين الكامل الشامل لكل شيء في العقيدة وفي المعاملة وفي العبادة وفي الاخلاق وفي كل شيء بين رحمه الله هذا في هذه الكلمات القيمة النافعة التي يحتاج المسلمون الى التأمل فيها قال رحمه الله فان الله تعالى ارسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق نعم الله عز وجل انما ارسل انما ارسل رسوله صلى الله عليه وسلم بالهدى ودين الحق هو الذي ارسل رسوله بالهدى ودين الحق الهدى ودين الحق هما كما بين اهل العلم العلم النافع والعمل الصالح وهذان الامران خلاصة رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم العلم النافع والعمل الصالح خلاصة ما بعث به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله رحمة للعالمين هذه الكلمة منصوبة لانها مفعول لاجله والعامل فيها قوله ارسل فالله ارسله لاجل ان يكون رحمة للعالمين العالمون جمع للعالم والعالم كل جنس من المخلوقات وجمع ذلك العالمون فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم لم يكن رحمة للانس فحسب ولا للجن فقط بل هو رحمة للعالمين وما ارسلناك الا رحمة للعالمين و من ذلك ايضا ان الله عز وجل ارسله قدوة للعاملين كان القدوة والاسوة عليه الصلاة والسلام لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة من اراد ان يكون له قدوة واسوة فانه لن يجد في احد الاهلية الكاملة لذلك الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فالعاقل المريد نجاة نفسه لا يجوز له ولا ينبغي ان يعدل عن الاقتداء بخير مقتدى به وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو النبي المجتبى والرسول المصطفى الذي كمله الله سبحانه وتعالى وادبه واصطفاه بوحيه سبحانه وتعالى فاي قدوة اعظم من الاقتداء برسول الله محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله وحجة على العباد اجمعين. وكلمة العباد ها هنا المراد بها من ارسل النبي صلى الله عليه وسلم اليهم ومن وجب اتباعه عليهم وهم الانس والجن منذ بعثته عليه الصلاة والسلام والى ان يرث الله الارض ومن عليها هذا من الامر المعلوم من دين الله عز وجل بالضرورة كل من وجد في هذه الدنيا من الانس والجن منذ بعثته عليه الصلاة والسلام والى نهاية هذا هذه الحياة فان كل اولئك مأمورون باتباع هذا النبي صلى الله عليه وسلم والايمان بما جاء به من عند ربه. كونه صلى الله عليه وسلم حجة على هؤلاء جميعا هذا لا شك فيه ولا ريب وهذا شأن كل الانبياء والمرسلين الله عز وجل انما ارسلهم ليكونوا حجة على اممهم فلا احد احب اليه العذر من الله عز وجل ومن اجل ذلك ارسل الرسل قال سبحانه رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل الحجة قد قامت ببعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام والعذر قد انقطع لدى كل من بلغه رسالة نبي من الانبياء فكيف بسيد الانبياء وامام الرسل وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم و مما يدل على ذلك ايضا ان الملائكة خزنة النار كلما القي فوز في النار فانهم يتوجهون لهم بسؤال ما هو الم يأتكم نذير اذا والله لا حجة لهم على الله عز وجل قد حكم الله سبحانه وتعالى فيهم بالعدل الم يأتكم نذير قالوا بلى قد جاءنا نذير لكن ماذا كان منهم فكذبناه اذا لا حجة لهم على الله سبحانه وتعالى قال رحمه الله بين به وبما انزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة احوالهم في دينهم ودنياهم الله عز وجل قد بين الحق بيانا يقطع كل عذر يريد الله ليبين لكم والله عز وجل هو المبين قال سبحانه ويعلمون ان الله هو الحق المبين والمبين على احد تفسيريه هو الذي يبين الحق للعباد فالله عز وجل يبين الاحكام والايات ويفصلها ويفسرها سبحانه وتعالى وهذا من اعظم المنن الجسيمة على العباد التي تستحق منهم الشكر كذلك يبين الله للناس اياته لعلهم لعلكم تشكرون كذلك يبين الله للناس اياته لعلهم يشكرون فهذا من النعم التي تستوجب من العباد الشكر منهم لله سبحانه وتعالى وهذا التبيين يكون في الدنيا ويكون ايضا في الاخرة ولذا فان من الحكم التي لاجلها قدر سبحانه وتعالى ان تكون ثمة دار اخرة بعد هذه الحياة ان يكون هناك التبيين لما اختلف فيه الناس في هذه الدنيا قال سبحانه ليبين لهم الذي يختلفون فيه كل ما اختلف فيه العباد في هذه الدنيا من المسلمين والكافرين فان الله سبحانه وتعالى سيبينه يوم القيامة قال رحمه الله وبين به يعني بالنبي صلى الله عليه وسلم وبما انزل عليه من الكتاب والحكمة الكتاب هو القرآن الكريم والحكمة سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كلاهما منزل كلاهما وحي من الله سبحانه وتعالى الا ان احدهما وحي متلو والاخر وحي غير متلو النبي صلى الله عليه وسلم في سنته في احاديثه لم يكن يتكلم من عند نفسه وحاشاه وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى فكل ما يتكلم به النبي صلى الله عليه وسلم كل سنته واحاديثه وحي من الله سبحانه وتعالى اذا الله عز وجل هو المبين والنبي صلى الله عليه وسلم هو المبلغ ما الذي بينه الله سبحانه وتعالى في الكتاب والسنة قال بين به وبما انزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة احوالهم في دينهم ودنياهم اي والذي نفسي بيده الله عز وجل قد بين كل ما يحتاجه العباد في امر دينهم ودنياهم في الكتاب والسنة اما بالنص اما بذكر ذلك خصوصا او دخوله في العمومات او بنوع من انواع الدلالة من فحوى واشارة مفهوم والى اخره. لا يمكن لا يمكن ان يكون ثمة شيء يحتاجه الناس في امر دينهم او حتى في امر دنياهم الا والجواب الناجع له في كتاب الله او سنة رسوله صلى الله عليه وسلم هذا امر قطعي لا ينبغي ان يشك فيه الله عز وجل انزل هذا القرآن ووصفه بوصف جليل فقالت بيانا لكل شيء كل شيء تبيانه في هذا الوحي كتابا وسنة لكن ليس كل احد يهتدي الى وجه البيان انما يحتاج هذا الى العلماء الراسخين الذين يستنبطون هذه الاحكام المقصود ان كل قضية ولها بيان في الشريعة وكل مشكلة ولها ولها حل في هذا الوحي هذا شيء قطعي لا يجوز التردد فيه بعض الناس يتوهم فيخطئ وهذا خطأ واي خطأ حينما يظن ان الكتاب والسنة انما كان فيهما بيان كيف يعبد الانسان ربه عز وجل كيف يصلي وكيف يصوم وكيف يحج هذا فحسب نعم الوحي المتلو وغير المتلو جاء فيه بيان ما يحتاجه الناس في عقائدهم في عباداتهم وفي كل ما يمس جانب الحلال والحرام الجانب الاخلاقي والمعاملة لكن الامر لا يتوقف عند ذلك بل الشريعة واسعة شاملة في احكامها واجب ان يرجع اليها في كل صغير وكبير في هذه الحياة في السياسة في الاقتصاد في الاجتماع بكل امور الناس ولذلك تكفي ادنى مطالعة لنصوص الكتاب والسنة للوصول الى هذه النتيجة. يا اخوة ما اطول اية في كتاب الله اية المداينة هل هذا جانب عقدي او جانب عبادي او هذا راجع الى معاملة يتعامل بها الناس تأملوا احاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا ما شئتم من الكتب المجموعة في سنة النبي صلى الله عليه وسلم وقارنوا بين احاديث العبادة والاحاديث التي تعلقت بالمبايعات باحكام المزارعة واحكام المساقات وكل ما يرجع الى مباحث المعاملات وما يرجع ايضا الى مباحث احكام الاسرة وما يرجع ايضا الى احكام الحدود والقصاص وما الى ذلك والى ما يرجع الى مباحث السياسة الشرعية والى غير ذلك ستجد ان الاحاديث المتعلقة بهذه الامور اكثر من الاحاديث المتعلقة بالعبادة اذا وحي الله عز وجل وحي شامل لكل شيء من امر الدين والدنيا ولذا كان الحكم بما انزل الله سبحانه وتعالى امر حتم لازم على جميع المسلمين الذين شهدوا ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم و لذلك يقول ابو ذر رضي الله تعالى عنه كما اخرج هذا الامام احمد في السنة قال ما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وطائر يقلب جناحيه في السماء الا واتانا منه علما هذا سلمان رضي الله عنه يسأله احد المشركين فيقول علمكم رسولكم كل شيء حتى القراءة يعني حتى كيف يقضي الانسان حاجته يقول ردا عليه سلمان رضي الله تعالى عنه اجل نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نستنجي باليمين او نستنجي باقل من ثلاثة احجار او ان نستقبل القبلة برجيع او بول الى اخر ما ذكر رضي الله تعالى عنه وارضاه اذا كل صغير وكبير في حياة الناس واحوالهم من سياسة الدول والى كيف يلبس الانسان حذاءه قد بين البيان الشافي في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فلا عذر لاحد ان يطلب ما ينفعه في غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فمن حقيقة الايمان ان يحكم الانسان شرع الله عز وجل في كل شيء حتى في بيعه وشرائه ودينه واقتراضه حتى في خلافه مع زوجه حتى في نومه واكله وشربه في كل صغير وكبير من حقيقة الايمان ان يحكم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في ذلك كله قال رحمه الله بين بما بين به وبما انزل عليه من الكتاب والحكمة كل ما فيه صلاح العباد واستقامة احوالهم في دينهم ودنياهم من العقائد الصحيحة والاعمال القويمة والاخلاق الفاضلة والاداب العالية وقلنا بل ما هو اشمل من ذلك كل مناحي الحياة المتعلقة بالذكور بالاناث بالاطفال بالكبار لكل جانب من جوانب الحياة الاسلام يضع الحل الناجع لكل ذلك ولو ان اهل الارض اخذوا بهذه الشريعة العظيمة الواسعة الشاملة النافعة للناس والله ما بقيت مشكلة الا وحلت لكنه مع الاسف اعراض اكثر الناس عن هذا الحق المبين والله المستعان قال رحمه الله فترك صلى الله عليه وسلم امته على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك مصداق هذا في حديث العرباض ابن سارية رضي الله تعالى عنه وكلامه رحمه الله وهذا منتزع من هذا الحديث حيث قال صلى الله عليه وسلم تركتكم على البيضاء لا اعلم في روايات هذا الحديث ثبوت كلمة المحجة انما قال صلى الله عليه وسلم كما عند ابن ماجة وغيره تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي الا هالك هذا هو الذي كان منه صلى الله عليه وسلم بلغ البلاغ المبين ما ترك شيئا يقربنا الى الله عز وجل ما ترك شيئا ينفعنا عند الله سبحانه وتعالى الا وقد بين البيان المبين النبي صلى الله عليه وسلم يقول كما في صحيح مسلم ما بعث الله من رسول الا كان حقا عليه ان يبين لامته خير ما يعلمه لهم وان يحذرهم من شر ما يعلمه لهم وكان من النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بلغ البلاغ المبين عليه الصلاة والسلام فما ترك شيئا يقربنا الى الله وينفعنا في امر ديننا ودنيانا الا وقد بينه صلى الله عليه وسلم قال رحمه الله فسار على ذلك امته الذين استجابوا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهم خيرة الخلق من الصحابة والتابعين والذين اتبعوهم باحسان لا شك ان الغرة في هذه الامة هم الطبقة المتقدمة منها وهم الذين زكاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم اي تزكية اعظم من هذه التزكية انهم اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين من نظر في سيرتهم وحالهم بعلم وبصيرة وما من الله عز وجل عليهم به من الفضائل علم يقينا انهم خير الخلق بعد الانبياء لا كان ولا يكون مثلهم ثم تلاميذهم الذين حملوا العلم والدين عنهم هم التابعون عليهم رحمة الله اشبه الناس باصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم و اقوم الناس بسنتهم وسيرتهم ثم تابعوهم الذين اخذوا العلم والدين عن التابعين فكان هؤلاء الصحابة والتابعون واتباعهم خيار الخلق بعد الانبياء لا شك في ذلك ولا ريب. قال فسار على ذلك امته الذين استجابوا لله ورسوله صلى الله عليه وسلم والذين اتبعوهم باحسان فقاموا بشريعته وتمسكوا بسنته وعضوا عليها بالنواجذ عقيدة وعبادة وخلقا وادبا فصارهم الطائفة فصاروا هم الطائفة الذين لا يزالون على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم او خالفهم حتى يأتي امر الله تعالى وهم على ذلك ثبت في الصحيحين بالفاظ متعددة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من امتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي امر الله تعالى وهم على ذلك هذا يدلك يا عبد الله ان الخلافة قد دب في هذه الامة وتحقق ما اخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من قوله فانه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا اختلاف كثير في كل شيء هذه الامة الخلاف فيها كثير بل انها قد غلبت اليهود والنصارى في الخلاف قال النبي صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على كم على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق هذه الامة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار الا واحدة وصفها النبي صلى الله عليه وسلم بوصف لا يلتبس على منصف من كان على مثل ما انا عليه اليوم واصحابي وفي رواية قال هي الجماعة الذين اجتمعوا على الحق هؤلاء هم الجماعة والحق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وبالحق انزلناه وبالحق نزل اذا الخلاف امر واقع لا شك فيه لكن ثمة طائفة ثمة طائفة واحدة هذه هي التي ثبتت عن الحق وهم السلف الصالح ثم من سار على نهجهم وسبيلهم وهذا الذي ينبغي على كل مسلم ان يلحظه وان يرايه وهو ان يسير على هذا النهج الذي كان عليه خيار هذه الامة رضي الله تعالى عنهم قال رحمه الله ونحن ولله الحمد على اثارهم سائرون وبسيرتهم المؤيدة بالكتاب والسنة مهتدون نقول ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى وبيانا لما يجب ان يكون عليه كل مؤمن لا شك هذا حتم لا خيار فيه ان يسير كل مسلم سيرة السلف الصالح هذا شيء لا خيار لك فيه يا عبد الله بل هو امر واجب اذا اردت النجاة اذا اردت السلامة فسر على ما كان عليه الصحابة والتابعون واتباعهم ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما قال في حديث العرباط السابق فعليكم لما قال فانه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا عقب على هذا ببيان سبيل النجاة فقال عليه الصلاة والسلام فعليكم بسنتي وما اكتفى بهذا عليه الصلاة والسلام بل عقب على هذا ببيان ما يوضح ويبين هذه السنة النبوية ما هو التطبيق العملي لها فقال فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ اذا لابد من اتباع نهج السلف في العبادة وفي العقيدة وفي الاخلاق هذا امر حتمي يا ايها الاخوة قال الله سبحانه يا ايها الذين امنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين قال غير واحد من اهل التفسير من المتقدمين والمتأخرين مع ابي بكر وعمر واخوانهما و قال الله سبحانه واتبع سبيل من اناب الي ومن اولى الناس بهذا الوصف بعد انبياء الله ورسله عليهم الصلاة والسلام فابشر يا عبد الله بالنجاة والفلاح والسعادة ان كنت متابعا لنهج السلف الصالح في الصغير والكبير تقول بما قالوا وتسكت عما عنه سكتوا وتفهم نصوص الكتاب والسنة بفهمهم وتلتزم نهجهم في الاستدلال والتلقي ان كنت كذلك فابشر بالخير اليس الله سبحانه وتعالى قد قال والسابقون الاولون من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه واعد لهم جنات تجري تحتها لها نهر خالدين فيها ابدا ذلك الفوز العظيم قف مليا عند قوله تعالى والذين اتبعوهم باحسان اذا اردت ان يكون لك حظ ونصيب من هذا الفضل الكبير فعليك بان تتصف بهذا الوصف ان تكون كذلك لان الحق قد جمع في مجموع السلف الصالح هذه شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لا تزال طائفة من امتي على الحق في قوله الحق للاستغراق الحق كله في مجموع هؤلاء السلف الاخيار لا شك في هذا ولا ريب وكيف لا يكون كذلك وقد توفرت في اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اعظم الصفات التي تقتضي انهم الصفوة وانهم الاقرب الى كل حق وخير وانه لا يمكن ان يسبق احدهم ان يسبق احد اولئك الاخيار الى خير لا يمكن كل خير فلا بد ان يكونوا هم السابقين اليه ومن بعدهم تابعون لهم فيه مما يدلك على هذا انك اذا نظرت الى السبب الاول للتوفيق الى الحق الا وهو تقوى القلوب فاين تجد في الناس من هو اعظم تقوى من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم التابعين ثم اتباعهم اتجد في الناس من يستحق ان يكون اتقى الناس بعد الانبياء غير اولئك الاخيار الجواب بالتأكيد لا وصدق ابن مسعود وروي نحن عن ابن عمر وروي نحوه عن الحسن رحمه الله انهم قالوا من كان مستنا فليستن بمن قد مات اولئك اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا ابر الامة قلوبا وصف عظيم يدلك على انهم ولابد ان يكونوا اقرب الى الحق والصواب اذا هم اصلحوا الناس واتقاهم ثم الامر الثاني انهم اغزر الناس علما. العلم الذي ينفع العلم بالكتاب والسنة الفهم الدقيق الصحيح لمراد الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لا يمكن ان يتفوق احد على الصحابة فيه كانوا ابر الامة قلوبا واعمقها علما كيف لا وهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهدوه في دقيق حاله وجليله كان القرآن ينزل وهم يشاهدون فيعلمون مواضع تنزيله وبالتالي فهمهم للادلة لا شك انه احسن الفهم وهذا امر مهم كلما كان الانسان اعظم علما كلما كان اقرب الى الصواب والصحابة رضي الله عنهم لا شك انهم اعلم الناس اعلم الناس بالذي ينفع بالكتاب والسنة الامر الثالث الذي يدلك على تقدمهم على جميع هذه الامة انهم كانوا ابعد الناس عن التكلف وعن الخوض فيما لا يعني وهذا ولا شك له اثر سلبي على قريحة الانسان وعقله وذكائه وتفرغ نفسه لتلقي الحق ولذلك كان وصفهم الثالث في ذاك الاثر كانوا ابر الامة قلوبا واعماقها علما واقلها تكلفا لا يخوضون فيما لا يعني ولا يستنفذون قواهم في قيل وقال انما توفرت فيهم قواهم واذهانهم اه تفرغت قلوبهم لاجل النيل من هذا المعين الصافي من معين الوحي فهم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم الوصف الرابع الذي يدلك على تقدمهم في كل علم وعمل انهم كانوا اعلم الناس بلغة العرب السنة القوم كانت السنة صحيحة مستقيمة ما دخلتها عجمة ولتعلم يا عبد الله ان الائمة من عهد الشافعي رحمه الله ثم من بعده كانوا ينصون على ان من اسباب الابتداع في الدين ان من اسباب الابتداع في الدين الجهل بلغة العرب وهذا شيء لا محل له بالنسبة لاولئك الاخيار لانهم كانت اللغة الصحيحة لهم سليقة بل هم من اهل الاحتجاج بل ارفعوا ما يكون في الاحتجاج والاستشهاد على الكلام الصحيح بعد الكتاب والسنة كلام اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لانهم عرب اقحاح السنتهم مستقيمة على جادة كلام العرب اذا هذه بعض الاسباب التي تدلك على تقدمي اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم التابعين الى تقدم الصحابة ثم التابعين ثم اتباع التابعين على كل من جاء بعدهم اذا ينبغي على كل مسلم يريد نجاة نفسه ان يسير سيرهم وان ينهج نهجهم ان كان يريد ان يكون من الناجين منا الاختلاف والضلال في هذه الامة وهذا موضوع كبير وعظيم فان بقاء الصحابة رضي الله عنهم في هذه الامة كان امنة من وقوع الفتن ووقوع الاختلاف في الدين في هذه الامة ثم بعدهم ان صبت الفتن على الناس صبا ومصداق هذا في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي صحيح مسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم النجوم امنة للسماء فاذا ذهبت النجوم اتى السماء ما توعد وانا امنة لاصحابي فاذا ذهبت اتى اصحابي ما يوعدون واصحابه امنة لامتي فاذا ذهب اصحابي اتى امتي ما توعد الواقع يشهد بانه من خرام عهد الصحابة رضي الله تعالى عنهم دبت الخلافات عظمت الفتن وتفرقت الفراق وتشعبت الاهواء واستولى على الناس امر عظيم الا تلك الثلة التي تمسكت بالحق والهدى الذي كان عليه اولئك الناجون الاولون الخيرون بشهادة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبالتالي من سار على دربهم وصل كل من سار على الدرب وصل فالذي يسير على درب اولئك سيصل الى النجاة التي وصل اليها اولئك رضي الله تعالى عنهم وارضاهم فهذه وصية في هذا الزمن المتأخر زمن الغربة ينبغي على كل مسلم ومسلمة ان يراعيها وان يتأملها اذا اردت ان تنجو من الاختلافات في العقائد وفي غيرها فالزم ما كان عليه السلف الصالح تنجو بتوفيق الله سبحانه وتعالى ورحمته قال رحمه الله نقول ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى وبيانا لما يجب ان يكون عليه كل مؤمن نبه هذا التنبيه رحمه الله لاجل الا يظن ان المؤلف يزكي نفسه انما هو متحدث بنعمة الله قال جل وعلا واما بنعمة ربك فحدث فليس المقام مقام اه افتخار وتزكية انما هو مقام بيان وتحدث بنعمة الله سبحانه وتعالى ونسأل الله تعالى ان يثبتنا واخواننا المسلمين بالقول الثابت بالحياة الدنيا وفي الاخرة وان يهب لنا منه رحمة انه هو الوهاب قال ولاهمية هذا الموضوع وتفرق اهواء الخلق وتفرق اهواء الخلق فيه احببت ان اكتب على سبيل الاختصار عقيدتنا عقيدة اهل السنة والجماعة وهي الايمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر خيره وشره سائلا الله تعالى ان يجعل ذلك خالصا لوجهه موافقا لمرضاته نافعا لعباده اللهم امين بين المؤلف رحمه الله السبب الذي دعاه لان يؤلف هذا المختصر في العقيدة وذلك لاهمية هذا الموضوع هذا اهم الموضوعات وهذا اشرف الموضوعات وهذا الذي هو من اعظم اسباب النجاة عند الله سبحانه وتعالى والامر الثاني ما وقع في الناس من اختلاف كثير ولاجل هذا كان تأليف اهل السنة والجماعة في باب الاعتقاد وهذه نقطة تحتاج الى بيان نبينها غدا ان شاء الله ما هو علم العقيدة ما اهميته ولماذا الف المؤلفون فيه وما هي الموضوعات التي يعالجها كل ذلك مع ما يتبع هذه الجملة من كلام المؤلف رحمه الله سوف يكون موضوع درسنا غدا بتوفيق الله عز وجل وعونه اسأل الله ان يثبت ان يثبتني واياكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة اسأل الله ان يلزمنا الاسلام والسنة حتى نلقاه وان يجعل اخر كلامنا من الدنيا لا اله الا الله وان يتوفانا وهو راض عنا انه سميع مجيب الدعاء والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين