بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. واشهد ان لا اله الا الله الله وحده لا شريك له ولا رب سواه. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله وخليله ومصطفاه اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن استن بسنته واهتدى يهوداه وبعد اخوة الاسلام في كل مكان. فمن رحاب بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس التاسع من مجالس دراستنا لتهذيب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم المختصرة التي قدم بها المصنف الامام النووي رحمه الله تعالى لكتابه تهذيب الاسماء واللغات وما زال حديثنا في الفصول الاتية في اخر هذا الكتاب حديثا عن جمل موجزة مختصرة في اخلاق المصطفى صلى الله عليه وسلم وهو الفصل الذي شرعنا فيه ليلة الجمعة الماضية ولاننا ما زلنا في عشر مباركات هي العشر الاول من ذي الحجة. فاننا نتقلب في جليل من الاعمال الصالحة التي يحبها الله سبحانه عسى ان يكون مجلسنا هذا المنعقد في هذا المكان المبارك الباعث لنا على كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم عملا صالحا يحبه ربنا في هذه الليالي المباركة وليلة الجمعة منها على وجه الخصوص يا رب صل على نبي امامنا واعرظ عليه صلاتنا وسلامنا وامن علينا يا كريم بشربة من حوضه نشفي بها اسقامنا تقدم الحديث ليلة الجمعة الماضية في هذا الفصل الذي سماه المصنف رحمه الله تعالى فصل في اخلاقه صلى الله عليه وسلم ومضت فيها جمل عميقة بديعة كل جملة تستحق ان تكون مجلسا يفرض الحديث بشأنه لبيان بعد مراميه وعمق معناه وغزارته لكننا اكتفينا بالقدر الذي اراده المصنف رحمه الله اختصارا وايجازا وقفنا عند قوله وكان يقعد صلى الله عليه وسلم تارة القرفصاء وتارة متربعا. واتكأ في اوقات وفي كثير من الاوقات او في اكثرها محتبيا بيديه. وكان يأكل باصابعه الثلاث ويلعقهن في الشراب بالاناء ثلاثا خارج الاناء وبقية الفصل التي نتدارسها مجلس الليلة هي التي نتم بها ما اراده المصنف رحمه الله من الجمل في اخلاقه وشمائله وصفاته صلوات الله وسلامه عليه بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى اله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه وللسامعين قال المصنف رحمه الله ويتكلم بجوامع الكلم ويعيد الكلمة ثلاثا لتفهم وكلامه بين يفهمه من سمعه ولا يتكلم من غير حاجة. هذه اربع جمل امة الاسلام في وصف كلام نبينا عليه الصلاة والسلام وصف كلامه عليه الصلاة والسلام بديع جميل حسن الوقع في المسامع بل هو جليل الوقع في القلوب والنفوس وهكذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اتاه الله جوامع الكلم وهذه اولى الصفات الاربع التي ساقها المصنف رحمه الله في بيان وصف كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهي من الخصال التي اوتيها وخص بها عليه الصلاة والسلام كما في الحديث اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي. وذكر منها قوله واوتيت جوامع الكلم جوامع الكلم هي الكلمات الموجزة المختصرة في الفاظها العميقة في دلالتها الكثيرة في معانيها وهذا في جل كلامه عليه الصلاة والسلام. مثل قوله انما الاعمال بالنيات وانما لكل امرئ ما نوى. فهذا الحديث احد قواعد الاسلام كما يقول العلماء. اذ يندرج فيه كل احكام الشريعة الاستثناء. ومثل قوله صلى الله عليه وسلم من عمل ام عملا ليس عليه امرنا فهو رد او من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد. فهذا الحديث ايضا اصل عظيم يتناول من الصور ما لا حصر له ولا احد وهو بوابة من بوابات الحفاظ على السنة وحمايتها من الاحداث والابتداع. ومثل قوله صلى الله عليه عليه وسلم الدين النصيحة ومثل قوله الحلال بين والحرام بين ومثل قوله ان مما ادرك الناس من كلام النبوة الاولى اذا لم تستحي فاصنع ما شئت ومثل قوله دع ما يريبك الى ما لا يريبك وامثلة هذا اكثر من ان تحصر في هذا المجلس قوله اذا انه كان يتكلم بجوامع الكلم فقد كان كلاما عظيما. رغم وجازة الفاظه وقلة حروفه وكلماته الا انه كان عظيما في الدلالة على الاحكام لما بعثه ربه عز وجل ليكون خاتم النبيين صلى الله عليه وسلم الوصف الثاني للكلام التأني والتمهل والترسل وساق فيها جملتين. قال ويعيد الكلمة ثلاثا لتفهم يعني حتى يفهمها الناس من حوله فربما اعاد الكلمة او الجملة اكثر من مرة. وورد عنه ايضا صلى الله عليه وسلم انه كان اذا سلم سلم ثلاثا. يعني اذا اتى قوما جلوسا والجمع كبير والمجلس واسع. سلم في نداء المجلس وسلم في اثنائه وسلم اذا بلغ اخره فكان يسلم ثلاثا ويتكلم بالكلمة ثلاثا قال لتفهم يعني ليفهمها السامع على وجه يزول معه اللبس والاحتمال والوصف الثاني في هذا السياق وهو الثالث في كلام المصنف قوله وكلامه بين يفهمه من سمعه ليس فيه تعجل وهزرمة تتداخل فيها الحروف وتتساقط الكلمات ولا يكاد يتبين السامع او يستنطق اعادة حتى يفهم ويعي الكلام الذي قيل. لم يكن كذلك كلامه صلى الله عليه وسلم ابدا. بل كان واضحا بينا فيه تمهل وترسل وتأن يفهمه السامع بل ويعيده ثلاثا ليكون اوعى للفهم واوعب للادراك والجملة الرابعة في وصف كلامه صلى الله عليه وسلم في سياق حديث المصنف هنا قال ولا يتكلم من غير حاجة لم يكن في كلامه فضول عليه الصلاة والسلام. ومعنى الفضول الكلام الذي لا داعي له. او يمكن الاستغناء عنه ما تكلم بكلمة الا في موقعها ولا تحدث بحديث الا في سياق ما يستدعيه الحديث سواء اكان في بيان حكم او اجابة سائل او تبليغ شرع او التعليق على موقف حاصل بحضرته وبين يديه صلى الله عليه وسلم. لم تكن ابدا ولم يجد احد ولو فتشت دواوين السنة. وروايات المواقف والاحداث لن تجد فيها جملة عابرة يمكن ان يقال عنها انها حشو من الكلام او لا حاجة لها او يمكن الاستغناء عنها او ان جملة في سياق الكلام بذاته تقوم مقامها وتغني عنها لم يتكلم صلى الله عليه وسلم الا في موضع حاج بالقدر الذي يستدعيه المقام. كلامه فصل واضح بين مفهوم لدى من سمعه صلوات الله وسلامه عليه ولا يقعد ولا يقوم الا على الا على ذكر الله تعالى. لا يقعد ولا يقوم الا على ذكر الله تعالى صلى الله عليه وسلم قائمة كلها على هذا الاصل العظيم. الذي هو اقامتها على ذكر الله تعالى قوله لا يقوم ولا يقعد كناية عن ان كل شأن في حياته عليه الصلاة والسلام كان لا يقيمه الا على ذكر الله فاذا دخل المنزل ذكر الله واذا خرج ذكر الله اذا ابتدأ الطعام ذكر الله واذا فرغ ذكر الله. اذا دخل المسجد واذا خرج ذكر الله اذا دخل الخلاء واذا خرج ذكر الله. اذا رأى المطر ذكر الله اذا حضرت الريح ذكر الله اذا رأى الهلال اول الشهر ذكر الله واذا رأى الثمر في بواكير الطلع ذكر الله واذا خاف من امر ذكر الله واذا سر بامر خر ساجدا شاكرا لله كل حياته كانت ذكرا لله صلوات الله وسلامه عليه وهذا المعنى العظيم يا كرام هو امتثال وتحقيق لامر الله سبحانه يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وكم تعجب اخي والله عندما تفتش شيئا من كتب الاوراد واذكار رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكار اليوم والليلة واذكار الصباح والمساء ولو فتشت في العناوين لوجدت ذكرى للبس الثوب وذكرا لخلعه وذكرا لخلع الحذاء وذكرا للدخول والخروج السوق والبيت مسجد وذكرا اذا نام واضطجع وذكرا اذا تقلب من الليل وتعار وفزع وارق ولم يأته النوم ذكرا اذا رأى كذا اذا سمع كذا فاذا جمعتها الفيت ذلك حصرا لكل انماط ومواقف الحياة ليس فيها موقف في الجملة الا وفيها ذكر مأثور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال فتجمع من ذلك كله ان حياته صلى الله عليه وسلم كانت قائمة على ذكر الله اجمع وهو اذا كان في المجلس الواحد جالسا مع اصحابه كان يحصى له في المجلس الواحد سبعون استغفارا عجيبة هي والله حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم في ارتباطها الوثيق وانغماسها في ذكر الله عز وجل اجل لقد علمنا بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام كيف تكون حياة المسلم عامرة بذكر الله مشرقة بالقرب من ذكر الله والعيش في ظلال هذا المعنى الكريم ذكر الله العظيم سبحانه وتعالى. قال لا يقوم ولا يقعد الا على لله تعالى. ليس المراد القيام والقعود الحسيين بل المراد القيام والقعود يعني شأن الحياة فيما يفعل وما يترك كان يقيمه صلى الله عليه وسلم على ذكر الله تعالى وركب الفرس والبعير والحمار والبغلة واردف معاذا خلفه على ناقة وعلى حمار ولا يدعو احدا يمشي خلفه. هذا في ركوبه عليه الصلاة والسلام ركب الفرس والبعير والحمار والبغلة. يعني ركب الدواب على اختلاف انواعها ولم يكن يتقصد نوعا معينا من الدواب والمركوبات يريدها ان تكون مركوبه على وجه الخصوص وهو في هذا صلى الله عليه وسلم يقوم على الشأن النبوي العام في الحياة وهو الاخذ بما تيسر من طعام ولباس ومركوب لا يتقصد شيئا بعينه صلى الله عليه وسلم. فمهما تيسر له منها شيء تناوله. فكذلك الشأن وفي المركوبات ركب الفرس ركب البعير ركب الحمار ركب البغلة غالبا ما يكون ركوب الافراس في الغزو او في السفر وكذلك البعير. واما الحمار والبغلة فغالبا ما تكون في المدينة وفي الانتقال بين المساكن او بلوغ بعض المواضع القريبة. وقد يقوم هذا مقام هذا ولا حرج فالكل من الدواب المركوبة وفيها دلالة اخرى في هذه الجملة فوق انها اشارة الى عدم التكلف والاخذ بما تيسر فيها اشارة الى التواضع النبوي الكريم. فان ركوب بعض الدواب قد يأنفه بعض الكبراء فانك لا تجد من ارباب العظمة والملك والجاه من يقبل بركوب الحمير والبغال مثلا. لكن ركوبها غالبا يكون عند ارباب القلة والفقر ومن لا قدرة له على اقتناء المركوبات الثمينة الفرس والبعير فاذا ركبها دل ذلك على تواضع مع قدرة على ما هو اكبر واغلى واثمن. فركب الفرس والبعير القمار والبغلة وهنا دلالة اخرى على تواضعه عليه الصلاة والسلام في هذا الباب في المركوبات وهو ارداف بعض اصحابه خلفه في الركن كوب فاردف معاذا خلفه على ناقة وعلى حمار ولا يدع احدا يمشي خلفه. لم يكن معاذ رضي الله عنه رديف النبي صلى الله عليه وسلم في بعض المواضع بل كان هو وكان ابن عباس وكان الفضل وكان اسامة وغيرهم ممن يرافق النبي صلى الله عليه وسلم احيانا فيركب ويردفه خلفه وهذا الارداف كما اسلفت دلالة على التواضع من جهة. ودلالة ثانية على قربه الحميمي صلى الله عليه وسلم من صحابته الكرام رضي الله عنهم جميعا فهو قريب منهم حسا ومعنى اما القرب المعنوي فالنبوة والوحي والتعليم والحرص والرأفة وسائر المعاني التي بعثه الله تعالى بها لامته عليه الصلاة والسلام. واما القرب الحسي فالمجالس والدعوات والزيارات والاستضافات ومنها هذا المقام في الشاهد ارداء بعض الصحابة خلفه فتالله ما اروعه من موقف يعيشه الصحب رضي الله عنهم قربا حسيا بدنيا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كان احدنا معاذا او الفضل ابن عباس واردفه النبي صلى الله عليه وسلم خلفه لكانت والله غاية التشريف باكرام الذي لا يدانيه شيء في هذه الدنيا. من التشريف والاجلال والتكريم ان يكون الراكب رديف نبي الامة عليه الصلاة والسلام. وهذا ايضا يساق في ذكر ما يتعلق بشأن مركوباته التي كان يركبها والهدي الذي كان يركب يركب فيه النبي صلى الله عليه وسلم هذه الدواب. قال ولا يدع احدا يمشي خلفه لما ورد في بعض الروايات ايضا انه كان يسوق اصحابه بين يديه. كما في حديث هند بن ابي هالة يسوق اصحابه بين يديه يعني يجعلهم امامه في المسير ويمشي خلفهم يقودهم حتى يتأكد من سيرهم اجمع. وان كان هذا ليس على اطلاقه لكنه فيه اشارة مرة اخرى ايضا على التواضع والتقلل وان القائد لا يلزم ان يكون في مقدمة الركب في السير امامهم يتقدم الصفوف يتطلبه الموقف احيانا واحيانا يتأخر عنهم ليكونوا على مرأه في رعايته بنظره صلى الله عليه وسلم وعصب على بطنه الحجر من الجوع وكان يبيت هو واهله الليالي طاوين. هذا في الاشارة الى زهده وتقلله صلى الله عليه وسلم من الطعام ودلالة على الفقر والقلة التي عاشها نبينا صلى الله عليه وسلم عموما في الحياة. عصب على بطنه الحجر من الجوع يعني شد وربط على بطنه الحجر. وقد ثبت هذا في غير ما موقف اصلحه واصحه ما كان ايام غزوة الخندق فانه اشتد بالصحابة رضي الله عنهم الجوع وهم يحفرون الخندق فكانوا مع ذلك في زيادة اه صعوبة على صعوبة ربط الحجر على البطن هو للضغط على المعدة عند الجوع لاسكات الم الجوع ومن وجد جوعا فضغط على معدته وجد الم الجوع يتبدد. فشد الحجر على البطن هو لاذهاب هذا الجوع ربط الصحابة على بطونهم الحجر والنبي صلى الله عليه وسلم رابط الحجرين اشارة الى شدة الجوع وقوة احتماله عليه الصلاة والسلام ضعف ما كان يصيب الصحابة رضي الله عنهم. وكان هو واهله الليالي طاوين كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما انه كان النبي صلى الله عليه وسلم يبيته هو واهل بيته الليالي المتتابعة طاويا من غير عشاء. معنى طاويا من من طوى الشيء اذا ثناه يعني كأنما طواعد بطنه صفحة فلم اطعم شيئا ولم يدخل بطنه وجوفه طعام من الجوع ولم يكن هذا ابدا باعثا على تذمر وانزعاج بل الرضا التام الذي يحمد ربه عليه اذا اصبح واذا امسى صلى الله عليه وسلم وهو القائل اللهم ما امسى بي من نعمة او باحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد ولك الشكر. وهو الذي يحمد الله على كل حال وهو صاحب لواء الحمد عليه الصلاة والسلام. وفي الحديث في الجملة هنا ايضا يا كرام اشارة الى معنى عظيم. ان الدنيا على عظمتها وكل زينتها وما احتوت عليه من متاع وطعام وشراب ولباس واثاث ومال وزخرف يتنافس فيه اهل الدنيا لم تكن محل اكرام وكرامة عند الله عز وجل للمصطفين من عباده. ولو كانت كذلك لساقها رب العزة والجلال بين يدي اعز الخلق عليه صلى الله عليه وسلم. والله عز وجل يقول له ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا انهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه. ورزق ربك خير وابقى. ربه الذي ساق له المعجزات فشق له القمر وفلق له الماء من بين الحجر واجرى الماء بين اصابعه. وجعل الماء الطعام يتكاثر بين يديه واسرى به وعرج به الى سابع سماء قادر ربه سبحانه ان يكرمه مع كل اية تنزل بالوحي بطعام ودرهم ودينار قادر والله لكن الله عز وجل لم يرد ذلك له وعاش حياته صلى الله عليه وسلم على هذا التقلب ثم جاء الابتلاء لامهات المؤمنين نسائه عليه الصلاة والسلام يا ايها النبي قل لازواجك ان كنتن تريدن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين. امتعكن واسرحكن سراحا جميلا ان كنتن تريدن الله ورسوله والدار الاخرة فان الله اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما. وهذا شرحه يطول في والاحداث التي كان فيها النبي صلى الله عليه وسلم على قلة من طعام هو واهل بيته يمر الهلال والهلالان والثلاثة ولا يوقد في بيته نار. يأتيه الضيف فيبحث صلى الله عليه وسلم عما يضيفه به من بيوت فلا يجد ما يقدمه لضيفه يمر باحد اصحابه فيسأل ام المؤمنين هل عندكم من طعام فتقولوا لا الا الخل يا رسول الله فيقول هاتي فنعم الادام الخل. مواقف تترا كانت تتابع والنبي عليه الصلاة والسلام ليس له عنوان في حياته الا التقلل من الدنيا والزهد فيها والاكتفاء منها بقدر البلغة لم تكن الا مركبا يمتطيه ليعبر به نهر الحياة الى الضفة الاخرى حيث النعيم المقيم. وحيث المقام المحمود حيث الكرامة العظيمة والشفاعة العظمى الذي خصه الله تعالى به. فكانت هذه من ابرز ملامح حياة رسول الله صلى الله وعليه واله وسلم وفراشه من ادم حشوه من ليف وكان متقللا من امتعة الدنيا كلها وقد اعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الارض كلها فابى ان يأخذها فابى ان يأخذها واختار الاخرة عليها فراشه من ادم يعني من جلد الفراش الذي كان ينام عليه صلى الله عليه وسلم هو عبارة عن جلد محشو محشو هذا الجلد بريف الليف الذي يستخرج من سعف النخل اذن لم يكن قطنا وسيرا ولا حريرا ولا ريش نعام ولا غيره لم يكن الا ليفا ففيه شيء فقط يحمل طبقة تقي الجسد من الالتصاق بالارض اذا اضطجع عليه صلى الله عليه وسلم. هذا فراشه حشوه من ليف حتى تدرك ان المسألة ليست في الطعام والفراش فقط قال وكان متقللا من امتعة الدنيا كلها هل هذا فقر وعوز وضيق حياة وشدة وبؤس؟ الجواب لا بل كانت الدنيا بيديه واذا اتته المغانم فرقها عليه الصلاة والسلام. قال وقد اعطاه الله تعالى مفاتيح خزائن الارض كلها ان يأخذها واختار الاخرة عليها. وهو القائل عليه الصلاة والسلام ان عبدا خيره الله بينما عنده وبين الدنيا فاختار ما عند الله فبكى ابو بكر رضي الله عنه ادراكا انه صلى الله عليه وسلم اثر الاخرة ورضي بقرب اجله الذي اشار اليه في هذا الحديث وعلى كل فقد كان الزهد والتقلل من الدنيا والاعراض عن زينتها وعدم وعدم الخضوع لزخرفها وبريقها الزائف كان عنوانا لحياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكان كثير الذكر دائم الفكر جل ضحكه التبسم وضحك في اوقات حتى بدت نواجذه وهي الانياب. كان كثير الذكر عليه الصلاة والسلام قد تقدم هذا في صدر المجلس عند قول مصنفي رحمه الله تعالى لا يقعد ولا يقوم الا على ذكر الله. ذكر الله ممتثلا لامر ربه سبحانه يا ايها الذين امنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا. وقد تقدم ان اوضاع حياته وانماطها كانت كلها قائمة على ذكر الله عز وجل. ليس له في يأتي موضع ولا حال الا وفيه ذكر لله جل جلاله. دائم الفكر يعمل فكره في التأمل في ايات الله ومخلوقات الله وما اوحى الله تعالى به اليه. والفكر في امر رسالته والبعثة التي شرفه الله تعالى بها. فحمل امانتها وقام باعبائها صلوات الله وسلامه عليه. ثم انتقل المصنف الى صفحة اخرى من صفحات الخلق المحمدي. وهو اشاعة الفرحة والسرور بث البهجة والانس في حياته صلى الله عليه وسلم وفي الناس من حوله في الدنيا من حوله جميعا. قال جل التبسم ضحك في اوقات حتى بدت نواجزه وهي الانياب الضحك والتبسم عنوان السعادة التي يعيشها الانسان بخلاف الانزعاج والتبرم والضيق وكثرة الشكوى بخلاف الانزعاج واكفهار الوجه والعبوس وتقطيب جبين جل ضحكه التبسم فاذا ضحك عليه الصلاة والسلام كانت البسمة المشرقة التي تبدو من محياه فتشرق لها صلى الله عليه وسلم واذا ضحك بدا كالنور يطلع من بين ثناياه صلى الله عليه وسلم لثناياه بريق اذا تبسم اذا يتبسم صلى الله عليه وسلم كانت الفرحة تشيع في مجلسه للبسمة التي تبدو في وجهه الشريف صلى الله عليه وسلم. ومع ذلك فكان ضحكا لا قهقهة فيه ولا فتح فم ولا رفع صوت ولا بدو لهاة في اطلاقا فاذا بالغ في الضحك او بلغ حده الاعلى كانت تبدو نواجذه وهي الاضراس وهي ايضا اشارة الإيلام اتساع الفم بالتبسم لا اكثر. ويحب الطيب ويكره الريح الكريهة. يحب الطيب لأنه طيب عليه الصلاة والسلام. طيب الله ظاهره وباطنه. طيب الله قوله وفعله ومرآه وريحه عليه الصلاة والسلام. مضى في مجلس ليلة الجمعة الماضية ان عرقه عليه الصلاة والسلام كان طيبا. وانه لا يشم منه الا طيب. وسيأتينا حديث انس رضي الله عنه قال ما من اسست ديباجا ولا حريرا الين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط اطيب من رائحة رسول لله صلى الله عليه واله وسلم. كان يحب الطيب ويحث عليه وكان يرغب فيه وكان لا يرده اذا قدم اليه. نعم كان الطيب من الثلاث التي لا يردها رسول الله صلى الله الله عليه وسلم. واذا اعطي الريحان لطيب ريحه يقبله ولا يرده صلى الله عليه واله وسلم وكان في مقابل ذلك في حبه للطيب يتطيب وكان يضرب المثل بالريح الطيبة. يقول مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ويقول في الترغيب في ذكر الشيء اطيب عند الله من ريح المسك كما في خلوف فم الصائم في وصف بعض نعيم الجنة. كان الريح الطيب محبوبا عنده صلى الله عليه وسلم. وفي مقابل ذلك يكره الريح الكريهة. لا يحبها لان الارواح الطيبة تألف الريح الطيبة. بخلاف الارواح الخبيثة فانها انما تلتئم مع النفوس الخبيثة والمستقذرة كذلك. ولذلك جاء الحث على اتخاذ الزينة عند المساجد. وعلى عناية الانسان ببدنه وطهوره وغسله وتطيبه من اجل ذلك كان عنوان حياته صلى الله عليه وسلم في احد صفحاتها التي تبدو فيها سعادة والبهجة والاشراق في حياته وفي حياة الناس من حوله بما ينعكس منه صلى الله عليه وسلم حبه للطيب والريح الطيبة التي كان عليه الصلاة والسلام يحبها وكان الناس من حوله يجدونها فيه صلى الله عليه وسلم ويمزح ولا يقول الا حقا ويقبل ويقبل عذر المعتذر اليه. يمزح ولا يقول الا حقا. هذه جملة فيها شيئان عظيم ان كلاهما بحاجة الى تأمل وفهم واستنان اما اولهما فمشروعية المزاح فانه صلى الله عليه وسلم كان يمازح اصحابه وحفظ في ذلك عدة مواقف ما زال اهل العلم يروونها في شمائله وسيرته وهديه العام صلى الله عليه وسلم. اشارة الى ماذا؟ الى عدة قضايا. منها بشريته صلى الله عليه وسلم فان الله بعثه بشرا رسولا والبشرية هذه لا يمكن الانفصام عن خصائصها عن فطريتها عن جزء من مكوناتها ومنها المزاح نعم فنحن مباشر ولسنا الات حياتنا تقوم دوما على الجد والنمط الواحد الذي لا يعرف التغيير. النفس مهما كانت جادة ذات عزيمة فانها تمل تكد تتعب تنصب. بحاجة الى استرواح واسترخاء بحاجة الى ممازحة وملاطفة. لسنا الات ولسنا نفوسا صماء. والنبي عليه الصلاة والسلام لبشريته كانت تظهر على حياته هذه المواقف شرية الفطرية وهي مواقف المزاح منها. ولانه كان يغضب ويفرح ويحزن ويسعد ويبكي ويضحك كل ذلك كان في حياته عليه الصلاة والسلام. هذا الامر الاول وهو صفة البشرية. الوصف الثاني الذي يشتمل عليه معنى المزاح التواظع اجل فقد كان عليه الصلاة والسلام في اعلى المقامات وارفعها وربما توهم متوهم ان علو القدر وارتفاع المنزلة يناقض التبسط والممازحة مع البسطاء وعامة الناس وهذا فهم مغلوط فما كان عليه الصلاة والسلام في علو قدره ورفعة شأنه بل النبوة والرسالة التي رفع الله تعالى مقامه اليها لم يكن الا حبيبا متواضعا قريبا من صحابته رضي الله عنهم. وهذا القرب كان في صور شتى منها الممازحة ان تخيل ان يأتي لبعض اصحابه فيضمه من خلفه يحتضنه بالا يعرف من هو فيقول من يشتري مني هذا العبد انت متخيل ان يمازح عليه الصلاة والسلام عجوزا تأتي تقول يا رسول الله ادع الله ان يسكنني الجنة فيقول لها ان الجنة لا يدخلها عجوز واخر يأتيه ليطلب منه ان يركبه على مركوب فيقول ان حاملوك على ولد الناقة فقال يا رسول الله وما افعل بولد الناقة وهكذا مواقف شتى كان فيها مزاحه صلى الله عليه وسلم اية جليلة والله دلالة على تواضعه العظيم صلوات ربي وسلامه عليه وفيها معنى اخر بديع وهو ان هذا المزاح الذي كان يعيشه صلى الله عليه وسلم في بعض المواقف من حياته لم يكن متناقضا او مصادما بهموم عظيمة بحجم الامة كان يحملها على عاتقيه صلى الله عليه وسلم. اي والله فان احدنا لو حمل هم مشكلة يعيشون او مسئولية ومنصب كبير يتبوأه ربما فارقه النوم والتفكير المريح والانبساط والاسترخاء انشغالا بهذا الهم الكبير. والله لن يكون هم عند احد من البشر يعيشه في دنياه اعظم من هم نبي الامة الذي يحمل هم دين ووحي ورسالة واخراج الناس من الظلمات الى النور وقودها الى جنة عرضها السماوات والارض ومع ذلك فعندما تجد في حياته متسعا للمزاح فاعلم انها النفس الكبيرة على صاحبها افضل الصلاة والسلام الجملة الثانية في كلام المصنف التي وصف بها المزاح قال ولا يقول الا حقا وهذا ضابط شرعي جليل مهم هو الحد الفاصل. بين المزاح المشروع وغير المشروع مع حد الاقتصاد فيه والاقتصار على قدر الحاجة لان الاستكثار منه كسائر فضول المباحات التي ربما ينقلب فيها الامر سوءا على صاحبها وفي ادنى حالاته الاقتراب من دائرة المكروهات وما لا يستحسن فعله او ما لا يليق بالمروءات لكن الضابط الكبير هنا ان يكون المزاح متقيدا بالصدق والحق لان كثيرا من الناس الف وظن واعتقد ومارس ان المزاح لا تبلغ بهجته ورونقه وضحكته والانبساط به الا اذا شابه او امتزج به او انقلب تماما الى مغالطة وكذب ويترخص بعض الناس في هذا فيقول هو مزاح ابدا ما شرع الله عز وجل الصدق في حال دون حال ولا رخص في الكذب ليكون في مزاح المسلم انغماسا في الكذب بحجة التمازح. يمزح ولا يقول الا حقا وضربنا لذلك امثلة. والمقصود ان مزاحه رغم انه مزاح لكنه وكان صورة مشرقة لصور الكمال والسمت العظيم في الوقار والهدي النبوي الكريم في الجلالة التي ما زالت تفرض هيبتها على الامة ولا وليس على الصحابة فقط لتقرأ الامة وتتدرس في هذا الجيل وتقرأ اجيالا متتابعة في سيرته عليه الصلاة والسلام لتجد في مزاحم صورة من صور العظمة صلى الله عليه وسلم. وكان كما وصفه الله تعالى لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم اية عظيمة في كتاب الله الكريم. فيها وصف نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم. هذه خمسة اوصاف بايجاز. الاولى انه رسول من كما خاطب الله به العرب. فكان رسولا من بينهم من بني جلدتهم من عشيرتهم. الثانية قوله عزيز عليهما اعنتم والمراد كما يقول الامام الطبري رحمه الله اي عزيز عليه عنتكم وهو دخول المشقة والمكروه والاذى عليكم والمقصود ايضا انه عزيز عليه ما عنتم انه لم يقبل صلى الله عليه وسلم ولا تطيب نفسه بان يعيش او ان يرى في امته العنتان. والمقصود يعني لم يرظى صلى الله عليه وسلم ان تقع امته في عنت ومشقة وشدة واذى او شيء تكرهه. قال الله عز وجل في الوصف الثالث حري عليكم. حريص عليكم يعني في غاية الشفقة والحرص على ايصال الخير لهم. على دلالتهم على ابواب على دلالتهم على كل خير على وصول النفع الدنيوي والاخروي اليهم كما يقول ابن كثير رحمه الله وساق في ذلك حديث ابي ذر رضي الله عنه قال تركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. وما طائر يقلب جناحيه في الهواء الا وهو يذكرنا منه وعلما وقال صلى الله عليه وسلم ما بقي شيء يقرب من الجنة ويباعد من النار الا قد بين لكم. والحديث الذي اخرجه الامام احمد عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لم يحرم حرمة الا وقد علم انه سيطلعها منكم مطلع الاواني اخذ بحجزكم انتهافتوا في النار كتهافت الفراش او الذباب والاحاديث الشواهد في هذا جمة كثيرة غزيرة ان الله عز وجل جعله نبيا كريما يعز عليه امته يعني لا يرضى المشقة عليهم ولهذا جاء في الحديث الصحيح قال بعثت بالحنيفية السمحة وقوله صلى الله عليه وسلم ان هذا الدين يسر. فشريعته كلها سمحة يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه. فاذا هذان الوصفان عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم في تمام الرأفة والشفقة المحمدية منه صلى الله عليه وسلم على امته قال في الثالثة حريص عليكم والحرص قد تقدم انها دلالة على ايصال الخير والنفع الدنيوي والاخروي جميعا الى امته صلى الله عليه وسلم قال في الوصفين الرابع والخامس بالمؤمنين رؤوف رحيم وصفه الله تعالى بهذين الوصفين بالمؤمنين رؤوف رحيم. يقول الامام القرطبي رحمه الله تعالى عن الحسين بن فضل لم يجمع الله لاحد من الانبياء اسمين من اسمائه الا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم فانه قال بالمؤمنين رؤوف رحيم. وقال ان الله بالناس لرؤوف رحيم قال القرطبي وقال عبدالعزيز بن يحيى نظم الاية لقد جاءكم رسول من انفسكم عزيز حريص بالمؤمنين رؤوف رحيم قيم عزيز عليه ما عنتم لا يهمه الا شأنكم وهو القائم بالشفاعة لكم فلا تهتموا بما عنتم ما اقمتم انتم على سنته فانه لا يرضيه الا دخولكم الجنة. صلى الله عليه وسلم. هاتان الايتان في اخر سورة التوبة في قول ابي ابن كعب اقرب القرآن بالسماء عهدا. يعني انهما اخر ما نزل من القرآن. وفي قول سعيد بن جبير اخر ما نزل من القرآن واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله فيحتمل ان يكون قول ابي اقرب القرآن بالسماء عهدا بعد تعالى واتقوا يوما ترجعون فيه الى الله. والله اعلم كما ذكر الامام القرطبي رحمه الله تعالى هذا وصف لو خصص له مجلس مستقل لبيان جميل وبديع دلالة الاية الكريمة على وصف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها لكانت حرية بالافراد وسوق الشواهد على الاوصاف الخمسة المذكورة. لكنها دلالة عظيمة بالغة العظمة. وقد يقول قائل ان معنى الاية عزيز عليه ما عنتم ان تدخلوا النار. حريص عليكم ان تدخلوا الجنة. حريص قم ان تؤمنوا. وقال الفراء شحيح بان تدخلوا النار. قال حريص عليكم يعني شحيح ان تدخلوا النار. فلو قال قائل كيف يكون فيه عزيز عليه ما عنتم وفي الشريعة من التكاليف ما فيه مشقة وصعوبة وفيه ابتلاء وفيه صبر ومجاهدة للنفس على اقامة الشريعة. فالجواب من وجوه ابرزها انه عليه الصلاة والسلام كل ما يحصل للامة من خير فهو حريص على ايصاله اليهم. وما يلحقها بها من ضرر وتعظم وآآ مشقته فانه صلى الله الله عليه وسلم ينأى بامته عن ذلك لكنه كالطبيب المشفق والاب الرحيم في حق الامة. والطبيب المشفق كما يقول الرازي ربما اقدم على علاجات صعبة يعسر تحملها. والاب الرحيم ربما اقدم على تأديبات شاقة الا انه لما عرف ان الطبيب حاذق وان الاب مشفق صارت تلك المعالجات المؤلمة محتملة وصارت تلك التأديبات جارية مجرى الاحسان. يعني لم تزل في سياق حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم صلى الله عليه واله وسلم. قال تعالى وصلي عليهم ان صلاتك سكن لهم. هذا وصف اخر جعل الله صلاة نبيه على امته سكن. معنى الصلاة هنا الدعاء. معنى الصلاة هنا الدعاء. قال الامام الطبري رحمه الله وصلي عليهم يقولوا وادعوا لهم بالمغفرة لذنوبهم واستغفر لهم منها. ان صلاتك سكن لهم يقول ان دعائك واستغفارك طمأنينة لهم بان الله قد عفا عنهم وقبل توبتهم. وهذا ايضا من جميل المعاني في دعواته عليه الصلاة والسلام. في الصحيح عن ابن عباس بل عن عبدالله بن ابي اوفى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اوتي بصدقة قوم صلى عليهم فاتاه ابي بصدقته فقال اللهم صلي على ال ابي اوفى وفي الحديث الاخر ان امرأة قالت يا رسول الله صلي علي وعلى زوجي قال صلى الله عليك وعلى زوجك ان صلاتك سكن لهم. قال ابن عباس رحمة لهم. وقال قتادة وقار لهم. فدعاء النبي عليه الصلاة السلام لا يأتي للامة الا بخير ورحمة ووقار. صلوات الله وسلامه عليه وكانت معاتبته تعريضا ما بال اناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله تعالى ونحو ذلك هذا في غاية الادب الكريم الذي كان نبينا صلى الله عليه وسلم يسوق به امته وصحابته على وجه الخصوص حتى اذا عتب والعتب فيه فيهم شدة معنوية وفيه شيء من عدم الرضا فيأتي العتب. ومع ذلك فما كان لجرح المشاعر عرفي في حياته صلى الله عليه وسلم مسلك اطلاقا واذا اراد عرظ يعني لم يصرح بالفاعل فيقول ما بال اقوام ينزهون او يتنزهون عن الشيء افعله ما اقوام يشترطون شروطا ليست في كتاب الله. ما بال رجال بلغني عنهم كذا وكذا ولهذا فقد كانت هذه من اجلى صور رفقه بامته صلوات الله وسلامه عليه. ويأمر بالرفق ويحث عليه وينهى عن يأمر بالرفق ويحث عليه وينهى عن العنف امر فلما امر قال عليه الصلاة والسلام عليكم بالرفق فانه ما كان في شيء الا زانه. ولا نزع من شيء الا شانه وهو يقول حثا على الرفق ان الله اذا اراد باهل بيت الخير جعل فيهم الرفق وحياته كلها كانت في الرفق ايضا صلى الله عليه وسلم وينهى عن العنف ويحث على العفو والصفح ويحث على العفو والصفح ومكارم الاخلاق وسيرته وسنته مليئة عامرة بذلك كله. والله قد قال له خذ العفو وامر بالعرف واعرض عن الجاهلين. ويحب التيمن في طهوره وتنعله وترجله وفي شأنه كله. وهكذا ورد شأنه في اثبات هذا من حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين يحب التيمن فيبدأ بيده اليمنى في طهوره ولباسه ويبدأ برجله اليمنى في تنعله وبشق رأسه الايمن في الترجل يعني تمشيط الشعر وفي شأنه كله. فاذا اخذ واذا اعطى كانت اليد اليمنى واذا اكل وشرب كانت اليد اليمنى واذا دخل البيت والمنزل والمسجد كانت القدم اليمنى والعكس في يسرا وكانت يده اليسرى لخلائه وما كان من اذى. للخلاء يعني للاستنجاء او الاستجمار يتعامل باليسرى وما كان من اذى ازالته فيستعمل فيه اليسرى كذلك واذا نام او اضطجع اضطجع على جنبه الايمن مستقبلا القبلة. ويذكر الدعاء في ذلك صلى الله عليه وسلم. وكان مجلسه مجلس كحلم وحياء وامانة وصيانة وصبر وسكينة ولا ترفع فيه الاصوات ولا تأمن فيه الحرم. اي لا تذكر فيه النساء يتفاضلون فيه بالتقوى ويتواضعون ويوقر الكبار ويوقر الكبار ويرحم الصغار ويؤثرون المحتاج ويحفظون الغريب ويخرجون ادلة على الخير. هذا في وصف مجلسه صلى الله عليه وسلم وصاحب مجلس يفيض على مجلسه بسمته وخصاله فما بالكم بمجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لقد كان اشرف المجالس اعطرها وازكاها كان مجلسه مجلس حلم وحياء وامانة وصبر وعلم وخلق ودين وادب وصبر وسكينة لانها اخلاقه عليه الصلاة والسلام ولا يمكن ان تجد جاهلا يطيش في مجلسه فيوصف المجلس بغير ذلك اطلاقا بقلة حياء او خيانة او آآ طيش او حنق او تهور كل ذلك كانوا ابعد الناس عنه لانه في مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولا ترفع فيه الاصوات فاذا تكلم اطرقوه كأنما على رؤوسهم الطير. وهذه الجمل الواردة في وصف مجلسه صلى الله عليه وسلم مأثورة في وصف علي ابن ابي طالب رضي الله عنه لما سأله ابنه الحسين عن اوصاف مجلس ومخرج ومدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيه ولا تؤبن فيه الحرم اي لا تذكر فيه النساء الحرم جمع حرمة وهو كل شيء له في الشريعة مكان محترم وقدر محترم. لا تؤبن اي لا تعاب. يعني لم يكن مجلس نبينا صلى الله عليه وسلم بالذي تذكر فيه الامور المحترمة بعيب وانتقاص. ويدخل في ذلك ذكر ما يستحى من من ذكره من شأن النساء او العورات او الفروج او ما يشين بالمرء وكلامه ولم يكن مجلسه عليه الصلاة والسلام فيه شيء من ذلك قط قليل او كثير قال يتفاضلون فيه بالتقوى يعني اصحاب مجلسه صلى الله عليه وسلم. ويتواضعون فيه ويوقر الكبار ويرحم الصغار. وهذا شواهده اكثر من ان تحصر. في مواقف السيرة وشواهد السنة. ويؤثرون المحتاج يعني اذا جاء محتاج اثروه ان كانت ضيافة او طعام او اكرام او حتى حديث وكلام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلمهم انه محتاج احتياجا ماديا لمسألة او معنويا في سؤال وعلم. قال ويحفظون يعني يقومون بحقه من ضيافة واكرام واحتمال منه لما لا قد يحتمل من غيره. قال ويخرجون ادلة على الخير وفي وصف حديث هند بن ابي هالة يخرجون ادلة او روادا على الخير يعني كل منهم وقد حمل في مجلسه صلى الله عليه وسلم ينطلق دليلا على الخير. لما لا وهو احد رواد مجلس رسول الله صلى الله وعليه وسلم فيدل الامة من ورائه بما تعلمه من اية سمعها او حكم شرعي او دلالة او خير او هدى قتلهم قلوب وطابت له النفوس في مجلس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولا يزال في الفصل بقية باقية نرجئها لمجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. وما زالت هذه الليلة من ليالي عشر ايها الكرام فيها متسع لكثير من العمل الصالح الذي يحبه ربكم واعلموا ان ذكره سبحانه والصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم لمن اجل ذلك العمل الصالح المحبوب عند الله رطب لسانك ذاكرا رب الهدى فني وصل على الحبيب المقتدى. الهاشمي محمد طه الذي روحي وروحي والمسلمين له فدا. فيا رب صل وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه. وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه انزل الابرار ودرجات المقربين. ثبتنا يا ربي على سنته واحينا على سنته. وامتنا على سنته واحشرنا يوم القيامة في زمرته واكرمنا بشفاعته نحن ووالدينا وازواجنا وذرياتنا يا رب العالمين. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما لم تنا وزدنا علما يا حي يا قيوم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين