بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام في كل مكان. فمن رحاب بيت الله الحرام وفي هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة في اليوم العاشر من شهر الله المحرم سنة ثلاث واربعين واربعمئة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وحيث صامت امة الاسلام اليوم يوم عاشوراء لهذا العام نسأل الله ان يتقبل منا ومنهم جميعا ينعقد هذا المجلس الثالث عشر من مجالس مدارستنا لتهذيب السيرة النبوية فيما صدر به الامام النووي رحمه الله تعالى كتابه وتهذيب الاسماء واللغات وها نحن في اخر فصول الباب قبل خاتمته التي جعلها في خصائص النبي عليه الصلاة والسلام نجعل من مجلسنا هذا في ليلتنا هذه بابا كبيرا نلج به الى رحمات تغشانا من ربنا الكريم جل جلاله تتنزل علينا من رب العالمين وديان يوم الدين بصلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم. فقد قال عليه الصلاة والسلام من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا وها نحن في مذاكرة سيرته وشمائله واموره المتعلقة بخصائصه صلى الله عليه وسلم فانما نملأ مجالسنا حياتنا صحائفنا صلاة وسلاما عليه صلى الله عليه وسلم. لتغشانا من ابرك الصلوات واعظمها نبراس هذا الكون منبع نوره بلغت مآثره الكريمة انجما. لك يا رسول والله خير مكانة في قلب من صلى عليك وسلم. صلى الله عليه وسلم. وقد وقف بنا الحديث في اخر فصوله كما اسلفت في افراسه ودوابه وسلاحه صلى الله عليه وسلم بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه وللسامعين قال المصنف رحمه الله فصل في افراسه ودوابه وسلاحه صلى الله عليه وسلم كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم افراس افراس جمع فرس والمراد به انثى الخيل كان نبينا صلى الله عليه وسلم يا كرام يحب الخيل ويرتبطها فعن انس بن مالك رضي الله عنه كما اخرج النسائي في سننه قال لم يكن شيء احب الى رسول الله صلى الله عليه سلم بعد النساء من الخيل ولحبه للخيل عليه الصلاة والسلام فانه اقتناها وارتبطها وكان صلى الله عليه وسلم يملك عدة افراس قادها في غزواته وقع الخلاف بين اهل العلم في الخيول والافراس التي ارتبطها الا انهم اجمعوا على انه كان له صلى الله عليه وسلم سبعة افراد واس ويروى انه كان له عشرة وقع الخلاف في بعضها وقيل له كانت له افراس اخر خمسة عشر ولكن مختلف فيها وسيعرض المصنف رحمه الله تعالى جملة من هذه الافراس وخصوصا المتفق عليها. فهي المرتجز واللحيف واللذاذ الغضب والسكب وسبحة والورد هذه السبعة كما سيأتي في حديث المصنف متفق عليها وذكر الاتفاق عليها الامام ابو عبدالله محمد بن اسحاق بن جماعة الشافعي وجمعها في بيت فقال رحمه الله والخيل سكب لحيف سبحة ظرب لزاز مرتجز ورد لها اسرار وهكذا فان عناية اهل العلم بتعداد هذه الافراس وذكرها هو من تمام عنايتهم بدقيق جوانب بحياته صلى الله عليه وسلم وهو مما يذكر عادة في الشمائل ضمن المقتنيات والامور التي تخصه عليه الصلاة سلام. فاول فرس ملكه السكب بفتح السين المهملة واسكان الكاف وبالموحدة وكان اغر محجلا. وكان وكان اغرا محجلا تلقى اليمين وهو اول فرس غزى عليه. هذا اشهر افراسه صلى الله عليه وسلم او من اشهرها فرس يقال له السكب بسكون الكاف مع فتح السين. كان هذا الفرس اغر محجلا. الغرة بياض في جبهة الفرس. والتحجيل بياض في قوائمه قوله طلق اليمين يعني ان قائمه الايمن يعني يده اليمنى مطلقة من التحجير اي ليس فيها بياض وهذا من اجمل ما يكون في اوصاف الافراس والخيول غر محجلة طلق اليمين قال وهو اول فرس غزى عليه نبينا صلى الله عليه واله وسلم. والمراد بغزوته عليه الصلاة والسلام التي غزى عليها غزوة بدر فانه صلى الله عليه وسلم كان يغزو على فرسه ويقود الغزوات راكبا فرسه صلى الله عليه وسلم في عموم غزواته وعنايته عليه الصلاة والسلام بركوب الفرس في الغزو هو من تمام اخذ العدة في الجهاد في سبيل الله تعالى لاقامة دين الله جل جلاله ولاجل بلوغ هذا الدين حيث امر الله تعالى بها لتكون رحمته للعالمين كما قال عنه ربه وما ارسلناك الا رحمة للعالمين صلى الله الله عليه واله وسلم. بعض هذه الافراس التي يأتي ذكرها ورد اسمها او وصفها او ذكرها في بعض الوقائع والحوادث في سيرته عليه الصلاة والسلام. وبعضها لم يكن كذلك لكنه مما يروى في اخبار السير. وان لم يكن لها اسناد تستند اليه في اثبات الرواية كما هو الشأن في عموم اخبار التواريخ والمغازي والسير وهو مما يعتني اهل العلم كما اسلفت باراده وذكره واستعراضه ولو كان على سبيل العرض وليس على سبيل الاحتجاج فانه ليس مما تبنى عليه احكام فقهية وشرعية كما اخرج البخاري من حديث عباس ابن سهل ابن سعد عن ابيه رضي الله عنه قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له اللحيف. وسيأتي بعد قليل وفي حديث اخر ضعيف اخرجه بعض اهل السنن قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة افراس يعلفهن عند ابي سعد ابن سعد الساعدي. فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يسميهن اللزاز والظرب واللحيف واللذاذ من قولهم لاززته الى صقته كما سيأتي ايضا ذكره انفا. واول فرس كما قال المصنف هنا ملكه النبي صلى الله عليه وسلم السكب وكان اسمه عند الاعرابي الذي اشتراه منه الضرس فاشتراه منه بعشر اواق واول ما غزى عليه غزوة احد عليه الصلاة والسلام ليس مع المسلمين غيره وفرس لابي بردة تبني نيار وكان له فرس يدعى المرتجز ايضا وسيأتي ذكرها تباعا. نعم وفرس اخر يقال له سبحة. وهو الذي سابق عليه فسبقك سبحة من قولهم طرف سابح اذا كان حسن مد اليدين في الجري اذا كان الخيل يمد يديه مدا حسنا في الجري يسمى هذا سبحة وهو من افراسه صلى الله عليه واله وسلم التي اه ارتبطها كما يقول العلماء وامتلكها وكان له فرس اخر بحر واسع الجري لان جريه لا ينفذ وكذلك كانت فراسه عليه الصلاة والسلام. وقد روي ان انس بن مالك رضي الله عنه سئل اكنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم اكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراهن؟ قال نعم والله لقد على فرس يقال له سبحة فسبق الناس فهش لذلك واعجبه صلى الله عليه وسلم. والحديث اخرجه احمد والدارمي وقال الهيثمي ورجال احمد ثقات وهو الذي اشار اليه المصنف بقوله وهو الذي سابق عليه فسبق وفرس اخر يقال له المرتجز وهو الذي اشتراه من الاعرابي الذي شهد له به خزيمة ابن ثابت حديث خزيمة ابن ثابت حديث مشهور عن عمارة ابن خزيمة ان عمه حدثه في في شأن خيل المرتجز ابن عباس رضي الله عنهما قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم فرس يدعى المرتجز وسماه هكذا. والحديث اخرجه الحاكم في المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد هذا الفرس كان اشهب وهو الذي شهد فيه خزيمة ابن ثابت رضي الله عنه ومن اجله جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين سمي هذا الفرس بهذا الاسم لانه كان له صهيل حسن كانه ينشد رجزا. وقيل هو الطرف وقيل هو النجيب والطرف والنجيب الكريم من الخيل. وكان الاعرابي الذي اشتراه منه النبي صلى الله عليه وسلم من بني مرة الحديث الذي فيه اشارة لشهادة خزيمة بن ثابت رضي الله عنه ان اصحابا ان النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من اعرابي فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه فاسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وابطأ الاعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابي يساومونه بالفرس ولا يشعرون ان النبي صلى الله عليه وسلم بتاعه فنادى الاعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان كنت مبتاعا هذا الفرس والا بعته فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الاعرابي فقال اوليس قد ابتعته منك يعني لم يكن مفاوضة بل كان بيعا قد تم عقده. قال اوليس قد ابتعته منك فقال الاعرابي لا والله ما بعتكه فقال النبي صلى الله عليه وسلم بلى قد ابتعته منك فطفق الاعرابي يقول هلم شهيدا فقال خزيمة بن ثابت رضي الله عنه انا اشهد انك قد بايعته فاقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال بم تشهد يعني لم يكن حاضرا وقت عقد البيع بين النبي صلى الله عليه وسلم والاعرابي. فقال لخزيمة متعجبا بما تشهد فقال خزيمة رضي الله عنه اشهد بتصديقك يا رسول الله. يعني يكفيني انك تقول هذا فاصدقك وهذا من عجيب ايمان الصحابة رضي الله عنهم اشبه ما يكون بتصديق ابي بكر رضي الله عنه بقصة الاسراء والمعراج لما اقبل قريش تقول له هذا صاحبك يزعم انه قد اتى بيت المقدس في ليلة فاسري به ثم عرج به الى سماء سابعة. فقال اوقد اوقد قال ذلك؟ قالوا نعم فرحين كأنما امسكوا عليه فرية يتهمونها فيه بالكذب وحاشاه صلى الله عليه وسلم ما كان من ابي بكر الا ان سارع بالتصديق ان كان قد قال ذلك فلما تعجبوا قال انا اصدقه فيما هو اعظم من ذلك. في خبر وحي يأتيه من السماء هذا الايمان العجيب نستلهم منه دروسا من سير الصحابة رضي الله عنهم في صدق ايمانهم وحبهم لرسول الله عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهم جميعا. فقال لخزيمة بما تشهد؟ قال بتصديقك يا رسول الله؟ قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خزيمة بشهادة رجلين فكانت منقبة له. الحديث اخرجه ابو داوود والنسائي والحاكم في المستدرك. وقال حديث صحيح الاسناد ورجاله باتفاق الشيخين ثقات ولم يخرجاه قال الحافظ المنذري هذا الاعرابي هو ابن الحارث وقيل سواء ابن قيس المحاربين ذكر في الصحابة انه جحد البيع قيل بامر بعظ المنافقين قيل ان هذا الفرس المذكور هو المرتجز المذكور في افراس رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال الحافظ الصندي والمشهور انه رد الفرس بعد كذلك على الاعرابي فمات من ليلته والله تعالى اعلم وقال سهل بن سعد كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة افراس لزاز بكسر اللام وبزائين والظرب بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء واللحيف بظم اللام وفتح الحاء المهملة. وقيل بالمعجمة وقيل ان نحيف بالنون فاما لزازه فاهداه له المقوقس واللحيف اهداه له ربيعة بن ابي بن ابي البراء. فاثابه عليه فرائض والظرب اهداه له فروة ابن عمرو الجذامي هذه الرواية عن سهل بن سعد رضي الله عنه يقول كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة افراس لزاز بكسر اللام وزائين والظرب بفتح الظاء المعجمة وكسر الراء. واللحيف تصغير لحف بضم الله وفتح الحاء لحيف وقيل بالمعجمة يعني لخيف وقيل نحيف بالنون على اختلاف في ضبطه. قال فاما لزاز فاهداه له المقوس حاكم مصر. واما اللحيف اهداه له ربيعة بن ابي البراء فاثابه عليه فرائض يعني من الابل. والظرب اهداه له فروة ابن عمرو الجذامي. وهكذا اذا كان عامة افراس رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيه اهداء. وقد تقدم في حديث البخاري عن عباس بن سهل بن سعد عن ابيه رضي الله عنه قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم في حائطنا فرس يقال له اللحيف وحديث سهل بن سعد هذا المذكور هنا في هذه الرواية ان النبي عليه الصلاة والسلام يسميهن اللزاز والظرب واللحيف. رواه الواقدي عنه وزاد في الحديث بالسند فاما لزاز فاهداه المقوقس الى اخر ما قال اللزاز من قولك او من قول العرب لاززته اي لاصقته والفرس اللزاز المجتمع الخلق واما الظراب بكسر الظاء فهي واحد اه الظراب الظرب واحد الظراب يعني جمعه ظراب. هي الروابي الصغار. سمي الظرب بذلك بكبر وسمنه. وقيل لقوته وقال الواقدي هو اضطراب بالطاء. يسمى الطرب وليس الظرب هكذا ظبطه الواقدي. قال فسمي اضطرب لتشوقه وحسن صهيره. اما اللحيف بمعنى لاحف كانه يلحف الارض بذنب بذنبه بطوله يعني كأنما يطوي ذنبه الارظ فتكون كاللحاف له. وقيل بل اللحيف مصغرا على اختلاف في الظبط لحيف او لحيف كل تلك من افراس رسول الله صلى الله عليه واله وسلم التي اهديت له او اشتراها من بعض ان الصحابة من حوله فظبطها الصحابة وهي ثلاثة اوردها المصنفون تباعا رحمه الله تعالى سوى ما سيأتي كرهها لكنها لما اجتمعت في رواية سهل ابن سعد الساعدي رضي الله عنه اوردها سوية. نعم وكان له فرس يقال له الورد اهداه له تميم الداري ثم وهبه لعمر ثم وهبه عمر لرجل ثم وجده يباع فرس يسمى الورد كما قال المصنف رحمه الله تعالى اهداه له تميم بن اوس الداري رضي الله عنه وارضاه الفرس الذي اهداه تميم يسمى الورد كما ضبطه المصنف هنا رحمه الله. وهي من افراس رسول الله صلى الله عليه وسلم وله فرس كما قال المصنف اعطاه اهداه له تميم فاعطاه عمر بن الخطاب فحمل عليه في سبيل الله ثم وجد يباع برخص فقال له لا تشتره والورد لون بين الكميت والاشقر. يعني هو اسم للفرس لوصف في اللون الذي كانت عليه الفرس قيل كانت فرس شقراء وقيل هي الفرس المسبوقة في قوله سبحا وقيل هي والعلم عند الله. فهذا الذي يقال له فرس الورد ويروى انه كان لحمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه ترضاه والعلم عند الله في تفصيل ذلك لكنما ذكر آآ بيع الفرس واهداءه لعمر ثم شراء الاعرابي قد ذكره في امتاع الاسماع وغيره رحمة الله على الجميع وكان له صلى الله عليه وسلم بغلته دلدل. بضم الدالين المهملتين يركبها في الاسفار لما انتهى المصنف رحمه الله من جملة الافراس التي ذكرها وساق جملة طيبة من اسمائها فقد قدم كلام الائمة كابن جماعة ان المجمع عليها سبعة المرتجز واللحيف واللزاز والظرب والسكب وسبحة والورد وهي التي اوردها المصنف رحمه الله تعالى. وقد جمعها ابن جماعة في بيت كما ورد في صدر المجلس. لكنهم يذكرون ايضا جملة من اسماء الافراس التي كان للنبي صلى الله عليه وسلم غير ما تقدم ذكره هنا في هذا النص الذي اورده المصنف رحمه الله تعالى فمما يروى في ذلك فرس تقال لها شقراء وقيل ان النبي صلى الله عليه وسلم امتلك افراسا اخر قيل كان يقال لبعض افراسه عليه الصلاة والسلام الضريس او الظريس. وقال بعضهم كان له ذو العقال وكان بعضهم اه يسميه ايضا بالفاء بالعفال وبعضهم يشدد الوفاء الفاء وبعضهم يخففها. وقيل ايضا كان من رأسه فرس يقال له البحر اشتراه من تجار قدموا من اليمن فسبق عليه مرات فجثى على ركبتيه ومسح وجهه وقال ما انت الا بحر. وقيل كان كميت وقيل هو الادهم فهذه جملة افراس تذكر كما تقدم في اختلاف العدد يروى فيها غير ما واحد لكن المتفق السبعة التي اوردها صنف رحمه الله تعالى في هذا السياق وآآ لذلك قال الحافظ الدمياطي فهذه سبعة افراس متفق عليها ثم ذكر بعدها خمسة عشر فرسا مختلفا فيها قال قد شرحناها في كتاب الخيل وقد اوردها ايضا الذهبي رحمه الله وغير واحد نقلا عنه. لما انتهى المصنف رحمه الله تعالى ذكر الافراس انتقل الى الدواب الاخر فذكر ها هنا البغلة وسيذكر الناقة ثم يذكر الحمار في جملة الدواب التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يركبها وكان له صلى الله عليه وسلم بغلته دلدل بضم الدالين المهملتين يركبها في الاسفار وعاشت بعده صلى الله عليه وسلم حتى كبرت وذهبت اسنانها وكان يجش لها الشعير وكان يجش وكان يجش لها الشعير يجش يعني يطحن لها الشعير لاجل ذهاب اسنانها. فلا اتقوى على مضغه فيطحن لها الشعير لتقدر على اكله وماتت بينبع ينبع هي البلد المعروف بهذا الاسم الى يوم الناس هذا الواقعة في الطريق بين مكة والمدينة بلدة كبيرة ذات ميناء ومطار وحضارة وعيش مزدهر. ماتت بينبع يعني ان في سيرة هذه البغلة التي اهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقيل ان في جملة ما اهدي اليه من المقوقس حاكم مصر الذي بعث له النبي صلى الله عليه عليه وسلم بخطاب في ضمن ما خاطب به الملوك والامراء والرؤساء فرد له مع رسوله صلى الله عليه سلم ببعض الهدايا منها بغلة وبعض الجواري وحمار كما سيأتي ذكره بعد قليل. فقد كان هذا من جملة ما اهدي لنبي الله صلى الله عليه واله وسلم وروينا في تاريخ دمشق من طرق انها بقيت حتى قاتل عليها علي ابن ابي طالب رضي الله عنه في خلافته الخوارج ذكر ايضا في رواية انها عاشت ولم يذكر لها يعني شأن ما تقدم ذكره بل بقيت حتى خلافة علي رضي الله عنه في قتاله للخوارج فكانت عنده وانه قاتل عليها يعني امتداد عمرها وبقائها الى ذلك زمن في خلافة امير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنه وارضاه. وقد قال ابو حميد الساعدي غزونا تبوك فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول ابن العلماء صاحب ايلة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب واهدى له بغلة بيضاء فكتب اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم واهدى له بردا. قيل ايضا وبعث صاحب دومت الجندل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببغلة وجبة سندس في اسناده عبدالله بن ميمون القداح وهو ضعيف كما يقول الامام الذهبي رحمه الله تعالى. اما التي تقدم ذكرها المسماة بدلدل فهي التي اهداها المقوقل شهباء اللون اهداها مع حمار سيأتي ذكره يقال له عفير وبغلة اخرى يقال لها فضة اهداها له فروة الجذام مع حمار يقال له ويعفور فوهب البغلة لابي بكر وبغلة اخرى والعلم عند الله وكان له صلى الله عليه وسلم ناقته العضباء ويقال لها ايضا الجدعاء والقسواء هكذا روينا عن محمد بن ابراهيم التيمي ان هذه الاسماء الثلاثة لناقة واحدة وكذا قاله غيره وقيلهن ثلاث هذه اشهر نوق رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهرها من حيث الرواية وذكرها في السيرة ناقته القصواء التي حج عليها صلى الله عليه واله وسلم والتي ركبها عام وغيرها من الروايات. هذه الناقة يقال لها العظباء. ويقال لها الجدعاء ويقال لها القصواء. وروى المصنف عن محمد بن ابراهيم التيمي ان الاسماء الثلاثة لناقة واحدة. وقيل بل هن ثلاث نوق واحدة تسمى الجدعاء والثانية القصوى والثالثة بعض باء وهذا مما يذكره المصنفون في جمع الروايات التي وردت في اسماء نوق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين لا يكون وفي الرواية تفصيل واضح صريح صحيح يعين على الجزم بواحدة من تلك الاقوال المذكورة الا ان الاجتهاد يحملهم على تحري الجمع في هذه الروايات. الناقة التي هاجر عليها من مكة تسمى القصواء والعظباء والجدعاء. كانت شهباء اللون يعني بيضاء يميل بياضها الى حمرة عن قدامة بن عبدالله قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ناقة صهباء يرمي الجمرة يعني يوم العقبة في حجة الوداع ضرب ولا طرد ولا اليك اليك. يعني لم تكن بالبطيئة التي لا تمشي الا بضرب او تطرد طردا من المكان حتى تبرح ولا يناديها سائقها او سائسها او راكبها اليك اليك حتى تمشي. بل كانت بطواعة منقادة سهلة المسيري يسيرة ذلولة. الحديث حسن كما يقول الامام الذهبي رحمه الله. ومعنى الصهباء قال على ناقة صهباء يعني شقراء اللون كما اسلفت في وصف لونها. فهذه نوق رسول الله عليه الصلاة والسلام التي اقتصر المصنف رحمه الله على هذا منها وكان له حمار يقال له عفير بضم العين المهملة وفتح الفاء وذكره القاضي عياض بالغين المعجمة يعني غفير. هكذا ذكره القاضي عياض بالغيب واتفقوا على تغليظه في ذلك مات عفير في حجة الوداع هذا الحمار الذي تقدم ذكره في جملة مهديات المقوقس حاكم مصر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع بغلته دلدل التي تقدم ذكرها انفا وهذا الحمار ذكره القاضي عياض بالغين كما تقدم وغلطه العلماء وانه ربما كان تصحيفا او تحريفا. حماره عفير مات انت في حجة الوداع بخلاف البغلة دلدل التي كان يركبها في الاسفار والتي بقيت بعده حتى كبرت وذهبت اسنانها كما عندما وقيل انها بقيت الى زمن خلافة علي رضي الله عنه وارضاه والعلم عند الله وكان له في وقت عشرون لقحة ومائة شاة وثلاثة ارماح وثلاثة ارماح وثلاثة اقواس. كان له في وقت عشرون لقحة هنا انتهى الكلام يريد ان اللقاح يعني النوقة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يملكها ذات حليب الناقة الحلوب تسمى لقحة وجمعها لقاح. كان له في وقت عشرون لقحا. يريد ان هذا العدد لم يكن مجموعة ما اجتمع عند النبي عليه الصلاة والسلام باختلاف الفترات. بل انه اجتمعت له في ان واحد المقصود من ذلك اشارة الى ان امتلاك هذا العدد من الناقة الحلوب ليس امرا يسيرا بل يدل على سعة وايثار وهكذا كان شأن نبينا صلى الله عليه وسلم في بعض ايام حياته عليه الصلاة والسلام. كان له في وقت عشرون لقحة يعني اجتمعت له في ان واحد بخلاف باقي الاوقات فقد يكون عنده شيء منها في وقت دون وقت انما اكان مجموع ذلك متفاوت. والذي اجتمع له في ان واحد عشرون لقحة صلى الله عليه وسلم. من اين جاءته؟ هل كانت شراء ام كانت مغنما؟ يقول اهل العلم ان النبي صلى الله عليه وسلم كان له عشرون لقحة بالغابة والغابة اسم مكان قرب المدينة وهي التي حصلت فيها غزوة الغابة يراح اليها اليه منها كل ليلة بكربتين باللبن. يعني يأتيه الرعاة في اخر النهار كل يوم قربتين من لبن من لقاحه التي كانت في ذلك المرعى. كان له خمس عشرة لقحة يرعاها يسار مولاه الذي قتله العرني واستاقوا اللقاح فجيء بهم فسمل اعينهم صلى الله عليه وسلم في غزوة العورانيين. فالمقصود بهذا العدد من اللقاح ما اجتمع عند رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من هذه النوق التي كانت تستعمل في الركوب احيانا وفي والاكثر الاستفادة من بر لبنها او اهدائها او التصدق بها صلى الله عليه وسلم اما قوله ومئة شاة ليس المقصود ايضا انها في وقت دون وقت. قال كان له في وقت عشرون لقحا. وكان له مائة شاة. وثلاثة ارواح وثلاثة بس لما تكلم على الدوام التي ملك عليه الصلاة والسلام ذكر الافراس ثم ذكر النوق واللقاح انتقل الى الشياه قال كان له مائة شاة وهذا العدد ايضا ليس بالقليل فامتلاك نبينا صلى الله عليه وسلم لمئة رأس من كانت من اجل ان تكون تحت يديه لاهداء او تصدق او اطعام. قال الذهبي رحمه الله كان له مائة شاة لا يريد ان تزيد كل ولد الراعي بهمة ذبح مكانها شاة. يذبحه في طعم ويطعم ويهدي ويتصدق منه صلوات ربي وسلامه عليه لما فرغ المصنف رحمه الله من ذكر الدواب والمركوبات انطلق وانتقل الى ذكر السلاح الذي كان لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وثلاثة ارماح وثلاثة اقواس وستة اسياف منها ذو الفقار تنفله يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم احد ودرعان ودرعان والترس وخاتم وقدح غليظ من خشب وراية سوداء مربعة من نمرة ولواء ابيض وروي اسود. كان له صلى الله عليه وسلم من السلاح ثلاثة ارماح وثلاثة اقواس وستة اسياف وقد ذكر بعض اهل العلم ان هذه الاسلحة كان مما غنمه عليه الصلاة والسلام في بعض مغازيه واكثر ما كان من ذلك في مغانمه عليه الصلاة والسلام من غزو اليهود وحصارهم واجلائهم وخصوصا بني قريظة. فقد له عليه الصلاة والسلام من عتادهم وسلاحهم شيء كثير وفير. ثلاثة ارماح اجتمعت له في وقت متعدد ثلاثة اقواس القوس الذي يرمى به السهم ستة اسياف متعددة اعطى النبي عليه الصلاة والسلام بعضها لبعض اصحابه واقتنى بعضه من اشهر اسيافه ذو الفقار يضبط بفتح الفاء ويضبط بكسرها ذو الفقار قيل سمي بذلك لفقرات اي نقرات كانت في ظهر حد السيف. جميلة الشكل صنعت كذلك. يعني كان حد السيف من اعلاه في ظهره فيه فقرات فسمي ذو الفقار. وقيل ذو الفقار من الفقرات وقيل ذو الفقار من الفقر وهو القطع الشديد. فايا كان فهو اسم مأخوذ من وصف لفقرات يعني نقرات كانت في ظهر حد السيف او كانت لوصف حدته في القطع وشدته في الضرب. قال تنفله يوم بدر. يعني اصابه النبي صلى الله عليه وسلم من الغنائم يوم بدر فكان من النفل الذي خصه لنفسه صلى الله عليه وسلم. قال وهو الذي رأى فيه رؤيا يوم احد في قصة غزوة احد لما شاور اصحابه صلى الله عليه وسلم وقد بلغه مسير قريش برجالها وخيرها وعتادها في المدينة وقد اختلف الصحابة بين رأي الخروج من المدينة او البقاء فيها فقص عليهم رؤياه التي رأى وهو انه هز السيف ففانقطع صدره فاوله بقتل اصحابه في احد كما في الصحيحين. السيف الذي رؤي في المنام هو سيف هو ذو الفقار قال وله درعان وترس الدرعان مثنى درع. والمراد به ما يلبسه المقاتل من لباس من حلقات حديد يلبسها قميص فتكون وقاية لصدر المقاتل وظهرها. حلقات حديد يتقي بها المقاتل ظرب السيوف ووقع الرماح ونحو ذلك ولما قاتل عليه الصلاة والسلام يوم احد ظاهر بين درعين كما في الحديث الصحيح. يعني لبس درعين لا درعا واحدا قال وله ترس والترس هو القرص من حديد مصفح يستعمله المقاتل يمسكه يتقي به ايضا ضرب السيف والرمح ونحوه الا وله قدح غليظ وله خاتم اتخذ الخاتم صلى الله عليه وسلم لما هم بالكتابة الى رؤساء الوفود والملوك ارباب الحكم والسلطنة في جهات عدة قيل له ان الملوك لا تقبل كتابا الا اذا كان بختم فاتخذ خاتما وجعل نقشه من اسفل الى اعلاه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. قدح غليظ من خشب هو احد قداح التي كان يستعملها عليه الصلاة والسلام للشرب والتوضأ ونحو ذلك. وكان له تور من حجارة وكان له طست من ماء تعمله للاغتسال عليه الصلاة والسلام تور او طسط وكان له ايضا قدح فانكسر فاتخذ مكان الكسر او الشعب سلسلة من فضة وله راية سوداء مربعة من نمرة وصف لنوع القماش الذي اتخذت منه الراية. الراية التي يستعملها جيش في القتال ترفع لتكون راية يجتمع عليها افراد الجيش ويتجهون بتوجهها حيثما صارت يحملها حامل لراية القوم وصفت باللون الاسود. وان شكلها كان مربعا وفي آآ راية اخرى كان له لواء ابيض وفي في نوع ثالث قال بل كان اسود. وعلى كل حال فهي رايات تتخذ يعلمها اصحاب الجيش لتكون معلما لهم في القتال يتخذونه للانقياد خلفه واتباع ما يسير اليه صاحب الراية بامر قائد الجيش فهذه جملة خصائص المتعلقة بالافراس والدواب والسلاح والمقتنيات صلى الله عليه واله وسلم واعلم ان احوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيره وما اكرمه الله تعالى به وما افاضه على العالمين من اثاره صلى الله عليه وسلم غير منحصرة. ولا يمكن استقصاؤها لا سيما في هذا الكتاب الموضوع للاشارة الى نبذ من عيون الاسماء وما يتعلق بها وفيما ذكرته تنبيه على ما تركته ولان مقصودي تشريف الكتاب بتصدير بعض احوال رسول الله في اوله يقصد المصنف رحمه الله انه بعدما تمت الفصول التي قضينا فيها اثني عشر مجلسا سابقا فيما مضى كلها كانت نبذة مختصرة. اما استقصاء احواله عليه الصلاة والسلام وسيرته العطرة. ومناقبه وما حرمه الله تعالى به وما افاض على العالمين من اثاره قال فذلك غير منحصر وصدق رحمه الله قال ولا يمكن استقصاؤها وصدق وبر رحمه الله لكن قال لا سيما في هذا الكتاب الموضوعي للاشارة الى نبذ من عيون الاسماء وما يتعلق بها. قال وفيما ذكرته تنبيه على ما تركته هو لم يرد الاستقصاء ولما اراد الاختصار كان حتما عليه ان يترك بعض ما يروى ويحفظ في ذلك. لاجل قصد الاختصار الذي يراد به الاقتصار على مهمات الجمل وعلى رؤوس المعاني في كل فصل وباب يقصده رحمه الله تعالى وهو كما قال لان تشريف الكتاب بتصدير بعض احوال رسول الله صلى الله عليه وسلم في اوله. وقد اجاد رحمه الله في ذكر ذلك على ايجاز واختصار. وها نحن لا نتدارسه بعد قرون من وفاة المصنف رحمه الله تعالى فنأتي على ذلك الايجاز به ونتفيأ في ظلاله ونقضي فيه مجالس عطرة في ليالي الجمع من رحاب بيت الله الحرام فصلى الله على نبينا وسلم ورحم الله الامام النووي المصنف ولان مقصودي تشريف الكتاب بتصدير بعض احوال رسول الله في اوله وقد حصل ذلك ولله الحمد وكيف لا يشرف كتاب لا يشرف وكيف لا يشرف كتاب صدر باحوال الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم والحبيب مجتبى خيرة العالم وخاتم النبيين. الله اكبر. امام المتقين وسيد المرسلين. هادي الامة ونبي الرحمة صلى الله عليه وسلم وزاده فضلا وشرفا لديه والحمد لله رب العالمين. اللهم صلي وسلم وبارك عليه. رحم الله المصنف وجزاه خير الجزاء وجعل ذلك في ميزان حسناته. اراد ان ذلك من تمام التشريف كيف لا يشرف كتاب يتضمن تلك المعاني؟ كيف فلا يشرف مجلس يا كرام يشتغل بهذه الجمل ويجعل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم اه مجلسا مباركا عطرا اه تتلألأ به الصحائف بالصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. تزدان به الحياة بتنزيل صلوات ربنا ارحم الراحمين سبحانه وتعالى. قال لا كيف لا يشرف كتاب يصدر باحواله وهو النبي المصطفى والحبيب المجتبى خيرة العالم وخاتم النبيين وامام المتقين وسيد المرسلين هادي الامة ونبي الرحمة عليه الصلاة والسلام وهذا اوان الشروع في اخر فصول الكتاب التي تتم بها هذه المقدمة العاطرة. في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاحكام وغيرها. الخصائص التي يقصد بها احد انواع العلوم النبوية والمراد بها ما خص به نبينا صلى الله عليه وسلم. من الاحكام او من المناقب والفضائل والكرامات خصائص يعني لا يشاركه فيه غيره من الامة عليه الصلاة والسلام وربما كان بعض تلك الخصائص وخصوصا في باب المناقب كانت مما تفرد به عن اخوته الانبياء والمرسلين عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام فهي تكون ايضا من اجل الخصائص واشرفها فتكون ميزة اعظم واجل في خصوصه او في خصوصيته عليه الصلاة والسلام بهذا المعنى من المناقب والفضائل كما سيأتي ذكرها. هذه الخصائص جمعها عدد من اهل العلم واحصوها. ثم افردوها في مصنفات كما افردت العلوم النبوية الاخرى بمصنفات وقد افردت الشمائل وافردت الدلائل والمعجزات وافردت السيرة النبوية وافردت الخصائص وافردت ايضا الرواية للحديث النبوي كل ذلك قد افرد ومما افرد الخصائص النبوية بكلام يخصها فيما يتعلق بجمعها ولما جمعها العلماء رحمة الله عليهم نظروا فاذا تلك الخصائص انواع ان كانت في الاحكام فتارة تكون امورا واجبة خص بها صلى الله عليه وسلم وتارة تكون امورا مستحبة. وتارة تكون محرمة ورابعة تكون آآ امورا تختص به صلى الله عليه اله وسلم. اراد المصنف رحمه الله ان تلك الخصائص مما اعتنى اهل العلم بذكرها واستقصائها وقد كان لنا مجلس قبل شروعنا في تهذيب السيرة النبوية التي نحن في خواتيمها كانت لنا مجالس خصصناها لمدارسة الكتاب غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم للامام سراج الدين ابي حفص عمر بن احمد الانصاري بن الملقن الشافعي رحمه الله تعالى المتوفى سنة اربع وثمانمائة من الهجرة ولانا استوفينا شرح تلك الخصائص في كتاب مفرد باكمله في مجالس متعددة فان ذلك يغني عن كثير من التفصيل والاستطراد فيما يأتي ذكره في هذا الفصل وهو خاتمة هذه المقدمة في تهذيب السيرة فسنحيل في كثير من المواضع شرحا وتفصيلا واستدلالا وترجيحا الى ما تقدم ذكره باسهاب وتفصيل تعليق على ما ساقه ابن الملقن الانصاري الشافعي، رحمه الله تعالى، في كتاب غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم والذي عقدنا له مجالس متعددة لشرحه من هذا المكان في هذه البقعة المباركة من رحاب بيت الله الحرام في قبل شروعنا في هذا الكتاب سائلين الله التوفيق والسداد نعم تفصلون فصل في خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم في الاحكام وغيرها وهذا فصل نفيس وعادة اصحابنا يذكرونه في اول كتاب النكاح. لان خصائصه صلى الله عليه وسلم في النكاح اكثر من من غيرها. قال المصنف رحمه الله هذا الفصل نفيس لاختصاصه بهذا الجانب من سيرته العطرة عليه الصلاة والسلام فهو نفيس من هذا الباب قال وعادة اصحابنا يذكرونه في اول كتاب النكاح. وصدق رحمه الله في هذه الجملة من وجهين اولاهما ان ذلك مما غلب عليه فقهاء الشافعية رحمه الله غيرهم من فقهاء المذاهب رحمهم الله يعني لا يعرف لغير الشافعية عناية بذكر الخصائص النبوية مفردات في التأليف ومصنفات المفردة والجملة الثانية انهم اعتنوا بهذا في اول كتاب النكاح. وسبب ذلك كما تقدم في شرح كتاب غاية السول ان الموضع في كل كتب الفقه البارز الذي يأتي فيه ذكر اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام باحكام لا تشاركه فيه الامة هو باب النكاح حيث خص بجواز نكاح ما زاد على اربع من النساء. فيجد الفقهاء في ذلك الموضع مناسبة للاستطراد في اقصاء واحصاء باقي وجوه الخصائص النبوية. فيأتون عليها بتصنيف وتبويب حتى اتسعت بعض كتب بالفقه في باب النكاح عند الشافعية في سرد تلك الخصائص ثم جاء من بعدهم من افرد تلك الخصائص بشرح واستدلال وترجيح وذكر خلاف والادلة وما يتعلق بها كما صنع ابن القني في كتاب غاية السول وغيره رحم الله الجميع. قالت نووي هنا عادة اصحابنا يذكرونه في اول كتاب النكاح لان خصائصه صلى الله عليه وسلم في النكاح اكثر من غيرها. ولانها ايضا اول موضع في الفقه يبرز فيه ذلك المعنى عن الخصائص. نعم خص جواز نكاح ما زاد على اربع من النساء خص بنكاح من وهبت نفسه له كما قال ربنا عز وجل وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين ومسائل اخرى في انه اعتق بعض جواريه وجعل عتقها صداقها في غيرها من المواضع التي ذكرت فيها خصوصية قال لانها في النكاح اكثر من غيرها. نعم وقد جمعتها في الروضة مستقصاة ولله الحمد. يقصد كتابه الفقهي الشافعي الجليل روضة الطالبين وعمدة المفتين. ذكرها في بالنكاح في اول المجلد السابع منه وهذا الكتاب لا وهذا الكتاب لا يحتمل بسطها. هذا الكتاب يشير به الى ما نتدارسه في تهذيب السيرة النبوية وهذا الكتاب لا يحتمل بسطها فاشير فيه الى مقاصدها مختصرة ان شاء الله تعالى قال اصحابنا خصائصه صلى الله عليه وسلم اربعة اضرب اربعة اضرب جمع ضرب يعني اربعة انواع. لما حصل العلماء رحمهم الله تعالى ذكر الحديث عن طائس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكروا ذلك في وجوه اربعة. اولها الخصائص من الواجبات يعني ما وجب عليه دون عليه الصلاة والسلام. ثانيها الخصائص من المستحبات ثالثها الخصائص من المحرمات. رابعها الخصائص من المناقب والفظائل والكرامات. وقد ذكر المصنف انه سيكتفي الى الاشارة الى المقاصد في تلك الانواع مختصرة. نعم. الضرب الاول ضرب الاول ما اختص به رسول الله. ما اختص ما اختص به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الواجبات قالوا والحكمة فيه زيادة الزلفى والدرجات العلى فلن يتقرب المتقربون الى الله تعالى بمثل اداء ما افترض عليه كما صرح به في الحديث الصحيح. هذا جواب عن سؤال كيف نقول ان الواجبات التي هي تكليف وزيادة عبء ومشقة وهي لاجل آآ ابتلاء العباد واختبارهم هل سيكون ايجاب امور يختص بها نبينا صلى الله عليه وسلم زيادة على امته. هل هي من باب الاشقاق عليه صلى الله عليه وسلم بزيادة التكليف؟ قالوا لا. ليس هو من هذا الباب. انما هو من باب الزيادة درجاته ورفعة قدره ومقامه عند ربه كيف؟ لان ثواب الفرض اعظم ومضاعف على ثواب النوافل. فاذا كان الفعل نافلة في حق الامة واجبا في حقه عليه الصلاة والسلام فيكون فعله مضاعفا اجره كما سيأتي في الوتر والضحى وقيام الليل هذه مستحبات يفعلها العباد في الامة يكتسبون بها الحسنات. لكن نبينا عليه الصلاة والسلام يفعلها من باب الوجوب. فيكون اجرها عنده مضاعفا صلوات الله وسلامه عليه اكراما من ربه واختصاصا له بايجاب تلك الواجبات. وفي الحديث القدسي من عادى لي وليا فقد اذنته بالحرب وما تقرب عبدي الي بشيء احب الي مما افترظته عليه. فثواب الفرض اعظم واكبر اجرا ونقل امام الحرمين عن بعض اصحابنا ان ثواب الفرض يزيد على ثواب النفل سبعين درجة. واستأنسوا فيه بحديث. والحديث فيه مقال لا يصححه عدد من اهل العلم فمن هذا الضرب فمن هذا الضرب يعني المختص به من الواجبات صلاة الضحى ومنه الاضحية والوتر والتهجد والسواك والمشاورة. والصحيح عند اصحابنا ان انها واجبات عليه قيل سنن والاصح عند اصحابنا ان الوتر غير التهجد. والصحيح ان التهجد نسخ وجوبه في حقه صلى الله عليه وسلم كما نسخ في حق الامة وهذا المنصوص للشافعي رحمه الله. قال الله تعالى ومن الليل فتهجدي به نافلة لك وفي صحيح مسلم عن عائشة ما يدل عليه ما روته عائشة رضي الله عنها قالت ان الله افترض قيام الليل في اول سورة المزمل يا ايها المزمل لقم الليل الا قليلا. قالت فقام نبي الله واصحابه حولا يعني سنة. وامسك الله خاتمتها اثني عشر شهرا في السماء حتى انزل الله في اخر هذه السورة التخفيف فصار قيام الليل تطوعا بعد فريضة. فهذه الامور التهجد والاضحية والوتر وصلاة الضحى والسواك والمشورة في جملة ادلة مستقلة بكل واحدة منها مثل ومن الليل فتهجد به نافلة لك. ومثل فصل بك وانحر في الاضحية ومثل آآ امره بالسواك ومثل وشاورهم في الامر مما حمله بعض اهل العلم على الوجوب استثنى المصنف وفي تصحيحه وترجيحه قيام الليل التهجد وانه اضحى سنة في حقه وحق امته على السواء ومنهم وجوب مصابرته على العدو. وان كثروا وزادوا على الضعف. وجوب المصابرة يعني استمرار القتال والصبر على لقاء العدو وعدم جوازي الانسحاب او الرجوع عن الجهاد. نعم. ومنه قضاء دين من مات عليه دين لم يخلف وفاء وقيل كان يقضيه تكرما لا وجوبا. والاصح عند اصحابنا انه كان واجبا. لقوله صلى الله عليه وسلم من مات وعليه دين فعلي دينه او وقيل كان يجب عليه كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم اذا رأى شيئا يعجبه ان يقول لبيك ان العيش عيش الاخرة. والحديث في الصحيحين وسيأتي في المجلس المقبل ان شاء الله جملة في تتمة الواجبات في النكاح فان اهل العلم يقسمون الخصائص الى ما يختص بالنكاح ما يعم غيرها من ابواب الشريعة. نأتي عليها تباعا في المجالس المقبلة ان شاء الله تعالى. سائلين الله التوفيق والسداد مستكثرين ليلتنا وجمعتنا غدا من الصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم. لا يذكرون محمدا في سيرة الا تعطر من شذاه المجلس صلوا عليه واله وصحابه ليفوح ريحان وينبت نرجس. فاللهم صل وسلم وبارك واجعل لنا الهي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا. ومن كل بلاء عافية يا ارحم حميد ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين