بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى واشكره واستعينه واستغفره واشهد ان لا الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى ال بيته وصحابته وسلم تسليما من كثيرا. وبعد اخوة الاسلام فما يزال مجلسنا هذا المبارك المنعقد من رحاب بيت الله الحرام. يصلكم متتابعا من هذه البقعة الطاهرة متدارسين في هذه الليلة الشريفة المباركة خصائص النبي المصطفى. صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم وما زال بنا في مدارستنا لكتاب الامام ابن الملقن الانصاري رحمة الله عليه غاية السور في خصائص الرسول صلى الله عليه واله وسلم وقد وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية عند السابع من خصائصه الواجبة عليه. بل عند قامسي من الخصائص الواجبة عليه صلى الله عليه وسلم وهو السواك. وقد وقف بنا الحديث على ما اورده المصنف من الاستدلال بحديث عائشة رضي الله عنها وفيه ضعف في اثبات خصوصية وجوب السواك عليه ثم انتقل المصنف الى تقوية ذلك ما اخرج الائمة ابو داوود والبيهقي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما من حديث عبدالله بن حنظلة بن عامر الغسيل ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا او غير طاهر. فلما شق ذلك عليه امر رواك عند كل صلاة ووضع عنه الوضوء الا من حدث. وقد اخرجه الحاكم ايضا في المستدرك وقال لم يخرجاه اه في مقابل ذلك ساق المصنف رحمه الله من الادلة ما لا يدل على الوجوب وبهذا يتقابل القولان في القول بوجوب السواك في حقه عليه الصلاة والسلام فيكون من خصائصه او القول باستحبابه كما هو الحكم في حق الامة جمعاء ربما كان اظهر لعدم قيام الدليل الصحيح على الوجوب في حقه عليه الصلاة والسلام. ومن ذلك حديث واثلة في افادة الاستحباب امرت بالسواك حتى خشيت ان يكتب علي فيما اخرج الامام احمد والطبراني ومدار الحديث على ليث ابن ابي سليم وهو ضعيف وحديث ابن ماجة ايضا عند آآ في سننه من حديث ابي امامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تسوكوا فان السواك مطهرة للفم مرضاة للرب. ما جاءني جبريل الا اوصاني بالسواك حتى خشيت ان يفرض علي وعلى امتي ولولا خشيت على امتي لفرضته عليهم. واني لاستاك حتى اني خشيت ان دردر مقادم فمي اي تتساقط اسنانه قال وفي سنده من تكلم فيه. وقف بنا الحديث عند التنبيهين الذين ذكرهما المصنف تعقيبا على هذه المسألة وهل السواك في حق نبينا صلى الله عليه وسلم كان واجبا ان قلنا نعم كان كذلك من خصائصه وان قلنا لا فهو من المستحبات كما هو الشأن في حق امته صلوات ربي وسلامه عليه. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى تنبيهان الاول هل المراد بوجوبه في حقه بالنسبة الى الصلاة المفروضة او في النافلة ايضا او الى الاحوال التي اكدها في حقنا او ما هو اعم من ذلك لم ارى فيه نقلا. هذا التنبيه الاول ان قلنا ان السواك كان واجبا على نبينا صلى الله عليه وسلم فهو من خصائصه ويتفرع عن ذلك سؤال اكان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم في كل وقت وهذا لا يمكن ان يقال لانه لا يتصور الاستياك على مدار الوقت في الليل والنهار فاما ان يقال ان وجوب السواك عليه كان مقيدا بالصلوات المفروضة او يشمل ذلك النافلة ايضا. فهل هو مخصص بالصلاة مقيد بها؟ لان الاحاديث الواردة غالبها يرتبط في مثل قوله صلى الله عليه وسلم اني خشيت ان يفرض علي وعلى امتي وفي قوله عليه الصلاة والسلام اه انه امر بالاستياق عند كل صلاة او يقال ان الوجوب كان في الاحوال التي يتأكد فيها استعمال السواك. وهي كي يذكرها الفقهاء في حالات منها عند الوضوء والصلاة ومنها عند الاستيقاظ من النوم ومنها عند ارادة قراءة القرآن وان شئت في الاطلاق فقلت عند تغير رائحة الفم. هذه حالات يقول فيها الفقهاء انه يتأكد فيها استحباب استعمال السواك فهل الوجوب في حقه عليه الصلاة والسلام مخصص بتلك الحالات او هو بالصلوات المفروضات؟ قال المصنف رحمه الله او ما هو عم من ذلك لم ارى فيه نقلا وقد عهد المصنف بابراء ذمته لعدم وقوفه على نقل صريح لاحد من العلماء يقيد ذلك بحالة من الاحوال. نعم. وسياق حديث عبدالله بن حنظلة السالف يقوي الاول. يقوي الاول اي تأكيد الوجوب في الصلاة مفروضة عليه صلى الله عليه وسلم خاصة. ووجه ذلك ان حديث عبد الله بن حنظلة فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤمر بالوضوء لكل صلاة طاهرا او غير طاهر فلما شق ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم امر بالسواك عند كل صلاة فقيدها بالصلاة قال المصنف ان حديث حنظل عبد الله بن حنظلة يقوي ان يكون الوجوب ان قلنا به مقيدا بوقت الصلاة. نعم وادعى ابن الرفعة في كفايته في باب السواك انه لم يصح انه صلى الله عليه وسلم فعل السواك الا عند القيام الى صلاتي وعند تغير الفم ثم قال فان قلت قد روى مسلم عن شريح ابن هانئ قال سألت عائشة رضي الله عنها عن اي شيء كان يبدأ به النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل بيته قالت بالسواك ولفظة كان تؤذن بالدوام. هذا النقل عن الامام ابن الرفعة رحمه الله تعالى في كتابه الكفاية فيما ساقه في باب السواك تحديدا يقوي القول بان مشروعية السواك في حقه عليه الصلاة والسلام مطلقا او لو قلنا بالوجوب كان غير مقيد بوقت بل هو في عموم الاوقات ووجه هذا الاستنباط عند الفقهاء الحديث الصحيح الذي اخرج الامام مسلم عن شريح ابن هانئ قال سألت عائشة رضي الله عنها باي شيء كان يبدأ به النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل بيته قالت بالسواك ووجه ذلك في الحديث من الدلالة امران الاول ما قال فيه المصنف رحمه الله ان لفظة كان تؤذن بالدوام وهذا عند الاصوليين ان الفعل الذي ينسب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسوق فيه الصحابي في الرواية الفعل مقرونا كان يدل على الاستمرار كان يفعل الشيء. كان يستاك اي كلما حصل ذلك الشيء كان يفعل هذا الفعل كان يشو صفاه من الليل اذا قام عليه الصلاة والسلام الى الصلاة اي كلما حصل قيامه الى الصلاة يستعمل السواك كان يبدأ بالسواك اذا دخل بيته. فهجم هذا وجه الدلالة الاول اما وجه الدلالة الثاني فهو السؤال عن وقت دخوله البيت عليه الصلاة والسلام ومعلوم ان دخول البيت كان يقع بكل وقت ليلا ونهارا في الضحى وقبل الظهيرة وبعدها وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء وبعد الفجر فاذا صح ان فعله لدخول البيت كان يقع في كل وقت وانه كان يبدأ عادة باستعمال السواك صح ان نقول ان من السنة التي ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم استعمال السواك مطلقا في كل وقت. فحيث ما استاك مسلم في اي وقت وقت اصاب السنة التي دل عليها حديث عائشة عند مسلم لما سئلت عن اي شيء كان يبدأ به النبي صلى الله عليه وسلم اذا دخل بيته قالت بالسواك. فهذا الحديث يرجح القول بان مشروعية السواك التي ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم كانت مطلقا في كل الاوقات فاورد الامام ابن الرفعة ابن الرفعة هذا الحديث على انه لا يساعد على القول بوجوب السواك في حقه عند الصلاة فقط. لانه ثبت انه يستاك عند دخوله البيت نعم ثم اجاب ثم اجاب بانه يحتمل ان يكون فعل ذلك لاجل تغير حصل في فمه. ثم استبعده بان في رواية في رواية بان في رواية النسائي عن ابن عباس رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين ثم ينصرف استاكوا نعم. وجه الحديث ها هنا لا يساعد على الجواب. اجاب ابن الرفعة بانه ربما كان استعماله السواك عند دخوله البيت كان قيدا باحدى الحالات وهو تغير رائحة الفم. ثم استبعده بان في رواية النسائي عن ابن عباس كان يصلي ركعتين ثم ينصرف استاك نعم هذا يؤكد ان المسألة لا علاقة لها بتغير رائحة الفم بدليل انه استاك قبل ان يصلي. فلما صلى الركعتين وانصرف استاك بعدها ثانية. ومثل هذا بعيد جدا ان يكون مدة يحصل فيها تغير رائحة الفم كما يقول اهل العلم. فهذا يمنع التخصيص بحالة القيام الى الصلاة وبحالة التغير لانه بعد الصلاة من والانصراف منها وكان قد استاك عند القيام الى الصلاة فمدة مباشرة الركعتين لا يحصل فيه للفم تغير لانه زمن يسير ويؤكد ذلك ايضا حديث الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا قام من النوم يشوص فاه بالسواك اي يدلك فمه بالسواك. وغير ذلك من الاحاديث التي وردت مما يؤكد ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يستعمل السواك في مطلق الاوقات وقد اورد العلامة الخيظري في كتابه في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم المسمى باللفظ المكرم في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم جوابا اخر فقال رحمه الله تعالى امنع ذلك في حق النبي صلى الله عليه وسلم. فاني لم اجد في شيء من الاحاديث ما يدل على تغير فمه صلى الله عليه وسلم مطلقا لا في نومه ولا في يقظته فان الله تعالى قد طهره او قد طيبه ظاهرا وباطنا. حتى كان عرقه من اطيب الطيب وكذلك بوله ودمه فان ام ايمن رضي الله عنها لما شربت بوله وجدته ماء طيبا. ولم تشم منه رائحة البول وكذلك ابو طيبة في شربه دمه كما سيأتي بذلك مزيد بيان في فضلاته صلى الله عليه وسلم. فكيف بفمه الذي هو محل المناجاة وتلاوة القرآن ومخاطبة الملك. ولذلك كان يمتنع من اكل ما له رائحة كريهة. فانه ربما اثرت فيه تلك اللحظة. قال فبهذا الذي قررناه تندفع حالة التغير الى اخر ما قال رحمه الله تعالى مؤكدا ببعض احاديثك التي اخرج الامام ابو نعيم في المعرفة ان صح الحديث من حديث ميمونة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم ما نام ليلة حتى استنى ولكن الحديث فيه ضعف كما قال رحم الله الجميع. نعم الثاني قال الشيخ تقي الدين بن الصلاح ترددوا في وجوب السواك عليه وقطعوا بوجوب الضحى والاضحى والوتر مع انه مع ان مستنده الحديث الضعيف ولو عكسوا فقطعوا بوجوب السواك للحديث السالف وترددوا في الامور الثلاثة لكان اقرب ويكون مستند التردد فيهما ان ضعف ان ضعف الحديث من جهة ضعف رواية ابي جناب الكلبي وفي ضعفه خلاف بين ائمة الحديث وقد وثقه بعضهم قلت قد ترددوا في وجوب الوتر والاضحى. ايضا كما سلفا. هذا تنبيه اخير ختم به المصنف رحمه الله مسألة السواك في بخصائصه الواجبة عليه الصلاة والسلام قائلا نقلا عن الامام تقي الدين بن الصلاح رحمه الله تعالى. قال ترددوا في بوجوب السواك وقطعوا بوجوب الضحى والاضحى والوتر. هذه المسائل الاربعة التي تمت منذ بداية هذا الفصل في الخصائص الواجبة. صلاة الضحى واضحية العيد وصلاة الوتر وهذا السواك. قال انهم قطعوا بالوجوب في الثلاثة الاول التي هي صلاة الضحى واضحية العيد وصلاة الوتر قال مع ان مستنده حديث ضعيف فقطعوا فيها بالوجوب وترددوا في السواك. قال ولو عكسوا فقطعوا بوجوب السواك وترددوا في الثلاثة لكان اقرب يعني اقرب الى الصواب وسبب ذلك ان ضعف الحديث الذي في آآ متعلق بصلاة الضحى والاضحى والوتر اشد ظعفا من احاديث السواك لكنهم ترددوا ايضا ولم يقطعوا. والصواب كما قال المصنف هم ايضا قد ترددوا في وجوب الوتر والاضحى كما تم في مجالس سابقة وكل ذلك لم يجزم فيه العلماء بقول واحد من اجل ضعف الحديث الوارد هنا والوارد هناك والله اعلم المسألة السادسة مشاورة ذوي الاحلام في مشاورة ذوي الاحلام في الامور. وهي واجبة عليه على الصحيح عند اصحابنا. انتقل المصنف رحمه الله الان الى سادس مسائل هذا النوع من الخصائص وهو الواجبات كما تقدم فقد امضينا خمسة من المسائل وهذا سادسها. مشاورة ذوي الاحلام ان الله عز وجل اوجب على نبينا عليه الصلاة والسلام شاورت ذوي الاحلام وقبل ان ندخل في تفصيل المسألة فاننا معشر المسلمين جميعا يستحب لنا التشاور في الامر وهو من صفات المؤمنين الذين اثنى الله عليهم فقال وامرهم شورى بينهم ان من سمات اهل الايمان عدم الاستبداد بالرأي ولا التفرد به لانهم يدركون بما دلهم عليه الوحي ان رأي الواحد مع وحدي انفع من رأيه لوحده. ورأي الجماعة اقرب الى البركة والصواب. والمرء اذا استشار العاقل الناصح رجا ان يكون في رأي الذي يشاوره فيه ما يدعم ما يختاره وما يقرره. هذا الرأي المستند الى المشورة جاء في شريعتنا لنا امة الاسلام على سبيل الاستحباب فلو قال قائل ما حكم الاستشارة قلنا هي مستحبة خصوصا ان كانت استشارة للعاقل الناصح الامين ذي الثقة الدين الذي يرجى صواب رأيه وسداده اما نبينا عليه الصلاة والسلام فان من العلماء من قال ان مشاورة ذوي الاحلام في حقه كانت واجبة عليه الصلاة والسلام ولا تعجل وقد يجد ها هنا اشكال بادئ ذي بدء نحن نؤمر او يشرع لنا الاستشارة لنقص عقلنا وضعف رأينا اما النبي عليه الصلاة والسلام المسدد بالوحي والمؤيد بالمعجزات فما حاجته الى المشورة وما وجه ايجاب الاستشارة في حقه عليه الصلاة والسلام والوحي يأتيه والملك ينزل عليه من فوق سبع سماوات بامر الله فما الحاجة الى رأي البشر العاجز القاصر الضعيف سيأتيك الجواب لكننا نستند الى الوجوب اولا الى قوله تعالى وشاور هم في الامر فهذا امر من الله لنبيه عليه الصلاة والسلام. ومن هنا قال من قال بالوجوب كما سيأتي الى هذه الاية استنادا نعم وهي واجبة عليه على الصحيح عند اصحابنا. لظاهر قوله تعالى وشاورهم في الامر وظاهر الامر الوجوب ووجه من قال باستحبابها القياس على غيره. والامر للاستحباب استمالة لقلوبهم. وحكاه ابن بشيرية عن نص وحكاه ابن القشيري عن نص الشافعي وانه جعله كقوله عليه الصلاة والسلام البكر تستأمر تطييبا لقلبها لا انه واجب. هذا الجواب عن الاشكال الذي اوردناه قبل قليل نحن نؤمر بالاستشارة لنقص رأينا وضعف عقلنا وحاجتنا الى ما يكملنا. لكن ما حاجة النبي عليه الصلاة والسلام الى مشاورة ذوي الاحلام والوحي يأتيه من رب الانام الجواب كما قال هنا عن نص الشافعي ان الاستشارة ليست لحاجته عليه الصلاة والسلام بل هي استمالة لقلوب وباصحابه وتطييب لخواطرهم وزيادة الايمان في قلوبهم واقترابهم اليه عليه الصلاة والسلام والا فان الله قد اغناه عن اراء البشر جميعا بما يوجهه الوحي اليه لكن الله عز وجل اراد في ذلك ان تكون رح الجماعة بين يديه عليه الصلاة والسلام حاضرة. وان تكون الاراء حوله متظافرة. وان يكسب قلوبهم وان يتألف ارواحهم عليه الصلاة والسلام بهذه الاستشارات اما استشارهم في غزوة بدر في فداء الاسارى اما استشارهم يوم اما استشاره في صلح الحديبية؟ بلى. كل ذلك قد كان واستشاره في الخروج الى غزوة احد. واستشاره في غزوة الخندق حتى اشار سلمان بما بشار اما كان الله يغنيه بوحي يأتيه افعل كذا ولا تفعل كذا؟ الحكمة من ذلك استمالة قلوب المؤمنين قال الشافعي هذا مثل قوله عليه الصلاة والسلام البكر تستأمر يعني البكر عندما ينكحها الناكح ويخطبها الخاطب فانه يجب على ولي امرها ان يستأمرها وهي لا خبرة لها بالرجال وهي بكر ولا معرفة لها باختيارهم وهي بكر لكن ذلك في الشريعة كما قال تطييب لقلبها فمثل ذلك يأتي في الشريعة من الابواب التي يؤمر فيها الامر من الشريعة مراعاة لمصالح ومقاصد شرعية جليلة هذا منها. قال وهو قول الحسن رضي الله عنه. نعم قال وهو قول الحسن رضي الله عنه حيث قال في قوله تعالى وشاورهم في الامر علم الله انه ما به اليهم من حاجة ولكن اراد ان يستن به من بعده علم الله انه ما به اليهم من حاجة. وصدق الحسن رحمه الله ليس برسول الله عليه الصلاة والسلام والوحي يأتيه ليس به الى احد من اصحابه حاجة في الرأي ولكن اراد ان يستن به من بعده فهذه حكمة اخرى غير تأليف القلوب واستمالتها هو مشروعية باب تستن فيه الامة من بعده عليه الصلاة والسلام به يعني فاذا كان المؤيد بالوحي نبي الله المعصوم مأمورا بالاستشارة فغيره ممن يلي امر المسلمين في الامة من بعد اولى واحرى ان يأخذ بمشاورة ذوي الاحلام قال الامام شيخ المفسرين الطبري رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى وشاورهم في الامر قال واولى الاقوال بالصواب في ذلك يقال ان الله عز وجل امر نبيه صلى الله عليه وسلم بمشاورة اصحابه فيما حزبه من امر عدوه ومكائده بحربه تألفا منه بذلك من لم تكن بصيرته بالاسلام البصيرة التي يؤمن اليه معها فتنة الشيطان وتعريفا منه امته في الامور التي تحزبهم من بعده ومطلبها ليقتدوا به في ذلك. فيتشاورون فيما بينهم وفي النوازل التي تنزل بهم كما كانوا يرونه في حياته صلى الله عليه وسلم يفعله. فاما النبي صلى الله عليه وسلم ان الله كان يعرفه مطالب وجوه ما حزبه من الامور بوحيه والهامه اياه صواب ذلك. واما امته فاذا تشاوروا مستندين بفعله على ذلك على تصادق وتوخ للحق وارادة جميعهم للصواب من غير ميل الى هوى ولا حيد عن هدى. فالله موفقهم ومسددهم. انتهى كلامه رحمه الله وهو من نفيس ما يقرره ائمة العلماء في هذا الباب من الاستشارات الان وقد علمنا ان مشاورة النبي عليه الصلاة والسلام لاصحابه هي على القول بالوجوب قول الراجح كما ذكر المصنف رحمه الله عن فقهاء الشافعية فيبقى ها هنا مسألة تنبني عليها. في اي شيء امر بالمشاورة عليه الصلاة والسلام؟ افي الحروب والغزوات والتعامل مع الاعداء خاصة؟ ام في كل امور الدنيا والدين؟ فان قلنا في امور الدنيا فمفهوم. فاما امور الدين فما وجه الاستشارة ربما كان جوابا لذلك هو تعليم امته طرق الاجتهاد وحث اصحابه على اعمال الفكر في النظر والاستنباط ليكون ايضا فتحا لباب في الاجتهاد بالنظر في الدليل والبحث عن وجوه الاستنباط يفتحه لامته عليه الصلاة والسلام هي ايضا مسألة تأتي في سياق الحديث عن مشاورته عليه الصلاة والسلام التي امر بها. نعم قال الماوردي واختلف فيما يشاور فيه. فقال قوم في الحروب ومكايدة العدو خاصة وقال اخرون في امور الدين في امور الدنيا والدين. تنبيها لهم على علل الاحكام وطريق الاجتهاد وقال الثعلبي في تفسيره اختلف في المعنى الذي امر الله تعالى نبيه بالمشاورة لهم فيه مع كمال عقله وجزالة في رأيي وتتابع الوحي عليه ووجوب طاعة امته فيما احبوا او كرهوا فقيل هو خاص في المعنى وان كان عاما في اللفظ ومعنى الاية وشاورهم فيما ليس عندك فيه من الله تعالى عهد يدل عليه قراءة ابن مسعود رضي الله عنه وشاورهم في بعض الامر قال ابن الكلبي يعني ناظرهم في لقاء العدو ومكابدة الحروف ومكابدة الحروب عند الغزو. ثم ذكر قول الحسن السالف وغيره نعم اخرج آآ الائمة من حديث طاووس عن ابن عباس رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الاية وشاورهم في الامر. قال النبي صلى الله عليه وسلم اما ان الله ورسوله غنيان عنها ولكن جعلها الله رحمة لام فمن شاور منهم لم يعدم رشدا ومن ترك المشورة منهم لم يعدم غيا. لكن بعض المتن يروى عن الحسن من قوله ورفعه غريب كما يقول العلماء وقد اخرج ايضا الامام احمد في المسند والبيهقي في السنن من طريق الزهري مرسلا قال قال ابو هريرة رضي الله عنه ارأيت احدا اكثر مشاورة لاصحابه من رسول الله صلى الله عليه وسلم. الرواية مرسلة لكنه قد ثبت كما يا كرام في عدد من الوقائع في سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام مشاورته لاصحابه. من ذلك ما اخرج مسلم في قصة بدر من حديث ابن عباس لما اسروا الاسارى يوم بدر قال النبي صلى الله عليه وسلم لابي بكر وعمر رضي الله عنهما ما ترون في هؤلاء الاسارى ومشاورته ايضا لاصحابه رويت في احاديث كما قلنا في غزوة احد وفي غزوة الخند الخندق وفي قصة الحديبية وغيرها ونقل الهاون المصنف رحمه الله الخلافة هل المشورة في الحروب ومكايدة العدو فقط ام في امور الدنيا والدين؟ فان قلنا في امور فلتنزيل الرأي الذي يستأنس فيه بالمشورة. وان قلنا في امور الدين فما قاله المصنف رحمه الله تعالى تنبيها لهم على عل للاحكام وطريق الاجتهاد كل ذلك وارد وممكن والنبي عليه الصلاة والسلام كان يمتثل امر الله جل جلاله فهل الواجب عليه مرة في العمر؟ ام بالنسبة الى كل امر يحدث؟ سواء انزل عليه ام لم ينزل او بالنسبة الى اما لم ينزل عليه فيه؟ قال العلامة الخيضري لم ارى في ذلك نقلا. لكنه اورد خلاف الفقهاء فيما نقل المصنف هنا عن الماوردي وغيره رحم الله الجميع. وقراءة ابن مسعود وشاورهم في بعض الامر تأكيد على ان المشورة ليست في كل امر يجد النبي عليه الصلاة والسلام لان كثيرا منه يأتيه الوحي مباشرة ويؤمر فيه من الله جل جلاله. قال مقاتل وقتادة والربيع كانت سادات العرب اذا لم يشاوروا في الامر شق اذا لم يشاوروا في الامر شق عليهم. فامر الله نبيه ان يشاورهم في الامر فان ذلك اعطف لهم عليه واذهب لاضغانهم واطيب لانفسهم. فاذا شاورهم عرفوا اكرامه لهم صلى الله عليه واله وسلم. وقد ذكر ذلك القرطبي في تفسيره. وها هنا انتهى كلام المصنف عن المسألة ليشرع في التالية بعدها الا انها هنا فائدة نقلها الخيظري عن الخطابي قائلا صفة المستشار بالنسبة الينا ان كان في الاحكام ان يكون عالما دينا. وقل ما يكون ذلك الا في عاقل. لقول حسن ما كمل دين امرئ ما لم يكمل عقله. فاذا استشير من هذه صفته يعني في امور الدين واجتهد في الصلاح وبذل جهده فوقع الاشارة خطأ فلا غرامة عليه. واما المستشار في امور الدنيا كالتجارات والزواج والبيع والشراء ونحو ذلك فان يكون المستشار عاقلا مجربا وادا في المستشير يعني صاحب ود له يطلب نصحه ويخلص الرأي له قال سفيان الثوري رحمه الله ليكن اهل مشورتك اهل التقوى والامانة ومن يخشى الله والشورى في النهاية ايها الاخوة الكرام كما يقول العلماء مبنية على اختلاف الاراء وان كنت مستشيرا وشاورت فاختلفت بين يديك الاراء فانظر اقربها قولا بالكتاب والسنة ما امكنا. فاذا ارشدك الله تعالى الى ما شاء منه اعزم عليه وانفذه متوكلا عليه وانفذه. فاذا هذه هي غاية الاجتهاد اذا وبهذا امر الله الله نبيه في الاية الكريمة وشاورهم في الامر والله اعلم المسألة السابعة كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم مصابرة العدو وان كثر عددهم والامة انما يلزمهم الثبات اذا لم يزد عدد الكفار على على الضعف ولم ولم يبوب البيهقي على هذه الخصوصية في سننه. هذه مسألة قصيرة لطيفة اوردها المصنف رحمه الله في سابع المسائل الواجبة في خصائصه عليه الصلاة والسلام ولنقدم لها تقديم وتمهيد يبين معناها كان المؤمنون في الغزوات والقتال مأمورون بالمصابرة ومعنى المصابرة الثبات على اللقاء عند العدو في القتال والجهاد كانوا مأمورون بالمصابرة اذا كان العدو قد بلغ عشرة اضعاف عددهم وهذا الامر يعني ان اهل الاسلام في الجهاد والغزو اذا لم يتمكنوا من اللقاء والعدو بلغ في ضعف قوته عشرة اضعافهم كان هذا فرارا من الزحف كبيرة من الكبائر اثموا عليه المسلمون في ساحة الجهاد والغزو ثم خفف الله ذلك عنهم فصاروا مأمورين بالمصابرة اذا بلغ العدو ضعف عددهم. فان زاد على الضعف الواحد كان الانسحاب مشروعا وكان اتقاء القتال بتركه ليس فرارا من الزحف. دل على ذلك اية سورة الانفال في قوله سبحانه وتعالى الان خفف الله عنكم بعد ان قال سبحانه وتعالى يا ايها النبي حرض المؤمنين على القتال. ان يكن منكم عشرون صابرون يغلب مئتين. فهذه عشرة اضعاف وان يكن منكم مائة يغلب الفا من الذين كفروا. ثم قال سبحانه وتعالى الان خفف الله عنكم. فكان نسخا فان يكن منكم مائة صابرة يغلب مائتين. وان يكن منكم الف يغلب الفين. فاذا كنا الفا في القتال وعدونا الف بل الف وخمسمائة بل الفان وجب المصابرة والقتال. فان زادوا على الالفين وزادوا عن ضعف عددنا جاز الانسحاب من القتال ولا يكون فرارا هذا ما يتعلق بالحكم بالامة فما الخاص به عليه الصلاة والسلام؟ قال كان يجب عليه مصابرة العدو وان كثر عددهم يعني ولو وتجاوزوا الضعف فهذا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام. اما الامة كما قال يلزمهم الثبات اذا لم يزد عدد الكفار على الضعف فقط فكان هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام قال المصنف لم يبوب البيهقي على هذه الخصوصية في سننه. لان البيهقي كما تقدم في اول اللقاءات هو من اوائل من افرد في دواوين السنة لخصائص النبي صلى الله عليه وسلم في سننه الكبرى ابوابا لكنه لم يورد هذه المسألة فلعله لم يرها من الخصوصيات. يبقى السؤال فما الدليل على ان هذا من الواجب الخاص به عليه الصلاة والسلام وهو الثبات والمصابرة في لقاء العدو ومهما زاد عددهم ولو كانت اضعافا مضاعفة. قال العلماء كما نقل الحافظ ابن حجر كانه يشير الى ما وقع يوم احد. فانه افرد في اثني عشر رجلا صلى الله عليه وسلم كما روى البخاري وايضا مما اخرجه في حديث البراء ابن عازب في انهزام المسلمين يوم احد بسبب مخالفة الرماة ومكان الشاهد فلم يبق مع النبي صلى الله عليه وسلم غير اثني عشر رجلا قال الحافظ ابن حجر ويوم حنين ايضا فانه افرد في عشرة وهكذا ليس هناك دليل صريح على وجوب المصابرة. فاما دليل الوقوع فقد يكون اتفاقا كما يقول العلماء ولعله لاجل ذلك لم يبوب البيهقي كما اشار المصنف وهذا وجيه فانه لم يقم دليل صريح على وجوب المصابرة لكن الوقوع الذي قد يكون اتفاقا لا يقوى دليلا على استنهاضه لاثبات الوجوب في حق النبي صلى الله عليه واله وسلم فكان هذا وجها حريا بالتأمل فيما نقل المصنف رحمه الله تعالى عن البيهقي وعدم افراده المسألة بالنص كما قال هنا رحمة الله عليه وفي حنين صابرهم بعد ان افرد في عشرة كما قال عمه العباس في شعره وتقدم اليهم صلى الله عليه وسلم قائلا انا النبي لا كذب. انا ابن عبد المطلب ولما سئل البراء رضي الله عنه يا ابا عمارة. اوليتم يوم حنين؟ قال اما رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يولي قال العلامة الخيضري ليس في ذلك ما يدل على الوجوب وانما يدل على شجاعته صلى الله عليه وسلم. وشدة اقدامه على جهاد الكفار اعداء الله واعداء دينه كما قال انس فيما روى الشيخان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اشجع الناس في القصة قال ولقد فزع اهل المدينة ذات ليلة الى اخر الحديث وهو يقول لن تراعوا لن تراعوا. ومن حديث علي كان اذا حمي البأس والتقى القوم واتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم. فما يكون منا احد ادنى الى القوم منه. وفي رواية للامام احمد لقد رأيتنا وما بدري ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو اقرب الى العدو وكان من اشد الناس يومئذ بئسا هذه الاحاديث ليست دليلا على وجوب المصابرة عند لقاء العدو ان زاد على الضعف. لكنها لكنها دليل على الشجاعة وقوة البأس وما ملأ الله به قلب نبيه عليه الصلاة والسلام من الثبات وقوة الجنان لا دليل على وجوب ذلك عليه فيحتاج ذلك الى دليل للاثبات. ولهذا لعل المصنف رحمه الله فيما نقل عن البيهقي كان مستندا الى هذا المعنى في عدم وجود دليل يثبت الوجوب وهذا صنيع حسن ويحتاج الى اثبات. وقد قال عليه الصلاة والسلام لا ينبغي لنبي اذا لبس لامته ان ينزعها حتى يقاتل عدوه. وفي رواية حتى يناجز عدوه. هذا فيما يتعلق بغزوة احد وهذا كما يقول الماوردي في الخصائص ما نصه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان اذا بارز رجلا لم ينكف عنه قبل قتله فكان قد يكون هذا هو الخصوصية وليس المصابرة على ضعف عدد العدو. انه كان اذا قاتل رجلا لم ينكف عنه قبل قتله وانه انه كان لا يفر من الزحف ويقف بازاء عدوه وان كثروا قال الماوردي وقد يقال في الدليل على ذلك ان فرار الانسان وتوليه عن الزحف هو من الخوف من القتل وهذا غير جائز في حق الانبياء من جهة علمهم بان الله تعالى باعلى مكان. فعلموا انه لا يتعجل شيئا عن وقته ولا تأخروا شيء عن وقته بخلاف غيرهم من المكلفين فليس لهم مثل هذا الايمان ولا هذا اليقين قال العلامة الخيبري رحمه الله هذا الذي قاله الماوردي حسن اقناعي يعني دليل مقنع من وجه حسن ثم قال قال وقد ظهر لي وجه الدلالة على ذلك من طريق اخرى وهي حديث لا ينبغي لنبي اذا لبس لامته ان ينزعها حتى يقاتل عدوه قال فاذا كان لبس اللأمة التي هي مظنة الوقاية موجبة له صلى الله عليه وسلم ملاقاة العدو ومقابلته ومناجزته مجرد لبس لباس الحرب. فكيف هي عند مشاهدة وانتظام الشمل به عليه الصلاة والسلام. فانه لو ولى لم ينتظم لهم لاصحابه شمل. فاذا ثبت انتظم شملهم بوجوده صلى الله عليه وسلم كما اتفق ذلك يوم حنين فان غالب الصحابة رضي الله عنهم ولوا مدبرين عند ملاقاة العدو وثبت صلى الله عليه وسلم في عشرة من اصحابه يتقدم الى وجه العدو حتى نصره الله تعالى. فتراجع اصحابه ورضي الله عنهم. ثم رأيت الاذرعية قال عن البغوي اشارة الى هذا الاستنباط فانه لما ذكر ان من الواجبات عليه صلى الله عليه وسلم انه اذا لبس وهي علامة الحرب ان لا ينزعها حتى يلقى العدو قيل لم يجب هنا ولكن كان ينكره الى اخر ما اورده رحمه الله تعالى والمقصود ان الثبات عند مصابرة العدو لا يستقيم فيه دليل على الوجوب في الضعف بقدر ما يثبت شجاعة النبي عليه الصلاة والسلام وربما استدل بعض الفقهاء كما سمعت بانه كان اذا لبس لعمة الحرب شرع في حقه اتمام المضي في قتال لكنها مسألة لا تتفق في منزع المسألة محل النزاع وهي وجوب المصابرة على العدد اذا تجاوز الضعف والله اعلم اعلم المسألة الثامنة هل كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم اذا رأى منكرا ان ينكره ويغيره وغيره انما يلزمه ذلك عند الامكان ووجهه ان الله تعالى وعده بالعصمة والحفظ فقال والله يعصمك من الناس. ثبت في الصحيحين بل ثبت في صحيح تلميذ ان النبي عليه الصلاة والسلام قال من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع بلسانه فان لم يستطع فبقلبه وذلك اضعف الايمان وقد نص العلماء على ان انكار المنكر واجب بشرط القدرة عليه. فاذا عجز عن ذلك سقط الوجوب فهذا حكم الامة اما حكمه عليه الصلاة والسلام فانه كان واجبا عليه انكار المنكر على كل حال. فيكون هذا من خصائص ومستند هذا الوجوب ان الخوف الذي يكون في حق الامة ويمنعهم من انكار المنكر غير متحقق في حق عليه الصلاة والسلام فانه كيف يخاف الله قد قال له والله يعصمك من الناس فالله تكفل به اليس الله بكاف عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد ومن يهد الله فما له من مظل اليس الله بعزيز ذي انتقام؟ فقد ثبت اذا ان الله ايد نبيه عليه الصلاة والسلام وحماه وعصمه. فاذا كان كذلك فانه لم يكن ليخاف شيئا ووجب في حقه انكار المنكر على الدوام غير مقيد بشرط لان عدم القدرة منتف في حقه صلى الله عليه واله وسلم. نعم وفي الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم في امرين الا اخذ ايسرهما ما لم يكن اثما فاذا كان اثم كان ابعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه الا ان تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها هذا ايضا دليل اخر صريح في المسألة حديث الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها وموظع الشاهد فاذا كان اثما كان ابعد الناس منه وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه الا ان تنتهك حرمة الله فينتقم لله بها فكان يشرع صلى الله عليه وسلم اذا تعدى احد على حرمات الله. واذا انتهكت حدود الله لم يكن ليمنع النبي صلى الله الله عليه وسلم عن ذلك مانع وكان فداه ابي وامي عليه الصلاة والسلام حاميا لدين الله ناصرا لشريعته يذوب عن قم الشريعة ويذود عن حياضها. كيف وقد بعثه الله عز وجل مبلغا دينه ورافعا رايته ومعلما حدود شريعته انه عليه الصلاة والسلام كان قائما بالوجه الاكمل وما التحق بالرفيق الاعلى حتى استنطق الامة يوم عرفة. الاهت قد بلغت هم يقولون نعم، فيقول اللهم فاشهد. فمن هذا الوجه استنبط العلماء ان انكار المنكر واقامة الشريعة كان واجبا في حقه صلى الله عليه وسلم. واورد النووي في الروضة سؤالا فقال قد يقال هذا ليس من الخصائص. بل كل الف تمكن من ازالة المنكر لزمه اه بل كل مكلف تمكن من ازالة المنكر لزمه تغييره ثم اجاب بان المراد لا يسقط عنه للخوف. فانه معصوم بخلاف غيره. وهذا قد ذكرته في غضون كلامي. ختام وهذه المسألة في كلام المصنف رحمه الله فائدة علمية لطيفة دقيقة ساقها الامام النووي رحمه الله في الروضة قائلا لا يستقيم ان نقول ان وجوب انكار المنكر من خصائصه عليه الصلاة والسلام معللين ذلك بان القيد في قوله فما لم يستطع لا يتحقق فيه. لاننا نقول بل هو عام في كل مكلف. السنا نقول ان كل مكلف تمكن من انكار المنكر وكان قادرا عليه وجب في حقه ان قلت بلى اذا هذا ليس من خصائصه عليه الصلاة والسلام فكل احد في الامة كالاب في اسرته والرجل في بيته القادر على تغيير ما يحصل فيه من خطأ ومنكر ومعصية وجب عليه فكان هذا من الوجوب المقيد ايضا لكن تحقق القيد في حقه صلى الله عليه وسلم متحقق بيقين مطرد وفي حق غيره متفاوت ونسبي. قال رحمه الله اجاب عن ذلك بان المراد لا يسقط الوجوب عنه من اجل الخوف كما قلنا لان الله قد عصمه. قال المصنف وهذا قد ذكرته في غضون كلامي. يريد ان يثبت ان وجوب انكار في حقه عليه الصلاة والسلام لتحقق معنى فيه غير متحقق في غيره وهو الامن وهو عدم الخوف وهو للركون الى نصرة الله وعصمة الله وحفظ الله اياه صلوات ربي وسلامه عليه. ويكون هذا وجيها جدا في ان معنى وجوب بانكار المنكر في حقه قدرته وقوته عليه الصلاة والسلام التي لا يمنعها ولا يحول بينها وبين القيام بالواجب خوف ولا سطوة احد عليه لان الله قد ايده والله ينصره ويسدده. قال بعض اهل العلم ثمة وجه اخر ان عدم انكار المنكر لو جوزناه في حقه صلى الله عليه وسلم لاي سبب اوهم ذلك مشروعية المنكر الذي يقع. لان سكوته اقرار عليه الصلاة والسلام. ولان عدم تغييره للمنكر يدل على المشروعية بوجه ما ومن هنا كان واجبا عليه عليه الصلاة والسلام الصدع بالحق. وبيان الواجب وانكار المنكر ولا يلتفت في ذلك الى معنى اخر لما يتصل بموقفه عليه الصلاة والسلام من الدلالة على مشروعية الاحكام. فان سكوته اقرار. وكم استدل العلماء على الشيء افعلوا بحضرته فلا يتكلم صلى الله عليه وسلم دلالة على مشروعية الفعل فلو كان المنكر كذلك لاندرج في عداد الامور الثابتة باقراره صلى الله عليه وسلم ولما يستلزم هذا المعنى من وجه ممتنع كان عدم انكاره المنكر ايضا في حقه صلى الله عليه واله وسلم. وهذا وجه سديد ووجيه ايضا. لان سكوته موجب للجواز وبذلك علل بعض الفقهاء كما قال البغوي في الفتاوى ونقله عنه الزركشي وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم اذا رأى فلم يغيره وكان قادرا على تغييره دل على الاباحة وذلك كما يقول الزركشي فيه مخالفة لقول طوليين ان شرط كوني اقرار النبي عليه الصلاة والسلام حجة ان يكون قادرا على الانكار. وان يكون المقر على الفعل منقادا للشرع مطيعا لان الممتنع كالكافر لا يكون الاقرار في حقه دليلا على الاباحة. قال وهذا تصريح بعدم الوجوب عليه مطلقا صلى الله عليه واله وسلم فهذا كلام فيه من الفائدة العلمية الدقيقة واللطيفة في وجه الاستدلال مما يبحثه الاصوليون لطيف حسن كما اشار المصنف رحمه الله هنا اختصارا. هذا تمام المسائل آآ وقد انتهينا من ثامنها في هذا الباب وهو النوع الاول من المسائل الواجبة في حقه صلى الله عليه وسلم المعدودة في خصائصه. وقد اخذنا في مجلس الليلة منها مسألتان وجوب انكار المنكر عليه صلى الله عليه وسلم. ومسألة وجوب صابرة العدو ومسألة وجوب مشاورة ذوي الاحلام. فهذه مسائل ثلاثة اتينا عليها في مجلس الليلة اتماما لمسائل خمسة قد سبقت في لقاءات ماضية وفي سياق هذه الخصائص بقية ناتي عليها تباعا في ليالي الجمعة في الاسابيع المقبلة بعون الله سبحانه وتعالى. واعلموا ان الله عز وجل قد جعل لنا في ثنايا هذه الليلة من عظيم الخيرات والبركات ما يرجى اصابته بوافر الصلاة والسلام على امام الهدى وسيد الورى صلى الله عليه وسلم الذي شرع لنا الاستكثار من الصلاة والسلام عليه مطلقا. وفي هذه الليلة الشريفة المباركة خصوصا. ان شئت غفران الذنوب عموما او شئت ان تكفى اذى وهموما فاعمل بقول الله في قرآنه صلوا عليه وسلموا تسليما. فاللهم صلي وسلم وبارك عليه اوفى صلاة واتم سلام يا اكرم الاكرمين وارزقنا يا ربي بالصلاة والسلام عليه منازل الدرجات العلى واتنا يا رب علما نافعا وعملا صالحا. ورزقا واسعا وشفاء من كل كل داء اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. ونسألك اللهم علما نافعا ورزقا واسعا شفاء من كل داء يا حي يا قيوم. اللهم امنا في الاوطان والدور واصلح وارشد وسدد الائمة وولاة الامور. واجعل لنا يا ربي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين