بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه. والصلاة والسلام على عبد الله ورسوله. سيدنا ونبينا محمد ابن عبد الله وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد ايها الاخوة الكرام فمن رحاب بيت الله الحرام لا يزال هذا المجلس المبارك المنعقد في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة في مدارسة كتاب غاية السولي في خصائصه الرسول صلى الله عليه وسلم للامام سراج الدين ابي حفص عمر الانصاري بن الملقن رحمة الله عليه. وهذا المجلس المتتابع في هذا الكتاب المبارك يحملنا على مزيد من كثرة صلاتنا وسلامنا على حبيبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نلتمس بذلك خير هذه الليلة وبركتها بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. توقف بنا الحديث ايها المباركون ليلة الجمعة الماضية في الخصائص الواجبات عند منتهى المسألة الثامنة وهي الحديث عن وجوب تغيير المنكر عليه صلى الله عليه وسلم وهي ثامن المسائل التي تم عندها الكلام. ويبقى في هذا المجلس استكمال الحديث من المسألة في التاسعة فما بعدها سائلين الله عز وجل الهدى والتوفيق والسداد والرشاد. نعم. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى المسألة التاسعة كان يجب عليه قضاء دين من مات من المسلمين معسرا عند اتساع المال. المسألة التاسعة اي من الخصائص من النوع ولي من الواجبات اي مما يجب عليه صلى الله عليه وسلم وجوبا خاصا به دون امته صلى الله عليه وسلم وهي كما قال المصنف رحمه الله كان يجب عليه قضاء دين من مات من المسلمين معسرا اي غير قادر على سداد دينه. عند اتساع المال اي اذا كان عنده صلى الله عليه وسلم سعة من المال. فائض عن المسلمين فانه يقضي دينه. فهذان قيدان قضاء دين من مات اذا كان الميت معسرا. وعند اتساع المال كما سيأتي في حديث المصنف. وهذه المسألة المنعقدة في هذا تياق يريد بها المصنف رحمه الله انها مما كان واجبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم للحديث الاتي ذكره ففي الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل المتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه من قضاء فان حدث انه ترك وفاء صلى عليه والا قال للمسلمين صلوا على صاحبكم فلما فتح الله عليه الفتوح قام فقال انا اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن توفي من المؤمنين فترك دينا فعلي قضاؤه. ومن ترك مالا فلورثته. نعم هذا الحديث الذي رواه ابو هريرة رضي الله عنه دليل المسألة وهو مخرج في الصحيحين اما لفظ البخاري في الصحيح فان النبي صلى الله عليه وسلم قال انا اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن مات وعليه ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه. ومن ترك مالا فلورثته. هذا لفظ البخاري ورواية مسلم اتم واوضح تفصيلا وهي التي ساقها المصنف هنا في الكتاب ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤتى بالرجل الذي عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه قضاء؟ فان حدث انه ترك وفاء صلى عليه. يعني لو حدث انه ترك الميت الذي عليه دين، ترك ترك مالا يمكن وفاء دينه منه صلى عليه. والا اي واذا قيل له ان الميت لم يترك وفاء ترك الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم قال صلوا على صاحبكم هذا كان في اول الاسلام ايها الكرام. قال فلما فتح الله عليه الفتوح قال انا اولى بالمؤمنين من انفسهم. فمن توفي وعليه دين فعلي قضاؤه. ومن ترك مالا فهو لورثته ظاهر هذا الحديث وجوب الوفاء عليه صلى الله عليه وسلم اي وفاء دين من مات ولم يسد دينه. فاذا قيل ان هذا الحديث دل على وجوب القضاء على الميت سواء كان موسرا او معسرا. فمن اين خصصنا الدين الذي يقضى على المعسر المليء او دون الموسر. فالجواب انه بما جاء القيد في رواية الامام البخاري. فمن مات وعليه دين ولم يترك وفاء فعلينا قضاؤه. وكذلك يؤيدهما روى ما ورد في رواية صدر رواية مسلم من امتناعه عن الصلاة على من مات وعليه دين ولم اترك وفاء. هذا الحديث دليل المسألة في وجوب قضاء النبي صلى الله عليه وسلم دين من مات من اصحابه به ولم يقض دينه. نعم وحكى الامام وجها انه لم يكن واجبا عليه بل كان يفعله تكرما وبه جزم الماوردي حكى امام الحرمين وجها اخر عند الشافعية وهو ان قضاء النبي صلى الله عليه وسلم دينا من مات من اصحابه ولم يوفي بدينه لم يكن واجبا عليه بل كان تكرما يفعله عليه الصلاة والسلام احسانا الى اصحابه ولم يكن ذلك واجبا عليه. هذا وجه عند الشافعية قال وبه جزم الماء وردي. هذا وجه يقول به بعض فقهاء الشافعية وانما النص على فقهاء الشافعية دون غيرهم كما تعلمون لاجل امرين الاول ان الكتاب لابن الملقن وهو شافعي المذهب رحمه الله والاخر ما تقدم في بداية مجالس هذا كتاب ان اول من اعتنى بباب الخصائص النبوية وافردها بالحديث فقهاء الشافعية تبعا للمزني صاحب الشافعي فالله الجميع. ولهذا فان الروياني في البحر وكذلك الماوردي كلاهما رجحا القول بان قضاء الدين لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم بل كان تكرما وتعقب ذلك امام الحرمين بقوله وهذا غير سديد اي القول بعدم الوجوب. ثم علل فقال فان وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق وقوله حق. وقوله ومن ترك فعلي اي وجوبا لا يجوز تقدير خلافه ولا يمكن حمل هذا على الضمان المجهول. فاما من اجاز ضمان المجهول لا يجوز هذا انتهك كلام امام الحرمين لكن هذا القول هو وجه اخر عند الشافعية لانه لو كان واجبا لو كان واجبا لاصبح واجبا على ولاة امور المسلمين من بعده صلى الله عليه وسلم. وحكام المسلمين لكان يجب عليهم اي قضاء دين من مات من المسلمين وعليه دين لم يوفي به وكان هذا واجبا على العلماء على الائمة والامراء والحكام لو قيل بوجوبه عليه صلى الله عليه وسلم والاقوى من حيث الدليل الذي رجحه المصنف رحمه الله هو القول بالوجوب لقوله من توفي وعليه دين فعلي قضاؤه محمول على الايجاب. ولانه وعد منه عليه الصلاة والسلام. ووعده واجب لغيره كما ذكره عدد من الفقهاء رحمة الله على الجميع. نعم وقال النووي في شرح مسلم كان يقضيه من مال المصالح. وقيل من خالص ماله. هذه مسألة ترد تبعا. لما كان نبينا بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام يقضي دين من مات من المسلمين وعليه دين لم يوفي به فمن اي مال كان يقضي الدين؟ اهو من ما له الخالص عليه الصلاة والسلام او هو من مال المصالح. والمقصود بمال المصالح اي المال الذي يكون في بيت مال المسلمين وهو المال الذي تخصص لقضاء المصالح وهو المتعلق بخمس الخمس في الغنيمة لقوله تعالى واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فهذه الخمسة هي خمس المغنم والواحد من هذه الاجزاء الخمسة هو سهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وللمسلمين ايضا سهم فكان هذا من خمس الخمس في الغنيمة والفيء واربعة اخماس الفيء كما قال الله تعالى ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن لكي لا يكون دولة بين الاغنياء منكم. فهذا الذي يقصد به المصنف في قوله هل كان يقضيه من مال المصالح اي من بيت مال المسلمين المخصص لقضاء مصالح المسلمين او من خالص ما له وجهان يقول بهم العلماء ويترتب على ذلك خلاف فان قلنا من خالص ما له كان هذا تبرعا منه وتكرما عليه الصلاة والسلام. وان قلنا من مال بيت المسلمين من بيت مال المسلمين كيف يكون هذا مما يجب على الائمة فعله اقتداء بامامهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الاول هل يجب ذلك على الائمة بعده من مال المصالح؟ اي على القول الاول ان المال الذي كان يقضي منه الدين صلوات ربي وسلامه عليه كان من مال المصالح يعني من بيت مال المسلمين. وبناء على ذلك فهل يجب على الائمة من بعده فعل ذلك ايضا من بيت مال نعم وعلى الاول هل يجب ذلك على الائمة بعده من مال المصالح وجهان وقد جاء في رواية قيل يا رسول الله وعلى كل امام بعدك؟ قال وعلى كل امام بعدي. ولكنها ضعيفة عزيزة الوجود اي هذه الرواية التي اشار اليها ضعيفة عزيزة الوجود اي لا يستقيم وجود سند ثابت لها يقام عليها الحكم فلذلك لم يعول عليها الفقهاء وقال الامام بعد حكايتها وفي الاطلاق نظر. لان من استدان وبقي معسرا حتى مات لم يقض دينه. من المال لانه يلقى الله ولا مظلمة عليه قالت عائشة رضي الله عنها لان اموت وعلي مائة الف وانا لا املك قضاءها احب الي ان اخلف مثلها ان استدان وبقي معسرا حتى مات. الكلام الان على المعسر يعني الذي عاش حياته غير قادر على سداد دينه فهذا معسر من عاش كذلك حتى مات قال لم يقضى دينه من بيت المال. والسبب ان ذمته ليست مشغولة. وان الوجوب الذي في ذمته لم يعد مطالبا به كيف يورث هذا الدين وتورث المطالبة به من بعده فيحال على بيت مال المسلمين؟ قال لانه يلقى الله ولا مظلمة عليه هذا الذي يجعله بعض الفقهاء في عداد بعض الاحكام التي كمثل الصيام من مات وعليه صوم ثم انقضى رمضان وما بعده لسبب استمرار مرضه ان يقضي ما عليه. فانه لا يجب على ورثته شيء لانه مات قبل التمكن ولم يجب عليه بشيء ومن العلماء من فرق بين حق الله في العبادات وحق المخلوقين في الاموال وقضاء الديون. واستدل هنا او استأنس باثر عائشة رضي الله عنها لان اموت وعلي مائة الف وانا لا املك قضاءها احب الي ان اخلف مثلها. يعني ان تلقى الله مدينة بمائة الف هي احب اليها من ان تلقى الله تمتلك هذا المال فتموت تركته ورثة آآ ارث او ارثا لما يتعلق بذلك من المسئولية والحساب الذي لا يسلم منه انسان وعن ما له من اين اكتسبه وفيما انفقه وان ظلمه بالمطال فاعسر فمات ففيه احتمال والاولى الا يقضى فان اوجبناه فشرطه اتساع المال وفضله على مصالح الاحياء. هذه مسألة اخرى فقهية تبعا لاصل المسألة. وان ظلمه اي المدين ظلم الدائن بالمطالي يعني بالمماطلة وعدم سداد دينه فكان فكان الدائن فكان الدائن مستحقا للمال لكن المدينة مات مماطلا فاعسر. يعني كان قادرا ثم تحول الى معسر فلو عاملناه باول حاليه وهي القدرة بالمماطلة لم يقض عنه دينه وان عاملناه بالاعسار قال ففيه احتمال والاولى الا يقضى فان اوجبناه اي اوجبنا القضاء عنه فشرط ذلك اتساع المال وفظله عن مصالح الاحياء. يعني في بيت مال المسلمين ان يكون اذا عن حاجة الاحياء لاجل قضاء دين الاموات ووجه القضاء ترغيب ارباب الاموال في معاملة المعسرين وفي وفي زوائد الروضة في باب قسم الصدقات عن صاحب البيان حكاية وجهين في ان من مات وعليه دين ولا وفاء له هل يقضى من سهم الغارمين قال ولم يتبين الاصح منهما. والاصح الاشهر لا يقضى منه قلت قلت وحكي ذلك عن ابي حنيفة ومالك وغيرهما. نعم في تتمة هذه المسألة ان قيل بالقضاء عن من مات معسرا وكان مماطلا ثم غدا معسرا بشرط اتساع المال ان وجه القول بقضاء الدين عنه ترغيب ارباب الاموال في معاملة المعسرين وذكر النووي ها هنا مسألة عن صاحب البيان الامام الفقيه العمراني رحم الله الجميع ان من مات وعليه دين ولا وفاء له هل يقضى من سهم الغارم مين ؟ سهم الغارمين احد مصارف الصدقات كما تعلمون في قوله تعالى انما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين. وفي سبيل الله وابن السبيل. والغارمون هنا اصناف منهم من تحمل الدين لاجل قضاء المصائب ومنهم من تحملها لاجل الصلح بين فئتين او طائفتين او مسلمين. فتحمل الغرامة او الدين لاجل مصلحة اعظم ومصلحة كبرى عامة فمن تحمل الدين وغرم اصبح جائزا صرف الزكاة له فهل يعامل المدين الذي مات وعليه دين لحظ نفسه لا لمصلحة غيري هل يعامل معاملة الغارم؟ فيكون من مصارف الزكاة التي ان فاضت فكانت في بيت المال تعود عليه من سهم الغارمين. قال الا بعد ان ذكر صاحب البيان في المسألة وجهين لم يتبين له الاصح منهما والاصح الاشهر عدم قضاء ذلك منه وهو والمحكي في مذهب الائمة مالك وابي حنيفة رحم الله الجميع. نعم. ونقل ابو عبيد الاجماع عليه اي على عدم قضاء الدين عنه من سهم الغارمين وهي الدعوة توجب التوقف في اثبات الوجهين. وكأنه انما افترق الحي والميت في كونه يقضى عن الغارم في حياته دون موته ان الحي يحتاج الى وفاء دينه. والميت ان كان عصى ان كان عصى به او بتأخيره فلا يناسب حاله الوفاء عنه والا فانه لا يطالب به ولا حاجة له والزكاة انما تعطى لمحتاج بخلاف الاداء من غير الزكاة لبراءة ذمته. والتخفيف عنه في الاخرة نعم. هذا استطراد لمسألة فقهية تتعلق بقضاء الدين عن المعسر الذي مات من سهم الغارمين. وخلاف الفقهاء وابو عبيدة القاسم ابن سلام قد نقل الاجماع على عدم قضائه من سهم الغارمين وفرقوا بين الحي والميت ان الحي مطالب بالسداد واما الميت فقد افضى الى ربه وان كان عاصيا لكنه لا يطالب به ولا حاجة له والزكاة احد مقاصدها اغناء صاحبها بها لقضاء حاجاته. اما الاداء عن الميت فلا يتعلق به شيء سوى براءة الذمة والتخفيف عنه في الاخرة. وهذا ليس صريحا فيما قابلتي مقاصد الزكاة التي من اجلها شرعت مصاريفها. يتعلق بهذه المسألة قبل الانتقال الى المسألة التالية التي تعقبها ما يذكره بعض الفقهاء انه لو لم يوجد من سهم الغارمين شيء الا قليل لا يفي به الدين المتروك عن الميت. او لم يوجد الا سوى قدر الدين فمقتضى كلام الفقهاء انه لا يوفى به وكذلك لو مات مدينان معسران احدهما لا وارث له الا بيت المال. فمقتضى كلام الفقهاء انه يوفى دين الحي ويحتمل ايضا الوفاء دين الميت على خلاف بينه في تفصيل هذه المسائل. وبالجملة فقوله صلى الله عليه وسلم من مات وعليه ادين فعلي قضاؤه. فهذا ايجاب منه ووعد كريم منه عليه الصلاة والسلام على نفسه. ولذلك الفقهاء في مسائل خصائصه الواجبة عليه صلوات الله وسلامه عليه المسألة العاشرة كان يجب عليه اذا رأى شيئا يعجبه ان يقول لبيك ان العيش عيش الاخرة. وذكر الرافعي بصيغة قيل وجزم به ابن القاص في تلخيصه لفظه فيه وكان صلى الله عليه وسلم اذا رأى شيئا يعجبه قال لبيك ان العيش عيش الاخرة ثم قال هذه كلمة صدرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في انعم حاله يوم حجة في انعم حاله يوم حجه بعرفة ثم ساقه باسناده وفي اشد حاله يوم الخندق ثم ساقه باسناده كما ذكرته عنه في كتابي المسمى بالبدر المنير في تخريج احاديث الرافعي الكبير للامام ابي القاسم الرافعي وهو الكتاب والذي لا يستغنى عنه كتاب الامام ابن الملقن رحمه الله المسمى بالبدر المنير في تخريج احاديث الرافعي الكبير الذي فيه احاديث كتاب الامام ابي القاسم الرافعي من اجل كتب تخريج احاديث الفقهاء وابن الملقن قد اودع فيه من دقائق تخريجي والاستقصاء ما كان مرجعا جليلا ولهذا حق له ان يقول رحمه الله وهو الكتاب الذي لا يستغنى عنه فلا يستغني عنه طالب علم ينظر في احاديث الفقهاء المتداولة ليجد فيها التخريج الوافي الشافي في كتابه البدر المنير في تخريج حديث الرافعي الكبير هذه المسألة العاشرة يا كرام انه كان يجب على نبينا صلى الله عليه وسلم وجوبا خاصا به كما نحن في كتاب الخصائص اذا رأى شيئا يعجبه ان يقول لبيك ان العيش عيش الاخرة الكلمة واضحة المعنى ان النبي عليه الصلاة والسلام يعبر في تلبيته لربه امتنانا وحمدا وثناء واعترافا بالفضل ثم تعويلا على عيش كريم يرتجى في الاخرة لبيك ان العيش اي العيش الحق الذي ينعم به المرء ويجد به منتهى السعادة التي لا شقاء بعدها هو عيش الاخرة. اما عيش الدنيا فمهما اتسع واوتي الانسان فيه الوان المطائب والسعادة والمتعة فيبقى قاصرا مهما كان ممتدا ويبقى منغصا مهما كان منعما. لكن العيش الخالص الصافي بالنعيم هو عيش الاخرة؟ هذا معنى العبارة ووجه الوجوب هنا او اختصاصه انهم رأوا نبينا عليه الصلاة والسلام في موضع او اثنين كان اذا رأى شيئا يعجبه قال لبيك ان العيش عيش الاخرة. لكن قال هذه صدرت منه في انعم حاله يوم حجه بعرفة ثم ساقه باسناده وفي اشد حاله يوم الخندق ايضا ثم ساقه باسناده والذي ذكره المصنف هنا مختصرا نقلا عن ابن القاص وهو الفقيه الشافعي في كتابه التلخيص نقله البيهقي الامام في السنن موسعا قال باب كان اذا رأى شيئا يعجبه. روى البيهقي باسناده من طريق الشافعي. قال اخبرنا سعيد عن ابن جريج قال اخبرني حميد اعرجوا عن مجاهد انه قال وهذا مرسل عن مجاهد كما ترى انه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يظهر من التلبية لبيك اللهم لبيك لبيك لا لك لبيك ان الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك. قال حتى اذا كان يوم والناس يصرف يصرفون عنه انه اعجبه ما هو فيه فزاد فيها لبيك ان العيش عيش الاخرة. قال ابن جريج وحسبت ان ذلك يوم عرفة قال البيهقي هذا مرسل قد روي موصولا مختصرا عن عكرمة عن ابن عباس وهو يشير الى ما رواه الحاكم في المستدرك عن ابن عباس رضي الله عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات فلما قال لبيك اللهم قال انما الخير خير الاخرة ثم قال الحاكم صحيح ولم يخرجه. وما رواه سعيد بن منصور ايضا في سننه عن عكرمة قال نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حوله وهو بعرفة. فقال لبيك اللهم لبيك ان الخير خير الاخرة اسمع ماذا قال الشافعي رحمه الله تعالى في الام معلقا على هذه الروايات قال هذه كلمة صدرت من رسول الله صلى الله عليه وسلم في انعم الة يوم حج عرفة يوم الحج بعرفة وفي اشد حالة يوم الخندق. وستأتي الرواية المتعلقة بيوم الخندق وقد استدل على ذلك البيهقي بما روى البخاري في الصحيح من حديث سهل بن سعد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب على اكتادنا. فقال عليه الصلاة والسلام اللهم لا عيش الا عيش الاخرة فاغفر للمهاجرين والانصار. وروي ايضا من حديث انس فاذا المهاجرون والانصار يحفرون في غداة باردة فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم. فلما رأى ما بهم من النصب والجوع. قال عليه الصلاة والسلام اللهم ان العيش شو الاخرة؟ فاغفر للانصار والمهاجرة ولهذا قال الشافعي ان الكلمة حفظت عنه عليه الصلاة والسلام في انعم حال يوم عرفة والناس ينصرفون في نفرهم الى مزدلفة. وانما كان انعم حال لان المقام كان مقام تضرع ودعاء والتجاء وانشراح صدر وفتوح وفضل وانعام يعيش به الحجيج في ذلك الصعيد يوم عرفات منتهى الشعور باللذة والنعيم ونبينا عليه الصلاة السلام قد ارتقى من ذلك المقام الاسمى واما اشد حال فيوم الخندق وقد اجتمع عليهم برد وحرب وجوع وعمل مرهق شاق شديد فشق عليه عليه الصلاة والسلام اصحابه وهم يحملون التراب على اكتافهم والخوف من حولهم يحيط بهم. فقال تلك الكلمة في اشد حال هذا موجز كلام المصنف ومعناه. قال كان يجب عليه ان يقول عليه الصلاة والسلام لبيك ان العيش عيش الاخرة. قال حفظ ابن حجر رحمه الله ليس في ذلك ما يدل على الوجوب وهذا كلام دقيق ليس في الرواية شيء يدل على انه كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم ان يقول ذلك غاية ما في الامر اتفاق كلمته عليه الصلاة والسلام تلك في هذا المقام. سواء قلنا يوم عرفة او قلنا يوم الخندق ولهذا يقول العلامة الخيدري رحمه الله تعالى معلقا على ذلك ليس في هذا الذي ذكرناه ما يدل على الوجوب. وعن القفال قال لم يكن مخصوصا بهذا اي بل هو مستحب. كما دل عليه تقريره وحكايته مع ان الرافعي والنووي صرح تبعا للشافعي باستحباب قول ذلك للمحرم اذا رأى ما يعجبه ان يقول لبيك ان العيش عيش الاخرة. وفي القول بوجوبه نظر والسبب في ذلك اننا نحتاج لو قلنا بالوجوب الى ان نجد دليلا فيه ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يلتزم تلك العبارة في كل مقام يرى فيه ما يعجبه. لكن ذلك لم ينقل لاننا تحققنا من مواقف واحوال كان لنبينا عليه الصلاة والسلام فيها ما يعجبه ويسره كمثل يوم بدر والنصر العظيم يوم الفرقان ويوم فتح مكة وغير ذلك من المواطن الشريفة التي كان قد ابتهج وسر فيها عليه الصلاة والسلام ولو كان واجبا عليه لقال في تلك المواضع لبيك ان العيش عيش الاخرة. فاذا قيل بلى يحتمل انه قال لكنه لم ينقل ذلك او قاله سرا فيقال غالب احواله وافعاله عليه الصلاة والسلام كانت متضمنة للسرور ولا يخفى مثل ذلك على اصحابه ومن يلازمه وهم ينقلون دون ادق من ذلك يتعلق بهذه المسألة ايضا وقد انتهى فيها كلام المصنف الى هذا القدر انه لابد الا تقيد المسألة بحال الاعجاب هو قال هنا اذا رأى شيئا يعجبه ثم ساق عبارة الشافعي انه قاله في انعم حاله واشد حاله فكيف يقال اشد حاده ونقول كان يرى ما يعجبه؟ تأول ذلك بعض العلماء ان النبي عليه الصلاة والسلام لما رأى ما رأى من اصحابه يوم خندق وان كان مظهرا في ظاهره شيء من المشقة والشدة لكنه انشرح صدره لما رآهم قد نشطوا لامتثال امره والاستعداد للقاء العدو والذب عن حياض الشريعة والذود عن حمى الدين. كان هذا المظهر رآه عليه الصلاة والسلام فانشرح فيستقيم ان يقال ان الموقف ايضا يوم عرفة عفوا يوم الخندق كان ايضا فيه ما يعجبه عليه الصلاة والسلام لكن يمكن ان يقال حتى في حال الضيق والشدة فان النبي عليه الصلاة والسلام يمكن ان يقال ان الكلمة تصلح الا اللحال الاعجاب وحال التعب والشدة والضيق ايضا. ويقال ايضا انه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك ها هنا وها هنا ويوم الخندق اليوم العظيم الذي وصفه الله بقوله اذ جاءوكم من فوقكم ومن اسفل منكم واذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا ولا يخفى عليكم ان الاعجاب المقصود هنا هو الاعجاب الاخروي. يعني اعجبه عليه الصلاة والسلام ما رأى من نعيم الطاعة ولذة العبادة وكثرة الداخلين في دين الله وظهور الدين وانتصار الاسلام فهذا المقصود وليس اعجاب المرء بدنياه التي تأتي وتذهب وتغدو وتروح والله اعلم المسألة الحادية عشرة كان عليه اداء فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها. قاله الماوردي وقد تقدم في المسألة الرابعة مثله عن حكاية الامام وذكره وذكره العراقي في شرح المهذب ايضا. مسألة لم يتطرق اليها عدد ممن كتب في الخصائص كالرافعين والنووي رحمهما الله جميعا. لكن الامام الماوردي رحمه الله اوردها في كتاب الخصائص اداء فرض الصلاة كاملة لا خلل فيها. والسؤال هل كان نبينا عليه الصلاة والسلام يؤدي الصلاة المفروضة كاملة لا خلل فيها ولا نقص اكان يؤديها وجوبا عليه ام كمال الحال منه عليه الصلاة والسلام هذا الذي جعل عددا من الفقهاء لا يريدون المسألة. قال وقد في المسألة الرابعة يعني عند الحديث عن وجوب التهجد عليه صلى الله عليه وسلم وقد تقدمت في هذه المسائل في صدرها تقدمت حكاية عن الامام هناك لما قال ومن الليل فتهجد به نافلة لك ان النافلة هناك ليست تكميلا لاجل الفريضة ان اجرها كامل عنده صلى الله عليه وسلم حيث لم يكن في ادائه للفرائض نقص ولا خلل وانما كان نافلة هناك بمعنى اجر وثواب وهو عليه الصلاة والسلام يؤدي الفرض كاملا لا خلل فيه. لكن ايراد ذلك في الوجاء في الواجبات عليه صلى الله عليه وسلم فيه نظر. وقال بعض الفقهاء وجه القول بوجوب ذلك ظاهر فان الخلل الذي يحصل في الصلاة انما يحصل من تلاعب الشيطان. ونبينا صلى الله عليه وسلم معصوم عنه بخلاف غيره. وذلك يلتحق بسائر عباداته وليست الصلاة خاصة اذ لا فرق بينها وبين غيرها من العبادات التي كان يؤديها نبينا صلى الله عليه وسلم على اكمل وجه واتمه والله اعلم المسألة الثانية عشرة كان يلزمه كل تطوع يبتدأ به. حكاه البغوي عن بعضهم وسيأتي منزعه في المسألة الخامسة من النوع الثاني اتمام كل تطوع يبتدأ به عليه الصلاة والسلام كان واجبا هذه مسألة هي في عداد المسائل هنا الثانية عشرة يقول كان واجبا عليه عليه الصلاة والسلام اذا ابتدأ عبادة تطوعا وجب عليه ان يتمها وسيأتي منزعه في المسألة الخامسة من النوع الثاني يعني في المستحبات. وهناك ذكر مسألة لبس لأمة الحرب التي كان لا ينزعها حتى فيقاتل عليه الصلاة والسلام وسيأتي ذكرها هناك في المحرمات لم يذكر الرافعي والنووي هذه المسألة ايضا في الخصائص. وذكره ابن ملقن هنا نقلا عن ابن القاص كما ترى وسكت ولم طب عليها بشيء وفي دعوى هذه المسألة من خصائصه عليه الصلاة والسلام نظر لا يثبت ايها الكرام ان نبينا عليه الصلاة والسلام كان يلتزم اتمام كل تطوع يبتدأ به واذا وجدنا دليلا يثبت خلاف ذلك سقطت اعدادها من الخصائص. روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يا عائشة هل عندكم شيء؟ فقلت يا رسول الله ما عندنا شيء. قال فاني صائم قالت فخرج عليه الصلاة والسلام فاهديت لنا هدية او جاءنا زور. قالت فلما رجع صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله اه وهديت لنا هدية او جاءنا زور وقد خبأت لك شيئا قال ما هو؟ قلت حيس. قال هاتيه. فجئت به فاكل ثم قال لقد كنت اصبحت صائما قال طلحة فحدثت مجاهدا بهذا الحديث قال ذلك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله فان شاء امضاها وان شاء امسكها وايضا من حديث عائشة رضي الله عنها لما قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم. قال هل عندكم شيء؟ قلنا لا. قال فاني اذا صائم. ثم كان يوما اخر قالت يا رسول الله اهدي لنا حيس قال ارينيه فقد اصبحت صائما فاكل وروى الدار قرطي ودوى وروى الدار قطني ايضا والبيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي عليه الصلاة والسلام دخل عليها ذات يوم قال اعندك كشيء؟ قلت نعم؟ قالت قال اذا افطروا وان كنت قد فرضت الصوم. وقال البيهقي والدار قطني اسناده صحيح. هذه الاحاديث صريحة في الدلالة على عدم وجوب اتمام التطوع عليه صلى الله عليه وسلم. كما ذهب الى ذلك الشافعي احمد وهو مذهبهما في بالمكلفين ان المتطوع امير نفسه ان شاء امضى تطوعه وان شاء قطعه ولا شيء عليه. ويرى ما لك وابو حنيفة رحم الله الجميع ان المتطوع اذا ابتدأ عبادة وجب عليه اتمامها فلو افطر في صيام تطوع لزمه القضاء واستدلوا لذلك بادلة منها حديث الترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت انا وحفصة صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فاكلنا منه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فبدرتني اليه حفصة وكانت ابنة ابيها اشارة الى آآ قوة شأنها رضي الله عنها فقالت يا رسول الله انا كنا صائمتين فعرض لنا طعام اشتهيناه فاكلنا منه فقال اقضيا يوما اخر مكانه. لكن الحديث فيه ضعف وللمحدثين فيه كلام وقد اخرج من ذلك الحديث البيهقي في السنن الكبرى وغيره من العلماء المحدثين. فها هنا نقاش عند الفقهاء ليس هذا موضع بسط فخلاف خلافي فيه لكن المسألة معقودة في شأنه عليه الصلاة والسلام. وقد سمعت من الدليل ما لا يستقيم معه اثبات المسألة في في تعداد الواجبات الخصائص عليه صلى الله عليه وسلم المسألة الثالثة عشرة عد ابن القاصي امورا اخرى ومنه نقلتها منها ان يدفع بالتي هي احسن. نعم. ختم هذا القسم من النوع الاول في الواجبات بمسائل منقولة تباعا عن الامام ابن القاص الفقيه الشافعي. ذكرها في الخصائص وابن الملقن هنا اوردها بعبارات مختصرة لم يتطرق الى تفاصيلها. قال عد ابن القاص امورا اخرى ومنه نقلتها منها ان يدفع بالتي هي احسن قال الله تبارك وتعالى امر النبي عليه الصلاة والسلام ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كانه ولي حميم قال المفسرون امر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بسلوك هذه الطريقة العظيمة معاملة الناس بالجميل مع فعلهم قبيح. قال ابن عباس رضي الله عنهما ادفع بحلمك جهل من جهل عليك وقال عطاء ومجاهد هو السلام على من يعاديه اذا لقيه. فالامر ها هنا لنبينا عليه الصلاة والسلام يحتمل ان يكون للوجوب ويحتمل ان يكون للندب والاستحباب فاذا قلنا للوجوب فهو بالنسبة الى هذه الامة محكم باق مستمر. عليه صلى الله عليه وسلم. واما بالنسبة الى الكفار من موادعتهم كالتعرض عليهم الصفح عن امورهم فمسوخ باية القتال كما ذكر غير واحد من ائمة التفسير. هذا معنى قوله ان يدفع بالتي هي احسن اي هي معاملة الناس. بالجميل مع فعلهم القبيح كما تقدم المسألة الثالثة عشرة عد ابن القاصي امورا اخرى ومنه نقلتها. منها ان يدفع بالتي هي احسن. ومنها انه كلف من العلم وحده ما كلفه الناس باجمعهم. هذه ايضا مما ذكره ابن القاص في المسائل التي نقلها عنه ابن الملقن هنا قال كلف صلى الله عليه وسلم وحده من العلم ما كلف الناس باجمعهم استدلوا لذلك فيما بوب له ابن القاص بقوله باب فضل علمه على علم غيره. اخرج الشيخان البخاري ومسلم في صحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين انا نائم اذ رأيت قدحا اوتيت به فيه لبن فشربت منه حتى اني لارى الري يجري في اظفاري. ثم اعطيت فضلي عمر ابن الخطاب. قالوا فما اولت ذلك يا رسول الله قال العلم والذي يظهر من توجيه دلالة الحديث فيما ادعاه ابن القاص ان الله كلف كلف نبيه عليه الصلاة والسلام ان يبلغ دينه الذي شرع. وهو العلم الذي جاء به الوحي اما بخطاب او الهام ما فرطنا في كتابي من شيء والله قد قال يا ايها الرسول بلغ ما انزل اليك من ربك فهذا العلم الذي اوتيه حصل له فالامر هذا المعنى ان الله لما اعطاه فضل العلم ومكانته التي شرب منها حتى رأى الري يجري في اظفاره عليه الصلاة والسلام يعني بناؤه من علم الشريعة بالوحي الذي اوحاه الله تعالى اليه. فهذا الوجه الذي لو اردنا التكلف للقول بان هذا كان من والا فلك ان تعد هذا من الفضائل والمناقب التي لم يجب في ذمته او لم يتعلق في ذمته من الوجوب صلى الله عليه وسلم بهذا المعنى شيء وعطف ذلك على امير المؤمنين عمر ابن الخطاب رضي الله عنه فهو ما فتح الله به على يديه في وما اوتي من علم الشريعة وسداد الرأي وموافقة الوحي في كثير من المواضع وما حصل فيه لبلاد الاسلام من فتوح وعز وانتشار ودخول الناس في دين الله افواجا وغير ذلك من المعاني الذي ذكرها العلماء في تفضيل عمر رضي الله عنه بهذه المنقبة خصوصية له من بين باقي الصحابة رضي الله عنهم اجمعين ومنها انه كان يغان على قلبه فيستغفر الله ويتوب اليه في اليوم سبعين مرة. هذه المسألة قبل الاخيرة فيما نقلها ابن القاصي هنا رحمه الله آآ ونقلها عنه ابن الملقن هنا في هذا السياق انه كان عليه الصلاة والسلام يغان على قلبه. يغان من الغين والحديث الذي رواه الصحابي الجليل الاغر المزني رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انه ليغان على قلبي وان اني لاستغفر الله في اليوم مائة مرة كما هو لفظ مسلم في الصحيح يقول القاضي عياض المراد بالغين يغان من الغين والغين فترات عن الذكر الذي شأنه ان يداوم عليه. فاذا فتوى عنه لامر ما عد ذلك ذنبا فاستغفر منه وهذا منك مالات الانبياء الكرام عليهم السلام. ونبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك اعلاهم درجة واسماهم منقبة صلى الله عليهم وسلم جميعا. وهذا معنى انه يغان على قلبي فاستغفر الله وليس المعنى هنا من الغين وقوع الذنب وحاشاه عليه الصلاة والسلام. بل قالوا ان الغين والغيمة من باب واحد في المعنى كما ان الغيم ما يحجب ضوء الشمس عن عن من تحتها فالغين كذلك يحجب القلب عن انوار المكاشفة ومعاني اتصالي بذكر الله سبحانه وتعالى وليست هي الغفلة او الذنوب او الوقوع فيما يغضب الله جل جلاله هذا معنى الغين فوجه الوجوب هنا في التعداد في الخصائص ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يجب عليه ان يستغفر الله فحملوا الاستغفار على عند وجود هذا الغين وجزم بذلك البيهقي في السنن فقال باب كان يغان على قلبه فيستغفر الله تعالى ويتوب اليه في اليومي مائة مرة هذه التغطية كما قلنا فترات او غفلات عن الذكر فاذا فتر عنه او قيل شيء يعتلي القلب مما يقع من حديث النفس وقيل هو السكينة تغشى القلب والاستغفار يظهر العبودية والشكر لما اولى الله سبحانه وتعالى. فهذا من حيث خصوصية النبي عليه الصلاة والسلام. فكيف يقع ذلك على وجه الوجوب لانه الزم نفسه بذلك عليه الصلاة والسلام. ولا يستشكل يا كرام ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يقع منه الاستغفار من غير الغين وهو كان دائم الاستغفار كثير الذكر ولا يلزم من ذلك كثرة الخطايا. كيف وقد قال الله له ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر فانما كان استغفاره كما يقول كبار العلماء والفقهاء ومن تعرض للحديث هو من باب شدة جهاد الانبياء في العبادة عليهم السلام لما اعطاهم الله من عظيم المعرفة فهم دائبون في شكره معترفون بفضله يبوئون بالتقصير في حق ربهم جل جلاله وهذا من كما قلت ومحصل هذا ان الاستغفار من التقصير انما كان للاشتغال بالمباحات من اكل او شرب او نوم وراحة والنظر فيما وصالح الناس وكانوا يرون ذلك شيئا مما ينبغي ان يزاد في حق ذكرهم لربهم. ومنهم من قال بل كان ذلك تشريعا للامم ان يكونوا اكثر استغفارا لربهم سبحانه وتعالى ووجوه اخرى تعد في هذا السياق من المحامد التي جعل الله تعالى فيها مقام النبيين الكرام عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. ومنها انه يؤخذ عن الدنيا ومنها انه يؤخذ عن الدنيا وهذا الاقتصار في العبارة هنا في نقل ابن الملقن عن ابن القاص اورث قصورا في المعنى فكان اقتصارا اورث قصورا اخل بالمعنى. والذي ذكره ابن القاص هنا المعنى التالي. كان صلى الله عليه وسلم يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي يعني ما يغشاه من الوحي كان يغيب فيه عليه الصلاة والسلام عن عالم الدنيا لانشغاله بالوحي الذي يأتيه به جبريل عليه السلام كان يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي وهو مطالب باحكامها عند الاخذ فلا تسقط عنه الصلاة ولا غيرها هذا وجه الوجوب وهو وجيه لان المكلفين في الامة اذا اصاب بعضهم ما يخرج به عن التكليف والوعي وادراك ما حوله سقط عنه تكليف. فالمغمى عليه لا تجب عليه صلاة ولا يجب عليه صيام وليس مؤاخذا بما حصل وقت الاغماء يقول كان النبي عليه الصلاة والسلام يؤخذ عن الدنيا عند تلقي الوحي وهو مطالب باحكامها عند الاخذ فلا تسقط عنه الصلاة ولا غيرها هذا الذي ذكره ابن القاص تبعه عليه البيهقي ولم يذكره الرافعي ولا النووي كما قلنا قال ابن القاص من خصائصه صلى الله عليه وسلم كان يؤخذ عند تلقي الوحي عن الدنيا ولا تسقط عنه الصلاة ولا غيرها وهذا المعنى استدل له البيهقي بما اخرج البخاري ومسلم من حديث عائشة رضي الله عنها ان الحارث ابن هشام سأل النبي صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحي فقال يأتيني احيانا مثل صلصة الجرس وهو اشده علي فيفصم عني وقد وعيت ما قال الملك واحيانا يتمثل لي لك رجلا فيكلمني فاعي ما يقول. قالت عائشة ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وان جبينه تفصدوا عرقا. وفي حديث عبادة ابن الصامت عند مسلم انه عليه الصلاة والسلام كان اذا نزل عليه الوحي كرب لذلك وتربد وجهه. ومن حديث صفوان ابن يعلى عن ابيه ان رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة وعليه في جبة صوف وعليه اثر الخلوق فقال كيف تأمرني ان اصنع في عمرتي؟ قال فانزل الله على النبي صلى الله عليه وسلم فستر بثوب ووددت اني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد انزل عليه الوحي فقال عمر تعالى ايسرك ان تنظر اليه وقد انزل الله عليك الوحي؟ قلت نعم. قال عمر رضي الله عنه تعالى ايسرك ان تنظر الى النبي صلى الله عليه وسلم وقد انزل الله عليه الوحي قلت نعم قال فرفع طرف الثوب فنظرت اليه وله غطيط واحسبه قال كغطيط البكر فلما سري عنه قال اين السائل عن العمرة الى اخر الحديث فهذه الاحاديث وغيرها صريحة في ان النبي عليه الصلاة والسلام كان عند تلقي الوحي ينتقل من اله المعروفة الى حالة تستلزم الاستغراق والغيبة عن الحال الدنيوية حتى ينتهي الوحي ويفارقه الملك. قال شيخ اسلام البولقيني رحمه الله هي حالة يؤخذ فيها عن حال الدنيا من غير موت. فهو مقام برزخي يحصل له عند تلقي الوحي فهذا ايضا كان من خصائصه عليه الصلاة والسلام ليس تلقي الوحي بل المراد ما كان يتعلق به عليه الصلاة والسلام من المطالبين بالاحكام فلا تسقط عنه الصلاة ولا غيرها. انتهى هنا القسم الاول من الواجبات المتعلقة بغير النكاح يكون في القسم التالي الواجبات في النكاح عليه صلى الله عليه وسلم جملة القسم الاول الذي انتهينا منه الليلة ثلاث عشرة مسألة سائلين الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. واجعل ما علمتناه حجة لنا لا حجة علينا يا اكرم الاكرمين. اللهم واغفر لنا وارحمنا واهدنا وتب علينا يا حي يا قيوم. واجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. استديموا ليلتكم بما استفتحتم من كثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو احرى ان تنالوا البركات وتغتنموا من الخيرات والدرجات ورفيع في الدنيا وفي الاخرة ما هو من كرم ربنا سبحانه وتعالى اكراما لمن صلى على نبيه صلى الله عليه وسلم. واخر دعوانا اه ان الحمد لله رب العالمين