بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى كتاب التوحيد. وقوله الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. وقوله ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبد الله واجتنبوا الطاغوت. وقوله وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وبالوالدين احسانا وقوله واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. وقوله قل تعالى واتلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وبالوالدين احسانا. ولا تقتلوا اولادكم من املاق نحن نرزقكم واياهم. ولا تقربوا الفواحش كما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق. ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي احسن حتى يبلغ اشده. واوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا الا وسعها واذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله اوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون. قال ابن مسعود رضي الله عنه من اراد ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ قوله تعالى قل تعالوا اكلوا ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا. الى قول وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه انه قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار فقال لي يا معاذ اتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ ودوا الله ورسوله اعلم. قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا. قلت يا رسول الله افلا ابشر الناس؟ قال لا تبشرهم فيتك اخرجاه في الصحيحين بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان وبعد بدأ المؤلف رحمه الله كتابه هذا العظيم بقوله كتاب التوحيد وقول الله تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون ولك في قولك وقول الجر عطفا على كتاب ولك ان ترفع على الابتلاء فلك ان تقول كتاب التوحيد وقول الله تعالى ولك ان تقول كتاب التوحيد وقول الله تعالى فيكون في الجر عطفا على التوحيد يكون في الجر عطفا على التوحيد هذه الاية التي اوردها المؤلف رحمه الله تدل على دقة فهم المؤلف رحمه الله وعنايته بكتاب بكتاب الله عز وجل وبقضية التوحيد فانه لما بين ان موضوع كتابه هو في التوحيد بدأ باية تدل على حقيقة هذا التوحيد وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون هذه الاية تدل على ان الغاية والحكمة من خلق الخلق الجني والانس هي عبادة الله عز وجل والعبادة فسرها اهل العلم بانها التذلل لله عز وجل بفعل اوامره واجتناب نواهيه محبة وتعظيما وفسرها شيخ الاسلام رحمه الله في رسالة العبودية لانها اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الاقوال والاعمال الظاهرة والفرق بين هذين التعريفين ان التعريف الاول بين العبادة باعتبار التعبد يعني ما يفعله العبد من جهة فعل العبد واما التعريف الثاني اسم جامع فبين تعريف العبادة باعتبار المتعبد به هذه العبادة هي الغاية التي خلق الله الجن والانس من اجلها ويبحث اهل العلم في هذا المقام ما يتعلق بتكليف الجن والجن خلق من خلق الله لا يراهم الناس في عموم احوالهم اتفق اهل العلم على انهم مكلفون في الجملة ودل على هذا هذه الاية التي بين ايدينا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون فهم مكلفون من ذلك ايضا قوله تعالى يا معشر الجن والانس الم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم اياتي وينذرونكم لقاء يوم هذا فدل هذا على انهم مكلفون في الجملة لكن تكليفهم يختص بهم يعني هم يشاركون الانس في جنس التكليف والامر والنهي. مكلفون بالتوحيد. واما الاوامر والنواهي فان لهم فيها ما يختص بهم ولا يلزم ان يكونوا مشابهين للانس في ذلك. لانهم يخالفونهم في الحد والحقيقة. لكن في الجملة هم مكلفون وبناء على هذا فانهم يثابون ويعاقبون اما من حيث الثواب فانهم يثابون على ايمانهم وطاعتهم بقول جماهير اهل العلم يثابون بالجنة ونعيمها وذهب قلة من اهل العلم الى ان ثوابهم هو نجاتهم من النار ثم بعد ذلك آآ يأمر الله عز وجل الجن بالفناء فيفنون وينتهون لا شك ان هذا القول غير صحيح وترده طرائح ايات الكتاب لم يطمسهن اه انسوا قبلهم ولا جان فدل هذا على ان الجن يتأتى منهم طمس الحور العين. اذا هم يدخلون الجنة والايات في هذا كثيرة. تدل على ان هذا القول ضعيف وبعض اهل العلم تكلم في جنس نعيمهم في الجنة وانهم ينعمون فيها اه ان يكونوا في ربض الجنة ولا يراهم الانس وامثال ذلك وكل هذا لا يثبت به دليل والقول به موقوف على ثبوته. والاصل في ذلك انهم ينعمون في الجنة كما نطقت بذلك النصوص اما في العقاب فاتفق اهل العلم على انهم يعاقبون على الكفر والمعاصي. فكافرهم خالد في النار وعاصيهم تحت المشيئة كالقول في الانس هذه الاية وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. اختلف فيها اهل التفسير اختلافا طويلا. في قوله ليعبدون واصح الاقوال في ذلك ان اللام ها هنا ليعبدون هي لام التعليل وبعضهم يقول لام الغاية. وبعضهم يقول لام الحكمة والامر في هذا يسير المقصود ان هذه الاية تدل على العلة الغائية من خلق الجن والانس والعلة الغائية عندهم هي العلة التي من اجلها وجد المعلوف بخلاف انواع العلل الاخرى كالعلة الفاعلية وكالعلة الصورية وغير ذلك مما يذكره آآ اهل العلم في بيان انواع العلل هذه العلة التي من اجلها خلق الله الجن والانس هي ان يعبدوه وتعالى وهذه العلة مرادة لله عز وجل لكنها مرادة ارادة دينية شرعية هذه العلة وهي ان الله عز وجل خلق الخلق ليعبدوه مرادة له سبحانه وتعالى لاجل فمرادة لله سبحانه وتعالى ولاجل ذلك خلق الخلق ولا يلزم في العلة الغائية وجودها. فقد توجد وقد لا توجد وهذه الاية نظير قوله تعالى وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله اللام ها هنا لام التعليل كاللام في قوله ليعبدون. اذا العلة التي من اجلها خلق الله الجن والانس عبادة الله سبحانه. وقد يقع ذلك وقد لا يقع لحكمة يريدها سبحانه وتعالى ويعلمها اهل العلم يبينون في هذه المسألة قاعدة مهمة فالله عز وجل فعل الاول ليفعلوا هم الثاني فالحكمة من خلقه جل وعلا الله عز وجل فعل الخلق. وهم امروا ان الو الامر الثاني وهو عبادته. وهذا هو الحكمة من خلقهم اما وقوع ذلك او عدم وقوعه فهذا راجع الى الارادة الكونية. والله عز وجل قد يريد ارادة كونية من العبد ان يطيعه فيطيع. وقد لا يريد سبحانه وتعالى لحكمة آآ يعلمها جل وعلا فلا يطيع العبد ولذلك الله عز وجل لما قال وما خلقنا السماوات والارض وما بينهما لاعبين. ما خلقناهما الا بالحق قال اهل العلم في هذه الاية الحق نوعان حق اريد منهم. وحق اريد بهم. اما الحق المراد منهم فهو عبادة الله سبحانه وتعالى واما الحق المراد بهم فهو الثواب والعقاب ولذلك فان الله عز وجل حينما يأمر بالامر توحيدا وعبادة وطاعة فان انه يريده ارادة شرعية. بمعنى انه يحبه سبحانه وتعالى. وهذه الارادة تقتضي محبة الله عز وجل للمراد. وقد يقع وقد لا يقع وكيف اقول قد يقول قائل كيف يريد الله عز وجل شيئا يعلم انه لا يقع الجواب ان الله عز وجل اذا اراد عدم وقوع هذا الشيء فلانه يحب عدم وقوعه ممن لم يقع منه. فهو مراد لغيره لا لذاته. اذا الكفر والمعاصي وترك التوحيد وترك الطاعة ارادها الله عز وجل اراد هذا الترك واراد هذا آآ الكفر واراد هذا الانفراف لا لذاته ولكن لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى تترتب على هذا الكفر. اذا اراد الله عز وجل هذه الامور التي لا يحبها غيرها لا لذاتها. وبناء عليه فانه لا يرد هذا السؤال الذي ذكره المتكلمون هنا واوردوه على اهل السنة حينما بينوا ان اللام ها هنا لام التعليل فقالوا ان هذا يلزم منه ان الله عز وجل يريد ما لا او ما يعلم انه لا ونقول هذا حق والله عز وجل اراد ارادة شرعية من العباد ان يعبدوه ثم منهم من هدى الله ومنهم من حقت عليه الضلالة. من اراد الله ذلك منه كونا حصل منه العبادة وحصل منه التوحيد ومن لم يرد الله عز وجل منه ذلك فانه لا يطيع ولا يوحد ولا يعبد. وذلك لحكمة يحبها سبحانه وتعالى. اما المتكلمون فان كثيرا منهم ذهبوا الى ان لام التعليل لا تضاف لله سبحانه وتعالى. وانما اللام ها هنا تسمى لام العاقبة بمعنى ان الامر في العاقبة يكون كذا وكذا. وذلك مبني على قاعدتهم بنفي تعليل افعال الله سبحانه وتعالى. وهذا اصل فاسد. والادلة عليه كثيرة جدا. حتى قال ابن ابن القيم رحمه الله في الشفاء ان الادلة على ثبوت تعليل افعال الله عز وجل تبلغ عشرة الاف لا في دليل واورد جملة منها رحمه الله في هذا الكتاب ولما قال المتكلمون ان اللام ها هنا لام العاقبة وهذا لا شك انه غير صحيح بل يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ونقل هذا عنه ايضا ابن القيم في البدائع ان لام العاقبة لا تثبت لله عز وجل ولا في موضع واحد في كتاب الله. بل لا يصح ان تضاف لله سبحانه وتعالى. لان لام انما يذكرها من هو جاهل بعاقبة الامور. اما من يعلم عواقب الامور فانه آآ اذا قال هذه العلة فانه يعلم ما سيكون عليه الامر في المستقبل ولذلك يقول اهل العلم ان العلة الغائية متقدمة في العلم والارادة متأخرة في الوجود والخلق فالله عز وجل يعلم ويريد هذه العلة الغائية ليطاع ليعبدون ووقوع ذلك او عدم وقوعه امر متأخر بعد ذلك هؤلاء المتكلمون لما قالوا هذا الامر فسروا العبادة بانها الخضوع لامر الله القدري. ليعبدوا يعني يخضعون لامر الله القدري. ولا شك ان هذا القول قول باطل غير اولا لان هذا الخضوع لامر الله القدري حاصل من جميع الخلق فما فائدة التنصيص على الجن والانس وثانيا يلزمهم على قولهم ان يكون كفر الكافر عبادة ولا شك ان هذا القول في غاية البطلان لان الله قال ليعبدون. فاذا كان الخضوع لامر الله والعبادة هي ان تجري على الخلق قدير الله عز وجل فقد جرى على الخلق الكافرين كفرهم. فهل يقال ان كفرهم عبادة لله عز اجل لا شك ان هذا في غاية البطلان بل لم يرد في كتاب الله ولا في اية واحدة ان العبادة تفسر بالخضوع بالخضوع لامر الله ومقاديره. فهذا القول قول باطل ولا يصح. وذهب وذهب بعض اهل العلم وهذا محكي عن بعض السلف ان ليعبدون اية خاصة بمن وقعت منه العبادة. يعني خاصة بالمؤمنين الذين اضل الله وحدوا الله واطاعوه. فمعنى قوله وما خلقت الجن والانس الا ليعبدني العابدون وهذا القول ليس بمتجه والقول الاول هو الاقوى وهو الذي عليه اكثر اهل العلم وقد ناقش شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله هذه الاقوال وبين ضعفها في درء التعارض وفي غيره اذا يتحصل لنا ان معنى قول الله جل وعلا وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اي ان الغاية والحكمة من خلق الخلق عبادة الله سبحانه وتعالى وهذا المعنى قد ذكر اهل التفسير فيه اقوالا اعني جمهور اهل العلم الذين فسروه بهذا التفسير ذكروا اقوالا قريبة منه بالمعنى من ذلك انهم قالوا الا لامرهم وانهاهم ومنهم من قال ليعبدون وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون اي يوحدون. وهذا الذي ذكره آآ اكثر علماء التوحيد من ائمة الدعوة وبعض المتقدمين كالبخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب التفسير تفسير سورة الذاريات بين ان معنى يعبدون يعني يوحدون. وهكذا آآ نقل هذا القول عن الكلب وذكره غير واحد من اهل العلم ومهما يكن من شيء فان العبادة هي التوحيد ومن عبد غير الله عز وجل فانه ما اتى بالعبادة التي امر الله سبحانه وتعالى بها. وبالتالي فلا تكون العبادة عبادة الا اذا اريد بها وجه الله عز وجل الا اذا كانت خالصة لله سبحانه وتعالى. وهذه الاية على هذا المعنى تكون نظير ايات اخرى كقوله سبحانه آآحسبتم انما خلقناكم عبثا وما ارسلنا من رسول الا باذن الله وامثال ذلك من النصوص. اي ان الحكمة من الخلق عبادة الله سبحانه وتعالى اذا فسر المؤلف رحمه الله التوحيد بانه عبادة الله ولا تكون العبادة عبادة الا اذا كانت خالصة لله سبحانه وتعالى ثم اورد المؤلف رحمه الله بعد ذلك اية اخرى وهي قوله جل وعلا ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت وايراد هذه الاية ثانيا ايظا من دقة المؤلف رحمه الله فانه قد ذكر في الاية الاولى الحكمة من خلق الخلق وفي الاية الثانية بين الحكمة من ارسال الرسل والحكمة في هذا وذاك توحيد الله سبحانه وتعالى الله عز وجل انما بعث الرسل لاجل غايتين وكلاهما راجعتان الى بيان التوحيد الاولى تعريف العباد بربهم سبحانه وتعالى وما يستحقه جل وعلا من العبودية وما يثبت له من نعوت الجلال والجمال. والغاية ثانية اقامة الحجة عليهم وقطع العذر عنهم رسلا مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل هذه الاية اية عظيمة تبين حقيقة التوحيد بل تبين الاية التي قبلها والايات التي بعدها. فان المؤلف رحمه الله لما قال كتاب ثم اورد الاية ليعبدون اورد الاية الثالثة ليبين حقيقة التوحيد وحقيقة العبادة وحقيقة ذلك مركبة من نفي واثبات. ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وهذا هو حقيقة التوحيد. وحقيقة لا اله الا الله. وما ارسلنا من قبلك من رسول الا نوحي اليه انه ولا اله الا انا فاعبدون. هذه الاية هي بمعنى الاية السابقة. لقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وهذا هو التوحيد. اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. لا اله الا الله اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا. فالتوحيد ليس توحيدا الا باجتماع الامرين نفي العبودية والالهية عن سائر المعبودات واثباتها لله عز وجل وحده لا شريك له. والنصوص في هذا في كتاب الله عز وجل وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا هذا هو حقيقة التوحيد. فان النفي المحض كما يقول اهل العلم تعطيل محض والاثبات المحض لا يمنع الشركة فلا يكون توحيدا الا باجتماع الامرين. بالنفي والاثبات وهذا ما دلت عليه هذه الاية ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت قال سبحانه ولقد بعثنا البعث في كتاب الله جاء على نوعين بعث كوني قدري وبعث ديني شرعي. البعث الكوني يتعلق بمراد لله عز وجل كونه. ويبعث الله هذا البعث آآ ممن شاء من خلقه ولا يلزم ان يكون صالحا او نبيا او موحدا. كما قال جل وعلا بعتنا عليكم عبادا لنا اولي بأس شديد فبعث الله غرابا يبحث في الارض واما البعث آآ الشرعي فهو الذي يتعلق تبليغ دين الله عز وجل وشرعه وامره. كما في هذه الاية اه ولقد بعثنا في كل امة رسولا ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت ولقد بعثنا في كل امة. الامة هي الطائفة او الجيل او القرن من الناس والله عز وجل قد اقام الحجة على الخلق في الجملة بمعنى ان الامم قد ارسل الله عز وجل لها النذر. وان من امة الا خلا فيها نذير قال جل وعلا بعد ذلك ان اعبدوا الله ان هنا الاقرب فيها انها تفسيرية وهي التي سبقت بمعنى القول لا لفظه. ان اعبدوا الله يعني الشيء الذي بعثوا به والشيء الذي امروا ان يقولوه للامم اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت والعبادة سبق معنا تفسيرها ثم قال واجتنبوا الطاغوت اجتنبوا يعني كونوا في جانب والطواغيت في جانب. وهي كما يقول اهل العلم ابلغوا من ما لو قال اتركوه. فان الاجتناب يتضمن معنى الترك وزيادة. ففيه مباعدة وفيه آآ ترك التي تؤدي الى عبادة الطاغوت. الطاغوت مشتق من الطغيان. والطغيان قالوا مجاوزة الحد. انا لما طغى الماء والطاغوت فسره كثير من السلف من الصحابة فمن بعدهم بافراد منهم فمنهم من فسره بالشيطان ومنهم من فسره بالكاهن ومنهم من فسره بالساحر الى لذلك مما قيل في هذا الموضوع واجمع ما قيل في تفسير معنى الطاغوت ما ذكره ابن القيم رحمه الله في آآ اوائل كتابه اعلام الموقعين انه ما تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع او مطاع. من معبود كل ما عبد من دون الله عز وجل فان عبادته من عبادة الطاغوت. وتنبه هنا الى ان اطلاق الطاغوت من جهة المتعبد لغير الله عز وجل يطلق على كل لعبادة لغير الله فكل من عبد غير الله فانه يقال في حقه عبد الطاغوت. وعبادته عبادة طاغوتية واتخذ طاغوتا مع الله عز وجل واما من جهة المعبود فانه لا يطلق في حقه طاغوت لا يطلق انه طاغوت الا اذا كان راضيا بذلك فاذا لم يكن راضيا بذلك فانه لا يطلق في حقه طاغوت فالملائكة عبدت من دون الله وعيسى عبد من دون الله ومحمد صلى الله عليه وسلم عبد من دون الله علي وفاطمة والحسن والحسين وكثير من الصالحين عبدوا من دون الله عز وجل. هؤلاء لا يطلق في حقهم انهم طواغيت. لكن يقال في من عبدهم ان هذا قد عبد الطاغوت. لكن لا يقال في حق المعبود اذا كان من عباد الله الصالحين او من الانبياء او من الملائكة انه طاغوت. ويدل على هذا قوله جل وعلا ويوم يحشرهم جميعا ثم يقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون؟ قالوا سبحانك ان انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن اكثرهم بهم مؤمنون. الملائكة لم ينفوا هؤلاء لهم. انما تبرأوا اولا من هذه العبادة. وبينوا انهم لم يرضوا بذلك قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم. ثم بينوا ان حقيقة الحال ان هؤلاء انما الشياطين الذين وسوسوا لهم واغوهم بعبادة الملائكة. فتكون عبادتهم لهؤلاء الجن بطاعتهم لهؤلاء الشياطين الذين وسوسوا لهم وحسنوا لهم عبادة الملائكة. اذا حينما يعبد الملائكة والانبياء والصالحون. فالحقيقة ان العبادة آآ كانت للشياطين الذين زينوا ذلك في نفوس هؤلاء العابدين والا فهؤلاء براء من ذلك فهم ما دعوا الناس الى عبادة انفسهم وما ترشحوا لذلك. ولذلك عبر بعض اهل العلم في تفسير الطاغوت بعبارة دقيقة بعضهم اطلق وبعضهم قيد. مالك رحمه الله جاء عنه في تفسير الطاغوت انه قال كل ما عبد من دون الله. ولذلك قيد اهل العلم ذلك فقالوا ينبغي ان يقيد ذلك بقولنا وهو راض ومن علماء التوحيد من دقق فقال من عبد وهو راض او ترشح للعبادة. من عبد وهو راض او ترشح للعبادة. يعني قدم نفسه للناس على انه يستحق العبادة ولو لم يعبد يكفي هذا يكفي في هذا ان يقال اه او يكفي هذا ان يقال في حقه انه طاغوت المقصود ان خلاصة هذه الاية ان حقيقة التوحيد بعثت به الرسل وانزلت به الكتب هو عبادة الله عز وجل وحده لا شريك له والكفر بكل ما يعبد من دون الله عز وجل. ولذلك ذكر المؤلف رحمه الله في على هذا الباب قال المسألة الكبيرة سماها مسألة كبيرة وهي ان العبادة لا تحصل الا بالكفر بالطاغوت وبناء على ذلك آآ تكون في معنى قوله جل وعلا بين رحمه الله انها تكون في معنى قوله جل وعلا فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى هذا فيما يتعلق الاية الثانية. ثم عقب رحمه الله بعد ذلك اية الثالثة وهي اية الاسراء. فقال سبحانه وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه هذه الاية تشتمل على تفسير التوحيد كالاية السابقة الا تعبدوا الا اياه حيث اشتملت على الاثبات والنفي. وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه كونوا في معنى قوله ان اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت. وتكونوا في معنى الاية التي بعدها اعبدوا الله ولا اه اه اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وهذه الاية ضمن او افتتح الله عز وجل بقوله وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه الايات العظيمات المحكمات. التي جعلها الله سبحانه وتعالى من الحكمة. ذلك مما اوحى اليك ربك من الحكمة هذه الايات افتتحها الله عز وجل التوحيد وانه قضى ان لا يعبد الا اياه وذكر بعدها سبع عشرة مسألة او وصية فيكون مجموع ما ذكر في هذه الايات العظيمات ثمان ذكر ثمان عشرة مسألة وهذه من اعظم ما يكون من الوصايا في كتاب الله عز وجل. وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه الوالدين احسانا عقب بعد ذلك بالوصية بالوالدين اي وقظى ان تحسنوا الى الوالدين احسانا وفرع على ذلك خمس اوامر تتعلق بالوالدين. فلا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض جناح الذل واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا. ثم ذكر بعد ذلك ما يتعلق بحق الاقارب. واتي ذا القربى حقه. ثم ما يتعلق بالمسكين ثم ابن السبيل وهكذا الى ان ختم هذه الوصايا بالتوحيد ايضا فقال ولا تجعل مع الله الها اخر فتلقى في جهنم ملوما مدحورا. اذا ابتدأت هذه الوصايا الكثيرة بالتوحيد. واختتمت ايضا بالتوحيد. وهذا يدلك على ان التوحيد مبتدأ الامر ومنتهاه واوله واخره وظاهره وباطنه. هذه الاية قال الله عز وجل فيها وقضى ربك القضاء جاء في كتاب الله على نوعين ايضا كالقول في السابق القضاء قد يكون قضاء كونيا قدريا. وقظينا الى بني اسرائيل. اه فقضاهن سبع سماوات والنوع الثاني القضاء الشرعي كقوله سبحانه وقضى ربك الا تعبدوا الا اياه وقضى هنا بمعنى وصى كما قرأ هذه الاية بذلك ابين وابن مسعود رضي الله عنهما قرأوا وقضى ووصى وجاء عن غيره غيرهما من الصحابة ان معنى قضى يعني امر. اذا يكون معنى الاية وقضى ربك ووصى واوجب وامر ربك الا يعبد الا اياه جل وعلا فهو معبود وحده سبحانه وتعالى. ثم ذكر بعد ذلك الاية الرابعة وهي اية النساء. وهي اعبدوا الله لا تشركوا به شيئا وهذه الاية حصل بترتيبها اه اختلاف في نسخ كتاب التوحيد ففي بعض النسخ هي الاية الرابعة وفي بعضها هي الاية الخامسة والنسخة التي مشى عليها صاحب التيسير هي تأخير اية النساء والتي مشى عليها صاحب الفتح هي تقديم اية النساء لانها آآ بذلك انسب من جهة ان اية الانعام تكون قريبة من قول ابن مسعود الذي في اه هو متعلق بها. فمن المناسب ان يكون بعدها. وان كان صنيع المؤلف رحمه الله في ظاهره يدل على انها هي المؤخرة. لانه في ذكر المسائل قدم ما يتعلق باية الانعام على ما يتعلق باية النساء والامر على كل حال في ذلك سهل. هذه الاية اية النساء الكلام فيها كالكلام في السابق. فان فيها الامر بعبادة الله عز وجل وحده لا شريك له والعبادة قد مر تعريفها. وفيها ايضا بيان حقيقة التوحيد وهو الذي يشتمل على الامرين على النفي والاثبات. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فمن لم يجمع الامرين فانه لم يحقق التوحيد. من عبد الله لكنه ما ترك الشرك. فعبد غيره او اعتقد جواز عبادة غيره فانه لم يكن موحدا ومن لم يشرك لكنه لم يعبد لم يكن ايضا موحدا. فلا يكون موحدا الا اذا جمع بين العبادة وترك الشرك وهذه الاية تسمى اية الحقوق العشرة. واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين الدين احسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين والجار ذي القربى والجار الجنب والصاحب بالجنب وابن السبيل وما ملكت ايمانهم ان الله لا يحب من كان مختالا فخورا قوله جل وعلا شيئا يدل على نفي الشرك جميعه صغيره وكبيره ظاهره وخفيه. فالشرك كله منهي عنه. ومحرم ولا يجوز لانه قال ولا تشركوا به شيئا والمؤلف رحمه الله اه لما اورد هذه الايات لا شك انها قد اشتملت على امور اخرى غير التوحيد. وهذا اه قد اعتنى به المؤلف رحمه الله ولذلك استنبط مسائل من هذه النصوص في مسائل الباب عديدة آآ ربما آآ تكون آآ قريبا من نصف المسائل التي استنبطها لا تتعلق بمسائل التوحيد وانما تتعلق بغير ذلك لكن آآ رغبة في الاختصار فيقصر الكلام على ما يتعلق بالتوحيد فحسب ثم ذكر المؤلف رحمه الله بعد ذلك الاية الخامسة وهي اية الانعام قل تعالوا او اتل ما حرم ربكم عليكم الا تشركوا به شيئا وهذه الاية تسمى اية الوصايا العشرة لان الله عز وجل وصى فيها بعشرة وصايا واول ذلك واهمه النهى عن الشرك والنهي عن الشرك كما يقول اهل العلم يستدعي التوحيد بالاقتضاء المقصود ان لا يشرك شيئا مع توحيده لله سبحانه وتعالى. والا فانه لو ترك الشرك وترك العبادة لم يكن محققا ما امر الله سبحانه وتعالى به هذه الايات فيها بيان اهمية التوحيد حيث بدأ الله عز وجل هذه الوصايا بها وقد قد يقال ايضا انه ختم ذلك ايضا بالتوحيد لانه ختم ذلك بقوله وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله وسبيل الله عز وجل الذي جاء به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم انما هو التوحيد فالله عز وجل امر بان يتبع هذا السبيل وبناء على هذا تكون هذه الاية ايضا قد افتتحت التوحيد وختمت بذلك ايضا ولا شك ان من حقق هذه الوصايا كانت له جائزة عظيمة فيكون قد اكتسب العقل والتذكر والتقوى ولذلك الله عز وجل في هذه الايات قال ذلك وصاكم به لعلكم تعقلون. ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون. ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون وذكر اهل العلم لطيفة في ذلك وهي ان من عقل ذلك اداه الى التذكر واذا تذكر فانه يخاف ويتقي ثم ذكر المؤلف بعد ذلك اثرا عن ابن مسعود رضي الله عنه يبين اهمية العناية بهذه الايات وعظيم شأنها فذكر عن ابن مسعود رضي الله عنه ان من اراد وفي رواية الترمذي من سره ان ينظر الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه فليقرأ الايات وذكرها من سورة الانعام ثلاث ايات التي هي معنى الان. وهذا اخرجه الترمذي وغيره وقال فيه حسن غريب وحسنه بعض اهل العلم ايضا المقصود ان هذه الاية تبين عظيم شأن آآ والمقصود ان هذا الاثر يبين عظيم شأن هذه الايات. ومراد ابن مسعود رضي الله عنه بقوله من اراد او من سره ان الى وصية محمد صلى الله عليه وسلم التي عليها خاتمه وان شئت فقل خاتمه تقرأ بالفتح المراد ان النبي صلى الله عليه وسلم لو كان موصيا لاوصى بهذه الوصية لان انها تشتمل على وصايا عظيمة هي من الوصايا المحكمة التي امر بها وكانت من اخر ما نزل ولم تنسخ. فعليها خاتمه. وهذا يدلك على انها وصايا شافية كافية لمن اخذ بها ولمن تدبرها ثم ذكر المؤلف في ختام كلامه على هذا الباب حديث الصحيحين حديث معاذ رضي الله عنه وهو انه كان رديفا رديف فعيل بمعنى فاعل يعني رادس يعني راكبا خلف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار جاء في الصحيح ان اسمه عفير وذكر اهل العلم روايات اه تدل على انه مهدى من المقوقس عظيم اه آآ مصر الشاهد ان النبي صلى الله عليه وسلم سأل معاذا والسؤال في هذا المقام يقتضي لفت الانتباه وتشحيذ الذهن لفهم ما بعده هذا الحديث اشتمل على امرين بيان حق الله على العباد وهذا هو الشاهد في هذا الحديث والمقصود من ايراده في هذا الباب. بيان ان التوحيد حق الله عز على العباد فقال اتدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ ثم بين ذلك عليه الصلاة الصلاة والسلام بان حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا به شيئا ولا يزال المقام فيه تكرار على هذه المسألة العظيمة وهي بيان حقيقة التوحيد وانه مشتمل على النفي والاثبات. وهذا سيأتي له تفصيل اكثر ان شاء الله. فيما سيأتي بتفسير لا اله الا الله وبين في هذا الحديث نبينا صلى الله عليه وسلم ان هذا الامر وهو عبادة الله وحده لا شريك له هو الحق الاعظم لله سبحانه وتعالى الذي استحقه على هو الذي خلقهم وهو الذي رزقهم وهو الذي يحييهم ويميتهم وهو الذي يدبر امورهم. لذلك كان مستحقا سبحانه وتعالى ان يعبد واستحقاق الله عز وجل العبادة كان من جهتين من جهة انه هو المنعم المتفضل سبحانه وتعالى بكل شيء لهذا العبد وثانيا ان صفاته سبحانه وتعالى تقتضي ذلك. كل من عرف الله باسمائه وصفاته فانه سيخضع له وسيحبه وسيرجوه وسيخافه. فصفاته يقتضي ذلك سبحانه وتعالى ثم ذكر صلى الله عليه وسلم حق العباد على الله عز وجل وهذه مسألة مهمة آآ ينبغي ان يتنبه طالب العلم الى مذهب اهل السنة والجماعة فيها فانه وسط بين انحرافين او هدى بين ضلالتين حق العباد على الله اذا ادوا حقه سبحانه وتعالى الا يعذب من لا يشرك به شيئا وهذا يتضمن عبادته ايضا. بمعنى انه لا يعذب من عبد الله ولم يشرك به شيئا وهذا بين حتى لو لم يذكر في الحديث بين لانه قال حق العباد على الله والعباد لا يكونون عبادا الا اذا ادوا العبادة لله عز وجل. السياق يدل على هذا وانهم عبدوا الله ولم يشركوا به شيئا فاستحقوا على الله عز وجل الا يعذب هؤلاء الذين عبدوه ولم يشركوا به شيئا وقول السلف واهل السنة في هذه المسألة ان هذا حق على الله عز وجل باحقاقه على نفسه لا باستحقاق العباد على الله شيئا فالعباد اقل واحقر من ان يكون لهم حق على الله عز وجل يستحقون عليه والله عز وجل اعز واجل من ان يحق العباد على الله وان يوجب عليه شيئا انما هو حق كتبه واوجبه سبحانه وتعالى على نفسه يقول ابن القيم رحمه الله في النونية ما للعباد عليه حق واجب هو اوجب الاجر العظيم الشامل ما للعباد عليه حق واجب هم يوجبونه على الله سبحانه وتعالى. هذا ممتنع اشد الامتناع والله عز والله اعز واجل وارفع من ذلك. واما هذا الحق فهو الذي الذي اوجبه على نفسه سبحانه وتعالى هو الذي هو اوجب الاجر العظيم الشامي. واهل السنة يستدلون على ذلك بثلاثة اصول وان شئت فقل بثلاث بثلاثة ادلة. الاصل الاول او الدليل الاول النصوص التي جاء فيها ان الله عز وجل كتب على نفسه واحق على نفسه اثابة المطيعين ومغفرة ذنوبهم ومن ذلك هذا الحديث الذي بين ايدينا ومن ذلك ايضا قوله سبحانه كتب على نفسه الرحمة انه من عمل من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده آآ واصلح فانه غفور رحيم. اذا الله عز وجل هو الذي كتب على نفسه وهو الذي احق على نفسه واما العباد فانهم لا يستحقون على الله شيئا لذاتهم. وهذا مما خالف فيه اهل السنة والجماعة المعتزلة القدرية فانهم ذهبوا الى ان اثابة المطيعين والجنة والنعيم فيها يستحقه العباد على جهة المقابلة لا على جهة التفظل اهل السنة يقولون هو حق تفضل الله باحقاقه على نفسه. اما هم يقولون ان هذا حق على سبيل المقابلة وعلى سبيل المعاوضة. ولذلك اذا رأيت عند الزمخشري في تفسيره في قوله تعالى اورثتموها بما كنتم تعملون يقول اي على سبيل للمقابلة لا التفضل كما تقول المبطلة. يريد اهل السنة فهذا ليس على سبيل التفضل عند هؤلاء وانما على سبيل المعاوضة. يعني عمل عملوه يستحق عليه الاجرة كما لو استأجرت اجيرا وعمل لك ما اتفقت انت واياه عليه فانك ستعطيه الاجرة على سبيل المعاوضة وليس انك تتفضل عليه بهذه الاجرة. هكذا قعد هؤلاء هذه المسألة لا شك انه انحراف عظيم مخالف لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولما اجمع عليه السلف الصالح العباد عبيد لله عز وجل والله عز وجل هو الذي خلقهم وهو الذي امدهم وهو الذي اعانهم على اداء هذه العبادات والله لولا الله ما اهتدينا وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. اذا الامر كله فضل من الله سبحانه وتعالى فالله قد تفضل ابتداء بان اعان وسدد ووفق وهدى اداء للقيام بالتوحيد واداء العبادات ثم تفضل ثانيا سبحانه وتعالى بان تقبل واثاب هذا هو الدليل الاول. الدليل الثاني ان الله عز وجل وعد باثابة المطيعين وبمغفرة ذنوبي المذنبين. وهذا وعد صدق لا يخلفه الله عز وجل وموجب صفاته سبحانه وتعالى هو هذا. فان صفات الله عز وجل وما يستحقه جل وعلا من نعوت الجمال والجلال تأبى ان يخلف الله وعده قد جاء في النصوص وعد كثير للمؤمنين بالاثابة والجنة والمغفرة و الاجارة من النار وغير ذلك وهذا وعد من الله عز وجل ولا يخلفه سبحانه وتعالى وعد صدق الذي كانوا يوعدون. الله عز وجل لا يخلف وعده ولا يخلف الميعاد سبحانه وتعالى. الاصل الثالث او الدليل الثالث النصوص التي فيها نفي الظلم عن الله سبحانه وتعالى كما قال جل وعلا ولا يظلمون نقيرا فلا يخاف ظلما ولا بخسا الظلم كما تعلمون انما هو وضع الشيء في غير موضعه ولا يستشكل ان الله عز وجل هو المتفضل بالاثابة. فكيف يكون ترك الاثابة ظلما؟ اقول هذا لا يستشكل لماذا لان الله عز وجل لما احق على نفسه ذلك الحق ووعد ايفاء المؤمنين اجورهم كان خلاف ذلك وضع الشيء وضعا للشيء في غير موضعه وهذا الظلم. اذا كان عدم اثابة المطيعين ظلما ينزه الله عز وجل عن الاصل الاول والاصل الثالث حصل فيه نزاع بين اهل السنة والجماعة والاشاعرة. اما الاصل الاول وهو المتعلق ان الله كتب على نفسه واحق على نفسه فقد حصل فيه عند الاشاعرة اضطراب كبير فمنهم من آآ اثبت ومنهم من نفى واما الاصل الثالث فقد اخطأوا فيه اذ الظلم عندهم الذي يمتنع على الله عز وجل هو الممتنع لذاته الله عز وجل اذا نفى عن نفسه الظلم فان المقصود بذلك في زعمهم هو الممتنع لذاته. وهذا ليس بصحيح والله عز وجل انما تمدح وانما اثنى على نفسه لانه لا يظلم مع كون هذا الظلم آآ مقدورا له جل وعلا. الله عز وجل قادر على ان يظلم. لكنه لا يظلم لاقتضاء هاته سبحانه وتعالى ذلك ولانه سبحانه وتعالى له الكمال المطلق من كل وجه فانه لا يظلم. وعلى كل حال هذه المسألة لها اصول عند آآ هؤلاء الاشاعرة آآ لها تفريعات ومبنية على اصول تتعلق بنفيهم التعليل وبنفسهم اه تأثير الاسباب الى غير ذلك مما المقام لا يقتضيه وانما هو توضيح في هذه المسألة واستطراد اقتضاه آآ يعني ما جاء في هذا الحديث وهو حق العباد على الله عز وجل المقصود اننا نفهم ان حق العباد على الله عز وجل هو حق تفضل لا حق مقابلة ومعاوضة بين الله عز وجل وخلقه. هذا الحديث جاء في اخره ان معاذا اه سأل النبي صلى الله عليه وسلم ان يبشر الناس به وفي هذا دليل كما ذكر المؤلف في اه المسائل على استحباب تبشير المؤمنين وان الصحابة على حرص بذلك لا شك ان هذا مما اه يطلب ان يبشر الانسان اخوانهم اخوانه المؤمنين بما يسرهم. النبي صلى الله عليه وسلم نهاه عن ذلك فقال لا تبشرهم فيتكلوا يعني قد يحمل هذا الحديث على غير وجهه ولذلك نهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن تبشيرهم. وهذا استنبط عليه المؤلف رحمه الله او انبط منه جواز كتمان العلم للمصلحة. واما ما يتعلق اه النص اه على هذه القضية وهي اه مسألة عدم التعذيب لمن جاء بالتوحيد او دخوله الجنة فهذا سيأتي فيه بحث قريب ان شاء الله اذا وصلنا الى ما بعده باذن الله لان فيه تحريرا طويلا يتعلق بالجمع بين نصوص الوعد والوعيد. انبه هنا الى انه قد ذكر كثير من الشراح ان معاذا اخبر بذلك قبل موته تأثما هذا اللفظ ثبت في الصحيحين لكن ب سياق ولفظ اخر فقد جاء في الصحيحين قصة مشابهة لذلك وهي كون معاذ آآ كان كون معاذ رديفا للنبي صلى الله عليه وسلم على حمار آآ لكن الحديث كان متعلقا بفضل الشهادة فقد جاء فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال لا اله الا الله صدقا من قلبه دخل الجنة هنا سأل معاذ ايضا النبي صلى الله عليه وسلم ان يبشر الناس بذلك فنهاه عليه الصلاة والسلام ثم اخبر اذ بذلك قبل موته تأثما وجاء في مسند احمد من حديث جابر انه بلغه ممن حضر معاذا قبل موته انه حدثهم حديثا هو هذا الحديث وبين انه لولا ما يخشى من كتمان العلم ما حدثه اما اللفظ الذي يتعلق بحق الله وحق العباد فهذا لم يرد فيه قوله فاخبر بذلك قبل موته تأثما وهنا بحث هل هما حديثان؟ او حديث واحد؟ استظهر الحافظ بن حجر رحمه الله بشرحه لحديث معاذ في كتاب الجهاد انهما حديثان وهذا الاقرب لان سياق الحديثين مختلف ولانه لا مانع من تعدد اه الموقف يعني لا مانع من ان يكون معاذ رضي الله عنه رديفا للنبي صلى الله عليه وسلم مرتين وفي كل مرة اخبر النبي صلى الله الله عليه وسلم بحديث ووهم الحافظ ابن حجر من جعلهما حديثا واحدا والله عز وجل اعلم الخلاصة المستفادة ان المؤلف رحمه الله عقد هذا الباب الاول لبيان اهمية التوحيد ووجوبه وانه الحق الاعظم على العباد وكان فقه المؤلف رحمه الله في الايراث لما ذكر من الايات حديث فقها عظيما فانه ذكر اولا موضوع الكتاب ثم عقب على ذلك باية تبين حقيقة التوحيد وانه الحكمة من خلق الجن والانس ثم باية تبين حقيقة التوحيد ايضا تبين الحكمة من ارسال الرسل ثم كانت الاية الثالثة والرابعة والخامسة في بيان ان هذا التوحيد هو اهم واول الاوليات واوجب الواجبات ثم ختم ذلك بحديث يبين ان هذا هو حق الله على العباد. وزين رحمه الله بعد ذلك مسائل استنبطها وهي مسائل نفيسة جرى ذكر اكبرها في الدرس اربعة وعشرين مسألة والحديث الاخير فقط استغرق قرابة النصف من هذه المسائل لكن ما يتعلق من ذلك توحيد جاء تقريبا في ثلاث مسائل والباقي لا يتعلق بالتوحيد. لعلنا نقتصر على هذا القدر والله عز وجل اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه