بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب قال الله تعالى ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين وقال والذين هم بربهم لا يشركون عن حصين ابن عبد الرحمن انه قال كنت عند سعيد ابن جبير رحمه الله تعالى فقال ايكم رأى الكوكب الذي البارحة فقلت انا ثم قلت اما اني لم اكن في صلاة ولكني لدغت قال فماذا صنعت؟ قلت ارتقيت قال فما حملك على ذلك؟ قلت حديث حدثناه الشعبي قال وما حدثكم؟ قلت حدثنا عن بريدة ابن الحصيب رضي الله قال قلت حدثنا عن بريدة ابن الحصيب رضي الله تعالى عنه وانه قال لا رقية الا من عين او حماة قال قد احسن من انتهى الى ما سمع. ولكن حدثنا ابن عباس رضي الله تعالى عنهما. عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عرضت علي الامم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي والنبي والنبي ومعه الرجل والرجلان والنبي وليس معه احد اذ رفع لي سواد عظيم فظننت انهم امتي. فقيل لي هذا موسى وقومه فنظرت فاذا سواد عظيم فقيل لي هذه امتك ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض فدخل منزله فخاض الناس في اولئك. فقال بعضهم فلعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم فلعلهم الذين ولدوا في الاسلام فلم يشركوا بالله شيئا. وذكروا اشياء فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبروه فقال هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. فقام عكاشة ابن محصن رضي الله عنه فقال ادعوا الله ان يجعلني منهم. فقال انت منهم ثم قام رجل اخر فقال ادعوا الله ان يجعلني منهم. فقال سبقك بها عكاشة الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن سار على نهجه ومن واله الى يوم الدين. وبعد وبعد ان ذكر المؤلف رحمه الله باب فضل التوحيد ذكر هذا الباب الا وهو من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب ليشير بذلك الى ان كمال فضل التوحيد لا يكون الا بكمال تحقيقه وتحقيق التوحيد درجة ارفع من مجرد التوحيد وقد ذكر اهل العلم ان تحقيق التوحيد على درجتين تحقيق واجب وتحقيق مستحب اما التحقيق الواجب فيكون بعد الاتيان باصل التوحيد باداء الواجبات وترك المحرمات قلبية او بدنية وذلكم ان اتيان المأمور وترك المحظور من لوازم الشهادتين قل انما انا بشر مثلكم يوحى اليه انه يوحى الي انما الهكم اله واحد فاستقيموا اليه واستغفروه فبعد ان يشهد الانسان لله عز وجل بالوحدانية فانه يلزمه ان يستقيم على طاعة الله عز وجل فيفعل المأمورات ويجتنب المحظورات ولاهل العلم عناية ببيان ما يعكر على هذا التحقيق فان المنقصات والقوادح في تحقيق توحيد في تحقيق التوحيد الواجب ترجع الى ثلاثة امور الامر الاول الشرك الاصغر اما ترك الشرك الاكبر فهذا راجع الى تحقيق اصل التوحيد اما تحقيق التوحيد الواجب فانه يكون بترك الشرك الاصغر وبترك البدع وبترك الاصرار على المعاصي ولذلك قال حفيد المؤلف ب حاشيته المسماة قرة عيون الموحدين ذكر ان تحقيق التوحيد هو تصفيته وتنقيته من الشرك الاصغر والبدع والاصرار على الذنوب وذلكم ان الامر كما قال ابن القيم رحمه الله ان الهدى التام لا يكون الا الا بتوحيد المطلوب وتوحيد الطلب وتوحيد الطريق الموصلة وانما يقع الخلل بوقوع الشركة في هذه الامور الثلاثة او بعضها وتحقيق قال وتوحيد المطلوب يعصم من الشرك وتوحيد الطلب يعصم من المعصية وتحقيق الطريق الموصلة يعصم من البدعة وانما يوقع الشيطان العبد من خلال هذه الامور الثلاثة وقال ايضا في النونية فلواحد كن واحدا في واحد اعني طريق الحق والايمان توحيد المطلوب وتوحيد الطلب وتوحيد الطريق الموصلة وتوضيح اثري هذه الامور الثلاثة على تحقيق التوحيد الواجب بما يأتي اولا الشرك الاصغر وهذا اعظم قادح في تحقيق التوحيد لانه ينشأ من احد امرين غالب الانواع التي تندرج تحت تحت الشرك الاصغر ترجع الى احد امرين اما ل طرف نوع طاعة لغير الله من قصد كالرياء او حب او بغض او توكل وما شاكل ذلك واما بنقص في اعتقاد تفرد الله بالنفع والضر وهذا يرجع اليه ما يتعلق بالتمائم والرقى الممنوعة وتسوية الله بخلقه في الالفاظ وما الى ذلك والمقصود ان هذا النوع وهو الشرك الاصغر اعظم القوادح واخطرها وصلى ان يسلم منه احد ولذلك كان اعظم ما خافه عليه الصلاة والسلام على اصحابه حيث قال اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر كما سيأتي معنا في الباب القادم ان شاء الله اما البدع فانها كما قال اهل العلم تبيل الظلمات ودهليز الكفر ومظان النفاق وفي حشوها من السموم المضعفة للايمان والتوحيد شيء كثير ويظهر هذا من وجوه اولا ان البدعة معاندة للشرع ومشاقة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وخروج عن الطريق الذي رسمه عليه الصلاة والسلام وهذا كله نقص في التوحيد توحيد الله عز وجل بالالوهية او توحيد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرسالة والاتباع الامر الثاني ان البدعة في حقيقتها اتباع للهوى والله عز وجل يقول ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله فالمتبع فالمبتدع في حقيقة امره متبع لهواه وليس لدى الانسان الا طريقان طريق تتعلق بالاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فان لم يكن فليس له الا الطريق الثانية وهي اتباع الهوى قال تعالى فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم فليس هناك الا طريق الاتباع او طريق اتباع الهوى الوجه الثالث ان المبتدع قد نزل نفسه منزلة المستدرك على الشرع او المتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعدم البلاغ المبين وهذا لازم خطير يلزم المبتدع ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله وانك لا تجد مبتدعا قط الا وهو ينتقص رسول الله صلى الله عليه وسلم وان زعم تعظيمه بهذه البدعة وصدق والامر كما قال مالك رحمه الله فيما نقله عنه الشاطبي في الاعتصام قال من ابتدع بدعة يراها حسنة فقد زعم ان محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة فان الله تعالى يقول اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا فما لم يكن بالامس دينا لا يكون اليوم دينا فهذه الاوجه تدلك على ان البدعة منقص وقادح في تحقيق التوحيد الواجب اما المعصية فان من المعلوم ان المحبة اصل العبادة والمحبة تستلزم ان يحب المحب ما يحبه المحبوب وان يترك ما يبغض ومن المعلوم بالاضطرار ان المعاصي مبغوضة مكروهة لله عز وجل ولذا كان الاصرار عليها نقصا في التوحيد يدل على هذا امور منها ان المعصية انما تكون بتقديم هوى النفس وطاعة الشيطان على طاعة الرحمن وهذا نقص في التوحيد ولذا لا يسلم من شرك الشيطان الا المخلصون بينما توعد الشيطان باغواء بني ادم اجمعين لاغوينهم اجمعين استثنى من المخلصين الا عبادك منهم ماذا؟ مخلصون. المخلصين والله عز وجل حينما ذكر يوسف عليه السلام قال كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء انه من عبادنا المخلصين. وفي قراءة متواترة مخلصين ولذلك كلما كان الانسان اكثر توحيدا واخلاصا واقبالا على الله عز وجل كان ابعد عن الوقوع بالمعاصي والموبقات كلما نقص توحيده انكب عليها اشترحها من ذلك ايضا ان المعصية انما تقع من ضعف لخوف الله عز وجل وخوف عقابه والا فلو كمل الخوف من الله عز وجل لحجز الانسان عن الوقوع في المعاصي وهذا نقص في الايمان والتوحيد والاوجه المتعلقة بهذا الامر كثيرة لكن من اهمها ان الاصرار على المعصية يورث تعلقا للقلب بغير الله ومحبة لغير الله ورجاء لغير الله وهذا لا شك انه نقص في توحيد الانسان هذا التعلق بغير الله عز وجل لا شك انه نقص في الاقبال والقصد. والتوحيد لرب العالمين سبحانه وتعالى ولذا يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله كل محبوب لغير الله ومطاع لغير الله ففيه شوب من العبادة فهذه وغيرها اوجه تبين لك خطورة المعاصي واثرها العظيم على توحيد المرأة وانها ناقص او منقص وقادح بالتوحيد لكن لا شك ان العاصي لم يخرج من التوحيد والايمان بوقوعه في المعصية وذلك ان اصل التوحيد باق عنده فمحبة الله في قلبه اعظم بخلاف حال المشركين الذين يحبون غير الله كحب الله ومن الناس من يتخذ اندادا آآ ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم ماذا كحب الله تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين ثم الذين كفروا بربهم يعدلون الى غير ذلك من النصوص التي تدل على ان المشركين قد عظم عندهم حب غير الله فكان كحب الله او اشد لكن معرفة هذا الامر تثير في النفس الوجل والخوف فانه يخشى ان تتعلق قلبه بمعصية لله عز وجل فتوقعه في المهالك في البخاري يقول صلى الله عليه وسلم تعيس تعس عبد الدينار والدرهم والخميصة والخميلة وذلك ان كل محبة لغير الله مشغلة عن طاعة الله ففيها طرف من العبودية والشرك الخفي وهذا كله قادح في تحقيق التوحيد الواجب وهل هذا يعني ان الانسان حتى يحقق التوحيد الواجب لابد ان يكون معصوما من الوقوع في الذنوب الجواب لا فكل ابن ادم خطاء لكن اهل التوحيد الذين حققوه انما تقع منهم الذنوب على ندرة ثم انها اذا وقعت بادروا بالتوبة ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف من الشيطان ماذا تذكروا فاذا هم مبصرون والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم فالموحد ليس هو الذي يكون على العصمة لكنه اذا تلوث بادر بازالة تلك الوصمة كما يقول اهل العلم هذه الامور الثلاثة هي الشوائب والعوائق التي تحول دون تحقيق التوحيد الواجب واجتنابها يقتضي ضدها فاذا اجتنب الشرك الاصغر واجتنب البدعة واجتنب آآ المعاصي فانه لا بد ان يكون متصفا بضد ذلك من التوحيد والاخلاص وتجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن حقق هذه الدرجة فقد حقق التوحيد الواجب عليه وهو من اهل الجنة قطعا برحمة الله سبحانه وتعالى لكن لم يصل الى المرتبة الاسمى وهي درجة تحقيق التوحيد المستحب وهذه هي الدرجة الثانية وان الانسان لا يستغفر الله ان يتكلم بمرتبة ما شملها رائحة وحسب الانسان ان يذكر في ذلك ما ذكر اهل العلم فان درجة تحقيق التوحيد المستحب درجة قليل في الناس من يصل اليها قلة من الناس من يصل الى هذه الدرجة الرفيعة. واعظم الناس تحقيقا لهذه الدرجة هم انبياء الله ورسله واعظمهم في ذلك اولو العزم واعظم اولئك الخليلان واعظم الخليلين محمد صلى الله عليه وسلم وحقيقة هذه الدرجة كما يبين اهل العلم انجذاب الروح الى الله عز وجل محبة وتعظيما وخوفا ورجاء وتوكلا مع الاستسلام الكامل والذل التام بحيث لا يكون في قلبه شيء لغير الله فاذا احب احب ما يحب الله واذا ابغض ابغض ما يبغض الله واذا امر امر بما يأمر الله واذا نهى نهى بما نهى عنه الله وهكذا هو في سائر احواله متحقق بقول الله عز وجل وان الى ربك المنتهى فمنتهى امره وغاية قصده واعظم ما في قلبه محبة الله عز وجل ومحبة ما يحب وهذه الدرجة انما تنال بتوفيق الله سبحانه وتعالى بفعل وترك اما الفعل فهو انه بعد ان يأتي بالواجبات يؤدي المستحبات واما الترك فانه يترك بعد المحرمات التي تحقق آآ تركها في درجة التوحيد الواجب يترك المكروهات وفضول المباحات ويتورع عن المشتبهات ويتنزه ويستغني عن المخلوقين هذه امور اربعة بباب الترك والاجتناب اما المستحبات فان من اتى بالواجبات ثم ترقى الى فعل المستحبات فان الله عز وجل يجازيه على ذلك بان يكمله بالكمال الذي لا كمال له الا به دل على هذا قول الله عز وجل في الحديث القدسي وما يزال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ورجله التي يمشي بها ويده التي يبطش بها هنا لما استكمل اداء الواجبات ثم اداء المستحبات جازاه الله على ذلك بالوصول الى هذه المرتبة فاصبح لا يسمع الا ما يحبه الله ولا يبصر الا ما يحبه الله ولا يتكلم ولا يمشي ولا يبطش ولا تتحرك جوارحه الا وفق امر الله سبحانه وتعالى هذا قد اتى بهذه للدرجة اما الترك فانه يترك المكروهات وفضول المباحات لانها تقعد بالانسان عن الكمالات تكون وسيلة للوصول الى ما حرم الله ولو لم يكن فيها الا انها تشغل عمر الانسان عن ان يتقدم في مراقي الخير فلذلك كان كمل اهل التوحيد متنزهين ومبتعدين عن المكروهات وفضول المباحات بل ليس في حال هؤلاء مباح مستوي الطرفين كما يقول اهل العلم المباح في حق هؤلاء بالنية الصالحة انقلب في حقهم طاعة. كما قال معاذ رضي الله عنه اني لاحتسب نومتي كما احتسب قومتي يدل على ذلك ما سيأتي معنا في حديث السبعين آآ الفا كونهم لا يسترقون ولا يكتوون وهؤلاء هم اهل التوحيد والتفريط واما ترك اه التورع والتنزه عن المشتبهات فانه حال اهل الورع والتقوى الذين يدعون ما لا بأس به حذرا مما به بأس ويأخذون امورهم بالحزم ويدعونا المواطن التي يخشى منها الضرر وهذا لكمال تعظيمهم لله سبحانه وتعالى وكمال خشيتهم منه واما الاستغناء عن الخلق وعدم التذلل لهم فهذا ايضا لكمال اعتمادهم وتوكلهم على الله عز وجل قلوبهم معظمة لله عز وجل فلا يلتفتون لاحد من البشر البتة ولذلك ثبت بالصحاح والسنن ان النبي صلى الله عليه وسلم اخذ البيعة على عدد من اصحابه الا يسألوا الناس شيئا وقال عليه الصلاة والسلام والحديث اصله عند البخاري وغيره وفي رواية عند النسائي من حديث ابي سعيد رضي الله عنه انه اتى ليسأل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا. يريد شيئا من الدنيا ادرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب وكان مما قال ومن يستعفف يعفه الله ومن يستغني يغنه الله يقول ابو سعيد فرجعت ولم اسأل النبي صلى الله عليه وسلم شيئا تغنى بسؤال الله عن سؤال غيره يستثنى من هذا اه واظن الكلام واضح المقصود ان يسأل آآ شيء من الدنيا اما سؤال العلم فلا شك انه غير داخل في ذلك سؤال العلم لا يدخل في ذلك بل هذا مرغوب فيه ومطلوب لا يخلفون هذه الامور آآ التي من اجتنبها مع اداء المستحبات فانه يرتقي الى هذه الدرجة وهؤلاء هم اهل هذه المرتبة الذين ارادهم المؤلف رحمه الله الذين حققوا التوحيد ويدخلون الجنة بغير حساب هم اهل هذه الدرجة اما الذين حققوا درجة التوحيد الواجب فهؤلاء لا شك انهم آآ من اهل الجنة قطعا يدخلون الجنة دون عذاب لكن ليسوا من اهل هذه المرتبة الذين سيأتي الحديث عنهم في حديث السبعين الفا فان هؤلاء جمعوا بين تحقيق كمال التوحيد الواجب كما في قولهم كما في قوله ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون فتركوا المحرم واتوا بالواجب. واما الدرجة الثانية التي اتوا بها فاستحقوا هذه فضيلة عظيمة فهي انهم لا يسترقون ولا يكتوون وهذا ليس محرما كما سيأتي بل هو مكروه على تفصيل فيرد باذن الله المقصود ان هؤلاء جمعوا بين الامرين لم يكتفوا بتحقيق التوحيد الواجب بل حققوا معه ايضا التوحيد التوحيد التوحيد المستحب فاستحقوا دخول الجنة بغير حساب قال المؤلف رحمه الله باب من حقق التوحيد دخل الجنة بغير حساب اي ولا عذاب. لان نفي الحساب في حقهم يلزم منه من باب اولى الا يعذبوا وان كانت هذه اللفظة قد جاءت في حديث السبعين الفا الذي سيأتي معنا ان شاء الله بغير حساب ولا عذاب واورد المؤلف في هذا الباب ايتين وحديثا واستنبط على الثلاثة او من الثلاثة جملة من المسائل العظيمة والفوائد النفيسة اما الاية الاولى فانها اية النحل يوصي ابراهيم الخليل عليه السلام فان الله عز وجل وصفه بقوله ولم يك من المشركين الاصل هو يكن ولاهل العلم كلام طويل في حذف النون بلم وذكروا ان هذا لان النون ها هنا فيها شبه بحرف العلة الذي يحذف بلم نظرا لخفتها وللغنة فيها ولكثرة اه تداولها على الالسنة الى اسباب اخرى عند اهل اللغة ولذلك اذا كانت النون هنا ساكنة فانها تحذف في كثير من كلام العرب واما اذا كانت متحركة لا تحدث. لم يكن الذين كفروا لاحظ هنا انها لم تحذف لانها متحركة المقصود ان الله عز وجل وصف ابراهيم بانه لم يك من المشركين وهذا المقصود به ان يقتدي اهل التوحيد بابراهيم عليه السلام فهو اهل ان يقتدى به. وامرنا الله عز وجل بالاقتداء به. قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا والامر لنبينا صلى الله عليه وسلم امر لامته لم يك من المشركين قال اهل العلم لم يكن من المشركين لا في قلبه ولا في لسانه ولا في جوارحه ولا ببدنه بل كان متبرأا منهم ومنكرا عليهم وعلى معبوداتهم والمتأمل في حال إبراهيم عليه السلام يدرك ذلك جليا اذ قال له ربه اسلم قال اسلمت لرب العالمين اذ جاء ربه بقلب سليم كما انه كان منكرا اشد الانكار على المشركين قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده فتبرأ هو ومن معه من المؤمنين من المعبودات ومن العابدين وكفر بهم عليه الصلاة والسلام وتبرأ منهم معلنا ذلك. انني براء مما تعبدون ولم يكتفي بذلك بل اعتزل ببدنه عليه السلام ولم يكفر سوادهم واعتزلكم وما تدعون من دون الله اذا لم يك من المشركين فهو تارك للشرك وتارك للمشركين ومعتزل لهم في كل شيء بالقلب والجوارح واللسان والبدن. بل ومتبرئ منهم ومنكر عليهم وهذه حال اهل التوحيد الذين وصلوا فيه الى الغاية غاية التوحيد وثمرته هي هذا الامر الذي وصل اليه ابراهيم عليه السلام المؤمن مطلوب منه ان يكون متبعا لابراهيم عليه السلام مجتنبا للشرك واهل الشرك فلا يكون معهم في اي حال من احوالهم هذا ليكون محققا للتوحيد ثم ذكر اية المؤمنون والذين هم بربهم لا يشركون لا يشركون البتة لا شركا صغيرا ولا شركا كبيرا ولا شركا كثيرا ولا شركا قليلا تركوا الشرك بالكلية وهذا يقتضي كمال توحيدهم وايمانهم واقبالهم على الله سبحانه وتعالى ولاحظ معي انه لا بد من اجتماع الامرين لاحظ معي انه لا بد من اجتماع الامرين لتحقيق التوحيد وهذا من دقة فهم المصنف رحمه الله فواجب ان لا يكون الانسان يعني واقعا في الشرك وواجب الا يكون من المشركين. بل واجب ان يكون مفارقا له والذين هم بربهم لا يشركون. ولم يك من المشركين في ترك الشرك ويترك اهل الشرك ويبغض الشرك ويبغض اهل الشرك ويتبرأ من الشرك ويتبرأ من اهل الشرك فلا بد من تحقيق الامرين لاجل ان يصل الانسان الى تحقيق التوحيد ثم ساق المؤلف رحمه الله حديث الصحيحين حديث ابن عباس وهذا الحديث العظيم فيه فوائد ومسائل كثيرة قد جاء في الصحيحين بروايات متعددة من حديث ابن عباس كما جاء مختصرا من حديث عمران كما جاء في غير الصحيحين من حديث ابن مسعود مختصرا وذلكم انه روى عنه شيء البخاري رحمه الله ومسلم عن حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وهذا اللفظ الذي اورده المؤلف رحمه الله هو لفظ مسلم ذكره في كتاب الايمان ولكن المؤلف رحمه الله في موضع الشاهد من الحديث لم يذكر اللفظ الذي اورده مسلم وانما ذكر رواية اخرى في مسلم وفي البخاري ايضا تنبه الى ذلك حفيد المؤلف رحمه الله الشيخ سليمان في التيسير اللفظ الذي اورده المؤلف هو بتمامه لفظ مسلم الا في قوله هم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. هذه الرواية في مسلم قال هم الذين ايرقون ولا يسترقون. ولم يذكر الاكتواء ففيها مخالفة عن هذه التي بين ايدينا من جهتين اسقاط الاكتواء وهذه لم ينبه عليها الشيخ سليمان وابداء وزيادة في قوله يرقون وهذا ينبه عليها الشيخ سليمان والله المقصود انني لا اعلم لفظا في الصحيحين كما اورده المؤلف رحمه الله لكنه التمس له الشيخ رحمه الله بالتيسير بانه لما رأى لفظة آآ لا يرقون معلولة كما سيأتي ابدلها بلفظ اخر ثابت في الصحيحين سيأتي بعد قليل الكلام عن هذه اللفظة ان شاء الله المقصود ان ان حصينا ابن عبد الرحمن كان عند سعيد بن جبير فقال سعيد ايكم رأى الكوكب الذي انقض البارحة وهذا يدلك على ان السلف كان لهم عناية بالتأمل والاعتبار بايات الله الكونية. فقال حصين انا ثم خشي ان يظن فيه انه كان في عمل صالح كان يقوم الليل فنفى ذلك فقال اما اني لم اكن في صلاة ولكني لدغت وهذا لاخلاصه رحمه الله ورضي عنه واين هذا من حال الذين يحبون ان يحمدوا بما نفع بما لم يفعلوا تجده يذكر حديثا وقصة عن نفسه يريد منها ان تشعر وان تفهم انه كان في طاعة لله عز وجل شتان بين الحالين قال اما اني لم اكن في صلاة ولكني لدغت قال فما صنعت قال ارتقيت وفي رواية عند مسلم وهي المناسبة لسياق الحديث قال استرقيت يعني طلبت من يرقيني وسألت غيري ان يرقيني. السين والتاء تدل على الطلب. قال فما حملك على ما صنعت فيه طلب الحجة على ما يفعله الانسان لماذا قمت بذلك قال حديث حدثناه الشعبي قال وما حدثكم الشعبي قال حدثنا عن بريدة ابن الحصيب رضي الله عنه انه قال لا رقية الا من عين او حماة وهذا اللفظ الموقوف روي مرفوعا عن النبي الى الى النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي الحديث عنه ان شاء الله في باب الرقية بالتفصيل وسيأتي ايضا توجيه ذلك ما معنى لا رقية الا من عين او حمى سيأتي البحث في ذلك ان شاء الله والكلام عنه والحمى قيل انها العقرب والحية وما اشبهها من ذوات السموم وقيل ان الحمى هي السم تلك الدواب وقيل بل هي الابرة وما اشبهها التي يصل من خلالها السم وقيل ان الحمى الحرارة التي تكون بفعل اللسع او الندر اقوال متقاربة المقصود المقصود انه لا رقية الا من عين او من ذي سم قال سعيد بن جبير رحمه الله قد احسن من انتهى الى ما سمع وهذا فيه تنبيه على ان من عمل وفق دليل اجتهدت للوصول الى الحق فانه لا يثرب عليه ولا ينكر عليه. بل هو محمود على ذلك قد احسن فمن انتهى الى ما سمع لكن حدثنا ابن عباس هنا اراد سعيد رحمه الله ان ينبه حصينا الى درجة ارفع والى حال افضل مما فعل ان النبي صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي الامم جاء عند الترمذي ان هذا العرض كان ليلة اسري به عليه الصلاة والسلام رأى ذلك ليلة اسري به عرضت علي الامم فرأيت النبي ومعه الرهط والنبي ومعه الرجل والرجلان. والنبي وليس معه احد وهذا فيه فائدتان الاولى بيان خطأ قول من قال ان النبي هو الذي اوحي اليه ولم يؤمر بالتبليغ فليس بصحيح بل النبي كان مأمورا بالتبليغ ولذلك كان يأتي ومعه الرأس يستجيب له الجماعة القليلة العشرة فما دون او الرجل او الرجلان وقد لا يستجيب له احد انه كان يدعو ولا فرق من هذه الجهة بين النبي والرسول من جهة الارسال الله عز وجل بين انه ما ارسل من نبي ولا رسول او من رسول ولا نبي. فالنبي مرسل كالرسول ولعله يأتي ان شاء الله في موضع اخر بيان الصحيح في التفرقة بين النبي والرسول والفائدة الثانية عدم الاغترار بالكثرة كما ذكر هذا الامام رحمه الله في مسائله على هذا الباب الانسان لا يغتر بالكثرة النتائج امرها الى الله سبحانه وتعالى المطلوب من العبد ان يبذل الجهد وعلي ان اسعى وليس علي ادراك النجاح نتائج وثمرات الدعوة عند الله سبحانه وتعالى فلا يكون الانسان مغترا بالكثرة ولا عاملا لها يدعو الى الله عز وجل فان استجيب له فالحمد لله والا فالامر لله قال اذ عرض علي او قال رأيت سوادا عظيما سواد اشخاص كثر رآهم فظننت انهم امتي ظن من كثرتهم انه يعلم ان المستجيبين له من امته يعني من امة الاجابة كثر فظن ان هذا السواد العظيم امة فقيل له هذا موسى وقومه ذكر المؤلف رحمه الله ان هذا فيه فضيلة بموسى ولقومه يعني المستجيبين له وليس قومه يعني قبيلته وانما الذين استجابوا له من بني اسرائيل وقد استجاب له من بني اسرائيل كثير قبل ان ينحرفوا قال ثم رأيت سوادا عظيما وفي رواية سد الافق وهذا يدلك على ان العدد اكبر بالنسبة لامة محمد صلى الله عليه وسلم. وذكر المؤلف من الفوائد في مسائله فضيلة هذه الامة والكيفية اما الكمية فمن حيث ان العدد اعظم من العدد الذي استجاب لموسى عليه السلام واما الكيفية فمن حيث صفاتهم لا سيما ان معهم هؤلاء آآ اه السبعين الذين سيأتي الحديث عنهم فهم افضل من جهة الكمية وافضل من جهة الكيفية قال هذه امتك قيل له هذه امتك ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب ثم نهض النبي صلى الله عليه وسلم فدخل منزله واشتغل الصحابة رضي الله عنهم وخاضوا في هؤلاء من هم ما كانوا يتحدثون في شيء لا فائدة فيه بل كانوا يبحثون ويشتغلون بما تعود عليهم المنفعة فيه تريدون ان يعرفوا من هؤلاء لعلهم ان يصيبوا معهم بسهم وان يكونوا منهم فقال فقالوا لعلهم الذين صحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعضهم قال لعلهم الذين ولدوا في الاسلام فلم يشركوا بالله شيئا وذكروا اشياء وهذا يدلك على انه يجوز ان يتحدث الانسان باجتهاده فيما لا نصطفيه كان اهلا لذلك وهؤلاء السبعون السبعون الفا جاء فيهم يعني الذين مع هذه الامة جاء فيهم ثلاثة مراتب من حيث العدد. اولا السبعون الفا ثم استزاد نبينا صلى الله عليه وسلم ربه فزاده مع كل الف سبعين الفا كما عند الامام احمد وجود اسناده الحافظ ابن حجر وجاء عند الترمذي ايضا باسناد جيد لا بأس به ان النبي صلى الله عليه وسلم استزاد ربه فزاده مع كل الف سبعين الفا وثلاث حثيات من حثيات ربنا سبحانه وتعالى. نسأل الله من فضله. فاذا الاحاديث في هذا الباب راجعة الى ذلك. جاء في حديث ان مع كل واحد سبعين الفا لكنه ضعيف وذكر له ابن حجر رحمه الله علتين المقصود ان النبي صلى الله عليه وسلم لما عاد اليهم سألهم عن الشيء الذي كانوا يخوضون فيه فذكروا انهم كانوا يخوضون في هؤلاء السبعين فاخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بحقيقة حالهم وانهم الذين لا يسترقون ولا يكتوون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون اربع صفات هكذا جاءت معظم الروايات في الصحيحين وفي غيرهما في بعض الروايات اسقاط الاكتواء وجاء في رواية عند مسلم كما اسلفت هم الذين لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون وهذه الرواية حكم عليها شيخ الاسلام ابن ابن تيمية وتابعه على هذا ابن القيم وكذلك غيرهما من اهل العلم كالشيخ ناصر رحمه الله انها رواية شاذة معلولة غير صحيحة بل هي وهم من الراوي وما ذكره رحمه الله او ما ذكروه رحمهم الله صحيح فهذه الرواية من جهة الصناعة الحديثية ومن جهة المعنى ايضا غير مقبولة وبيان ذلك ان هذه الرواية جاءت من طريق سعيد ابن منصور الذي هو شيخ مسلم عنه شيب عن حصين عن سعيد عن ابن عباس وقد روى هذا الحديث عنه شيء من خمسة من الرواة او اكثر ثقات ولم يذكروا لفظة ياقوت وثانيا انه تابع حصينا على هذا الحديث اربعة من الرواة او اكثر ولم يذكروا يقول وثالثا ان هذا الحديث جاء ايضا من غير طريق او من غير حديث ابن عباس جاء من طريق عمران ابن حصين عند مسلم مختصرة ولم يذكر يرقون وجاء ايضا عن عمران في مسند احمد كذلك وجاء عن ابن مسعود في مسند احمد كذلك ليس فيه يرقود فبالنظر الى هذه الروايات آآ يدرك ان ما حكم به شيخ الاسلام رحمه الله هو الصواب. وان هذه الرواية غير صحيحة بل هي معلولة وان كان الذي ذكره سعيد منصور رحمه الله امام ثبت ثقة لا شك فيه لكن ما الذي يسلم من الوهم والغلط وهذا يدلك ايضا على غلط من غلط شيخ الاسلام رحمه الله في ذلك اما من جهة المعنى هذه رواية ايضا لا تستقيم كيف يقول النبي صلى الله عليه وسلم لا يرقون وهو الذي رقى عليه الصلاة والسلام وهو الذي اذن ان يرقى وهو الذي اذن في الرقية وهو الذي لما سئل عنها قال من استطاع منكم ان ينفع اخاه فليفعل كيف يقول هذا عليه الصلاة والسلام وقد رقى ورقي عليه الصلاة والسلام وهو سيد المتوكلين. عليه الصلاة والسلام وشتان بين الراقي والمسترقي فالراقي لنفسه معتمد على الله متوكل عليه محسن الظن به وهذا عمل صالح والراقي لغيره محسن لغيره داع في ازالة الضرر عن غيره. وهذا عمل صالح اما المسترقي فانه قد ذل للمخلوق بالسؤال والتفت قلبه لغير الله فشتان بين الحالتين ولا يمكن ان يسوى هذا بهذا وهنا يتبين لك ان هذه الصفات التي كانت سببا في نيل هؤلاء السبعين. هذه الفضيلة العظيمة هي انهم حققوا كمال التوحيد وغاية التفريط حققوا كمال التوحيد الواجب وكماله المستحب وتفصيل ذلك بما يأتي قال لا يسترقون الاسترقاء طلب الرقية وسيأتي معنا ان شاء الله البحث في مسألة الرقية يعني عندنا الان الكلام عن الرقية وعندنا عن طلب للرقية اما الكلام عن الرقية فله باب يخصه نؤجل كلام الى اه اليه ان شاء الله في بابه اما الاسترقاء يعني طلب الرقية فان فيه بحثا طويلا عند اهل العلم فذكر جماعة من اهل العلم ان الذي مدح به هؤلاء انهم تركوا الاسترقاء بالرقية الشركية او انهم لم يكونوا يعتمدون يعني تركوا الرقية التي يعتمدون فيها عليها لعن الله يعني يعتقدون ان الرقية تؤثر بذاتها لا بمشيئة الله عز وجل وهذا التوجيه ليس بوجيهكم وذلك ان هذا حال سائر الموحدين وسائر المؤمنين هم كذلك مجتنبون للرقية الشركية والحديث يدل على انهم صفوة. وعلى ان لهم مزية خاصة فليس بمتجه يؤيده وجه الاخر وهو فهم السلف فان سعيدا رحمه الله استدرك على حصين انه استرقى ولا يظن بحصين وهو التابعي الجليل انه استرقى رقية شركية ولم يكن سعيد ليستدرك عليه في انه استرقى ولم يشدد عليه في انه آآ وقع في رقية شركية. ولم يشدد عليه الكلام. ولم يكن ياتي لكن حدثنا ابن عباس اسلوبه يدل على انه يرشده الى ما هو الافضل. فلو كان يظن ان حسينا وقع في رقية شركية ما استعمل معه هذا الاسلوب لا سيما وان اه سعيدا رحمه الله رضي الله عنه كان آآ ذا عناية عظيمة بشأن التوحيد ومن لطيف ما يذكر عنه في هذا الباب ما رواه ابو نعيم في الحلية عنه وهذا كما قيل الشيء بالشيء يذكر انه لدغ في يده رحمه الله سعيد بن جبير فاقسمت عليه امه ان يسترقي يقول فاعطيت فاعطيت الراقي يدي التي لم تلدغ ولا اريد ان احنث امي فجمع بين الامرين ابتعد عن ماذا عن الاسترقاء لانه لم يجعله يرقيه في ماذا في هذه اللدغة وفي المقابل بر بامه ولم يحنثها. قال فاعطيت الراقي يدي التي لم تصب واورد هذا ايضا الذهبي في سير في ترجمة سعيد اذا هذا التوجيه ليس بمتجه والاقرب والله اعلم انهم تركوا الرقية المشروعة من جهة الطلب لا من جهة الفعل ذلكم ان الاحوال ها هنا يا اخواني اربعة ان يرقي الانسان نفسه ان يرقي الانسان غيره ان يسترقي الانسان لغيره ان يسترقي الانسان لنفسه. اذا عندنا اربعة احوال ان يرقي الانسان نفسه هذا لا شك فيه انه مشروع قد فعله النبي صلى الله عليه وسلم ان آآ يرقى من غيره ان يعني يرقى من غيره دون طلب وهذا ايضا مشروع. وفي الصحيح ان جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم اشتكيت؟ قال نعم فرقاه. قال بسم الله ارقيك من كل شيء يؤذيك الى اخره وكذلك لما مرض كانت ترقيه عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين المقصود ان يرقي الانسان نفسه ان يرقى من غيره ان يسترقي لغيره. يعني يطلب الرؤية الرقية لكن لا لنفسه وانما لغيره وهذا ايضا الذي يظهر انه جائز ولا شيء فيه لما ثبت في الصحيحين من حديث عائشة ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى في بيت ام سلمة طفلة فقال ان بها النظرة فاسترقوا لها استرقوا لها يعني اطلبوا لها من يرقيها تدل هذا على ان استرقاء الانسان لغيره لا حرج فيه بقي الان ان يسترقي الانسان لنفسه والذي ذكره كثير من اهل العلم ان الاسترقاء تركه افضل. وهو من تمام التوحيد ومن كمال التوحيد المستحب. كما جاء في الحديث لا يسترقون وتوجيه ذلك ان طلب الرقية من الغير فيه سؤال وتذلل للغير وهذا نقص في صاحبه وايضا انه لا يسلم من التفات قلبه الى الراقي ثم انه ايضا امر لا حاجة اليه من جهة ان الذي يرقى به متيسر للمريض نفسه او لصاحب الحاجة. لماذا يطلب الرقية من غيره مع انه يتيسر له ان يرقي نفسه. فهو امر لا حاجة اليه. لهذه الاوجه ذكر كثير من علماء التوحيد ان طلب الرقية يقدح في كمال التوحيد المستحب مع جوازه يجوز لكن يفوت على الانسان هذه المرتبة لكن يعكر على هذا ما ثبت في الصحيحين من قول عائشة رضي الله عنها امرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان استرقي وفي رواية امر ان يسترقى حصل شك عند الراوي اما قالت امرني ان استرقي او امر ان يسترقى وجاء في رواية عند مسلم طبعا امرني ان استرقي من العين كلها فيها تقييد ذلك بالعين. وجاء في رواية عند مسلم كان تأمرني ان استرقي من العين وظاهر هذا ان الاسترقاء كان لنفسها امرني ان استرقي من العيب يعني لنفسه اطلب من من يرقيني من العيب. ولاحظ لفظ كان قال اهل العلم او قال بعض اهل العلم لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليأمر حبه عائشة رضي الله وعنها بشيء يتسبب في فوات هذا الفضل العظيم انتم معي مشايخ؟ نعم. اقول لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم ليفوت على عائشة هذا الفضل العظيم فيأمرها بماذا بالاسترخاء فدل هذا على ان الاسترقاء اذا كان للحاجة لا بأس به ولا يفوت على هذا المسترقي هذا الفضل الحق ان هذا الموضع مشكل من جهة ان اللفظ صريح في حديث السبعين لا يسترقون وهو صريح ايضا في الجهة المقابلة كان يأمرني ان استرقي او امرني ان استرقي ولعل الاقرب في هذه المسألة والله عز وجل اعلم ان الاسترقاء اذا تعين بمعنى لم يتمكن الانسان من رقية نفسه ثم لم يحصل الامر المحظور في الاسترقاء من جهة التذلل للمخلوق والتفات القلب اليه فالذي يظهر والله اعلم انه اذا كان الامر كذلك فلا يكون قادحا في كمال التوحيد المستحب ولا في نيل هذه الفظيلة وهذا جمع بين الاقوال وذلكم مما يقرب فهم هذه المسألة كون النبي صلى الله عليه وسلم يحث على ترك سؤال الناس والاسترخاء من هذا الباب فيه سؤال للناس سؤال للغير ومع ذلك تواتر عنه عليه الصلاة والسلام انه طلب من غيره وهذا احاديثه كثير اما قال لعائشة ناوليني الخمرة نعم وهذا طلب او لا؟ هذا طلب لكن ليس فيه تذلل للمطلوب ولذلك اذا طلب الانسان من ابنه او زوجه او صديقه لا يكون فيه ماذا تذلل له ولا يدخل هذا في النهي عن سؤال الانسان غيره. لان الامر متعلق بعلته وجودا وعدمه. فالسؤال المقصود بالنهي والحث على تركه. النهي نهي كراهة تنزيه يعني والحسعدة تركه هو الامر هو الطلب والسؤال الذي فيه ماذا ذل للمسئول. اما اذا عري عن ذلك فانه لا حرج فيه وقد فعله ارفع واشرف الخلق صلى الله عليه وسلم وهو اكمل الناس توحيدا على الاطلاق. فدل هذا على انه لا يدخل في السؤال المكروه. اذا اذا كانت الرقية او طلب الرقية امرا متعينا ولا سبيل الا اليه. ولاحظ ايضا انه في حديث عائشة امرني ان استرقي من العين لا مطلقا العين لا تعالج بالادوية تعالج بالرقية وتعالج ايضا عن طريق اخذ غسالة العائن كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في امره في غير ما حديث المقصود انه اذا تعين ذلك ولم يكن سبيل للعلاج الا بطلب الرقية ولم يكن التفات في قلب الانسان لغير الله ولم يكن هناك ذل في سؤال المخلوق فالذي يظهر والله اعلم جمعا بين النصوص ان هذا لا يقدح في كمال التوحيد المستحب والله عز وجل اعلم قال ولا يكتوون الكي هو ان تحمى حديدة ويحرق بها العضو المعلوف وهذا في الغالب عند اهل الطب واهل المعرفة به راجع الى امرين. اما حسم لعرق ينزف دما بالكي يقف هذا الدم واما ان تكون هناك فضلات باردة اه لم تخرج وتسببت في حصول العلة فانها بهذا الكي تخرج وتزول من الجسد المقصود انه علاج معروف عند اه الناس ويستعمل كثيرا وحصل به ويحصل به الشفاء باذن الله سبحانه تعالى الاكتواء آآ جاء عنه صلى الله عليه وسلم في شأنه انواع من النصوص منها فعله ومنها نهيه عنه ومنها محبته لعدمه ومنها كراهته له وهذه النصوص لا تعارض بينها اما فعله عليه الصلاة والسلام فقد جاء في غير ما حديث ان النبي صلى الله عليه وسلم خوا وامر بالكي من ذلك انه ثبت عند الترمذي وغيره باسناد صحيح انه كوا اسعد ابن زرارة رضي الله عنه من الشوكة نوع من المرض كذلك جاء عنه انه كوى سعد ابن معاذ وكذلك في الصحيح عنه انه ارسل طبيبا الى ابي ابن كعب فكواه وكذلك عند البخاري عن انس قال اكتويت من ذات الجنب ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي. ظاهر هذا انه قد اعلم بذلك عليه الصلاة سلام وفعله لبيان الجواز واما عدم محبته له عليه الصلاة والسلام فلما ثبت عند البخاري قال وما احب ان اكتوي عليه الصلاة والسلام فكونه لا يحب ان اكتوي نظرا لكراهة هذا الامر فهو امر مكروه. كذلك نهيه عليه الصلاة والسلام عن ذلك هذا نهي تنزيه جزاك الله خير ونهي كراهة وليس نهيا آآ للتحريم المقصود ان الجمع بين النصوص في شأن الكي الذي يظهر فيه انه مكروه. ويؤيده هذا الحديث. قال ولا لا يكتوون. وهل المقصود لا يكتوون يعني لا يطلبون غيرهم ان يكويهم كما قلنا في الاسترقاء او المقصود ما هو اعم من ذلك فلا يستعملون الكي مطلقا لا في نفسهم ولا يطلبونه يعني لا بانفسهم ولا يطلبون ذلك من غيرهم ذكر الشيخ سليمان رحمه الله في التيسير ان المقصود ولا يكتوون يعني لا يطلبون الكي من غيرهم وتبعه على هذا غير واحد من شراح كتاب التوحيد ولكن الذي يظهر والله اعلم ان هذا غير دقيق واستدرك هذا ايضا الشيخ عبد الرحمن رحمه الله في الفتح الاكتواء ليس هو طلب الكي ولذلك قوله صلى الله عليه وسلم وما احب ان اكتوي كما عند البخاري ليس المقصود به لا احب ان اطلب غيري ان يكويني لكن هو لا استعمال الكي بالكلية ولذلك جاء في لسان العرب قال اكتوى استعمل الكي واستقوى طلب غيره ان يكويه فالذي آآ ذكره الشيخ سليمان صحيح لو كان اللفظ استكوى لكن هو قال اكتوى فالمقصود انه لا يكتوي يعني لا يستعمل الكي مطلقا فلا يستعملون الكي. ووجه ذلك ان يعني وجه مدحهم بترك الكي ان هذا الكي فيه ايلام للنفس وفيه ايضا تعذيب بالنار ومثل هذا مكروه مثل هذا مكروه فلاجل هذا تجنبوه امر ثالث وهو انه قد كان في الكي عند العرب اعتقادات كان للعرب في هذا الامر اعتقادات. منها انهم كانوا يعتقدون ان الكي ينفع بذاته وبعضهم كان يعتقد ان ان من اكتوى فانه لا يزول او لا يرد عليه المرض ابدا. وهذه اعتقادات اه جاء الاسلام بنفيها بل هذا سبب من الاسباب والامور كلها بمشيئة الله سبحانه وتعالى. اذا الاكتواء الذي اثني على هؤلاء بتركه لان في الاكتواء ايلاما وتعذيبا للنفس ولا سيما ان هذا بالنار ولا يعذب بالنار الا رب النار ثم ان للعرب في هذا اعتقادات باطلة ابن قتيبة رحمه الله ذكر ان النهي يتوجه اه عفوا ذكر ان الثناء على هؤلاء يتوجه الى ترك الكي قبل حصول الداء قال الكي عند العرب كان على حالتين ان يكتوي الانسان بسبب بمرض الم به قال هنا لا حرج به او يكتوي قبل نزوء قبل نزول الداء. فيعرض نفسه للتعذيب في شأن امر غير متحقق وهذا فيه ضعف في التوكل على الله عز وجل وضعف في حسن الظن به. فوجه رحمه الله ذلك بذلك والذي يظهر والله اعلم ان كون النبي صلى الله عليه وسلم خوا وامر بالكيد واذن به عليه الصلاة والسلام مع ما جاء في هذا النص انهم لا يكتوون يتحصل منه ان هذه الرتبة وان هذا الثناء على الذين لا يكتوون اذا كان تلكي ممدوحة او كان للكي ممدوحة بمعنى انه اذا لم يتعين الكي علاجا ولم يخش الهلاك. اذا كان الامر كذلك فينبغي على الانسان ان يتورى عنه وان يتنزه عنه حتى لا يضيع هذه الفرصة اما اذا تعين الكي علاجا وخيفة على هذا المريض العلاج استنفذت اسباب العلاج الاخرى. ولم يبقى الا الكي. وخيفة على النفس الهلاك كما جاء في كيه عليه الصلاة والسلام لسعد ابن معاذ باكحله عرق لم يزل ينزف دما ولو استمر هذا النصف للدم ماذا يحصل لسعد؟ سيموت. اذا تعين ها هنا ماذا؟ الكي حتى يحسم هذا العرق ولا يهلك فتعين ها هنا الكي علاجا ولم يصلح سبب من اسباب العلاج سواه في امر متحقق لا في امر موهوم انما هو في امر متحقق الذي يظهر من ذلك والله اعلم انه لا حرج في استعمال الكي ولا يكون آآ سببا في تخويف في تفويت هذه الفظيلة على الذي يكتوي. هذا يقال جمعا بين النصوص التي جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ثم قال ولا يتطيرون. التطير هو التشاؤم. وسيأتي باب خاص بالطيرة. يؤجل الحديث فيه ان شاء الله الى ذلك الوقت قال وعلى ربهم يتوكلون هذه الصفة هي الجامعة لكل ما سبق فانما كان منهم ترك الاسترقاء والاكتواء والتطير لعظيم توكلهم على الله سبحانه وتعالى والتوكل على الله من ارفع المراتب الايمانية وحقيقته كما يقول اهل العلم ترك الاعتماد على الاسباب بعد بذل الاسباب فيجمع التوكل الصحيح بين امرين الاول اعتماد قلبي على الله سبحانه وتعالى ولا يكون ثمة التفات لغير الله والامر الثاني بذل للاسباب فبذل السبب من حقيقة التوكل وترك الاخذ بالاسباب قدح في الشرع وفي حكمة الله سبحانه وتعالى وهذا يشير الى ما نبه عليه كثير من اهل العلم ان هذا الحديث اخطأ من ظن انه دال على ترك استعمال الاسباب ليس الامر كذلك بل هذا خاص بهذه الامور المعينة اما الاسباب التي يشرع استعمالها فلا شك ان الاخذ بها من الشرع والنصوص متواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم في استعماله الاسباب المشروعة وحثه على ذلك وهل يتعلق بهذا الباب بهذه الامور الاربعة مسألة التداوي يعني هل نقيس على مسألة الاسترقاء والاكتواء ما يتعلق بالتداوي الذي يظهر والله اعلم انه لا يقاس على ذلك وليس في التداوي العلة التي في الاسترقاء والاكتواء والنبي صلى الله عليه وسلم امر بالتداوي فقال تداووا يا عباد الله ولا تتداووا بمحرم ولم يكن ليأمر عليه الصلاة والسلام امته بشيء يقدح يعني لم يكن ليأمر هذا الامر المطلق اه شيء يقدح في كمال التوحيد الواجب والبحث في مسألة التداوي اه بحث طويل هل التداوي واجب او مستحب؟ او مباح فيه بحث طويل عند اهل العلم وارى الوقت انه قد سارقنا لما حدث بهذا عليه الصلاة والسلام تشوفت نفس عكاشة ابن محصن عكاشة تشوفت نفس عكاشة ابن محصن وعكاشة بالتشديد على قول الاكثر وبعضهم قال بالتخفيف عكاشة لكن الاكثر عن التشديد. وهو صحابي جليل بدري له المواقف المشهودة مع الله صلى الله عليه وسلم فاخبره عليه الصلاة والسلام سأل او طلب النبي صلى الله عليه وسلم ان يدعو الله كما في رواية ان يجعله منهم قال انت منهم سؤال النبي صلى الله عليه وسلم في حياته الدعاء جائز لا حرج فيه بخلاف سؤاله عليه الصلاة والسلام عند قبره او بعيدا عن قبره بعد موته عليه الصلاة والسلام فقام رجل اخر فقال يا رسول الله ادعوا الله ان يجعلني منهم فقال عليه الصلاة والسلام سبقك بها عكاشة والظاهر والله اعلم من ذلك ان ان النبي صلى الله عليه وسلم اراد سد الباب حتى لا يتسلسل الامر في طلب هذا الطلب من ليس اهلا له فسدا وحسما للذريعة آآ النبي صلى الله عليه وسلم آآ قال سبقك بها عكاشة. فرد برد لطيف لم يقدح في شعور هذا السائق وفي هذا استعمال للمعاريظ كما قال المؤلف في المسائل وفي هذا حسن خلقه عليه الصلاة والسلام اي ترد بهذا اللطف عليه الصلاة والسلام لعلنا نكتفي بهذا القدر والله اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم