بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب الخوف من من الشرك وقول الله عز وجل ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. وقال عليه السلام واجنبني وبني ان نعبد الاصنام. وفي الحديث اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر فسئل عنه فقال الرياء وعن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار. رواه البخاري ولمسلم عن جابر رضي الله تعالى عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن سار على نهجه ومنواله وبعد قال المؤلف رحمه الله باب الخوف من الشرك الخوف عبادة عظيمة لله عز وجل وقد بين الله سبحانه ان ثمرتها دخول الجنان ولمن خاف مقام ربه جنتان واهل الخوف من الله هم اهل الهداية وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون واهل الخوف هم اهل التذكر فيذكر من يخشى واهل الخوف هم اهل العلم انما يخشى الله من عباده العلماء ومتعلقات الخوف الذي هو عبادة لله عز وجل ترجع الى ما يأتي اولا الخوف من الله سبحانه فان من صفات الله ما يقتضي عظيم الخشية والخوف منه تبارك وتعالى والله عز وجل قد اثنى على عباده بخوفهم منه سبحانه وتعالى وبين ان هذه عبادة لكل المؤمنين قال الله سبحانه اني اخاف الله رب العالمين وقال عن الملائكة يخافون ربهم من فوقهم والتعلق الثاني التعلق خوف عذاب الله عز وجل ان في ذلك لاية لمن خاف عذاب الاخرة ولمن خاف مقام ربه جنتان التعلق الثالث الخوف من عدم قبول الحسنة والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة بشرها النبي صلى الله عليه وسلم بالرجل يصلي ويصوم ويتصدق ويخشى ان لا يقبل منه التعلق الرابع الخوف من اثم السيئة وذلكم بان يخشى ان يكون واقعا فيها وهو لا يعلم او يخشى من عذابها ان لم يقبل الله عز وجل توبته ولذلك علم النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث معقد ابن يسار علم ابا بكر ما اخرجه البخاري في الادب المفرد هذا الدعاء اللهم اني اعوذ بك ان اشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم ويقول ابن مسعود كما عند البخاري ان المؤمن يرى ذنوبه كجبل فوق رأسه يخاف ان يقع عليه وان المنافق يرى ذنوبه كذباب قال به هكذا واشار الى انفه. التعلق الخامس الخوف من الوقوع في السيئة مستقبلا وهذا هو الذي نحن بصدده في هذا الباب فان من المقامات الايمانية ان يخاف المؤمن ان يقع في الذنوب مستقبلا وهذا كما في دعاء إبراهيم الخليل عليه السلام وسيمر معنا البحث فيه واجنبني وبني ان نعبد الاصنام وهذا كان حال السلف الصالح علق البخاري عن ابن ابي مليكة التابعي الجليل قال ادركت ثلاثين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم يخاف النفاق على نفسه والاثار في هذا عن السلف كثيرة واعظم الخوف الخوف من الشرك بالله سبحانه وتعالى وان يرتد الانسان وان ينتكس ويرجع الى عقبيه كان سفيان الثوري يبكي في مرض موته ويقول اخشى ان اسلب الايمان قبل الموت وهذا لا شك انه من تمام تحقيق التوحيد ومن كمال تعظيم الله سبحانه وتعالى فكلما عظمت الهداية وكلما عظمت التقوى كلما عظم الخوف من الله سبحانه وتعالى والخوف من الوقوع في مساخطه بوب الامام رحمه الله هذا الباب فقال باب الخوف من الشرك. يعني باب وجوب الحذر من الشرك ومن الوقوع فيه. وفي وسائله وذرائعه وعقد الامام هذا الباب في هذا المحل من دقيق فهمه رحمه الله فانه بعد ان بين فضل التوحيد وفضل تحقيقه وضع هذا الباب الذي هو في الخوف من الشرك وذلك ليبين لطالب العلم ان من تمام تحقيق التوحيد ان يخاف العبد من الوقوع في الشرك ويتخذ الاسباب التي تمنعه من ذلك كما كما ان هذا يدعوه الى الجمع بين الخوف والرجاء. وهذا هو قالوا اهل الايمان يرجون ويخافون وامام الدعوة رحمه الله في كشف الشبهات لما ذكر نبذة في فضل التوحيد وعرج على قول الله سبحانه ان الله لا يغفر ان يشرك به قال ما معناه انك اذا تأملت ذلك افادك فائدتين الاولى الفرح بفضل الله عز وجل عليك. يعني ان هداك للتوحيد قل بفضل الله وبرحمته وبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون. والفائدة الثانية ان يشتد خوفك من الشرك فان الانسان اذا علم انه يرتد ويخرج من هذه الملة بكلمة يقولها فان هذا يورثه عظيم الخوف والوجل ايضا عقد هذا الباب فيه رد على بعض اهل البدع القائمين بان اهل التوحيد لا يقعون في الشرك وانهم منزهون من ذلك. وهذا يقوله كثير من القبوريين. يقولون نحن اهل اسلام واهل ايمان واهل توحيد ومهما دعونا غير الله وتوجهنا الى القبور والاموات فاننا لا نكون مشركين لان اهل التوحيد لا يقع منهم الشرك وهذا الباب الذي عقده المؤلف رحمه الله فيه ابلغ رد عليهم المقصود ان من تمام الهداية ان تعرف الشر كما تعرف الخير عرفت التوحيد وفضله فاستمسك به وعليك ايضا ان تعرف الشر. تعرف الشرك فتعلم انواعه واقسامه ثم ان تلجأ الى الله عز وجل وتضرع اليه ان يقيك منه. وان يجانب بينك وبين انه يباعد بينك وبين هذا الجرم العظيم ولذلك كان اهل الهداية حريصين على معرفة الشر كحرصهم على معرفة الخير فيكونون ابعد ما يكونون عنه وفي الصحيحين عن حذيفة رضي الله عنه قال كان الناس يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت اسأله وكنت اسأله عن الشر مخافة ان يدركني وهذا من الفقه العظيم في الاثر الذي يذكره كثير من اهل العلم كشيخ الاسلام وابن القيم في مواضع من كتبهم عن عمر رضي الله قال انما تنقض عورى الاسلام عروة عروة لمن نشأ في الجاهلية لمن نشأ في الاسلام ولم يعرف الجاهلية وهذا الاثر لا يعرف له مخرج لكن قريب منه ما اخرجه الحاكم في مستدرك في مستدركه وقال الذهبي صحيح انه قال لقد علمت متى هلاك العرب اذا ولي عليهم من لم يصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعرف امر الجاهلية وامام الدعوة رحمه الله يقول كما في الدرر السنية في المجلد الاول يقول انما يعرف التوحيد من عرف الجاهلية من عرف الشر من عرف الشرك من عرف حال الجاهلية هو الذي يعرف الحق والتوحيد على وجهه ولذلك انتقد على احد طلبة العلم انه كتب مرة في رسالة له فقال اعلم لا علمت مكروها يقول الامام هذا غلط. هذا غلط ليس بصحيح. بل الذي ينبغي ان يعرف الانسان الشر والباطل حتى يجتنبه. وحتى يكون ابعد عنه لا سيما وانه كلما كان الانسان بالباطل اعرف ورزق الهداية كان اعظم بغضا لما يخالفه وكان اعظم جهادا في دفعه. واعظم بذلا في حربه. هذا كما كان حال اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. عرفوا الشر وعرفوا الخير ولما هداهم الله عز وجل اليه يعني الى الخير فانهم بذلوا الغالي والرخيص في نشره وفي دفع ضده فعلى المسلم الصادق الحريص على دينه وعلى توحيده ان يعتني بهذا الامر فيعرف الشرك تفصيلا ويلجأ الى الله عز وجل في الخوف منه وفي ان يرزقه الخوف منه وان يرزقه المباعدة بينه وبينه وبه تعلم خطأ من يقول ان الانسان ينبغي عليه ان يعلم الخير فقط وما عليه بالباطل ولا يهتم بغيره يعرف الحق ويعمل به هذا لا يكفي ستدخل عليه الدواخل وامام الدعوة رحمه الله في كشف الشبهات لما اورد حديث ذات انواط ذكر فائدة نفيسة من ذلك فقال ما معناه؟ وفي هذا الحديث فائدة من جهة ان المسلم بل العالم. قد يقع في انواع من الشرك دون ان يعلمها. فيفيد التعلم وان قول الجهال التوحيد فهمناه من اعظم الجهل ومكايد الشيطان التوحيد القيام به على وجهه ينبني على امرين ان تعرفه وتعمل به وان تعرف ضده فتجتنبه والشرك الذي عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب لبيان ضرورة ووجوب الخوف منه هو عدل غير الله بالله فيما هو من خصائصه عدل غير الله بالله فيما هو من خصائصه عدل غير الله يعني تسوية غير الله بالله. فيما هو من خصائصه وينقسم بحسب موضوعه الى شرك في الربوبية وشرك في الالوهية وشرك في الاسماء والصفات وينقسم بحسب حكمه الى شرك اكبر والى شرك اصغر وهذا الشرك لا شك في انه عظيم الخطر فهو اخطر ما يكون على الاطلاق وبيان خطره يتضح من من جهتين. الجهة الاولى ان الشرك اعظم الذنوب والجهة الثانية ان عقوبته اعظم العقوبات اما الجهة الاولى فتظهر من امور. قلنا الشرك اعظم الذنوب ولذلك في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا نبي الله اي الذنب اعظم قال ان تجعل لله ندا وهو خلقك وقال سبحانه ان الشرك لظلم عظيم ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا. ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما. فهو اعظم الذنوب على الاطلاق ويظهر هذا من وجوه. اولا ان الشرك اعظم تنقيص لرب العالمين سبحانه فيه تنقيص عظيم تنقص عظيم لرب العالمين جل وعلا ويتضح هذا اذا علمت ان الشرك بالله سبحانه فيه تسوية غير الله بالله وهذا اظلم الظلم ان يسوى بين الفقير بالذات والعاجز من كل وجه. بالغني بالذات والكامل من كل وجه تبارك وتعالى. فلا شك ان هذا تنقص عظيم وهذا حال المشركين. تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويكم برب العالمين. لو شخصا من العباد توا احقر رجل في المجتمع بالملك. ملك هذا المجتمع والرئيس قال انت يا فلان الملك لا شك ان هذا سيغضب الملك اشد الغضب ولاجل هذا كان الشرك ظلما ان الشرك لظلم عظيم. وضع الشيء في غير موضعه والامر الثاني ان في الشرك طرف او ان في الشرك صرفا خالص حق الله لغيره حق لله خالص له يصرف لغيره هذا فيه تنقص لله عز وجل وفي حديث الحارث الاشعري عند الترمذي واحمد في ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمس كلمات التي امر الله عز وجل يحيى ابن زكريا ان يعلمها بني اسرائيل الشاهد من الحديث انه قال اولاهن ان تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وان مثل ذلك كمثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله من ذهب او ورق وقال هذه داري وهذا عملي. فاعمل وادي الي. فكان يعمل ويؤدي الى غير سيده. فايكم يرضى من عبده ذلك هذا الامر الاول ان فيه تنقصا لرب العالمين جل وعلا وثانيا انه غاية المعاندة لرب العالمين الاول غاية التنقص لرب العالمين. والثاني انه غاية المعاندة لرب العالمين وذلكم ان الشرك مناقضة تامة للغاية التي من اجلها خلق الله الخلق قال تعالى وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. فجاء المشرك وخالف ذلك تمام المخالفة وناقضه تمام المناقضة فهو اذ فهو اذا اعظم الذنوب الامر الثالث انه اعني الشرك خبث محض وضلال محض ويدل على هذا انه لا داعي يدعو اليه ليس هناك شهوة في النفس تدعو الى الشرك فما هو الا خبث محض في نفس المشرك ليس كالمعاصي التي تدعو اليها شهوة كالزنا كالخمر كغيره الشرك ليس هناك شهوة تدعو اليه بل هو مخالف للفطرة لان الله عز وجل فطر الناس على التوحيد. ثم تغيرت فطرتهم لاجل هذا كان اعظم الذنوب فهذه اوجه آآ ثلاثة تدلك على ان الشرك اعظم الذنوب والجهة الثانية ان عقوبته اعظم العقوبات ويتضح هذا بامور اولا انه ذنب لا يغفر جميع الذنوب داخلة تحت مغفرة الله سبحانه وتعالى اذا شاء. يمكن ان تغفر. الا الشرك فانه لا يمكن ان يغفر البتة ان الله لا يغفر ان يشرك به وثانيا انه يوجب الخلود في النار انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من انصار ثالثا انه محبط للعمل ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك. ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون وقدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا وشرط ذلك اتصال الموت اه اتصال الشرك بالموت فيموت وهو كافر فاذا مات المشرك على الشرك فهذا قد حبط عمله والعياذ بالله هذه نبذة نبذة يسيرة تبين لك خطر الشرك واذا كان بهذه المثابة كان حريا ان يخافه المؤمن لا سيما وهو شيء منتشر وكلما كان الشرك وكلما كان الشر منتشرا كان احرى بالخوف والحذر ارأيت لحال الناس اذا انتشر وباء مثلا فانك تجد الحذر منه والخوف منه اشد ما يكون وكذلك الشرك امر عظيم منتشر. ربي انهن اضللن كثيرا من الناس ولا سيما في هذا العصر فان الشرك كثير والعياذ بالله مع التقدم المدني ومع التطور العمراني فان الشرك قد وقع فيه كثير من الخلق بل حتى بعض من ينتسب الى الاسلام قد وقعوا في ذلك. وتحقق ما اخبر به عليه الصلاة والسلام. حينما ذكر من اشراط الساعة جزاك الله خير ان تعبد قبائل من امته عليه الصلاة والسلام الاوثاد وحصل فم القبور وكم الاضرحة وكم الاشجار وكم الاحجار التي تعبد من دون الله شيء عظيم وكثير ايضا شبهات اهل الشرك كثيرة والقلب ضعيف. يخاف الانسان على نفسه ان تقع فيه شبهة من شبهات اهل الشرك فلا تخرج فيهلك كل ذلك يدعو المسلمة الصادقة في توحيده الى ان يخاف من الشرك وان يحذره وان يتعلم فيكون في بعد منه. وكأن المؤلف رحمه الله لما بين التوحيد وفضله وبين خطر الشرك وضرورة الخوف منه يقول دونك هذا الكتاب. ففيه افراد التوحيد او كثير منها على وجه التفصيل وفيه افراد لكثير آآ وفيه كثير من افراد الشرك فدونك تعلمها في هذا الكتاب ذكر المؤلف رحمه الله في هذا الباب ايتين ثلاثة احاديث الاية الاولى اية النساء. ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وهي في سورة النساء في موضعين. ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما. ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ايه ده وهذه الاية كما قال بعض اهل العلم احكم اية في الشرك واخوفها في جانبه. وارجاها في جانب التوحيد وتوضيح معنى الاية ان الله سبحانه وتعالى لا يغفر الشرك ممن وقع فيه البتة الا في حالة واحدة ان تاب منه صاحبه قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. فان تابوا واقاموا الصلاة واتوا الزكاة فاخوانكم في الدين. اما ما عدا ذلك فالشرك لا يغفر البتة وهذا من الامور المعلومة من دين الله عز وجل بالضرورة. الكلام انما ينصب على الشرك الاكبر. اما الشرك الاصغر فليدخل في قول الله عز وجل ان الله الا يغفر ان يشرك به وقع خلاف بين اهل العلم في هذه المسألة فذهب شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله وتابعه على هذا جماعة من علماء التوحيد فالشيخ سليمان فانه اورد كلام شيخ الاسلام واقره الشيخ عبدالرحمن ابن حسن والشيخ ابن قاسم وكثير من اهل العلم نصوا على هذا القول شيخ الاسلام رحمه الله نص عليه صراحة في كتابه تفسير ايات اشكلت ومال اليه ميلا في كتابه قاعدة في المحبة وايضا في كتابه الرد على البكر وبيان هذا القول هو ان الشرك لا يغفر الشرك الاصغر لا يغفر وانما يدخل في الموازنة فان قابله حسنات كثيرة تزيد عليه نجا الانسان والا فانه لابد ان يعذب ما شاء الله ان يعذب في النار ثم يكون مآله الى جنة واستدل اصحاب هذا القول بهذه الاية قالوا ان الله عز وجل يقول ان الله لا يغفر ان يشرك به وان والفعل المضارع بعد هذا الحرف مؤولة بمصدر يعني ان الله لا يغفر اشراكا به وهذه نكرة في سياق النفي فتفيد العموم لا اكبر ولا اصغر وايضا اه الحديث الذي معنا وسيأتي بعد قليل ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار وشيئا نكرة فتعم واستدل اه او وقال بعض اهل العلم وهذا القول الثاني في المسألة آآ مال اليه ابن القيم رحمه الله في عدد من كتبه كالداء واغاثة الله فان وغيره انه في حكمه كسائر الكبائر. بمعنى انه تحت المشيئة وانتصر لهذا ايضا الشيخ ابن سعدي رحمه الله وله في هذا فتوى فتوى مطولة ومحررة بين اصحاب هذا القول ان الشرك الاصغر فالاقرب انه في حكم سائر الكبائر لانه في جل احكامه اشبه بالكبائر فهو لا يخلد في النار ولا ينقل من الملة ولا يحبط سائر الاعمال كسائر اه كحال الشرك الاكبر فهو اقرب الى الشرك الاصغر واما عن الاستدلال الذي استدل به اصحاب القول الاول فاجابوا بان قوله تعالى ان الله لا يغفر ان يشرك به المراد بها الشرك الاكبر لانها نظير قوله جل وعلا انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وبالاجماع هذه الاية المراد بالشرك فيها ماذا؟ الاكبر كذلك قوله ولو اشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون ولقد اوحي اليك والى الذين من قبلك لئن اشركت ليحبطن عملك تجل النصوص التي جاءت في كتاب الله ببيان الاثار المترتبة على الشرك يراد بها قطعا الشرك الاكبر فلتكن هذه الاية كنظيراتها ومهما يكن من شيء فان معرفة هذا الامر تورث في نفس الانسان الخوف والوجر ويكفي انه قد قيل ان الشرك الاصغر لا يغفر وقال بهذا جماعة من اهل التحقيق الانسان ينبغي عليه ان يكون عظيم الخوف. من الوقوع في هذا الامر الجلل وبهذا البيان يتضح لك الفرق بين الشرك الاصفر والشرك الاكبر الشرك الاكبر اه محبط لسائر الاعمال ان اتصل بالموت والشرك الاصغر كالرياء محبط لما قارنه ايضا الشرك الاكبر مخرج من الملة. والشرك الاصغر ليس بمخرج من الملة وايضا الشرك الاكبر موجب للخلود في النار. وليس كذلك الشرك الاصغر ويبقى الخلاف في مسألة المغفرة هل يغفر او لا؟ على ما اتضح لك من قولي اهل العلم في هذه المسألة من متعلقات هذه الاية ايضا ان هذه الاية كما قال بعض اهل العلم فيما ذكرته لك وهي ارجى اية في جانب التوحيد وذهب كثير من اهل العلم الى انها ارجى اية في كتاب الله. وهذا موضع فيه خلاف طويل بين اهل العلم. ما هي ارجى اية في كتاب الله؟ هل هي هذه او لكن هذا قول قال به بعض اهل العلم لكن المقصود ان هذه الاية في غير التائب اما التائب من الشرك فمغفور له واما التائب فيما دون الشرك فمغفور له ايضا بخلاف الاية الاخرى قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا فتلك في التائب ففيها الجزم بمغفرة الذنوب واما هذه ففي غير التائب فهو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى وهذه الاية فيها جمع آآ بين الرد على الوعيدية والرد على غلاة المرجئة ويغفر ما دون ذلك رد على الوعيدية لمن يشاء رد على من؟ غلاة المرجئة الذين يقولون ان اهل التوحيد لا يعذبون. لا بل هو تحت مشيئة الله سبحانه وتعالى ان شاء عذبه وان شاء غفر له واهل العلم يقيدون هذه المسألة بقيد مهم. فيقولون ان المغفرة للعاصي او كونه داخلا تحت مشيئة الله بالنظر الى كل عاص في نفسه يعني بالنظر الى افراد العصاة كل فرد ماذا؟ هو تحت المشيئة ان شاء الله عفا عنه وان شاء عذبه واما بالنظر الى جنس العصاة فلا بد من دخول طائفة منهم النار. هذا امر مقطوع به فقم عليه بين اهل السنة والجماعة. لا بد من دخول طائفة من عصاة المؤمنين النار وهذا ما نطقت به النصوص المتواترة. كاحاديث الشفاعة وانه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة او ادنى ادنى مثقال ذرة من ايمان فدل هذا على ماذا؟ على ان من عصاة مؤمنين من؟ من سيدخل النار قطعا ثم اورد المؤلف الاية الثانية فقال وقال الخليل عليه السلام واجنبني وبني ان نعبد الاصنام الخليل ابراهيم عليه السلام. وهو خليل الله واتخذ الله ابراهيم خليلا. ونبينا صلى الله عليه وسلم ايضا خليل الله. ان الله اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا. ولا يعلم في نصوص تعلق هذه الصفة الا بهذين النبيين الكريمين عليهما الصلاة والسلام الخلة لا يعلم في النصوص تعلقها الا بهذين النبيين الكريمين عليهما الصلاة والسلام وهذا يدل على عظم مكانتهما ومنزلتهما والخلة هي خالص المحبة فهي درجة ارفع من مجرد المحبة وهي صفة اختيارية ثابتة لله عز وجل الله عز وجل قد دلت النصوص على انه يتصف بالمحبة ويتصف بالخلة ويتصف فهو الودود سبحانه وتعالى ودود الصحيح انها فعيل بمعنى فاعل وفعيل بمعنى مفعول. ودود بمعنى يود وودود بمعنى يود وتعالى ابراهيم الخليل عليه السلام دعا الله في هذه الاية ان يجنبه وبنيه عبادة الاصنام وهذا مما يؤيد هذا العنوان العظيم الخوف من الشرك. فاذا كان ابراهيم وهو خليل الرحمن وهو الذي قال الله عنه وابراهيم الذي وفى وهو الذي فسر الاصنام بيده. وهو الذي امر بذبح ابنه فاستجاب لذلك ومع ذلك يخاف من الشرك ويضرع الى الله عز وجل بهذا الدعاء العظيم. واجنبني وبني ان نعبد الاصنام فماذا يقول من هو دونه بما لا مقارنة فيه ولهذا اخرج الطبري في تفسيره عن التابعي الجليل ابراهيم التيمي قال ومن يأمن البلاء بعد خليل الله ابراهيم وهذه الكلمة ايضا قالها سفيان الثوري فيما اخرجه ابن عبد البر. ومن يأمن البلاء بعد ابراهيم اذا كان ابراهيم عليه السلام يخاف من الشرك ويدعو الله ان يجنبه وبنيه عبادة الاصنام فماذا يقول غيرهم فماذا يقول غيره عليه الصلاة والسلام وهذا يدلك على ان الامر جلل وخطير وانه حري ان يخافه الانسان ثم بين عليه السلام سبب ذلك لماذا خاف؟ ولماذا لجأ الى الله؟ قال ربي انهن اضللن كثيرا من الناس نظرا لانتشار ذلك الضرر والخطر خاف على نفسه ثم قال فمن تبعني فانه مني. يعني على ملته وعلى طريقتي. ومن عصاني فانك غفور رحيم وهل استجيب هذا الدعاء قال اهل العلم ان كان المراد ببنيه بنيه من صلبه فنعم بل اضحوا انبياء ورسل وما اشرك منهم احد وان كان المراد اه من بعدهم بنيه بنيه وهكذا فلا شك ان الشرك قد قد وقع في الامة والنبي صلى الله عليه وسلم انما بعث الى العرب وهم من ذرية اسماعيل ابن ابراهيم وهم على اعظم ما يكونون عبادة للاصنام فاستجيب قال بعض اهل العلم استجيب له في بعض دون بعض. ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين وهنا يسأل او يضع بعض اهل العلم سؤالا كيف يقول ومن عصاني فانك غفور رحيم فهل هذا يشعر بان من وقع في الشرك قد يغفر له قال بعض اهل الكلام ان مغفرة الشرك كانت واقعة تنشف في الشرائع السابقة ولا شك ان هذا قول باطل فالشرك اقبح القبائح واظلم الظلم وغير مغفور في شريعة قط. والنصوص كلها تشهد بذلك. وهذا قول عار عن عن الدليل اما عن توجيه ما قال عليه السلام ففي ذلك اقوال عند اهل التفسير منهم من قال ان ابراهيم عليه السلام قال هذا قبل ان يعلم ان الله لا يغفر الشرك كما حصل في دعائه لابيه وهو مشرك ثم بين الله عز وجل انه لا يستغفر للمشرك وهذا القول فيه من البعد ما لا يخفى كيف يخفى مثل مثل هذا الامر على خليل الله ابراهيم القول الثاني من عصاني فيما دون الشرك فانك غفور رحيم وتوجيه ثالث ان من عصاني فوقع في الشرك ثم تاب منه فانك غفور رحيم التوجيه الرابع فمن عصاني فوقع في الشرك فارحمه بالهداية للتوحيد ثم اغفر له ما سبق فانك غفور رحيم وهذه الاية في قوله واجنبني دليل على ان الامور بيد الله عز وجل وان هداية التوفيق بيد الله سبحانه وتعالى فثمة تجنيب وثمة اجتناب. فالتجنيب فعل الله. والاجتناب فعل ابراهيم وبنيه ولا يتم الثاني الا بالاول. لا يجتنب الشرك الا من جنبه الله ذلك فلا يغتر الانسان بنفسه ولا بايمانه ولا بتوحيده بل يكون صادق الخوف والوجل واللجأ الى الله عز ان يجنبه عبادة الاصنام والاصنام كما اسند الطبري عن مجاهد ما نحت ما كان منحوتا على صورة بشر وغير الاصنام الاوثان قال ما كان منحوتا على غير صورة بشر وهذا ذكره كثير من اهل العلم ان الصنم ما كان مصورا على ما فيه حياة انسان او حيوان وهذا يسمى صنم. اما ما لم يكن مصورا كالشجر والحجر هذا يسمى ماذا؟ يسمى وثناء وان كان قد يطلق على الصنم وثن. كما قال الله عز وجل عن ابراهيم وقومه كانوا عبدة اصنام انما تعبدون من دون الله ماذا؟ اوثانا وهذا يقوي القول الثاني ان الاوثان اعم من الاصنام فكل صنم وثن وليس كل وثن صنما ثم اورد المؤلف رحمه الله الحديث الاول وقال وفي الحديث اخوف ما اخاف عليكم الشرك الاصغر ثم بين عليه الصلاة والسلام ذلك ما معنى الشرك الاصغر؟ فقال الرياء هذا الحديث حديث محمود ابن لبيب عند احمد وغيره وحسن اسناده الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام وجود اسناده المنذري وغيرهم من غيرهما من اهل العلم وهذا الحديث فيه ان الشرك الاصغر اخوف ما خافه عليه الصلاة والسلام على الصحابة. الذين هم اكمل الناس بعد الانبياء وهذا يجعل من دونهم يخاف منه ومما هو اكبر منه وهو الشرك الاكبر وهذا وجه ايراد المؤلف لهذا الحديث في هذا الباب الشرك الاصغر مخوف على اعظم الناس توحيدا ومن عاداهم ممن ضعف توحيده مخوف عليه كلا الامرين. الشرك الاصغر وما هو اكبر منه وهذا الشرك قد تعدد اخبار النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه بعظيم خوفه عليهم منه كما في مسند احمد ايضا عنه صلى الله عليه وسلم انه قال الا انبئكم بما هو وفوا اه اخوف عندي عليكم من المسيح الدجال المسيح الذي هو اعظم فتنة خلقها الله عز وجل من لدن ادم والى قيام الساعة قال هذا اخوف عليكم عندي من المسيح الدجال قالوا بلى يا رسول الله. قال الشرك الخفي ان يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل هذا هو حقيقة الرياء خافه عليه الصلاة والسلام على اصحابه اشد الخوف. وهو مخوف من باب اولى على من بعدهم وسبب ذلك قربه من ابن ادم فالداعي الى الشرك الاصغر عظيم جدا في النفس وذلكم ان النفوس فيها حب للمنزلة في قلوب الخلق وفيها طلب للرفعة عندهم ولذلك يكثر تطلب الانسان لتحسين صورته عند الناس رغبة في حسن الثناء عليه وهذا مخوف حتى على الصالحين بل حتى على اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان هذا مخوفا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا امر لا يكاد يسلم منه احد كما قال اهل العلم امر في غاية الخطورة وغاية ما يكون من الخفاء ومبحث الرياء آآ سيكون فيه كلام ان شاء الله بالتفصيل في باب مخصوص اه له سيأتي بعون الله عز وجل ثم ذكر المؤلف بعد ذلك حديث ابن مسعود رضي الله عنه المخرج آآ المخرجة عند آآ ابني عند البخاري رحمه الله قال عليه الصلاة والسلام من مات وهو يدعو لله ندا دخل النار. الند كما قال ابن القيم رحمه الله في اغاثة اللهفان المثل والشبه. فمن دعا لله عز وجل ومات على ذلك دخل النار وهذا الدخول تفسره النصوص الاخرى وهو انه دخول ابدي فانتبه بعض الناس يقول هذا النص مثل النصوص الاخرى المتعلقة بالعصاة قل لا النصوص يفسر بعضها بعضا وهذا من الامور المعلومة بالاضطرار. ان دخول المشرك والكافر النار دخول مؤبد لا خروج له منها وهذا يدلك على خطر الشرك. وانه حري بان يخافه الانسان لانه ان وقع فيه فقد خسر كل شيء وباء باعظم عقوبة على الاطلاق وهي الخلود في النار عافاني الله واياكم من ذلك. ثم ختم المؤلف رحمه الله الحديث المخرج عند مسلم حديث جابر رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقيه يشرك به شيئا دخل النار وهذا في معنى الحديث الماضي في في شطره الثاني لقيه يشرك به شيئا دخل النار وهذا كما اسلفت من الامور المعلومة بالاضطرار من دين الله واما من لقي الله لا يشرك به شيئا فانه يدخل الجنة وهذا الحديث كما قال اهل العلم كون الانسان لا يشرك بالله شيئا يستدعي انه جاء بالتوحيد والا فانه بالاتفاق لو لم يشرك ولم يوحد لن يدخل الجنة. لكن من لم لقي الله لا يشرك به شيئا واتى بالتوحيد فانه سيدخل الجنة دخوله الجنة كما مضى غير مرة اما ان يكون دخولا اوليا او يكون دخولا لما اليا فاما في حق آآ من لم يمت مصرا على الذنوب لم يأتي بالكبيرة ولم يصر على الصغيرة. او اتى بذلك وتاب منه. فانه سيدخل دخولا او واما العصاة فانهم بين امرين اما ان يدخلوا دخولا اوليا ان عفا الله عنهم او سيدخلون دخولا مآليا ان عذبوا في النار عذابا مؤقتا وهذا الحديث آآ تشهد له نصوص كثيرة كحديث ابي ذر المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وسلم ان جبريل قال له بشر امتك من مات منهم لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة قلت وان زنا وان سرق قال نعم وان شرب الخمر هذه رواية في الصحيح نعم وان شربوا الخمر وجاء ايضا في الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال صلى الله عليه وسلم من مات وهو يشرك بالله شيئا دخل النار وقلت انا هذا من كلام ابن مسعود. ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة اسأل الله العظيم رب العرش الكريم ان يجنبني واياكم عبادة الاصنام. كما اسأله تعالى ان يعيذني واياكم ان يشرك به شيئا ونحن ونستغفره لما لا نعلم. كما نسأله جل وعلا ان يرزقنا التوحيد الصادق وتحقيقه ان ربنا لسمي الدعاء. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه