بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى. باب من تبرك بشجرة او حجر ونحوهما. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه وازواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا وبعد فيقول المؤلف رحمه الله باب من تبرك بشجرة او حجر او نحوهما عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب للكلام عن قادح اخر من قوادح في التوحيد الا وهو التبرك والتبرك تفاعل من البركة والبركة يدور كلام اهل اللغة في معناها على امرين الكثرة والنماء والثبوت والدوام. فالبركة اذا كثرة الخير ودوامه وعليه في التبرك هو طلب كثرة الخير ودوامه ورجاء ذلك ومن المعلوم ان البركة على هذا المعنى انما تطلب من الله سبحانه لانه المالك لها والواهب لها فهي مثل العافية والنصرة وامثال ذلك. فالشيء انما يكون مباركا بجعل الله عز وجل له كذلك وجعلني مباركا اينما كنت في الصلاة الابراهيمية اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد ثم قال وبارك على محمد فالله عز وجل هو الذي يبارك الشيء ويبارك عليه ويبارك فيه ويبارك له وهذه البركة التي يعطيها الله عز وجل تنقسم الى بركة دينية والى بركة دنيوية البركة الدينية هي التي ترجع الى الطاعة والى الايمان والى الثواب ما جرى مجرى ذلك ومن ذلك بيت الله ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا فيحصل بعبادة الله عنده من الثواب وغفران الذنوب شيء عظيم كذلك من البركة البركة الدنيوية لفتحنا عليهم بركات من السماء والارض والنبات وقد يجتمع الامران في شيء واحد. كالقرآن فالقرآن كما اخبر الله عز وجل انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته ففيه بركة دينية من حيث كثرة الثواب والهداية وغفران الذنوب ذلك بسبب قراءته وتدبره وفيه ايضا بركة دنيوية من جهة الاستشفاء به. فانه كفاء كما اخبر الله سبحانه وننزل من القرآن ما هو شفاء والذوات او الاشياء يباركها الله عز وجل التي يجعل فيها بركة تنقسم الى انواع متعددة ايه ده فثمة ازمان وامكنة وهيئات وذوات فمن الامكنة المسجد الحرام مثلا المسجد النبوي من جهة مضاعفة اجر الصلاة فيهما والازمنة مثل ليلة القدر ومثل شهر رمضان فهي ازمنة مباركة وهيئات الاجتماع على الطعام فيه بركة كما اخبر النبي صلى الله عليه وسلم فيما خرجه احمد وغيره اجتمعوا على طعامكم ولا تتفرقوا فيه يبارك لكم في وهناك ذوات مباركة فالمسلم فيه بركة من جهة طاعته وايمانه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما اخرجه البخاري في صحيحه ان من الشجر لما بركته كبرته اخي المسلم اذا في كل مسلم بركة بحسب ايمانه اعظم من فيه بركة من المسلمين لا شك انه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام له خاصية ليست في غيره من سائر الناس اعني من هذه الامة وهي ان ذاته مباركة بركة بركة مباركة بركة متعدية يتعدى اثرها الى غيره. وعليه فان من مسه او تعاطى شيئا من عرقه او شعره او سؤره فضلات وضوءه وطعامه فانه يحصل له بركة بسبب ذلك ولذلك جاء في احاديث كثيرة في الصحيحين وغيرهما ان الصحابة كانوا يتبركون به وبمن فصل عنه وبما لابسه ولامسه عليه الصلاة والسلام فكانوا يقتتلون على شعره كل يريد ان يصيب لذلك كذلك وضوئه. وما تقاطر منه وما اشكل وما شاكل ذلك وهل هذا الامر خاص بحياته عليه الصلاة والسلام او ان الحكم باق ايضا بعد وفاته. الصواب انه باق حتى بعد وفاته عليه الصلاة والسلام وفي هذا اثار عديدة عن الصحابة والتابعين. فكانوا يتبركون بشيء من او لباسه الذي كان يلبسه وما شاكل ذلك وهل بقي شيء يعلم يقينا انه من اثاره عليه الصلاة والسلام في هذا العصر؟ الجواب لا فلا يعلم ان شيئا من اثاره يعلم قطعا انه من اثاره. وانما الناس تدعي اشياء وآآ العبرة بثبوت ذلك بدليل صحيح. وبالتالي فالبحث في هذه المسألة كما يقول اهل العلم بحث النظر وما من جهة التطبيق الان انه لا يعلم على جهة اليقين شيء من اثاره عليه الصلاة والسلام فيتبرك به وهل يقاس غير النبي صلى الله عليه وسلم عليه؟ هذه مسألة اخطأ وفيها بعضهم فقاس غير النبي صلى الله عليه وسلم من الصالحين والاولياء عليه في جواز ذلك ولا شك ان هذا القياس فاسد وباطل ومن الذي يقارب النبي صلى الله عليه وسلم فضلا عن ان يساويه فهذا من افسد القياس وابعده. لا سيما والاجماع منعقد قطعا من الصحابة رضي الله عنهم ومن التابعين ومن اتباع التابعين على عدم فعل ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم ما كان صغار الصحابة او التابعون يتبركون بابي بكر وعمر عمر وبقية العشرة او بقية السابقين الاولين من الصحابة فالاجماع قطعا ان ثابت في هذا الباب فلم يثبت عن واحد منهم قط انه تبرك بواحد منهم. ولو كان خيرا لسبقونا اليه وهذا يدلك على ان ما في بعظ الشروح من اثبات التبرك بالصالحين واثارهم ان هذا غلط و امر محدث كما البحث فيه وقد وقع في هذا ابن حجر رحمه الله وعفا عنه في الفتح عند حديث عتبان ابن مالك حينما طلب من النبي صلى الله عليه وسلم ان يصلي في بيته قرر هذه المسألة ومثله النووي ايضا حينما شرح حديث عتبان وكذلك عند حديث اشعرنا اياه ولكنه اصاب في المجموع حينما انكر ذلك. وذلك في الجزء الثامن من كتابه المجموع في الفقه انكر هذا التبرك المبتدع فانه انكر على من يتمسح بالبيت النبوي ويلصق بطنه به وما ذلك وقال ان كان الدافع لذلك ارادة الخير فان ارادة الخير لا تكون بمخالفة السنة او كلاما قريبا من ذلك. ولعل هذا ان يكون آآ اخر قوليه في هذه المسألة والله عز وجل اعلم التبرك من حيث حكمه ينقسم الى قسمين التبرك مشروع وتبرك ممنوع. اما التبرك المشروع فانه اذا اجتمعت فيه ثلاثة ضوابط الضابط الاول التماس البركة مما ثبت شرعا ان فيه بركة اذ كون الشيء فيه بركة تلتمس هذه قضية غيبية لا تعلم الا من جهة الشرع الضابط الثاني ان يكون التماس البركة وفق ما ثبت شرعا. فكما ان معرفتنا ان هذا الشيء فيه بركة تلتمس مرجعه الى الشرع كذلك كيفية التبرك مرجعها الى الشرع ولذلك يتبرك الانسان مثلا بليلة القدر لعلمه ان فيها بركة لكن كيف بالعمل الصالح لان هذا هو الذي جاء في الشرع الامر الثالث او الضابط الثالث ان يكون التماس البركة على جهة السببية والا فالواجب ان يعتقد ان المعطي والمانح للبركة هو الله سبحانه وتعالى ويدل على هذا ما ثبت في الصحيح من حديث ابن مسعود لما كانوا في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وارادوا الوضوء وقد قل الماء طلب اناء عليه الصلاة والسلام فجيء باناء فيه ماء قليل. فوضع يده فيه عليه والسلام واذا بالماء ينبع من بين اصابعه كما يقول ابن مسعود فقال عليه الصلاة والسلام حي على الطهور المبارك والبركة من الله حي على الطهور المبارك والبركة من الله. اذا الذي يجب ان يعتقد ان الذي البركة ويمنحها هو الله عز وجل. كالدواء. يستعمله الانسان على جهة السببية. مع اعتقاد ان شاء من الله عز وجل. والخلاصة ان التبرك المشروع هو التبرك او هو التماس بركة مما ثبت ان فيه بركة وفق ما ورد على جهة السببية وبالتالي يعلم ان التبرك الممنوع هو ما فقد واحدا من هذه الضوابط فمن التمس مثلا بركة ليلة المولد تعبد فيها وجاء البركة ورجاء كثرة الثواب. نقول هذا تبرك ممنوع. لان هذا المتبرك يفتقر الى دليل يثبت ان هذه الليلة فيها بركة ومن تبرك مثلا بالسحور. تسحروا فان في السحور بركة قال انا تبركوا بي السحور من جهة مثلا طرد الجن من البيت. نقول نعم آآ السحور فيه بركة لكن ما هكذا جاء التماس البركة من هذا الشيء بيت الله مبارك بنص كتاب الله فلو ان انسانا تبرك ببيت الله من جهة التمسح باستاره نقول هذا تبرك ممنوع. لان هذه الكيفية لم ترد. كذلك الذي يتمسح او الذي الحجر الاسود قصده في ذلك التبرك. وهذا يلاحظ من كثير من الناس. تجده يمسح الحجر ثم يمسح جسده وما امكن منه. وهذا ظاهر في انه اراد التبرك كل هذا امر غير مشروع تبرك ممنوع. لان استلام الحجر ليس على جهة التبرك وانما على جهة الاتباع فيقتصر في ذلك على حد ما ورد وانخرام الضابط الثالث يحصل فيما يقع عند كثير من اهل الشرك والانحراف حينما يتمكون بالقبور وبالاعتاب اب بسياج القبور والمشاهد كثير من هؤلاء لا سيما من الرافضة ومن غلاة الصوفية يريدون من صاحب القبر ان يمنحهم البركة. وان يتعطف عليهم. وان يرق لهم فيقضي حوائجه او ان يرفع شكاياتهم وطلباتهم الى الله عز وجل. فنقول هذا تبرك ممنوع وقد انخرم فيه الضوابط الثلاث فلا دليل على ان هذه القبور فيها بركة ولا دليل على هذه الكيفية ثمان التماس البركة في كثير من هذه الصور كان طلبا من غير الله عز وجل وما حكم التبرك الممنوع؟ الجواب ان فيه تفصيلا غالب الاحوال ترجع الى ثلاث سور عصفورة الاولى ان يلتمس البركة بالتمسح بشيء من الاشياء كالقبور طالبا البركة منها فهذا لا شك انه شرك اكبر الصورة الثانية ان يتبرك شجر او حجر او قبر وما شاكل ذلك. ويقصد ان صاحب القبر او ان الارواح التي يعتقد انها تحل في هذه الاشياء تشفع عند الله عز وجل بسبب ذلك. وتقضي او وترفع الحاجات الى الله عز وجل وهذا ايضا شرك اكبر ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. من جنس شرك المشركين الصورة الثالثة وهي تقع كثيرا ان يحصل التبرك بالتمسح ابواب المساجد مثلا ونوافذها او ما شاكل ذلك وقصد هذا الشخص ان يكون هذا سببا في حصول البركة والا فهو يعتقد ان الله عز وجل هو الذي يعطي البركة. فيقال هذا شرك مثله مثل سائر المسائل التي مرت معنا والله عز وجل اعلم قال المؤلف رحمه الله باب من تبرك من هنا ذكر كثير من الشراخ انها شرطية وجوابها محذوف اي فقد اشرك ويمكن ان تكون من هنا ايضا موصولة وعليه سيكون المعنى باب بيان حكم او باب بيان حال من تبرك يعني الذي تبرك بشجرة او حجر ونحوهما يعني من قبر ومشهد ذلك نعم قال رحمه الله تعالى وقول الله تعالى افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى الا لكم الذكر وله الانثى تلك اذا قسمة ان هي الا اسماء سميتموها انتم واباؤكم ما انزل الله بها من سلطان ان يتبعون الا الظن وما والأنفس ولقد جاءهم من ربهم الهدى. جميع النسخ عندكم الايات كاملة نعم والظاهر انهما ما ورد المؤلف رحمه الله ذلك انما اقتصر على جزء منها ثم قال الايات يعني اكملها. في بعض الطبعات اكملوها هذه الاية من سورة النجم فدل بها المؤلف رحمه الله على ما بوب هذا الباب عليه. يقول الله عز وجل افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى افرأيتم؟ قال اهل التفسير اي اخبروني افرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى اي هل هي قادرة على الخلق والرزق فتعبد والجواب معلوم. وبعض اهل العلم يرى ان هذه الاية افرأيتم متعلقة بما قبلها. لقد رأى من ايات ربه الكبرى افرأيتم اللات والعزى؟ يعني هل لهذه الاصنام شيء من الايات الكبرى كما كان للرب سبحانه وتعالى تلك الايات الكبرى وسواء اكان الاول او الثاني فكله فيه دليل على عجزها هذه الالهة وتحقيرها وبطلان عبادتها ما جاء في هذه الاية من ذكر لهذه الاصنام ويقال فيه انما ذكرت هذه الاصنام الثلاثة والله اعلم لانها اشهر اصنام المشركين واعظمها. اللات والعزى ومنات ومن جهة السبق فمنات فيما يظهر والله اعلم هي الاسبق ثم اللات ثم العزى كما اورد ذلك هشام ابن محمد ابن السائب ابن السائب الكلبي في كتابه الاصنام ترى دليله على ذلك في هذا الكتاب اللات قرأ الجمهور بالتخفيف اللات قرأ رويس عن يعقوب الحظرمي اللات بالتشديد مع المد المشبع وعلى الاول فلاة مشتقة من الله او الاله وهذا من الالحاد باسماء الله عز وجل وقد ذكر هذا بعض السلف فيما خرجه ابن جرير وغيره وعلى التشديد فان اللات هو رجل كان يلت السويق يلت يعني يبل السويق بالماء او بالزيت. والسويق نوع من الطعام. من الطحين والسمن وهو معروف فلما مات عبد عكفوا على قبره وعبدوه ولاة كما ذكر اهل العلم وصخرة مربعة منقوشة في الطائف بجوار مسجد الطائف المعروف بمسجد ابن عباس فيما يقال وعلى هذه الصخرة بناء وعلى البناء استار وقد يقال كيف نجمع بين هذا؟ وبين قول آآ من قال كابن عباس فيما عند بخاري وغيره انه الرجل الذي مات فعبد يعني عبد قبره. فيقال الجمع بين هذا وذاك ان اصلا كانت لقبر هذا الرجل ثم عبدت الصخرة التي بجواره فالاصل ان المعبود وهذا القبر يعني من قدر فيه ثم عبد ما بجواره وهو هذه الصخرة وهذا الصنم كانت العرب جميعا تعظمه. لكن اشدهم تعظيما له هم سقيف ومن والاها اما العزى ففي فقد اه ذكروا انها مشتقة من العزيز. وان كان الاصل من جهة اللغة ان العزى مؤنث الاعز. لكن هكذا ذكروا انها مشتقة من العزيز. فهو الحاد في اه اسماء الله سبحانه وتعالى والعزى ثلاث سمرات يعني شجرات عليها بناء وعليه استار وكانت بنخلة وهي منطقة قريبة من السيف. بين مكة والطائف هذه او هذا الصنم طبعا اختلفوا بعضهم يقول انه ليس في هذا المكان هذا الصنم انما على طريق العراق حينما يخرج الانسان من مكة مصعدا الى العراق وهو على كل حال اقرب تلك الاصنام الى مكة ولذلك كان اعظم الاصنام عند قريش. وكل العرب كانت تعظمه. لكن قريشا اشدهم تعظيما لهم حتى انها جعلت لهذا الصنم حريما كحرم مكة مضاهاة لبيت الله. وجعلوا لهذا الصنم ايضا مكانا هو منحر ينحر فيه لهذا الصنم وينحر فيه لهذا الوثن. واما منات ففي سبب تسميتها بذلك ثلاثة اقوال القول الاول ان مناة مشتقة من المنان. كالعزى واللات وقيل سميت بذلك لكثرة ما يمنى يعني يراق عندها من الدماء. مثل ما قيل لمنى انها منى لكثرة ما يراق فيها من الدماء. وقيل ان مناة اصلها مناءة من الانواء لانهم كانوا آآ يستقسمون بالانواع هناك والمقصود ان هذا القبر والمقصود عفوا ان هذا الوثن كان صخرة بمنطقة تسمى المشلل وهي قريبة من قديد. وقديد معروفة بين مكة والمدينة وهذه كان اه آآ اعظم الناس او اعظم المشركين تعظيما لها هم الاوس والخزرج المقصود ان هذه الاصنام قد ذمها الله سبحانه وتعالى وبين انها لا تستحق ان تعبد وذم المشركين بعبادتهم لها وايضا بالقسمة الجائرة تلك اذا قسمة يعني جائرة. من جهة ان هذه الاصنام قد سموها اسماء الاناث والشأن فيهم احتقار الاناث. فكيف يجعلون ناس اندادا وشركاء مع الله عز وجل. وهذا دليل على انهم ما قدروا الله حق قدره انهم ان يتبعون الا الظن وما تهوى الانفس مناسبة اه هذه الاية للباب هي ان من جملة ما كان يفعل المشركون عند هذه الاصنام التبرك فيكون التبرك بهذه الاصنام من الشرك بالله عز وجل وعليه فمن تبرك بشجر او حجر او قبر فقد وقع فيما وقع فيه المشركون الاولون من الشرك. يعني ان هذا التبرك شرك هذا وجه الاستشهاد او الاستدلال بهذه الاية في هذا الباب. نعم قال وعن ابي واقد الليثي رضي الله تعالى عنه انه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى حنين ونحن ونحن نساء عهد بكفر وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها اسلحتهم يقال لها ذات انواط فمررنا بسدرة فقلنا يا رسول الله اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات انواطا. فقال رسول الله صلى الله الله عليه وسلم الله اكبر انها السنن. قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو اسرائيل لموسى اجعل لنا لا الها كما لهم الهة. قال انكم قوم تجهلون لتركبن سنن من كان قبلكم. رواه الترمذي وصححه هذا الحديث حديث ابي واقد الليثي اخرجه الترمذي واحمد وغيرهما ووصفه ابن القيم رحمه الله في اغاثة الله فان بالثبوت قال الترمذي حسن صحيح وصححه غير واحد من اهل العلم كالشيخ ناصر رحمه الله وغيره وابو واقد الليثي صحابي جليل اختلف في اسمه الى ثلاثة باقوال فقيل الحارث ابن عوف واختار هذا الترمذي وقيل الحارث ابن مالك وقيل عوف بن الحارث. ذكر هذه الاقوال ابن حجر في الاصابة وذكر ايضا انه اختلفوا في وقت اسلامه روي فذكر او فنقل عن البخاري وعن ابن حبان وعن ابي احمد الحاكم انه من اهل بدر وابو عمر ابن عبدالبر انكر ذلك. لكنه قال انه قديم الاسلام ومثله قال ابن سعد وذهبت طائفة من اهل العلم كابي نعيم والزهري واسند هذا الى سنان ابن ابي ينام الذيلي كما قال الحافظ باسناد صحيح انه اسلم عام الفتح قال ابن حجر وهذا هو الراجح ويدل عليه هذا الحديث الذي بين ايدينا لانه لو كان قديم الاسلام لكان هذا مشكلا. الحديث فيه انهم كانوا حدثاء عهد بجاهلية او بكفر. جاء في رواية قال قلت يا رسول الله اجعل لنا ذات انواط. ظاهر من ذلك ان ابا واقب رضي الله عنه انما كان حديث عهد بكفر فلاجل هذا قال ذلك. وآآ ايراده لهذه الجملة له نحن حدثاء عهد بكفر آآ هو من جهة الاعتذار. وبيان السبب لهذه المقولة التي صدرت والمقصود ان ابا واقب يحكي انهم كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ممشاهم الى ثقيف وتعلمون غزوة حنين وما جرى فيها والنصر العظيم الذي حصل للنبي صلى الله عليه وسلم واصحابه بعد ما حصل لهم من الابتلاء والامتحان. المقصود انهم في خروجهم كان هذا في السنة الثامنة في عام الفتح رأوا سدرة عظيمة. جاء في رواية سدرة خضراء عظيمة والمشركون كان لهم سدرة يعكفون عندها وينوطون بها اسلحتهم الذي يظهر والله اعلم ان الذي جرى من المشركين عند هذه السدرة والسدرة هي شجرة النبق الثمرة المعروفة كانوا يفعلون كما يقول اه شاركوا كتاب التوحيد الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله كانوا يفعلون ثلاثة اشياء بها كان شركهم. الاول العكوف والثاني التعظيم والثالث التبرك اما العكوف فانه كان من دين المشركين. انهم يعكفون عند اوثانهم. كما قال الله تعالى عن ابراهيم ما هذه التماثيل التي انتم لها؟ ماذا؟ عاكفون هذا العكوف هو عندهم عبادة وتقرب لاوثانهم والامر الثاني التعظيم. فكانوا بعكوفهم هذا يعظمون هذه الاصناف هذه الاصنام وهذه الاوثان ومن ذلك هذه السدرة. كانوا يعظمونها تعظيما شركيا والامر الثالث التبرك فكانوا بعكوفهم يتبركون يرجون حصول البركة في انفسهم وكانوا يعلقون الاسلحة يعلقون اسلحتهم على هذه الشرف على هذه السدرة جاء بركتها لتكون امضى في القتل ولاجل هذا سميت ذات انواط. من النوط وهو التعليق والمقصود انهم مروا بسدرة تشبه تلك السدرة التي تسمى ذات انواط فقالوا او فقال يا رسول الله اجعل لنا ذات انواط كما لهم ذات انواط طلبوا من الرسول صلى الله عليه وسلم هذا الطلب ان يجعل لهم شجرة يفعلون عندها اناطة الاسلحة تبركا هنا قال النبي صلى الله عليه وسلم الله اكبر كما اورد المؤلف والمؤلف رحمه الله ذكره آآ اورد هذا الحديث وخرجه آآ بعزوه الى الترمذي. مع ان سياق الترمذي آآ يختلف بعض الشيء عما اورد كما نبه على هذا الشارح الشيخ سليمان ولعل الشيخ رحمه الله انما ذكره من حافظته المقصود انه في رواية الترمذي التي عزا اليها الشيخ قال النبي صلى الله عليه وسلم سبحان الله وكلا هذين اللفظين وفي غير الترمذي قال الله اكبر. وكلا هذين اللفظين كانا يقولهما النبي صلى الله عليه وسلم عندما يحصل شيء يستعظمه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ان هذه المقالة كما قال في قوم موسى لموسى اجعل لنا الها كما لهم الهة. حينما مروا على اصنام مروا بمشركين لهم اصنام يعكفون عندها قالوا هذه المقالة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذه كمقالة قوم موسى لموسى. اجعل لنا الها كما لهم اله ثم قال انها السنن لتركبن سنن ويجوز سنن يعني سنن طرق من كان قبلكم هذا الشطر من الحديث جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث ابي سعيد ومن حديث ابي هريرة يريده المؤلف رحمه الله في باب ما في ان بعض هذه الامة يعبد الاوثان وهذا الحديث يدلك على ان التبرك فعل شركي التبرك كالذي يفعله المشركون فعل شركي اهل العلم قد اختلفوا في هذا الحديث من جهة توجيهه فقال بعض اهل العلم ان الصحابة انما طلبوا من النبي صلى الله عليه وسلم ان يجعل لهم هذه الشجرة او السدرة يعكفون عندها او ينوطون بها الاسلحة. فاذا اذن لهم بذلك فقد صارت مباركة فكأنهم ارادوا ان يسأل الله ان يجعل هذه السدرة مباركة فتكون مباركة وامام الدعوة رحمه الله في بعض اجوبته في الدرر السنية؟ اجاب بجواب قريب من هذا وهذا والله اعلم فيه نظر من جهة التغليظ الذي حصل من النبي صلى الله عليه سلم فقد اقسم النبي صلى الله عليه وسلم فقال والذي نفسي بيده لقد قلتم كما قال بنو اسرائيل لموسى اجعل لنا الها النبي صلى الله عليه وسلم اقسم ان المقالة شبيهة بالمقالة وهذا لا يناسب مقاله وتوجيه اخر مال اليه المؤلف رحمه الله في هذا الكتاب في مسائله فانه ذكر في المسائل ان الشرك منه اصغر واكبر وان الصحابة قال لان الصحابة لم يرتدوا. فظاهر هذا انه يميل الى ان ما صدر من الصحابة هو من الشرك الاصغر. يعني ان هذا الطلب انما هو كن اصغر لانهم لم يفعلوا قال لانهم طلبوا ولم يفعلوا والتوجيه الثالث هو ان ما طلبه الصحابة رضي الله عنهم هو من الشرك الاكبر وهذا مال اليه المؤلف رحمه الله في كتابه كشف الشبهات ولكن بين انهم لم يكفروا بذلك لوجود العذر وهو الجهل. فانهم كما جاء في الحديث كانوا حدثاء عهد بكفر. فلاجل هذا لم يكفروا وهذا قد مال اليه بعض ائمة الدعوة ورجحه غير واحد من العلماء المحققين منهم سماحة الشيخ ابن باز في تعليقه على فتح المجيد والمقصود من ذلك لا شك ان هذا القول يقويه من جهة الحديث كون النبي صلى الله عليه وسلم اقسم ان هذه المقالة كما قال في بني اسرائيل وبنو اسرائيل طلبوا ان يجعل لهم اله والاله هو الذي يعبد والنبي صلى الله عليه وسلم بين اذا ان هذا الطلب هو طلب لاله يعبد من دون الله عز رجل هذا ظاهر الحديث وانما لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم وانما لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بتجديد الاسلام للعذر الذي كان لهم وهو انهم كانوا حدثاء عهد بكفر. المدة قريبة ولم تبصروا بذلك والا فكبار الصحابة وقدماء الصحابة لم يكونوا ممن طلب هذا الطلب اشاهد من هذا الحديث اثبات ان هذا التبرك على ما كان يفعله اهل الجاهلية شرك بالله سبحانه وتعالى وبه تعلم ان ما هو حاصل في كثير من بلاد المسلمين هو من اعظم الشرك لله عز وجل فانه اذا كان تعليق اسلحة على شجرة رجاء لبركتها هو اتخاذ اله مع الله فكيف بما هو اعظم واضم؟ كالذي يحصل عند قبور كثير من الاولياء والصالحين من دعاء واستغاثة وذبح وطواف ناهيك عن التمسح وطلب البركة وهذا يدلك على ان الشرك الذي وقع عند المتأخرين اعظم واغلق من الشرك الذي وقع عند المتقدمين وهذا الحديث ايضا فيه فائدة عظيمة وهي خطر الشرك وان الشيطان من احرص ما يكون على ايقاع الناس فيه وفيه ايضا التنبيه على ان المنتقل من الباطل الى الحق لا يؤمن ان تبقى معه بقية ونبه على هذا امام الدعوة رحمه الله في مسائل هذا الباب فينبغي ان يلاحظ هذا المهتدي ذلك في نفسه وان يلاحظه من حوله ايضا وايضا هذا الحديث يدلك على اهمية العناية بالتعليم. تعليم التوحيد وتعلمه والعكوف عليه. كما قال امام الدعوة في كشف الشبهات في بيان ما يستفاد من هذا الحديث قال سيفيد التعلم والتحرز. وان قول الجهال التوحيد فهمناه من اعظم الجهل ومكائد الشيطان هذا الذي يريده الشيطان ان الناس اه ينصرفون عن التوحيد عن تعلمه ودراسته فيسهل حينئذ دخول الشر والشرك اليهم. التوحيد سهل مفهوم. ليس هناك حاجة الى ان نعتني به. نعم اصوله واضحة ومفهومة ومعلومة. لكن ثمة تفاصيل وثمة مسائل قد تخفى على بعض الصالحين. وقد تخفى على بعض الافاضل. صحابة مع رسول الله عليه الصلاة نعم وسيوفهم في ايديهم يريدون الجهاد والقتال يبذلون مهجهم في سبيل الله عز ومع ذلك خفيت عليهم هذه المسألة. فكيف بمن دونهم في العلم والفضل وعلى كل حال الكلام عن هذا الحديث في الحقيقة يطول وفيه ابحاث كثيرة وفيها ايضا ما يتعلق حصول علم من اعلام نبوته عليه الصلاة والسلام الا وهو اتباع هذه الامة في سنن الامم قبلها لا سيما اليهود والنصارى وهذا سيأتي لهم ان شاء الله بحث في الباب الذي ذكرته نعم قال رحمه الله تعالى بعض ما جاء في الذبح لغير الله. وقول الله تعالى قل ان صلاتي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. نعم. قال المؤلف رحمه الله باب ما جاء في الذبح لغير الله يعني من التهديد والوعيد والاثم الذبح لله عز وجل عبادة عظيمة. يجتمع فيها تعظيم الله واظهار الافتقار اليه وحسن الظن به والانفاق في سبيله وقد دل على انه عبادة جملة من الادلة. منها ما اورده المؤلف رحمه الله من قول الله عز وجل قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له فتلاحظ ان الله عز وجل بين ان النسك لله سبحانه هو الذبح كما قال تعالى ففدية من صيام او صدقة او نسك يعني ذبيحة فالله عز وجل بين ان هذه العبادات الصلاة والنسك وما يكون في الحياة فمن الاعمال وما يكون عند الموت فالنطق بالشهادة لله. واللام هنا هي لام استحقاق فالذي يستحق هذه الامور هو الله عز وجل. وهذا يدلك على ان هذا الذبح وما جاء معه عبادات لا تستحق الا لله عز وجل. وتدل الاية ايضا على ان صرف شيء من ذلك لغيره شرك به. لانه قال لا شريك له. فمن صرف ذبحه او صلاته لغير الله عز وجل فقد اتخذ شريكا مع الله وهذا حقيقة الشرك ويدل على ذلك ايضا قوله تعالى في الاية الثانية التي اوردها المؤلف فصلي لربك وانحر ووجه الدلالة على ان النحر عبادة هو ان الله عز وجل امر بها فقال وانحر اضف الى هذا قرن النحر بالصلاة. والصلاة من اعظم انواع العبادة وامر ثالث وهو ان الله عز وجل بين وجوب الاخلاص. امر بالاخلاص في ذلك. فقال فصلي لربك وانحر وتقديم هذا اللفظ هنا يعني ولا تنحر لغيره. انحر له ولا تنحر لغيره والمقصود ان النحر عبادة عظيمة وطاعة جليلة وعليه فان صرفها لغير الله شرك وهذه قاعدة مطردة كل ما ثبت انه عبادة تصرف لله فان صرفها لغيره شرك وبذلك تعلم ان معرفة كون الشيء شركا ترجع الى دلالتين الاولى التنصيص على ان هذا الشيء شرك والثاني الدلالة على ان هذا الشيء عبادة يعني الدليل على ان الفعل الشركية شرك هذا واحد الثاني الدلالة ان تدل الادلة على ان فعلا ما عبادة. وبالتالي فصرف هذه عبادة لغير الله شرك وهذه قاعدة مطردة. فكل ما ثبت في النصوص انه عبادة فان هذا دليل على ان صرفه لغير الله شرك. فان الاجماع المعلوم من الدين بالضرورة ان صرف العبادة لغير الله شرك. وبذلك لا يقولن قائل ما الدليل؟ على ان النذر لغير الله شرك. الذبح لغير الله شرك. الاستعاذة بغير بغير الله نقول الدليل على ذلك ثبوت ان هذه الافعال عبادات وبالتالي فصرفها لغير شرك بالاجماع المعلوم من الدين بالضرورة الذبح لغير الله الذبح لغير الله كما اسلفت شرك بالله عز وجل. والمقام يحتاج الى تفصيل وتبيين فان الذبح في الجملة يرجع الى ما يأتي. اولا ان يذبح بسم الله لله ان يذبح الذابح بسم الله لله. وهذا توحيد. جمع فيه الانسان بين الاستعانة بالله والتقرب اليه. اياك نعبد واياك نستعين. وهكذا كان يفعل عليه الصلاة والسلام وقد ثبت عند ابي داوود ان النبي صلى الله عليه وسلم لما ذبح قال اللهم هذا منك واليك عن محمد وامته بسم الله والله اكبر فتلاحظ انه جمع بين التعبد والتقرب اليك لا الى غيرك وهذا هو توحيد والاستعانة بالله وحده. فقال بسم الله وانواع الذبح التي تكون طاعة معلومة عندكم. فالاضحية والهدي والفدية والعقيقة وذبح النذر كلها طاعات لله سبحانه وتعالى يكون الذبح فيها طاعة. يتقرب الانسان الى الله عز وجل باراقة الدم الحالة الثانية ان يذبح بسم الله لغير الله وهذا شرك في العبادة كالذين يذبحون ويهلون باسم الله لكن قصدهم غير الله. يذبحون للجن يذبحون للاولياء يذبحون آآ الاصنام وما شاكل ذلك وهذا الناس فيه آآ اسباب وعلل رغبة او رهبة كالذي يذبح عند الولي الفلاني راجيا ان ينظر اليه بعين الشفقة فيقضي حاجته او يرفع الى الله عز وجل او يشفع عنده وما شاكل ذلك. وقد يكون عن رهبة. فكثير من هؤلاء المشركين الذين اذا نزلوا منزلا او ابتنوا بيتا فانهم يذبحون للجن تقربا اليهم حتى لا فيؤذيهم خوفا منهم. حتى لا يؤذوهم خوفا منهم. وقد يكون على سبيل التعظيم كما يحصل عند بعض الناس انهم اذا قدم اليهم عظيم من عظمائهم او زعيم او رئيس فانهم يذبحون عند مقدمه. ويريقون الدم عند مروره تقربا وتزلفا اليه وتعظيما له. وهذا كله شرك بالله عز وجل التعظيم بالذبح والتقرب به لا يجوز الا لله عز وجل فصرفه لغيره شرك. الحالة الثالثة ان يذبح باسم غير الله لله. وهذه صورة نادرة. وقد لا تقع لكن ذكرتها تتمة للقسمة. وهو انه يذبح باسم غير الله. وقصده ان تكون لله وهذا ايضا شرك في الاستعانة. الحالة الرابعة ان يذبح باسم غير الله لغيره وهذا جمع بين الشركين الشرك في الاستعانة والشرك في العبادة والشرك في العبادة اعظم النوعين وكله شرك حالة خامسة وهي ان يذبح بسم الله لغرض مباح يعني لا يتعبد لله باراقة الدم. انما يذبح بسم الله لغرض مباح او لغرض مشروع. كأن يذبح ليطعم اهله اللحم او يذبح اكراما لضيف او يذبح لاجل ان يتصدق باللحم للفقراء وامثال ذلك هذا فيه توحيد من جهة الاستعانة فهو اهل بسم الله وهذا شرط او واجب في حل الذبيحة على الخلاف بين الفقهاء في ذلك. كما قال الله عز وجل ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليكم. فكلوا مما ذكر اسم الله عليه اما من جهة الذبح فالذبح ها هنا مباح والفرق بين الاحوال الاربع الاولى وهذه الحال الخامسة هو ان الذبح في الاحوال الاربع مقصود لذاته. واما اللحم فتبع. واما في الحالة الخامسة المقصود هو اللحم والذبح تبع. ولذلك يكتفى في الذبح بان يكون اهلالا باسم الله وبه يطيب اللحم ويزكو ويمكن ان يقال ان هناك حالة سادسة وهي ان يهل باسم غير الله لغرض وهذا ايضا شرك في الاستعانة وهو واظح بما سبق. المقصود ان الذبح في الاحوال الماظية شرك بالله سبحانه وتعالى من فعل ذلك فانه قد اشرك بالله تبارك وتعالى نعم قال رحمه الله تعالى وقوله فصل لربك وانحر نعم. عن علي رضي الله تعالى عنه انه قال حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم باربع كلمات. لعن الله من ذبح لله لعن الله من لعن والديه لعن الله من اوى محدثا لعن الله من غير منار الارض رواه مسلم هذا الحديث الذي رواه علي رضي الله عنه وذكر فيه الاربع كلمات التي سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلها فيها دعاء باللعن وهو الطرد والابعاد عن رحمة الله. لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من اوى محدثا ولعن الله من غير منار الارض والشاهد ووجه المناسبة يتعلق بالشطر الاول من الحديث. وهو لعن من ذبح لغير الله ولا شك ان هذا الاسلوب من دلائل النهي والتحريم بل وانه محرم غليظ او من الكبائر. والادلة والقواعد الاخرى دلت ان هذه الكبيرة تصل الى درجة الشرك والعياذ بالله. ومن ذبح لغير الله متقربا لغير الله مهلا باسم غير الله لا شك انه اهل للعنة والطرد والابعاد عن رحمة الله عز وجل. نعم قال رحمه الله تعالى وعن طارق بن شهاب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دخل الجنة رجل في ذباب ودخل من نار رجل في ذباب قالوا وكيف ذلك يا رسول الله؟ قال مر رجلان على قوم لهم صنم لا يجاوزه احد حتى يقرب له شيئا. قالوا لاحدهما قرب. قال ليس عندي شيء اقرب. قالوا له قرب ولو ذبابا فقرب ذبابا فخلوا سبيله فدخل النار. وقالوا للاخر قرب. قال ما كنت لاقرب لاحد شيئا دون الله عز وجل فضربوا عنقه فدخل الجنة. رواه احمد هذا الحديث حديث طارق بن شهاب البجلي وقد اختلف اهل العلم فيه فمنهم من قال ان له رؤية للنبي صلى الله عليه وسلم وليس له رواية عنه منهم من اثبت له الرؤية والرواية ومهما يكن من شيء فروايته اما ان تكون محمولة على والاتصال كشأن جل الصحابة او تكون روايته من جملة مراسيل الصحابة وهي مقبولة وهذا الحديث قد اورده المؤلف معزولا لاحمد مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم. ولعله كان ذلك منه متابعة كان متابعة لابن القيم رحمه الله فانه عزاه لاحمد مرفوعا في كتابه الجواب الكافي او الداء والدواء. وهو موجود في الزهد لاحمد اخرجه احمد في الزهد و بطش في المسند وليس موجودا فيه كما قال غير واحد الشيخ سليمان وغيره وقد اخرجه احمد في الزهد عن طارق بن شهاب عن سلمان الفارسي موقوفا عليه. وليس وهل ما نقله ابن القيم وتابعه عليه الامام محمد هل كان منه لانه وقف على ذلك في نسخة او هو وهم منه الله عز وجل اعلم. لكن الموجود في الزهد هو انه موقوف على سلمان رضي الله عنه وقد يقال يقال ان هذا له حكم الرفع من جهة الاخبار بامر غيبي. اسناد هذا الاثر صحيح وفيه اخبار بامر غيبي دخول الجنة ودخول النار هذا امر غيبي. ومثله لا يقال الا عن توقيف. والمقصود ان هذا ان لم يكن مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم فان له حكما الرفع هذا الحديث فيه ذكر شيء عجيب ولذلك تعجب منه الصحابة رضي الله عنهم وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبر ان رجلا دخل الجنة في ذباب وان رجلا دخل النار في ذباب فتعجب الصحابة من ذلك وسألوا كيف يكون؟ فاخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم ان قوما من المشركين كان لهم صنم لا يجاوزه احد حتى يقرب شيئا. لا يمكن ان يجاوز انسان في الطريق او يجاوز هذا الطريق حتى يقرب شيئا لهذا الصنم. اما الاول فانهم قالوا له قرب. فقال ما كنت لاقرب ففقال ما عندي فيما اقرب؟ تعلل بانه لا يجد شيئا يقربه فقيل له قرب ولو ذباب. هذا الحيوان او هذا الطائر الذي هو احقر طائر واقذره فقربه مات بعد ذلك فدخل النار خلوا سبيله وجاوز ثم مات بعد ذلك ودخل النار. واما الاخر فانه قد عظم عنده توحيد الله عز وجل وعظم عنده ان يشرك بالله عز وجل فقال ما كنت ليقرب شيئا دون الله فقتلوه فدخل الجنة. وهذا فيه فضيلة الصلابة في الدين وان يكون الشرك في قلب الانسان اعظم ما يكون كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وان يكره ان يعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في النار وهذا دليل على عظيم التوحيد والايمان في النفس وهذا الحديث الشاهد منه ان الذبح لغير الله شرك يستحق به صاحبه دخول النار واستشكل اهل العلم هذا الحديث من جهة ان هذا الذي قرب صورته صورة مكره فكيف يدخل النار؟ لاهل العلم في هذا توجيهات منهم من قال ان الرجل كان كافرا اصلا حرم التوفيق للاسلام بسبب هذا الفعل فدخل النار وهذا بعيد لان النبي صلى الله عليه وسلم بين ان الرجل قد دخل في ذباب في هنا للتعليم يعني بسبب هذا الذباب دخل النار. وهذا يدلك على انه كان في الاصل مسلما ولم يكن كافرا وقيل وهذا التوجيه اقوى ان اه العذر بفعل الكفر او قوله انما هو من جملة الاثار التي عن هذه الامة امة محمد صلى الله عليه وسلم. بمعنى ان الامم السابقة لم يكن يحل لهم ان يفعلوا الكفر او يقولوه حتى في حال الاكراه اما يعني قد يقول قائل فماذا يقال؟ في حق الرجل الذي قال اه اه عفوا هذا يدلك يعني مما يؤيده ان الرجل الاخر لم يقرب وكان بامكانه ان يترخص فدل هذا على ان الرخصة المكره لم تكن في شريعته. ويشهد لهذا ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. في عدد من الاحاديث مخرجة في السنن والمعاجم وغيرها ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله تجاوز عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه فالظاهر من هذا والله اعلم ان هذا من خصائص هذه الامة وهو ان الاكراه يسقط الاثم ويكون سببا للرخصة وهذا ما لم يكن في الامم السابقة. فهذا الرجل الذي قرب ذبابا وقع في الكفر لانه لا يجوز له ان يقرب ذلك ولو كان فيقتل بعد ذلك. الوجه الثالث وهو قوي او اقوى. ان هذا الرجل لم يكن مكرها بمعنى ان حكم الاكراه لم ينطبق عليه. فكان يمكنه ان يرجع فلا اه يشرك بالله عز وجل ويرجع ويكتفي شر هؤلاء ولا يشكل على هذا ان يقال انه لا يمكنه ان يرجع بدليل ان الرجل الاخر قد قتل لانه يمكن ان يقال ان الرجل الثاني انما قتل لاجل انه انكر عليهم واهان حينما قال ما كنت لاقرب شيئا آآ دون لغير الله سبحانه وتعالى او دون الله عز وجل فيكون قتله لاجل ذلك. ويؤيد هذا ان الرجل انما تعلل بانه لم يجد شيئا يقربه. فقال ما عندي ما اقرب ويؤيده ايضا انه جاء في الحديث فقرب ذبابا. ما قال فذبح ذبابا. لاجل انه يكون احتمال انه ذبح على الجهة الاكراه وانما قال قرب. فكأنه والله اعلم قد انشرح صدره بالكفر حينما قيل له قرب انشرح صدره بالكفر فقرته ثم بعد ذلك آآ ختم له بهذا الامر فمات عليه والعياذ بالله فكان سببا في دخوله النار. والله عز وجل اعلم. نعم قال رحمه الله تعالى باب لا يذبح لله بمكان يذبح فيه لغير الله. نعم وقول الله تعالى هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله اه يكون تبعا للباب السابق. وهذا النهي هو من النهي عن الوسائل بعد النهى عن الامور المقصودة لذاتها وهو ان يذبح لغير الله نهى عن سبب من الاسباب التي ادي الى ان يذبح لغير الله وهو ان يذبح لله في مكان يذبح فيه لغيره. وهذا الامر لا شك انه محرم لا يجوز دل عليه ما سيأتي من الاية والحديث نعم وقول الله تعالى لا تقم فيه ابدا. لا تقم فيه ابدا. هذا النهي الذي نهى الله اه فيه رسوله صلى الله عليه وسلم ان يقوم وان يتعبد في مسجد الضرار. لانه مسجد اسس على المعصية. اسس على اغراض خبيثة. كما بين الله عز وجل ذلك والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وآآ والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وارصادا لمن اه عرب الله. حارب الله ورسوله. فهذه اغراض خبيثة لاجلها نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ان يقوم في هذا المكان عدم المشابهة والمشاركة. والقياس الصحيح يقتضي ان لا يذبح لله في مكان يذبح فيه لغيره. لانه مكان مؤسس على المعصية والشرك. وهذا قياس صحيح ويدلك على دقة فهم الامام رحمه الله. كما انه لا يجوز ان يتعبد في ذاك المسجد لانه مؤسس على معصية فكذلك لا يجوز ان يذبح لله ويتعبد له بالذبح في مكان يشرك فيه بالله سبحانه وتعالى. وصورة ذلك ان يذهب انسان بذبيحته الى مكان يقصده المشركون بالذبح لغير الله كأن يذبحوا عند الصنم او عند قبر فيأتي ويذبح معهم ولكن قصده ان يذبح لله سبحانه وتعالى. هذه الصورة محرمة لا تجوز. قال الله عز وجل لا تقم فيه ابدا. نعم قال عن ثابت ابن الضحاك رضي الله عنه انه قال نذر رجل ان ان ينحر ابلا ببوانة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل كان فيها وثن من اوثان الجاهلية يعبد؟ قالوا لا. قال فهل كان فيها عيد من اعيادهم قالوا لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اوف بنذرك فانه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا في ما لا يملك ابن ادم. رواه ابو داوود واسناده على شرطهما. حديث ثابت رضي الله عنه دليل على انه لا يجوز ان يذبح لله بمكان يذبح فيه لغيره. ووجه ذلك ان هذا الرجل الذي نذر ان يذبح ابلا له ببوانة. وبعضهم يجوز الفتح بوانه. واختلفوا على قولين منهم من يقول انها موضع قريب من يلملم الذي هو ميقات اهل اليمن. وبعضهم يقول هو منطقة مرتفعة او هضبة آآ بعد ينبع وهي معروفة الى الان في طريق آآ الساحل الشمالي المقصود ان هذا الرجل لما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن وفائه بهذا النذر استفسر النبي صلى الله عليه وسلم هل هذا المكان قد كان فيه لاهل الجاهلية وثنوا يعبد يعبدونه وبالتالي فلا يجوز لا يجوز ان تذبح في هذا المكان الذي كان فيه وثن يعبد من دون الله عز وجل. او كان فيه عيد من اعيادهم. والعيد ما يعاد ويتكرر عوده من زمان او مكان. وكانوا يمارسون في اعيادهم المكانية والزمانية طقوس فهم ومن ذلك الذبح لغير الله عز وجل. فدل هذا على ان الذبح في هذه الامكنة التي يحصل فيها الشرك بالله عز وجل معصية لله. بدليل انه قال في الحديث فانه لا وفاء لنذر في معصية الله وهذا هو الشاهد من الحديث. لا نذر لمعصية لا وفاء لنذر في معصية الله. ولا فيما لا يملك ابن ادم. فسيأتي ان شاء الله بحث مسألة النذر لاحقا ان شاء الله المقصود ان الذبح لله بمكان يذبح فيه لغيره لا يجوز. ويترتب عليه من المفاسد ما يأتي اولا ان في هذا وسيلة للوقوع في الشرك او البدعة ووجه ذلك انه ان ذبح في هذا المكان الذي يذبح فيه لغير الله قد يوسوس له الشيطان بان هذا الوثن او هذا الصنم يستحق ان يذبح له والشيطان له خطوات وله وساوس في النفوس. فتكون اه فيكون هذا الذبح وسيلة للوقوع في الشرك. او يوسوس له ان الذبح في هذا المكان له فضيلة. وهذا بدعة. الامر الثاني ان في هذا الذبح ففي هذا المكان تعظيما لشعائر الكفر. والمسلم مأمور بان يعظم شعائر الى الله ومن يعظم شعائر الله وليس شعائر الكفر الامر الثالث ان هذا الفعل فيه اغراء للجهال بالشرك فاذا رآه الجهال والاغمار فانهم قد يستحسنون ان يذبح لغير الله. وذلك ان صورة الفعل واحدة والاختلاف انما هو في النية. والنية الاطلاع عليها. فيظن الجهال حينما يرون في مذابحا في هذا المكان انه يجوز ان يذبح لغير الله. الامر الرابع ان في هذا الفعل تقوية للمشركين. والمطلوب الا يكفر سوادهم وان لا تشد ظهورهم بل الواجب ان يغاظ الكفار والمشركون ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار وليس ان يكفر المسلم سوادهم عياذا بالله. ايضا من المفاسد وهو الامر الخامس ان ذلك يدعو الى اساءة الظن يساء الظن به لانه اذا رآه الناس يذبح في هذا المكان لربما ظنوا انه يقع في الشرك والذبح لغير الله لاستواء الامر في الظاهر. والمفسدة السادسة ان في هذا الفعل تشبها بالكفار من جهة سورة الفعل. ولا شك ان التشبه كفار ولو في صورة الفعل لا يجوز. من تشبه بقوم فهو منهم. فكيف والتشبه في الظاهر وسيلة الى التشبه في الباطن فهذا كله يدلك على ان هذا الفعل محرم لا يجوز. ويجب ان ينأى الانسان بنفسه عنه. والله عز وجل اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه. السلام عليكم