بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام الامام المجدد محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب من الشرك ان استغيث بغير الله او يدعو غيره. الحمد لله رب العالمين. اللهم صلي على محمد وازواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا. اما بعد يقول المؤلف رحمه الله باب من الشرك ان يستغيث بغير الله او يدعو غيره. هذا الباب معقود لبيان حكم الاستغاثة غير الله ودعاء غيره. وان ذلك من الشرك الاكبر فمن هنا تبعيضية يعني من انواع الشرك والشرك ها هنا هو الشرك الاكبر. المخرج من الملة. ان يستغيث الاستغاثة هي طلب الغوث. والغوث هو ازالة ده وعليه فالاستغاثة هي طلب ازالة الشدة او يدعو غيره. الدعاء في اللغة هو الطلب وهو مخصوص بطلب معين غالبا. الا وهو طلب الادنى من الاعلى. كما قال صاحب السلم المنورق امر مع استعلاء وضده دعاء. وفي التساوي فالتماس وقع. اذا الدعاء طلب الادنى من الاعلى. والعلاقة بين الاستغاثة والدعاء هي العموم والخصوص المطلق. بمعنى ان كل استغاثة فهي يا دعاء وليس كل دعاء استغاثة. وذلك ان الاستغاثة ان ما تكون من المكروب يعني من وقع في شدة وكرب عظيم. واما الدعاء فانه اعم من ذلك سيكون من المكروب ويكون من غيره. وعليه فان عطف الدعاء على الاستغاثة من باب عطش العام على الخاص. كقول الله عز وجل يا ايها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم. بين المؤلف رحمه الله ان من الشرك ان يستغاث بغير الله وان يدعى غير الله عز وجل وهذه القضية هي مما لا شك فيه ولا ريب. والاجماع القطعي من دين الله عز وجل الدلائل المتكاثرة من الكتاب والسنة كلها دالة على ان غير الله شرك اكبر مخرج من الملة. واذا لم يكن دعائي واذا لم يكن دعاء او غير الله شركا فليس في الارض شرك. والادلة الدالة على ان دعاء غير الله شرك واكثر بكثير من الادلة التي دلت على ان السجود او الركوع او الذبح لغير الله شرك وهذه الادلة تبلغ العشرات لا يقال هذا على سبيل المبالغة بل هذا هو الواقع ويمكن ان تقسم تلك الادلة لكثرتها الى مجموعات اولا الادلة الادلة التي فيها التصريح بان دعاء غير الله شرك. ومن ذلك قول الله عز وجل قل ارأيتكم ان اتاكم عذاب الله او اتتكم الساعة اغير الله تدعون ان كنتم صادقين؟ بل اياه تدعون في كشف ما تدعون اليه ان شاء وتنسون ما تشركون. وقال الله عز وجل ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به جزاك الله خير فانما حسابه عند ربه ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه انه لا يفلت الكافرون. وقال جل وعلا ان تدعوهم لا يسمعوا دعائكم. ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم. قال تعالى له دعوة الحق. والذين يدعون من من دونه لا يستجيبون لهم بشيء الا كباسط كفيه الى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغ وما دعاء والكافرين الا في ضلال. قال تعالى قل انما ادعو ربي ولا اشرك به احدا. قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين. فلما جاهم الى البر اذا هم يشركون. الى غير ذلك من الادلة التي جاء التصريح فيها بان دعاء غير الله شرك وكفر. النوع الثاني من الادلة الادلة التي فيها التصريح بان دعاء عبادة وعليه فيكون صرف هذه العبادة لغير الله شرك. من ذلك قول الله عز وجل عن ابراهيم عليه السلام واعتزلكم وما تدعون من دون الله لاحظ انه ذكر الدعاء واعتزلكم وما تدعون من دون الله وادعو ربي عسى ان لا اكون بدعاء اي ربي شقيا ثم قال فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله. اذا الدعاء عبادة قال تعالى ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وهم عن دعائهم واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين. قال تعالى وهذا مضمن في حديث احمد رواه الترمذي للحديث النعمان رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الدعاء هو العبادة ثم آآ تلى قول الله عز وجل وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين تدعون ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين فالاية صريحة ان الدعاء عبادة وان اه والحديث دال ايضا على ان الدعاء هو العبادة. ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم الدعاء هو العبادة يعني انه افضل انواع العبادة. يشهد لهذا ما خرجه الحاكم باسناد حسن. عن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال افضل العبادة هو الدعاء. ثم تلا هذه الاية التي سبقته. وحديث النعمان السابق حديث صحيح صححه الترمذي والحاكم والنووي والسخاوي والالباني وجوة اسناده الحافظ ابن حجر وغيرهم من اهل العلم. ايضا من الادلة وهي او وهو النوع الثالث من الادلة التي تدل على النهي عن دعاء غير الله وانه الادلة التي فيها وصف الدعاء بانه الدين. واذا كان دينا فصرفه لغير الله شرك. قال تعالى فاذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين النوع الرابع الادلة التي فيها توعد من دعا غير الله بالعذاب والهلاك ومن ذلك قول الله عز وجل فلا تدعوا فلا تدعوا مع الله الها اخر فتكون من المعذبين ومن يدعو مع الله الها اخر لا برهان له به فانما حسابه عند ربه. وقال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري من حديث ابن مسعود من مات وهو يدعو من دون الله ندا دخل النار النوع الخامس الادلة التي فيها وصف دعاء غير الله بانه ضلال وهذا كما قال جل وعلا ومن اضلوا ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. الجواب بالتأكيد لا احد وسيأتي الحديث عن هذه الاية عند شرح ما اورد المؤلف في هذا الباب ايضا قول الله عز وجل يدعو من دون الله ما لا يضره وما لا ينفعه ذلك هو الضلال البعيد السادس وصف دعاء غير الله بانه ظلم. قال جل وعلا ولا تدعو من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك اذا من الظالمين. والظلم هنا لا شك انه الاكبر. ان الشرك لظلم عظيم والكافرون هم الظالمون. النوع السابع وصف دعاء غير الله بانه شطط لن ندعو من دونه الها لقد قلنا اذا شططا. ومعنى شططا يعني قولا بالغا في الكذب والبطلان والغلو. النوع الثامن الادلة التي فيها الامر بدعاء الله وحده. قل انما ادعو ربي. قال صلى الله عليه وسلم كما في حديث ابن اذا سألت فاسأل الله. النوع التاسع الادلة التي فيها عن دعاء غير الله عز وجل ومن ذلك قول الله عز وجل ان المساجد لله فلا تدعو مع الله احدا. هذه جملة من النصوص التي تدلك على ان دعاء غير الله محرم بل من اعظم المحرمات بل من الشرك والكفر بالله عز وجل. وانه من اعظم الضلال. ولا شك في هذا ولا ريب. فان الشرك في الدعاء اعظم واكثر ما يقع من شرك المشركين. حتى ذكر ابن القيم رحمه الله والله ان الشرك في الدعاء اصل شرك العالم. هذه للقضية قضية اجماعية لا شك فيها. وقد نقل الاجماع على ذلك كثير من اهل العلم من المذاهب الاربعة ومن غيرها. ان من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويسألهم فقد كفر وخرج من ملة الاسلام. وهذا من الاجماع المعلوم من دين الله بالضرورة. ويا لله العجب يذهل وكيف يضل عن هذا الحق المستدين؟ اناس يزعمون الانتساب الى الاسلام ثمان السنتهم لا تنفك عن دعاء غير الله بل وينظرون ويؤطرون لجواز دعاء غير الله عز وجل فما اعظم هذا الضلال! انواع من الادلة! وليس ادلة وليس دليل. بل انواع من الادلة بانواع من الدلالات كلها دالة على عظم وخطر دعاء غير الله وان صاحبه قد اشرف على حفرة من السعير والعياذ بالله. ثم بعد ذلك ينصرف عن هذا كله اما الى دليل لا يصح او الى دلالة لا تصح. وهكذا سائر شبه اهل الضلال في سائر مسائل التوحيد. لا تخرج عن هذين الامرين. ومن ذلك هذا الباب اما دليل لا يصح. ضعيف بل مكذوب موضوع. اذا اعيتكم الامور فالجأوا الى اهل القبور حديث مكذوب موضوع على رسول الله صلى الله عليه وسلم. او خطأ في الدلالة كقوله تعالى فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه. اين هذا؟ اعني الاستغاثة؟ طلب اوه من حي حاضر قادر. بالنسبة الى ما يقع من هؤلاء المشركين. الذين يلجأون الى القبور والى الاظرفة والى الاولياء والى الانبياء يهتفون باسمهم ويستغيثون بهم تضرع نفوسهم اليهم ويسألونهم قضاء الحاجات ويسألونهم كشف الكربات بل تجاوز ذلك الى ما هو اعظم من ذلك حتى خلعوا عليهم صفات الربوبية فصاروا يسألونهم تثقيل ميزان ويسألونهم الغفران. نسأل الله العافية والسلامة. وهذا الامر قد كثر او هذا الامر قد كثر عند هؤلاء المشركين والعياذ بالله امتلأ به نثرهم وامتلأ ابه شعرهم حتى ان شرك هؤلاء اصبح شرك الاولين بالنسبة له قاصرا وهو والله لا اغلظ واعظم واشد من شرك الاولين. الاولون قالوا ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. اما هؤلاء فجعلوا تدبير هذا الكون كله بيد هؤلاء الاولياء والصالحين الذين يستغيثون بهم دون الله عز وجل. يقول احدهم ويا بئس ما قال يا رسول والله يا ذا الفضل يا بهجة في الحشر قدرا ومقاما. عد على عبد الرحيم الملتجي في فيما فضلك يا غوث اليتامى نسأل الله العافية. واقلني عثرتي يا سيدي في اكتساب الذنب في خمسين نعامة بالله ماذا ابقى هذا لربه؟ امور الدين والدنيا والاخرة كلها كلها مصروفة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فبالله ماذا ابقى هذا لربه؟ وهل كان شرك المشركين يوازي او يقرب من هذا الشرك العظيم. نسأل الله العافية والسلامة. وان شئت فارجع الى كتب ائمة التوحيد لترى من هذه النماذج المظلمة الشيء الكثير والعياذ بالله. كما اورد حفيد المؤلف الشيخ سليمان في التيسير نبذة من ذلك تطلعك على ان هذا الشر العظيم امر منتشر مستطير والعياذ بالله والمقصود ان هذه القضية العظيمة ينبغي ان يضبطها طالب العلم ضبطا الثمن لان هذا النوع من الشرك من اكثر انواع الشرك انتشارا ووقوعا في هذه الامة وهذا يجعلنا نلج الى مسألة مهمة وهي ما ضابط الدعاء الشركي لا شك ان ليس كل ليس كل دعاء او ليس فكل طلب لغير الله يكون شركا. بل المسألة منضبطة عند اهل العلم بما يأتي ضابط الدعاء الشركي هو احد ثلاث سور. الصورة دعاء الميت مطلقا. سواء اكان عند قبره او كان بعيدا عنه سواء اطلبه ما كان قادرا عليه في حياته او ما لم يكن قادرا عليه واولى من ذلك دعاء الاحجار والاشجار. الصورة الثانية دعاء الحي الغائب مطلقا. سواء اكان ذلك فيما هو قاد عليه لو كان حاضرا او لم يكن الامر كذلك. ومن هذا الباب يدخل ايضا دعاء الجن والملائكة. لانهم في حكم الغائب بالنسبة للانسان الصورة الثالثة دعاء الحي الحاضر فيما لا يقدر عليه الا الله عز وجل. هذه الصور هي التي تجمع لك اطراف الشرك في الدعاء. وبناء عليه فيكون طلب او سؤال شيء من حي حاضر قادر ليس من الشرك. وهذا له نصوص كثيرة ومنها الاية التي تستدل بها هؤلاء المشركون فاستغاثوا الذي من شيعته على الذي من عدوه ومما يبين لك ان هذه الانواع من الشرك بالله سبحانه ثلاثة امور اولا ان هذه الصور فيها صرف لب العبادة واعظمها وهو الدعاء لغير الله ويتبع هذا عبوديات عدة تصرف لغير الله عز وجل. من ذلك القصد والتوجه والضراعة والذلة والتوكل والرجاء والخوف لغير الله. ناهيك عن الثناء. و اعتقاد الجود والكرم في هذا المدعو. وهذا كله مناف للتوحيد. اهل التوحيد كما قال الله عز وجل عنهم انا الى الله راغبون. فرغبتهم وقصدهم كلهم واعتمادهم وتذللهم وبراعتهم لله عز وجل وحده. الامر الثاني ان تلك الصور فيها اعتقاد الداعي ان هذا المدعو له سلطان غيبي وله قدرة غيبية وله تأثير خارج عن عن تأثير سائر الاسباب المعتادة. بحيث انه يمكن ان يقضي تلك الحاجات مع كونه ميتا او غائبا او حيا في الامور التي هي خارج عن قدرة خارجة عن قدرة العباد وهذا فيه تسوية غير الله بالله فيما هو من خصائصه اعني خصائص ووجه ثالث يختص بالسورة الاولى والثانية. وهي الداعي ان هذا المدعو له سمع عام واسع وله علم محيط شامل. ولولا ذلك لولا وجود هذا الاعتقاد في لما هتف باسمه من مكان بعيد. وهذا ولا شك اشراك مع الله عز وجل فيما هو من خصائصه بهذه الامور الثلاث بهذه الامور الثلاثة يتضح لك ان الشرك بالدعاء او ان الشرك في الدعاء قد جمع انواع الشرك الثلاثة. الشرك في الالوهية والشرك في الربوبية والشرك في الاسماء والصفات. وهذا مما يؤكد ما ذكرته سابقا من انه اعظم انواع الشرك بالله عز عز وجل. نعم. قال رحمه الله تعالى وقول الله تعالى ولا تدعوا من دون الله ما الا ينفعك ولا يضرك فان فعلت فانك اذا من الظالمين. وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو هذه الاية الاولى التي اوردها المؤلف رحمه الله تشتمل على عدة فوائد اولا فيها النهي عن دعاء غير الله. وثانيا فيها فائدة مهمة وهي عموم او فيها النهي عن دعائي كل مدعو. وذلك انه قال ما لا ينفعك ولا يضرك. وما هنا تقتضي وهذا الوصف ينطبق على كل ما سوى الله عز وجل. فانه لا ينفع ولا يضر على الحقيقة الا الله عز وجل. وانما المخلوق انما يكون سببا لحصول النفع او حصول الضر. اما الذي بيده النفع والضر على الحقيقة فهو الله سبحانه وتعالى. وبناء عليه فلا فرق بين ان يدعى الله استغفر الله بين ان يدعى نبي او ولي او او شجر من دون الله. كل ذلك شرك بالله سبحانه وظلم اكبر مخرج من الملة والعياذ بالله. وهذا ينبهك على مغالطة المشركين حينما يقولون ان الشرك في الدعاء انما يختص الشرك او بالدعاء للاصنام. فيقال هذه الاية تثن عليهم لان قوله ما لا ينفعك ولا يضرك يشمل سائر الاشياء الاصنام وغيرها ايضا من فوائد هذه الاية ان فيها التنصيص على ان دعاء غير الله من الشرك ان الشرك لظلم عظيم. وكما قال عز وجل والكافرون هم الظالمون. فانك اذا من الظالمين من الجنس فيها ايضا امر الرابع وهو الاية وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو. وان يردت بخير فلا راد لفضله. وذلك يدل على ما سبق ان الامور كلها بيد الله عز وجل. والعقل يقتضي ان المدعو لابد ان يكون قادرا على جلب النفع او دفع الضر. والا فما فائدة دعائه؟ الدعاء ما هو الا طلب لجلب الخير او دفع الضر وبناء عليه فينبغي ان يكون هذا ممن يملك ذلك. ولا شك ان الذي يملك ذلك انما هو الله وحده اذا فليكن الدعاء لله عز وجل وحده. نعم. قال رحمه الله تعالى فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه. هذه الاية الثانية التي اوردها المؤلف واردة في سياق محاجة ابراهيم عليه السلام مع قومه. ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له. والتنبيه على الرزق ها هنا هو بالنظر الى ان كثيرا من دعاء غير الله عز وجل انما هو لطلب الرزق يعني طلب ما ينفع الانسان في حياته. وهذا جل دعاء المشركين انما يدور حوله مع ان الرزق انما هو بيد الله عز وجل. واما المشركون ليس بيدهم شيء من ذلك. ان الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا. اذا دعاؤهم وطلب الرزق منهم ما هو الا سفه في العقل. وقوله سبحانه فابتغوا عند الله قوله عند الله حال. وحق حال التأخير. وتقدير يدل على الاختصاص. فبناء عليه يكون معنى الاية فابتغوا الرزق عند الله ولا تبتغوه عند غيره. وهذا فيه دليل على وجوب ان يكون الدعاء والقصد لله سبحانه وتعالى وحده قال رحمه الله تعالى وقوله ومن اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة هذه الاية من اعظم الايات الدالة على النهي عن دعاء غير الله وبيان عظيم خطره وشدة ضلال من فعله قال جل وعلا ومن اضلوا مما يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وهذا الاستفهام في معنى النفي. يعني لا احد. وآآ يقول اهل البلاغة ان النفي الذي يرد في صيغة الاستفهام ابلغ من النفي فابلغوا مما لو قيل لا احد اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة وذلك ان النفي عن طريق الاستفهام مشوب بنوع من التحدي فهو وابلغ ما يكون في النفي. وهذه الاية من فوائدها بيان ان دعاء غير الله من اعظم الضلال والانحراف. لا احد اضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له الى يوم القيامة. وفيها ايضا اثبات ان الدعاء عبادة. وبالتالي فيكون صرفها لغير الله شرك كما سبق بيان ذلك. وفيها ايضا فائدة مهمة وهي الرد على المشركين القبوريين الذين يزعمون ان الشرك في الدعاء مخصوص بدعاء الاصنام ووجه ذلك ان هذه الاية ظاهر او ظاهر منها انها في دعاء الاموات في دعاء الاموات. ويجهل ويظهر هذا من اولا انه قال من لا يستجيب له ومن كما يقول اهل اللغة تستعمل في العاقل. وبعضهم يقول في من يعلم. المقصود ان الاصنام والاشجار ليست داخلة في ذلك. وقال ايضا وهو الامر الثاني قال وهم عن دعائهم غافلون وهذا انما يليق بحال الاموات. فهم في غفلة عن دعاء الاحياء والوجه الثالث انه قال واذا حشر الناس كانوا لهم اعداء وكانوا بعبادتهم كافرين وهذا انما يتأتى من الانبياء ومن الصالحين اذا بعثوا يوم القيامة فانهم يتبرأون من عابديهم ويكفرون بشركهم. كما قال الله عز وجل عن الملائكة قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم وكما قال عيسى عليه السلام قال سبحانه ما قلت لهم الا ما امرتني به ان اعبدوا الله ربي وربكم صالحون والانبياء والملائكة والجن من المسلمين. كل اولئك سوف يتبرأوا ويكفر بعبادة العابدين. وهذا يتأتى على حمل قول الله عز وجل وكانوا بعبادتهم كافرين. وكانوا يعني المعبودين بعبادة العابدين كافرين ويمكن ان يحمل او ان تحمل هذه الاية على عكس ذلك. وكانوا يعني العابدين كافرين بهذه العبادة. وهذا يكون ايضا منهم يوم القيامة وذلك انهم اذا بعثوا وايقنوا بالهلاك يتبرأون من كفرهم ويقولون كذبا. يكذبون ويقولون تالله يقولون والله اه ما كنا مشركين انظر كيف كذبوا على انفسهم. وظل عنهم ما كانوا يفترون. والله ربنا ما كنا مشركين هكذا يقول المشركون يوم القيامة وهذا ولا شك من كذبهم. انظر كيف كذبوا على انفسهم. والاية يصح ان تحمل على هذا وعلى هذا. وكانوا اي العابدين وكانوا اي المعبودين. نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله امن يجيب المضطر اذا دعاه ويكشف السوء. هذه الاية جزء من سورة النمل في سياق الايات العظيمة التي هي مفتتحة بقول لله عز وجل قل الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى. الله خير ام ما يشركون؟ و هذه الايات من اعظم الادلة على ان الله عز وجل هو الذي يجب ان يوحد في العبادة دون ما سواه وجه الدلالة من تلك الايات هو الاستدلال بتوحيد الربوبية على توحيد الالوهية. وهذا المسلك سيأتي الحديث عنه ان شاء الله فيما يأتي من البابين القادمين بعون الله سبحانه وتعالى والمقصود ان الله عز وجل هو الذي يجيب المضطر اذا دعاه وهو الذي يملك يشفى السوء. واذا كان كذلك فهو اولى بالدعاء سبحانه دون من سواه. اذا كان هو القادر على اجابة دعاء المضطر وعلى كشف السوء فان من السفه ان يتوجه الانسان الى غيره. نعم. قال رحمه الله تعالى ورواه الطبراني باسناده انه كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم منافق يؤذي المؤمنين. فقال بعضهم قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق وقال النبي صلى الله عليه وسلم انه لا يستغاث بي وانما يستغاث بالله. هذا الحديث حديث عبادة ابن الصامت رضي الله عنه آآ فيه بحث من جهة اسناده فانه من رواية ابن لهيعة وهو ضعيف علم عليه جمهوره ظروف اهل العلم. استدلال الشيخ رحمه الله بهذا الحديث اذ مع ضعف فيه انما هو على الجادة المعروفة عند اهل العلم. وهي انهم يوردون ما لا يصح اعتمادا ويصح اعتضاضا على سبيل الاستشهاد. لا على سبيل الاستدلال والاعتماد. وقد نقل شيخ الاسلام رحمه الله في كتاب الاستغاثة اتفاق العلماء على ذلك. قال ان العلماء متفقون على انه يستشهد ويعتضد في الدلائل بما لا يصح في الاعتماد. من الاحاديث التي فيها ضعف لسوء حقد في راو من الرواة او نحو ذلك او من اقوال الصحابة فمن بعدهم او حتى من الاسرائيليات. اذا كانت دلائل الكتاب والسنة الصحيحة تدل على ذلك وهذا للمتتبع كثير جدا. فايراد الشيخ رحمه الله وهكذا في سائر الاحاديث التي فيها ضعف في كتابه ليس منه على سبيل الاعتماد وانما على سبيل لاستشهاد والاعتظاج. وهذا كما اسلفت مسلك لاهل العلم قبله. وقد اشار الى ذلك شيخ الاسلام رحمه الله حينما تعرض لهذا الحديث وقد افاض القول فيه في هذا الكتاب في الطبعة قديمة تكلم عن هذا الحديث ورد على شبهات المردود عليه وهو البكري هذا الحديث في اكثر من خمسين صفحة من الطبعة القديمة وذكر فيه ان دلائل الكتاب والسنة تشهد لهذا الحديث. وايراد الشيخ رحمه الله لهذا الحديث فيما يبدو والله اعلم لان فيه التنصيص على كلمة الاستغاثة. واشار الى هذا شيخ الاسلام رحمه الله في الموضع السابق و هذه لفظة اه عزيزة فيها التنبيه على شيء يكثر استعمال المشركين له يعني لفظ الاستغاثة. والمقصود ان هذا الحديث فيه ضعف ولكن اه معناه تشهد له دلائل الكتاب والسنة الصحيحة والشيخ ما بنى هذا الباب عليه اعني هذا الحديث انما بناه على النصوص المحكمة من الايات السابقة ثم اورد في ذيلها هذا الحديث استشهادا واعتبارا لا غير. هذا الحديث اختلف اهل العلم في توجيهه وذلك ان امام الدعوة الشيخ محمد رحمه الله وانشراح كتاب التوحيد المشهورين بعده وجهوا هذا الحديث لان هذه الاستغاثة انما كانت بحي حاضر قادر. غير اننا هي النبي غير ان نفي النبي صلى الله عليه وسلم وهو نفي في معنى النهي لا يستغاث به يعني لا تستغيث بي انما هو من باب التأدب في الالفاظ. يعني من باب مراعاة الادب مع الله عز وجل ومن باب الارشاد الى الاكمل. وفيه فائدة مهمة وهي انه اذا كان الاستغاثة بالنبي صلى الله عليه وسلم وهو حي حاضر قادر على ان يدفع اذى هذا المنافق بقتله او حبسه او نفيه او غير ذلك. ومع ذلك لهم النبي صلى الله عليه وسلم الى ترك ذلك. فكيف بالاستغاثة به بعد موته بل وكيف بالاستغاثة به فيما لا يقدر عليه الا الله سبحانه وتعالى كما يقع من غلاة المشركين والتوجيه الثاني وهو الذي ارتضاه شيخ الاسلام رحمه الله وذكر ان ظاهر الحديث ان صح يفيده وهو ان الصحابة انما سألوه ما لا يقدر عليه؟ وقد كانوا يظنون انه قادر عليه. يعني الصحابة كانوا يظنون انه وقادر على ان يغيثهم بدفع اذى هذا المنافق. فاخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم انه لا يقدر على ذلك وارشدهم الى ان يستغيثوا بالله سبحانه وتعالى. وقد يكون وجه ذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم انما امر ان يعامل المنافقين على ظاهرهم ولم يتبين له ما آآ يقتضي خلاف ذلك او ان مفسدة عظيمة ستترتب على اه ان الايقاع به كما جاء في الحديث لا يقال ان محمدا يقتل اصحابه الى ان يلجأوا الى الله سبحانه وتعالى. على التوجيه الاول فالجمع بين هذا الحديث ان صح وقوله سبحانه وتعالى فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدو ان ان يقال ان استعمال الاستغاثة في حق الحي الحاضر القادر جائزة وتركها اولى كما ارشد الى هذا الحديث. اذا الاية فيها بيان الجواز والحديث فيه ارشاد الى الاولى والى الاكمل والى الاكثر تعظيما لله سبحانه وتعالى لعلنا نكتفي بهذا القدر والله عز وجل اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه