السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام وعلى اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين قال الشيخ الاسلامي محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى انك لا تهدي من احببت الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه ومن سار على نهجه ومنواله اما بعد بوب امام الدعوة رحمه الله هذا الباب على هذه الاية وهي قول الله جل وعلا انك لا تهدي من احببت وقد عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب بعد الكلام عن الشفاعة في الذي سبق والمراد انه كما ان الشفاعة ملك لله عز وجل. فكذلك الهداية ملك له سبحانه وتعالى وهذه الهداية هي هداية التوفيق والالهام فان الهداية كما دل استقراء القرآن والسنة نوعان النوع الاول بداية التوفيق والالهام وهذه مختصة بالله تبارك وتعالى. فالله عز وجل هو الذي بيده هداية القلوب وقد دل على هذا هذه الاية التي بين ايدينا. انك لا تهدي لمن احببت ولكن الله يهدي من يشاء. ودل عليها ايضا قوله جل وعلا ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء. وما اكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين النوع الثاني بداية الدلالة ارشاد والبيان وهذه الهداية تكون للنبي عليه الصلاة والسلام كما تكون لغيره من الانبياء ولغيرهم من من المصلحين. ودل عليها قول الله عز وجل ولكل قوم هاد ومن قوم موسى امة يهدون بالحق وقد جمعت الايتان في قول الله عز رجل وكذلك جعلناه جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا الهداية هذي نهدي به من نشاء من عبادنا وكذلك اوحينا اليك روحا من امرنا اه نعم ولكن جعلناه ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا هذه هداية التوفيق. ثم قال وانك لتهدي الى صراط مستقيم. فهذه هداية الدلالة. وآآ بحث المؤلف رحمه الله هنا انما يتعلق بالنوع الاول وهو هداية التوفيق وكلام اهل السنة والجماعة في هذه الهداية يتلخصوا في مسائل ترتب على الاتي المسألة الاولى ان هذه الهداية انما تكون بمشيئة الله عز وجل. لانه هو المالك لها وحده وعليه فلا تطلب الا منه تبارك وتعالى. من يشاء الله يضلل ومن يشاء يجعله على صراط مستقيم. اومن كان ميتا فاحييناه جعلنا له نورا يمشي به في الناس. اذا الهداية من الله عز وجل هو الذي يختص بها من يشاء تبارك وتعالى. فمهما عمل الانسان ومهما ارتاد نفسه فانه لا يمكن ان يصل الى هذه الهداية الا اذا هداه الله وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله والله لولا الله ما اهتدينا المسألة الثانية ان اختصاص الله عز وجل بالهداية فضل منه تبارك وتعالى. وليس هناك حجة للعبد على الله عز وجل. بل الله هو الذي له الحجة. وله الفضل وله المنة على عباده اجمعين. فليس العبد مستحقا للهداية بشيء يفعله. وانما الامر كله محض فضل من الله تبارك وتعالى يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم. المسألة الثالثة ان اختصاص الله عز وجل بهذا الفضل الذي هو الهداية راجعوا الى علم الله وحكمته. فالله سبحانه هو الذي يعلم المحل اللائقة بفضله فيضعه فيه. وهذا من تمام حكمته جل وعلا قال سبحانه وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا اهؤلاء الله عليهم من بيننا فرد الله عز وجل قول هؤلاء المشركين بقولك اليس الله اعلم بالشاكرين وقال جل وعلا ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان. هذه هي حقيقة الهداية. فهي من الله عز هو الذي حبب وهو الذي كره الكفر والفسوق والعصيان الى المهتدين. قال اولئك هم الراشدون فضلا من الله ونعمة. هذا دليل المسألة الثانية. ثم قال والله عليم حكيم فالله عز وجل هدى من علم انه اهل لهذه الهداية. وهذا من تمام حكمته جل وعلا. المسألة الرابعة ان تفضل الله عز وجل الهداية له وجهان. الوجه الاول انه يبتدئ بالهداية من علمه اهلا لها فلله عز وجل طيفة يبتدأ بها من يشاء دون ان يتقدم من ذلك العبد شيء يستحق به هذه الهداية انما هو تفضل محض اومن كان ميتا فاحييناه. وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كونوا ضالا فيهديه الله. فاسقا فيستقيم على الطاعة. مبتدعا فيهدى الى الوجه الثاني انه ان اهتدى واستقام فان الله عز وجل يهديه الى حسنات اخرى. فان فعلها هداه الله الله عز وجل الى حسنات اخرى وهكذا. فكلما عمل حسنة الله عز وجل هو السابق بالهداية اليها جازاه عليها بهداية اخرى. قال تعالى والذين اهتدوا زادهم هدى واتاهم تقواهم اه الادلة في هذا كثيرة. فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. في نصوص كثيرة في كتاب الله. ويقابل الهداية الاطلال والاضلال ايضا ترتيب الكلام فيه عند اهل السنة يتلخص في مسائله اولا ان الهداية ان الاضلال انما يكون بمشيئة الله عز وجل فالله سبحانه لا يعصى ولا يكفر به الا بمشيئته فهو اعز من ان يعصى قصرا. والعباد احقر من ذلك فلا يمكن ان تكون هناك مشيئة من الله عز وجل ان يهتدي العبد ويشاء وهو ان يضل فتغلب مشيئته مشيئة الله. تعالى الله عن ذلك. بل لم تقع الضلالة الا مشيئته تبارك وتعالى قال سبحانه من يشاء الله يضلله فمنهم من هدى ومنهم من حقت عليه ضلالة المسألة الثانية ان اصول الاضلال انما هو عقوبة من الله عز وجل لم تكن قضية الاضلال ظلما من الله عز وجل. حاشى وكلا وانما الاضلال عقوبة منه سبحانه وتعالى. عقوبة على اي شيء عقوبة لكونهم ما فعلوا ما امروا به وعقوبة على ما صدر منهم على ما سيأتي وبيان ذلك ان الله عز وجل اقام الحجة وقطع المعذرة فارسل الرسل وانزل الكتب واعطى العقول والاسماء والابصار ومكن من الهداية ولم يحل بين العبد وبين سلوك طريق الاستقامة. قال سبحانه انا هديناه السبيل اما شاكرا واما كفورا وهديناه النجدين. فالعبد هو الذي استحب الضلالة على الهداية. فاضله الله. ومكنه من الطريق الذي اراد سلوكه. قال جل وعلا فاما تمود فهديناهم يعني هداية الدلالة فاستحبوا العمى على الهدى. وما ظلمناهم ولكن كانوا وانفسهم يظلمون. هم الذين ظلموا انفسهم فخلى الله عز وجل بينهم وبين انفسهم ونفوس البشر لا يصدر منها الا الجهل والظلم. انه كان ظلوما جهولا المسألة الثالثة ان حصول هذه العقوبة راجع الى عدل الله وحكمته. فان عقوبة المستحق عدل منع الهداية ممن ليس اهلا لها حكمة فالله عز وجل لا تعارض بين رحمته وحكمته فانه يضع رحمته وفضله واحسانه حيث تقتضي حكمته جل وعلا والذين اظلهم الله ليسوا اهلا لذلك. ويكفيك للتحقق للتحقق من ذلك ان تتأمل قول الله عز وجل في شأن الكفار لما عاينوا العذاب ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه اذا هذه النفوس الخبيثة ليست اهلا للهداية المسألة الرابعة ان هذه العقوبة راجعة الى امرين الامر الاول عقوبة على عدم فعل الايمان الذي امروا به لما اقيمت عليهم الحجة وبلغتهم الدعوة ما قاموا بالشيء الذي وجب عليهم. ان آآ الذي حصل من الكفار انما هو عدم فعل الايمان الذي وجب عليهم كان يجب عليهم ان آآ يؤمنوا لما جاء اهم الهدى قال الله عز وجل ونقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة جاءتهم الحجة وجاءهم النذير وجاءهم البلاء لكنهم ابوا وما قاموا بالشيء الذي وجب عليهم فاضلهم الله. يقلب افئدتهم وابصارهم كما لم يؤمنوا به اول مرة والوجه او الامر الثاني الذي يرجع اليه الاضلال او ترجع اليه العقوبة بالاطلاق هو العقوبة على ما صدر منهم. من كفر وضلال وعصيان قال جل وعلا والله اركسهم بما كسبوا ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم. واما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى هذا ملخص ما يتعلق هذه المسألة العظيمة وفق مقتضى قواعد اهل السنة والجماعة نعود الى اصل المسألة وهي اغلقتها جزاك الله خير وهي المراد من عقد هذا الباب للشيخ رحمه الله في كتاب التوحيد. فان الشيخ رحمه الله اراد من عقد هذا الباب ان رد على القبوريين الذين يزعمون ان للانبياء والاولياء قدرة على هداية القلوب ومغفرة الذنوب وتفريج الكروب. ولذلك يتقربون اليهم بانواع من عبادات رجاء هذا الامر. فاراد الشيخ رحمه الله ان يبين ان النبي عليه الصلاة والسلام وهو هو ذو المكانة الرفيعة التي لا يدانيها فيها احد من الخلق عليه الصلاة والسلام ليس له من الامر شيء انه لا يتمكن ولا يستطيع ولا يملك ان يهدي من احب هدايته واذا كان هو عليه الصلاة والسلام لا يستطيع ذلك وهو حي فانه لا يستطيع ذلك وهو ميت من باب اولى. واذا كان هو عليه الصلاة والسلام لا يستطيع ذلك فغيره من باب اولى. اجتهد عليه الصلاة والسلام كرر واعاد الدعوة لعمه لو كان يملك عليه الصلاة والسلام الهداية فان اولى الناس بها ابو طالب. ذاك الذي احاطه ورعاه منذ ان كان عمره ثمان سنوات ولا الى ان مضى من البعثة ثماني سنوات او اكثر وهو يحوطه ويغضب له وينصره بنفسه وماله واولاده حتى انه هجر قومه وعاداهم وعادوه من اجل عليه الصلاة والسلام فلو كان يملك ان يهدي فان اولى الناس بذلك هو هذا العمد ومع ذلك ما تمكن عليه الصلاة والسلام ولا ولا ملك ذلك. بل انه استغفر له بعد ذلك فلم يغفر له. بل نهي عن الاستغفار له. فدل هذا على امر عظيم وهو قطع العلائق عن الخلائق. والتعلق للخالق الرازق جل وعلا وحده. النبي عليه الصلاة والسلام انتفى في حقه امران. انك لا تهدي من احببت فالقدرة على الهداية منتفية في حقه. والامر الثاني علمه بمن يهتدي انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو اعلم بالمهتدين. فهذا العلم في حقه عليه الصلاة والسلام منتف. والا لما كلف نفسه عليه الصلاة والسلام ان كان يعلم ان ابا طالب قد سبق في تقدير الله عز وجل انه لن يهتدي لما بذل هذا الجهد العظيم في دعوته انما كان يدعوه رجاء ان يؤمن فانتفى في حقه عليه الصلاة والسلام القدرة على الهداية او علم الغيب. وهذان الامران ينتفي بانتفائهما التعلق به عليه الصلاة والسلام في هذا الامر. قال جل وعلا قل لا املك لنفسي ضرا ولا نفعا الا ما شاء الله. ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني هي السوء. انتفى الامر ان لا يملك لنفسه شيئا فضلا عن ان يملك ذلك لغيره. كما انه لا يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام. فهذه الاية فيها رد بليغ على هؤلاء المشركين القبوريين فيما يفعلونه من هذا الشرك الشنيع والواقع ان الانسان لو تأمل في حالهم لا اصابته الدهشة العظيمة مما يقع منهم وعلى الاخص ما كان من الرافضة المخذولة او من الصوفية فانك لو تأملت في كتبهم لوجدت اضافة هذا الامر الخاص بالله عز وجل الى الانبياء والاولياء والصالحين بل والى الضالين من المضلين؟ خذ مثلا اه اي كتاب شئت؟ من الكتب التي ترجمت اعلامهم النكرات او فظائلهم تجد العجب العجاب. تجد ان الهداية انما تحصل من الشيخ بمجرد نظرة واحدة. من وقعت عليه نظرة واحدة من الشيخ فانه يهتدي هداية تامة بل انهم ذكروا قصصا تضحك العقلاء تضحك المجانين عليهم في وقوع النظرة على بعض الحيوانات واستقامت كما ان الهداية تحصل عندهم بلبس الخرقة فمن لبس الخرقة التي منحه اياها شيخه فانه يكون مهتديا وارجع الى طبقات الصوفية للشعراني وامثاله ستجد من هذه النماذج الشيء الكثير فان هذا الرجل الشعراني باحد كتبه وهو مسمى الظواهر والدرر ختم الكتاب بقوله فما كان منه من حق وصواب فمن نفحاته رضي الله عنه من هو شيخ ابو علي الخواص؟ وما كان فيه من خطأ فمن نفسي المقصود ان القوم قد اه وقعوا من هذا الجنس الشرك في شيء عظيم واوغل في ذلك ايغالا كبيرا وهذا النص وامثاله حجة عليهم ورد بالغ عليهم. نعم قال المؤلف رحمه الله تعالى في الصحيح عن ابن المسيب عن ابيه انه قال في الصحيح يعني في الكتاب الصحيح يعني الجنس وهو في الصحيحين. عن ابن المسيب وهو سعيد رحمه الله الامام الجليل المشهور الذي هو احد الفقهاء السبعة. عن ابيه وهو مسيب ابن حزم المخزومي. وهو صحابي. وابوه ايضا صحابي اذا ابو سعيد صحابي وجده ايضا صحابي. المسير قد اسلم وحسن اسلامه وقتل رضي الله عنه في غزوة الطائف. الذي يظهر والله اعلم انه كان حاضرا هذه القصة التي ستأتي. فهو يحكي شيئا رآه هذا الذي يظهر والله ويؤيد ذلك انه مخصومي وصاحب القصة المذكوران مخزوميان ايضا وجهل عبدالله بن ابي امية لهما مخزوميان الظاهر والله اعلم انه كان حاضرا. نعم. عن ابن المسيب عن ابيه رضي الله عنه انه قال لم حضرة ابا طالب الوفاء حضرت ابا طالب الوفاة ابو طالب عم النبي عليه الصلاة والسلام واسمه عبد مناف ومن العجيب ان الذين ادركوا الاسلام من اعمام النبي عليه الصلاة والسلام اربعة ابو طالب وابو لهب عبد مناف وعبد العزى. وحمزة والعباس. اسلم اثنان و كفرا هنا اللذان اسمهما معبد لغير الله كفرا. واسلم حمزة والعباس رضي الله عنهما لما حضرت ابا طالب الوفاة هنا بحث عند اهل العلم هل حضور الوفاة هنا؟ هو بلوغه النزع يعني وصل الى المعاينة بلغت روح الحلقوم ام كان المقصود هو انه حضر علامات الوفاة لانه يتعلق بذلك مسألة اه اسلام ابي طالب لو حصل. كون النبي عليه الصلاة والسلام كان يقول له يا عمي قل كلمة. احاد لك بها عند الله واذا قلنا بالاول فاستشكل هذا من جهته قول الله عز وجل وليست التوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر احدهم الموت قال اني تبت الان فلا تنفع التوبة حينئذ. والاقرب والله اعلم ان معنى قوله حضرت ابا طالب الوفاة يعني علامات الوفاة. ويؤيد ذلك انه آآ حصل اخذ ورد ومحاجة آآ بينه وبين بين الحاضرين وكان يسمع وتكلم ويفهم هذا يدل والله اعلم انه لم يصل الى حد المعاينة انه لو كان كذلك لكان في شغل عن مثل هذه المحاجب وعلى كل حال لو قيل بان المقصود بانه قد حضرت الوفاة بمعنى ان انه وصل الى مرحلة فانه لو اسى لتلك اللحظة نفعه ذلك بشفاعته عليه الصلاة والسلام يكون هذا امرا مخصوصا به عليه الصلاة والسلام. ولست الاشكال في ذلك فان النبي عليه الصلاة والسلام قد اخبر انه يشفع في ابي طالب بعد وفاته مشركة وانه يخفف عنه العذاب في النار كما سيأتي بسبب ذلك. فلا يستشكل مع هذا ان يخص بشفاعة بقبول اسلامه في تلك اللحظة. نعم لما حضرت ابا طالب الوفاة جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده عبدالله بن ابي امية وابو جهل طلاب ابن ابي امية المخزومي اسلم بعد ذلك وحسن اسلامه رضي الله عنه اما ابو جهل فرعون هذه الامة فانه مات كافرا كما تعلمون قصة القليب قليب بدر نعم. فقال له يا عم قل لا اله الا الله كلمة احاج لك بها الله يا عم قل كلمة احاج لك بها عند الله استعمل النبي عليه الصلاة والسلام اسلوبا حكيما في الدعوة. فتلطف مع المدعو واستمال قلبه بمثل هذا النداء يا عم فهو يستثير ذلك اه شفقته وعاطفته ومحبته لابن اخيه عليه الصلاة والسلام قل كلمة هذا فيه دليل على ما اتفق عليه اهل السنة والجماعة من ان الايمان لا ينفع صاحبه اذا لم تحصل نطق بالشهادتين مع القدرة. فلابد من القول. فمن امن بقلبه ولم يتلفظ بلسانه لم ينطق بالشهادة فان هذا الايمان غير نافع اهل السنة والجماعة. ولم يذكر النبي عليه الصلاة والسلام الشهادة لمحمد صلى الله عليه بالرسالة وذلك انها متظمنة في شهادة التوحيد فان شهادة التوحيد تعني لا معبود حق الا الله اي افراد الله عز وجل وحده بالعبادة. فاذا لم يكن ايمانهم برسم برسالة النبي عليه الصلاة والسلام كيف ستكون العبادة؟ قد علمنا سابقا ان من شروط شهادة ان لا اله الا الله الانقياد والقبول. وهذا لا يكون الا بعد الايمان برسالة محمد صلى الله عليه وسلم. وامر اخر ان تصديق النبي عليه الصلاة والسلام في اخباره بالرسالة يعني في كونه رسولا لم يكن محل اشكال لدى ابا طالب مقرا بصدقه عليه الصلاة والسلام. في الشعر المأثور المشهور عنه ودعوتني وعلمت انك صادق ولقد صدقت وكنت ثم امينا. ولقد علمت بان دين محمد من خير اديان البرية دينا لولا الملامة او حذار مسبة لوجدتني سمحا بذاك مبينا فلم يكن ثمة اشكال في هذا الامر انما كان الاشكال عنده في الشهادة الكبرى الشهادة لله عز وجل بالالوهية ونبذ عبادة الالهة اخرى وترك الدين الذي كان عليه الاباء والاجداد والاسلاف فهذا الذي ثقل عليه. كان منه كفر الاباء الاستكبار فان الكفر انواع كفر تكذيب وكفر اعراض وكفر نفاق وكفر اباء دار وكفر ابي طالب من هذا الجنس. فانه ابى واستكبر. واباؤه واستكباره كان من جهتين الجهة الاولى انه آآ لم يرد تخلي عن دين الاباء والاجداد. احسانا للظن بهم وتقليدا لهم وتعظيما لهم فلم يرد ان يغير هذا الدين. والامر الاخر انه لم يرد ان يؤثر عنه انه اسلم جزعا. وخوفا من عقوبة الله كما جاء عنه هو في رواية من روايات هذا الحديث لولا ان يظن اني اسلمت لاقررتك بذلك عينا. يعني جزعا من الموت. ومن لقاء الله عز وجل على هذا الامر وكان منه اباء واستكبار والعياذ بالله. النبي عليه الصلاة والسلام وهو الحريص على هدايته والمشفق عليه من عذاب الله بذل هذه المحاولة الاخيرة قل كلمة قل لا اله الا الله كلمة احاج لك بها عند الله كلمة منصوبة على انها بدل من شهادة الاخلاص. ويصح ان تقول كلمة على انها خبر لمبتدأ محذوف هي كلمة احاج لك بها عند الله احاج لك بها عند الله يعني اذكرها لك حجة عند الله. وجاء في رواية اشهد لك بها عند الله. فاراد عليه الصلاة والسلام ان يستميله بهذا الامر. ورغب في ان آآ ينطق بها لعل الله عز وجل ان يهديه. ينقذ من عذاب الله عز وجل. نعم فقال له اترغب عن ملة عبد المطلب؟ الله المستعان. انظر الى شؤم مجالستي جلساء السوء ولا تصحب الاردى فتردى مع الردي هكذا جليس السوء. نافخ الكير. اما ان يحرق ثيابك واما ان تجد منه ريحا خبيثة. كان منهما من سعيا في اظلاله بل تثبيته على الضلال الذي هو عليه. وذكراه بالحجة الملعونة اعظام الاباء والاسلاف. وتقليدهم وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله انك لو تأملت احوال بني ادم لوجدت الغالب على ما يكون منهم من معارضة الحق تقليد الاباء والاسلاف ولذلك لم يزيدا على هذه الحجة سبحان الله العظيم. لعلمهم او لعلمهما بوقعها العظيم في قلب ابي طالب ما زاد على هذه الكلمة. اترغب عن ملة عبد المطلب؟ وانظر الى اسلوب الاغراء والحث الذي سلكاه. جاء بصيغة الاستفهام فيها نوع اغراء وقال ملة عبد المطلب لانه ابوه فاحب الناس اليه ولم يقولا اترغب عن ملتنا؟ او عن ملة قومك انما ذكراه باقرب الناس اليه. هذا فيه مضرة ذلك مضرة التعلق الاباء والاسلاك و مصادمة الحق بذلك وهذا ديدن الكفار في كل اه زمان وفي كل مكان واذا قيل لهم اتبعوا ما انزل الله قالوا بل نتبع ما الفينا عليه اباءنا انا وجدنا اباءنا على امة وانا على اثارهم مقتدون. ما هذه التماثيل التي انتم لها عاكفون قالوا وجدنا لها وجدنا اباءنا لها عابدين. الحجة هي هذه. تقليد الاباء والاسلاف واعظامهم واحسان الظن بهم. يثقل على هذه الرديئة تغيير هذا الامر الذي سار عليه من قبلهم ممن يعظمونه فيوردهم ذلك اسوأ الموارد. انا اطعنا سادتنا وكبرائنا فاضلونا السبيلا على المسلم الصادق ان يجرد الاتباع للحق. وهو ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه سلم فلا يكون في قلبه شيء احب او اعظم من ذلك. لا شيء اكبر لنفسه من الحق. هذا النوع كما اسلفت. هو سبب كفر كثير من الناس. لا اكثر من هذا الامر. والله المستعان. نعم. فاعاد النبي صلى الله عليه وسلم فاعاداه. هذا يفيدك؟ ما كان عليه عليه الصلاة والسلام من الحرص الشديد في الدعوة الى الله عز وجل. والاجتهاد والاعادة والتكرار وهكذا ينبغي ان يكون الداعية الصادق لا ييأس ولا يكتفي بالمرة الواحدة في الدعوة بل كرر واعد لعل الله ان يفتح بسببك هذه القلوب المغلقة اعد وكرر فالنبي صلى الله عليه وسلم اعاذ وكرر هذه الدعوة وفي هذا ايضا ما عليه اهل الضلال من الجد والاجتهاد في باطنهم. ايضا هما لم ييأس وما تقاعس بل بذل واجتهد وكرر ايضا وهكذا دعاة الباطل والله المستعان دائما. عندهم نشاط في باطلهم. فينبغي ان يقابل هذا بنشاط من اهل الحق نعم. فكان اخر ما قال هو على ملة عبدالمطلب. وابى ان يقول لا اله الا الله الله المستعان. ختام الامر ابى اصر على الكفر. كان له خاتمة السوء والاعمال بالخواتيم. لو قال لا اله الا الله وختم وختم له بذلك نفعته. بتوفيق الله. لكنه ابى. فكانت النهاية من قال هو على ملة عبدالمطلب. والظاهر والله اعلم انه قال انا على ملة عبد المطلب والروايات في هذا جاءت متعددة. الذي يظهر ان قوله على ملة عبدالمطلب تصرف من احد الرواة وكانه استقبح ان يقول هذه الكلمة قال ابن حجر في الفتح وهو من التصرفات الحسنة وجاء في رواية عند الحاكم انا على ملة عبدالمطلب على ما حصل. وجاءت في رواية عند البخاري على ملة عبد المطلب. يعني على ادمار انا. هكذا على ملة عبد المطلب وجاء في رواية اخرى ايضا على ملة الاشياخ. يعني على ملة الاشياخ من قومه. ابائهم واجداده ابى ان يقولها تأكيد من الراوي انه ما امن ولا اسلم ولا نطق بالشهادتين. وفي هذا رد على القائلين باسلام ابي طالب وقد اه جاء في بعظ الكتب روايات لا تصح في انه قالها قبل وفاته. وهذا باطل لا شك سندا ومتنا مخالف لما ثبت في الصحيح. فكيف يكون قد قالها وآآ النبي عليه الصلاة والسلام اخبر انه في ضحضاح من النار. ولولا هو عليه الصلاة والسلام يعني لولا هذه الشفاعة التي اعطاه الله اياها لكان في الدرك الاسفل من النار فهذا باطل. وللصوفية ولع بتقرير هذا الامر. حتى كتب احدهم من المتأخرين آآ رسالة سماها اسنى المطالب في اسلام ابي طالب وسودها يعني بكرهات. لا تصح عند اهل العلم المقصود ان ابا طالب لم يسلم ولله عز وجل في ذلك حكمة بالغة فان عدم اسلامه فيه دليل بين على عظمة الله عز وجل وكمال قدرته وان غيره لا يملك ضرا ولا نفعا. من دلائل التوحيد. وان الامر له واليه واليه يرجع واليه يرجع الامر كله جل وعلا. وفي هذا ايضا فائدة وهي ان جاه الانسان ومكانته ونسبه وقرابته لا تنفعه اذا كان خليا من الايمان عريا من العمل صالح فلا يغتر مغتر اقرب الناس او من اقرب الناس الى النبي عليه الصلاة والسلام ومع ذلك مات كافرا. فلا يغتر احد بشيء يرجع اليه بل ينبغي ان يجتهد في سلوك اسباب الهداية. وان يوجل قلبه ان يخاف وان يكون ضارعا الى الله عز وجل ان يهديه. فلا حول ولا قوة الا بالله. وآآ يتعلق بابي طالب. مسألة وهي انه قد ثبت في الصحيحين من حديث العباس رضي الله عنه انه قال للنبي عليه الصلاة والسلام يا رسول الله هل نفات ابا طالب بشيء؟ فانه كان يخرطك ويغضب لك فقال نعم هو في ضحظاح من النار ولولا انا لكان في الدرك الاسفل من النار ففي هذا الحديث ثبوت شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام لعمه ابي طالب كما سبق البحث في هذه المسألة في الدرس الماظي وذكرت ان هذا امر مختص به عليه الصلاة والسلام. فهذا هو الصحيح. وان الكافر لا تنفعه اعماله الصالحة التي عملها في الدنيا لا في الاخراج من النار ولا في تخفيف العذاب. الكفار القاعدة التي بينها الله عز وجل في كتاب في حقهم فلا يخفف عنهم العذاب. فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا. وانما ابو طالب مخصوص من ذلك. بسبب شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام وربك يخلق ما يشاء ويختار وهنا يبحث اهل العلم هذه المسألة وهي آآ ما جزاء كافر على حسناته وهذه المسألة لها شقان الشق الاول جزاؤه على حسناته في الدنيا والشق الثاني جزاؤه على حسناته في الاخرة. المقصود بالحسنات هنا هي ما لا يفتقر الى نية يعني كصلة الرحم كاطعام فقير صدقة نصرة المظلوم انقاذ غريق وامثال ذلك. وتحرير المقام ان الكافر اذا عمل حسنة من هذه الحسنات فانه ينتفع بها في يا بان يطعم بها ويحصل له بها شيء من النعيم الدنيوي الطعام والشراب والهواء واللباس والامن والمال وامثال ذلك ويدل على هذا حديث مسلم وهو قوله صلى الله عليه وسلم ان الله لا يظلم مؤمنا حسنا يطعم بها يجازى عليها في الدنيا ويجازى عليها في الاخرة. واما الكافر في طعم بحسنات ما عمل لله في الدنيا فاذا لقي الله لم تكن له حسنة يجزى بها فهذا يدلك على ان الكافر يجازى على هذه الحسنات بان يعطى شيئا هذه النعم الدنيوية. ويكون اعطاؤه لها بان يعني ثمرة ذلك ونتيجته بان لا يعذب على عدم شكر هذا الجزء الذي اعطاه الله اياه. ان الكافر في الاخرة جاز على كفره وجاز على معاصيه دون الكفر ويجازى ايضا على نعم الله التي لم يشكرها ان الله عز وجل انما اباح هذه النعم لاهل الايمان فحسب. قل هي للذين امنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة. اما في الاخرة جمهور اهل العلم على ان الكافر لا ينتفع بحسنة البتة. لا في الاخراج من النار ولا في التخفيف من عذابها. بل حكى بعض اهل العلم كالقاظي عياظ الاجماع على ذلك وآآ دليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها في مسلم حيث سألت النبي عليه الصلاة والسلام عن ابن جدعان عبد الله ابن جدعان كان لهذا الرجل عتاقات وصدقات في الجاهلية. سألت النبي عليه الصلاة والسلام هل نفعه شيء من ذلك فقال عليه الصلاة والسلام لا انه لم يقل يوما رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين يعني لم يكن مؤمنا بالبعث ومن لم يكن مؤمنا بالبعث فهو كافر. فما انتفع؟ لاحظ ان النبي عليه الصلاة والسلام قد قال لا ولا شك ان التخفيف من العذاب نفع فنفاه عليه الصلاة والسلام يضاف الى هذا جملة كبيرة من النصوص التي تدل على حبوط اعمال الكافر في الاخرة ومن يرتدي منكم عن دينه فيمت وهو كافر فاولئك حبطت اعمالهم. واخبر الله عز وجل بان اعمالهم تكون لا شيء. قدمنا الى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا. في نصوص كثيرة القول الثاني ان حسنات الكافر في الدنيا تنفعه في تخفيف العذاب استدل اصحاب هذا القول بدليلين الاول ما يحصل لابي طالب من تخفيف العذاب والدليل الثاني ما ذكر من اه سقاية ابي لهب في جهنم بسبب عتقه ثويبة. فانه قد جاء في البخاري من قول عروة رحمه الله فلما مات ابو لهب اريه بعض اهله فسألوه عن حاله. فقال بشر حيبة يعني بشر حال. غير اني سقيت بهذه واشار الى نقرة اسفل ابهامه. يعني الى نقطة قالوا في اسفل الابهام او ما بين الابهام والسبابة. كناية عن حقارة الشيء الذي الشيء الذي بعتقي ثويبة. قالوا هذا دليل على ان حسنة الكافر تنفعه بالتخفيف من العذاب والجواب عن هذين اما ما يتعلق بابي طالب فقد مضى وان هذا امر مختص لا بسبب حسنة ابي طالب وانما بسبب شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام. فالسبب الذي اقتضى هذا التخفيف شفاعة النبي عليه الصلاة له وهذا امر خاص به ولم يثبت ان حصل هذا آآ او ان يحصل هذا لغيره وعمومات النصوص تشهد لذلك. فذوقوا فلن نزيدكم الا عذابا فلا يخفف عنهم العذاب واما قصة ابي لهب فهي اضعف في الاستدلال. اولا هي من المراسيل فلا حجة فيها لانها من قول عروة رحمه الله ورظي الله عنه ما ادرك النبي عليه الصلاة والسلام بل لم يدرك ولم يدرك ما حصل لابي لهب ثانيا ان القضية كلها رؤية منامية فلا حجة فيها. معلوم ان احكام لا تثبت بالرؤى والمنامات. من الناس. الامر الثالث ان الرائي مجهول اريه بعض اهله. من هذا البعض؟ وما حاله وما شأنه وهل هو مسلم او ليس بمسلم؟ هذا كله غير واضح. والامر الرابع سلمنا جدلا لان هذا الامر قد حصل فانه يكون مختصا به عليه الصلاة والسلام. لاجل عتقه ثويبة بشرته بولادة النبي عليه الصلاة والسلام. واخبرته ان عبد الله اخاه قد ولد له ولد فرح بذلك واستبشر فاعتقه فيكون هذا خاصا النبي عليه الصلاة والسلام ولا يعمم هذا الذي يظهر والله عز وجل اعلم في هذه المسألة. نعم. قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم فاستغفرن لك ما لم انه عنك. لاستغفرن لك ما لم انه عنك. كان النبي عليه الصلاة والسلام كما يقول بعض والشراح قد وقع في نفسه شيء من الاستغفار له لانه مات مشركا فقال ما لم انهى عنه اي نعم. فانزل الله عز وجل ما كان للنبي والذين امنوا ان يستغفروا ولو كانوا اولي قربى. نعم. ما كان للمشركين ان يستغفروا ما كان للنبي والذين ان يستغفروا للمشركين ما كان قال اهل العلم خبر بمعنى النهي فلا يجوز ان يستغفر للمشركين. واذا لم يجز الاستغفار للمشركين فلا يجوز ايضا موالاتهم. واستشكل على هذا بامرين الامر الاول آآ ان النبي عليه الصلاة والسلام ثبت عنه في احد انه قال اللهم اغفر لقومي فانهم لا يعلمون. فاستغفر لقومه وهم مشركون. والجواب عن هذا انه لا اشكال. فان معنى ذلك اللهم تب عليهم الى الاسلام ثم اغفر لهم لانهم احياء. فاصول التوبة ممكن. ثم يغفر لهم بعد ذلك متى امكن الجمع بين النصوص؟ فهو متعين. الاستشكال الثاني انه جاء في الحديث فانزل الله عقب بالفاء يعني هذا هو سبب نزول الاية. والاية في وهي مدنية والقصة حصلت بمكة باتفاق. فان ابا طالب قد هلك بمكة باتفاق اهل العلم. يشهد لذلك او يزيد الامر اشكالا انه قد ثبت ان النبي عليه الصلاة والسلام لما اراد ان يستغفر لامه نزلت هذه الاية والجواب عن ذلك ان يقال انه لا مانع من تأخر نزول الاية عن السبب هذا اولا وثانيا لا مانع من تعدد اسباب النزول فانه تقدم السبب وتأخر نزول الاية الى المدينة ثم انه لا مانع ان يتكرر سبب نزول الاية ولهذا نظائر ولهذا نظائر عند اهل التفسير. نعم انزل في ابي طالب انك لا تهدي من احببت ولكن الله يهدي من يشاء. وهذا بالاتفاق. اتفاق اهل العلم ان هذه الاية اه نزلت في شأن ابي طالب ومعنى قوله جل وعلا انك لا تهدي من احببت يعني من احببت هدايته او وهو التوجيه عند اهل العلم المحبة التي هي اه محبة القرابة الطبعية وهذه معفو عنها مع وجوب بغض الكافر بغضا دينيا ولا مانع من اجتماع الامرين نعم لعلنا نكتفي بهذا القدر والله عز وجل اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد