بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال امام الدعوة شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب ما جاء ان الغلو في قبور الصالحين يصيرها اوثالا تعبد من دون الله. الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان اما بعد لا يزال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب ينوع في تبويب هذه الابواب المتعلقة اعظم ذريعة لوقوع الشرك الا وهي التعلق بالقبور والمقبورين والغلو في ذلك هذا الباب عقده المؤلف رحمه الله لبيان ما جاء في ان الغلو في قبور الصالحين يصيرها اوثانا من دون الله عز وجل يعني تعبد من دون الله عز وجل. والغلو قد مضى الكلام عنه وعن مظاهره لا شك ان هذا الباب متصل في مسائله بالباب الذي سبقه فكثير من المباحث التي جاءت فيه قد سبق شرحها في الباب السابق لكن لعظيم الحاجة الى التذكير والتكرار في هذه القضية العظيمة اكد الشيخ رحمه الله على هذه القضية ولا شك ان الامر كما قال ما من امر يأمر الله عز وجل به الا كان الشيطان فيه حريصا على الانحراف فيه اما الى غلو واما الى جفاء والذي وقع من كثير من هذه الامة انهم غلوا وجاوزوا حتى في القبور والمقبورين. وهذا الغلو قد يصل الى ان يكون شركا اكبر بالله عز وجل مخرجا من الملة. كما لو وصل الغلو المعظم للقبر ولصاحبه الى ان يدعوه من دون الله عز عز وجل او ان يذبح له او ان ينظر له او ان يسجد له كل ذلك قلوب آآ يصل صاحبه الى حد الشرك الاكبر بالله عز وجل وثمة غلو دون ذلك. فانه يكون من جنس الكبائر والمحدثات المبتدعات التي هي ذرائع توصل الى الشرك الاكبر من ذلك رفع القبور. والبناء عليها ووضع الستور عليها ومن ذلك ايضا تجسيسها ومن ذلك ايضا اسراج القبور ومن ذلك ايضا تخصيص القبور بانواع من العبادات فما هو حاصل من كثير من الناس حيث انهم يخصون هذه القبور بالصلاة عندها او الدعاء عندها او الصدقة عندها او ما شاكل ذلك من انواع العبادات ذات لاعتقادهم ان لهذه العبادة في هذا المحل نزيد فضل وانه تضاعف الحسنات ثمة لبركة هذا المحل عبادة الله عز وجل عند القبور وسيلة الى ان تعبد هذه القبور من دون الله عز وجل وبهذا يتضح ان تبويب الشيخ رحمه الله شامل للامرين فالغلو عند قبور الصالحين يصيرها اوثانا يعني يجعل القبور او ثالث تعبد من دون الله عز وجل. او يصيرها بمعنى انه يقود ويؤدي الى ان تكون اه اوثاما تعبد من دون الله عز وجل. وعليه فالغلو ها هنا ذريعة ووسيلة لكي اه يكون هذا القبر وثنا معبودا من دون الله عز وجل وقد مضى الكلام عن الوثن وعن تعريفه وعن الفرق بينه وبين الاصنام فلا يعاد الحديث بعد ذلك. المقصود ان هذه الفتنة العظيمة بالقبور والغلو في هذه القبور وفي اهلها من اعظم اسباب وقوع الشرك في القديم والحديث كما تبين هذا من جملة هذه الاحاديث التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام فالذي يرزق انصافا وتوفيقا ويتأمل في احاديثه عليه الصلاة والسلام الواردة في القبور يدرك ان هذا الباب من اخطر الابواب التي حرص عليه الصلاة والسلام على سد منافذ الشر فيها. وهذا الذي يجب على المتبعين لسنة النبي عليه الصلاة والسلام فيكون لهم همة عالية في التنبيه على هذا الامر. ولا يصيبهم داء البرود امام هذا الامر العظيم كما هو واقع عند بعض المنتسبين الى الدعوة اه حث الناس على الخير تجدهم يغفلون او يتغافلون عن هذا الامر العظيم. وتجده قائلهم يقول تركنا لكم شرك القبور وحاربنا شرك القصور. وهذا من جهله بما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان ظن هذا الظال ان الشرك المتعلق بالقبور من امور التي اه من فضول اه الوقت والجهد اه ان يبذل فيها ذلك. هذا جاهل بحقيقة الحال. النبي عليه الصلاة والسلام كان اشد ما يكون عناية بهذا الامر حتى انه لم يغفل التحذير والتنبيه على هذه القضية وهو في اللحظات الاخيرة من عمره عليه الصلاة والسلام. وهذا الانسان اضافة الى جهله بنصوص الشرع جاهل بواقع هذه الامة والمنتسبين اليها الا من رحم الله عز وجل. فحدثني كم النسبة؟ بين هذين الشركين الذين يتحدث عنهما مثل هذا القائل. لا شك ان البول شاسع وان الواقعين او ان الواقعين في الفتنة بالقبور بل والواقعين في الشرك الصراح عندها الاف مؤلفة بل اكثر من ذلك. فعلى الى الله عز وجل ان يسيروا على هذه الخطى المباركة التي عليها هذا الامام العظيم الشيخ محمد رحمه الله اقتداء بهديه عليه الصلاة والسلام. الدعاة المتبصرون الذين اوتوا فقها وتوفيقا ينزلون الامور منازلها وفق ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. فيعظم ما عظمه الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ويكون مشفقا على ما اشفق عليه الصلاة والسلام على امته منه. ومن ذلك هذا الامر الخطير واني لا اعتقد جازما ان من اعظم اسباب انتشار هذا الشرك الفظيع الضعف الذي سرى الى الدعاة في التحذير منه. وقلة اهتمامهم ومبالاتهم به والله المستعان. نعم. قال رحمه الله تعالى روى مالك في الموطأ ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد هذا الحديث حديث آآ موطأ ما لك الذي اه اخرجه ما لك رحمه الله كما اه نقل عنه المؤلف عليه رحمة الله اخرجه مالك مرسلا فانه جاء من طريق زيد ابن اسلم عن عطاء ابن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم. ولكنه وقع عند البزار عن زيد عن عطاء عن ابي سعيد عن النبي عليه الصلاة والسلام. فمن اهل العلم من رجح الارسال ومنهم من رجح الوصل لانه زيادة من ثقة وسواء اكان الامر هذا او ذاك فان لهذا الحديث شاهدا اه اه ثابتا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وبذلك اه يكون الحديث ثابت عن النبي عليه الصلاة والسلام اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد. دعاء النبي عليه عليه الصلاة والسلام بهذا الدعاء دليل على ان هذا الامر الذي خافه ممكن الوقوع انه لم يكن ليدعو بهذا الدعاء وهو مستحيل الوقوع. فدل هذا على بطلان قول من قال من اهل الخرافة والبدعة ان الشرك لا يقع في هذه الامة. وايضا على قولهم ان الاوثان انما تختص بالاصنام والاشجار والاحجار كالتي كان عليها اه او كالتي كان عليها حال المشركين الاولين. فالنبي عليه الصلاة والسلام بين في هذا الحديث ان قبره عليه الصلاة والسلام لو عبد من دون الله عز وجل فانه يكون وثنا اذا كان وثنا فانه تتنزل على ما يقع عنده النصوص التي نزلت في عباد الاوثاق. اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد استجاب النبي استجاب الله عز وجل لهذا الدعاء كما بين ذلك اهل العلم وكما ذكرت هذا الدرس الماظي في ذكر ما كان من الامور والاحوال عند قبره عليه الصلاة والسلام. اجاب رب العالمين دعاءه واحاطه بثلاثة الجدران. قوله عليه الصلاة والسلام عيد اللهم لا تجعل قبري اه نعم اه اللهم لا اجعل عفوا اللهم لا تجعل قبري العيد سيأتي اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد آآ فيه ايضا ان عبادة هذا القبر اذا حصلت لقبره عليه الصلاة والسلام فلا ان يكون هذا لغيره من القبور من باب اولى. اذا كان النبي عليه الصلاة والسلام وهو الرسول بالتوحيد من ربه وتوجه الى قبره بالعبادة من دون الله عز وجل فان هذا يعني ان سائر القبور في هذا الحكم ايضا ان لم يكن اولى وبالتالي فيكون هذا الحديث آآ مناسبا لما بوب عليه المؤلف رحمه الله من ان الغلو في قبور الصالحين انبياء جاء كانوا او اولياء يصيروها اوثانا من دون الله عز وجل. ولا شك ان هذا الامر واقع في طول العالم الاسلامي وعرضه الا من رحم الله. يقع من اتخاذ هذه القبور اوثانا ما تتفتت له اكباد اهل التوحيد امور عظيمة لربما لو عرضت على المشركين الاولين استعاذوا بالله منها وقد افاض ابن القيم رحمه الله وانا اوصي بالرجوع الى هذا الكتاب العظيم في هذا الباب الا وهو اغاثة اللهفان ما يقع من حال المشركين بالقبور وانهم يغدون السير. ويشدون الرحل الى زيارة قبور معظميهم ويرومون من هذا اجرا لا يرجونه في حج بيت الله الحرام. حتى اذا بدت لهم اعلام هذا القبر الذي يقصدونه ينزلون عن دوابهم احتراما وتعظيما لهذا القبر الارض سعادة وشكرا على ما يقع منهم. من هذا الفضل العظيم الذي هو اعظم مراحل من حج بيت الله في زعمهم. ثم يمشون بخضوع وسكينة وتذلل الى ان يصلوا الى قبر هذا المعظم. فاذا وصلوا صلوا ركعتين عند هذا القبر له ثم لا تسل بعد ذلك عما يقع من انواع الشرك اكبر الذي لم يقع بعضه من المشركين الاولين الذين نزل فيهم كتاب الله عز وجل ومع ذلك يزعمون انتسابهم للاسلام وانهم من اهل لا اله الا الله انظر الى ما يقع عند وثن من اكبر اوثان هذا العصر الا وهو قبر البدوي. اقرأ واسمع اه ما يقال او وما يحدث من هذه الامور العظيمة التي تكون هناك. اذا جاءت صبيحة يوم الجمعة توافدت عشرات الالاف الى عند قبره ويكون ما يكون من البكاء والعويل والهتافات والاستغاثات والتمسحات التي هي اعظم مما كان عند اللات والعزى حتى ان عندهم اه ثمة خشبة يعتقدون ان النبي عليه الصلاة والسلام يصل اليها كل اثنين قياما بحق البدوي. النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي يذهب لزيارة وتعظيم البدوي كل اثنين ويجلس عند هذه الخشبة لذلك يتمسحون ويتبركون بها وتجد صادحهم وصالحهم يصيح بانواع من العظيم تجد قائلهم يقول رحماك ارجو يا ابا الفتيان في خطب اهاج القلب من حسراته. يخاطب احمد البدوي بهذا ما لي سواك ارومه في كشفه. او ارتجي ان ضقت من وثباته. ما ليس له احد يرومه في كشفها هذه الكربة سواه. عار عليك اذا ترده خويدما قصر الفؤاد عليك في حاجاته. كيف؟ وانا قد قصرت الفؤاد عليك فلا ارجو سواك البتة. فلا اله الا الله. اين هذا من لبيك لا شريك لك الا شريكا هو لك تملكه وما ملك. اين هذا من؟ ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله. اين هذا من ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. وبهذا تدرك صدق ما قرره ائمة التوحيد من ان الشرك المتأخرين اغلب واعظم من شرك الاولين اه ولا شك ان هذا حقيقة وواقع لا ينكره الا جاهل بهذا الواقع. ثم قال عليه الصلاة والسلام اشتظ اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور انبيائهم مساجد. هذه القطعة من الحديث فيها اثبات صفة الغضب لله تبارك وتعالى والكلام عن الغضب على الكلام عن صفة المحبة. فكلاهما من الصفات الاختيارية لله عز وجل فالله يغضب اذا شاء غضبا لا يماثل فيه غضب المسلوق على حد قوله جل وعلا ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. ومن عجائب اهل الكلام انهم يأولون الغضب بالانتقام. والعجب ها هنا هو ان كل ما يريدونه من توهمات حالت عندهم بين اجراء هذا الحديث على ظاهره او حالت دون اجراء هذا الحديث على ظاهره واثبات هذه الصفة لله اقول كل ما يتوهمونه حاصل ايضا او والد ايضا على الانتقام الذي اثبتوه. ولا شك ان هذا من التأويل الباطل فان الانتقام غير الغضب والله عز وجل قد فرق بينهما. قال جل وعلا فلما اسفونا انتقمنا منهم. والاسف هنا بمعنى الغضب فالاسف والغضب شيء والانتقام شيء اخر هذا السياق يدل على ان اتخاذ القبور مساجد من الكبائر العظيمة ليس هذا سببا لغضب الله عز وجل بل اشتداد الغضب ولا شك ان هذا لا يكون الا لامر بالغ في التحريم والمحادة لله ورسوله عليه الصلاة والسلام واتخاذ القبور مساجد قد مضى الحديث فيه وبيان المعنى الذي يدخل يدخلوا تحته في الباب الذي مضى. نعم. قال رحمه الله تعالى ولابن جليل بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد افرأيتم اللات والعزى؟ قال كان فمات فعكفوا على قبره نعم اه هذا الاثر عن مجاهد رجب جرير عن سفيان الثوري عن منصور ابن المعتمر المجاهد ابن جبر المكي امام المفسرين في في وقته فيه بيان معنى اللات على احد التفسيرين وكما ايضا من كلام ابن عباس رضي الله عنهما. فاللات ها هنا على زنة اسم الفاعل. من اللت. وهو الخلط فكان يلت السويق يعني يخلطه بالسمن او الزيت او الماء قد مضى الكلام عن هذا سابقا فهذا الصنم الذي هو من اعظم اصنام اهل الشرك انما اتخذ بسبب الغلو في الصالحين. اللات رجل صالح كان يلت فيطعمه من مر به من الحاج وغيره. وعند ابن ابي حاتم انه كانت تجري له بعض الكرامات فغلى اهل آآ ذلك الزمان في هذا الرجل تعظيما مجاوزا للحد فلما توفي عكفوا على قبره فكان وثنا يعبد من دون الله عز وجل. انزل الله في شأنه افرأيتم اللات والعزى وجاء في رواية عشرية متواترة وهي رواية رويس عن يعقوب افرأيتم والعزة وهذا يناسب هذا التفسير. افرأيتم اللاتة الجمهور بالتخفيف قرأوا يمكن هو قرأ بالتشديد فهذا مناسب لهذا التفسير. واما على قراءة التخفيف فثمة توجيهات اما ان المعنى هو ولكن حصل تخفيف لهذا التشديد قرأت اللات والعزى فهي في الاصل والعزل. والتوجيه الثاني وهو مجاعة المجاهد ايضا جاهد قول ان في تفسير هذه اه الكلمة انه مشتق من الاله او من الله على عند اهل العلم فيكون من الالحاد في اسماء الله تبارك وتعالى ولا يبعد ان يقال بما قال به بعض اهل العلم ان الاصل في الكلمة اللات. يعني ذاك الرجل الذي كان يلت السويق الصنم اه سمي بوصفه هو. ثم انهم اشتقوا بعد ذلك آآ له من اسم الله عز وجل مبالغة في تعظيمه. وهذا قد يقال ان فيه جمعا بين القولين في هذه المسألة والعزة ايضا مضى الكلام فيها وهي السمرات التي آآ كانت بنخلة كانت تعبد من دون الله عز وجل وهي من اعظم الاصنام في ذلك الوقت وعرفنا القبائل التي كانت تعظم هذه الاصنام نعم. قال وكذا قال ابو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما كان قال اه ولابن بسنده عن سفيان عن منصور عن مجاهد افرأيتم اللات والعزى؟ نعم. قال كان يلت لهم السويق فمات فعكفوا على قبره كذا قال ابو الجوزاء عن ابن عباس رضي الله عنهما كان يلت السويق للحاج. نعم. هذا الاثر عند البخاري وابو الجوزاء هو اوس بن عبدالله الربعي ثقة مشهور وتفسير ابن عباس رضي الله عنهما هذا هو في معنى التفسير السابق نعم وعن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد والسرج رواه اهل السنن اه هذا الحديث حديث ابن عباس على النسق السابق وقد مضى الكلام فيه غير مرة لكن الجديد في هذا الحديث هو آآ لعنه زائرات القبور وهذه مسألة آآ البحث فيها عند اهل العلم وهي حكم زيارة النساء للقبور. والذي يترجح والله عز وجل اعلم واختاره الجماعة من اهل التحقيق هو المنع والتحريم لزيارة النساء مطلقا. هذا الحديث حديث ابن عباس آآ وجاء ايضا من حديث ابي هريرة وجاء ايضا من حديث حسان ابن ثابت الالفاظ فيه زائرات في رواية ابن عباس وفي رواية ابي هريرة وحسان رضي الله عن الجميع جاء زوارات او زوارات هذا الظبط اهمية في مسألة الترجيح او الكلام عن آآ ما اورده القائلون بعدم التحريم. هذا الحديث ولا سيما رواية زائرات صريح بانه لا يحل للنساء زيارة القبور. وان هذا من الامور المحرمة بل من الكبائر. لانه توعد على هذا العمل باللعن وهذا من امارات كون الشيء كبيرة ولا يرد هذا الاستدلال الصريح ما اورده بعض اهل العلم القائلين او القائلون بان آآ زيارة النساء جائزة كون الحديث جاء على صيغة المبالغة. لان الجواب عن هذا بين ويظهر هذا من اوجه اهمها وجهان الاول ان بعض اهل العلم ضبطوا الحديث كالسيوطي وغيره زوارات زوارات جمع زوارة وزوارة معنى زائر فتكون زوارات بالضم بمعنى زائرات وبالتالي لم يكن هذا من اه صيغ المبالغة صيغة المبالغة في هذه الكلمة زوارات لكن هنا ضبط زوارات وبالتالي ينحلوا الاشكال. والجواب الثاني على تقدير زوارات ان الرواية كانت زوارات فيقال ان المبالغة ها هنا انما كانت لتعدد النساء لا لتعدد زيارتهن للقبور بمعنى لا يقال ان زوارات بمعنى يكثرن الزيارة ومفهوم ذلك انها ان اقلت في الزيارة جاز ذلك. وانما يقال ان المبالغة ها هنا نظرا لتعدد الزائرات وليس لتعدد الزيارات ويكون هذا على مثال قول الله عز وجل مفتحة لهم الابواب فان الباب يفتح مرة واحدة لكن حصلت المبالغة ها هنا نظر من كثرة الابواب وهذا جواب حسن اجاب به شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله يؤيده انه ليس هناك حد واضح للتفريق بين الكثرة والقلة. يعني اذا قيل ان الكثرة هي الممنوعة والزيارة القليلة جائزة قيل وما الحج؟ ليس هناك في النصوص حد بين في ذلك فمن الناس من يرى ان عشر زيارات في السنة مثلا كثير ومنهم من يرى ان الالف هو كثير اما تسع مئة مثلا ليس بكثير. فبالتالي لم يكن هناك ضابط لهذه المسألة. فالذي يظهر والله اعلم ان هذا الحديث صريح في هذا الباب. اكثر ما ورد او اهم ما ولد على اه هذا الاستدلال اه معارضته قوله عليه الصلاة والسلام كنت نهيتكم عن زيارة القبور الا فزوروها فانها تذكركم الاخرة. فقوله الا فزوروها يدخل فيه اه النساء وبالتالي فيكون هذا اللعن محمولا على ما قبل ذلك يعني اللعن كان في وقت النهي العام. فلما نسخ ذلك بالاذن وجوازها دخل النساء في هذا الاذن لقوله فزوروها. وهذا لفظ يعم الرجال والنساء وهذا في الحقيقة ليس بقوي لان هذا الجواب مبني او هذا الايراد مبني على ان لفظ اللعن انما كان قبل قبل ماذا؟ قبل النسخ وهذا لا دليل عليه. فلقائل ان يقول لا بل اللعن انما جاء بعد بعد ورود النسخ وجواب ثان هو ان النهي الخاص اقوى ومن العموم الذي دخل فيه النساء تغليبا. هذا الحديث الضمير فيه موجه للذكور للرجال والنساء يدخلن في ذلك تغليبا. اهل الاصول يدركون ان النهي الخاص هنا المتعلق بالنساء اقوى من هذا العموم الذي يضعف امامه وهو العموم الذي دخل فيه النساء تغليبا وليس نصا. الاقرب والله اعلم هو هذا اه الامر وهو نهي النساء مطلقا عن اه زيارة القبور وان امر محرم عليهن مقاصد الشرع اه تشهد لذلك المطلوب من النساء القرار اه الاقلال من الخروج فكيف اذا كان يترتب على هذا الخروج فتنة للرجال بل فتنة لهن في انفسهن من حيث آآ ما هو معلوم من حال النساء من الجزع وقلة الصبر؟ فتح هذا الباب فيه آآ فتح لذريعة وقوع منكرات عظيمة عند القبور. فان في النساء من الضعف ورقة والجزاء ما ليس عند الرجال. يعجبني في هذا الكلمة لابن المالكي حينما علق على هذا الخلاف في هذه القضية بقوله ان هذا الخلاف في الواقع بين العلماء في حكم زيارة النساء انما كان في الزمان الغابر. فاما في هذا الزمان الاحظ انه يتكلم عن هذه القضية قبل قرون يقول فلا يشك عالم بل من عنده مروءة على تحريم خروج النساء الى المقابر. وهذا نظرا لما تغيرت اليه اخوان من اه تبرج النساء وسفورهن وعظيم الفتنة بهن والمقصود ان نهيه عليه الصلاة والسلام هذا النهي البليغ بصيغة اللعن من اقوى ما يكون دلالة على التحريم. تحريم زيارة النساء للقبور. و اما معارضة ذلك بقوله عليه الصلاة والسلام فزوروها فانها تذكركم الاخرة ليس بمنتجع. ولو تأملت فقط في وجه واحد يكفيك في الرد فان قوله فزوروها الاقرب انه دليل على الاستحباب ولا يعلم من الائمة المتبعين من قال باستحباب زيارة النساء للقبور والغاية الامر عند بعضهم الجواز وعند البعض الاخر الكراهة. اما ان يكون هناك حث على زيارة اللسان القبور فهذا ما لا يعرف ان احدا قال به والواقع العملي في عهد الصحابة رضي الله عنهم كما بين هذا اه اهل العلم كشيخ الاسلام وغيره في عهد الصحابة من بعدهم من السلف الصالح ما كان يعرف ان النساء اه يتوجهن للقبور ويزورون اه او يزورن تلك القبور. فهذا ما يتعلق بهذه المسألة والبحث فيها مبسوط في كتب اهل العلم ثم اضاف عليه الصلاة والسلام في هذا الحديث المتخذين عليها اه اه نعم المساجد والسرج اتخاذ المساجد كما اسلفت يعني مضى الحديث فيه غير مرة. وتبين ما فيه. والسرج يعني القناديل ففيه نهي عن انارة القبور لما في ذلك من الفتنة التي قد تقع فحسمت في هذا النهي. فاضاءة هذه القبور وتسليط اه الانوار عليها قد يوقع في قلوب الجهال تعظيمها لربما تحصل تخيلات وتهيؤات وتنسج الاساطير بسبب هذا الامر فحسم الامر بمنع اسراج القبور. وهذا التعليل اعني كون ذلك سدا لزريعة الشرك بالله عز وجل اقوى من التعليل بان هذا فيه اضاعة للمال. فان اضاعة المال اه قد كرهها الله عز وجل لكن لم يرد في ذلك ان يصل الامر الى حد اللعن فاه كون ذلك الامر يتوعد عليه باللعن دليل على ان الامر فيه عظيم ويمس جنابة كامر عظيم الا وهو جناب التوحيد. وفي هذا الحديث ايضا رد على زعم القائمين بان آآ النهي عن آآ اتخاذ القبور مساجد آآ انما هو للنجاسة التي آآ تكون عن طريق اه الصديق فاذا نبشت القبور فانه تتنجس الاتربة في المقبرة بالتالي يكون المنع للنجاسة وتبين لنا في الدرس الفائت ان هذا تعليل عليل وهذا اللفظ فيه رد ايضا فان اقتران النهي عن اصراج القبور مع النهي عن اتخاذها مساجد. في دليل على ان ذلك لم يكن للنجاسة. لان النهي عن اصراج القبور لم يكن لنجاسة فكذلك الامر الذي اقترن معه لم يكن لنجاسة و تبين لنا جواب بعض الشبهات التي استدل بها القبوريون في تجويز اتخاذ القبور مساجد او الصلاة عندها او البناء عليها الى اخره. ومن شبهاتهم ايضا التي ما ذكرت في الدرس الماظي ما زعموا من ان قيام مسجد النبي عليه الصلاة والسلام في محل كان مقبرة للمشركين دليل على جواز ان آآ تتخذ فالمقابر مساجد. وهذا باطن لوجهين. الاول ان النبي عليه الصلاة والسلام انما بنى المسجد بعد نبش القبور وهذا ثابت في الصحيح اهل الاهواء يأخذون ما لهم ويدعون ما عليهم. كما هو ديدنهم. النبي عليه الصلاة والسلام انما بنى المسجد بعد نبش القبور واذا لبست القبور ان تفاكون المكان مقبرة والحكم يدور مع علته وجودا والجواب الثاني ان يقال ان هذا الحديث حجة عليهم لا لهم. فان كون النبي صلى الله عليه وسلم ينبش هذه القبور دليل على ان اقامة المسجد على القبور محرم. لانه يكون لولا يعني هذا الامر لكان نبش القبور عبث. لا فائدة منه. وهذا مما ينزه عنه فعله عليه الصلاة والسلام وامره. لو كان يجوز ان تبنى المساجد على القبور لما كان هناك حاجة الى نفس القبور الواقع انه عليه الصلاة والسلام نبش هذه القبور قبل ان يبني هذا المسجد اه شبهة اخرى استدلالهم بصلاة النبي عليه الصلاة والسلام صلاة الجنازة على القبر قالوا اذا جازت صلاة الجنازة على القبر جازت سائر الصلوات بجامع ان كل صلاة وهذا اه استدلال اه واهن وليس عليه اثارة من علم. فان الذي جاءت فيه النصوص المتكاثرة المتواترة وما اجمع عليه اصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام هو الصلاة ذات الركوع والسجود. فان هذه الصلاة هي التي آآ حصول عند القبور ذريعة الى عبادة اصحابه. حينما اه يركع عندها ويسجد عندها في هذا ذريعة وسيلة لعبادة هذه القبور وهذا ما لا يكون اه بصلاة الجنازة الذي التي ليس فيها ركوع وسجود. ولا شك ان المسلم الصادق في اتباع النبي عليه الصلاة والسلام هو الذي يجمع بين النصوص ويؤمن بها جميعا ويؤلف بينها وليس الذي اه يرمي بعظ النصوص ببعظ واه يعارض بعظها ببعظ فان هذه طريقة اهل البدع الوخيمة. بقي التنبيه على ما يتعلق بهذا الحديث من جهة آآ حكمه آآ الشطر الاول من الحديث آآ كما اسلفت جاء آآ في روايات اخرى والجزء الثاني فيه ايضا ما يتعلق باتخاذ المساجد له شواهد كثيرة لكن بقي فقط مسألة الاسراج فيها هذا الحديث وهذا الحديث في بحث طويل عند اهل العلم من جهة ثبوته وعدم ذلك. والبحث مبني على رجل في الاسناد هو ابو صالح اختلف فيه هل هو ابو صالح مولى امي هانئ؟ وهذا مختلف فيه فمنهم من وثقه ومنهم من جرحه او هو اه السمان وهو من رجال الصحيح فيكون الحديث صحيحا لكن على كل حال طبعا لاهله العلم بحث طويل ومن اهل العلم من صحح ومن اهل العلم من ضعف وممن صححه اه اه اثبته او حسنه كثير من اهل العلم كشيخ الاسلام وابن القيم وغيرهم من اهل العلم لكن على كل حال انبه الى انه حتى على القول بضعف الحديث فانه يكفي ان اسراج القبور آآ بدعة محدثة يكفي في منعها كون هذا الامر اه بدعة محدثة. فانه قد وجد المقتضى لذلك وزال المانع لم يفعل عليه الصلاة والسلام سيما والشريعة كلها تشهد بسد الذرائع الى الشرك هذا منها كما هو واضح. اسأل الله العظيم لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح والثبات على الحق والاخلاص في ذلك ان ربنا لسميع الدعاء وآآ سنتوقف ان شاء الله الى آآ ما بعد آآ هذه الاجازة منتصف العام ونبدأ ان شاء الله اه مع بداية الفصل الثاني والله اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه