بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا والحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام امام الدعوة محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. وعلى اله واصحابه واتباعك باحسان. اسأل الله عز وجل لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح واعوذ به من قول الى عمل. يقول الامام رحمه الله ولم يزل حديثه موصولا بذكر جملة من العبادات القلبية التي هي من عماد الايمان. هذا الباب يتعلق من خوفي من الله عز وجل. انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. والخوف عبادة قلبية عظيمة وهي من اعلى مراتب الايمان. بل هي من صميم العلم بالله عز وجل. ولذا كلما عظم العلم بالله سبحانه كلما عظم الخوف من الله قال ابن مسعود رضي الله عنه بخشية الله علما وكفى بالاغترار به جهلا. وعند الدارمي ان رجلا قال لي الشعبي رحمه الله افتني ايها العالم فقال العالم من يخاف الله اشاهد هذا في كتاب الله قوله سبحانه انما يخشى الله من عباده العلماء اهل العلم هم اهل الخوف والخشية ولذا قرن النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين فوالله لا انا اعلمهم بالله واشدهم له خشية وعند ابن ابي عاصم في السنة قال عليه الصلاة والسلام مررت ليلة اسري بي قالت مررت ليلة اسري بي جبريل كالحلس البالي من خشية الله. فالخوف شأنه عند اهل الايمان شأن عظيم تبويب المؤلف رحمه الله لهذا الباب وادخاله في كتاب التوحيد مناسبته غاضبة فان الخوف من الله توحيد الخوف من غير الله كخوف الله هو من الشرك وقد يكون شركا اصغر كما سيأتي تفصيله ان شاء الله والخوف بالجملة ثلاثة اقسام. خوف مشروع وخوف ممنوع خوف مباح اما الخوف المشروع فانه الخوف من الله سبحانه وتعالى فالله عز وجل يخاف خوف الاجلال والتعظيم لان من صفاته ما يقتضي ذلك فالله عز وجل له من صفات القهر والجلال ما يوقع في القلوب اعظم الخوف منه سبحانه وتعالى. وهكذا اهل الايمان. قال سبحانه يخافون عن الملائكة يخافون ربهم من فوقهم وقال جل وعلا اني اخاف الله رب العالمين. وقال سبحانه لمن خاف مقامي وخاف وعيدي. وقال سبحانه من خشي الرحمن بالغيب وقال سبحانه وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون. والخوف من الله عز وجل هو من اصول الايمان فلا ايمان لمن لا خوف له. واذا قال الله عز وجل في الاية التي بين ايدينا فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. فدلت الاية على ان علامة وجود الايمان الخوف. وان علامة ترحمه من القلب زوال الخوف. ترحل الايمان من القلب. علامته زوال الخوف ويندرج تحت هذا النوع الذي هو الخوف الاعظم الخوف من الله عز وجل من دل كذلك انواع اخرى هي فروع عن هذا الخوف. وهي الخوف من عذاب الاخرة. الله عز وجل قد توعد اهل العصيان بعذاب اليم وعذاب شديد ان لدينا امكانا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما. وهذا مما يورث في قلوب اهل الايمان الخوف من عذاب الاخرة. ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد فدل على ان اهل الايمان يخافون من عذاب الله ان في ذلك لاية من خاف عذاب الاخرة. ويدخل في هذا ايضا نوع اخر وهو الخوف من اثم السيئة وتبعاتها. ولذا ثبت عند الترمذي ان النبي صلى الله عليه وسلم عاد شابا وهو في السياق فقال كيف ستجدك؟ قال والله يا رسول الله اني لارجو الله واخاف ذنوبي. فحال اهل الايمان انه من اعظم النفع اعظم ما يكونون خوفا من ذنوبهم ومن تبعاتها في الدنيا والاخرة. ونوع اخر يدخل في جملة ذلك وهو الخوف من عدم قبول الحسنات. قال جل وعلا والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة. فسر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بانه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف الا يقبل منه. وآآ لون اخر يدخل في جملة ذلك ايضا وهو الخوف من الوقوع في السيئة اما حالا والعبد لا يدري او مستقبلا فشأن اهل الايمان انهم يخافون من ان يكونون واقعين في ذنوب جهلا منهم وهذا الذي يبعثهم الى ان يستغفروا الله عز وجل. كما علم النبي صلى الله عليه وسلم صديق الامة هذا الدعاء العظيم. اللهم اني اعوذ بك ان اشرك بك شيئا وانا اعلم. واستغفرك لما لا اعلم وهكذا كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. علق البخاري عن ابن ابي بريكة التابعي الجليل انه قال ادركت ثلاثين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم النفاق على نفسه. ومن هذا ايضا الخوف من تقلب القلب. والرجوع بعد الهداية الى الضلال والغواية. وكذا الخوف من سوء الخاتمة فان سوء الخاتمة من اعظم ما خافه اهل الايمان على انفسهم هذه الجملة من انواع الخوف المشروع وباعثها وسببها امور عدة اولها واعظمها العلم بالله عز وجل وبما له من صفات القهر والجلالة. فان صفات الله عز وجل كالغضب والبغض والمقت والعزة والقوة قدرة وامثال ذلك من هذه الصفات العظيمة هي من اعظم البواعث التي تبعث على الخوف من الله سبحانه وتعالى. ولذا فكما اسلفت كلما كان الانسان اعظم علما بالله عز وجل وبصفاته ونعمة جلاله كلما كان اعظم خوفا من الله ومن بواعث واسباب الخوف المشروع مطالعة نصوص الوعيد والتصديق بها. وكلما عظم يقين الانسان وايمان بما دلت عليه النصوص من وعيد الله عز وجل وما نكون في الاخرة من الجحيم والنكاد كان هذا من اعظم البواعث على اصول الخوف والرعبة ومن اسباب الفوضى وبواعظه ايضا معرفة تقصير الانسان. وجنايته. وتفريطه في جنب الله عز فان الانسان كل انسان يعلم من نفسه تقصيرا عظيما في اداء ما اوجب الله سبحانه وتعالى عليه. بل لو حوسب الانسان الا يأتيه من الفرائض على ما يأتيه من الفرائض لكان حريا بالعقاب. فكيف اذا انضم الى هذا ذنوب واثار. وسيئات عظام. فكيف اذا انضاف الى هذا تقصير عظيم في شكر نعم الله جل وعلا. فهذا كله يزعم الانسان يصاب برهبة عظيمة وخوف كبير من الله سبحانه وتعالى ايضا من اسباب الخوف وبواعثه الايات الكونية قال جل وعلا وما نرسل بالايات الا تخويفا. وفي الصحيحين في قصة الكسوف قال عليه الصلاة والسلام ان الشمس والقمر اياتان من ايات الله يخوف الله بهما عباده. لا لموت احد ولا لحياته. فهذه اسباب وبواعد تثير الخوف وتبعث الخوف في نفوس اهل الايمان بقي التنبيه على ان اهل العلم يقررون ان الخوف فيكون عبادة محمودة الا اذا كان مضموما اليه الرجاء اما الخوف المجرد فانه مؤذن للقنوط واليأس ولابد والله عز وجل يقول ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. ويقول انه لا من روح الله الا القوم الكافرون. الخوف المجرد غير المشوب برجاء الله سبحانه ورجاء الثوابت وحسن الظن به. فانه ليس حسنة محمودة ولا عبادة صحيحة. وهذا يجرنا الى الحديث عن المسألة المشهورة التي يذكرها اهل العلم في هذا المقام. وهي هل الافضل في حق المسلم؟ وقد علمنا وجوب ان يقترن في قلبه الخوف والرجاء هل الافضل في حقه ان نغلب جانب الخوف؟ او يغلب جانب الرجاء. في المسألة اقوال عدة عند اهل العلم فمنهم من يقول يغلب الرجاء مطلقا. ومنهم من يقول يغلب الخوف مطلقا ومنهم من يقول يغلب في حال الحياة والصحة جانب الخوف ويغلب في حال المرض وقرب دنو الاجل جانب الرجاء ومنهم من يقول ان المشروع ان يكون الخوف والرجاء مستويين دائمان معتدلين دائما في كل حال. وهذا القول هو اقرب هذه الاقوال والله عز وجل اعلم. وهذا الذي اختاره جماعة من اهل العلم والتحقيق كالامام احمد رحمه الله شيخ الاسلام ابن تيمية وغيرهما من اهل العلم. وهذا الذي تدل عليه النصوص النصوص قد دلت على ان المشروع ان يقترن الخوف والرجاء دون تغليب احدهما على الاخر. من ذلك قول الله جل وعلا ودلوق خوفا ويقول جل وعلا يحذر الاخرة ويرجو رحمة ربه كما انه يذكر من اسمائه وصفاته ما يوجب اصول الامرين معا في القلب دون تغليب عهدهما على الاخر. كقوله جل وعلا نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم ان عذابي هو العذاب الاليم. ويشهد لهذا ايضا وهو من اصلح ادلة في هذا الموضوع ما ثبت عند الترمذي من الحديث الذي ذكرته انفا وهو في شأن الشاب الذي عاده النبي صلى الله عليه وسلم وهو في سياق الموت. فقال كيف تجدك؟ قال والله يا رسول الله اني الله واخاف ذنوبي. وقال عليه الصلاة والسلام ما اجتمعا في قلب مؤمن في هذا الموطن الا امنه الله الا اتاه الله ما يرجو وامنه مما يخاف. فلم يكن او فلم يذكر الشاب عن خاله انه غلب احد الجانبين على الاخر ولم يرشد الى هذا النبي صلى الله عليه وسلم فدل هذا على ان الاعتدال في كل الاحوال هو المشروع. ويشهد لهذا ايضا انه مع غلبة احد الطرفين على الاخر فلا يؤمن من الوقوع في زمن اما في القنوط من رحمة الله واليأس من روحه او من مكر الله جل وعلا. فغلبة الرجاء قد تفضي الى الامن من مكر الله. وغلبة الخوف قد تفضي الى اليأس والقنوط من رحمة الله عز وجل. لذا فالقصد والطريق الارشد والاسلم هو ان يجاهد الانسان نفسه على ان يعتدل في قلبه الخوف والرجاء. ولا يصل الى هذه الحال. الا اذا جاهد نفسه مجاهدة حتى انه لو قيل ان رجلا واحدا سيدخل النار وبقية الناس الى الجنة نخاف ان يكون هو. ولو قيل ان رجلا واحدا هو الذي سيدخل الجنة. والبقية الى النار لرجى ان يكون هو. وهذا الذي نص عليه جماعة من السلف ذلك قول مطرف بن عبدالله التابعي الجليل رحمه الله قال لو وزن خوف المؤمن ورجائه خوف ورجاء لوجد سواء لا يزيد احدهما على صاحبه. وهكذا جاء عن غيره عن غيره في اثار شتى بقي التنبيه على ان المشروع للمؤمن ان يسعى الى اعتدال المقامين. وعليه. فاذا علم من نفسه تفريطا في حقوق الله عز وجل. وميلا الى الغفلة والمعصية. فان عليه ان يذكرها بعظيم بأس الله وعذابه. وان يظرب هذا القلب بسياق الخوف. واما اذا علم منها يأسا وقنوطا فان عليه ان يدمن النظر في نصوص الرجاء والتي تبعث على حسن الظن بالله عز وجل. فيكون هذا وذاك تغليبا مؤقتا. يغلب الخوف مؤقتا او الرجاء. مؤقتا. نظرا لاعتلال القلب حتى يعود الامر الى الحال السوية وهي اعتدال الخوف والرجاء والله عز وجل اعلم هذا كله القسم الاول وهو الخوف المشروع. اما الخوف ممنوع فهو نوعان. شرك اكبر ومعصية. اما الشرك الاكبر فهو الذي يسميه اهل العلم شرك السر. وشرك السر هو ان يخاف هو ان يخاف الانسان من غير الله عز وجل ان يصيبه بما يكره من دون ان يباشره. يخاف من غير الله عز وجل. ان يصيبه بما يكره من دون ان يباشر يعني يخشى من غير الله عز وجل ان يناله بدون سبب ظاهر. وهذا في الحقيقة شرك في الربوبية وشرك في الالوهية. اما كونه شركا في الالوهية فلكونه صرف الخوف الذي يجب ان يكون لله لغيره. فلا تخافوه وخافوا ان كنتم مؤمنين. واما قوله شركا في الربوبية فهو لاعتقاد هذا الخائف ان لهذا المخوف قدرة وسلطان خفيا يستطيع به ان يفعل ما من يشاء وان يوصل ما يريده الى من يريد دون سبب ظاهر. فهذه القوة وهذا السلطان ليس لاحد من المخلوقين. بل الله عز وجل هو الذي يفعل ما يشاء وهو الذي يحكم ما يريد. وهو الذي يوصل الى عباده ما شاء من نفعه. انظر بما يشاء سبحانه وتعالى فالملك كله ملك له جل وعلا الكون كله ملك له سبحانه وتعالى يتصرف فيه كيفما يشاء. فمن اعتقد هذا في مخوف فقد اشرك هذا الشرك في الربوبية. وذاك في الالوهية مع الله عز وجل. ومثل هذا واقف عند المشركين قديما وحديثة. اما قديما فكما حكى الله عز وجل عن قوم هود ان نقول الا اعتراك بعض الهتنا بصورة واما حديثا فما يعتقده القبوريون من الخوف من الاولياء. ان يصيبوهم بما يكرهون ولذلك تجد احد هؤلاء المشركين يخاف جدا من الولي الذي يعبده من دون الله عز وجل تجده حريصا على اقواله بل على خلجات نفسه ان فيها يغضب عليه الولي او السيد وبالتالي يوقع به ما يكره وهذا والعياذ بالله شرك اكبر لا شك فيه اما النوم الثاني وهو المعصية فهو الخوف الذي يبعث على ترك واجب او فعل محرم. كان يخاف الانسان من اعداء الله من الكفار فلا يجاهد في سبيل الله اذا وجب عليه الجهاد او يخاف من الفساق فيترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقد وجب عليه. او يخاف من سخط بعض الناس فيوافقهم على معصية الله. وقال علماؤنا علماء التوحيد ان هذا النوع فيه طرف من الشرك. وفيه شرك خفي. وفيه شرك اصغر لانه اثر رضا المخلوق على رضا الله سبحانه وتعالى هذا طرف من الشرك. والمشروع لاهل الايمان والتوحيد. ان يكون خوفا من الله سبحانه وتعالى واما المخلوقون انما هم في نظر المؤمن الصادق والموفق المحقق انما هم مخلوقات لله عز وجل لا تضر ولا تنفع على حقيقة انما الامر كله لله سبحانه وتعالى. القسم الثالث الخوض الطبيعي وهذا خوف مباح لا حرج فيه. كخوف الانسان من نار محرقة او سبع عادي او عدو قاهر وما شاكل ذلك فمثل هذا خوف طبيعي جبل عليه الانسان فلا حرج فيه هذه مقدمة مختصرة عن الخوف وانواعه. اما الاية وهي التي بوب بها المؤلف رحمه الله هذا الباب فهي قوله سبحانه انما ذلكم قالوا يخوف اولياءه. ولاهل العلم تفسير قولان في تفسير هذه الاية القول الاول وهو الذي عليه جماهير اهل العلم بل نص بعضهم على انه قول جميعهم ولكن هذا ليس بدقيق بل القول الثاني مروي ايضا عن عن بعض اهل العلم. الا وهو ان معنى الاية انما ذلكم الشيطان يخوفكم اولياءه. وبعضهم يقول يخوفكم باولياءه وبعضهم يقول يخوفكم من اوليائه. والامر في هذا قريب. فيكون المعنى كقوله جل وعلا لينذر يوم الثلاثاء. فالشيطان يخوف اهل الايمان من اوليائه من الكفار والمنافقين. فيترك ما اوجب الله عز وجل عليهم من الجهاد ونحوه. انما ذلكم الشيطان يخوف اولياءه نفوتكم من اوليائه. وهذا هو المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وسعيد ابن جبير. وعكرمة وغيرهم من اهل العلم القول الثاني في تفسير الاية انما ذلكم الشيطان اولياءه من المنافقين وظعاف الايمان. بمعنى انه يسعى في ايقاع الخوف لاوليائه من المنافقين وبفعل وظعاف الايمان يجعل او فيكون معنى الاية ان المخوف هم الاولياء الذين يقع الذين يقع عليهم التخويف هم اولياء الشيطان. اما اهل امام فان الشيطان لا يخوفه لانه لا سلطان له عليه. الشيطان ليس سلطان على الذين امنوا وعلى ربهم يتوكلون. هذا قول ثان في الاية وهو مروي عن الحسن رحمه الله والقول الاول هو الاقرب وهو الذي عليه جماهير اهل العلم بالتفسير. انما ذلك شيطانك يخوف اولياءه فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. فلا هؤلاء الاولياء الخوف الشركي ان كنتم مؤمنين. او فلا تخافوا هؤلاء الاولياء خوفا يبعث على ترك ما اوجب الله عز وجل لا تكونون مؤمنين الايمان الواجب وعليه فنفي الايمان الذي تضمن في قومه تعالى كنتم مؤمنين قد يكون نفيا لاصل الايمان اذا كان خوفا شركيا وقد يكون للامام الواجب او لكمال الامام الواجب. اذا كان هذا صوته معصية او شركا اصغر الواجب على اهل الايمان ان يكون خوفه من الله سبحانه وتعالى. وان لا يلتفتوا الى احد من الخلق ان له سلطانا عليهم. ولذا لما شكى احدهم الى الامام احمد رحمه الله خوفه من بعد من بعض الولاة قال له لو صححت لم تخف احدا وهذه الكلمة عظيمة لو صححت لم تخف احدا يعني لو صح ايمانك ولو صح قلبك ولو سلم ايمانك لم تخف احدا دون الله سبحانه وتعالى لان الخلق لا ينفعون ولا يضرون. من استيقن بهذا زال من اي خوف او تعلق اوشوا بشرك بغير الله سبحانه وتعالى ولذا ما احسن ما قال الفضيل رحمه الله قال من عرف الخلق استراح. من عرف الخلق استراح بمعنى من عرف انهم لا ينفعون ولا يضرون استراحة. ويشهدوا لهذا ما علم النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس رضي الله عنهما واعلم ان الامة لو اجتمعت على ان ينفعوك بشيء ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله لك. ولو اجتمعوا على ان يضروك لن يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك فاهل الايمان كلما عظم خوفهم من الله سبحانه وتعالى صغر وقل خوفهم مما سواه وهذه قاعدة مطردة كلما عظم خوفك من الله صبر وقل وضعف خوفك مما سوى الله سبحانه وتعالى. والعكس صحيح. نعم قال رحمه الله تعالى وقوله انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخش الا الله. الشاهد في هذه الاية قوله سبحانه ولم يخشى الا الله. فالخشية التي هي عبادة لا يجوز صرفها الا لله سبحانه وتعالى. وهذا حال اهل الايمان. الذين اثنى الله عز وجل عليهم من الصفات العظيمة والخشية يبحث اهل العلم اذا ذكروها فرق بيننا وبين الخوف وفي هذا اقوال عند اهل العلم فمنهم من يقول ان الخشية اعظم الخوف يعني بين الامرين عموما وخصوص. فالخوف اعم والخشية اخص من جهة انها ارفع درجاته. وبعضهم يقول ان الخشية اخص ولكن من جهة اخرى وهي ان الخشية لا تكونوا الا مع العلم والتعظيم. لا تكونوا خشية الا اذا وقارنها علم بالمخفي وتعظيم له. واما الخوف فلا يلزم فيه ذلك. وبعض اهل العلم يقول ان الخوف يتطلع فيه الخائف الى الضرر نفسه. واما الخشية فان من يخشى يتطلع الى من يوقع الضرر. فالتفات الى من يوقع الضبر واما الخوف فالنظر فيه الى نفس الضرر. وعلى كل حال الامر في ذلك قريب لكن ظاهر من كلام اهل العلم ان الخشية اخص من مطلق الخوف قال جل وعلا ولم يخشى الا الله. ومن فوائد هذه الاية ان الخشية مثمرة للعمل. لانه لما لم يخشى الا الله حصل وقع منه ما جاء في الاية انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الاخر واقام الصلاة واتى الزكاة ولم يخشى الا الله. وهكذا فان الخوف من الله سبحانه وتعالى انما هو باعث عن العلم وباعث عن العمل. اما على العمل فكما سبق. واما على العلم والانتفاع بكلام الله عز وجل فدليله قول الله سبحانه وفي نسخته هدى ورحمة للذين هم لربهم يرهبون. وقال جل وعلا فذكر بالقرآن من يخاف وعيد. سيذكر من يخشى. فدل هذا على ان المنتفع حقا بالعلم النافع انما هو من صح خوفه وخشيته من الله سبحانه وتعالى وبما انهم ذكر اه الرهبة فيحسن ان يشار الى الفرق بينها ايضا وبين الخوف. فالرهبة درجة ايضا من درجات الصوت. لكنها اخف لكنها اخص من مطلق القول من جهتي انها خوف فيه تحرز وهرب من المخوف فهذه هي الرهبة والمقصود ان الانسان كلما عظم ايمان وخوفه من الله عز وجل قلت المخوفات وضعفت الخشية من قلبه في من غير الله سبحانه وتعالى. ولذلك انظر الى حال الرسل. يقول الله عز وجل الذين يبلغون رسالات الله ويغفرون ولا يخشون احدا الا الله. اهل الايمان الحق من الملائكة والانبياء والرسل والرسل وكن من المؤمنين تقل المخلوقات في نفسهم جدا حتى انهم لا يخشون الا الله سبحانه وتعالى نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله ومن الناس من يقول امنا بالله فاذا اوذي في الله جعل فتنة الناس كعذاب الله. هذه الاية في شأن من ضعف خوفه من الله عز وجل وعظم خوفه من غيره. حتى ان اثر تقديم ما يخاف من غير الله على ما تخافوا من عذاب الله. قال الله جل وعلا جعل فتنة الناس كعذاب الله. اي جعل فتنة جعل الم فتنة عذاب الله جعل الم فتنة الناس كالم عذاب الله وقدم هذه على تلك ولذا ارتد ونقص على عقبيه ولم يصبر على فتنة الناس لم يصبر على اذية الناس. لم يصبر على عذاب الناس. فهرب كما يقول اهل اهل العلم من عذاب ساعة في عذاب الابد والعياذ بالله. فمن الناس من اذا امن ولكنه لم يكن من اهل البصيرة في الايمان ثم ابتلي ابتلي في ايمانه ابتلي بسبب انه دخل في دين الله عز وجل ولا شك ان كل من امن بعد كفر يناله حظ من الابتلاء لم يأتي احد بمثل ما اوتيت به كما يقول ورقة رضي الله عنه الا اوذي او الا اوذي فلابد من الاذية ولابد من الابتلاء. احسب الناس ان يقولوا امنا ان يتركوا ان يقولوا امنا وهم لا يفتنون. لابد من اصول ابتلاء والفتنة لكن قد يعظم ذلك وقد يخف. فبعض الناس اذا نزلت به المحنة يصبر نظرا لقلة خوفه من الله عز وجل. وعظيم خوفه من غيره. فيرتد والعباد بالله. اما اهل الايمان فلا يبالي. حتى انه لو يصيبهم ما يصيبهم فانهم لا يتزحزحون عن ايمانهم مثقال ذرة قد مر معنا قريبا وان يكره ليعود في الكفر بعد اذ انقذه الله منه كما يكره ان يقذف في نعم نعم قال رحمه الله تعالى وعن ابي سعيد رضي الله عنه مرفوعا ان من ضعف اليقين ان ترضي بسخط الله وان تحمدهم على رزق الله وان تذمهم على ما لم يؤتك الله. ان رزق الله لا يجره حرص حريص ولا يرده كراهية كاره. هذا الحديث فيه نظر من جهة ثبوته لكن معناه صحيح وما فيه من المعاني يقول الكلام عنه لكن يحسن يشار اشارة سريعة الى معنى لطيف ورد فيه وهو قوله وان تحمدهم على رزق الله. اهل الايمان لعظيم ايمانهم ويقينهم بربوبية الله سبحانه وتعالى. وانه هو النافع. الذي بيده النافع والضر والعطاء والمنع فان مشاهدة قلوبهم انما هي لعطائه ومنه سبحانه وتعالى لا الى غيره. ولذا فاذا جاءتهم النعمة ولو كانت بسبب احد من الخلق فلا التفات لهم بقلوبهم الى هذا المخلوق لانهم يعلمون ان كل ذلك من الله قال سبحانه وما بكم من نعمة فمن الله كلا هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك. فالعطاء في حقيقته لله عز وجل. مشاهدة منة المخلوق وعطائه نقص في الايمان. هذا من ضعف اليقين ان تقول من ضعف اليقين. اليقين هو كمال الايمان. ومن ضعف ذلك ان يكون عندك التفات بقلبك الى المخلوق ولو كان هذا العطاء انما جاءك من طريق لانك لو تأملت لوجدت المعطي على الحقيقة هو الله سبحانه وتعالى. لذا فلتكن مشاهدتك لمنته سبحانه وتعالى لا غير. الله عز وجل هو الذي اعطى هذا المخلوق. والا هو فليس ليس منه شيء ولا اليه شيء ثمان الله عز وجل هو الذي حرك قلبه فاعطاك. ولولا ذلك لم يعطك. فرجع الامر الى ان الله عز وجل هو الاول والاخر. وان الامر كله اليه سبحانه وتعالى. فالمنة ينبغي ان تكون لله سبحانه وتعالى عليك لا على لا لاحد او لا التفات في هذه الملة الى احد الخلق البتة وانما اذا صنع اليك احد من المخلوقين شيئا فيكافئ ويشكر قال صلى الله عليه وسلم من صنع اليكم معروفا فكافئوه. اما اه الحمد واه نسبة النعمة نسبة حقيقية الى هذا المخلوق فهذا من ضعف الايمان. الحمد الذي ينشأ عن مطالعة منة المخلوق والالتفات اليه هذا من ضعف الايمان. انما يعتقد الانسان ان الله عز وجل هو المعطي في البخاري عنه صلى الله عليه وسلم انه قال ان الله هو المعطي وانا حاسب. المخلوق ليس له الا ان يقسم عطاء الله عز وجل. اما المعطي على الحقيقة فهو الله سبحانه وتعالى. حق المخلوق ان يشكر. حق المخلوق ان يكافئ دون ان يكون هناك التفات بالقلب اليه. من استقر في قلبه ذلك فانه لم يذم الخلق على ما لم يقدره سبحانه وتعالى عليه لا ما لم يقدره الله وتعالى له فلا يحصل منه آآ ذنب وتشذيب لمخلوق لانه لم يعطه لانه يعلم ان ذلك كله بتقدير الله سبحانه وتعالى وان الذي لم يعطه في الواقع والحقيقة هو الله عز وجل فلا فائدة اذا من ان تذم المخلوقين على شيء لم يسقه الله سبحانه وتعالى اليك. ولذا لو اهل الارض كلهم على ان ينفعوك بشيء لم ينفعوك الا بشيء قد كتبه الله جل وعلا لك. فرزق الله عز وجل لن يعجل به حرصك ولن يؤخره عنك تقصيرك. سيصلك شئت ام ابيت نعم وعن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من التمس رضا الله بسخط الناس رضي الله عنه وارضى عنه الناس. ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط الله عليه واسخط عليه ناس رواه ابن حبان في صحيحه. وهذا الحديث ايضا فيه بحث من جهة ثبوته وبعض اهل العلم رجح الموقوف على عائشة رضي الله عنها على المرفوظ وبعظهم رجح المرفوع وصححه مرفوعا كالشيخ ناصر رحمه الله وغيره من اهل العلم وما المعنى فلا شك في صحته ان من ارضى الله عز وجل بسخط الناس فان الله عز وجل يثيبه على ذلك برضاه عنه ويثيب على ذلك ايضا بان يرضي الخلق عليه. والعكس صحيح ولذا فعلى اهل الايمان الصادقين في ايمانهم وتوحيدهم ان يكون غاية قصدهم والتفات قلوبهم الى ما يرضي الله سبحانه وتعالى. اما المخلوقون فليس منهم شيء ولا اليهم شيء. الذي مدحه زين وذمه شين هو الله سبحانه وتعالى مصير الانسان في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وجهاد اعداء الله عز وجل خوفا من المخلوق. واتقاء لسخطه. هذا دليل على ضعف الايمان وصاحبه متوعد بسخط الله سبحانه وتعالى عليه. بل ان يضحي حامده من الناس لاما له. هو يطلب رضا المخلوق يعاقبه الله عز وجل بان يسخط عليه هذا الذي يطلب رضاه. فليكن هذا حاملا ولا سيما طالب العلم. الى ان يفرغ قلبه من العبودية للمخلوق. ومن الالتفات بقلبه اليهم. ومن طلب رضاهم. ومن التقاء سخطهم على حساب رضا الله وفعل ما يسخطه سبحانه وتعالى. انما المسلم الصادق لا يرى الناس شيئا. القاعدة عنده فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والانام غضاب وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب اذا صح منك الود. فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب من عرف الخلق كما ذكرت لك استراح واذا صححته لم تخف احدا والذي تليت به الامة بهذه العصور المتأخرة من الضعف انتشال المنكرات. هذا الامر من اعظم اسبابه. تقصير القيام بما اوجب الله عز وجل من الصبع بالحق والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة الى الله عز وجل وان لا يخاف المسلم في الله لومة لائم. وهذا ناشئ من ضعف الايمان ومن ضعف الخوف من الله ومن تعاظم الصوت من المخلوق في نفوس كثير من الناس الا من رحم الله عز وجل وقليل ما الله الله يا معشر الدعاة ويا معشر طلاب العلم بان يجرد الانسان التوحيد في قلبه ويصلح ما يقع في القلب من فساد ومن تعلق مخلوق ومن خوف منه او خوف من انقلاب رضاه سخطا اعلم ان الذي ينفع ويضر هو الله سبحانه وتعالى على الحقيقة. اسأل الله عز وجل ان يصلح فساد قلوبنا وان يعيننا على القيام بما اوجب الله علينا ان ربنا لسيع الدعاء وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد. السلام عليكم