بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام امام الدعوة محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. الحمد لله واصلي واسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان. اما بعد وقد عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب في كتاب التوحيد لينبه عن مخذورين هما الامر من مكر الله والقنوط من رحمة الله. كما في الاية التي تلي هذه وكذلك ننبه على ان الواجب المؤمن ان يجمع بين الخوف والرجاء الخوف قد مضى بدرس سالف وبقي الكلام عن الرجاء. والرجاء هو ملاحظة سعتي رحمتي رحمة الله جل وعلا وحسن الظن به والطمع فيما عنده. وهي عبادة عظيمة جليلة يتقرب بها المؤمنون الى الله سبحانه وتعالى. وقد جاء هذا المعنى في النصوص بلفظ الرجاء وبلفظ الطمع وبلفظ الرغبة انا نطمع ان يغفر لنا ربنا خطايانا ونطمع ان يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين وقد اثنى الله على اهل الايمان بتحقيق هذه العبودية قال جل وعلا يرجون تجارة لن تبور. السبب المحصل للرجاء امران الاول التعبد لله جل وعلا باسمائه المشتملة على معاني الرحمة والرأفة. فالرحمن والرحيم والرؤوف والغفور والودود وامثال ذلك من الاسماء والصفات السبب الثاني مطالعة نصوص الوعد والتصديق بها فان الله عز وجل قد وعد المؤمنين وهو اصدق وعد جل وعلا وعدهم بفضل عظيم. وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا. فمن حقق الايمان والتصديق بهذه النصوص فان هذا ولا شك سيكسبه في قلبه عبودية الرجاء واما متعلقات الرجاء يعني ما الذي يرجوه المؤمن فانه يرجو امرين الاول يرجو قبول الحسنات والاثابة عليها يرجون تجارة لن تبور. وهذا امر قد جاء الحث عليه في نصوص كثيرة. منها النصوص التي فيها ذكر الاحتساب من صام رمضان ايمانا واحتسابا من قام رمضان ايمانا واحتسابا وامثال ذلك من النصوص فالاحتساب هنا هو بمعنى الرجاء رجاء الثواب على هذه الحسنة او تلك. اعظم ما يرجوه الانسان من الثواب على الايمان والطاعة رؤية الله جل وعلا و هذا قد بينه الله سبحانه وتعالى بقوله فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا والامر الثاني مما يرجى مغفرة الزلة. والتجاوز عن السيئة وهذا قد دلت عليه نصوص كثيرة منها قوله جل وعلا قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم وقال جل وعلا عن إبراهيم عليه السلام والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين وقال جل وعلا في الحديث القدسي يا ابن ادم انك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك يا ابن ادم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك و في هذا الصدد ايضا يقول ابن مسعود رضي الله عنه ليغفر ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة ما خطرت على قلب بشر. ويقول الثوري رحمه الله لو خيرتم بين ان يحاسبني ربي وان يحاسبني وان يحاسبني ابي لاخترت ربي ربي ربي خير لي من ابي. والمقصود ان الرجاء عبودية لله جل وعلا انا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء. كما جاء في الصحيحين فيما يرويه النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا بقي التنبيه على ان رجاء لا يكون نافعا ولا شرعيا الا اذا اقترن بامرين الاول الخوف وهذه قضية قد سبق التنبيه عليها اي ان الرجاء والخوف من المختلفات التي يجب ان في القلب وانه لا يكون خوف خوفا شرعيا الا باقتران الرجاء ولا يكون الرجاء رجاءا شرعيا الا باقتران الخوف. واما مع انفراد احدهما فانه يكون الخطأ والضلال جل في علاه اذ هو المخوف مع عظيم رحمته ارجوك مع شديد انتقامه. فلم يؤمن الصالحين ولم يقنط المسرفين والامر الثاني العمل وفي هذا يقول ابن القيم رحمه الله اجمع العالم على ان الرجاء لا يكون رجاء شرعيا الا بالعمل. ولا شك ان هذا حق بين في النصوص. قال جل وعلا ان الذين امنوا وهاجروا جاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله. اي هؤلاء هم الذين يستحقون ان يرجوا رحمة الله سبحانه وتعالى مسألة اجتماع الخوف والرجاء ما اسلفت اه مضى الحديث فيها وان الواجب على المسلم ان يجمع في قلبه بين الخوف الرجاء وان يكون المقامان معتدلين دائما في كل وقت في ها وفي المرض وعند اقتراب الاجل غير انه اذا لاحظ الانسان من نفسه اغترارا واسترسالا في الذنوب والمعاصي فان عليه ان يضرب قلبه بسياط الخوف. ويشدد على النفس. ويزري عليها ويذكرها اليما عذاب الله سبحانه وتعالى حتى ترعون. واذا كان في نفسه قنوط ويأس فان عليه ان يلاحظ نصوص الوعد حتى يرجع الامر الى الاعتدال فيصح سيره الى الله جل وعلا اعود الى ما ذكره المؤلف رحمه الله فانه قال باب قول الله تعالى افأمنوا مكر الله فلا مكر الله الا القوم الخاسرون. المكر عرفه اهل العلم تعريفات متقاربة منها انه ايصال الشيء الى الغير بطريق خفي. كما قال ابن القيم رحمه الله. وقال بعضهم هو الايقاع بالخصم من حيث لا يشعر والمكروه قد نص كثير من اهل العلم على انه منقسم الى محمود ومذموم. فاما المحمود فانه اذا كان على سبيل العدل والمذموم ما تضمن كذبا او ظلما. والله سبحانه وتعالى يتصف من هذه الصفة بالقسم المحمود فعسى. كما جاء في هذه الاية وايات اخرى اذا الله عز وجل من صفاته المكر بمن يستحق المكر به. فهي صفة مقيدة لا مطلقة. بمعنى اننا نثبتها لله جل وعلا مقيدة كما جاءت في النصوص. فنقول الله عز وجل يمكر بمن يستحق المكر من الكفار او العصاة وهذا ولا شك امر ممدوح لانه يدل على امرين الاول على عدل الله جل وعلا. والعدل امر ممدوح. والثاني قدرة الله جل وعلا يدل على قدرة الله جل وعلا. بحيث انه يوقع بمن شاءوا سبحانه وتعالى. واذا كان الامر كذلك كان المكر على هذا الوجه صفة مثل وثناء وكمال لله جل وعلا. والله سبحانه خير الماكرين. كما قال ذلك سبحانه وهذه المسألة قد اخطأ فيها اهل البدع ولذلك لو نبضت في كثير من الكتب لا سيما في كتب التفسير التي الفها المتكلمون او المتأثرين او المتأثرون متكلمين فانك تجدهم ينفون هذه الصفة عن الله جل وعلا. فاذا جاءوا الى هذه الصفة قالوا هذه الصفة هي على سبيل المشاكلة. واحيانا يقولون على سبيل المقابلة واذا اطلقوا هذا فانهم يريدون ان هذه الصفة ليست على حقيقتها فيما يضاف الى الله جل وعلا. فلا يقال ان الله سبحانه وتعالى يمكر بمن يمكر به جل وعلا وانما الامر على سبيل المشاكلة وعلى كل حال بحث المشاكلة بحث بلاغي ضمن ابحاث علم البديع من علوم البلاغة وقد عرفوه بانه ذكر اللفظ محل غيره لوقوعه في صحبته اما تحقيقا او تقديرا. قالوا ومن من امثلته قول الشاعر قالوا اقترح شيئا نجد لك طبخه قلت اطبخوا لي جبة وقميصا. وبحاجة لكن ما هو قميص وليس الى طعام. لكن لما ذكروا الطبخة ذكر هذا الشيء لانه مذكور وفي صحبة فقال اطبخوا لي جبة وقميصا. المقصود ان استعمال هذا الامر في هذه الصفة وامثالها كالكيد والخداع والاستهزاء. هذا كله من التأويلات المنكرة التي ينبغي ان يتنبه لها طالب العلم بل نقول الله عز وجل متصف بهذه الصفة على الحقيقة. شأنه او شأنها في ذلك شأن سائر صفات الله جل وعلا الثابتة له. ولكن كما اسلفت نثبتها كما وردت. وهي قد وردت مقيدة. لا مطلقة فلا نطلقها ولا نشتق منها لله جل وعلا اسما. قال سبحانه امنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. الله عز وجل يخاطب او يذكر في هذه الاية حال الكفار. افأمن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون. او امن اهل القرى ان يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون افأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله الا القوم الخاسرون. المكر كفار هو ايقاع العذاب بهم على حين غرة منهم في الدنيا وكذلك ايقاع العذاب عليهم في الاخرة. ولا يأمن مكر الله جل وعلا الا الذين خسروا انفسهم والعياذ بالله. واهل الايمان يخافون من مكر الله جل وعلا. ولا يأمنه من المنتسبين الى الاسلام الا ضعاف الايمان وظعاف التوحيد. ومكر الله عز وجل الذي يخافه المؤمن هو انه يخشى ان يسترسل في الذنوب فتتأخر العقوبات عليه. فيستأنس بها. وبالتالي يسترسل ويتمادى ثم يأخذه الله عز وجل على حين غرة منه على حين غرة منه او انه يغفل عن الله سبحانه وتعالى. وعن ذكره جل وعلا ينساه الله جل وعلا. الله عز وجل من نسيه ذكره فانه ينساه سبحانه وتعالى جزاء وفاقا. فيخلي بينه وبين نفسك ويقطع توفيقه عنه وهذا ولا شك خالف والعياذ بالله او يخاف ان يبتلى فلا يصبر. فيقع في الفتنة وهذا من مكرهه سبحانه وتعالى. فشأن اهل الايمان انهم متيقظون وخائفون من مكر الله وغير امنين من ذلك. وآآ هذا كله دليل على قوة ايمانهم وعظيم توحيدهم وهم لم يزالوا خائفون ان تكون ذنوبهم وسيئاتهم وغفلتهم سببا للمكر بهم وها هنا تنبيه وهو ان بعض من يتفرقوا الى هذا الموضوع يخطئ فيه من جهة انه يعتقد ان الله سبحانه وتعالى قد يوقع بالمحسن ويمكر المتقي دون ان يكون منه سبب. وآآ ربما يحتج على هذا بنصوص لم يفهمها. قوله سبحانه وتعالى واعلموا ان الله يحول بين المرء وقلبه. وكقوله عليه الصلاة والسلام آآ ان الرجل ليعمل بعمل اهل الجنة حتى ما بينها وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار فيدخلها. وامثال ذلك من النصوص التي هي في الحقيقة لم يكن فهمها فهما صحيحا بل في هذا شيء من عدم اقدار الله عز وجل حق قدره الله سبحانه وتعالى اعدل وارحم من ان يجازي على الايمان بالكفر وعلى الحسنة بالمعصية. فاذا عمل المؤمن بالطاعات واجتهد في الحسنات فليس جزاء هذا ان يزاغ قلبه. وان ينقل من المسجد الى الكنيسة. ومن الايمان الى الردة. حاشا وكلا. هذا من الصوم بالله سبحانه وتعالى. الله جل وعلا رحيم. والله جل وعلا شكور. اذا عمل الانسان الحسنة طاعة جازاه الله على ذلك بحسنة اخرى. وامده جل وعلا بتوفيقه. فاما من اعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى. هذا موجب كماله ونعوت جلاله وصفاته سبحانه وتعالى. اذا لا يظنن الظان حينما يتحدث عن موضوع المكر. وان الله عز وجل يمكر ان هذا يكون في ظله ظلم للعبد حاشا وكلا الذي يعمل الحسنات لا يخاف من ربه ظلما ولا عظما ولا بخسا ولا رهقا بل يطمئن ويعلم انه يعبد ربا رحيما وكريما سبحانه وتعالى ولو لاحظت ما جاء في النصوص تجد ان الذي يخشى على الانسان منه انما هو نفسه وسيئاته. وانها هي السبب في ايقاع العقوبات. ومنها ان يمكر الله سبحانه وتعالى به قال جل وعلا فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم قال جل وعلا ولقد ارسلنا الى من قبلك فاخذناهم بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون. فلولا اذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون. فلما نسوا ما ذكروا به انظر الى المكر هنا. فتحنا عليهم ابواب كل شيء حتى اذا فرحوا بما اوتوا اخذناهم بغتة. فاذا هم مبلسون فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين اذا الله عز وجل انما يوقع وانما يمكر بمن يستحق ذلك. واما كون يعمل بعمل اهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها الا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل اهل النار بعمل اهل النار فيدخلها هذا ايضا من مكر الله عز وجل به لانه مستحق لذلك. وبيان ذلك ان هذا الانسان انما عمل بعمل اهل الجنة فيما يظهر للناس. فما دل على هذا الروايات الاخرى وبعضها يفسر بعضا اذا هذا الانسان فيه دخيلة في قلبه وفيه غمش وفيه غش وفيه رياء استحق ان يعاقب هذه العقوبة وان يخذل وان ينكر به. نسأل الله السلامة والعافية. اذا ينبغي ان يتنبه الانسان الى هذه المسألة بعض من يكتب او يتكلم لا سيما في باب الرقائق يخطئ الطريق ويخطئ السبيل في ذلك وهذه المسألة على كل حال لها خلفية عقدية لدى اهل الكلام وكثير من هؤلاء من المتكلمة اذ عندهم ان الله عز وجل لا تعلن افعاله احكامهم بالفتن البالغة بل الامر مرده الى محض المشيئة. ولذلك يجوز على اعتقادهم ان يعذب الله سبحانه اعظم اوليائه. وان في اعالي الجنة الد اعدائه. ولا فرق. ولكن هذا لا يقع فقط لان الله عز وجل ترى انه لا يفعله والا فهو جائز عليه. واما اهل الايمان فعندهم ان هذا الامر الله عز وجل قادر عليه ولكنه لا يفعله لان حكمته تأبى ذلك سبحانه وتعالى. فالله عز وجل رحيم وشكور. والله عز وجل لا يظلم احدا ولا يخاف العامل منه بخسا ولا رهق وعلى كل حال تفاصيل هذا الكلام تحتاج الى وقت اوسع ولعل الله عز وجل ييسر في ذلك مستقبلا. نعم. قول المؤلف رحمه الله تعالى وقوله ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون. هذا الطرف الاخر والجانب الاخر وهو القنوط من رحمة الله واليأس من رح الله. القنوط في لغة هو قطع الطمع عن الشيء. والذي يقنط من رحمة الله جل وعلا. لا شك انه قد زل زلة عظيمة ووجه ذلك انه قد وقع منه سوء ظن بالله تبارك وتعالى من جهتين الاولى الطعن في قدرة الله جل وعلا اذ قد ظن هذا القانط ان الله سبحانه وتعالى لا يقدر على ان يغفر الزلة. وعلى ان يرفع البأس. سبحانه وتعالى والجهة الثانية الطعن في رحمة الله سبحانه وتعالى. فالله عز وجل رحيم قد وسعت رحمته كل شيء. ورحمتي وسعت كل شيء. ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلم الذي يسترسل مع الخوف ويبادر فيه مع عدم الرجاء او ضعفه فانه يقع في القنوط من رحمة الله جل وعلا. فيظن ان الله سبحانه لا يرتبط ولا يغفر له. ولا يتجاوز عن سيئاته. وامثال ذلك من مقتضيات رحمة الله جل وعلا ولا شك ان هذا ذنب عظيم. كما معنى في هذه الاية ومن ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون وقال سبحانه انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون. وآآ السبب المؤدي الى القنوط من رحمة الله جل وعلا اولا الاسراف في المعاصي حينما يسترسل الانسان ويتمادى في المعاصي يستولي على قلبه انه قد انقطع عنه السبب الذي يرحمه الله عز وجل به فيقنق وييأس من رحمة الله سبحانه وتعالى. السبب الثاني مبالغة في الخوف مع ضعف الرجاء. فيبالغ في الخوف حتى يعتقد ان الله سبحانه لا يرحمه ولا يغفر له. فهذان سببان الانسان في القنوط من رحمة الله جل وعلا. كما ان مقابل ذلك مسبب عن اسباب اعني الامن من مكر الله جل وعلا فان سبب ذلك راجع الى ان آآ يسترسل الانسان في المعاصي ويصر على سيئات حتى يضمحل الخوف في قلبه. فيأمن بمكر الله اخر ان يغتر بنفسه. وبطاعته وعبادته يتكل على ذلك ويضعف عنده الامن من من مكر الله جل وعلا ولا شك ان علاج ذلك هو باضداد هذه الاسباب ارجو كل سبب بضده حتى يسلم من هذه الافة. واعوذ واكرر ان السلامة من هاتين الافتين انما تكون بتوفيق الله جل وعلا بعد ان يستقيم سير الانسان الى الله جل وعلا جامعا بين الخوف والرجاء باعتدال. يخاف خوفا مشوبا رجاء ويرجو رجاء مشوءا مشوبا بالخوف والله عز وجل اعلم. نعم. قال رحمه الله تعالى وعن ابن رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الكبائر فقال الشرك بالله واليأس من روح الله والامن من مكر الله هذا الحديث فيه بحث جاء باسناده ان فيه رجلا مختلفا فيه هو شبيب ابن بشر ولاجل هذا حسنه بعضهم في الشيخ سليمان رحمه الله في التيسير ونظر بعضهم في باسناد كابن كثير فانه قال ان في اسناده نظر والاشبه انه موقوف يعني على ابن عباس. والشاهد بيان ان من الذنوب والمعاصي والكبائر اليأس من روح الله يعني من رحمته والقنوط آآ ان يأس من رح الله والامن من مكر الله سبحانه وتعالى. هذا الحديث في مسألة وهي الكبائر فانه قد جاء في هذا الحديث انصح ذكر ثلاث كبائر الاثنتين الماضيتين والشرك بالله سبحانه وتعالى الذي هو اكثر الكبائر على الاطلاق. ومناسب ان تذكر بمسألة الكبائر وهي مسألة فيما اذكر سبق فيها الحديث ولكن لا مانع من من التذكير بها ويجمع لك موضوع الكبائر والصغائر اربع مسائل الاولى هل الذنوب منقسمة الى صغائر وكبائر واذا طرح هذا السؤال فبالتأكيد يراد الذنوب التي هي دون الكفر. والجواب انه قد دلت النصوص كتابا وسنة وهو ما اجمع عليه السلف الصالح ان الذنوب منقسمة الى كبائر وصغائر قال جل وعلا ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه يكفر عنكم سيئاتكم وبالتأكيد ان السيئات في الاية هي الصغائر لان الكبائر قد ذكرت قبلها والنصوص في هذا والامر كما ذكرت لكم مجمع عليه. نقل الاجماع عليه غير واحد كابن القيم رحمه الله وبين شيخ الاسلام رحمه الله ان الجهمية ينكرون تقسيم الذنوب الى كبائر وصغائر. وممن وقع في هذا ايضا طائفة من الاشاعرة وبعض الناس يظن ان الخلاف في هذه المسألة معهم لفظي وهذا ليس بجيد بل الصواب ان الخلاف معهم في هذه المسألة معنوي. ويترتب عليه الاثر وليس هذا موطن تحقيق هذه المسألة. المسألة الثانية ثبت ان الذنوب منقسمة الى كبائر وسرائر. طبعا اذا اتضح لنا ضابط كبيرة لنا ما هي الصغيرة لان الكبيرة هي على الضيق من ذلك. ولذلك كلامنا عن الكبائر لانها اذا اتضحت حتى وضحت الصغيرة لانها ما كان دونها. اقول اذا تبين لنا انقسام الذنوب الى صغائر وقتها فان اهل العلم مختلفون هل الكبائر مضبوطة بالعدد ام بالحج؟ يعني هي معدودة او محدودة. قال طائفة يعني قالوا ان الكبائر انما تضبط بالعد. مختلف في عدها فمنهم وقال هي ثلاث ومنهم من قال اربع ومنهم من قال سبع ومنهم من قال هي سبعون الى غير ذلك مما قيل وهذا المسلك ضعيف. والصواب ان الكبائر منضبطة وهذه هي المسألة الثالثة ما هو حد الكبيرة؟ اختلف اهل العلم في هذا المسألة ايضا الى اقوال متعددة اصوبها هو انها ما فيه الحدود او توجه اليه الوعيد. واذا قلنا الوعيد فالمراد وعيد خاص. كلعنة او عذاب او نار. او ان ليس منا او البراءة منه او انه لا يدخل الجنة وامثال ذلك مما جاء من انواع الوعيد في نصوص وهذا الظابط هو احسن الضوابط واسلمها وهو الذي روي عن ابن عباس رضي الله عنهما واختاره جماعة من السلف كالامام احمد وجمع من المحققين كشيخ الاسلام وابن القيم وغيره من اهل العلم بقيت مسألة رابعة واخيرة وهي هل يقترن بالكبيرة من يسيرها صغيرة؟ الجواب نعم. قد يقترن بالسيئة الصغيرة ما يجعلها في حكم الكبيرة. من ذلك قلة المبالاة بها ومن ذلك المجاهرة بها ومن ذلك الاصرار عليها. كما ثبت عن ابن عباس فيما اخرجه اللانكائي وصححه ابن مفلح وغيره عن ابن عباس رضي الله عنه عنهما انه قال في الكبائر هي السبع مئة اقرب منها الى السبعين. غير ان لا كبيرة الاستغفار ولا صغير ولا صغيرة معه اسرار وروي هذا المعنى ايضا عن انس رضي الله عنه ولا يعلف ولا يعرف لهم مخالف من الصحابة وهذا هو القول المعروف عند اهل العلم وعليه جماهيره. اذا على الانسان ان يتنبه الى هذه القضية وعلى العاصي ان يعرف خطورة المعصية وان الذنب ولو كان صغيرا فان صاحبه على خطر اذا كان مستمرا ومداوما ومصرا عليه الله عز وجل ان يرحمنا بترك الذنوب والعصيان. نعم. قال رحمه الله تعالى وعن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال قال اكبر الكبائر الاشراك بالله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله واليأس من رح الله رواه عبد الرزاق هذا الاثر كما ذكر المؤلف رحمه الله اخرجه عبد الرزاق بمصنف وابن جرير وهو صحيح عن حتى قال ابن كثير انه صحيح الى ابن مسعود بلا شك. ولا جديد يتضمنه الا المسألة التي قد ترد على الانسان اذا اطلع على هذا الاثر وهو ما الفرق بين اليأس من روح الله والقنوط من رحمة الله كما جاء في هذا الاثر اليأس والقنوط. اختلف اهل العلم في الفرق بينهما فقال بعضهم كابن الاثير وبهلال العسكري وغيرهما من اهل العلم. ان القنوط اشد اليأس. بمعنى ان بين اللفظين عموما وخصوصا. فاليأس اعم من القنوط. فكل قنوط يأس ليس كل يأس قنوطا. القنوط اشد اليأس. و استدرك الشيخ سليمان ابن ابن عبد الله في التيسير على هذا القول استدراكا. فقال ان ظاهر القرآن ان اليأس اشد لان الله جل وعلا وصف باليأس الكافرين. وآآ وصف بالقنوط الضالين. ولا شك ان الكفر اشد من مجرد الضلال وذهبت طائفة من اهل العلم الى ان القنوط اخص من اليأس لكن من جهة اخرى وهذا ما ذكره الراغب رحمه الله لقد ذكر ان القنوط مختص بالخير. بمعنى كون الانسان ينقطع في نفسه الطمع في حصول الخير هذا هو قنوط واليأس يعم هذا ويعم ايضا الجانب الاخر وهو انقطاع الطمع في زوال مكروه. وطائفة ثالثة آآ رأت ان هذا شيء وهذا شيء اذا اجتمعا والبحث كله في هذا في حال هذين اللفظين في سياق واحد. واما اذا ذكر هذا على حدة وهذا على حدة فالامر في ذلك فيستعمل وهذا محل هذا فيستعمل هذا محل هذا. المقصود ان من اهل العلم من رأى ان القلوب اذا اجتمع مع اليأس فانه مخصوص بانقطاع الطمع في جلب الخير اليأس انقطاع الطمع في زوال المكروه وعلى كل حال الخطب في ذلك يسير ولعل نكتفي بهذا القدر والله عز وجل اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان