بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين. قال شيخ الاسلام امام الدعوة محمد بن عبدالوهاب رحمه الله تعالى باب من الايمان بالله الصبر على اقدار الله. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى اله واصحابه اجمعين. اما بعد لا يزال امامنا امام الدعوة رحمه الله. يعقد الابواب المتعلقة بالعبوديات التي بها يتحقق اصل الدين والتوحيد وكماله. ومن هذا الباب عقده هذا الباب المتعلق بالصبر الصبر في اللغة هو الحبس وفي الشرع هو صبر على المأمور وصبر عن المحظور وصبر على المقدور. وبيان ذلك ان الصبر في الشرع ثلاثة انواع صبر على طاعة الله جل وعلا واجبة كانت او مستحبة. وصبر عن معصية الله سبحانه وتعالى وصبر على اقدار الله المؤلمة وهذه الانواع الثلاثة واجبة بالاجماع وقد جاءت النصوص الكثيرة في فضل الصبر والثناء على اهله فاهل الصبر هم اهل الايمان الكامل الذين صبروا وعلى يتوكلون اهل الصبر هم اهل البشارة والفوز والفلاح وبشر الصابرين. وقد قال صلى الله عليه وسلم والصبر ضياء كما في مسلم وفي الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام ما اعطي احد عطاء خيرا ولا اوسع من الصبر. فهو خير ما يعطاه الانسان والصبر توفيق من الله عز وجل. فلا يكون صبر الا بتصبير الله واصبر وما صبرك الا بالله. وهو عبادة يشترط فيها الاخلاص كسائر العبادات. الذين صبروا ابتغاء وجه ربهم. وآآ هؤلاء المسألة يذكرها اهل العلم وهي اي انواع الصبر الثلاثة والتحقيق ان الصبر على الطاعة والصبر عن المعصية في الجملة افضل من الصبر على الاقدار الله على اقدار الله المؤلمة ووجه ذلك ان الصبر على الطاعة وعن المعصية صبر اختياري. واما الصبر على الاقدار المؤلمة. فصبر اضطراري وشتان بين هذا وهذا. ويبقى البحث بعد ذلك باي الصبرين افضل؟ هل الصبر على الطاعة؟ افضل ام الصبر عن المعصية؟ والتحقيق في هذه المسألة؟ هو ما ذكره ابن القيم رحمه الله في طريق الهجرة وهو انه بحسب ما يقع عليه او بحسب ما يحصل فيه الصبر. فالصبر على الطاعة العظيمة افضل من الصبر عن المعصية الصغيرة الدنيئة. فالصبر على الجهاد مثلا افضل من الصبر عن فعل الصغيرة الدنيئة والصبر عن الوقوع في كبائر الاثم والفواحش افضل من من الصبر على صلاة الضحى وقيام الليل مثلا هذا هو اصل النزاع في هذه المسألة والله عز وجل اعلم. اما الاية التي ذكرها المؤلف رحمه الله في تبويبه على هذا الباب ومن يؤمن بالله يهدي قلبه فانما يظهر الاستدلال بها بذكر اولها قال الله جل وعلا في سورة التغابن ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ومن يؤمن بالله يهدي قلبه والله بكل شيء عليم. ما من مصيبة والمصيبة هي الامر المؤمن سواء اكان هذا بامر حسي او امر معنوي. كفقد ما او فقد حبيب او نزول مرض او سحر او ما شاكل ذلك. الا باذن الله الاذن هنا هو الابن القدري. وقد علمنا سابقا ان الابن نوعان ابن القدر كهذه الاية واذن شرعي. قل ارأيتم ما انزل الله لكم من رزقه فجعلتم منه حرامه وحلاله قل االله اذن لكم ام على الله تكثرون؟ فالاذن هنا هو الابن الشرعي. والابن في الجملة قريب في المعنى من الارادة. الاذن الكوني قريب في المعنى من الارادة الكونية والاذن الشرعي قريب في المعنى من الارادة الشرعية قال سبحانه ومن يؤمن بالله يهدي قلبه قد اختلف المفسرون في هذه الاية وان كانت الاقوال في ذلك متقاربة من ذلك ان معنى الاية ومن يؤمن بالله يهده الى اليقين ومعنى ذلك انه يعلم ان ما اصابه فبقدر الله فيرضى ويسلم. وهذا معنى ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما. وهو ايضا ما جاء عن علقمة رضي الله عنه ورحمه وسيأتي بكلام المؤلف رحمه الله. وعن اهل التفسير ما هو اعم من ذلك؟ ومن يؤمن بالله يهدي قلبه بمعنى من يحصل له الايمان يجازيه الله عز وجل على ذلك بالهداية التامة من قام بالايمان اجتهد في تحصيل الايمان فانه يهديه الله الهداية التامة. وآآ جاء في غير المتواتر العشرة كلهم على هذه القراءة ومن يؤمن بالله يهدي قلبه وفي غير المتواتر روي عن ابي بكر الصديق رضي الله عنه انه قرأ الاية ومن يؤمن بالله يهدأ يعني يهدأ قلبه. بمعنى انه يطمئن ويسكب. اذا بالله سبحانه وتعالى ومن الايمان بالله ولا شك الايمان بالقضاء والقدر فمن يؤمن بقدر الله سبحانه وتعالى بمعنى انه يعلم ان ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يقل فان الله سبحانه وتعالى يجازيه على ذلك بان يهدي قلبه اليقين في علم ان كذلك من قدر الله سبحانه وتعالى فيرضى ويسلم. وفي معناه ايضا ما جاء عن بعض السلف يهده للاسترجاع. اي انا لله وانا اليه راجعون او يهدى الى ما هو اعم من ذلك وهي اصول الهداية التامة قاموا على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله تعالى ومن يؤمن بالله يهدي قلبه. نعم. قال علقمة هو الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من الله فيرضى ويسلم. نعم. كما ذكرت ذكر المؤلف رحمه الله هذه الاية في مطلع هذا الباب وان كان بوب بقوله من الايمان بالله الايمان على اقدار او الايمان الصبر على اقدار الله يعني المؤلمة. وذكر هذه الاية ثم ذكر ترى تفسير علقمة وهو احد كبار التابعين رحمه الله انه الرجل تصيبه المصيبة في علم انها من الله وهذا هو الايمان بالقدر. فيرضى ويسلم الكلام عن الرضا في محله ان شاء الله ويسلم يعني يستسلم لله عز وجل فلا ينازع الله سبحانه وتعالى في داره نعم قاله في صحيح مسلم عن ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اثنتان في الناس هما بهم كفر الطعن في النسب والنياحة على الميت. هذا الحديث المخرج المخرج في المسلم يبين وجوب الصدر وان مده امر محرم وقادح من القوادح في كمال توحيد الواجب. ثنتان من الناس هما او قال بهما كفر بهما يعني منهما. او قولوا هذين من الناس هو وقوع لخصلتين من خصال الكفر منهم يعني من الناس. الامر الاول الطعن في النسب مر بنا غير مرة ان الطعن بالنسب يكون بامرين اما بعيبها او بنفيها اما بعيبها او بنفيها. والامر الثاني النياحة على الميت والنيافة هي رفع الصوت بتعداد شمائل الميت على هيئة التسخط. كأن يقول القائل او تقول القائلة واعضدا وصاحباه ونصيراه وما شاكل ذلك ففيه رفع في الصوت وفيه تعداد للمحاسن والشمائل وفيه تسخط وعدم رضا بقدر الله سبحانه وتعالى. وهذا انما كان كفرا لانه يتضمن عدم الصبر وهو قدر الواجب وايضا فيه عدم رضا بقدر الله سبحانه وقضائه. وهذا ولا شك نقص عظيم في الايمان والتوحيد مرت بنا في هذا الكتاب بعض النصوص التي فيها ذنب النياحة وجزاؤه من يلوح ويتعلق بهذه الجزئية مسألتان ان تحريم النياحة لا يعني تحريم البكاء. بل البكاء عند الموت امر جائز او حسب. فان النبي عليه الصلاة والسلام لما رفع اليهم نقلته ونفسه تقعقع كانها شل فاضت عيناه عليه الصلاة والسلام واخبر انها رحمة من الله عز وجل وانما يرحم الله من عباده الرحماء ولما توفي ابنه ابراهيم قال عليه الصلاة والسلام ان القلب ليحزن وان العين لتدمع ولا نقول الا ما يرضي الرب وانا بك يا ابراهيم لمخزونون اذا البكاء المجرد لا بأس به. بل قال بعض اهل العلم انه حسن شيخ الاسلام رحمه الله لانه يدل على الرحمة التي في قلوب اهل الايمان. والمسألة الثانية اذا علمنا ان النياحة عن الميت محرمة فانه يرخص تصوم الكلمات اليسيرة دون رفع للصوت بشرط كون صدقا لا على سبيل التسخط. يرخص بالكلمات اليسيرة. دون رفع بالصوت شرط ذلك ان يكون الذي يقال صدقا وايضا ليس ثمة تسخط ويدل على هذا وهذا قد نص عليه غير واحد في الامام احمد وغيره من اهل العلم ويدل عليه ما ثبت في البخاري لما توفي النبي عليه الصلاة والسلام قالت فاطمة رضي الله عنها وابتاه اجاب ربا دعاه وابتاه من جنة في الفردوس المأوى وابتاه الى جبريل من عاه. وثبت ايضا عند احمد بسند الحسن ان النبي عليه الصلاة والسلام لما توفي دخل عليه ابو بكر رضي الله عنه ووضع فمه بين عينيه ووضع يديه على صدريه وقال واصل الى ونبياه وصفياه. دل على هذا على ان مثل هذا الامر اليسير يرخص فيه وليس داخلا في النياحة المحرمة. بقي من مباحث الحديث ومسائله التنبيه على معنى الكفر الوارد فيه. فالكفر ها هنا هو كفر اصغر. وليس الكفر الاكبر المخرج من الملة. وعليه فالكفر شعب لا يعني قيام واحد منها او قيام بالشخص انه قد كفر بمعنى خرج من الملة الا اذا قامت به حقيقة الكفر. والعكس صحيح. لا يعني اصول شعبة او اكثر من الايمان في شخص انه اضحى مؤمنا حتى يقوم باصل الايمان فلو ان كافرا حصل منه صبر او شجاعة او خلق حسن او ما شاكل ذلك من شعب الايمان فان هذا لا يعني انه صار مؤمنا حتى يأتي باصل الايمان. وكذلك فيما نحن بصدده من قامت به خصلة او اكثر من خصال كفر وشعب من شعبه بمعنى قام به نوع او من الكفر الاصغر فان هذا لا يعني انه قد خرج من الملة بل هذا آآ دليل على ضعف ايمانه وتوحيده لكن اصل الايمان باق فيه لانه لم تقم به حقيقة الكفر الاكبر. نعم قال رحمه الله تعالى وله ما عن ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعا ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية. ليس منا لفظ يدل على ان هذا الفعل الواردة في النص كبيرة من الكبائر من شق الجيوب الجيب هو الفتحة التي تكون في اعلى الثوب يدخل الرأس من خلالها. فشق الجيوب الخدود من الامور المنكرة الدالة على ضعف الصبر او عدمه وعليه فهو من ضعف التوحيد وضعف الايمان. و يدخل في هذا المعنى كل الافعال التي تدل على التسخط وضعف الايمان بالقدر كحلق الرأس وتكسير الانية مثلا وما شكل ذلك مما يفعله لو قل صبره اذا نزلت به المصيبة عياذا بالله. فكل هذا من الافعال المحرمة. بل من كبائر الذنوب واما دعوى الجاهلية وقريبة السياق تؤيد ان المراد بها ما ذكره طائفة من اهل العلم في تفسير الحديث ان دعوى الجاهلية هي النياحة. فان اهل الجاهلية كان ويكثر فيه هذا الامر. وهو النياحة اضافة الى الدعاء بالليل والثبور. كان يحصل منهم الابراج النياحة التي عرفتها سابقا وكذلك الدعاء بالويل والثبور وهذا ما يقع من من الناس اذا نزلت بهم المصيبة لا سيما النساء. نظرا لضعف الصبر وقلة الاهتمام عندهن وقالت طائفة من اهل العلم ان دعوى الجاهلية تعم ذلك ما هو اعم منه؟ يعني تشمل هذا وما هو اعم منه. ومن ذلك الدعوة الى العصبيات الجاهلية الجاهلية من الانساب او الطوائف. ومن ذلك ما يحصل من بعض المتمسكة او من بعض بالعلم والدعوة من التعصب لطائفة او التعصب او التعصب لعالم او التعصب لعالم بمعنى انه يدار الولاء والبراء عليه ويكون ميزانا توزن به التصرفات ويوزن به الاشخاص. فمثل هذا لا شك انه من دعوى الجاهلية واهل العلم حقهم الاحترام وحق التقدير الشرعي والتعظيم الشرعي اما ان يوالى وان يعاد عليه وان يعرف قرب الانسان وبعده من جهة مدخه ومن جهة قربه لهذا العالم او ذاك هذا لا شك انه من التعصب الممكوت ومن جملة دعوى الجاهلية. ومتبوع الانسان الذي يجعل ولاءه وبراءه عليه يجعله ميزان بكل شيء هو رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ومن سواه فانه يؤخذ من قوله ويترك هذا الذي ذهب اليه طائفة وتعميم الحديث او تعميم فائدة الحديث ما امكن هو الاحسن يعني ما امكن ان تكون فائدة الحديث اكثر فهذا اولى من قصده على بعض المعنى والله عز وجل اعلم. نعم. قال رحمه الله وعن انس رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اراد الله بعبده الخير عجل له بالعقوبة في الدنيا واذا اراد بعبده الشر امسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة. هذا الحديث يخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم فائدة اصول المصائب على المسلم. وان من اراد الله عز به خيرا عجل له العقوبة في الدنيا بنزول المصائب والمحن عليه. الله عز وجل من حكمته انه يبتلي انه يبتلي اولياءه بالمحن والمصائب. وهذه المصائب وهي كل ما يؤلم حسيا كان او معنويا في نزوله بالمؤمن او في نزولها بالمؤمن فوائد من ذلك اولا حصول التكفير والامر ان هذا سبب لحصول ما يحبه الله عز وجل وهو الصبر وامر اخر وهو ان فيه حصون ما يحبه الله عز وجل هو التوبة والانابة والرجوع الى الله عز وجل. فمن اراد الله به الخير نزلت به المصيبة ليحصل له هذه الامور. هذا في حق الموفق. والا فان بعض الناس تكون المصيبة عليه فتنة لا يصبر لها ومن الناس من يعبد الله على حر فان اصابه خير ان به وان اصابته فتنة انقلب على وجهه خسر الدنيا والاخرة عياذا بالله. فبعض الناس اذا نزلت به مصيبة تخرج به الى ذنب ومعصية وربما الى كفر والعياذ بالله. ومن عرف احوال الناس تحقق من ذلك. الشاهد ان في حصول المصائب على اهل الايمان خير كثيرا فانه سبب للتكفير وسبب للصبر وسبب ايضا للرجوع والانابة الى الله عز وجل. ولقد اخذناهم بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون. ذمهم الله عز وجل على بالك اما اهل الايمان على العكس من ذلك. وها هنا مجال لتفصيل القول عن كون المصائب مكفرات للذنوب. هذه قضية تواترت بها النصوص. واجمع عليها اهل العلم. ان المصيبة سبب من اسباب تكفير الذنوب. وقبل ان استرسل انبه الى ان المسلم يلاحظ في المصيبة امرين الامر الاول ان المصيبة جزاء السيئة قال جل وعلا وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت ايديكم. يعلم المسلم ويوقن بان المصيبة ما هي الا جزاء عن سيئة يعني ان هذا المصيبة انما كانت بسبب ذنب ومعصية حصلت من الانسان. والامر الثاني ان المصيبة كفارة وهذا عليه نصوص كثيرة من ذلك ما ثبت في الصحيحين من قوله عليه الصلاة والسلام ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا اهم ولا حزن ولا اذى الا كفر الله به الخطايا. حتى الشوكة وفي هذا المعنى احاديث جملة في الصحيحين الشاهد ان التكفير حاصل بنزول المصائب. ولا شك ان هذا التكفير يتفاوت. بحسب عظم المصيبة وخفتها والجمهور كما لا يخفاكم على ان هذا التكفير انما هو للصغائر دون الكبائر وفي المسألة بحث ليس هذا محله. يبقى النظر بعد ذلك في مسألة وسنأتي مناسبة لها في يرد من كلام الشيخ رحمه الله وما يورده وهي ان مع التكفير ثواب ام لا؟ هذا ما سيأتي الكلام فيه قريبا ان شاء الله. والمقصود ان الله عز وجل اذا اراد بعبده خيرا جعل جزاء سيئاته في الدنيا بالمصائب. فلا يصيب الانسان مصيبة الا كانت سببا للتكفير حتى اذا قدم على الله عز وجل فانه يكون قد كفرت عنه تلك الخطايا التي اجترحها اما من لم يرد الله عز وجل به خيرا او كما جاء في الحديث اراد الله به شرا فانه يمسك عنه فلا تصب عليه المصائب ولا تنزل به المحن حتى يوافي به. يعني حتى يأتي بسيئاته وبما استراحته يداه وافيا يوم القيامة فيجازيه الله سبحانه وتعالى بذلك ولهذا كره بعض الصالحين استمرار النعم والصحة على الانسان وان لا يبتلى وان لا يصاب. ولذلك اذا طالت عليهم المدة فلم يبتلوا فلم يبتلوا يبتلوا فانك تزيدهم يرجعون الى انفسهم. ويفتشون فيها لما ما حصلت بلية او محنة صغرت او كبرت لاجل ان تكون سببا للتكفير. ومن مسائل هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم اذا اراد والارادة في هذا الحديث ارادة الخير وارادة الشر هذه ارادة كونية والارادة كما علمتم قسمة شرعية وكونية لكن هذه ارادة كونية وتعرفها من جهة الحصول فما وقع وحصل فهو مراد لله عز وجل كونا لان هذه الارادة هي المرادفة للمشيئة. وما شاء الله كان وما لم لم يكن الله عز وجل لا راد لقضائه وارادته الكونية سبحانه وتعالى. وفي قوله صلى الله عليه وسلم واذا اراد بعبده شراء الله عز وجل قد يريد بعبده الشر ولكن تنبه الى ان الشر مراد لله عز وجل لغير لا لذاته. فالله عز وجل اذا اراد الشر لم يرده سبحانه وتعالى لذاته والله عز وجل الشر ليس اليه سبحانه وتعالى كما قال النبي عليه الصلاة والسلام والشر ليس اليك لكن يريده سبحانه وتعالى لغيره بمعنى انه يريده كونا لما يترتب عليه من المصالح التي يحبها سبحانه وتعالى. ولاجل هذا كان مرادا لله جل وعلا من مباحث الحديث ايضا اثبات صفة الامساك لله جل وعلا وهي صفة اختيارية والله عز وجل يمسك عن الشيء اذا شاء لحكمة يعلمها سبحانه وتعالى. نعم. قال رحمه الله تعالى وقال النبي صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء وان الله اذا احب قوما ابتلاهم فمن فله الرضا ومن سخط فله السخط. حسنه الترمذي. قال صلى الله عليه وسلم ان عظم يصح ان تقول عظمى ان عظم ان عظم الجزاء مع عظم او مع عظم البلاء وهذه هي المسألة او هذا هو الموضع الذي يناسب الحديث فيه عن كون المصائب والمحن والبلايا سببا لحصول الثواب مع كونها تكفير للسيئات وتحقيق المقام ها هنا هو ان المصائب والمحن والامور مؤلمة نوعان. النوع الاول ما كان ناشئا عن طاعة لله سبحانه وتعالى ومثل هذه لا شك انها سبب للتكفير وسبب للثواب بلا شك ويدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا اينالون من عدو ليلا الا كتب لهم به ذلك بانهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصبوا ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو ليلا الا كتب لهم به عمل صالح. فدل هذا على ان ما يحصل للمسلم من مؤمن بسبب طاعة كالجهاد مثلا ان تكونوا تألمون فانهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون. او كتحمل مثلا الم اه البرد حال الوضوء او ما شاكل ذلك من الامور المؤلمة التي تحصل بسبب الطاعة فهذه لا شك انها مكفرة وسبب للثواب معا. النوع الثاني المصائب التي زيارة للعبد فيها. كأن يمرض او يموت ابنه او ان يصاب بالسحر مثلا او يفقد ما له او ما شاكل ذلك. هذه المسألة فيها قولان لاهل العلم. القول واختاره جماعة من المحققين كشيخ الاسلام وابن القيم وغيرهما ان جزاء المصيبة انما هو تكفير السيئات فحسب. واما الثواب انه يقع على امور وجودية كالصبر والرضا وما شاكل ذلك اما ما مجرد نزول المصيبة فانه لا يحصل بها الا تكفير السيئات. قال ووجه ذلك ان النصوص قد دلت على ان المصائب مكفرات وكذلك دلت على ان المصائب مسببة عن الذنوب فلا تكونوا سببا للثواب. وقالوا ايضا ان الادلة قد وضحت ان ثواب انما يكون على امر وجودي قام به الانسان. وفعله وعالجه واما مجرد ان تنزل به المصيبة هذا شيء لا فعل له فيه ولا تسبب ولا احتياطا فما وجه الاثابة ثم لا شيء. اذا لا ثواب على المصيبة وانما الثواب اه كتابة حسنة تكون على شيء يقع منه بسبب هذه يصيبك كالصبر والرضا ونحو ذلك. القول الثاني ونسبه النووي رحمه الله في شرحه على مسلم الى جمهور العلماء وهو ان للمصيبة ثواب والصبر على المصيبة له ثواب زائد على مجرد المصيبة اذا يثاب مرتين ان صبر. يثاب انه نزلت به المصيبة. ويصاب ايضا ويثاب ايضا اذا صبر عليها بقدر زائد من الثواب. ومما قد يستدل به على ذلك هذا الحديث ان عظم الجزاء مع عظم البلاء. واصلح من ذلك واولى ما جاء في صحيح مسلم من قوله عليه الصلاة والسلام لا يصيب المسلم شوكة فما فوقها الا كفر الله بها عنه خطيئة ورفع له بها درجة. فتلاحظ ان الحديث قد جمع للمصيبة جزاء جمع للمصيبة جزاءين. ثواب وتكفير. و قد يشكل على هذا الاستدلال ما جاء في رواية اخرى عند مسلم ايضا فيها العطف باول الا كفر الله عنه بها عن خطاياه الا كفر الله بها عنه خطيئة او رفع له بها درجة واختلف العلماء هل الذي حصل؟ انما هو شرك من الراوي او اراد النبي صلى الله عليه وسلم التنويع بمعنى انه يحصل له ثواب ان لم يكن له خطيئة او ان لم تكن عليه خطيئة وان كانت عليه خطيئة فانه يحصل له بها التكفير. في بحث طويل. والذي يظهر لي والله انا اعلم ان المسألة تصورها راجع الى ما الذي يصاحب المصيبة؟ المصيبة فيما يظهر يصاحبها امران اما صبر او جزع. فان كان صابرا فهو مثاب قطعا وبذلك تجتمع النصوص التي فيها اثبات التكفير واثبات الثواب وان حصل جزع تسخط فان مما يبعد جدا ان يقال ان هذا المصاب يثاب. بل الصحيح ان هذا المصاب اثم. كما جاء في الحديث فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط او فله السخط. فلا يقال ان الذي يجزع يسافر بل هو حري ان يأثم والمسألة انما تتصور اذا تصورنا واسطة بين الحالتين. وهذا في الحقيقة مما يصعب تصوره. يعني ان تنزل لا يصبر فيها ولا يجزع. وهذا في الحقيقة مما يصعب تصوره. ان تصور هذا او تصورت هذه الحالة فحينئذ يتحقق هذا الخلاف وهو انه يثاب على هذه الحالة عند كما هو قول جمهور جمهور العلماء او لا يثاب كما هو قول اصحاب القول الاول والله اعلم عز وجل اعلم قال صلى الله عليه وسلم ان عظم الجزاء مع عظم البلاء. كلما اعظم البلاء كلما عظم البلاء لا شك انه يعظم آآ الثواب على ذلك اما بالتكفير او بالتكفير مع زيادة الثواب كما مضى. ولذا كان اشد كان الانبياء اشد الناس بلاء. كما في الحديث الاخر عنه صلى الله عليه وسلم اشد الناس بلاء الانبياء ثم الامثل فالامثل يبتلى المرء على قدر ايمانه. فمن كان في قلب فمن كان في ايمانه صلابة ابتلي بحسب ذلك ومن كان في ايمانه رقة ابتلي بحسب ذلك او كما قال عليه الصلاة والسلام. كان النبي عليه الصلاة والسلام يوعك وعكا شديدا. كان يوعك كما يوعك الرجلان منا. وهذا دليل على ان الانسان كلما ازداد بلاؤه كان هذا دليلا على ارتفاع مكانته ودرجته عند الله سبحانه وتعالى ان كان من اهل الايمان والمقصود ان الله عز وجل يبتلي اولياءه ويبتلي احبابه بالمحن والمصائب لتحصل الامور التي يحبها وتعالى من سماع شكواهم ودعائهم ومن تضرعهم ومن استفادتهم ومن توبتهم ومن صبرهم ورضاهم وتسليمهم لله سبحانه وتعالى. فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط او فله السخط. لك ان تكون السخط ولك ان تقول السخط. يعني من رضي بقضاء الله سبحانه وتعالى كان له الرضا من الله جل وعلا. ومن سخط كان له السخط الله سبحانه وتعالى والرضا والسخط صفتان اختياريتان لله سبحانه وتعالى كلامه عن الرضا فيما سبق. والسخط قريب في المعنى من الكراهة وهذا قد ثبت اضافته الى الله عز وجل صفة في نصوص شتى. ذلك بانهم اتبعوا ثم اسقط الله وكرهوا رضوانه. في نصوص كثيرة في الكتاب والسنة. والجزاء من جنس العمل من رضي كان له من الله الرضا ومن سخط كان له من الله عز وجل السخط يبحث اهل العلم ها هنا مسألة وهي مسألة الرضا. فالمؤمن في حال المصيبة له احوال اولا الصبر وهذا الواجب يحبس نفسه عن الجزع ويحبس لسانه عن التشكي والسخط ويحبس جوارحه عن فعل لا يجوز كاللطم والشق والحلق وما الى ذلك. وثمة قدر ارفع وهو الرضا. وهذا كان يسأله النبي صلى الله عليه وسلم ربه. كما في حديث عمار واسألك الرضا بعد القضاء. واختلف اهل العلم في الرضا هل هو واجب؟ او هو مستحب؟ وآآ تحقيق المقام ها هنا هو ان الرضا ينظر فيه الى ناحيتين او الى طرفين الطرف الاول الى تقدير الله سبحانه وتعالى. والى اختياره والى قسمته قول الله عز وجل قدر هذه المصيبة واختارها لعبده وقسم هذا البلاء لعبده هذا قدر واجب. يجب على العبد ان يرضى بتقدير الله الذي هو فعله سبحانه وتعالى. والطرف الثاني المقدور المقضي. المصيبة وهذه قد اوجب الرضا عليها طائفة من اهل العلم كابن عقيل الحنبلي وغيره. وذهبت طائفة اخرى ومنهم شيخ الاسلام وابن القيم. وغيرهما من اهل العلم ان هذا القدر من الرضا مستحب وليس بواجب. وهذا الذي يظهر انه اقرب فانه لم يأتي في نصوص الامر بالرضا او العقاب على من تركه كما جاء في شأن الصبر وايضا لا شك ان في القول بايجابي هذا القدر لا شك ان في هذا تكليفا بشيء عظيم لا يستطيعه اكثر الناس انما الرضا عن قدر الله سبحانه وتعالى في علم الانسان ان تقدير الله عز وجل هذا له فيه حكمة بالغة وان هذا التقدير فيه خير عظيم هذا قدر واجب. لكن كونه يرضى بالشيء الذي قدر عليه. ان كان من المصائب وليس ان كان من التقدير بالسيئات فهذا يجب ان يسخط ويجب ان يكره لكن بحثنا انما هو في المقضي من المصائب فهذا القدر لا يجب ان يرضى به وفرق طائفة من السلف كعمر بن عبدالعزيز وابن المبارك وغيرهما من اهل العلم بين الرضا والصبر بان الراضي لا يتمنى زوال الحال التي هو عليها. بخلاف الصابر. تلاحظ ان هذه رتبة رفيعة لا ينالها الا اهل الايمان الكامل. فما احرى هذا القدر ان يكون مستحبا لا واجبا بناء على هذا فتوجيه الحديث الذي معنا فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط يعني الله سبحانه وتعالى. يجب على المسلم ان يرضى بتقدير الله جل وعلا. فاما اذا سخط تقدير الله سخط فعل الله سبحانه وتعالى ورأى ان الله عز وجل كما ينطق بهذا بعض ضعاف الايمان قد ظلمه وانه لا يستحق هذا من الله تجده يقول يا ربي ماذا فعلت؟ حتى يحصل لي كذا وكذا او يقول بعض الجهال فلان لا يستحق ما جرى له. فلان ما يستاهل ما نزل به وامثال ذلك فهذا سخط تقدير الله عز وجل فعقوبة ذلك ان يسخط الله سبحانه وتعالى عليه. اذا الرضا والسخط هنا تعلق بتقدير الله سبحانه وتعالى وليس للامر المقضي وليس بنكب المصيبة نفسها والله عز وجل اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان