رب العالمين الله تعالى ويريد الحمد لله رب العالمين اللهم صلي على محمد وازواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا اما بعد ونستأنف بعون الله عز وجل هذه المدارسة بهذا الكتاب العظيم كتاب التوحيد. دور مؤلف رحمه الله هذا الباب الذي جعل اية النساء وما بعدها ترجمة له بعد انعقد الباب السابق الذي تعلق بطاعة العلماء في تحليل ما حفظ الله او تحريم ما احل الله وهذا التقسيم ترتيب مناسب. فان جعل الشيخ رحمه الله هذا الباب بعد ذلك استكمال للكلام عن اتصال الطواغيت فان الطاغوت كما قد عرفنا ما تجاوز به العبد حده من معبود او متبوع او مطاع اما المعدود فقد تبين في ابواب الكتاب التي سبقت واما المسؤول فتبين في الباب الذي سبق هذا واما المطاع فانه يتعلق بهذا الباب. هذا الباب مناسبته لكتاب التوحيد ان تحكيم شرع الله توحيد والضد بالضد. وذلك ان الله عز وجل هو الذي يتفرد بالحكم الشرعي كما يتفرد بالحكم الكوني. الله عز وجل كما قال في كتابه ان الحكم الا لله. افغير الله ابتغي حسنا اليس الله باحسن الحاكمين؟ الله عز وجل هو الذي له الحكم. واليه يرجع يرجع الامر كما انه يجب ان يكون المعبود وحده فكذلك يجب ان يكون المطاع وحده ويجب ان يكون حكمه النافذة في هذا الكون وحده جل وعلا. سواء اكان حكما قدريا او حكما شرعيا. والله عز وجل لم ينزل كتابه لكي يتعبد الناس بتلاوته فحسب. وانما انزل لكي يكون حسنا فصلا في المنازعات. انا انزلنا اليك الكتاب لتحكم بين الناس بما اراك الله فهذا الكتاب الذي هو كلام ربنا جل وعلا المتضمن لاحكامه وشرع يجب ان يكون المرجوع اليه. ويجب ان يكون المحكم بين الناس في جميع امورهم. في عقائدهم وفي عباداتهم. وفي مخاصماتهم ايضا وهذا هو تحقيق ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وضد ذلك ايمان بالطاغوت وكفر بالله عز وجل. وقد عرفنا ان الكفر بالطاغوت ركن التوحيد فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى. الطاغوت حينما ينزل حكم غير حكم الله عز وجل منزلة حكمه يكون هذا اتخاذ للطاغوت. والله عز وجل قد امر ان يكفر به وقد امروا ان يكفروا به. يجب ان يكفر بالطاغوت وبحكم الطاغوت وان يفرج الله عز وجل بالاحتكام الى كتابه والى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول وقال جل وعلا ان الحكم الا لله. افغير الله ابتغي حسنا؟ الى غير ذلك مما جاء في كتاب الله وكذلك ما جاء في سنة رسوله عليه الصلاة والسلام. كما قال في اخرج ابو داوود والنسائي وغيرهما ان الله هو الحسن واليه الحكم. الحكم لله تبارك وتعالى واما ان نتخذ غير شرع الله مرجعا اصلا في المنازعات والخصومات بحيث جزء يزعم اليه ويلتزم حكمه ولا شك ان فهذا من الباطل العظيم بل من الكفر المستديم. حينما ينزل القانون اللعين منزلة الكتاب المبين فلا شك ان هذا من الكفر المستديم حينما يكون المرجع والفصل الذي يلعن اليه ويلتزم قانون او دستور او ما يسمى بسوالف او صواريخ الباقية والعوارج وما شاكل ذلك ولا شك ان هذا لما اختص الله تبارك وتعالى به. دليل على الكفر الذي يقع في قلب هذا الذي نزل الطاغوت منزلة شرع الله تبارك وتعالى. لم يؤمن بقول الله تبارك وتعالى ومن احسن من الله حكما بقوم يوقنون وهذه المسألة من البلايا العظيمة التي نزلت بساحة المسلمين منذ عقود من الزمان حيث ازيح شرع الله عز وجل من ان حكما بين الناس اخترع الناس وارتضوا زملاء الهادي الكفار ونصبوا ذلك حكما يغني في زعمه عن حكم الله تبارك وتعالى. وهذه القضية من الامور التي ينبغي ان ينبه الناس اليها وكثير من الناس ربما تحاكم غير شرع الله عز وجل ولا يجد في نفسه ادنى غضاضة من ذلك. فانه يظن ان الشعب انما هو عبادة صلاة في مسجد واداء للزكاة وصيام رمضان وحج للبيت فحج. واما ان يحكم شرع الله عز وجل في الخصومات منازعات التجارية او في احكام الاسرة او في قضايا الحدود وما اليها؟ انه يعتقد ان الشرع يحصل عن ذلك. وليس هذا مجاله ولا شك ان الامر في هذا الباب في غاية الخطورة. كما سيأتي معنا في هذه العظيمة هذه الان السياق الذي هي فيه كله في بيان وجوب ان يكون الله عز وجل وان يكون شرعه وان يكون نبيه صلى الله عليه وسلم هو المطاع. قال جل وعلا قبل هذه الاية يا ايها الذين امنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واولي الامر منكم فان تنازعتم في شيء فردوه الى الله والرسول ان كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير واحسن تأويلا. ثم قال الم تر الى الذين يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت. وقد امروا ان يكفروا به ويريدوا الشيطان ان يضلهم ضلالا بعيدا لا حين لهم تعالوا الى ما انزل الله والى الرسول. رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا. فكيف اذا اصابتهم مصيبة بما قدمت ايديهم ثم جاءوك يحلفون بالله ان اردنا الا احسانا وتوفيقا اولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فاعرض عنهم وعنهم وقل لهم في انفسهم قولا بليغا وما ارسلنا من رسول الا ليطاع باذن الله. ولو انهم اذ ظلموا انفسهم جاؤوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا توابا رحيما فلا ورب افلا يؤمنون حتى يقدموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما وينبغي ان ننبه في هذا المقام الى ان حاكمية الله عز وجل والاحتكام الى شرع ليست مقصورة على جانب معين كما يتصور بعض الناس فان بعض الناس يحصرون قضية الحاكمية على ما يتعلق بشؤون المنازعات المخاصمات التي يرجع اليها او يرجع فيها الى المحاكم ونحوها. وهذا خطأ وضلال. فان الحق هو انه يجب ان يحكم بشرع الله عز وجل. في سرقة السارقين. و في جريمة المجرمين كما انه يجب ان يحتفل الى شرع الله عز وجل في مسافات الهاتفين باسم المقبولين. و بالذبح لهم. والنذر والطواف بقبورهم. وما الى ذلك. بل يجب ان يكون شرع الله عز وجل اياته واحاديث نبيه صلى الله عليه وسلم هي التي يحتكم اليها في كل الامور. حتى في امور العبادات اما الذي يجعل له مذهبا هو المرجوع اليه او عالما هو الذي قوله يحتكم اليه دون غيره ولا يمكن ان يتزحزح هذا المقلد هذا القول ولو ظهرت له احكام الشريعة ظاهرة بخلاف قول هذا المقلد فان هذا ولا شك بعد عن تحكيم شرع الله تبارك وتعالى وقضية التوحيد اول ما ينبغي ان يتنبه لها اشار اليها في قضية تحكيم الشرع. قال جل وعلا ان الحكم الا لله امر الا تعبدوا الا اياه اول قضية ينبغي ان تدخل في تحكيم الشرع توحيد الله تبارك وتعالى. وهذا ما قصر فيه مقصر من الذين يرفعون الدعوة الى الحاكمية فذلوا هذه الزلة الشنيعة فلم يبالوا بما يقع فيه الناس من شرك بالله تبارك وتعالى ومن تحكيم الفلسفة والمنطق وغير ذلك من الاوضاع من الوثنيين والصابئة والمجوس في عقائد المسلمين قد اشار الى هذا شيخ الاسلام رحمه الله في اوائل الحموية حيث ذكر من الناس من يجعل له طواغيت يتحاكم اليهم دون كتاب الله رسوله صلى الله عليه وسلم بمسائل الصفات وغيرها. يتحاكمون الى الطاغوت وقد امروا ان يكفروا به واذا عوزبوا على ذلك يقولون ان اردنا الا وتوفيقا توفيقا بين الدلائل المقلية والدلائل العقلية. اما ان يكون المرجوع اليه الدلالات النقلية تحس هذا عندهم غير صحيح وغير ممكن. لان الدلائل النقلية ان كانت احاديث احاد فهي مردودة غير مقبولة جملة وتفصيلا في باب الاعتقاد وان كانت احاديث متواترة او ايات من كتاب الله فهي ظواهر نقلية لا تفيد اليقين. الا يمكن ان يستفاد منها القطع؟ فلا اليها في باب الاعتقاد. فاين تحكيم شرع الله عز وجل؟ في هذا الباب والله المستعان نعود الى الاية يقول الله عز وجل الم تر الى الذين الخطاب موجه الى النبي صلى الله عليه وسلم والقليلة في ذلك ظاهرة. يؤمنون بما انزل اليه. الخطاب له عليه الصلاة والسلام ولا شك انخفاض له خطاب لامته عليه الصلاة والسلام. وهذا الاسلوب كما يقول العلماء اسلوب تعجيل يعني اعجب بحال هؤلاء الذين يدعون كذبا الايمان مع كونهم يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت. والزعم في اللغة من مثلث القول زعم وزلم وزعل له في اللغة استعمالات. واكثر ما يستعمل القول الباطل الكذب كما قال جل وعلا هذا لله بزعمهم وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا فقالوا هذا لله بزعمه من كذبه. قوله كذب. وآآ قد يستعمل في حال احسن من ذلك وهي في القول الذي تحوم حوله الشكوك والشبهات. يقال زعم فلان كذا. لم يجزم بكذبه لكن القول مشبوك فيه. وقد يستعمل استعمالا ارفع من ذلك. وهو او الذي تجعل عهدة الخبر فيه الى المخبر وهذا تجده مثلا كثيرة في الكتاب في سيبويه حينما يقول زعم الخليل كذا وكذا زعم الخليل كذا وكذا وهذا قد اكثر منه رحمه الله في كتابه. وقد تستعمل هذه الكلمة استعمالا ارفع من ذلك وهو القول الحق. الذي لا شك فيه ومن هذا ما جاء في حديث ضمام ابن ثعلبة رضي الله عنه كما في رواية مسلم وزعم انك تزعم ان الله ارسلك وهذا حق لا ومن هذا قول امية ابن الصلب وان ادين لكم انكم سينجزكم ربكم ما زعم. فهذا يستعمل فيه الزعن على القول الحق الذي لا شك فيه. استعمال زعلان يجلبون في هذه الاية هو من الاول. من القول باطل الكذب. يزعمون انهم امنوا بما انزل اليك وما انزل من قبلك وهذه الاية نزلت في المنافقين كما نقل على هذا الاتفاق بعض المفسرين المقصود بها المنافقون فانهم يدعون كذبا وزورا انهم يؤمنون بما انزل على النبي صلى الله عليه وسلم. وما انزل على النبي صلى الله عليه هو القرآن والسنة. وانزل الله عليها الكتاب والحكمة. يعني السنة وما انزل من قبلك ما انزل على الانبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم انه من المعلوم ان من اركان الايمان الايمان بالكتب والايمان بالرسل جميعا وان كان الاتباع والعمل خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وما انزل اليه اما الايمان فعام ومن لم يؤمن بكتاب مما انزل الله او رسول ممن ارسل الله فهو كافر بالاجماع المعلوم بالضرورة لدين الله عز وجل ثم قال تعالى يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت وهذه الكلمة من الاهمية في المكان فانها تبين لك حكم المتحاكم الى غير شرع الله عز وجل. فانه متى ما كان يريد حاكمة الى الطاغوت ارادة ورغبة وانشراح الصدر فهذا هو الكفر الذي لا شك فيه. ويؤيد هذا دلالتان في السياق. اولاهما لقوله تعالى واذا قيل لهم تعالوا ما انزل الله الى الرسول رأيت المنافقين يصدون عنك صدودا. فهم يصدون ان شرع الله تبارك وتعالى والصد اعراظ يصحبه غالبا استكبارا. كما قال جل وعلا في سورة المنافقون ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون ودلالة في قوله تعالى اولئك الذين يعلم الله ما في قلوبهم فالقول لم يكن عندهم التزام بشرع الله تبارك وتعالى ولذلك تركوا التحاكم الى الشرع التحاكم الى الطاغوت اذا الذي يقرره اهل العلم ان ترك اكل الى الشرف ان كان مع ترك الالتزام له يتحاكم الى الشرك وهو غير ملتزم له. فهذا كافر لا شك فيه اما اذا تحاكمت او اما اذا ترك التحاكم الى الشرف مع التزامه فهذا له حكم امثاله من العصاة بذلك ينتظر لنا حكم هذه المسألة المهمة وهي مسألة التحاسب ولاحظ اننا في مسألة التحاكم لا مسألة الحكم. مسألة التحاكم الى غير شرع الله عز وجل هي كما ذكرت لك عدم الالتزام بشرع الله يدخل تحته امثلة وصور. من ذلك ان الى غير شرع الله استكبارا وعنادا وتمردا او شكا في ان الشرع سيعطيه حقه او شكا في ان الشرع يستوعب الفصل في المنازعات او انه يعتقد ان الشرع يجوز التحاكم اليه لكن التحاكم الى غيره احسن وافضل. او يعتقد ان التحاكم الى شرع الله احسن وافضل. ولكن لا بأس ولا مانع في ان يتحاكم الى غير شرع الله. كل ذلك عدم التزام بالله عز وجل اما اذا كان يعتقد انه يجب عليه ان يحتسب الى الشرع ولا يجوز له بحال ان يحتكم الى غير شرع الله عز وجل لكنه تحاسن بسبب او لاخر فان هذا كما قرر اهل العلم كبيرة وقع في امر عظيم. لكن ذلك ليس ردة عن الاسلام بقيت مسألة الاضطراب. وهذه يبتلى بها المسلم الذي يعيش في بلد لا تحكم بشرع الله تبارك وتعالى فاذا نزلت به نازلة واضطرت الى ان نحاكم خصما من الخصوم. هل له ان يرجع؟ ويرفع امره الى محكمة تحكم بالطاغوت الجواب ان الذي قرر علماؤنا ان ذلك جائز بالشروط الشرط الاول تحقق الضرر عليه فلا يترك مثلا ما له ينهب وهو ينظر. او انه يعتدى عليه وهو يتفرج لا تأتي الشريعة بذلك الشرط الثاني ان يكون مضطرا وملجأ ولا خيار له للوصول الى حقه الا من طريق هذه المحاكم. بمعنى لم الصلح ولم يمكن التحكيم بان يحكم شخصا عارفا بالاحكام الشرعية بينه وبين خصمه؟ وينتهي الامر. عند ذلك. ما بقي امامه الا ان يتحاكم الى هذه المحكمة التي تحكم بالقانون الوضعي. الشرط الثالث ان يأخذ ما اعطاه الشرع فحسب بمعنى انه اذا حكم له على خصمه فلا يجوز له ان يأخذ الا ما يحكم الشرع به له وعليه فحقيقة الحال ان هذا المتحاكم انما اراد ان الحق الذي حكم له الشرع به. ورجوعه الى المحكمة ليس عن ولا عن اعتقاد الجواز الرجوع الى المحاكم وانما لان ذلك هو الوسيلة الوحيدة لتحصيل حقه. فاما اذا حكم له بغير ما يحكم الشرع به فلا شك انه لا يجوز له ان يأخذه. هذا الذي يظهر والله اعلم في هذه المسألة قد صدرت فتاوى اهل العلم اللجنة الدائمة وغيرهم من اهل العلم نصوا على معنى ما ذكرت لك. ثم فقال جل وعلا يريدون ان يتحاكموا الى الطاغوت. مر معنا الكلام في وعرفنا حده والمقصود بالطاغوت ها هنا وكل حكم مخالف للشرع. سمي قانونا سمي دستورا سمي عرفا فمهما سمي فحقيقة الامر انه طاغوت من الطواغيت ولذلك عد علماء التوحيد من رؤوس الصواريخ من يحكم بغير شرع الله. ونصف ايضا على الحاكم الجائر المغير بشرع الله قال تعالى وقد امروا ان يكفروا به. يعني والحال انهم قد امروا ان به فهذا دليل على وجوب الكفر بالطاغوت وعلى ان التحكيم غير شرع الله عز وجل ان تحكيم غير شرع الله عز وجل امر محرم غاية التحريم. قال وقد امروا ان يكفروا به ويريد الشيطان ان يظلهم ضلالا بعيدة ليس الامر هينا وليست المخالفة مخالفة قريبة بل الامر عظيم انه منازعة لله عز وجل في حقه. فهو اذا الضلال بعيد وهذا مما سول به ابليس وجنوده لان هم الذين زين لهم زينوا لهم ذلك واوحوا اليهم ذلك حتى وقعوا فيه نسأل الله السلامة والعافية. من شياطين من يزين ذلك ايضا للناس. يريدون من الناس ان يضلوا ضلالا بعيدا. وهم يزعمون الاصلاح كما سيأتي معنا فيما سيأتي ان شاء الله نعم. قال رحمه الله تعالى وقوله واذا قيل لهم لا مازن الكلام عن حال اهل واذا قيل لهم اي للمنافقين لا تفسدوا في الارض قالوا انما نحن مصلحون. الافساد في الارض قد يكون افسادا معنويا وقد يكون افسادا حسيا. والافساد ثمرة عن الافساد المعنوي. الافساد المعنوية انما هو معصية الله عز وجل. هذا اعظم فساد واي فساد اعظم من ان يجالد الانسان الشيء الذي خلق من اجله. ويروم ضده واعظم المعاصي الشرك بالله تبارك وتعالى. ومن الشرك تنزيل غير حكم الله منزلة حكمه هذا وجه ادخال المؤلف رحمه الله هذه الاية في هذا الباب. فان تحكيم غير شرع الله من الفساد في الارض والفساد الحسي ثمرة كما اسلفت لذلك انما يقع على الناس من المصائب والبلايا والمحن انما هو ثمرة لمعصيته ومحاجتهم لله ورسوله عليه الصلاة والسلام. مع ان الله عز وجل يلطف ويمهل. ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة الفساد الذي يحصل للناس في الارض ثمرة لمعاصيهم واعراضهم عن الشرع ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت ايدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون. ما يعيشه الناس اليوم من مصائب من زلازل من شح المياه وقلة الامطار من احتباس حراري من عواصف مدمرة. الى غير ذلك لا شك انه ثمرة من ثمرات معصيته ومعارضتهم لشرع الله سبحانه وتعالى اذا نهي المنافقون عن الافساد في الارض ادعوا انهم مصلحون وهذا فيه فائدة لنا وهي ان المبطل غالبا ما يزين باطله ويزخرفه فتنطلي خدعته على الجاهل هم اهل الفساد والافساد ومع ذلك يدعون الاسلام انما نحن مصلحون. وكما قال الله عز وجل في صيام السابق ان اردنا الا احسانا وتوفيقه يفسدون ولكنهم يجملون افسادهم اذا جاء المبطل بباطل صريح سهل انكشافه على عامة الناس لكن البلاء ان يكون المفسد داء لحن في القول بحيث انه يخرج باطلا في صورة محببة الى النفوس واذا جئنا الى قضية تحكيم الشرع فما اكثر من يزهد الناس في شرع الله؟ ويزين لهم تحكيم غير شرع الله بانواع من التزيين اذا جاء الشخص الصريح وقال شرع الله لا يصلح ان يكون حكما بين الناس في هذه الازمان اما يكون ذلك واليوم عندنا تجارة عالمية وعندنا وكذا الشرع لا يمكن ان يمكن ان يرجع اليه لا يمكن ان يرجع اليك في مثل هذه الامور العظيمة. ربما يوغل اكثر في الضلال كما فعل احد ملاحدة هذا العصر حينما الف كتابه الخبيث هذه الاغلال. ازعم ان شرع الله عز وجل اغلال. تحول بين بين الانطلاق الى التطور والرقي. وهناك اناس يلبسون عباءة الاصلاح ان اردنا الا احسانا وتوفيقا انما نحن مصلحون يلمزون من طرف خفيف من يدعو الى تحكيم شرع الله عز وجل في كل الامور او لا هم هؤلاء يعيشون في القرون الوسطى او لا يرجعون الى القرون حجرية هؤلاء اعداء التقدم واعداء التطور واعداء اللحاف الحضارة وما الى ذلك من هذه الدعاوى. قالوا رقيا فقلنا للحضيض نعم تفضون منه الى سجين مقتصد اصلية عصرت خبثا فحاصلها سم نقيع ويا اغمار فازدردوا موتا وسموه تجديد الحياة فيا ليت الدعاة لها في الرمز قد نفذوا. هذا حال وهذا كلامه الذي يسمع وهذا كلامهم الذي يقرأ وما اكثرهم في هذا الزمان لا كثرهم الله. نعم هذه الآية قريبة في معناها من الاية السابقة. الله عز وجل اصلح الارض ما ارسل من الرسل وما انزل من الكتب وبما قال من شرعه سبحانه وتعالى والافساد في الارض بعد اصلاحها هو بمعصية الله عز وجل والدعوة الى ذلك. ومن ذلك الشرعي تحكيم غير شرع الله عز وجل. فان هذا من اعظم الفساد والافساد. نعم هذه الاستفهام فيها انكاره. ينكر الله عز وجل على اولئك الذين في قلوبهم مرض الذين اولى حكم الجاهلية. وكل ما خالف شرع الله عز وجل فهو من حكم الجاهلية. لانه مبني على الضلال والجهل لا العلم والايمان. والله سبحانه هو العليم. وهو الخبير. وهو الحكيم سبحانه وتعالى. هو الذي يعلم ما يصلح عباده وما ينفع عنهم انواع الشرور فشرع الاحكام التي يتم بها ما يكون فيه صلاحهم. فكيف مع ذلك يبتغون او يبغون غير شرعه سبحانه وتعالى قال سبحانه افغير الله ابتغي حكما وهو الذي انزل اليكم الكتاب مفصلا وقال سبحانه اليس الله باحسن الحاكمين؟ فكيف يتركون مع ذلك شرعه ينصبون غيره محكوما او متحاسبا اليه مرجوع اليه. والله المستعان. نعم. عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما صلى الله عليه وسلم لا يؤمن احدكم حتى دونه قال انه في حديث صحيح روينا في كتاب هذا الحديث فيه بحث طويل من جهته حكم ذكر الشيخ رحمه الله عن النووي انه صححه كما صححه غيره من اهل العلم فقد وصفه ابن القيم رحمه الله للثبوت. وآآ صححه من المعاصرين الشيخ احمد رحمه الله والحافظ رحمه الله في البيت قال رجال ثقات ونقل تصحيح النووي ولم يتعقبه لكن اخرجه من رواية ابي هريرة لا من رواية عبد الله ابن عبد ابن العاص رضي الله عنهما ومن اهل العلم من ضعف هذا الحديث وقد وصفه ابن عساكر بانه غريب. تكلم عنهم بكلام حسن ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والفكر انه تعقب النووي لما ذكر انه صحيح قال تصحيحه بعيد وذكر العلل التي تقدح في صحته وهي ضعف احد واجب وهو نعيم ابن حماد على جلالته ومكانته في السنة. ثم اضطرب فيه ثمان في الاسناد انقطاع ايضا والبخاري رحمه الله اورده بي صيغة التمريظ في جزء رفع اليدين في الصلاة قال ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال وذكره وهذا قد يشعر بعدم ثبوته عنده وبعثه غير واحد ايضا. من المعاصرين كالشيخ ناصر رحمه الله. وغيرهم من اهل العلم رحمهم الله اجمعين. على كل حال حتى واننا الحديث من جهة اسناده ضعيفا الا ان معناه صحيح ولا استشكال فيه. بعضهم استشكل معنى الحديث من جهة ان الشخص الذي يفعل ما امر مع شعوره بنوع استثقال ومشقة انه متوعد بهذا الحديث. لا يؤمن احدكم وهذا غير مراد في الحديث. انما معنى الحديث انه لا يؤمن الايمان الواجب الا اذا احب ما امر وابغض ما نهي عنه. فيكون هذا الحديث دلالته كدلالة النصوص الاخرى. كقوله جل وعلا فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في انفسهم خرجا مما قضيت ويسلموا تسليما. وآآ نحوها من الايات والنصوص. فلا اشكال في المعنى ولله الحمد قال لا يؤمن احدكم وهذا كما ذكرت لك اي لا يؤمن الايمان الواجب الذي تبرأ به الذمة حتى يكون هواه تبعا لما جئت به. الهوى هو الليل والمحبة. وغالبا ما تستعمل هذه الكلمة في الباطل. غالبا ما تستعمل مذمومة. قال تعالى فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله قال سبحانه ونهى النفس عن الهوى. وامثال ذلك من النصوص وقد يستعمل الهوى في المحبة والبيت مطلقا ويدخل في ذلك محبة الحق كما قالت عائشة رضي الله عنها النبي صلى الله عليه وسلم ما ارى ربك الا يسارع في هواك. يعني فيما تحب. وكما قال عمر رضي الله عنه فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم قول ابي بكر ولم وقولي دل هذا على ان الهوى قد يستعمل في محبة الحق ومن ذلك هذا الحديث لا يهمل احدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به ايحب ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم نعم. قال نعم لحظة بقي وجه المناسبة بين هذا الحديث وهذا الباب ذلك ان من الايمان الواجب ان يحب شرع الله عز وجل وان يتبع المحاكمة اليه نعم كما سبق فقال له اه الشيخ رحمه الله هذا الاثر والذي بعده عن الاية التي يتعلقان بها. ولا ادري ما سبب ذلك الاية الاولى الم تر الى الذين يزعمون؟ يذكر الشيخ رحمه الله في اخر هذا الباب سببين من اسباب نزولها والمروي في كتب اهل العلم اكثر من ذلك. ذكرت اربعة او خمسة لنزول هذه الاية لكن الشيخ رحمه الله ساق هذين السببين وسواء صح هذا السبب او ذاك او لم يصح شيء في هذا الباب العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. هذا الاثر عن الشعبي رحمه الله. صحيح الاسناد اليه لكنه مرسل كما ترى. لم يدرك الشعبي النبي صلى الله عليه وسلم فهؤلاء السادة. الاثر واضح. ومن فوائده الا المنافقين شر من اليهود. اليهودي الذي هو يهودي بتحكيم النبي صلى الله عليه وسلم واما المنافق فلم يفعل وفائدة اخرى وهي ان الدنيا قد تجر الى الكفر. التعلق بالدنيا. بتحصيل خطابها قد يجر الانسان الى الكفر. هذا يريد الدنيا لاجل ذلك تحاكموا الى غير النبي صلى الله عليه وسلم نزل في حقه على ما ذكر في هذا الاثر هذه الاية وفائدة ثالثة وهي ان تعلم ان وظيفة الكفار وظيفة الكهاب امران الاولى الافطار بالمغيبات كما مضى تفصيله. والامر الثاني ان يكون حكما بين الناس في المنازعات والخصومات. نعم بارك الله فيك صلى الله عليه وسلم عمر الذي لم وبرسول الله اللهم صلي وسلم قال نعم. هذا السبب اه مشهور ومتداول بين اهل العلم ومدون في كثير من كتبه اهل العلم حتى ذكر بعضهم ان شهرته اه تغني عن اسناده و في الواقع ان هذا الاسد قد روي من طرق عدة لا تخلو جميعا مما قال من احسنها حالا اثر روي من طريق ابن لهيعة وآآ شيخ الاسلام رحمه الله في الصادق فانه كأنه يميل الى نوع تقوية له مع اثر جاء بمعناه المجاهد لكن هذا الاثر الذي هو من احسنها حالا انما جاء في سبب نزول الاية التي بعدها فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم. وعلى كل ان صح هذا الاثر العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب وفيه ان التحاكم او وان ارادة التحافل الى غير شرع الله عز وجل. شرك وكفر عن دين الله وان صاحبها يستحق القتل. لذلك ايضا ان المنافق ان امر كفره استحق القتل وان اخطأ فانه يترك. لا يتحدث الناس ان محمدا صلى الله عليه وسلم يقتل اصحابه. لعل في هذا القدر كفاية والله عز وجل اعلم. وصلى الله اللهم صلي وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان