بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب ما جاء في منكر القدر الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان اما بعد هذا الباب عقده المولد رحمه الله بيانين بطلان مذهبي القدرية اللفاة وجه دخول هذا الباب بكتاب التوحيد كون الاقرار بالقدر والايمان به به يتحقق اصل الايمان والتوحيد فان الايمان بالقدر ركن من اركان الايمان التي لا يتحقق الا به. وباب القدر عند اهل السنة والجماعة مرجعه وجماعه ثلاثة اصول الاصل الاول الاعتقاد بان كل ما يقع في هذا الكون من الاعيان والافعال فانه داخل في علم الله وكتابته ومشيئته وخلقه هذه الامور الاربعة هي مراتب القدر. التي اطبقت وعليها الرسل واتباعهم واجمع عليها اهل السنة والجماعة علم كتابة مولانا ومشيئته وخلقه وهو ايجاد وتكوينه وعلى كل مرتبة من هذه المراتب ادلة لا تحصى في الكتاب والسنة الاصل الثاني يعتقد اهل السنة والجماعة انه لا تعارض بين اثبات مشيئة الله بافعال العباد وخلقه لها وبين اثبات افعال العباد ومشيئتهم. بمعنى انه يجمع اهل السنة والجماعة بين الايمان بان للعبد مشيئة. وان له فعلا حقيقة وبين كوني مشيئته مربوطة بمشيئة الله جل وعلا وان الله سبحانه هو خالقه وخالق مشيئته وخالق فعله وعلى هذا ايضا ادلة لا تحصى هذه الامور الاربعة اثبات مشيئة الله واثبات خلقه لافعال العباد اوليس قد قام الدليل بان افعال العباد خليقة الرحمن من الف وجه او قريب الوجه او قريب الالف يحصيها الذي يعنى بهذا الشأن والامر الثالث اثبات مشيئة العبد والامر الرابع اثبات فعله حقيقة الاصل الثالث يعتقد اهل السنة والجماعة ان الهداية والاطلال بيد الله جل وعلا فانه يهدي من يشاء نعمة منه وفضلا ويضل من يشاء حكمة منه وعدله وهذه المسألة ايضا تعني مسألة الهداية والاظلال عليها كذلك ادلة لا تحصى من الكتاب والسنة. وخالف الحق المبين في هذا الباب طوائف ابرزهم فرقتان ومسلكان الطائفة الاولى او الفرقة الاولى القدرية والفرقة الثانية الجبرية ولاحظ ان الفرقة الثانية يطلق عليها احيانا في لسان السلف القدرية ايضا لكونهم خاضوا في القدر بالباطل والفرقة الاولى وهي القدرية وهي محل البحث في هذا الباب على مرتبتين المرتبة الاولى وعليها وقد متقدموهم وغلافهم وهم القائلون بنفي علم الله عز وجل. القديم. فالله عز وجل في زعمهم وتعالى الله عن قولهم لا يعلم الاشياء الا بعد وقوعها كما انكروا كتابته بكل شيء واذا كانوا انكروا هذين فمن باب اولى يكونون منكرين المشيئة مشيئة الله عز وجل لافعال العباد وخلقه لها وهذه الفرقة هي التي اجمع السلف على تكفيرها ولا حاجة لي تطويل الكلام عنها فانها قد تلاشت ولله الحمد ولم يعد من الفرق المنتسبة الى الاسلام من يقول بقولها وادلة الكتاب والسنة الرافحة برد ضلالهم وانحرافهم المرتبة الثانية وعليها متأخروه ويمثلها من الفرق المعروفة المعتزلة ومن سار في ركابها كالرافضة والزيدية هؤلاء انكروا مشيئة الله لافعال العباد وخلقه لها وكذلك انكروا ان تكون الهداية والاضلال اليه جل وعلا. فانحرافهم اذا كان في ثلاثة مسائل والادق ان يقال ابرز انحرافهم واجلى انحرافهم. كان في ثلاث مسائل الاولى انكاره ان تكون مشيئتهم راجعة الى مشيئة الله. وان تكون افعاله واقعة بمشيئة الله ومشيئته في زعمهم مستقلة عن مشيئة الله جل وعلا سبب هذا الانحراف عنده اعتقادهم التسوية بين المشيئة والارادة وبين المحبة فكل ما شاءه الله واراد وقد احبه بزعمه ومقدمة ثانية ان المعاصي غير محبوبة لله جل وعلا. ومقدمة ثالثة المعاصي واقعة من العباد. النتيجة ان تكون المعاصي غير داخلة في مشيئة الله سبحانه وتعالى واذا كان بعض افعال العباد وهي المعاصي لا تدخل في مشيئة الله فجميعها اذا لا تدخل في مشيئة الله. الانحراف الثاني او المسألة الثانية اعتقاده ان الله عز وجل غير خالق لافعال العباد. يعني انكارهم ان يكون الله خالق لافعال العباد فافعالهم او فافعال العباد عندهم محدثة من قبلهم وغير داخلة في مشيئة الله سبحانه وتعالى ولاجل هذا سم القدرية المجوسية كما سيأتي التنبيه على ذلك ان شاء الله والانحراف الثالث الانحراف المتعلق بمسألة الهداية والاطلال فعندهم لم يهدي الله المطيع ولم يضل ولم يضل الله العاصي وانما جميع ما دل على الهداية والاضلال في الكتاب والسنة فانه مؤول عندهم على معنى الامر والنهي والتكليف لا غير ولا شك ان هذه المسائل الثلاث ظاهر بطلان قولهم فيها وانحرافهم عن الحق فيها ويكفي في بيان ظلامهم ان تتأمل قول الله جل وعلا ولكن الله حبب اليكم الايمان. وزين في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون. فضلا من الله ونعمة والله عليم حكيم. ويكفي ان تتأمل قول الله جل وعلا لمن شاء منكم ان يستقيم وما تشاؤون الا ان يشاء الله رب العالمين وبهذا يتضح يتضح لك انحرافه في مسألة باش راجي افعال العباد عن ان تكون داخلة تحت مشيئة الله وكذلك انحرافهم في باب الهداية اما مسألة خلق افعال العباد يدل على بطلانها قول الله جل وعلا الله خالق كل شيء. وهذا عموم لم يخرج عنه شيء. ولم يخص بحال اهل السنة والجماعة يجمعون بين كون افعال العباد منهم عن قدرة لهم وعن مشيئة فيهم وبين قول الله عز وجل خالقا لها ويسهل لك فهم هذه المسألة ان تعلم ان الله عز وجل يخلق تارة بلا واسطة فما خلق ادم وكما خلق الجنة والنار وما الى ذلك وتارة يخلق بواسطة مع عدم احتياجه سبحانه لهذه الواسطة ولكن هذا ما اقتضته حكمته سبحانه فانه خلق الناس بواسطة والديهم وخلق المطر بواسطة السحاب. ومن هذا الباب افعال العباد فان الله جل وعلا خلقها بواسطة العباد. ولا يستشكل حينئذ ان يجمع بين الامرين وهما كون الفعل صادر حقيقة من العبد وانه فعله وانه كسبه لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وكونه مخلوقا لله سبحانه وتعالى اسباب الضلال عندهم كما علمت كونهم يعني راجع ذلك الى امور. منها كونهم ما فرقوا بين الارادة والمحبة وجعلوها شيئا واحدا فلم يفرقوا بين ارادة كونية وارادة شرعية كما انهم لم يفرقوا بين الفعل والمفعول. ولذلك في مسألة خلق افعال الربا قالوا لو كان الله خالقا لافعال العباد لكان متصفا بذلك فيكون متصفا بالكفر والمعاصي وما اليها. والله منزه عن ذلك وهذا ضلال منهم انحراف فان من يتصف بذلك انما هو من قامت به هذه الاشياء لا من خلقها في غيرك فالقوم لم يفرقوا بين الفعل والمفعول وبين الخلق والمخلوق ففعل الله وخلق الله صفة قائمة به. واما افعال العباد فمكنولة مخلوقة منفصلة عنها حتى يتضح الامر تأمل في عمل النجار مثلا ففعله هو الضرب والضرب والنشر ما الى ذلك. ومفعوله هذا الكرسي او اه تلك الطاولة وما الى ذلك اذا فرق بين الفعل والمفعول والله عز وجل لا يتصف هذه المنكرات الواقعة في العباد لانه خالق لها فليس فاعلا لها والزاما لهم يقال عندكم ان الله عز وجل هو الخالق للروائح الكريهة والاعيان القبيحة ومع ذلك لم يكن متصلا عندكم بها. الشأن في افعال العباد. كالشأن في ذلك سواء بسواء. و على كل حال الكلام فيه هذا المذهب الباطن كثير وطويل والوقت لا يتسع لتفصيل ذلك لا سيما ومذهبهم ظاهر البطلان حتى قال ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن انني نظرت في ادلة اثبات القدر والرد على القدرية المجوسية فوجدتها تزيد على خمسمئة دليل اما الطائفة الثانية فهي الجبرية والجبرية ايضا مرتبتان ولاة ومتوسطة يمثل الغلاة الجهمية وهم الذين نفوا ان يكون للعبد قدرة او فعل فلا ينسب الى العبد عنده شيء انما الفاعل حقيقة هو الله سبحانه وتعالى واما العبد فمفعول به. واضافة الفعل اليه اضافة مجازية كما يزعمون فهو كالريشة في مهب الريح. المقتصدة او المتوسطة هم الاشاعرة وسبب حشرهم وادخالهم. في مذهب الجبرية هي انهم يعتقدون ان للعبد قدرة غير مؤثرة في الفعل. وهذا ما اسموه بالكسب وهي المسألة المشهورة مسألة كسب الاشعري وهي من المسائل التي اضحك العقلاء عليهم فيها فان مسألة الكسب الذي قالوا به لا نتضح حقيقة معناه على وجه الدقة وان يفرق بين الكسب الذي قالوا به وبين الفعل الحقيقي وهذا ما صرح به كبار ائمتنا الرازي مثلا وغيره حتى قال الصنعاني ان الكسب عنقاء المعاني. يعرف نقضه لا والخلاصة انهم قد صرحوا كما صرح البيجوري في شرح الجوهرة ان العبد مختار ظاهرة مجبور باطلا. العبد عنده مختار طاهرا مجبوره باطلا. فله قدرة ولكن لا اثر لها في اصول الفعل اذا فوجودها كعدمها. والخلاصة ان العبد عنده مجبور. لا يفعل بمشيئته. ولا يفعل بقدرته انما هو مفعول به وقد هؤلاء الجفرية وهم القدرية المشركية لانهم ورثوا مذهب المشركين لو شاء الله ما اشركنا ولا اباؤنا وآآ هذا المذهب عندهم المنحرف ادى الى انحرافات اخرى منها اعتقادهم ان الله عز وجل ظالم. وان لم يصرحوا بذلك لكن هذا الذي يتجلجل في صدورهم لانهم يرون انه يفعل المعاصي ويعذب عليها وما هو الا مجبور على ذلك واعتقدوا في الله عز وجل ما ينزه عنه واساءوا الظن به سبحانه وصل الانحراف ببعضه الى انهم سووا بين الاشياء قبيحها وحسنها واعتقدوا ان جميع ما يصدر منهم طاعة من كونه موافقا بمشيئة الله جل وعلا حتى عد الكبائر والفواحش طاعات. فقال احد زنادقتهم اصبحت منفعلا بما يختاره مني ففعلي كله طاعات وهذا المذهب كفر مبين ولا شك ان وكان منهم عنده ديانة كالمتوسطة والاشاعرة مبرؤون من هذا المذهب وانما هذا مذهب الغلاة الذين ذهبوا الى هذا المذهب وركبوا هذه الموجة كالاتحادية والجنبية وغيرهم وعلى كل حال الكلام في هذا يقول لكن ظواهر النصوص كلها دالة على بطلان مذهبهم فللعبد مشيئة لمن شاء منكم ان يستقيم فاتوا حلقكم انا شئتم وله فعل حقيقة ولاجل ذلك استحق الثواب والعقاب لها ما كسبت وعليها مكتسبة جزاء بما كنتم تعملون وهذا ما يدل عليه العقل الصريح الذي لا يرتاب فيه احد فان كل احد يعلم بالاضطرار انه انما يفعل عن مشيئة الله واختياره ويفرق بين حركة المختار وحركة المبتعش. وهذا من الامور التي انكارها ظاهر البطلان ولا يخاطب المنكر لذلك لانه يجحد الضرورات لانه يجحد الضروريات هذه المقدمة مختصرة عن موضوع القدرية والكلام يحتاج الى مساحة اوسع. نعم. قلت قال المؤلف رحمه الله تعالى وقال ابن عمر رضي الله عنهما والذي نفس ابن عمر بيده لو كان لاحدهم مثل احد ذهبا ثم انفقه في سبيل الله ما قبله الله منه حتى يؤمن بالقدر. ثم استدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم ان تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وتؤمن بالقدر خيره وشره. رواه مسلم هذا قطعة مما خرجه مسلم في صحيحه في اوائل كتاب الايمان سبب ما حدث به ابن عمر رضي الله عنهما ما سأله يحيى ابن يعمر حينما ترافق هو وحمي ابن عبد الرحمن الحميري ووفق لهما ابن عمر سألاه عما خرج بالعراق وبالبصرة تحديدا من تلك الفئة الضالة التي تزعم ان لا قدر وان الامر انف. وبينوا ان اول من قال بذلك معبد الجهني بالبصرة. ما كان من ابن عمر رضي الله عنهما الا ان انكر هذا القول وتبرأ من القائلين به وبين ان هؤلاء لو انفق احدهم مثل احد ذهبا ما قبل منه وذلك لكفرهم عنده فعدم قبول الحسد عنده منهم انما كان لكفرهم عنده ثم بين الدليل على المذهب الحق وهو ما حدثه به عمر ابوه بقصة جبريل المشهورة حينما اتى النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن الاسلام والايمان والاحسان الشاهد من ذلك ان ابن عمر رضي الله عنهما بين ان النبي صلى الله عليه وسلم جعل الايمان بالقدر ركنا من اركان الايمان وعليه فليس بمسلم من كفر بالقدر ولم يؤمن به وهذا الذنب القدرية البراءة منهم مروي ايضا عن غير ابن عمر كما نقل هذا شيخ الاسلام رحمه الله فانه جاء ذلك كما ذكر عن ابن عباس وجابر وواقلة ابن الاسقع رضي الله عنه جميعا. نعم قال رحمه الله تعالى وعن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه انه قال لابنه يا بني انك لن تجد طعم الايمان حتى تعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول ما خلق الله القلم فقال قال له اكتب فقال ربي وماذا اكتب؟ قال اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات على غير هذا فليس مني حديث عبادة رضي الله عنه هذا فيه مسائل منها انه بين ان للايمان طعما وهذا الصعب حقيقي. يشعر به كل من ذاقه ولا يصل الى ذلك كما بين رحمه الله الا من حقق الايمان ومن ذلك ان يؤمن بالقدر. وكيفية الايمان بالقدر تكون بان يعتقد ان ما اصابه لم يكن ليخطئه وما اخطأه لم يكن ليصيبه قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا وكل شيء راجع الى قدر الله سبحانه وتعالى. فما من حركة وما من سكون وما من صفة ولا فعل ولا عين الا وهو راجع الى قدر الله جل وعلا وقد علمه الله وكتبه باللون المحفوظ وشاء اصوله وخلق ذلك. من حقق ذلك فانه يذوق طعم الايمان ويحصل له بسبب ذلك الطمأنينة والسكينة وراحة النفس فانه اذا علم ان ما اصابه لم يكن ليخطئه هانت عليه المصيبة واطمأن وسكن ولم يلم نفسه ولم يندم ولم يتحسر فهذا قدر الله عليه الذي لا مفر منه اذا ليس له الا ان يستسلم لربه سبحانه وتعالى وان يعلم ان الله عز وجل انما اختار له الخير ايضا من المسائل ما ذكره رحمه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي الله عز وجل ان اول ما خلق الله القلم قال له اكتب وهذا الحديث كما تعلمون يروى فتحي الميم في القلم وضمها يعني اما ان تكون اول ظرفا. ان اول ما خلق الله القلم فقال له اكتب او تكون اول اسما لان والقلم هو الخبر ان اول ما خلق الله القلم. الاقرب منهما والله اعلم. الاول وعليه ان يكون المعنى في ابتدائي خلق الله للقلم قال له اكتب وآآ على القول الثاني ان اول ما خلق الله القلم فان ذلك محمول عند اهل العلم على ان القلم ليس هو اول المخلوقات على الاطلاق. وانما هو اول المخلوقات مما له اتصال بهذا العالم المشاهدة والا فاننا نقطع ان العرش بل الماء كان مخلوقا قبل القلم ووجه ذلك ان الكتابة انما حصلت عقيبة خلق القلم كما تدل عليه الروايات وجاء في مسلم ان الله عز وجل كتب مقادير كل شيء قبل ان يخلق السماوات والارض بخمسين الف سنة قال وعرشه على الماء فدل هذا على ان العرش والماء كانا مخلوقين قبل خلق القلم اذا لا يمكن بحال ان يقال ان القلم له الاولية المطلقة في الخلق بل الذي عليه اهل السنة والجماعة ان الله عز وجل لم يزل خالقا ولم يكن معطلا عن الفعل ثم خلق بمعنى ان كل مخلوق خلقه الله وقد خلق قبله مخلوقا وهكذا التاء الذي قبله خلق الله قبله مخلوقا وهكذا الى ما لا بداية له. كما انه لم يزل خالقا في المستقبل فكل مخلوق يخلقه الله عز وجل فانه يخلق بعده مخلوقا وهكذا الى ما لا نهاية له وهذه المسألة الكلام فيها يحتاج الى بسط اطول ولكن هذه خلاصتها وهي التي عليها مذهب اهل السنة والجماعة قال رحمه الله تعالى وفي رواية لاحمد ان اول ما خلق الله تعالى القلم فقال له اكتب وجرى في تلك الساعة بما هو كائن الى يوم القيامة. نعم. وفي رواية لابن وهب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن لم يؤمن بالقدر خيره وشره احرقه الله بالنار هذه الرواية رواها ابن وهب الطلاب بالوهم المصري العالم والامام الفقه الجليل في كتابه القدر من لم يؤمن بالقدر خيره وشره نسبة الخير والشر. هنا انما هي نسبة الى ما يقع. وبالنسبة الى المقدر وبالنسبة الى المقضي فانه يكون خيرا ويكون شرا. اما القدر الذي هو التقدير الذي هو فعل الله سبحانه فانه خير كله ولا شر فيه البتنة. والشر ليس يتصور ذلك بان يعلم ان الله عز وجل قدر الخير وقدر الشر ولهم في ذلك حكمة اما الخير فواضح لا اشكال فيه. واما الشرط فان الله عز وجل انما قدر انما وقدره لما يترتب عليه من المصالح التي يحبها الله سبحانه وتعالى اذا الخير مراد لغيره اذا قدر الله الخير من العبادة الصلاة التي تقع من العباد والصدق وما الى ذلك فهذه امور مرادة لذاتها. الله عز وجل يحبها لذاتها واما اذا قدرة الشرور من المعاصي والمنكرات وابليس والكفار وما الى ذلك فان ذلك انما كان لان الله عز وجل نحب ما يترتب على وجود هذه الشرور. وبذلك تعلم ان انه ما من شيء يقدر الا الا والله عز وجل يحبه. اما لذاته واما لغيره على هذا التفصيل قال احرقه الله بالنار وهذا حق لان من لا يؤمن بالقدر فانه كافر والله عز وجل قد توعد الكفار بالعذاب في النار. نعم. قال رحمه الله تعالى وفي المسند والسنن عن ابن الديلمي انه قال اتيت ابي بن كعب رضي الله عنه فقلت في نفسي شيء من القدر فحدثني بشيء لعل الله يذهبه من قلبي. فقال لو انفقت مثل احد ذهبا ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم ان ما اصابك لم يكن ليخطئك وما اخطأك لم يكن ليصيبك ولو مت على غير هذا لكنت من اهل النار. قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وحذيفة بن اليمان وزيد بن ثابت رضي الله عنهم فكلهم حدثني بمثل ذلك عن النبي الله عليه وسلم حديث صحيح رواه الحاكم في صحيحه. نعم وهذا الحلم. الحديث الذي ذكره الشيخ رحمه الله عن ابن الديلب وهو عبد الله ابن فيروز الديلمي التابعي الجليل متلازمين فيه عما سبق بيانه. اللهم الا التنبيه على ما اشار اليه الشيخ رحمه الله في المسائل وهو ان من عادة السلف رجوع الى العلماء فيما يشكل عليه او نحو هذا وهذا ما تراه جليا في هذا الاثر الذي بين يديك وهو انه لما حصل اشكال عندها هذا التابعي رجع الى الصحابة رضي الله عنهم رجع الى العلماء الراسخين ليسألهم ليطلب منهم ازالة الشبهة عنه. وهكذا ينبغي على طلاب العلم ان يكون ان يكون رجوعهم للمهمات وفي المشكلات وفي النوازل الى اهل العلم الراسخين لا الى اشباه العلماء ولا الى المتكلمين والمثقفين والمفكرين ومن الى هؤلاء بل ينبغي ان يكون الرجوع الى اهل العلم الراسخين ولو ردوه الى والى اولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منه. قال المؤلف رحمه الله تعالى باب جاء في المصورين اي من الوعيد وقد تكاثرت الاحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما في ذم التصوير ووعيد المصورين ومناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد من جهتين الاول الاولى ان التصوير مضاهاة لخلق الله سبحانه وتعالى. فهو مناف للتوحيد وثانيا ان التصوير سبب من اعظم اسباب وقوع الشرك. و قد علمت فيما مضى ان اول شرك وقع في الارض وهو الذي كان في قوم نوح انما كان بسبب التصوير. اذا هو من ذرائع الشرك التي يجب ان تجتنب نعم قال رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى ومن اظلم ممن ذهب يخلق كخلقي فليخلقوا ذرة او ليخلقوا حبة او ليخلقوا شعيرة اخرج اذى الحديث القدسي يقول الله عز وجل فيه ومن اظلم ممن ذهب يصدق كخلقي يخلق هنا بمعنى يتشبه بفعله وهو الخلق. ويريد ان يكون فمثلي يخلق كخلقه. ثم امر الله عز وجل هؤلاء المصورين امر تعجيز ان يخلقوا ذرة او يخلقوا حبة او يخلقوا شعيرة وهذا على الصحيح امر تعجيز. كما قال جل وعلا بل يأتوا بكتاب مثله ان كانوا صادقين وهذا يدل على ان فعله منكر عظيم. وعلى انهم يطلبون ما لا يمكن ان يقع ولذلك اتحداهم ان يخلقوا ما هو من اصغر الحيوانات. الذرة صغار صغيرة النمل بل فنزل معه حتى تحداهم ان يخلقوا حبة من خلطة او شعير وانهم غير مستطيعين لذلك. وهذا يدلك على ان التصوير امر محرم. وقد يكون كفرا بالله جل وعلا. وقد يكون كبيرة من الكبائر على تفصيله ان شاء الله. نعم. قال رحمه الله تعالى ولهما عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يضاهئون بخلق الله المضاهاة هي المشابهة وآآ اشد الناس عذابا يوم القيامة هم الذين يطهرون بخلق الله وذلك بان يصوروا هذه التصاوير المحرمة ولا شك ان من صور وقصده مضاهاته. خلق الله جل وعلا فانه كافر بالله سبحانه وتعالى. وعليه آآ اسأل التفضيل نشهد على ظاهرها اما اذا صور ما فيه روح دون قصد المباهاة يعني دون ان يقصد ان يخلق ان يخلق كخلق الله فان هذا نوع مضاهاة ولاجل هذا كان محرما بل وكبيرة من اعظم الكبائر. ولكنها لا تصل الى حد الكفر. فنوع قال وطرفوا المضاهاة هنا لا يشترط فيه القصد نوع المضاهاة حاصل وان لم يقصد فاستحق بذلك ان يكون معصية عظيمة وعلى هذا فان هذا الحديث يقدر فيه من من اشد الناس عذابا وهذا من احسن الاجوبة في الاحاديث الكثيرة التي جاء فيها افعل التفضيل في شأن العذاب او في افضل الاعمال او في اشد الاشياء حرمة وما الى ذلك. فان تقدير ذلك بان المقصود من اشد كثير كذا كذا وكذا هذا جواب حسن وينحل به كثير من الاشكالات وهو جار على ما كان يعرفه العرب ويتكلمون به هذا اسلوب معروف عند العرب ويدلك على ان الحديث يتوعد به ايضا اصحاب المعاصي من المسلمين المصورين سبب الحديث وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم لما اراد الدخول على بيت عائشة وجد ذلك الستر الذي عليه التصاوير. فحدث النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث تحذيرا لعائشة رضي الله عنها والروايات في هذه القصة متعددة للصحيحين وغيرهما. و في بعض الروايات انه امر صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها ان تمزق هذا الستر. فدل هذا على ان هذا الوعيد يتناول المصور ولو لم يقصد المضاهاة كما ان هذا الحديث لسببه يدلك على ان استعمال الصور محرم ايضا كما ان تصويرة محرم وذلك ان عائشة رضي الله عنها لم تكن هي التي صورت هذه التصاوير وانما استعملتها وانما نصبتها. فغضب النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك وذكر هذا الوعيد الشديد على استعمالها. نعم. قال رحمه الله تعالى ولا هما عن ابن ابن عباس رضي الله عنهما انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفس يعذب بها في جهنم. هذا وعيد ايضا على التصوير قوله يجعل له كل سورة نفس يدلك على ان المحرم انما هو المحرم من التصوير انما هو ما كان للروح. من انسان او حيوان لان ما لا رح فيه لا نفس فيه ويرشد الى هذا ايضا الحديث الاخر كما سيأتي انه يعذب بان يؤمر ان ينفخ في هذه الصورة الروح وليس بنافخ. وهذا انما اذا كانت الصورة لذي روح. وهذا هو المذهب الذي عليه جماهير السلف والخلف وهو ان الممنوع من الصور انما هو ما كان لذي روح واما ما لا روح فيه فغير ممنوع وذهبت قلة من اهل العلم الى ان التصوير ممنوع بكل ما خلق الله عز وجل لا يجوز ان يصور الانسان اي شيء خلقه الله سبحانه وتعالى وهذا وجه ذكره وبعض الشافعية وذهب مجاهد رحمه الله الى انه يحرم اضافة الى تصوير ذوات الارواح تصوير الشجر الذي له ثمر اما الشجر الذي لا ثمر له فيجوز وهذا ما لا يعرف متابع له فيه رحمه الله. وكانه تزعل من ذلك الى ما جاء في الحديث القدسي فليخلقوا ذرة او ليخلقوا حبة او ليخلقوا شعيرة كانه على ما وجه هذا القول بعض الشراح كانه يرى ان الذرة من ذوات الارواح وعما الحبة والشعيرة فانها تشير الى الشجر الذي له ثمرة. ثمرته الحبة والشعيرة ولكن الصحيح هو الاول ويؤيده ايضا ما جاء عن ابن عباس او ما روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما حينما سأله ذاك المصور فكان فيما قال فان ابيت فعليك بهذا الشجر هذا يدل على ان الممنوع انما هو ما كان تصوير لذوات الارواح والله عز وجل اعلم ولهما عنه مرفوعا من صور صورة في الدنيا كلف ان ينفخ فيها الروح وليس بنافخ نعم هذا مما يدلك على هذا الممنون وكون المصور مكلف بذلك وليس بنافخ دليل على العذاب الاليم الذي يكون عليه والعياذ بالله في النار كونه يكلف بشيء لا قبل له به ولا قدرة له عليه نسأل الله السلامة والعافية. التصوير الممنوع يشمل على ما عليه جماهير السلف والخلف الصور التي لها ظل كالتماثيل ونحوها او التي لا ظل لها. التي تكون مرسومة على الاوراق والقمار والجدران وما الى ذلك لا فرق بين هذا وذاك في التحريم. ويدل على ذلك القصة التي ذكرتها سابقا حيث انكر النبي صلى الله عليه وسلم التصوير المنقوشة على ستارة على قماش ولم يكن ذلك شيئا منصوبا لهم ظل كالتماثيل دل هذا على عموم التحريم في هذا وذاك في المسألة ادلة اخرى تدل عليه. نعم قال رحمه الله تعالى ولمسلم عن ابي الهياج انه قال قال لي علي رضي الله عنه الا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تدع صورة الا طمستها ولا قبرا مشرفا الا سويته. ابو الهياج الاسدي وهو حيان ابن قصي الاسدي التابعين رحمه الله يقول له علي رضي الله عنه الا ابعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تدع صورة الا طمستها الطمس هو المحو والازالة وهذا مما ينبغي ان يعتني به اهل التوحيد وان يكون حرصه على ما كان عليه كرس النبي صلى الله عليه وسلم واصحابه وهي وهو قطر الذرائع الموصلة الى الشرك الا تدع صورة الا طمستها. وهذا من الامور التي اضحت غريبة في هذا الزمان المتأخر. فقل من ينكر الصور قل من ينكر التصوير بل قل من لا يتصور. فضلا عن ان ينكر ذلك او ان يقوم بالفعل. بطقس الصور وربما يقول قائل ماذا تخافون من الصور ونحن في هذا العصر المتقدم العصر التكنولوجي المتطور هل يمكن ان يتعلق الناس بصور وان يشركوا بالله عز وجل بسبب صورة والجواب عن ذلك ان هذا القائل لا يعرف سنة الله الشرعية ولا الكونية ولا يعرف الواقع الذي يعيشه. التعلق بالصور من حيث الواقع والشرك بهذه الصور كثير جدا ودونك هؤلاء المتقدمون المتطورون من النصارى انظر تعلقه بصورة المسيح وبصورة ابنه. كيف يناجونها؟ وكيف يسجدون لها وانظر الى تعلق البوذيين وغيرهم بصورة بوذا منصوبة ومنقوشة ثمان هذا الذي امرنا به ربنا جل وعلا ونبيه صلى الله عليه وسلم والله هو العليم سبحانه وتعالى بما كان وبما سيكون ثم ان النبي صلى الله عليه وسلم اخبرنا بوقوع الشرك في اخر الامة فلن تقوم الساعة حتى تلحق فئام من هذه الامة بالمشركين وحتى تعبد الاصنام وحتى تعبد اللات والعزى فكيف يقول قائل بعد ذلك لا خوف على الناس من ذرائع الشرك ومنها الصور. المقصود ان الصور ولا صور المعظمين شأنها عظيم وخطرها كبير ويجب عند الامكان انكارها والامر الثاني القبر المشرف يعني العالي الا سويته ليس المقصود ان يكون على الارض سواء بسواء وانما يسوى ويساوى بغيره من القبور التي جعلت على الطريقة الشرعية. فان القبور في الشرع يجوز ان ترفع قدر شبر ونحوه. وان تكون مسلمة على ما دلت عليه السنن المتعددة والاثار المتعددة اذا كان هذا مما يجب انكاره. ان يكون قبر عليه تراب مرتفع فكيف بمن يبني على القبور؟ وينصب عليها الانصار لا شك ان هذا اولى واحرى بالانكار. والله المستعان المقصود ان باب التصوير باب عظيم من تلكم الجهات التي ذكرتها وهي قول المصور مضاهيا لله عز وجل والله عز وجل هو المصور والخالق البار المصور. التصوير فعله وصفته جل وعلا صوركم في كيف يشاء ولذلك لا يجوز بحال ان يضاهى الله عز وجل في فعله تبارك وتعالى. الامر من جهة كوني التصوير ذريعة لوقوع الشرك وهذا من الامور التي يجب ان تنكر. نعم. قال المؤلف رحمه الله تعالى باب ما جاء في كثرة الحلف كثرة الحلف من الامور التي تدل على تعظيم على عدم تعظيم انا اسمي العظيم الذي يحلف به وهذا يتنافى وكمال التوحيد والله عز وجل يجب ان يعظم ويجب ان يعظم اسمه ومن ذلك ان تحفظ اليمين ان تبتذل بكثرة فلاجل هذا نبه المؤلف رحمه الله في هذا الباب على ضرورة ان يراعي الموحد هذا الامر. فان كثرة الحلف من ضعف تعظيم العبد لله سبحانه وتعالى. والحلف والقسم واليمين وهو تأكيد المتكلم كلامه بذكر معظم على صيغة مخصوصة باحد حروف القسم الواو والباء والباء والواجب ان يلاحظ في اليمين ثلاثة امور دلت عليها الشريعة اولا ان يكون الحلف بالله. من كان حالفا فاليحلف فليحلف بالله او ليصمت والحلف بغيره سبحانه شرك من حلف بغير الله فقد كفر واشرك. والامر الثاني انه اذا حلف بالله فليصدق واما من حلف به كاذبا فانه قد اورد نفسه الموارد. ووقع في كبيرة عظيمة بل وقع في اليمين الغموس التي تغمسه في الاثم وفي النار عياذا بالله والامر الثالث وهو من كمال التوحيد حفظ اليمين وعدم امتدادها والاكثار منها والضابط لذلك هو ان يحفظ اليمين لغير لغير حاجة او مصلحة راجحة ضابط كثرة الحلف ليكون الحلف بغير حاجة او مصلحة راجحة فهذا مما ينبغي ان يتنبه من رام تحقيق التوحيد. نعم. قال المؤلف رحمه الله تعالى وقول الله تعالى واحفظوا ايمانكم قوله سبحانه واحفظوا ايمانكم لاهل التفسير فيه ثلاثة اقوال الاول واحفظوا ايمانكم يعني اقلوا الحلف لا تكثروا من الحلف والقول الثاني واحفظوا ايمانكم عن الحنز. والقول الثالث واحفظوا ايمانكم اذا حمدتم ان ان لا تكفروا فيكون نهيا عن اهمال التكفير لليمين التي حلف فيها الحالك وينبغي ان ننبه على القول الثاني انه مقيد بما اذا لم يظهر وجهها الحنفي. فانه حينئذ يستحب الحنف لما ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم انه قال والله اني ان شاء الله لا احلف على يمين فارى غيرها خيرا منها الا كثرت واتيت الذي هو خير او اتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني والشاهد من ذلك او القول الذي يتناسب وما بوب عليه المؤلف رحمه الله هو القول الاول فتحفظ اليمين عن ان تبتذل وان يكثر منها الحالف تعظيما لله سبحانه وتعالى قال نعم قال رحمه الله تعالى عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الحلف منفقة للسلعة ممحقة للكسب اخرجه الحلك من فقه من النفاق يعني الرواج يعني سبب رواج السلعة في البيع. فانه اذا حلف الحالف على السلعة انه اشتراها بكذا وانها كذا وكذا اطمئن المشتري. و اشترى دون تردد. لكن ذلك لا ينفع البائع لان ذلك سبب لمحض البركة فما الفائدة؟ ان تتكسب الاموال التي لا بركة فيها وهذا الحديث الذي يظهر والله اعلم ان المقصود بالحرف فيه الحلف الكاذب ويدل على هذا ما خرجه الامام احمد رحمه الله في روايته بهذا الحديث البخاري الحلف وفي اليمين وفي مسلم اليمين وعند احمد اليمين الكاذبة فهذا الذي تتوجه اليه هذه الرواية يعني ان الحلف الكاذب نعم تنفق به السلعة ولكن لا فائدة فان البركة تمحق وتزول ويكون ايراد الشيخ رحمه الله لهذا الحديث من باب النهي عن الوسائل وذلك فان من المعلوم بالمشاهدة والواقع ان من اكثر الحلف الصادق اداه ذلك الى ان يحلف كاذبا يعتاد لسانه ويرتاض لسانه على الحلف حتى لا يعودوا يبالي فيقع في الحلف الكاذب والعياذ بالله. يدل على ذلك ويشهد له ايضا ان المقصود بهذه الرواية او بهذا الحديث الحلف الكاذب ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر ان قال في حديث ابي ذر عند مسلم حينما ذكر الثلاثة الذين لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. قال المنفق سلعته في الحديث الكاذب. الحلف الكاذب هو الذي تنفخ به السلعة غالبا نعم. قال رحمه الله تعالى وعن سلمان رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم. اشيمط ذان وعائل مستكبر ورجل جعل الله بضاعته. لا يشتري الا بيمينه ولا يبيع الا بيمينه. رواه الطبراني بسند صحيح. الشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم ورجل جعل الله بضاعته وتفسير هذا الحديث او وتفسير هذه الجملة جاء بعدها مباشرة كيف جعل الله بضاعته؟ هو انه لا يشتري الا بيمينه ولا الا بيمينه فهذا هو معنى قوله صلى الله عليه وسلم جعل الله بضاعته وهذا الثالث الذي يظهر والله اعلم في توجيه حاله انه لا يشتري ولا يبيع الا باليمين الكاذبة ويشهد لهذا حديث ابي ذر السابق فان الوعيد فيه يشبه هذا الوعيد والملفق سلعته بالحلف الكاذب. وعليه سيكون النهي عن ذلك كما سبق نهيا عن الوسائل المؤدية الى هذا الخطر العظيم. نعم وفي الصحيح عن عمران بن حصين رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير امتي قرني ثم ثم ينايلونهم ثم الذين يلونهم. قال عمران فلا ادري اذكر بعد قرنه مرتين او ثلاثة ثم ان بعدكم قوم يشهدون ولا يستشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السما حديث عمران رضي الله عنه اذا تأملت لم تجد فيه تنصيصا على الشاهد المناسب للباب والذي يظهر لي والله اعلم ان ذلك اما ان يكون مما يستنبط من قوله يشهدون ولا يستشهدون او انه ذكر هذا الحديث تمهيدا للحديث الذي بعده فان فيه التصريح بالمقصود واما قوله صلى الله عليه وسلم يشهدون ولا يستشهدون فيمكن ان يستنبط منه المقصود بان يكون غالب حال هؤلاء. كما يدل عليه الحديث الاتي انهم يخلطون ويقلبون شهادتهم باليمين. وقوله صلى الله عليه وسلم يشهدون ولا يستشهدون اما ان يكون المراد يشهدون دون ان يستشهدوا يعني دون ان يطلبوا لتحمل الشهادة. وعليه فتكون شهادته بلا علم وهي شهادة زور واما ان تكون يشهدون ولا يستشهدون. يعني لا يطلبون للشهادة اداء وهذا يدل على عدم مبالاته. وعلى تسارعهم في هذا الامر العظيم الذي ينبغي ان يتحرص ويتحرز فيه. وهو الشهادة. ولا يشكل على ذلك ما ثبت في الصحيح من حديث زيد ابن خالد رضي الله عنه الا اخبركم بخير الشهداء؟ الذي يؤتي الشهادة قبل ان يطلبها او كما قال عليه الصلاة والسلام فان هذا الحديث توجيهه احد امرين اما انه يعطي الشهادة دون ان يستشهد لتعينها عليه بسبب ضياع الحق ان لم يشأ فربما يكون هو الشاهد الوحيد وصاحب الحاجة لا يعلم به ولو كثر الشهادة ضاع الحق. يتوجب عليه ان يشهد وان لم يطلب للشهادة والثاني انه يشهد وان لم يستشهد في حقوق الله التي لا مطالب بها عليه ان يبادر بالشهادة وان لم يطلب. نعم قال رحمه الله تعالى وفيه عن ابن مسعود رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال خير الناس قرني ثم الذين ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم تسبق شهادة احدهم يمينه ويمينه شهادته هذا هو الشاهد في الحديث فان اخبار النبي صلى الله عليه وسلم بهؤلاء القوم المتأخرين عن القرون المفضلة انما هو على سبيل الذنب لهم وحالهم انه تسبق شهادتهم شهادة احدهم يمينه ويمينه شهادة وذلك محمول اما على ان احدهم لا يشهد الا بيمين وان لم يطلب لذلك. او يطلب لذلك يطلب اليمين منه لعدم الثقة به او ان يكون المقصود انهم لا يبالون بالامرين لا بالشهادة ولا باليمين فكان الحال فيه او فكان الحال في هذين الامرين كالمتسابقين. لا يبالون لا في يمين فيكثرون منها ولا في الشهادة فيشهدون وان لم يستشهدوا. نعم قال رحمه الله تعالى قال ابراهيم كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار. هذا ما يحدث به ابراهيم النخاعي التابعي رحمه الله. من حال السلف كيف تربيتهم لابنائهم كانوا يضربون على الشهادة والعهد بان لا يسارع الانسان بتحملها لعظم الامر فيها او لا يشهد شهادة الزور او لا يشهد دون ان يستشهد وكذلك العهد الا يعاهد مخافة ان ينقض عهده او انه ينقض عهده فهذا مما كان السلف رحمهم الله يضربون صبيانهم ويؤدبونهم عليهم. وهكذا تكون التربية الجادة للابناء اخينا ما يحتاج الامر فيه الى نوع الشدة ونوع قسوة فان هذا مما يحمد وقسى ليزدجروا ومن يك فليقسوا احيانا على من يرحمون. نعم. قال المؤلف رحمه الله تعالى باب ما جاء في ذمة الله وذمة نبيه. الذمة هي العهد والميثاق ولذا قيل اهل الذمة قال الشاعر قبيلة لا يسخرون بذمة قبيلة لا يخطرون بذمة ولا يظلمون الناس حبة خردلين فعهد الله وعهد نبيه صلى الله عليه وسلم عهد عظيم ونقض هذا العهد من ضعف تعظيم الله سبحانه وتعالى ودليل على ضعف التوحيد فنبه المؤلف رحمه الله على خطورة اخفار ذلك ونقضه وان من تعظيم الله عز وجل ان يصان هذا العهد. نعم. قال رحمه الله تعالى وقول الله تعالى بعهد الله اذا عاهدتم ولا تنقضوا الايمان بعد توكيدها الاية. امر الله عز وجل بايفاء عهد الله تعظيما لله وان لا تنقظ الايمان. المقصود بالايمان هنا. الايمان التي تكون في والمواثيق وليست وليست الايمان المتعلقة بالحث والمنع. فان تلك الايمان يجوز الحنف فيها بل يستحب اذا ظهرت المصلحة والله اني ان شاء الله لا احلف على يميني فارى غير خيرا منها الا كفرت عن يميني واتيت الذي هو خير. اما الايمان التي تكون في العهود والمواثيق بان تؤمن الانسان مثلا على نفسه او على ما له او تتعاهد على ان تصدقه وان تكون امينا معه وان تبين له الحقيقة وما شاكل ذلك فانا نقض ذلك واخفاره امر عظيم. ومنكر جسيم ودليل على ضعف تعظيم الله سبحانه وتعالى قال رحمه الله تعالى عن بريدة رضي الله عنه انه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا امر اميرا على جيش او ثدي اوصاه بتقوى الله تعالى. ومن معه من المسلمين خيرا فقال اغزوا بسم الله في سبيل الله. قاتلوا من كفر بالله اغزوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا. واذا لقيت عدوك من المشركين فادعوهم الى ثلاث خلال او قال حصان وايتهن ما اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم. ثم ادعهم الى الاسلام فان اجابوك فاقبل منهم. ثم ادعهم الى التحول من من دارهم الى دار المهاجرين واخبرهم انهم ان فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين وعليهم ما على المهاجرين. فان ابوا ان يتحولوا منها اخبرهم انهم يكونون كاعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله يجري عليهم حكم الله تعالى الذي يجري على المؤمنين. ولا لهم في الغنيمة والفيء شيء الا ان يجاهدوا مع المسلمين. فان فانهم ابوا فاسألهم الجزية فانهم اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فانهم ابوا فاستعن بالله وقاتلهم. واذا حاصرت اهل حصن فارادوك ان تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فلا تجعل لهم فلا تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه ولكن اجعل لهم ذمتك وذمة اصحابك فانكم ان تغفروا ذممكم وذمة اصحابكم اهون من ان تغفروا ذمة الله وذمة نبيه. واذا حاصرت اهل حصن فارادوك ان تنزلهم على حكم الله. فلا تنزلهم على حكم ولكن انزلهم على حكمك فانك لا تدري اتصيب فيهم حكم الله ام لا؟ رواه مسلم هذا الحديث الطويل الذي يشتمل على مسائل كثيرة فيه وصية النبي صلى الله عليه وسلم الى امير الجيش او السرية التي يبعثها لتجاهد في سبيل الله والسرية القطعة من الجيش من المئة الى الاربع مئة والشاهد من الحديث قوله صلى الله عليه وسلم واذا حاصرت اهل حصن ارادوا ان تعطيهم ذمة الله وذمة نبيه صلى الله عليه وسلم يعني ارادوك ان تعطيهم عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه وسلم. على ما يحصل عليه الاتفاق بينكم فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وامره ان يعطيهم ذمته وعهده وذمة اصحابه وعلة ذلك خشيته صلى الله عليه وسلم من ان تغفر ذمة الله ونبيه صلى الله عليه وسلم من قبل بعض الناس من سوادهم وجهالهم فيكون قد حصل امر عظيم ينافي تعظيم الله عز وجل وهو لفظ وافطار عهد الله وعهد نبيه صلى الله عليه وسلم مع ما يلتحق بذلك من عيب الاسلام واهله وانما ان كان ولابد فيعطى هؤلاء عهد هذا الامير وعهد اصحابه فانه في حال ما اذا وقع نقض وان كان محرما. وممنوعا لكن الامر ها هنا اهون فيكون الافطار ليس اخفارا لعهد الله ونبيه صلى الله عليه وسلم وانما هو اخبار لهؤلاء المسلمين فالامر في اهون ومن هنا استنبط اهل العلم من هذا الحديث ما يدل على قاعدة مشهورة وهي احتمال اعظم المفسدتين بارتكاب ادناهما دفع عفوا دفع اعظم المفسدتين باحتمال ادناهما فكلا الامرين مفسدة اختاروا العهد على كل حال مفسدة. ولكن الوقوع في المفسدة الاهون اهون من الوقوع في مفسدة الاعظم والله عز وجل اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه وسلم