بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمسلمين قال شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالى باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله وقول الله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه وقوله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون. الا الذي فطرني وقوله اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله. وقوله ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله هو دمه وحسابه على الله عز وجل. وشرح هذه الترجمة ما بعدها من الابواب. احسنت. الحمد لله رب العالمين واصلي واسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان وبعد قال المؤلف رحمه الله باب تفسير التوحيد وشهادة ان لا اله الا الله عقد المؤلف رحمه الله هذا الباب الكلام عن تفسير التوحيد وعن شهادة ان لا اله الا الله وان كان قد مضى ذلك في الباب الاول الا ان المقام مقام عظيم يستحق ان يعاد فيه الكلام ويكرر ويؤكد وثمة ملحظ لطيف في عقد هذا الباب بعد الباب السابق وهو الدعاء الى شهادة ان لا اله الا الله وذلكم ان الدعاء الى شهادة ان لا اله الا الله ينبغي ان يكون مفسرا وان يكون مفصلا لا مجملا فالمؤلف رحمه الله حينما حث على الدعوة الى التوحيد والى شهادة ان لا اله الا الله بين ان على الداعي ان يفسر التوحيد وان يوضحه وهذه هي الدعوة النافعة اما الدعوة الى التوحيد مجملة يعني دون تفصيل فانه لا يحصل بها النفع المقصود التفسير هو الكشف والتوضيح والتوحيد قد مضى شرحه وبيانه وانه افراد الله عز وجل فيما يختص به وقد عرفنا انقسامه الى ثلاثة اقسام الى توحيد الربوبية والالوهية والاسماء والصفات وعطف على التوحيد شهادة ان لا اله الا الله وهذا العطف هو من عطف الدال على المدلول فان لا اله الا الله قد دلت على التوحيد وان التوحيد هو معنى لا اله الا الله واي انواع التوحيد هو الذي دل عليه قول لا اله الا الله الجواب ان هذه الكلمة العظيمة قد دلت على انواع التوحيد الثلاثة وذلك انها دلت على توحيد الالوهية او توحيد العبادة بالمطابقة ودلت على توحيد الربوبية وتوحيد الاسماء والصفات بدلالة اللزوم ووجه ذلك ان دلالة المطابقة هي دلالة الشيء على كامل معناه هذه تسمى دلالة المطابقة ودلالة التظمن هي دلالة الشيء على بعض معناه فاذا كنا الان في شهادة ان لا اله الا الله فان دلالتها على نفي الالوهية عما سوى الله هذه دلالة ماذا تضمن ودلالتها على اثبات الالوهية لله وحده دلالة ماذا؟ تظمن ايضا ودلالتها على كبر الامرين نسي الالهية عما سوى الله واثباتها لله وحده دلالة ماذا؟ دلالة مطابقة ودلالتها على توحيد الربوبية دلالة لزوم ودلالة اللزوم هي دلالة الشيء على ما ليس منه لكنه لازم له فلا ينفك عنه ولا اله الا الله تدل على توحيد الربوبية لهذه الدلالة. وذلك ان المعبود الحق لابد ان يكون كاملا في ربوبيته متفردا بذلك ودلالتها على توحيد الاسماء والصفات ايضا من هذه الدلالة فان المعبود الحق لابد ان يكون كاملا في صفاته ولا نظير له في ذلك اتضح اذا ان هذه الشهادة دالة على انواع التوحيد الثلاثة اما بدلالة المطابقة او بدلالة قال له زوج هذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد هي العروة الوثقى وهي اعظم الكلام واكبره واحبه الى الله عز وجل ولاجل هذه الكلمة ولاجل ما دلت عليه خلق الله الخلق وقامت السماوات والارض وقامت الجنة سوق الجنة والنار. وحصل الابتلاء فهذه الكلمة العظيمة هي التي خلقنا من اجل ان نحققها شهادة ان لا اله الا الله لذا فان فهمها وادراك معناها ومن اهم الامور على الاطلاق على كل مسلم فان النجاة معلقة بهذه الكلمة لقولها وبالقيام بالواجبه وبالقيام بالواجب عملا واعتقادا والشهادة كما قال ابن فارس في المجمل اخبار عن علم وحينما يقول الانسان اشهد ان لا اله الا الله انه يلحظ ها هنا امران الامر الاول العلم والاعتقاد فلا تكون الشهادة شهادة صادقة نافعة الا اذا كانت عن علم واعتقاد والا فلو كانت عن غير ذلك فهي شهادة كاذبة ولذلك لما قال المنافقون نشهد انك لرسول الله والله يعلم انك لرسوله والله يشهد ان المنافقين لكاذبون اذا ليست شهادة صادقة. الشهادة الصادقة لابد ان تكون عن علم بالمشهود به وعن اعتقاد جازم بذلك الجانب الاخر القول والاخبار فلا يكفي ان يعتقد معنى هذه الكلمة بل لا بد ان ينطق بذلك وهذا من الامور المعلومة من دين الله بالضرورة فمن لم ينطق بالشهادتين مع قدرته على ذلك فانه ليس بمسلم مهما اعتقد ومهما عملت واما الاخبار فانه لا بد ان يعلن ولابد ان يخبر بهذه الشهادة ولكن الامر معلق بالقدرة فاذا كان يكتم ايمانه خوف ضرر محقق عليه فانه معذور في الاخبار والاعلام. اما النطق فانه لا يعذر احد في ذلك اذا كان قادرا على النطق لا اله الا الله هذه الكلمة العظيمة تشتمل على اربع كلمات لا اله الا الله وفهم هذه الكلمة مبني على فهم هذه الكلمات الاربع حرف النفي الاول وهو لا هذه الاداة هي النافية للجنس العاملة عمل ضدها وهو ان فان للاثبات ولا للنفي ولا تعمل عمل ان من جهة نصبها لاسمها ورفعها لخبرها ولا عند اهل اللغة ابلغ في النفي من ماء لا عند اهل اللغة ابلغ في النفي من ماء وقد قلنا انها تعمل عمل انا اذا هي تحتاج الى اسم والى خبر اما اسمها فهو اله. الكلمة الثانية والى كلمة مبنية على الفتح في محل نصب ان اسم لا اذا كان مفردا نكرة غير مضاف فانه يبنى ويكون في محل نصب واله على وزن فعال بمعنى مفعول كما تقول بساط فراش كتاب يعني مكتوب ومفروش ومبسوط والى فعال من الهى يأله اذا عبد وعليه فيكون معنى اله اي معبود هذا هو القول الصحيح والذي عليه جماهير اهل العلم اشتقاق الى كما قال رؤبة في رجزه المشهور لله در الغانيات المدهي سبحن واسترجعن من تأله يعني عبادة النفي الذي اجتمع مع اله ها هنا هو ابلغ ما يكون في نفي افراد المسمى من جهتين الجهة الاولى ان هذه الكلمة جيء بها مفردة لا جمعا والنفي ل هذه الكلمة ابلغ مما لو جيء بها مجموعة ابلغ مما لو قيل لا الهة الا الله وذلك لانها تنفي جنس الالهة فلا اله البتة. لا واحد ولا اثنان ولا اكثر اما لو قيل لا الهة الا الله فقد يقال انه يوجد اله او الهان. لكن لما قيل لا اله دل هذا على ان جنس الالهية منفي عما سوى الله سبحانه وتعالى والوجه الثاني ان اله ها هنا نكرة منفية والنكرة المنفية ابلغ في العموم من النكرة في سياق النفي وهذا ملحظ دقيق معروف في اصول الفقه ان النكرة المنفية ابلغ منى ابلغ في العموم من النكرة التي لم يتسلط عليها النفي لها بذاتها وانما وقعت في سياق النفي فلا شك ان المنفية ابلغ في العموم وهذا لان المقام يقتضي استغراق النفي لجنس الالهية عما سوى الله سبحانه وتعالى هذا اسمها فاين الخبر كثر في اللغة نفي خبر لا اذا علم او دلت قرينة عليه وهذا اه معروف عند اهل اللغة لا سيما عند الحجازيين بل ان تميما توجب الحذف ها هنا اذا علم الخبر او دلت قرينة عليه توجب الحذف وهذا كثير ومنه قوله تعالى قالوا لا ضير ومنه قوله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة فالخبر اعني خبرنا اذا كان معلوما او دلت قرينة عليه فانه يكثر حذفه في اللغة بعضهم كالفخر الرازي وتبعه على هذا جماعة من المتكلمين رأوا انه لا حاجة الى تقدير الخبر بل الخبر الا الله وهذا عند المحققين ليس بجيد وانما الذي جرى عليه آآ جل كلام العرب هو تقدير الخبر وقد قدر كثير من المتكلمين الخبر ها هنا بانه موجود لا اله موجود الا الله وهذا التقدير غلط وليس بصواب لانه يلزم عليه امران الامر الاول نفي حقيقة واقعة وهي وجود الهة سوى الله سبحانه وتعالى فالمعبودات سوى الله عز وجل كثيرة هذا منصوص عليه في كتاب الله ايسكا الهة دون الله تريدون؟ اجعل الالهة الها واحدا؟ فالمعبودات من حيث كونها معبودات كثيرة فالشمس قد عبدت والقمر قد عبد الملائكة والجن والصالحون الشجر والحجر والصنم كل ذلك قد عبد وكل ذلك الى ومجموعها الهة اذا حينما نقدر لا اله موجود فنحن ننفي ان يكون شيء عبد في الواقع الا الله وهذا غلط لا يمكن ان ننكر شيئا واقعا واللازم الثاني ان يكون كل ما عبد هو الله عز وجل وهذا يرحمكم الله اه مصير الى القول بوحدة الوجود وهذه عقيدة كفرية وانا اقول ان هذا لازم لهذا التقدير. ولا يعني ذلك ان يكون كل من قدر هذا التقدير قد قال بذلك انما اللازم يدل على صواب القول او خطئه ولا ينسب للقائل حتى يعرض عليه فيقره والقول الحق الذي لا شك فيه هو تقدير الخبر حق لا اله حق لا معبود حق وان شئت فقل لا معبود بحق الا الله وهذا هو الذي لا يصح غيره وهو الذي دلت عليه جملة كثيرة من الادلة من ذلك قول الله عز وجل ذلك بان الله هو الحق وان ما يدعون من دونه هو الباطل هذا في الحج وفي لقمان ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه الباطل ونصوص اخرى فيأتي بعضها ان شاء الله وهنا تنبيه على قولي المتكلمين وخطأهم الفادح في هذه الكلمة فان المتكلمين قد اخطأوا بهذه الكلمة في موضعين اه وكان لهذين الخطأين اثرهما الكبير اما الاول ففي تقدير الخبر كما سبق واما الثاني ففي تفسير كلمة اله فان المتكلمين لم يوفق جمهورهم الى الحق في هذا الامر وقالوا اقوالا خبطوا وخلطوا فيها وجانب الصواب واشهر ما قيل عندهم هو ان الاله هو الخالق او القادر على الاختراع او المستغني عما سواه المفتقر اليه كل ما عداه هذه التفسيرات الثلاثة هي اشهر ما قيل عندهم في تفسير الاله الخالق القادر على الاختراع المستغني عما سواه المفتقر اليه كل ما عداه وهذا ولا شك ليس بصحيح بل لو كان هذا هو المعنى فما الذي منع مشركي قريش من قبول لا اله الا الله حينما قيل لهم قولوا لا اله الا الله والمعنى لا خالق الا الله فما الذي يضيرهم في ذلك؟ وهم قائلون بانه لا خالق الا الله ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ولئن سألتم من خلق السماوات والارض ليقولن الله. فما الذي كان يضيرهم؟ ان يقولوا هذه الكلمة ولذلك ردوها وقالوا متعجبين اجعل الالهة الها واحدا ما الذي يضيرهم ان يقولوا لا قادر على الاختراع الا الله لكن القوم اهل لسان ويدركون جيدا ما معنى هذه الكلمة وما الذي يلزم من قبولها وتعسل لمن كان كفار قريش اعلم منه بمعنى لا اله الا الله وهذا الفهم هذه الكلمة ادى الى غلط كبير بل كان من اسباب انتشار الشرك في الامة خطأ في كلمة ادى الى شرخ عظيم فكثير من المنتسبين للاسلام ظنوا انهم اذا قالوا لا اله الا الله والمعنى لا خالق الا الله. واعتقدوا هذا فهم مسلمون. مؤمنون ولو صرفوا ما صرفوا من انواع العبودية لغير الله. ولو لجأوا الى القبور. ولو دعوا اصحابها ولو فعلوا ما فعلوا فبما انهم يقولون لا اله الا الله ويعتقدون انه لا خالق الا الله فهم اه قد قاموا بحق لا اله الا الله وما نقضوها وهذا ولا شك آآ من اسباب الضلال والانحراف التي حصلت في الامة لا اله الا الله جملة مشتملة على قسمين وهذا الذي يعبر عنه اهل العلم بركنين لا اله الا الله وهذان الركنان هما النفي والاثبات نفي الالهية عما سوى الله عز وجل واثباتها لله وحده فلا يكون توحيد حتى يجتمع الامران ولذلك يقول اهل العلم ان التوحيد هو التجريد والتفريق التوحيد هو التجريد والتفريق التجريد تجريد العبودية عما سوى الله عز وجل اي نفيها عما سوى الله والتفريط افراد الله بالعبادة فليس فليس التجريد توحيدا وحده وليس التفريد وحده توحيدا بل مجموعهما هو التوحيد ان يجتمع الامران تجريد وتفريط لان التجريد تعطيل ولان التفريط واحدة لا يمنع المشاركة وانما يحصل التوحيد اذا اجتمع الامران التجريد والتفريد النفي والاثبات وهذا المعنى الذي دلت عليه لا اله الا الله من نفي الالهية عما سوى الله عز وجل واثباتها لله وحده ده معنى ظاهر في كتاب الله عز وجل. بل هو من اجل الامور واوضحها ويا لله العجب كيف ظل اناس يتلون كتاب الله عن هذا المعنى العظيم الذي هو من اوضح الامور في كتاب الله وقد جاء وقد مر معنا قول الله عز وجل ذلك بان الله هو الحق وانما يدعون من دونه هو الباطل وهذا كما في اية الزخرف وستأتي معنا بعد قليل ان شاء الله واذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني. نفي واثبات فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله. نفي واثبات ولكن كان حنيفا مسلما نفي واثبات حنيف مائل عن الشرك منكر لمعاني الالوهية عما سوى الله مسلما مثبتا التوحيد لله سبحانه مثبتا العبادة لله سبحانه وتعالى وحده وهكذا في نصوص كثيرة آآ هذا من كتاب الله ومن سنة النبي صلى الله عليه وسلم ما سيمر معنا بعد قليل من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله وبهذا تفهم ان حقيقة التوحيد مركبة من هذين الامرين. فمن قال لا اله الا الله واعتقد الالهية في الله عز وجل وحده لكنه لم ينفي ولم يكفر ولم يتبرأ من المعبودات سوى الله عز وجل وانما توقف او او شك فانه لا ينفعه ليس له توحيد حتى يجمع الامرين يجمع النفي الى الاثبات. لا اله الا الله وقد فصل امام الدعوة رحمه الله اهم الامور التي تنفيها لا اله الا الله واهم الامور التي تثبتها لا اله الا الله فبين ان اهم ذلك مما تنفيه لا اله الا الله اربعة امور الارباب والالهة والانداد والطواغيت الارباب فسره او فسر هذه الكلمة رحمه الله بقوله الرب من افتاك بخلاف بالحق فاطعته على ذلك مصدقا فيمر معنا ان شاء الله في تفسير اية التوبة واما الانداد فما صرفك على فما صرفك عن الحق من اهل او ولد تدل بقول الله عز وجل ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله فرفوا الاهل والاولاد صرفوا العبد عن التعلق بالله عز وجل لان المحبة قد عظمت حتى ضارعت محبة الله عز وجل في القلب بل قد تغلبها فاصبح هؤلاء الاهل والاولاد وما شاكل ذلك اندادا لا اله الا الله تنفي ذلك والاله قال الاله هو ما قصدته لجلب نفع او دفع ضر يعني تقصد شيئا ما حجرا او شجرا او وليا او ملكا او غير ذلك تقصده بعبادة ترجو من وراء ذلك نفعا او دفع ضر ترجوه اه ترجوه لشفاعة ترجوه لان يقربك الى الله عز وجل لان تحصل نفعا دنيويا ان يجيرك من العذاب الى غير ذلك هذا قد اتخذته الها اما الطواغيت فقال الطاغوت من عبد وهو راض او ترشح للعبادة من عبد وهو راض او ترشح للعبادة هذه الامور الاربعة اهم ما تنفيه لا اله الا الله اما ما تثبته اشار رحمه الله الى اربعة امور ومعلوم ان كل دين كل دين الله ان كل الاسلام مما تثبته لا اله الا الله. لكن اهم ذلك اربعة امور الاول القصد قال كونك ما تقصد الا الله عز وجل لا تبتغي لا يتعلق قلبك الا بالله عز وجل ثانيا المحبة والتعظيم كما قال الله عز وجل والذين امنوا اشد حبا لله قال الامر الثالث الخوف والرجاء وهذه الامور هي اعظم اعمال القلوب المحبة والخوف والرجاء اعظم اعمال القلوب قال واخيرا البراءة من الشرك واهله استدل باية ممتحنة قد كان لكم اسوة حسنة قد كانت لكم اسوة حسنة ابراهيم والذين معه قالوا لقومهم انا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده وقد اعتنى اهل العلم رحمهم الله حينما يتكلمون عن هذه الكلمة العظيمة ببيان القيود والشروط التي لا تنفع لا اله الا الله صاحبها الا باجتماعها ولذلك علق البخاري رحمه الله عن وهب ابن منبه انه قيل له ان قوما يقولون ان لا اله الا الله مفتاح الجنة فقال ان لكل مفتاح اسنانا فان جئت بمفتاح له اسنان فتح لك. والا لم يفتح لك هذه الاسنان هي القيود والشروط التي دلت عليها النصوص وقد استقراها اهل العلم من النصوص وجمعوها في امور معلومة وممن نص على ذلك المجدد الثاني الشيخ عبد الرحمن بن حسن ابن محمد ابن عبد الوهاب رحمه الله فانه قد جل هذا الموضوع حينما بين ان لي لا اله الا الله شروطا سبعة وهي التي قد جمعت في قول ناظم علم يقين واخلاص وصدق كمال محبة وانقياد والقبول لها فمن جمع هذه الامور السبعة وقام بها اعتقادا وعملا فانه قد حقق لا اله الا الله ومن احسن من بسط الكلام عنها جل ذلك بنظم بديع الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله في داليته المعروفة المسماة اشعة الانوار فيما تضمنته لا اله الا الله من بعض الاسرار تكلم عن لا اله الا الله ومعناها وعن هذه الشروط فبين المراد منها ثم عطف على هذا بيان جمع جملة من نواقض الاسلام لنضمن آآ نافع يزيد على عشرين ومئة من الابيات كذلك الشيخ حافظ رحمه الله في المعارج فانه نظم هذه الشروط في السلم وشرحها في المعارج وغيرهم كثير من اهل العلم يحصل ان يذكر في ختام الكلام عن هذه الكلمة العظيمة بعض اللطائف التي تضمنتها هذه الكلمة العظيمة قد اشار الى هذه اللطائف الزركشي رحمه الله في كتابه معنى لا اله الا الله وهو كتاب لا بأس به وان كان فيه اخطاء من جهة نقلي كلام بعض المتكلمين وليس الكتاب آآ صالحا محضا انما فيه فوائد وفيه لطائف وفيه هنات ايضا وممن اشار الى هذه اللطائف ايضا الشيخ ابن قاسم في حاشيته على كتاب التوحيد اشاروا الى بعض وبعضهم اشار الى غيرها ذكروا ان هذه الكلمة جميع حروفها جوفية ليس فيها شيء من الحروف الشفوية وهذا يدلك على ان هذه الكلمة لا تنفع صاحبها الا اذا خرجت من القلب وفيها لطيفة ايضا وهي ان هذه الكلمة هي كلمة الاخلاص ولذلك يمكن ان تنطقها مخلصا اذكر الله عز وجل بها مخلصا دون ان يشعر بك احد تستطيع ان تنطق بها وانت مطبق على اسنانك. فلا يشعر بك احد ايضا من اللطائف انها اعني هذه الكلمة لا نقط فيها قالوا وهذا اشارة الى التجريد وان صاحبها لابد ان يجرد العبودية عما سوى الله عز وجل وبعضهم اشار الى لطيفة في هذا وهي انها تمحو النقاط والنكات التي تكون في القلب من المعاصي والسيئات ايضا من لطائفها انها كما سبق مشتملة على قسمين لا اله و الا الله تلاحظ معي ان الشطر الاول فيه نقص لا الى والا آآ اسم الله العظيم الله زائد الف ولام تنقص هنا وتزيد هنا كذلك ان الشطر الاول مخفف والشطر الثاني مثقل وفي هذا اشارة الى ان المنفية خفيف ولا قيمة له وناقص واما القدر المثبت عفوا الشطر المتعلق بالاثبات فان الله عز وجل اكمل واتم امر هذه لطائف تذكر من باب الملح ليست من عقد العلم انما تذكر من باب الملح نعود الان الى ما اورد المؤلف رحمه الله بهذا الباب اورد المؤلف عليه رحمة الله اربع ايات وحديثا اما الاية الاولى فهي اية الاسراء اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ايهم اقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه وهذه الاية وجه مناسبتها للباب من جهتين الجهة الاولى من قوله تعالى اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة والوسيلة هي القربة الوسيلة هي القربة اي يبتغون يطلبون القربة الى الله بالعمل الصالح كلمة الوسيلة هنا قد آآ اخطأ فيها كثير من اهل البدع ولذلك تجد في كلام بعضهم تفسير الوسيلة بالوسيلة الشركية اي انهم يجعلون بينهم وبين الله عز وجل وسائط تقرب الى الله عز وجل. ويدعون ان هذه هي الوسيلة وهذا كلام باطل باجماع اهل العلم اذا تقرب العبد الى غير الله عز وجل لاجل ان يقربه الى الله فهذا حقيقة دين المشركين والذين اتخذوا من دون من دونه اولياء ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. هذا حقيقة دين المشركين فهذا من ابطل الباطل والوسائط الواسطة نوعان واسطة نفيها كفر وواسطة اثباتها كفر اما الواسطة التي نفيها كفر فهي واسطة الرسالة بيننا وبين الله عز وجل في تبليغ شرعه واسطة هم الرسل من نفى هذه الواسطة كفر وواثقة اثباتها كفر وهي التي عليها اهل الشرك الذين يتخذون وثائق يتقربون بهم الى الله عز وجل بدعاء وسجود وركوع وطواف وغير ذلك يرجون شفاعتهم وتقريبهم الى الله عز وجل هذه اثباتها كفر وبعضهم وهم اقل شرا من الاولين يزعمون ان هذه الاية دليل على التوسل البدعي ان يدعى الله عز وجل بجاه او بحق لاحد من المخلوقين وهذا وذاك غلط ليس بصواب بل مخالف لاجماع اهل العلم بل هو تلاعب بكتاب الله سبحانه وتعالى الوسيلة هي القربة الى ربهم الوسيلة قال ابن عطية يعني القربة اليه بالعمل الصالح ثم انشد قول عنترة ان الرجال لهم اليك وسيلة يعني يريدون ان يتقربوا اليك فينبغي التنبه الى هذا الغلط العظيم في فهم الوسيلة اقول هذه الاية دالة على ان التوحيد هو ان يعبد الله عز وجل وحده تكون العبادة لله وحده لانه قال يبتغون الى ربهم الوسيلة فقدم الجار والمجرور وحقه التأخير وهذا دليل على اختصاص وعلى حصر العبادة لله عز وجل وحده اي يبتغون الى الله ولا يبتغون لغيره اولئك الذين يدعون يبتغون الى ربهم الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون عذابه هذا هو حقيقة التوحيد تكون القصد والتعلق والرغبة والطلب والقربى الى الله وحده هذا هو حقيقة التوحيد وهذا مقتضى لا اله الا الله ووجه ثان فيه تفسير التوحيد ببيان ضده انتقد تفسر الشيء بمعناه الظاهر وقد تفسره بضده وهذا قد اشار اليه المؤلف رحمه الله في المسائل وبيان ذلك يكون ذكر ما قبل هذه الاية. فان الله عز وجل يقول قل ادعوا الذين من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويله فهؤلاء الذين يدعون دعاء عبادة ودعاء مسألة من دون الله وهم اعني الذين يدعون يتقربون الى الله عز وجل. ويطلبون منه الوسيلة فكيف يشرك بالله عز وجل سياق الاية سياق انكار على من تقرب لغير الله عز وجل المقصود ان هذه الاية كما يقول اهل العلم فيمن يعبد من دون الله وهو يعبد الله وذلك في الصحيحين عن ابن مسعود انها نزلت في قوم من الانس كانوا يعبدون قوما من الجن فاسلم الجن ولم يزل الانس على عبادتهم اولئك الذين يدعون يعني اولئك الذين يشركون مع الله عز وجل بدعائهم هم انفسهم يعبدون الله عز وجل فالذين عبدوا عابدون لله عز وجل فكيف يشرك مع الله لا سيما وهم اه عجزة عن النفع قل ادعوا الذين زعمتم من دونه فلا يملكون كشف الضر عنكم ازالته بالكلية ولا تحويلا. ولا قيل له من محل الى اخر ولا من شخص الى اخر. فهم عجزة. كيف يعبدون من دون الله فالاية قد بينت ان مما يضاد التوحيد ومما هو من حقيقة الشرك دعاء غير الله عز وجل وهذا مما تنفيه لا اله الا الله فما مر معنا وهذا من تفسير التوحيد بضده ثم انتقل رحمه الله الى الاية الثانية وهي اية الزخرف اذ قال ابراهيم لابيه وقومه انني براء مما تعبدون الا الذي فطرني هذه الاية من اوضح ما يكون في الدلالة على معنى لا اله الا الله وعلى حقيقة التوحيد ابراهيم عليه السلام الذي هو قدوة الموحدين. قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه عالن قومه عالن اباه وقومه هذا التوحيد الذي كان عليه. انني براء براء صفة مشبهة اي ذوبراء وذو براءة كما تقول رجل عدل يعني ذو عدل انني براء اصل البراءة التخلف وقد بين الله عز وجل حقيقة هذه البراءة التي كان عليها ابراهيم عليه السلام. في اية ممتحنة قد كانت لكم اسوة حسنة في ابراهيم والذين معه اذ قالوا لقومهم انا برءاء منكم ومما تعبدون. ما حقيقة ذلك قال كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء ابدا حتى تؤمنوا بالله وحده ولاحظ ان ابراهيم عليه السلام قد تبرأ من المعبودين قبل التبرؤ من المعبودات وهذا يدلك على انه لا يكون توحيد ولا يصح توحيد حتى تحصل البراءة من كل معبود سوى الله عز وجل مهما كان الها او ربا او طاغوتا او ندا. كل ما يتوجه اليه بالعبادة فيجب ان يتبرأ الانسان من ذلك. ويجب ان يبغضه. ويجب ان يكفر به وكذلك بالنسبة لهؤلاء العابدين لكن محبة العابدين الذين عبدوا غير الله ان كانت لاجلي قيامهم بهذا الشرك فهذه المحبة شرك كفر وان كانت لاجل غير ذلك فانها معصية ونقص في التوحيد ولا تنقض التوحيد اما محبة وتصحيح عبادة غير الله فان ذلك لا شك انه كفر بالله سبحانه وتعالى ثم انتقل رحمه الله الى الاية التي بعدها وهي اية براءة قال اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله هؤلاء الذين اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله قد خالفوا التوحيد وخالفوا لا اله الا الله فهي تفسير للتوحيد بضده الاحبار جمع حبر او حبر بالفتح وبالكسر يعني العلماء والرهبان يعني العباد اتخذوهم اربابا من دون الله وذلك حينما حللوا لهم الحرام وحينما حللوا لهم الحرام وحرموا عليهم الحلال فاطاعوهم على ذلك مصدقين فمن فعل هذا فانه يكون قد اشرك لان التحليل والتحريم حق لله عز وجل فمن اشرك مع الله عز وجل في هذا الحق غيره فقد نقض توحيده وهذا المقام يحتاج الى تفصيل وقد بينه شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله فان الطاعة في التحليل والتحريم على قسمين الطاعة الاولى ان يطيع غير الله في تحليل ما حرم او في تحريم ما احل مع اعتقاد ذلك يحل له العالم حراما او يحرم له حلالا فيطيعه في ذلك معتقدا حل الحرام او امة الحلال هذا اتخذه ربا هذا وقع في الشرك نقض التوحيد اما اذا امره وهذا الشق الثاني او القسم الثاني اذا امره بالحرام ففعله واطاعه على ذلك او منعه من الحلال فاطاعه مع ثبوت اعتقاده تحليلا او تحريما على ما بين الله عز وجل فان هذا له حكم سائر المعاصي اذا امره بحرام ففعل معتقدا حرمته هذا عاصي او منعه من حلال فامتنع عنه مع اعتقاده حلة هذا عاصي فينبغي التنبه الى هذا الامر ولاحظ معي انه قد قال اتخذوا احبارهم ورهبانهم اربابا من دون الله فجعل الكلمة ها هنا اربابا جزاك الله خير وهذا كما يقول اهل العلم يعني استعمل الارباب وليس الالهة وذلك فيما يبدو والله اعلم كما يقول اهل العلم ان شرك الطاعة اقرب اقرب الى مضادة توحيد الربوبية منه الى مضادة توحيد الالوهية وهذه الاية سيأتي لها بحث ان شاء الله وما في معناها في باب فافصم بذلك عقده المؤلف رحمه الله وترجم عليه بذكر هذه الاية ثم ذكر المؤلف رحمه الله الاية الرابعة وهي اية البقرة ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله والذين امنوا اشد حبا لله وهذه الاية مناسبتها للباب ايضا من جهتين الجهة الاولى من جهة تفسير التوحيد بضده وذلك ان هؤلاء المشركين قد اتخذوا مع الله اندادا احبوهم كحب الله وهذا شرك بالله سبحانه مضادة للتوحيد نقد للا اله الا الله ومن جهة اخرى هي تفسير للتوحيد في قوله والذين امنوا اشد حبا لله وهذا هو التوحيد يكون الله عز وجل احب في قلب العبد من كل شيء وسيأتي الكلام مبسوطا ان شاء الله عن هذه الاية. ايضا في باب خاص عقده المؤلف آآ مترجما عليه بهذه الاية ثم ذكر المؤلف بعد ذلك الحديث الوحيد في هذا الباب وهو ما خرجه في الصحيح يعني في صحيح مسلم عن ابي مالك الاشجعي وابو مالك الاشجعي اسمه سعد بن طارق ابن اشيم الاشجعي ابو مالك هذا تابعي وابوه صحابي طارق بن اشيم الاشجعي ولم يروي عنه الا ابنه. الا ابو مالك هذا روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا عظيما يبين لك حقيقة التوحيد قال صلى الله عليه وسلم من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه حسابه على الله عز وجل من قال لا اله الا الله وهذا كما مر معنا مقيد باليقين والاخلاص الى غير ذلك مما ورد وجاء في مسند احمد رواية لهذا الحديث من وحد الله وكفر بما يعبد من دون الله وهذا ان كان قد تكرر الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يدلك على ان لا اله الا الله معناها هو التوحيد وان التوحيد هو مدلول لا اله الا الله وان كان ذلك من بعض الرواة يعني انه يروي بالمعنى احيانا فهذا يدلك على ان هذا هو فهم السلف هذا هو فهم السلف وهو ان لا اله الا الله هي مدلول التوحيد وان هي معناها هو التوحيد وان التوحيد هو مدلول لا اله الا الله قال من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله قد مر معنا ان الكفر بما يعبد من دون الله هو من مدلول لا اله الا الله يعني هو معنى تتضمنه هذه الكلمة فلماذا عطف الكفر بما يعبد من دون الله على لا اله الا الله انتم المقصود يعني لماذا قال وكفر بما يعبد من دون الله؟ مع ان هذا المعنى موجود في ماذا؟ في لا اله الا الله الجواب كما قال الشيخ عبدالرحمن بن حسن رحمه الله في حاشيته قال ان هذا من باب التأكيد على هذا المعنى والمقام مقام عظيم يحتاج الى تأكيد وصدق رحمه الله المقام مقام عظيم جدا. ويحتاج الامر الى تأكيد وعليه فيكون هذا العطف من باب عطس الخاص على العام فعطف بعض معنى لا اله الا الله عليه من قال لا اله الا الله وكفر بما يعبد من دون الله حين ذلك يكون مسلما قيد ذلك يحرم ماله ودمه وحسابه على الله وهذا لان القاعدة المتكررة في الشريعة ان المعاملة على الظاهر يعامل الانسان بحسب ما ظهر منه فان كان صادقا في الباطن فهو مأجور ومثاب عند الله عز وجل وان كان كاذبا كحال المنافقين فالله عز وجل يتولى حسابه. اما في الدنيا فالعمل على الظاهر وبهذا تفهم ان هذا ركن ركين في لا اله الا الله وانه لا يمكن ان يكون هناك توحيد لمن لم يكفر بما يعبد من دون الله ومن نواقض لا اله الا الله من لم يكفر المشركين او شك في كفرهم او صحح مذهبهم من قال ان عبادة المسيح او عبادة الولي الفلاني او عبادة الصنم او الديانة الفلانية صحيحة ما ينفعه لا اله الا الله كافر بالله مهما عمل او قال قد تكون صحيحة وقد تكون باطلة تقول لا ينفعه ايضا حتى يكفر بما يعبد من دون الله عز وجل حتى يعتقد بطلان عبادة غير الله. ويكفر اهلها ويعاديهم في الله هنا يقول قد اتى بالتوحيد ويكون قد قام بلا اله الا الله كما امره الله سبحانه وتعالى لاننا نكتفي بهذا القدر والمقام يحتاج الى بسط اكثر وقد بين المؤلف ذلك حينما قال ان اه تفسير ذلك تفسير هذه الترجمة ما بعدها من الابواب. كل كتاب التوحيد الان سيبقى معنا ستون بابا كلها في هذه الجملة اليسيرة. التوحيد ولا اله الا الله. وفقنا الله واياكم وسدد خطاياي وخطاكم. والله اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه