السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان. اما بعد بحمد الله عز وجل في هذه الليلة ليلة الاربعاء السابعة عشر من شهر رجب عام ستة وثلاثين واربع مئة بعد الالف من هجرة النبي صلى الله عليه وسلم نجتمع في مسجد مبارك لتدارس علم عظيم. في كتاب قيم اما المسجد فمسجد النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو افظل المساجد على الاطلاق بعد المسجد الحرام. واما العلم فعلم العقيدة واكرم به من علم فهو اعظم العلوم. واهم العلوم وحاجة العباد اليه اعظم من كل حاجة واما الكتاب فانه كتاب جليل. كما وصفه بذلك سماحة الشيخ ابن باز رحمه الله في مقدمته للكتاب كتاب مميز في بابه الا وهو القواعد المثلى في صفات الله تعالى واسمائه الحسنى ل فضيلة الشيخ العلامة المتفنن محمد ابن صالح ابن عثيمين رحمه الله والمتوفى سنة احدى وعشرين واربع مئة بعد الالف هذا الكتاب كتاب مهم في بابه جمع اللب والخلاصة جمعه الشيخ رحمه الله من كلام المحققين من علماء اهل السنة والجماعة فصار مرجعا لا يستغني عنه طالب العلم المريد لتحقيق مذهب اهل السنة والجماعة في باب الاسماء والصفات هذا الكتاب جمع فيه الشيخ رحمه الله سبع قواعد في باب الاسماء الحسنى ومثلها في صفات الله جل وعلا ثم اربع قواعد في ادلة الاسماء والصفات ثم عطف في الشق الثاني بذكر بعض الشبهات التي يعارض بها المخالفين لاهل السنة والجماعة وضمن ذلك شوطا لا بأس به من الكلام عن مسألة المعية وفق مذهب اهل السنة والجماعة والمقصود ان هذا الكتاب كتاب مهم وحري بطالب العلم ان يعتني به وانه لا يستغني طالب العلم الصغير بل المتوسط يستغني به عن كثير من المطولات نستعين بالله جل وعلا في كل ليلة من الاسبوع باذن الله عدا الاثنين والخميس في مدارسة هذا المتن واسأل الله جل وعلا ان يرزقني واياكم العلم النافع والعمل الصالح. نعم. الحمد لله رب العالمين وصلى الله سلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا وانفعنا به يا رب العالمين. قال العلامة محمد بن صالح بن عثيمين رحمه الله تعالى في كتابه القواعد المثلى. الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب اليه ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه ومن تبعهم باحسان وسلم تسليما وبعد فان الايمان باسماء وصفاته احد اركان الايمان بالله تعالى وهي الايمان بوجود الله تعالى والايمان بربوبيته. والايمان بالوهيته والايمان وصفاته وتوحيد الله عز وجل به احد اقسام التوحيد الثلاثة توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات. نعم ذكر الشيخ رحمه الله ان اركان الايمان بالله الايمان باربعة امور الايمان بوجوده وبربوبيته وبالوهيته وباسمائه وصفاته اضاف ايضا ان الايمان باسماء الله وصفاته احد اقسام التوحيد الثلاثة التي هي توحيد الربوبية وتوحيد الالوهية وتوحيد الاسماء والصفات وهذا التوحيد الذي انقسم هذه القسمة الثلاثية دل عليه ما لا يكاد يحصى من ادلة الكتاب والسنة عليها جميعا او على كل قسم على انفراد. وهذه القسمة الثلاثية يقابلها قسمة ثنائية تخالفها في الالفاظ وتوافقها في المعنى وهو ان التوحيد ينقسم الى توحيد المعرفة والاثبات وهو يتضمن توحيدي الربوبية والاسماء والصفات القسم الثاني توحيد القصد والطلب وهو توحيد الالوهية او توحيد العبادة فتوحيد الاسماء والصفات اذا احد اركان الايمان بالله جل وعلا واحد اقسام التوحيد واذا كان بهذه المثابة فحري ان يعتنى بضبط هذا الباب وفق طريقة السلف الصالح وهو الذي رام الشيخ رحمه الله تحقيقه في هذا الكتاب احسن الله اليكم قال رحمه الله فمنزلته في الدين عالية واهميته عظيمة ولا يمكن احدا ان يعبد الله عز وجل على الوجه الاكمل حتى على علم باسماء الله تعالى وصفاته. نعم. يعبد منزلة توحيد الاسماء والصفات منزلة عظيمة وذلك انه لا يختلف المسلمون ان معرفة اسماء الله تبارك وتعالى وصفاته هي اساس الدين وهي اصل الهداية وهي افضل ما اكتسبته القلوب وحصلته النفوس وادركته العقول ويظهر هذا من اوجه كثيرة اولا ان العلم من حيث هو شيء فاضل. وشيء عظيم ولكنه يتفاضل بحسب المعلوم والله جل وعلا اشرف معلوم فالعلم به اشرف العلوم والله هو الكبير بل الله اكبر فالعلم به اكبر من كل علم والله العظيم فالعلم به اذا اعظم العلوم ثانيا ان الله تبارك وتعالى قد اكثر في كتابه من الامر بالعلم باسماء الله وصفاته فكم في كتاب الله من الامر الصريح بهذا العلم واعلموا ان الله يعلم ما في انفسكم فاحذروه. واعلموا ان الله غفور رحيم. واعلموا ان الله سميع عليم واعلموا ان الله غني حميد. واعلموا ان الله بكل شيء عليم. واعلموا ان الله مع المتقين. اوامر فيها الامر بالعلم باسماء الله وصفاته. وهذا يستفاد منه فائدتان. الاولى ان العلم باسماء الله وصفاته امر واجب. لان الاصل في الامر اذا تجرد على القرائن انه يفيد الوجوب. والامر الثاني ان نعلم ان الله يحب منا ان نعلم ما اسماؤه وصفاته وذلك ان المتقرر في كل امر شرعي فان الله سبحانه وتعالى يحبه. كل ما امر الله عز وجل به شرعا فهو محبوب له تبارك وتعالى. وهذه قاعدة مطردة. ثالثا ان العلم باسماء الله وصفاته يفتح على العبد ابوابا عظيمة من عبوديات القلب وعبوديات الجوارح. بل وتتفجر له من ينابيع العلم ما لا تحيط به العبارة ولذلك من وسع علمهم وسلمت فطرتهم فانهم يستدلون بصفات الله واسمائه على احكامه الشرعية واحكامه القدرية خديجة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم لما نزل به ما نزل في ابتداء الوحي والحديث في الصحيحين قالت والله لا يخزيك الله ابدا فانك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتكسب المعدوم. وتعين على نوائب الحق علمت بفطرتها ان الله جل وعلا حكيم ومن حكمته فانه لا يمكن ان يخزي من هذه حاله ولذا فان السير الى الله تبارك وتعالى من طريق اسمائه وصفاته شأنه عجيب وصاحبه قد حيزت له السعادة وهو مستلق على فراشه رابعا ان الحاجة النفسية للعباد ملحة الى معرفة اسماء الله وصفاته وهذا ما نبه عليه الشيخ رحمه الله حينما ذكر انه لا يمكن ان يعبد الله جل وعلا على الوجه الاكمل الا بمعرفة اسمائه وصفاته. فكلما كان الانسان اعلم باسماء الله وصفاته كلما كان اصح عبادة واسد تقوى بل ان الانسان لو قيل له اعبد ربا لا تعرف عنه شيئا من اسمائه وصفاته لما امكنه ذلك وكان هذا من تكليف ما لا يطاق فمن رحمته تبارك وتعالى ولعلمه ان العباد في امس حاجة الى معرفة اسمائه وصفاته بين لهم طرفا من هذه الاسماء والصفات وقد جرت عادة الله جل وعلا في شرعه وكونه انه كلما اشتدت حاجة العباد الى الشيء فان الله ينعم به اكثر ولذا كثرت في الكتب المنزلة وكثر في كلام المرسلين. واعظمهم في ذلك حظا. نبينا صلى الله عليه وسلم والكتاب الذي انزل اليه كثر في ذلك ذكر اسماء الله جل وعلا وصفاته فدل هذا على ان حاجة العباد الى معرفة اسماء الله وصفاته اعظم من كل حاجة بل اعظم من حاجتهم الى الطعام والشراب. فان الحاجة الى الطعام والشراب يكون بها حياة فان الطعام والشراب يكون بهما حياة البدن. واما معرفة الله جل وعلا باسمائه وصفاته فان بها حياة القلب الامر الخامس ان هذا العلم وما يتبعه من العمل هو الغاية من خلق هذا الكون قال جل وعلا الله الذي خلق سبع سماوات ومن الارض مثلهن يتنزل الامر بينهن لتعلموا ان الله على كل شيء قدير وان الله قد احاط بكل شيء علما جعل الله الكعبة البيت الحرام قياما للناس والشهر الحرام والهدي والقلائد ذلك لتعلموا ان الله يعلم وما في السماوات وما في الارض وان الله بكل شيء عليم الامر السادس ان العلم باسماء الله وصفاته كما انه شطر التوحيد فهو ايضا اصل التوحيد فالتوحيد علمي وعملي والتوحيد العلمي اصل التوحيد العملي قال جل وعلا رب السماوات والارض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سم يا لما كان رب السماوات والارض ولما كان لا سمي له جل وعلا ولا كفؤ ولا نظير فانه حينئذ يكون المستحق للعبادة. اذا توحيد الاسماء والصفات يستلزم توحيد العبادة لله تبارك وتعالى سابعا ان العلم باسماء الله وصفاته والقيام بمقتضى هذا العلم تعبدا له جل وعلا سبب لدخول الجنة قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ان لله تسعة وتسعين اسما مائة الا واحدة من احصاها دخل الجنة والتحقيق كما سيأتي في كلام الشيخ رحمه الله ان احصاء اسماء الله جل وعلا يكون بحفظها ومعرفة معناها والتعبد لله تبارك وتعالى بها ثامنا ان هذا الباب اعني باب الاسماء والصفات من الابواب التي كثر فيها القول بالباطل فان الخلاف في باب الاسماء والصفات قديم في الامة ولذا فقد كثرت الفرق التي خالفت الحق في هذا الباب وقد عظمت البلية بهم وبمؤلفاتهم حتى ان الخلل والخطأ فيما يتعلق بصفات الله تبارك وتعالى قد وقع في كثير من الكتب التي بين ايدي الناس مع الاسف الشديد واذا كان ذلك كذلك فان المتعين على المسلم لا سيما طالب العلم ان يعتني بتحقيق هذا الباب ومعرفة الحق والصواب فيه وفق دلالات الكتاب والسنة وما كان عليه السلف الصالح فان الخطأ في هذا الباب ليس كالخطأ في غيره فان الذي يعارض الله جل وعلا في ثبوت ما اثبت لنفسه من الاسماء والصفات قد وقع في امر عظيم والله المستعان احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى ولا يمكن احدا ان يعبد الله عز وجل على الوجه الاكبر حتى يكون على علم باسماء الله تعالى وصفاته ليعبده على بصيرة قال الله تعالى ولله اسماء حسنى فادعوه بها وهذا يشمل دعاء المسألة ودعاء العبادة اورد المؤلف رحمه الله الدليل على ان اسماء الله جل وعلا حسنى وهذا موضوع القاعدة الاولى التي سيتحدث عنها الشيخ رحمه الله قوله تعالى ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها سيأتي الحديث عن الاسماء الحسنى واما قوله فادعوه بها تبين الشيخ رحمه الله ان الدعاء ها هنا يتضمن دعائي المسألة والعبادة وقد صرح كثير من اهل العلم ومن اوائل من نص على هذا شيخ الاسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وغيرهم من المحققين. ان الدعاء ينقسم الى دعاء عبادة والى دعاء مسألة ويجمع النوعين الرغبة والقصد والتوجه اما دعاء العبادة فانه يشمل كل انواع العبادة فالصلاة والصيام والزكاة والحج والذكر كل ذلك دعاء عبادة واما دعاء المسألة فانه دعاء الطلب والسؤال وهو الدعاء المعروف الذي اذا اطلق تبادر الى الذهن وهو الاكثر ارادة وورودا في الكتاب والسنة وكلام السلف واهل العلم والنوعان متلازمان فان توحيد فان دعاء المسألة يتضمن دعاء العبادة وجه ذلك ان السائل عابد لله جل وعلا بطلبه وسؤاله وبتضرعه ورجائه فصار دعاء المسألة متضمنا لدعاء العبادة ودعاء العبادة مستلزم لدعاء المسألة وذلك ان لسان حال العابد هو سؤال الله تبارك وتعالى بعبادته ان يدخله الجنة وان يجيره من النار وان يرحمه سبحانه وتعالى بسبب هذه العبادة فصار اذا دعاء العبادة مستلزما لدعاء المسألة وقوله جل وعلا ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها يشمل الدعائين وهذا من باب تظمن الاسماء المتواطئة لما يدخل تحتها من المعاني وذهبت طائفة من اهل العلم الى ان قوله جل وعلا فادعوه بها اي سموه بها وعلى كل حال كل هذا حق فادعوه بها سموه بها فادعوه بها ادعوه بدعاء المسألة وادعوه دعاء العبادة اما دعاء المسألة من هذه الجهة من جهة الاسماء والصفات فذلك ان يتوسل الله ان يتوسل العبد الى الله جل وعلا في دعائه باسمائه سبحانه والادب في هذا ان يختار من الاسماء ما يناسب مقتضى الحال كما سيأتي في كلام الشيخ واما دعاء العبادة في هذا الجانب في جانب اسماء الله جل وعلا فانه يكون بالذكر والثناء والتعبد القلبي المستلزم لتعبد الجوارح نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى فدعاء المسألة ان تقدم بين يدي مطلوبك من اسماء الله تعالى ما يكون مناسبا. مثل ان تقول يا غفور ويا رحيم ارحمني ويا حفيظ احفظني ونحو ذلك ودعاء العبادة ان تتعبد لله تعالى بمقتضى هذه الاسماء. فتقوم بالتوبة اليه لانه التواب وتذكره بلسانك لانه السميع. تتعبد له بجوارحك لانه البصير. وتخشاه في السر لانه اللطيف الخبير وهكذا. ومن اجل منزلته هذه ومن اجل كلام الناس فيه بالحق تارة وبالباطل الناشئ عن الجهل او التعصب تارة اخرى احببت ان اكتب فيه ما تيسر من القواعد راجيا من الله تعالى ان يجعل عملي خالصا لوجهه موافقا لمرضاته نافعا لعباده. وسميته القواعد المثلى في صفات الله تعالى واسمائه الحسنى. نعم. ذكر الشيخ رحمه الله على العادة الجارية في مصنفات اهل العلم سبب التأليف والنص انا اسمي الكتاب اما سبب التأليف فمنزلة هذا الباب العظيم ثم وقوع الخطأ والاختلاف في هذا الباب مما يتعين معه على اهل العلم اي اي يبينوا الحق والصواب وقد احسن الشيخ رحمه الله ما شاء الله ان يحسن في هذا الكتاب فجزاه ربنا جل وعلا عن طلبة العلم والمسلمين خيرا فطريقة الشيخ في التأليف في هذا الكتاب طريقة حسنة وذلك ان طالب العلم كلما ظبط علمه عن طريق القواعد والضوابط كان هذا احفظ لعلمه واضبط لعلمه مما يوصى به طالب العلم بباب الاعتقاد وفي غيره ان يعتقي ان يعتني بالقواعد والظوابط ما امكنه فان حفظ الفروع وضبطها مما يتعسر لكن اذا كان عند الانسان قواعد كلية يرجع اليها هذه الفروع المتناثرة فان هذا يجعله ضابطا للعلم ولا يجعل خللا تتطرق اليه في منهجه العلمي فهو على طريق راسخة في العلم لا يحصل فيها اضطراب ثم شرع الشيخ رحمه الله بعد ذلك في ذكر القواعد وبدأ بقواعد الاسماء الحسنى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى الباب الاول قواعد في اسماء الله تعالى وفيه سبع قواعد الاولى القاعدة الاولى اسماء الله تعالى حسنا اي بالغة في الحسن غايته. قال الله تعالى ولله اسماء حسنى. وذلك لانها متظمنة لصفات كاملة القاعدة الاولى اسماء الله تعالى كلها حسنى الاسم في اللغة هو اللفظ اللفظ الدال على المسمى اسم يعين المسمى مطلقا علمه كجعفر وخرنقا المقصود باسماء الله تعالى ما اضيف الى الله سبحانه وتعالى على صيغة الاسم وتضمن غاية الحسن واسماء الله جل وعلا كثيرة واردة في الكتاب والسنة وستأتي قاعدة خاصة بهذا الامر اسماء الله تعالى كلها حسنى والذي وصفها بانها حسنى هو ربنا جل وعلا وذلك باربعة مواضع من القرآن في سورة الاعراف ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها وفي سورة الاسراء قل ادعوا الله او ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى وفي سورة طه الله لا اله الا هو له الاسماء الحسنى وفي سورة الحشر هو الله الخالق البارئ المصور له الاسماء الحسنى ولاحظ معي انها في هذه المواضع الاربعة تقدم فيها الجار والمجرور وهذا يدل عند اهل البلاغة على الاختصاص فالله جل وعلا مختص بالاسماء الحسنى والمخلوق وان جاز اطلاق ما ناسب حاله مما يمكن ان يتصف فيه من المعنى من اسماء الله فانه وان اشترك في هذه التسمية مع اسم الله تبارك وتعالى كتسمية المخلوق بالعزيز والكريم والسميع والبصير فان تسميته بذلك لا تعني ان له الاسم الاحسن او ان هذه الاسماء في حقه حسنى فالله جل وعلا مختص بكمال حسن هذه الاسماء وكمال صحة معانيها في حقه تبارك وتعالى وحسن صيغة تفضيل من احسن فهي مؤنث صيغة تفضيل مؤنث احسن تقول حسن وحسنة وتقول احسن وحسنا ومعنى حسنى كما ذكر الشيخ بالغة في الحسن غايته يعني ليس وراء حسنها حسن يعني ان المتصف بها له الحسن الكامل ووجه كون اسماء الله الحسنى سيبينه الشيخ رحمه الله الان. نعم قال رحمه الله تعالى وذلك لانها متضمنة لصفات كاملة لا نقص فيها بوجه من الوجوه لا احتمالا ولا تقديرا مثال ذلك الحي اسم من اسماء الله تعالى متضمن للحياة الكامنة التي لم تسبق بعدم ولا يلحقها زوال الحياة كون اسماء الله الحسنى يرجع الى ثلاثة امور اولا انها متظمنة لاحسن الصفات واكمل المعاني والوجه الثاني انها دالة على اعظم مسمى واقدس مسمى فمن حسن مسماها اكتسبت الحسنى والامر الثالث انه لا يعتريها نقص ولا عيب ولا شر البتة فلاجل هذا كانت اسماؤه تبارك وتعالى حسن وسيأتي التمثيل على ذلك نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى مثال ذلك الحي اسم من اسماء الله تعالى متضمن للحياة الكامنة التي لم تسبق بعدم الولاية يلحقها زوال الحياة المستلزمة لكمال الصفات من العلم والقدرة والسمع والبصر وغيرها. ومثال اخر اسم الله الحال اسم الله الحي من جملة الاسماء الحسنى والمعنى انه المتصف بالحياة الكاملة التي لم يسبقها ابتداء ولا يلحقها فناء وانتهاء حياة الله عز وجل حياة كاملة من جميع الوجوه قال جل وعلا وتوكل على الحي الذي لا يموت قال صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم انت الحي الذي لا يموت والانس والجن يموتون عفوا الحديث في الصحيحين من حديث ابن عباس رضي الله عنهما وحياة الله تبارك وتعالى مستلزمة لبقية الصفات الذاتية من العلم ومن القدرة ومن العزة الى غير ذلك كما ان قرين هذا الاسم وهو القيوم مستلزم للصفات الفعلية فالله جل وعلا الحي الذي له الحياة الكاملة والقيوم القائم بنفسه القيوم لغيره واسم القيوم يدل على معنيين على استغناء الله تبارك وتعالى عن كل شيء والمعنى الثاني احتياج كل شيء اليه تبارك وتعالى فصار هذان الاسمان من اجمع ما يدل على صفات الله تبارك وتعالى من الاسماء قسم الحي مستلزم بالصفات الذاتية واسم القيوم مستلزم للصفات الفعلية وقد جاء اقترانهما في ثلاثة مواضع في كتاب الله ومنها اعظم اية في كتاب الله وهي اية الكرسي. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ومثال اخر العليم اسم من اسماء الله تعالى متضمن للعلم الكامل الذي لم يسبق بجهل ولا يلحقه نسيان قال الله تعالى عينها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى. العلم الواسع المحيط بكل شيء جملة وتفصيلا سواء ما يتعلق افعاله او افعال خلقه. قال الله تعالى وعنده مفاتيح الغيب لا يعلمها الا هو ويعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة لا يعلمها ولا حبة في ظلمات الارض ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين. وقال تعالى وما من دابة في الارض الا على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين. وقال تعالى يعلم ما في السماوات والارض واعلم ما تسرون وما تعلنون والله عليم بذات الصدور المثال الثاني اسم الله العليم وهذا الاسم تكرر وروده في كتاب الله جل وعلا كثيرا والعليم دال على اتصاف الله تبارك وتعالى بصفة العلم وعلم الله عز وجل علم واسع شامل لكل شيء فسار فصار هذا الاسم متضمنا اكمل ما يكون من معناه الله جل وعلا علمه واسع شامل لكل شيء. جزاك الله خير ربنا وسعت كل شيء رحمة وعلما فالله تبارك وتعالى علم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف يكون من الممكنات والممتنعات حتى الامور التي لم تقع ولن تقع فان الله جل وعلا علم انها لو وقعت كيف تقع بل حتى المستحيلات الممتنعات التي لا يمكن ان تقع اصلا فان الله جل وعلا علم على فرض وقوعها كيف سيكون الامر لو كان فيهما الهة الا الله لفسدتا اذا علم الله تبارك وتعالى علم واسع شامل لكل شيء فهذا مثال على ان اسماء الله تبارك وتعالى حسنى نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله ومثال ثالث احمان اسم من اسماء الله تعالى متضمن لرحمة كاملة التي قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم. الله ارحم بعباده من هذه بولدها يعني ام صبي وجدته في السبي فاخذته والصقته ببطنها وارضعته ومتظمن ايضا للرحمة الواسعة التي قال الله عنها ورحمتي وسعت كل ان شيء وقال عن دعاء الملائكة للمؤمنين ربنا وسعت كل شيء رحمته وعلما. نعم الاسم الذي هو المثال الثالث اسم الله الرحمن والرحمن على الصحيح اسم عربي واخطأ من قال انه عبري فان العرب المحتج بك فان العرب المحتج بكلامهم كانوا يعرفون هذا الاسم وهذا موجود في اشعارهم فالرحمن دال على اتصاف الله جل وعلا بالرحمة الواسعة وصيغة فعلان تدل على المبالغة فرحمة الله جل وعلا رحمة واسعة شاملة لكل شيء من العالم السفلي والعالم العلوي قال جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء وهذا العموم هموم محفوظ وتأمل في قوله جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء فساكتبها للذين يتقون والصحيح ان هذه الاية مشتملة على عموم وعلى خصوص اما العموم ففي قوله جل وعلا ورحمتي وسعت كل شيء فكل شيء قد ناله حظ من رحمة الله تبارك وتعالى حتى الكفار فان الله تبارك وتعالى في الدنيا رحمهم فلولا رحمة الله جل وعلا ما اكل الكافر ولا شرب ولا تنفس ولا اخذ ولا اعطى واما الخصوص ففي قوله فساكتبها للذين يتقون وذلك هو الرحمة في الاخرة فانها خاصة بالمؤمنين كل من مات على التوحيد ولم ينقض توحيده فانه سيناله من رحمة الله تبارك وتعالى حتى العصاة الذين شاء الله عز وجل تعذيبهم فانهم سينالهم سينالهم الله جل وعلا برحمته فانه سيخرجهم من النار اما بشفاعة الشافعين واما بمحض رحمته تبارك وتعالى يقول جل وعلا في الحديث القدسي شفعت الملائكة وشفع النبيون وشفع المؤمنون وبقيت رحمة ارحم الراحمين المقصود ان هذا مثال على ان اسماء الله تبارك وتعالى حسنى بالغة في الحسن غايته يستحق الله تبارك وتعالى لذاته اكمل ما فيها من المعاني واكمل ما فيها من الحقائق نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والحسن في اسماء الله تعالى يكون باعتبار كل اسم على انفراده ويكون باعتبار جمعه الى غيره بجمع الاسم الى الاخر كمال فوق كمال مثال ذلك بين الشيخ رحمه الله وجهين من اوجه حسن اسماء الله تبارك وتعالى اما الوجه الاول فهو النظر الى كل اسم من حيث ما تضمنه من المعنى فكل اسم له جل وعلا من حيث هو قد تضمن احسن المعاني على الاطلاق والوجه الثاني الذي ذكره حسن اسماء الله تبارك وتعالى باعتبار اقترانها فان كل اسم على انفراده هو احسن الاسماء. وبضمه الى غيره فانه يجتمع كمال الى كمال وضرب الشيخ رحمه الله لهذا مثالا نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله مثال ذلك العزيز الحكيم فان الله تعالى يجمع بينهما في القرآن كثيرا فيكون كل منهما دالا على الكمال خاص الذي يقتضيه وهو العزة في العزيز والحكم والحكمة في الحكيم. والجمع بينهما دال على كمال اخر وهو ان عزته تعالى مقرونة بالحكمة فعزته لا تقتضي ظلما وجورا وسوء فعل كما قد يكون من اعزاء المخلوقين فان العزيز منهم قد تأخذه العزة بالاثم فيظلم ويجور ويسيء التصرف وكذلك حكمه تعالى وحكمته مقرونان بالعز الكامل بخلاف حكم المخلوق وحكمته فانهما يعتريهما الذل ضرب الشيخ رحمه الله مثالا على ما ذكر باقتران اسمي العزيز والحكيم وهذان الاسمان وهذان الاسمان قد اقترنا مع بعضهما في مواضع كثيرة زادت على الاربعين في كتاب الله جل وعلا والكمال الذي ظهر باجتماعهما هو ان عزة الله جل وعلا عزة بحكمة كما ان حكمة الله تبارك وتعالى حكمة بعزة وهذا اكمل ما يكون واحسن ما يكون قس على هذا كلما وجدته من الاسماء المقترنة بكتاب الله تبارك وتعالى والاقتران قد جاء في الاسماء بنحو ستين اقترانا في كتاب الله تبارك وتعالى والذي يتأمل في هذا الاقتران يظهر له من انواع العلوم والفوائد شيء كثير تأمل اقتران الرحيم بالودود واستغفروا ربكم ثم توبوا اليه ان ربي رحيم ودود كيف انه تضمن الطف ما يكون من المعنى واجمل ما يكون من المعنى فان الله جل وعلا يرحم من يتوب اليه ولكنه يجمع مع هذه الرحمة محبته تبارك وتعالى لهذا التائب قد ترحم من لا تحب لكن ان ترحم وتحب فهذا غاية الكرم وغاية الاحسان فانظر ما الطف وقع هذا الاقتران وكذلك الامر في بقية الاسماء المقترنة كالسميع والعليم السميع والبصير والعزيز والحميد والعلي والعظيم والحي والقيوم الى غير ذلك فانه باجتماع الاسمين يجتمع كمال الى كمال وحسن الى حسن بل قد تدل بل قد يدل هذا الاقتران على سعة واحاطة عظيمة كالاقتران الحاصل بين اسمي الاول والاخر فانهما يدلان على الاحاطة الزمانية وكذلك بين الظاهر والباطن فانهما يدلان على الاحاطة المكانية وقس على هذا فهذان وجهان يدلان على حسن اسماء الله تبارك وتعالى وهذا باب عظيم والمتأمل فيه يظهر له انواع من الفوائد والعلوم ويمكن ان يضاف الى ما ذكر الشيخ ايضا ان من حسن اسماء الله تبارك وتعالى ان الاسم الواحد قد يتضمن معنيين او ثلاث او ثلاثة او اربعة كلها حق وكلها احسن ما يكون من المعاني وهذا شيء عظيم انفردت به اسماء الله تبارك وتعالى فاسم العزيز الذي مر معنا قبل قليل يتضمن ثلاثة معان معنى القوي ومعنى القاهر الغالب ومعنى الممتنع الذي لا يناله سوء وهو العزيز فلن يرام جنابه انا يرام جناب ذي السلطان وهو العزيز القاهر الغلاب لم يغلبه شيء هذه صفتان وهو العزيز بقوة هي وصفه العز حينئذ ثلاث معاني وهي التي كملت له سبحانه من كل وجه عادم النقصان كذلك اسم الحكيم قرين العزيز في مواضع كثيرة. الله جل وعلا الحكيم ذو الحكم وذو الحكمة وذو الاحكام فانظر كيف تضمن هذا الاسم ثلاثة معان كذلك الودود الذي مر بنا قبل قليل الصحيح انه يدل على معنيين على معنى المحبوب وعلى معنى المحب فالله يحب والله يحب فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه كذلك الجبار يدل على صفة الرحمة فهو يجبر قلوب المنكسرين ويدل على صفة القهر ويدل ايضا على صفة العلو تنظر هذا الحسن العظيم في اسماء الله تبارك وتعالى من هذا الوجه ويمكن ان يضاف وجه الرابع وهو ان اسماء الله تبارك وتعالى لا ترادف فيها فهي اما ان تكون متباينة كالسميع مع البصير او كالعزيز مع الحكيم وقد يكون بينها عموم وخصوص فيكون بعضها كالتفصيل لبعض مثال ذلك اسم الله جل وعلا الخالق واسمه البارئ فالخالق يدل على صفة الخلق بالعموم والبارئ يدل على خلق ما فيه حياة مثله ايضا اسمه العليم. واسمه الخبير فالعلم دال فالعليم دال على صفة العلم بالعموم والخبير دال على صفة الخبرة التي هي العلم بدقائق الاشياء وخفاياها. فهذا ايضا وجه يدلك على حسن اسماء الله تبارك وتعالى نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى القاعدة الثانية طيب اختم الفوائد التي نجتنيها من معرفتنا بكون اسماء الله تبارك وتعالى الحسنى اولا اذا علمنا ان اسماء الله جل وعلا حسنى فاننا نعلم انها توقيفية وذلك ان ادراك احسن الاسماء المتضمنة لاعظم المعاني المضافة الى اكمل مسمى لا يمكن ان يستقل بها المخلوق الظلوم الجهول العاجز الناقص من كل وجه ولذا كانت اسماء الله تبارك وتعالى حسن اسماء الله جل وعلا ثابتة له بتسميته نفسه بها وليس بتسمية المخلوقين اانتم اعلم ام الله وسيأتي لهذا قاعدة مستقلة ان شاء الله الامر الثاني ان نعلم ان اسماء الله جل وعلا اسماء مشتقة وانها اعلام واوصاف ليست جامدة لا معنى تحتها ولا شيء تدل عليه كما يقول من اخطأ في هذا الباب والامر الثالث ان نعلم ان اسماء الله وصفاته ليس اليها نقص او ليس فيها نقص ولا يعتريها خلل ولا يلحقها شر فالشر ليس الى الله ليس الى ذاته ولا الى اسمائه ولا الى صفاته لعل هذا القدر فيه الكفاية نكمل غدا ان شاء الله تعالى والله تعالى اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان