بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام الاتمان الاكملان. على المبعوث رحمة للعالمين وعلى اله وصحبه الطيبين الطاهرين. اللهم لنا لشيخنا اللهم اغفر لنا ولشيخنا وانفعنا به يا رب العالمين قال الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى في كتابه القواعد المثلى تنبيه ثالث اعلم ايها القارئ الكريم انه صدر مني كتابة لبعض الطلبة تتضمن ما قلته في بعض المجالس في معية الله تعالى لخلقه فكرت فيها ان عقيدتنا ان لله تعالى معية حقيقية ذاتية تليق به وتقتضي احاطته بكل شيء علما وقدرة وسمعا وبصرا وسلطانا وتدبيرا وانه سبحانه منزه ان يكون مختلطا بالخلق او حالا في امكنتهم. بل هو العلي بذاته وصفاته وعلوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها. وانه مستو على عرشه كما يليق بجلاله. وان ذلك لا ينافي معيته لانه تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير. واردت بقولي ذاتية توكيد حقيقة معيته تبارك وتعالى وما اردت انه مع خلقه سبحانه في الارض. كيف وقد قلت في نفس هذه الكتابة كما ترى؟ انه سبحانه ان يكون مختلطا بالخلق او حالا في امكنتهم. وانه العلي بذاته وصفاته. وان علوه من صفاته الذاتية التي لا ينفك عنها وقلت فيها ايضا ما نصه بالحرف الواحد ونرى ان من زعم ان الله بذاته في كل مكان فهو كافر او ضال ان اعتقده. وكاذب ان نسبه الى غيره من سلف الامة او ائمتها انتهى ولا يمكن لعاقل عرف الله وقدره حق وقدره حق قدره ان يقول ان الله مع خلقه في الارض لا زلت ولا ازال انكر هذا القول في كل مجلس من مجالسي جرى فيه ذكره. واسأل الله تعالى ان يثبتني واخواني المسلمين بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الاخرة. هذا وقد كتبت بعد ذلك مقالا نشر في مجلة الدعوة التي تصدر في الرياض قررت في فيه ما قرره شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى من ان معية الله تعالى بخلقه حق على حقيقتها وان ذلك لا اقتضي الحلول والاختلاط بالخلق فضلا عن ان يستلزمه. ورأيت من الواجب استبعاد كلمة ذاتية وبينت اوجه الجمع بين علو الله تعالى وحقيقة المعية. واعلم ان كل كلمة تستلزم كون الله تعالى في الارض او اختلاطه بمخلوقاته او نفي علوه او نفي استوائه على عرشه او غير ذلك مما لا يليق به تعالى فانها كلمة باطلة. يجب انكار على قائلها كائنا من كان وباي لفظ كانت. وكل كلام يوهم ولو عند بعض الناس ما لا يليق بالله تعالى فان يجب تجنبه بالا يظن بالله تعالى ظن السوء. لكن ما اثبته الله تعالى لنفسه في كتابه. او على لسان صلى الله عليه وسلم فالواجب اثباته وبيان بطلان وهم من توهم فيه ما لا يليق بالله عز وجل ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره فنعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فهذا التنبيه الذي ذكره المؤلف رحمه الله يتعلق بكلمة قد قالها الشيخ رحمه الله في بعض المناسبات وهي ان الله عز وجل مع خلقه بذاته ولما كثر القيل والقال فيها وفهمت على غير وجهها وآآ ثار بعض الناس على الشيخ رحمه الله انه يعتقد الحلول الذي هو ضد ما يعتقده في الحقيقة اضافة الى ان بعض الناس ممن يعتقدون الحلول قد استدلوا بكلام الشيخ رحمه الله وحملوه على ما يهوون تراجع الشيخ رحمه الله عن هذه الكلمة ورأى وجوب استبعادها كما سمعت وعليه فان هذه الكلمة لا يجوز ان تنسب الى الشيخ محمد رحمه الله لانه قد تراجع عنها الحقيقة ان هذا الموضع موضع فيه فائدة لطالب العلم ويمكن ان يستفاد من هذه من هذه القطعة من الرسالة دروس كثيرة اهمها ثلاثة دروس اما الاول فوجوب البعد عن كل ما يوهم غير الحق او يكون ذريعة لانتشار الباطل او للوقوع النزاع بين المسلمين لا سيما اذا تعلق الكلام بباب الاعتقاد. فان اهل السنة والجماعة كما مر معنا الدروس الاولى يراعون الفاظ النصوص. وهم ابعد الناس عما قد وهموا الباطل ادبهم الله عز وجل وقد اخذوا بتأديبه سبحانه لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا لما كانت كلمة راعنا مما قد تفهم على خلاف الوجه المراد. او قد يحملها اهل الباطل على باطلهم قدم الله عز وجل عباده ان يتركوا هذا اللفظ ويأخذوا باللفظ الذي لا لبس فيه ولا شبهة اذا على طالب العلم ان يتنبه وان يكون محافظا قدر الامكان على الفاظ النصوص في حديثه وتدريسه وتأليفه. و القاعدة التي ينبغي ايضا ان يتنبه لها طالب العلم هي الا يتكلم الا بما سبق اليه كما قال الامام احمد رحمه الله لا تتكلم بكلمة ليس لك فيها امام لا تتكلم بكلمة ليس لك فيها امام يعني لم يسبقك اليها احد من الائمة فان طالب العلم يستوحش من ان ينفرد قول او لفظ ولو كان يرى انه موافق في معناه للحق. وهذا الاستيحاش علامة خير. فلا طالب العلم على خير ما لزم غرز اهل العلم وسلك سبيلهم واقتفى اثره اما ان كان ممن يحب الغرائب ويتتبع الشواذ ويأتي بالمفردات من الاقوال والاراء التي لم يسبق اليها فهذه علامة على غير الخير. فعلى طالب العلم ان يتنبه لهذا الامر الدرس الثاني المستفاد فضيلة الرجوع الى الحق وهذا من الانصاف المحمود وما احسن ما قال عمار ابن ياسر رضي الله عنه فيما علق البخاري ووصله غيره باسناد صحيح قال ثلاث من جمعهن فقد جمع الايمان الانصاف من نفسك وبذل السلام للعالم والانفاق من الاقتار فالانصاف من نفسك ان تكون وقافا عند حدود الله رجاعا الى الحق وشأن المسلم الا يأنف من حق اذا ظهر. ولا من حجة اذا قامت نريد الحق لا يستنكف عن الرجوع الى الحق بل هذا في الحقيقة فضيلة. الرجوع الى الحق فضيلة. والتمادي في الباطل. رذيلة والعود امدح واحمد والرجوع الى الحق اسعف واسعد وما احسن ما اوصى عمر رضي الله عنه في الوصية المشهورة التي وجهها الى ابي موسى رضي الله عنهما حينما قال له واذا قضيت قضاء ثم راجعت فيه نفسك الى الرشد فلا يمنعنك ما رأيت ان تنقض ما قضيت ان الحق قديم والرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل. الرجوع الى الحق خير من التمادي في الباطل هكذا ينبغي ان يكون المسلم ان رأى رأيا او نحى الى قول ثم بدا له ان هذا القول مخالف للحق فان الواجب عليه ان يرجع ولا يستنكف من الرجوع استنكافه من الرجوع الى ما ظهر له صوابه. دليل على هوى في نفسه واستكبار في قلبه. وهذه علامة علامة الحق وعلامة الخير ان تكون وقافا عند النص متى ما ظهر لك توجهت اليه فان بدا لك غدا انك اخطأت في فهم او في نقل تراجعت ولا تجد في نفسك ولا تجد في نفسك ادنى ملامة في هذا ولا ينبغي ان يكون الانسان حاملا لهم الناس حتى على حساب الحق بعض الناس يقول كيف اتراجع وقد شهر عني هذا القول وتناقله الناس ماذا يقولون لا يهمك يا عبد الله ما يقول الناس بل عليك ان تنظر الى ما هو الذي يرضي رب الناس الله عز وجل هو الذي مدحه زين وذمه شين فهذه مسألة من الاهمية بمكان ومن الامور التي ينبغي ان يراعيها المسلم لا سيما طالب العلم ان يراعيها في نفسه وان يأخذ نفسه بها وان يربي نفسه عليها وهذا المقام سهل بالدعوة باللسان الامر يسير لكن عند التطبيق الامر فيه صعوبة ويحتاج الى ان يكون عند الانسان ايمان وتقوى بحيث يسهل عليه الرجوع الى الحق وهكذا كان السلف رحمهم الله متى ما ظهر لاحدهم انه اخطأ تراجع من ساعته بل واعلن هذا بل ربما صاح في السوق يبحث عن من اجابه بانه قد اخطأ ولا يبالي بكلام الناس. بل هذا عند النظر الصحيح رفعة لصاحبه الحق زين وطالبه محمود والباطل شيء وقاصده مذموم على طالب العلم ان يتنبه الى هذه المسألة المهمة وهذا يجرنا الى امر ثالث او درس مستفاد ثالث الا وهو موقف طالب العلم من العالم اذا اخطأ وهذه المسألة لها حالتان الاولى ان يتراجع العالم يرى انه قد اخطأ ثم تراجع الى الحق وترك القول الباطل وهنا الواجب علينا تجاه هذا العالم وانا اتحدث عن علماء اهل السنة الواجب في هذه الحال ان نفرح اولا برجوعه الى الحق الرجوع الى الحق مما يفرح به المسلم وذلك انه قد اصاب الصواب الذي يحبه الله والله عز وجل يحب هذا الرجوع وعلى المسلم ان يحب ما يحبه الله لا سيما وان هذا العالم برجوعه الى الحق قد عصم الله به اقواما من الوقوع في الباطل وفي ومن متابعته في الوقوع في الباطل ولا شك ان هذا مما يفرح المسلم والعجب في هذا الزمان المتأخر ان بعض الناس عكسوا القضية فاصبحوا يفرحون بوقوع المسلم في الخطأ ولا يكترثون برجوعه الى الحق وهذا من العجيب وهذا دليل على ظلمة في نفسي صاحب هذه الحال فالمسلم لا يحب ابدا ان يخطئ احد بل يحب ان الناس جميعا تهتدي حتى الكفار المسلم يحب لهم الهداية انك لا تهدي من احببت. يعني من احببت هدايته. على احد قولي اهل التفسير في الاية فكل الناس ينبغي ان نحب ان يأخذوا بالحق وان يقولوا بالحق فكيف يفرح الانسان بوقوع اخيه المسلم في الخطأ والباطل ومن دلائل هذا انه يحرص على ان يشيع هذا الباطل وينشره محتسبا وتجده متهللا ان فلانا قد اخطأ وانا انشر هذا الخطأ وافضح هذا الانسان بيان الباطل شيء والتحذير منه شيء والفرح والابتهاج بخطأ المسلم شيء اخر فينبغي التفريق بين هذا وهذا ثم ثانيا على المسلم الا يعير هذا الذي اخطأ فرجع اذا كان من احاد المسلمين فكيف اذا كان من علماء المسلمين اذا علينا ثانيا الا نعيره بل لا يجوز ان ننسب له هذا القول على انه قول له دون بيان انه رجع عنه ومن يفعل هذا فانه دليل على سفه في نفسه الامر الثالث الدفاع عنه اذا نسب بعض الناس هذا القول الى هذا العالم الذي تراجع عنه فان من المتعين ان يدافع عنه وان يبين ان هذا لا يجوز ان ينسب الى هذا العالم دون بيان رجوعه عنه هذه امور ثلاثة يقابلها امور ثلاثة فيما اذا لم يبلغنا تراجع العالم عن خطأه بمعنى تحققنا من ان هذا العالم من ان هذا العالم قد اخطأ ولم نعلم او لا نعلم انه قد تراجع عن هذا الخطأ فان الواجب علينا اولا الا نأخذ بخطئه فان الحق احق ان يتبع ومهما كان الانسان عاليا فالحق اعلى منه ومهما كان هذا الشخص حبيبا فالحق يجب ان يكون احب الينا منه فالخطأ لا يتابع عليه مهما كان قائله انما الذي يجب ان يتابع الانسان على الحق اذا ظهر بدليله. اما لكونه حبيبا لنا او شيخا لنا او اماما لنا او قريبا لنا فنأخذ بقوله مهما كان وان اخطأ فهذا من علامة الهوى ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. هذا مسلك قبيح ولا يفعله الا المتعصبون للباطل وما اقبح حالهم الامر الثاني ان يلتمس العذر لهذا العالم ما امكن واذا كان احسان الظن باحاد المسلمين مطلوبا من المسلم فكيف بعالم من العلماء علماء المسلمون علماء المسلمين الذين لهم القدر العالي والمكانة الرفيعة في الاسلام وفي انفس المسلمين ينبغي على طالب العلم ان يتلمس لهم الاعذار وان يحسن الظن بهم فاذا ادرك مخرجا لقوله او سببا لزلله ابداه وقال لعله ما بلغه الدليل ربما قال بهذا القول لانه آآ كان على كذا وكذا المهم ان يتلمس ما امكنه العذر لهذا العالم فيما اخطأ فيه وهذا من نبيل الاخلاق. التي ينبغي ان يتحلى بها طالب العلم قدر استطاعته الامر الثالث انه لا ينبغي اسقاط العالم بزلة لا تخرجه من الاسلام او من اهل السنة الزلة تبقى زلة ولا ينبغي ان يسقط العالم بكل زلة هذا من الامر المهم الذي يراعيه اهل العلم فالبشر محل الخطأ وكل ابن ادم خطاء ومن الذي يسلم من الخطأ واذا كنا سنسقط كل عالم اخطأ فمن الذي سيبقى اذا هذا من الامر المهم الذي ينبغي ان نراعيه وهو ان العالم نقول اخطأ في هذه ولا يوافق على خطأه لكن يبقى عالما ومحله على الرأس وما احسن ما نقل شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه بيان تلبيس الجهمية عن كتاب ابي موسى المديني الذي جمعه في فضائل قوام السنة التيمي رحمه الله يقول سمعته يقول اخطأ محمد بن خزيمة في حديث السورة. ولا يطعن عليه بذلك بل لا يؤخذ منه هذا فحسب انظر الى هذا التصرف العاقل المتوسط اخطأ؟ نعم اخطأ تأول رحمه الله الحديث على خلاف ما اجمع عليه السلف وهذا الكلام فيه له محل اخر. الشاهد انه يقول ان ابن خزيمة رحمه الله اخطأ ومن ابن خزيمة عالم كبير من علماء المسلمين حتى لقب بامام الائمة اخطأ ولكن تنبه الى امرين الخطأ لا نأخذه لا يؤخذ منه هذا فحسب واما الامر الثاني فلا يطعن عليه به لا تقل ضال مضل مبتدع فيه كذا وكذا وانما يقال اخطأ غفر الله له وانتهت القضية وهذا توسط بين الغلاة والمتعصبين والمقلدة بالباطل وبين الجفاة الذين ليس في قلوبهم رحمة وليس في قلوبهم محبة الناس المحبة الشرعية التي ينبغي ان تكون اضافة الى ضعف الخلق اهل السنة اعلم بالحق وارحم بالخلق ينبغي ان نتنبه الى هذه القضية اهل السنة اعلم بالحق وارحم بالخلق وما احسن ما اورد ابن ابي حاتم رحمه الله في كتابه الجرح والتعديل في الجزء الثاني في صحيفة ست وعشرين منه عن ابيه ابو حاتم الرازي الامام الناقد الجليل قال راجعت الامام احمد رحمه الله في من يشرب النبيذ من اهل الكوفة فقال رحمه الله هذه زلات لهم ولا يسقط بزلاتهم عدالتهم انتبه الى هذه الكلمة الجيدة هذه زلة من هذا العالم حينما قال بحل النبيذ والصواب لا شك تحريم. لكن اداه اجتهاده وهو فيما نظن يروم الحق ويقصده. اداه اجتهاده الى حله يقول الامام احمد هذه زلة نعم لكن لا نسقط عدالتهم بزلاتهم هذه كلمة مهمة عليك ان تراعيها يا طالب العلم في العالم او في اخوانك من طلبة العلم الذين هم على منهج اهل السنة والجماعة وسائرون على طريق السلف الصالح وربما اخطأوا في مسألة او في اجتهاد ينبغي ان تحفظ لهم مكانتهم ولا تهدر هذه المكانة بهذه الزلة هذا هو الموقف المتوسط المعتدل الذي ينبغي ان يكون عليه طالب العلم هذه بعض الفوائد التي نستفيدها من هذا الموضع الذي اثبت فيه الشيخ رحمه الله تراجعه عن هذه الكلمة ولا شك ان هذا التراجع هو الصواب يرحمك الله اولا هذه الكلمة موهمة لا شك حينما يقال الله معنا بذاته الكلمة موهمة للحلول وهذا ما ادركه الشيخ اخيرا وقد يفهم منها هذا وان كان الشيخ ما اراد هذا الشيخ يقول انا اريد ان اقول هي معية حقيقية مع ان الله مستو على عرشه ومع ان الله غير مع ان الله غير حال في خلقه ولا مختلط به. لكن اردت اثبات انها معية حقيقية لكن الكلمة موهمة نعم وذريعة الى القول بالحلول نعم ويجب تركها؟ نعم والامر الثاني ان هذه الكلمة لا تعرف عن السلف ما قالها احد ولا تفوه بها احد من المتقدمين من السلف الصالح ويسعنا ما وسع السلف. اذا كان العلماء قاطبة يقولون عن هذه المعية انها معية علمية يعني الله معنا بعلمه معنا بقدرته معنا بسمعه وبصره فيسعنا ما وسعه فنقول بما قالوا سبيلهم والحمد لله. لا حاجة بان نضيف اشياء لا لم يتكلموا بها ناهيك عن كونها قد تكون موقعة في لبس او خلل او على الاقل تسبب نزاعا بين الناس والله المستعان. نعم قال رحمه الله تعالى المثال السابع والثامن قوله تعالى ونحن اقرب اليه من حبل الوريد وقوله ونحن اقرب اليه منكم حيث فسر القرب فيهما بقرب الملائكة والجواب ان تفسير القرب فيهما بقرب الملائكة ليس صرفا للكلام عن ظاهره لمن تدبره اما الاية الاولى فان القرب مقيد فيها بما يدل على ذلك. حيث قال ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ففي قوله اذ يتلقى دليل على ان المراد به قرب الملكين المتلقيين واما الاية الثانية فان القرب فيها مقيد بحال الاحتضار. والذي يحضر الميت عند موته هم الملائكة. لقوله تعالى حتى اذا جاء احدكم لكم الموت توافته رسلنا وهم لا يفرطون ثمان في قوله ولكن لا تبصرون دليلا بينا على انهم ملائكة. اذ يدل على ان هذا القريب في نفس المكان ولكن لا نبصره وهذا يعين ان يكون المراد قرب الملائكة. لاستحالة ذلك في حق الله تعالى بقي ان يقال فلماذا اضاف الله القرب اليه؟ وهل جاء نحو هذا التعبير مرادا به الملائكة؟ فالجواب اضاف الله تعالى قرب الملائكة اليه لان قربهم لان قربهم بامره وهم جنوده ورسله. وقد جاء نحو هذا التعبير مرادا بهم ملائكة هذا مثال اخر مما زعم ان اهل السنة والجماعة سلكوا فيه التأويل من نصوص الصفات الايتان في قاف والواقعة تتعلقان بالقرب والقرب فيها ظاهره اضافته الى الله تبارك وتعالى ونحن اقرب اليه منكم يذكر الشيخ رحمه الله ان اهل البدع قالوا انتم يا اهل السنة اولتم هذه الاية وتلك بقرب الملائكة لا بقرب ذات الله عز وجل وبالتالي وقعتم فيما انكرتم طولت وانتم تنكرون التأويل هذا المقام الكلام فيه من جهتين اولا في بيان ما ذكر الشيخ رحمه الله وان حمل الكلام ها هنا على قرب الملائكة ليس من التأويل والمقام الثاني في بيان معتقد اهل السنة والجماعة في صفة القرب اما المقام الاول فان من قال من اهل العلم ان قرب الله عز وجل في سورة قاف وفي سورة الواقعة انه قرب ملائكته يقول هذا سائغ لغة يجوز في اللغة ان يقول المعظم كالملك والامير نحن انتصرنا ونحن هزمنا ونحن بنينا ونحن وضعنا وهو لم يكن الا الآمر فقط ولم يغادر قصره انما تولى هذا جنوده وعماله الكلام صحيح ومستقيم على سنن كلام العرب وليس من التأويل في شيء وبالتالي لم يكن هذا حملا للكلام عن ظاهره بل هذا سائغ في ضوء كلام العرب ثم يذكر الشيخ قرينة تؤكد هذا المعنى في اية قاف وكذلك في اية الواقعة اما في اية قاف فان القرب فيها كان كما يذكر الشيخ رحمه الله مقيدا بتلقي الملائكة الموكلين بكتابة اعمال بني ادم ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان فدل هذا على ان هذا القرب انما هو قرب الله عز وجل بملائكته. الذين امرهم بكتابة اعمال بني ادم عليه واما القرينة في سورة الواقعة فهي قوله ولكن لا تبصرون. ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون وهذا دليل على ان هذا القريب حاضر ولكنه لا يبصر وهذا يستحيل ان يحمل على الله تبارك وتعالى لانه عال على خلقه ومستو على عرشه وليس موجودا عند الميت يبصر اذا هاتان قرينتان تدلان على ان القربى ها هنا انما هو قرب الله عز وجل بملائكته لكونه الامر للملائكة بذلك والذي يظهر والله تعالى اعلم ان الاية الثانية كلام الشيخ فيها مستقيم وان حملها على قرب الملائكة ظاهر وهذا الذي ذهب اليه جماعة من اهل العلم كالطبري رحمه الله و كشيخ الاسلام ابن تيمية وابن القيم وغيرهم من اهل العلم وحتى الذين قالوا ان هذا القرب هو قدر هو قرب الله عز وجل بعلمه وقدرته كثير منهم ذكروا احتمالا لقرب الملائكة كابن الجوز و كالبغوي والقرطبي وغيرهم من المفسرين بل بعضهم جمع بين الامرين كالشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره الذي هو شيخ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله قال في قوله ونحن اقرب اليه منكم ولكن لا تبصرون بعلمنا وملائكتنا فجمع رحمه الله بين الاحتمالين في الاية. على كل حال هذه الاية الظاهر فيها والله اعلم ان القربى ها هنا هو قرب الملائكة وهذا سائغ كما علمنا وعليه فالكلام محمول على ظاهره وليس فيه شيء من التأويل اما الاية الاولى وهي اية قاف ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد الذي يظهر والله اعلم ان القربى هنا هو قرب الله عز وجل بعلمه ويدل على هذا امور منها انك لو تأملت الضمائر في هذه الاية لوجدتها ثلاثة ضمائر متوالية ولقد خلقنا فنا هنا الى اي شيء تعود خلقنا الى الله عز وجل قطعا دون ادنى احتمال هذا اولا ولقد خلقنا الانسان ونعلم الضمير هنا يعود الى من الى الله عز وجل قطعا ثم قال ونحن اقرب فكون هذه الظمائر كلها عائدة الى الله تبارك وتعالى اقرب من جعل ظميرين عائدين الى الله وضمير ثالث آآ يعقب هذين الضميرين يكون عائدا الى الملك. فحمل ذلك على معنى واحد اقرب من تشتيت الضمائر او تشتيت الحمل لهذه الضمائر بين الله عز وجل وملائكته اضف الى هذا ان هذا القول هو المأثور عن جمع غفير من السلف وقد تتبعت كلام السلف في هذه الاية فوجدت ان فوجدت ان عامتهم على هذا التفسير فهذا القول مروي عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه وكذلك عن عمر ابن عبد العزيز وكذلك هو قول الضحاك وكذلك هو قول الثوري وكذلك هو قول الامام مالك وكذلك هو قول الامام احمد وكذلك هو قول اسحاق ابن راهويه وكذلك هو قول السمعاني. وكذلك هو قول ابن ابي زيد القيرواني. وغيرهم من اهل العلم كثير كلهم على هذا من المتقدمين وايضا من المتأخرين كابن رجب او حتى من المعاصرين كالشيخ الامين الشنقيطي رحمه الله في الاضواء وكذلك الشيخ السعدي رحمه الله في تفسيره وغيرهم من اهل العلم الاقرب والله اعلم ان القربى ها هنا هو قرب الله عز وجل بعلمه. وبعض من ذكرت قالوا بقدرته المهم انه قرب الله عز وجل بصفاته وقد يقول قائل وماذا تقول في ذكر قوله جل وعلا اذ يتلقى المتلقيان ونحن اقرب اليه ونحن اقرب ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما يوسوس به نفسه ونحن اقرب اليه من حبل الوريد اذ يتلقى المتلقيان الجواب ان في ذكر قرب الله عز وجل في هذا الموضع فائدة لطيفة جدا الا وهي ان الله عز وجل اخبرنا بان له ملائكة تكتب اعمال بني ادم اذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد فهذان الملكان كلاهما رقيب عتيد رقيب يراقب وعتيد ملازم اذا هذان الملكان يكتبان على ابن ادم كلما يتكلم به ولربما ظن ظان ان الله عز وجل محتاج الى هذين الملكين او لعدم علمه بما يفعل او يقول ابن ادم ارسل هذين الملكين فبين سبحانه انه اعلم بابن ادم من هذين الملكين وان تكليفه لهذين الملكين ليس عن حاجة الله عز وجل مستغن عن هذين الملكين واعلم من هؤلاء الملائكة بما يفعل الناس ولكن هي حكمة يعلمها الله تبارك وتعالى. حكمة الله اقتضت ان يجعل على كل انسان آآ من يراقبه ويسجل عليه اعماله اذا ونحن اقرب اليه من حبل الوريد حبل الوريد هو الوريد نفسه وللانسان وريدان على صفحة عنقه من ها هنا وها هنا من اليمين والشمال فالله عز وجل اقرب اليه حبل الوريد هذا اقرب ما يكون الى الانسان والله اقرب اليه من ذلك بعلمه سبحانه وتعالى واحاطته اذا لم يكن هذا اه التكليف للملائكة بالكتابة لحاجة بل هو غني عنه تبارك وتعالى اذا هذا الذي يظهر والله اعلم في هذه الاية لكن على كل حال من قال من اهل العلم ان القرب في هذه الاية هو قرب الملائكة فان هذا ليس من التأويل بل هو قول له حظ من النظر وسائغ من جهة اللغة ولا اشكال فيه. هذا امر. الامر الثاني ينبغي ان تتنبه يا رعاك الله الى الفرق بين الخلاف في الصفة والخلاف في دلالة نص على الصفة اما الاول فليس واقعا عند اهل السنة ولله الحمد اهل السنة ما اختلفوا في اثبات الصفات لله عز وجل. لكن قد يحصل خلاف في نص معين هل هو من اجلة هذه الصفة؟ او ليس من ادلة هذه الصفة مع اتفاق الجميع على ثبوت الصفة لكن عدم الدليل المعين كما تعلمنا ماذا لا يدل على عدم المدلول لما؟ لانه قد يثبت بدليل اخر. فهذا الدليل بعينه هل هو دليل على صفة القرب او ليس دليلا على صفة القرب هذا النزاع سائغ ولا اشكال فيه ويحصل بين اهل السنة نظرا لان السياق قد يكون اه فيه نوع اجمال يبين من ادلة او قرائن اخرى وهذا محل اجتهاد بين اهل العلم. لكنهم لا يختلفون في ثبوت صفة القرب لله تبارك وتعالى. فهمنا الفرق يا اخوان؟ الكل متفق على ثبوت ماذا؟ صفة القرب لله عز وجل. لكن قد يختلفون في نص معين عليها وهذا يمكن ان يقع فيه النزاع اما المقام الثاني فهو معتقد اهل السنة والجماعة في صفة القرب لله عز وجل اهل السنة يعتقدون ان الله عز وجل متصف بصفة القرب ومن اسمائه جل وعلا القريب واذا سألك عبادي عني فاني قريب ان ربي قريب اجيب انه سميع قريب. هذه ثلاثة مواضع في القرآن جاء فيها اثبات هذا الاسم وعده جماعة من اهل العلم اسما لله وورد في حديث ابي هريرة في سرد الاسماء لكنه ضعيف صفة القرب عند اهل العلم تدل على معنيين تدل على قرب الله عز وجل بصفاته وتدل على قرب الله عز وجل بذاته وكلاهما مما يثبته اهل السنة والجماعة المخالفون لاهل السنة يثبتون الاول دون الثاني. بل لا يوجد من يثبت العلم لله عز وجل الا وقد اثبت النوع الاول لكن النوع الثاني هو معترك الخلاف بين اهل السنة والجماعة والفرق البدعية قرب الله عز وجل بصفاته ينقسم الى قسمين قرب عام وقرب خاص اما قرب الله العام بصفاته فهو قربه سبحانه بعلمه وقدرته وهذا هو الذي حمل عليه قول الله جل وعلا ونحن اقرب اليه من حبل الوريد نعم اما الثاني فهو قرب خاص فهو سبحانه قريب من داعيه بالاجابة وقريب من عابده بالاثابة وهذا ما هو ظاهر قول الله عز وجل فاني قريب ماذا اجيب دعوة الداعي فهذا تفسير اجابة لقرب الله عز وجل كونه يجيب الداعي اذا دعا. وهذا ما يدل عليه جملة من الاحاديث اذا هذا هو القرب بماذا قرب الله بصفاته. وهذا النوع الثاني منه وهو قربه الخاص للمؤمنين دون الكافرين وقد يقال ان الله عز وجل يجيب الكافر اذا شاء سبحانه وتعالى لان اجابة الكافر فرع من ربوبيته سبحانه وتعالى الثابتة لجميع الخلائق اما قرب ذاته تبارك وتعالى فهذه الصفة من جنس الصفات الاخرى الاختيارية كالنزول والدنو والاتيان والمجيء وما اليها فالله عز وجل يقرب ممن يشاء اذا شاء كيف يشاء وهذا لا يتناقض عند اهل السنة مع اتصاف الله عز وجل بالعلو والاستواء بل الله سبحانه علي في دنوه قريب في علوه والمخلوق هو الذي اذا نزل او قرب او دنا او جاء فانه يكون شيء فوقه او محاذيا له اما الله تبارك وتعالى فانه وان نزل فانه وان جاء فانه وان قرب فانه لا يزال عليا تبارك وتعالى ويستحيل ان يكون هو سبحانه في جوف شيء من خلقه او ان يكون شيء من خلقه فوقه. الله اعظم من ذلك والله اكبر من ذلك. والله اجل من ذلك. بل الله عز وجل له العلو المطلق سبحانه وتعالى في كل حال لكن كيف يكون هذا الامر؟ الله اعلم لا ندري كيف يقرب سبحانه وتعالى من خلقه ومن قال لنا كيف يقرب الله عز وجل من خلقه بذاته؟ نقول كيف هو في ذاته ان كنت تجعل كيف هو في ذاته فاننا نجهل ايضا كيف يقرب من خلقه سبحانه وتعالى. وقد جاء عند الترمذي باسناد صحيح من حديث عمرو بن عبسة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اقرب ما يكون العبد اقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الاخر فهذا القرب مفسر بنزول الله عز وجل لان الله عز وجل اذا نزل الى سماء الدنيا فانه يقرب سبحانه وتعالى من القط وعليه يمكن ان يقال ان كل ادلة النزول ادلة على القرب كل ادلة النزول وادلة الاتيان وادلة الدنو فانها اه من ادلة قرب الله تبارك وتعالى فهذه الصفات متقاربة من جهة دلالتها على هذه الصفة الاختيارية لله تبارك وتعالى فالله سبحانه يقرب ممن يشاء وكذلك يقرب اليه من يشاء فنبينا محمد صلى الله عليه وسلم عندما عرج به الى السماء كان اقرب الى الله سبحانه وتعالى مما كان عليه في الارض. ولذلك المسلمون متفقون على ان الملائكة المقربين اقرب الى الله عز وجل من غيرهم وكذلك الذين في السماء السابعة اقرب الى الله عز وجل ممن هم في السماء السادسة وهلم جرا. اذا الله عز يقرب ممن يشاء وكذلك يقرب اليه من يشاء وبناء على هذا فقرب العبد من الله تبارك وتعالى يلزم منه قرب الله عز وجل منه. لان الذاتين اذا قربت احداهما من الاخرى فانه يلزم من هذا قرب الثانية الى الاولى. فانت اذا كنت تمشي في الطريق وقربت من مكة فمكة اصبحت منك ايضا اصبحت منك قريبة والله عز وجل اعلم وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله واصحابه واتباعه باحسان