بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر هنا والحاضرين وجميع المسلمين. قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله تعالى في كتابه القواعد المثلى. المثال الرابع عشر قوله تعالى ان يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم. والجواب ان يقال هذه الاية تضمنت جملتين. الجملة الاولى قوله تعالى الا ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله فقد اخذ السلف اهل السنة بظاهرها وحقيقتها. وهي صريحة في ان الصحابة رضي الله عنهم كانوا يبايعون النبي صلى الله عليه وسلم نفسه. كما في قوله تعالى لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة. ولا يمكن احد ان يفهم من قوله تعالى انما يبايعون الله انهم يبايعون الله نفسه ولا ان يدعي ان ذلك ظاهر. ولا يدعي ان ذلك ظاهرا له بمنافاته لاول الاية والواقع واستحالته في حق الله تعالى. وانما جعل الله تعالى مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعة له ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فهذا المثال الرابع عشر وهو المثال قبل الاخير مما اورده الشيخ رحمه الله على لسان المؤولة الذين ادعوا ان اهل السنة خالفوا نهجهم فاولوا في نصوص الصفات وقد ادعوا انه لا تأويل فيها. هذا المثال يتعلق اية الفتح ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله. وهذه الاية نزلت في بيعة الرضوان بيعة الحديبية و الكلام فيها له شقان الاول يتعلق بقوله ان الذي يبايعونك انما يبايعون الله. والثاني في قوله يد الله فوق ايديهم. اما الاول وقد بين الشيخ رحمه الله ان قوله تعالى ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله على ظاهره ولم يخرج فيه اهل السنة والجماعة عن الظاهر. لكن ما هو هذا الظاهر هل هو ما يقوله اهل الاتحاد الذين يزعمون ان الذي بايع النبي صلى الله عليه وسلم فقد بايع الله حقيقة لانهما شيء واحد لا شك ان هذا الفهم فهم باطل. وان ما ذكره الاتحادية في هذه الاية كما فعل ابن عربي في الفصوص فصوص الحكم وغيره لا شك انه باطل. والاية صريحة في رد هذا. فالله جل وعلا اخبر ان الصحابة بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم في اول الاية فقال ان الذين يبايعونك اذا هناك بايع وهم الصحابة وهناك مبايع وهو النبي صلى الله عليه وسلم. ثم ذكر نفسه تبارك وتعالى فقال انما يبايعون الله. اذا هناك ثلاثة اشياء الصحابة والنبي صلى الله عليه وسلم ورب العزة تبارك وتعالى. والاتحادية عندهم كل شيء شيء واحد فدل هذا على ان هذه الاية ليست من مذهبهم في شيء. كذلك في قوله يد الله فوق ايديهم. لو كانت هذه الاية دليلا للاتحادية. لكان سياقها يد الله هي ايديهم. ولما كان هناك يد فوق ايديهم هي يد الله عز وجل اما اهل الكلام فالرد عليهم بان يقال ان ظاهر هذه الاية ان المبايعة لها جانبان المبايعة في هذه الاية لها جانبان. مبايعة مباشرة. ومبايعة حكم ان اما المبايعة مباشرة فانها كانت للنبي صلى الله عليه وسلم دل عليها قوله تعالى ان الذين يبايعونك واما المبايعة حكما فانها كانت لله تعالى وهذا ما دل عليه قوله سبحانه انما يبايعون الله. وجه ذلك ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم رسول لله. وسفير بينه وبين عباده. والبيعة انما كانت للجهاد في سبيل الله. فاذا كان ذلك كذلك كانت البيعة في الحقيقة لله تبارك وتعالى. لانه هو الامر بها اولا ولانه المصيب عليها ثانيا. ولذلك قال فمن نكث فانما ينكث على نفسه. ومن اوفى بما عاهد والله فسيؤتيه اجرا عظيما. فدل هذا على ان البيعة في الحقيقة انما هي لله عز وجل وهذا له نظائر في النصوص. كقوله سبحانه وتعالى من يطع الرسول فقد اطاع الله قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من من اطاعني فقد اطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله. ومن طاع الامير فقد اطاعني ومن عصى الامير فقد عصاني. اذا الطاعة في راجعة الى الله تبارك وتعالى. وقريب من هذا قوله سبحانه والله ورسوله تو. ها. ان يرضوه. قال اهل العلم استغنى الله عز وجل عن ذكري ضميري التثميني ضميري التثنية بضمير الافراد لان ارضاء الله عز وجل قضاء للنبي صلى الله عليه وسلم. كما ان ارضاء النبي صلى الله عليه وسلم ارضاء لله عز وجل. اذا لما كان ارضاء الله ارضاء للنبي صلى الله عليه وسلم قال احق ان يرضوه احق ان يرضوه. وان كان ارضاء الله عز وجل هو المقصود اصالة وارضاء النبي صلى الله عليه وسلم هو المقصود تبعا. اذا هذا الكلام الذي جاء في هذه الاية كلام مجرى على ظاهره في ضوء كلام العرب ولا ازالة له عن ظاهره ولا تحريف للكلام عن موضعه. بل انه لو غلق التأويل على هذه الاية نقتضيها لاقتضى هذا حصول الحلول والاتحاد فدعوى الحلول والاتحاد من هذه الاية انما هو تأويل لها واخراج لها عن ظاهرها وليس العكس فتنبه لهذا بارك الله فيك. ينبه الشيخ رحمه الله الى استحالة ان يفهم من هذه الاية ما يتعلق بالحلول حلول الله عز وجل في خلقه او اتحاد الله عز وجل في خلقه نبه في هذا الى ثلاثة امور. اعد استحالة ولا يمكن احد؟ نعم؟ ولا يمكن من احد احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى ولا يمكن لاحد ان يفهم من قوله تعالى انما يبايعون الله انهم يبايعون الله نفسه. ولا ان يدعي ان ذلك ظاهر اللفظ لمنافاته لاول الاية اولا لمنافاته اول الاية لانه قال ماذا؟ ان الذين بايعونك ولا يمكن ان تتناقظ الاية؟ نعم. بمنافاته لاول الاية والواقع واستحالته في وللواقعة ايضا في الواقع ان الصحابة رضي الله عنهم انما بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم ووضعوا ايديهم في يد النبي صلى الله عليه وسلم فالواقع يدل على ان الصحابة بايعوا النبي صلى الله عليه وسلم فالمباشر مع الصحابة انما هو النبي صلى الله عليه وسلم. ولا يمكن للاية ان تخالف الواقع. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى والواقع والواقع واستحالته في حق في حق الله جل وعلا. لان الله تبارك وتعالى فوق خلقه مستو على عرشه فلا يمكن ان يفهم من الاية ان الصحابة رضي الله عنهم انما باشروا المبايعة مع الله عز وجل. تعالى الله عن ان يكون حالا في خلقه او ان كونوا متحدا به. اذا لهذه الاوجه الثلاثة لا يمكن لاحد ان يفهم من هذه الاية ان البيعة انما باشرها الصحابة مع الله تبارك وتعالى. انما باشروها مع النبي صلى الله عليه وسلم. لكنها في الحكم راجعة الى الله سبحانه وتعالى لانه الامر ولانه المجازي. نعم. احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى وانما جعل الله تعالى مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم مبايعة له لانه رسوله وقد بايع الصحابة على الجهاد في سبيل الله تعالى ومبايعة الرسول على الجهاد في سبيل من ارسله مبايعة لمن ارسله لانه رسول مبلغ عنه. كما ان طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم طاعة لمن ارسله لقوله قال من يطع الرسول فقد اطاع الله. وفي اضافة مبايعة الرسول صلى الله عليه وسلم الى الله تعالى من تشريف النبي صلى الله عليه وسلم وتأييده توكيد هذه المبايات وعظمها ورفع شأن المبايعين كما هو ظاهر لا يخفى على احد. اذا عندنا فائدة من هذا العظيم. نستفيد من هذا السياق كما اخبر الشيخ. جزاه الله عنا خيرا تشريف النبي صلى الله عليه وسلم فقد جعل الله جل وعلا البيعة له صلى الله عليه وسلم بيعة له سبحانه وتعالى. وامر ثان وهو توكيد شأن هذه البيعة وتعظيم امرها ايجابا للوفاء بها. لانها بيعة لله عز وجل. وبالتالي فمن نكث هذه البيعة فقد وقع في امر عظيم نكث بيعة الله عز وجل. ويستفاد امر ثالث. وهو تشريف الصحابة رضي الله عنهم حيث جعل ربنا جل وعلا هذه البيعة له سبحانه وتعالى. اذا نستفيد من هذه الاية هذه الفوائد الثلاث. نعم. قال رحمه الله تعالى الجملة الثانية قوله تعالى يد الله فوق ايديهم. وهذه ايضا على وحقيقتها فان يد الله تعالى فوق ايد البايعين. لان يده من صفاته وهو سبحانه فوقهم على عرشه فكانت يده فوق ايديهم. وهذا ظاهر اللفظ وحقيقته وهو لتوكيد كون مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم مبايعة لله عز وجل. ولا يلزم منها ان تكون يد الله جل وعلا عاشرة لايديهم. الا ترى انه يقال السماء فوقنا مع انها مبينة لنا بعيدة عنا. فيد الله عز وجل فوق ايد المبايعين لرسوله صلى الله الله عليه وسلم مع مباينته تعالى لخلقه وعلوه عليه. ولا يمكن لاحد ان يفهم ان المراد بقوله يد الله فوق ايديهم. يد النبي الله عليه وسلم ولا ان يدعي ان ذلك ظاهر اللفظ لان الله تعالى اضاف اليد الى نفسه وصفى بان فوق ايديه ويد النبي صلى الله عليه وسلم عند مبايعة الصحابة لم تكن فوق ايديهم بل كان يبسطها اليهم فيمسكوا بايديهم كالمصافح لهم فيده مع ايديهم لا فوق ايديهم. هذا الشق الثاني في الاية وهي قوله تعالى يد الله فوق ايديهم. فهل هذه الاية على ظاهرها؟ الجواب ابو نعم هذه الاية على ظاهرها. ونحن نعتقد بما اخبر الله سبحانه وتعالى به. فيد الله فوق ايديهم ونقسم بالله عز وجل على ذلك. ونستفيد من هذه الاية امورا. اولا اعتقاد ان يد الله عز وجل فوق ايدي المبايعين. ووجه ذلك ان الله سبحانه عال على خلقه وفوق خلقه يخافون ربهم من فوقهم. واذا كان الله عز وجل عاليا على الخلق فيده اذا عالية عليهم ويده سبحانه وتعالى فوقهم. ولا يفهم من كون بيد الله عز وجل فوق ايدي الخلق حصول الملامسة والمخالطة. هذا لا يفهم بوجه ولا في الاية دليل عليه. ولا يعرف الملازمة او لا تعرف الملازمة في لغة العرب بين فوقية والمخالطة والملازمة. الا ترى انك تقول السحاب فوقنا؟ السماء فوقنا فوقنا وليس شيء من ذلك ملامسا لرأسك او ملامسا لجسدك اليس كذلك؟ اذا لا يلزم من كونك بيد الله عز وجل فوق ايدي المبايعين حصول ماذا؟ المماسة والملامسة والمخالطة. انما يد الله عز وجل حقيقة فوق ايدي خلقه مع كون الله عز وجل مباينا لخلقه ومع كونه سبحانه فوق عرشه اذا لا وجه لدعوى ان هذه الاية مفهومة على خلاف ظاهرها. ويبقى بعد ان نقول كيف يكون الحال؟ والجواب الكيف مجهول. لا ندري كيف الحال لكن نعتقد ان الله عز وجل يده فوق ايديهم. ولا يمكن ايضا ان يدعى ان المقصود بقوله يد الله يعني يد رسوله صلى الله عليه وسلم. لان هذا مخالف لظاهر الاية باوله ومخالف للواقع ثانيا. فان يد النبي صلى الله عليه وسلم ما كانت وقت البيعة فوق ايديهم انما كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع الصحابة بالمصافحة. فيده مع ايديهم وليست فوق انما اليد هنا مضافة الى الله عز وجل فهي اذا صفة لله سبحانه وتعالى. الفائدة الثانية ان ان في الاية اثبات العلو لله تبارك وتعالى. لانه قال يد الله فوق ايديهم. واذا كانت يد الله وهي صفة له فوق خلقه اذا هو سبحانه وتعالى بالضرورة فوق خلقه نستفيد فائدة ثالثة نستفيد اثبات صفة اليد لله تبارك وتعالى. والاية صريحة في اظافة الصفة لله تبارك وتعالى. فاليد صفة للذات. وهذا الذي يفهمه كل احد. اضافة الى الله عز وجل اضافة صفة الى موصوف وبالتالي فنعتقد ان لله تبارك وتعالى يدا تليق به سبحانه وتعالى. ونستفيد رابعا اثبات او الاستدلال على قاعدة القدر المشترك. لعلكم تذكرون الكلام فيها في اوائل الدروس بين صفة الخالق جل وعلا وصفة المخلوق قدرا مشتركا. وهذا ليس هو التمثيل الممنوع التمثيل ما هو؟ ها؟ حصول الاشتراك في ماذا؟ في القدر المميز الفارق. اما حصول الاشتراك في القدر المشترك فهذا لا حرج فيه وهذا ثابت في النصوص. ولذا تأمل هذه الاية تأمل المقابلة بين يدي الله عز وجل ويد المخلوق. والسياق سياق واحد. هل يد المخلوق هنا؟ يد حقيقية؟ او هي معنى القدرة او النعمة؟ اجيبوا يد حقيقية تليق بهم. اذا يلزم من هذا بالضرورة ان تكون يد الله عز وجل يدا حقيقية فلله يد وللمخلوق يد وان كانت اليد ليست كاليد فنحن نجمع بين الامرين بين اثبات القدر المشترك واثبات القدر المميز فلله عز وجل يد تليق به وللمخلوق يد تليق به. ولعلك تذكر اننا قلنا ان المخلوقين بين صفاتهم قدر مميز مع اشتراكهم في الحدوث والخلق والامكان. ومع ذلك بين صفاتهم قدر مميز وقدر فارق ولا يمكن ان يقال ان ايدي المخلوقين جميعا متماثلة او متساوية. ولذا ان يد الفيل ليست كيد النملة ويد الانسان ليست كيد الباب فهذه يد ويد ويد ويد بينها قدر مشترك وبينها ايضا قدر مميز ودل هذا على ان هذه الايدي ليست متماثلة. واذا ثبت هذا التفاوت وثبت هذا الاختلاف بين المخلوقات فلا ان يثبت بين الخالق مخلوق من باب اولى فلله عز وجل يد تليق به على حد قوله سبحانه ليس كمثله شيء. وللمخلوق يد تليق به. وهذا المسلك لو تأملته في نصوص الكتاب والسنة لوجدت له امثلة كثيرة وهو المقابلة التي تكون بين صفة الخالق وصفة المخلوق فتكون دليلا على ثبوت قدر او تلحظ هذا في قضية العطف يعطف الله عز وجل المخلوق عليه في مقام الفعل يد الله تجد قوله تعالى يد الله فوق ايديهم تجد قوله تعالى نسوا الله فنسيهم تجد قوله تعالى وجاء ربك والملك تجد قول النبي صلى الله عليه وسلم لا توعي فيوعي الله عليك تجد قوله صلى الله عليه وسلم الراحمون يرحمهم الرحمن الى غير ذلك. اذا هناك قدر مشترك بين صفة الخالق وصفة المخلوق وهذا لا غضاضة فيه ولا اشكال فيه. لان هذا الاشتراك كما هو حاصل في قضية ذهنية او كما يسميه المناطق في مطلق كلي محله الذهن. اما في خارج الذهن يعني في الواقع والحقيقة فصفة الله عز وجل مختصة به وصفة المخلوق مختصة به. اذا عندنا في هذه الاية اربعة فوائد نستفيدها في هذا المقام. والله تعالى اعلم احسن الله اليكم. قال رحمه الله تعالى المثال الخامس عشر قوله تعالى في الحديث القدسي يا ابن ادم مرضت فلم تعدني الحديث وهذا الحديث رواه مسلم في باب فضل عيادة المريض من كتاب البر والصلة والاداب. عن ابي هريرة رضي الله عنه انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى يقول يوم القيامة يا ابن ادم مرضت فلم تعدني قال يا رب كيف اعودك وانت رب العالمين؟ قال اما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم تعد اما علمت انك لو عدته لوجدتني عنده؟ يا ابن ادم استطعمتك فلم تطعمني. قال يا رب وكيف اطعمك وانت رب العالمين. قال اما علمت انه استطعمت استطعمك عبدي فلان فلم فلم تطعمه. اما علمت انك لو اطعمته لوجدت كذلك عندي يا ابن ادم استسقيتك فلم تسقني. قال يا رب كيف اسقيك وانت رب العالمين؟ قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه. اما انك لو سقيته وجدت ذلك عندي. والجواب ان السلف اخذوا بهذا الحديث ولم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه باهوائهم وانما فسروه بما فسره به المتكلم به. فقوله تعالى مرضت واستقمتك واستسقيتك. بينه الله تعالى بنفسي حيث قال اما علمت ان عبدي فلانا مرض او انه استطعمك عبدي فلان واستسقاك عبدي فلان وهو صريح في ان المراد به مرض عبد من عباد الله عبد من عباد الله واستسقاء عبد من عباد الله. والذي فسره بذلك هو الله المتكلم به. وهو اعلم بمراده. فاذا فسرنا المرض المضاف الى الله واستطعام المضاف اليه واستسقاء مضاف اليه بمرض العبد واستقام لم يكن في ذلك صرف للكلام عن ظاهره. لان ذلك تفسير المتكلم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداء. وانما اضاف الله ذلك الى نفسه اولا للترغيب والحث. كقوله تعالى من ذا الذي نحمد الله وهذا الحديث من اكبر الحجج طيب هذا المثال الخامس عشر والاخير من الامثلة التي ذكرها الشيخ رحمه الله في ايراد اهل البدع على اهل السنة هذا الحديث القدسي الذي اخرجه الامام مسلم في صحيحه ورواه نبينا صلى الله عليه وسلم عن ربه جل وعلا والكلام فيه في مقامين. الاول في رد استدلال اهل الاتحاد بدعواهم ان هذا الحديث دليل له على مذهبه. والمقام الثاني في الرد على المتكلمين الذين زعموا ان اهل السنة امل هذا الحديث على خلاف ظاهره. اما الاتحادية فان الحديث لا يدل لهم على مذهبهم بوجه من الوجوه. وذلك ان اول الحديث ينقض مذهبهم وذلك ان الله عز وجل يقول لعبده يوم القيامة. اذا هناك عابد وهناك معبود وفيه ايضا اثبات مريض وعائد ففيه ان الله تبارك وتعالى يقول اما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم تعده. كذلك فيه مستطعم وفيه آآ مسئول او مستطعم وفيه مستسقي وفيه من يسأل السقاء وعند اهل وحدة الوجود كله شيء واحد ليس هناك تعدد. كل هذا شيء واحد. اذا هذا كله رد عليهم. و لا شك ان استدلالهم به كما فعل ايضا ابن عربي كما فعل في الاية فعل في هذه الاية في كتابه فصوص الحكم فادعى ان هذا الحديث دليل على ان المخلوق قالق شيء واحد تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. لا شك ان الحديث رد عليهم وليس دليلا لهم اما الشق الثاني وهو الاهم وهو الذي لاجله ساق المؤلف رحمه الله هذا الحديث فهو دعوة المتكلمين ان هذا الحديث محمول على خلاف ظاهره والجواب عن هذا ان هذه الدعوة غير صحيحة والحديث مبين احسن بيان. ومفسر احسن تفسير. والذي بينه وفسره هو المتكلم به. وهو الله تبارك وتعالى. فكيف يكون الحديث محمولا على خلاف او يكون متأولا. هل يمكن ان يقال في هذا الحديث ذلك؟ الجواب لا يمكن ان ان بل لو قيل انه متأول ومحمول على خلاف ظاهره لكان محمولا على الاتحاد وهو كفر بالله تبارك وتعالى لكن لو اجري على ظاهره واخذ الكلام بتمامه ببيانه وتفسيره فانه لا ان يكون فيه ادنى اشكال. فالله جل وعلا نزل المريض المؤمن منزلة نفسه. وكذلك المستطعم وكذلك المستسقي. وهذا جار على سنن كلام العرب. في انهم من يحب ينزلون من يحبون منزلة انفسهم. وهذا امر معروف ومضطرد العرب ولم ينص عليه اهل السنة فقط بل حتى المتكلمون. كما تجده عند ابن فورك. وهو ابن فورك وهو من ائمة المتكلمين نص على هذا في كتابه مشكل الحديث. دل هذا على ان هذا من الامر المعروف المتفق عليه في لغة العرب وفي لغة العجم ايضا. وهي تنزلة المتكلم غيره منزلته محبة له وتعظيمه. لا سيما السيد مع عبده. وهذا فيه من التشريف للعبد ما لا يخفى. اذا هذا الحديث الخلاصة فيه ان فيه بلاغة في الخطاب وتلطفا في العتاب وبيان عظيم فضل ذي الجلال وكثرة اجور هذه الاعمال. وان الاحسان الى العبيد تعظيم للسيد وبالتالي فعل العبادي الا يضيعوا هذه الحقوق التي اوجبها الله سبحانه وتعالى على العباد فيما بينهم فهذا الحديث ليس المتكلمين فيه ممسك او مستمسك على اهل السنة والجماعة حديث على ظاهره الاجمال الذي فيه بينه المتكلم به في السياق نفسه. وبالتالي لم يكن هذا خروجا للنص على ظاهر بل هذا مجراه مجرى اي دليل جاء فيه بيان او تقييد بذكر علة او شرط او وصف او استثناء ولا يقول احد ان هذا حمل للنص على خلاف ظاهره خذ مثلا في قوله تعالى فلبث فيهم الف سنة الا خمسين عاما هل يقال ان ظاهر هذه الاية ان مكثه فيهم الف سنة ثم اخرج الكلام عن ظاهره بوجود الاستثناء؟ اجيبوا. لا ليس الامر كذلك. بل بل الكلام ماذا؟ قطعة واحدة والكلام سياق واحد والكلام تفسيره فيه وتقييده فيه. اذا هو محمول على ظاهره. كذلك هذا الحديث معنى قول الله عز وجل مرضت يعني مرض عبدي. استسقيتك يعني استسقاك عبدي استطعمتك يعني استطعمك عبدي. من الذي تكلم بهذا؟ من الذي قال هذا؟ الله عز وجل الذي بهذا الكلام والله عز وجل يتكلم بما يشاء وليس للعبد ان يتحكم في كلام الله تبارك وتعالى. و اذا كان ذلك كذلك لم يكن في فهم هذا الحديث خروج عن ظاهره بل هو محمول على ظاهره ومفهوم في ضوء كلام العرب. من قال بخلاف ذلك فهو الذي اخطأ قطعا فهو الذي اخطأ قطع اعد الكلام قال رحمه الله تعالى والجواب في الحديث وبعد ذكر التخريج الجواب ان السلف الجواب يا شيخ؟ نعم. قال رحمه الله والجواب ان السلف اخذوا بهذا حديثي ولم يصرفوه عن ظاهره بتحريف يتخبطون فيه باهواههم. وانما فسروه بما فسره به المتكلم به. فقوله تعالى مرضت اطعمتك واستسقيتك بينه الله تعالى بنفسه حيث قال اما علمت ان عبدي فلانا مرض وانه استطعمك عبدي فلان واستسقاك عبدي فلان هو صريح في ان المراد به مرض عبد من عباد الله واستطعام عبد من عباد الله واستسقاء عبد من عباد الله. والذي فسره وبذلك هو الله المتكلم به وهو اعلم بمراده. فاذا فسرنا المرض المضاف الى الله والاسعام المضاف اليه والاستسقاء المضاف اليه بمرض العبد واستطعامه واستسقائه لم يكن في ذلك صرف للكلام عن ظاهره. لان ذلك تفسير المتكلم به فهو كما لو تكلم بهذا المعنى ابتداء انما اضاف الله ذلك الى نفسه اولا للترغيب والحث. نعم. ولذلك تأمل معي نكتة لطيفة في هذا الحديث هذا الحديث فيه خطاب في غاية البلاغة وفيه نكتة بديعة جدا متى يكون هذا الخطاب يوم القيامة كما هو في نص الحديث. ويوم القيامة يرى العباد من عظمة الله تبارك وتعالى ويتجلى لهم من كماله سبحانه وتعالى ما لا يمكن ان يخطر معه ادنى نقص او ادنى توجه نقص او فهم نقص في صفات الله تبارك وتعالى وهذا الذي تلحظه في جواب المخاطب المعاتب. لما قال الله عز وجل له مرضت ما قال وهل تمرض يا الله قال وكيف اعودك وانت رب العالمين كيف اسقيك؟ ما قال هل تحتاج يا الله؟ او كيف تحتاج الى سقيا؟ وكيف تحتاج الى استطعام؟ تجد انه في جوابه يتلمس لهذا المعنى الذي يرمي اليه هذا اللفظ تأمل الحديث تجد ان المخاطب يدرك استحالة النقص على الله عز وجل. وان الله سبحانه ليس بمحتاج وليس ليس بعاجز وانه سبحانه وتعالى لا يمرض. لكنه كان يتلمس ما المعنى المخبوء تحت هذا اللفظ؟ قال كيف اعودك وانت رب العالمين؟ كيف اطعمك وانت رب العالمين؟ خبرني يا الله كيف يكون هذا الامر؟ وما المراد بهذا الكلام اذا هذا ليس فيه ادنى ايهام للنقص في حق الله تبارك وتعالى ابدا. بل هذا الحديث اذا اخذ من اوله الى اخره واذا فهم بتمامه فانه يقتضي تعظيم الله عز وجل. بل يقتضي محبة الله سبحانه وتعالى. لان انك لو تأملت لوجدت فيه عظيم محبة الله عز وجل لعبده المؤمن. حتى انه نزل سبحانه وتعالى منزلته. وهذا لا يكون الا بين محب وحبيبه. اليس كذلك وبالتالي فان هذا دليل على عظيم حب الله تبارك وتعالى لعبده المؤمن. فهذا الحديث يقتضي عظيم المحبة لله وعظيم الرجاء لله عز وجل وليس ان نقول كما يقول هؤلاء الذين ما عظموا الله عز وجل ولا قدروه حق قدره. ان هذا الحديث ظاهره الكفر كما يقوله من لا يعلم حقيقة ما يقول لان هذه الكلمة في نفسها كلمة ان يظن او يعتقد ان الله عز وجل يتكلم بما ظاهره الكفر والله انها لكلمة كبيرة تخرج من افواههم بل هذا الحديث عند المعظمين لله عز وجل الذين امنوا بالله حق لا يمكن ان يفهموا من هذا الا ما يقتضي مزيد حب ورجاء وقصد وتعلق في الله سبحانه وتعالى نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله تعالى وهذا الحديث من اكبر الحجج قبلها قال وانما اضاف الله ذلك الى نفسه اولا للترغيب والحث. كقوله تعالى من ذا الذي يقرض الله؟ من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا الله عز وجل في هذه الاية حث عباده على الانفاق في سبيله بهذا الكلام العظيم البديع. من ذا الذي يقرض الله؟ وهذا الاقراض مفهوم عند كل مخاطب المقصود به الانفاق في سبيل الله عز وجل. وانما كان التعبير بالاقراض لان فيه للعباد فالقرض مضمون. ولابد من ارجاعه. فكيف اذا كان هذا القرض لعظيم فكيف اذا كان هذا القرض سيعود الى صاحبه اضعافا مضاعفة؟ النفوس قد تبخل بدفع ما لا يعود. ان يقال ادفع صدقة وهبة تذهب ولا اتعود؟ ربما تبخل النفوس لكن لو قيل لها هذا قرض والقرض ماذا؟ لابد من عودته وانت تقرض كريما غنيا لا يقترض لحاجته. بل يقترض لحاجتك وللاحسان اليك. ثم ان المال سيعود ماذا؟ قطعا بل وسيعود اضعافا مضاعفة. فهذا فيه حث عظيم على الانفاق في سبيل الله تبارك وتعالى كذلك الشأن في هذا الحديث فان فيه حثا للسامع على المبادرة الى اداء حق العباد عيادة المريض واطعام الجائع واسقاط واسقاء آآ العطشان وما الى ذلك من هذه الامور التي تجري مجراها. اذا هذا الحديث مفهوم في ضوء كلام العرب ولا اشكال فيه ولا لبس ولله الحمد نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله وهذا الحديث من اكبر الحجج الدامغة لاهل التأويل الذين يحرفون نصوص الصفات عن ظاهرها بلا دليل من كتاب الله تعالى ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم. وانما يحرفونها بشبه باطلة هم فيها متناقضون مضطربون. اذ لو كان مراد خلاف ظاهرها كما يقولون لبينه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. ولو كان ظاهرها ممتنعا على الله كما زعموا لبينه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كما في هذا الحديث. ولو كان ظاهرها اللائق بالله ممتنعا على الله لكان في الكتاب والسنة من وصف الله تعالى الا بما يمتنع عليه ما لا يحصى الا بكلفة. وهذا من اكبر المحال. هذه لفتة بديعة من الشيخ رحمه الله وذلك ان هذا الحديث مقلوب الاستدلال به على المتكلمين هم استدلوا به على اهل السنة ليكون حجة على اهل السنة والحق انه حجة عليهم وهكذا عامة ما يستدل به اهل البدع على باطلهم. او ما يحتجون به على اهل السنة. هو في الحقيقة دليل عليهم لا لهم. ويمكن ان يقلب الدليل نفسه عليهم. وقد نبه الى هذا غير واحد من اهل العلم ومنهم شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله في كتابه درء التعارض حيث نص على ان كل النقلي يستدل به المتكلمون على باطلهم فانه اذا احسن فيه اذا احسن فيه التأمل تدبر فانه سيظهر انه دليل عليهم وليس دليلا له. وهذا كما هو الشأن في هذا الحديث. هذا الحديث دليل على المتكلمين وليس دليلا له. ما وجه ذلك وجه ذلك انه لما كان الحديث وكان السياق بحاجة الى بيان بحاجة الى تفسير بحاجة الى ازالة ما قد يلتبس بينه الله سبحانه وتعالى. الله عز وجل في هذا الحديث ما قال مرضت ثم سكت وما بين ما قال استطعمتك استسقيتك. انما قال مرضت ثم جاء التفسير. اليس كذلك؟ اذا لم ما كان المقام يحتاج الى بيان بينه الله عز وجل عند المتكلمين قوله تعالى مرضت مثل قوله تعالى الرحمن على العرش استوى وجه ذلك ان اظافة المرض الى الله اظافة لا تليق بالله واضافة الاستواء اظافة لا تليق بالله. هكذا يقولون طيب لو كان الامر كما تقولون لبين الله سبحانه في اية الاستواء وفي اية الاتيان وفي اية في اليد وفي اية اثبات الوجه الى غير ذلك لبين الله كما بين في هذا الحديث. لكن هذا لم يكن اذا هذا دليل على ان تلك النصوص ليس فيها ادنى نقص وليس فيها ادنى لبس. بل هي على ما يليق بالله تبارك وتعالى واضح يا اخوان ارجو ان يكون واظحا وهذه لفتة مهمة. لو كان اظافة الصفات الى الله سبحانه وتعالى فيها اضافة لشيء لا يليق بالله عز وجل فنحتاج نحن الى ان نحمل الكلام على خلاف ظاهره لو كان ذلك كذلك لقيل واين بيان الله عز وجل والله عز وجل يريد ان يبين لنا. يريد الله ليبين لكم. فالله عز وجل في هذا الحديث ما كان الكلام فيه اجمال بينه. لما كان يحتاج الى ايضاح وظحى لما كان يحتاج الى تفسير فسر ولكنه لم يقل هذا في تلك النصوص الاخرى فهذا دليل على ان تلك لا تحتاج وانها على ظاهرها وان ظاهرها لائق بالله سبحانه وتعالى. فهذا من محاسن الشيخ رحمه الله ومن محاسن هذه الرسالة وهو من آآ ادلتي وبراهين قوة مذهب اهل السنة والجماعة ولله الحمد حيث انهم يقلبون دليل الخصم عليهم ويجعلونه حجة عليهم وليس حجة لهم والله تعالى اعلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ولنكتفي بهذا القدر من الامثلة لتكون نبراسا لغيرها والا فالقاعدة عند اهل السنة والجماعة معروفة وهي اجراء غاية الصفات واحاديثها على ظاهرها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وقد تقدم الكلام على هذا مستوفا في في في قواعد نصوص الصفات والحمد لله رب العالمين. اكتفى الشيخ رحمه الله بهذه الامثلة اه الخمسة عشر المذكورة وهي كافية ووافية و يستغنى يستغنى بها عن غيرها. ويحذى في غيرها حذوها. والقاعدة اذا المطردة عند اهل السنة والجماعة ان ظواهر النصوص لائقة بالله تبارك وتعالى وبالتالي فانها تجرى على ظاهرها ان هذا المقام يحتاج كما ذكرنا في درس ماظ هذا المقام يحتاج الى الجمع بين الايمان والحكمة يحتاج الى ايمان يعظم الله عز وجل به وحكمة تنزل فيها النصوص منازلها والا من فقد الامرين او احدهما فانه سيتخبط ولن يصل الى الحق في هذا الباب. والله تعالى اعلم. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه