بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين. قال الامام المجدد رحمه الله تعالى في ثلاثة الاصول ودليل الخوف قوله تعالى فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. ودليل الرجاء قوله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. وان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فان المؤلف رحمه الله ساق كما قد سمعت في درس الامس جملة من العبادات التي امر الله سبحانه وتعالى بها ووجب على كل مسلم ان يخلصها لله تبارك وتعالى ذكر مراتب الدين الثلاثة ثم اعقبها بذكر اربعة عشرة عبادة مقرونة بادلتها يذكر الشيخ رحمه الله العبادة ويذكر الدليل عليها ومضى معنا ما يتعلق بالعبادة الاولى والعبادة الاهم الا وهي الدعاء اما العبادة الثانية والثالثة فهما الخوف والرجاء وسنجعل الكلام عليهما معا للارتباط الوثيق الواقع بينهما الخوف والرجاء هما جناحا العبد اللتان يمضي بهما الى ربه تبارك وتعالى فالرجاء يطيب النفس ويحثها على طاعة الله سبحانه وتعالى والخوف صوت يلين القاسي ويحث على البعد عن مساخط الله تبارك وتعالى وهاتان العبادتان مع المحبة هما اصول الاعمال القلبية فان المحبة والخوف والرجاء اركان العبادات القلبية وما سواهما وما سواها فانها فرع عنها الكلام في الخوف والرجاء كلام طويل والمقام يستحق ان يفصل فيه الخوف والرجاء عبادتان عظيمتان مقربتان الى الله سبحانه وتعالى بل انه لن يستقيم سير الانسان الى ربه تبارك وتعالى الا باجتماعهما في القلب واعلم يا رعاك الله انه لن يكون خوفك خوفا شرعيا ولن يكون رجاؤك رجاءا شرعيا الا اذا اقترن احد الامرين بالاخر. الواجب عليك ان تخاف خوفا مشوبا برجاء وان ترجو رجاء مشوبا بخوف والا فان هذا الخوف لو كان وحده لن يكون طاعة لله عز وجل وانما هو قنوط من رحمة الله او وسيلة الى القنوط من رحمة الله عز وجل ومن يقنط من رحمة ربه الا الضالون انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون والرجاء ان تجرد وحده واضحى دون خوف يصاحبه فانه امن من مكر الله عز وجل. او وسيلة للوصول الى مكر الله الى الى الامن من مكر الله عز وجل والله سبحانه يقول افأمنوا مكر الله فلا يأمنوا مكر الله الا القوم الخاسرون اذا لابد ان يجمع الانسان في قلبه بين الامرين تأمل يا رعاك الله في قوله سبحانه من خشي الرحمن بالغيب لاحظ ان المقام مقام ذكر خوف لان الخشية كما سيأتي ان شاء الله اخص من مطلق الخوف فهي في الجملة في معنى الخوف ولكن انظر الخشية تعلقت باي اسم من اسماء الله عز وجل تعلقت بسم الله الرحمن اذا واجب عليك ان يكون خوفك من الله مشوبا برجاء في مقابل هذا تأمل في قول الله عز وجل عن إبراهيم عليه السلام والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين ما قال كما قال في الجمل التي قبلها الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين. واذا مرضت فهو يشفين ما قال والذي يغفر لي زلتي وانما قال والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين. اذا الواجب ان تخاف ولكنه خوف مشوب الواجب ان ترجو ولكنه رجاء مشوب بخوف هذا هو الذي ينبغي عليك يا عبد الله روي عن ابي بكر رضي الله عنه انه قال ان الله يغفر الكبائر فلا تيأسوا ويعذب على الصغائر فلا تغتروا هذا الذي ينبغي عليك ان تجمع بين الامرين والذي ينظر في النصوص يجد ان عامة النصوص يجتمع فيها الامران يجتمع فيها وصف المؤمنين بانهم يجمعون بين الخوف والرجاء ويرجون رحمته ويخافون عذابه تجد انه تذكر اسماء الله وصفاته التي تقتضي حصول الخوف والرجاء معا نبئ عبادي اني انا الغفور الرحيم وان عذابي هو العذاب الاليم تجد انه يذكر ما يتعلق ما يكون في الاخرة ويقتضي حصول الخوف والرجاء معا فاما من خفت فاما من ثقلت موازينه واما من خفت موازينه. والنصوص في هذا كثيرة اذا الواجب عليك يا عبد الله ان تجمع بين الامرين بين الخوف والرجاء. قال مطرف بن عبدالله بن الشخير رحمه الله لو وزن خوف المؤمن ورجائه لكان سواء. لم يزد احدهما على الاخر وها هنا مسألة يبحثها اهل العلم وهي انهم قد اتفقوا على وجوب الجمع بين الخوف والرجاء وان احدهما وان احدهما دون الاخر لا يكفي بل لا ينفع لكن ماذا عن تغليب احد الامرين على الاخر هل المشروع ان يكون الخوف في قلب المؤمن اكثر من الرجاء او يكون الرجاء اكثر من الخوف المسألة فيها بحث طويل بين اهل العلم. منهم من قال ان الذي ينبغي ان يكون دائما الخوف اكثر من الرجاء ومنهم من قال ينبغي دائما ان يكون الرجاء اكثر من الخوف. ينبغي ان يكون الرجاء اكثر من الخوف ومنهم من قال يغلب الشاب الرجاء ويغلب الشيخ الخوف ومنهم من قال يغلب في الطاعة الرجاء وفي المعصية الخوف ومنهم من قال يكون الامران مستويين الا اذا مرض الانسان او شعر بدنو اجله فانه يغلب جانب الرجاء ومنهم من قال انه ينبغي ان يستوي الامران دائما وهذا هو القول الصحيح هذا الذي ينبغي عليك ان يكون او هذا الذي ينبغي ان يكون حالك يا ايها المؤمن. ينبغي ان يكون هذا حالك يا ايها وهالمؤمن ان يكون خوفك ورجاء سواء لا يزيد احدهما عن الاخر وذلك لان هذا هو مقتضى النصوص. ويرجون رحمته ويخافون عذابه ولان تغليب احد الامرين على الاخر لا يؤمن معه من وقوع العطب ووقوع الخلل واما ما احتج به من قال انه اذا دنا الاجل يغلب الرجاء فهو قول النبي صلى الله عليه وسلم الذي خرجه الامام مسلم لا يموتن احدكم الا وهو يحسن الظن بربه والجواب عن هذا ان يقال ان هذا الحديث لا شك فيه ولا ريب وفيه حث على احسان الظن بالله تبارك وتعالى ومفهوم المخالفة انه ينبغي على الانسان ان يتجنب سوء الظن بالله عز وجل واما الخوف فلم يرد له ذكر في هذا الحديث وبالتالي فان مسألة التغليب ها هنا لا ذكر لها اصلا ويشهد لهذا ما خرج الامام الترمذي رحمه الله باسناد حسن ان النبي صلى الله عليه وسلم زار احد اصحابه وهو في سياق الموت فقال كيف تجدك قال والله يا رسول الله اني لارجو الله واخاف ذنوبي قال النبي صلى الله عليه وسلم ما اجتمعا في قلب مؤمن في هذا المقام الا اعطاه الله ما يرجو وامنه مما يخاف لاحظ معي ان هذا الصحابي ماذا كان منه اجتمع عنده الامران الخوف من الله الخوف من الله ورجاءه سبحانه وتعالى معه ولذا لو تأملت في حال السلف رحمهم الله تجد تجد انهم كانوا يذكرون الخوف في هذا المقام. والاثار في هذا كثيرة ففي صحيح البخاري ان عمر رضي الله عنه لما طعن دخل عليه شاب اخذ يذكره باعماله الصالحة فقال والله لوددت اني اخرج من هذا كفافا لا لي ولا عليه ونحو هذا جاء عن عائشة رضي الله عنها كما خرجه ايضا الامام البخاري رحمه الله لما دخل عليها ابن عباس رضي الله عنهما اذا الذي ينبغي عليك ان تحرص ان يكون خوفك ورجائك سواء ولكن انت طبيب نفسك فاذا كنت تلحظ او تعلم من نفسك ميلا الى المعاصي وتقصيرا في الطاعات فينبغي عليك ان تكثر من النظر في النصوص المقتضية لخوف الله عز وجل بمعنى انك تغلب الخوف تغليبا مؤقتا حتى يستقيم الحال ويعتدل واذا كنت تلحظ من نفسك قنوطا ويأسا فانه ينبغي عليك ان تكثر من النظر في النصوص الدالة على الرجاء في الله سبحانه والطمع فيما عنده وفي حسن الظن به تبارك وتعالى وهذا تغليب مؤقت حتى يستقيم الحال ويعتدل يبقى بعد ذلك سؤال ما هي الاسباب التي تدعو الى الخوف من الله تبارك وتعالى كيف يستجلب المسلم خوف الله سبحانه وتعالى الى نفسه الجواب عن هذا ان يقال اسباب الخوف ترجع الى ما يأتي اولا مطالعة اسماء الله وصفاته التي تقتضي الخوف منه تبارك وتعالى وذلك بالنظر الى اسماء الى اسماء الله وصفاته التي تقتضي الجلالة والقدرة والنفوذ والغضب وشدة الانتقام وما الى هذه الصفات والاسماء فانها ولا شك سوف تجعل القلب يطير خوفا وهيبة ورهبة من الله العظيم سبحانه وتعالى ثانيا النظر في النصوص التي دلت على عظيم ما يكون في الاخرة فانها من اعظم الاسباب التي تؤدي الى الخوف من الله عز وجل ان لدينا انكالا وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا اليما يا ايها الناس اتقوا ربكم ان زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما ارضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد السبب الثالث النظر في ايات الله التي تقتضي التخويف وما نرسل بالايات الا تخويفا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما كسفت الشمس على عهده ان الشمس والقمر ايتان من ايات الله يخوف الله بهما عباده الامر الرابع مطالعة تقصير النفس احجامها عن الخير ضعفها في اداء ما اوجب الله تبارك وتعالى من نظر في هذا الباب وعلم حجم تقصيره جرمه وجنايته وما ارتكبته يده من معاصي الله عز وجل وما وقع منه من تقصير في طاعة الله عز وجل فانه ولا شك سوف يمتلئ يمتلئ قلبه خوفا ووجلا من الله سبحانه وتعالى اذا نظر في طاعته فقط ومدى ما اكتنفها من قصور وغفلة وذهاب خشوع وضعف حضور للقلب وعدم او ظعف مطالعة المعبود سبحانه وتعالى فانه يدرك تماما انه لو عذبه الله عز وجل على هذه الطاعات التي ما قام فيها بالواجب لكان مستحقا لذلك فكيف اذا انضاف الى هذا سيئات كالجبال ينوء بها كاهله فكيف اذا اضاف الى هذا تقصيره في شكر الله سبحانه على نعمه العظيمة من تأمل في هذا وجعله نصب عينيه فانه ولا شك سوف يقع الخوف في قلبه لا محالة اما اسباب الرجاء في الله سبحانه وتعالى واسباب حسن الظن به والطمع فيما عنده سبحانه فهي ايضا كثيرة اولا مطالعة اسماء الله وصفاته التي يقتضي الايمان بها حصول الرجاء وهي اكثر الاسماء والصفات فصفات الله عز وجل التي تدل على انه سبحانه متصف بالمحبة والرحمة والود والمغفرة واللطف وما الى ذلك من هذه الصفات العظيمة فانها سوف تكسبه ولا شك الرجاء في الله سبحانه وتعالى الامر الثاني مطالعة نصوص الوعد فالله عز وجل وعد المؤمنين فضلا منه جل وعلا وهو صادق الوعد وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا ما اعظم وقع هذه الاية واخواتها في قلوب المؤمنين فانها تسكب الرجاء في قلوبهم سكبا الامر الثالث ان يعلم المسلم ما جعله الله سبحانه وتعالى من اسباب المغفرة وحصول الرحمة من ذلك استغفار الملائكة وهم عباد صالحون لله لا يعصون الله ما امرهم ويفعلون ما يؤمرون فدعاؤهم مرجو الاجابة وقد اخبر الله عز وجل في غير اية انهم يستغفرون للذين امنوا وانهم يستغفرون لمن في الارض اذا هذا ايضا من الاسباب التي تدعو المؤمنة الى ان يرجو في الله تبارك وتعالى نأتي الان الى مسألة اخرى وهي من اي شيء نخاف وما الذي نرجوه اولا نخاف من الله سبحانه وتعالى فالله عز وجل من صفاته واسمائه ما يقتضي ان نخاف منه تبارك وتعالى اني اخاف الله رب العالمين يخافون ربهم من فوقهم ثانيا الخوف من عذابه واليم عقابه والله جل وعلا ما ذكر ما يتعلق بنصوص الوعيد الا لنخاف من عذاب الله عز وجل فالله سبحانه وتعالى يقول لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ضلل ذلك يخوف الله به عباده يا عبادي فاتقون ويقول جل وعلا واتقوا النار التي اعدت للكافرين ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين لو تعلمون ما اعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرة فغطى اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجوههم ولهم خنين من البكاء اذا مطالعة هذه النصوص تجعل المؤمن يخاف من عذاب الله سبحانه وتعالى الامر الثالث الخوف من عدم قبول الحسنة وهذا الخوف ليس سببه سوء الظن بالله عز وجل بل الله سبحانه اكرم الاكرمين وهو لا يخلف الميعاد وعد ان من اقبل اليه اقبل الله عز وجل اليه وان من قدم حسنة اليه فان الله عز وجل يقبلها بقبول حسن. ولكن خوفك نابع من تقصيرك في اداء الحسنة وانك لم توثها حقها يقول الله جل وعلا والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم ماذا وجلة فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بالرجل يصوم ويصلي ويتصدق ويخشى ان لا يقبل منه اذا هذا نوع ثالث من الخوف وهو ان تخاف من عدم قبول الحسنة الامر الرابع الذي تخاف منه هو الخوف من سوء الخاتمة او من الوقوع في السيئات مستقبلا ربما يكون الانسان ليس واقعا في سيئة لكنه يخشى ان يكون واقعا فيها دون ان يشعر او ان يقع فيها مستقبلا. او ان يختم له خاتمة سوء عياذا بالله وما اقض مضاجع الصالحين اعظم من تأملهم في سوء الخاتمة. عافاني الله واياكم من ذلك و نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم علم دعاء عظيما الا وهو قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اني اعوذ بك ان اشرك بك شيئا وانا اعلم واستغفرك لما لا اعلم وهكذا كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يخافون النفاق على انفسهم. يقول ابن ابي مليكة رحمه الله ادركت ثلاثين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كلهم كان يخشى النفاق على نفسه سفيان الثوري رحمه الله كان يبكي ويقول اخشى ان اسلب الايمان قبل الموت اذا هذا من انواع الخوف التي ينبغي ان تختلج قلوبنا يا ايها الاخوة اما الرجاء فانه متعلق اولا بالله سبحانه وتعالى فاسماؤه وصفاته منها ما يقتضي ان يرجى تبارك وتعالى في ذاته عز وجل فانه الكريم سبحانه الرحيم الشكور الغفور الودود جل وعلا ثانيا الرجاء في نيل نعيم الجنة التي بشر الله سبحانه وتعالى المؤمنين بها وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا الامر الثالث انه يرجو قبول الحسنة يفعل الحسنة ويجتمع في قلبه الامران الاول الذي سبق وهو انه يخشى ان لا تقبل منه لظعف وتقصير ادائه لها ومع ذلك فانه يرجو الله سبحانه وتعالى ان يقبلها منه وهذا ما ينبغي ان تنتبه له يا رعاك الله ومن ذلك هذه العبادات العظيمة التي نحن فيها الان قال صلى الله عليه وسلم من صام رمضان ايمانا احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. قال صلى الله عليه وسلم من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه قال صلى الله عليه وسلم من قام ليلة القدر ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه. ما معنى احتسابه هو هذا الذي نبحث فيه انه يرجو قبولها من الله سبحانه وتعالى تفعل هذه الحسنات ومع ذلك فانت ترجو الله تبارك وتعالى ان يقبلها منك. فهذا من انواع الرجاء التي ينبغي ان تلاحظها الامر الرابع انك ترجو مغفرة السيئات ترجو ان الله عز وجل يمن عليك بالتجاوز عن السيئات والذي اطمع ان يغفر لي خطيئتي يوم الدين اذا هذه متعلقات اربعة ينبغي ان تلاحظها في موضوع الرجاء هذا الموضوع يا ايها الاخوة موضوع عظيم وينبغي عليك دائما ان تلاحظه في نفسك وان تكون متأملا فيه ملاحظا ادلته التي جاءت في الكتاب والسنة حتى تكون قائما بهذه العبادة او بهاتين العبادتين على الوجه الصحيح يبقى مسألة اخيرة وهي كيف اعرف اني اخاف الخوف الصحيح وكيف اعرف اني ارجو الرجاء الصحيح الجواب اذا كان خوفك مثمرا لطاعة الله فابشر خوفك خوف صحيح على مقتضى ما دلت عليه الادلة الشرعية واذا كان رجاؤك مثمرا لطاعة الله عز وجل فابشر انت على خير ورجائك رجاء شرعي اذا الخوف الذي ينفع ويكون صحيحا هو الذي يدفعك الى طاعة الله سبحانه وتعالى و الله جل وعلا وصف عباده الصالحين الملائكة بقوله يخافون ربهم من فوقهم يفعلون ما يؤمرون اذا كان خوفهم سببا لماذا؟ لطاعة الله عز وجل. قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح من خاف ادلج ومن ادلج بلغ المنزل. الا ان سلعة الله غالية. الا ان سلعة الله الجنة وفي مقابل هذا الرجاء لابد ان يكون الرجاء مثمرا لطاعة الله عز وجل. والا فانه بطالة والا فانه دعوة رجاء لا يصحبه عمل هو في الحقيقة دعوة وارجاء ليس من الرجاء تأمل في قول الله عز وجل ان الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله اولئك يرجون رحمة الله يعني اولئك الذين يستحقون ان يكونوا من اهل الرجاء هؤلاء هم اهل الرجاء من هم امنوا هاجروا جاهدوا في سبيل الله. اذا كان ايمان مع عمل اثمر ان كانوا من اهل الرجاء حقا فمن كان يرجو لقاء ربه ماذا ينام يتواكل يتكاسل عن طاعة الله عز وجل ويقول الله غفور رحيم يفعل المعاصي ويقول الله غفور رحيم كلا فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل ضع خطوطا عند كلمة يعمل فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. هذا الرجاء النافع. هذا الذي ينفعك يا عبد الله من الرجاء وما سواه فانه لا ينفع هو الى الامن من مكر الله عز وجل اقرب من ان يكون رجاءه اذا هذا باختصار شديد ما يتعلق بتحقيق هاتين العبادتين العظيمتين الا وهما الخوف والرجاء. نعم اعد الاية احسن الله اليكم قال رحمه الله ودليل الخوف ودليل الخوف قوله تعالى فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. علامة صحة ايمان ان تكون من اهل الخوف فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين فان كنت من اهل الايمان فانه يجب عليك ان تكون من اهل الخوف من الله سبحانه وتعالى كما ان الخوف علامة صحة الاسلام يا قومي ان كنتم امنتم بالله نعم عفوا وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. لا هذه في اية التوكل المقصود ان علامة صحة الايمان ان يكون الانسان خائفا من الله تبارك وتعالى. هذا الذي تدل عليه هذه الاية ثبت عندنا ان الخوف من الايمان وانه طاعة لله عز وجل واذا كان ذلك كذلك فما حكم الخوف من غيره جل وعلا نحن مر بنا في درس الامس قاعدة مهمة من يذكرنا بها؟ ها لا كل ما ثبت انه عبادة فصرفه لغير الله شرك كل ما ثبت انه عبادة فان صرفه لغير الله شرك وبالتالي قال اهل العلم من خاف خوف السر من غير الله عز وجل فانه يكون قد اشرك الشرك الاكبر ما معنى خوف السر يعني ان ان يخاف من غير الله ان يصيبه باذى او مكروه بغير سبب ظاهر بغير سبب ظاهر. يعني بسبب غيبي يصيبه باذى مع البعد او يخشى من ان يكون يطلع على قلبه فيغضب عليه فان هذا ولا شك من الخوف الذي هو شرك بالله تبارك وتعالى ويقع هذا كثيرا في احوالي عباد في احوال عباد القبور عافاني الله واياكم فان احدهم يكون وجلا خائفا يخشى من شيخه ومن سيده الذي هو مريد له ان يصيبه بمكروب بمكروه ان حاد عن الطريق الذي رسمه له فهذا خوف لا يجوز ان يصرف لمخلوق هذا الخوف يجب ان يكون لله تبارك وتعالى. فلا تخافوهم وخافوني ان كنتم مؤمنين. نعم الرجاء احسن الله اليكم قال رحمه الله ودليل الرجاء قوله تعالى فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احد كذلك الرجاء دلت هذه الاية على انه عبادة لله سبحانه وتعالى. الرجاء متعلق به جل وعلا. متعلق بلقائه فمن كان يرجو لقاء ربه ولقاء الله عز وجل هنا يقتضي رؤيته سبحانه وتعالى وهذا الذي يحرك قلوب المؤمنين الى طاعة الله سبحانه فهم يشتاقون الى رؤية الله سبحانه وتعالى ثمن ذلك طاعة الله جل وعلا فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه احدا. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ودليل التوكل قوله تعالى وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين. وقول هذه عبادة رابعة اوردها الشيخ رحمه الله التوكل عبادة عظيمة هي من اوسع المقامات الايمانية من حيث متعلقها بصفات الله عز وجل فان كثيرا من صفات الله سبحانه تقتضي التوكل عليه فالصفات التي ترجع الى معنى القدرة والى معنى الملك والى معنى الرحمة والى معنى المحبة والى معنى اللطف كلها تدعو وتحث على التوكل على الله تبارك وتعالى كما انه من اكثر المقامات حصولا من المخلوقات فالتوكل على الله يكون من المؤمنين ويكون من الكافرين ويكون من الانس ويكون من الجن بل حتى من الحيوانات وحتى من الطير فانها تتوكل على الله سبحانه وتعالى اذا هذا مقام عظيم جعل الله عز وجل هذا المقام شرطا في صحة الايمان الله جل وعلا يقول وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين ولاحظ ان هذه الاية دلت على ان التوكل علامة صحة الايمان من جهتين اولا من جهة تقديم الجار والمجرور الذي يدل على التخصيص وعلى الله فتوكلوا. ما قال وتوكلوا على الله فتقديم الجار والمجرور دليل على ان التوكل عبادة لا يجوز صرفها الا لله سبحانه وتعالى. كانه قال على الله فتوكلوا ولا تتوكلوا على غيره الامر الثاني انه قال ان كنتم مؤمنين ان كنتم مؤمنين هذا شرط ان كنتم مؤمنين يعني فتوكلوا عليه. جواب الشرط محذوف هذا تقديره. ان كنتم مؤمنين فعليه توكلوا سبحانه وتعالى وهذه هي الاية التي اردت ان اشير اليها سابقا وهي ما قال موسى عليه السلام فيما اخبرنا الله عز وجل يا قومي ان كنتم امنتم بالله فعليه توكلوا ان كنتم مسلمين اذا علامة صحة الاسلام ايضا ان يكون الانسان متوكلا على الله جل وعلا التوكل على الله ما هو التوكل على الله حقيقة مركبة من امرين اعتماد وتفويض قلبي على الله سبحانه وتعالى يعتمد الانسان ويفوض الامر الى الله سبحانه وتعالى والامر الثاني بذل الاسباب الممكنة فمتى ما جمع الانسان بين هذين الامرين اعتمد على الله وثق بالله فوض الامر الى الله مع كونه قد قام بالاسباب التي شرعها الله سبحانه وتعالى واحلها فانه حينئذ يكون قد توكلت توكل الشرعي ولذا عرف بعض اهل العلم التوكل بقوله هو قطع النظر الى الاسباب بعد تهيئة الاسباب قطع النظر الى الاسباب متى بعد بذل الاسباب او كما نقل ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين نقل كلمة جميلة عن بعضهم الا وهي ان التوكل اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب. ما معنى هذا الكلام اضطراب يعني حركة بلا سكوت وذلك بالجوارح وسكون طمأنينة وثقة بالله عز وجل بالقلب بدون اضطراب بدون حركة قلب ولا شك ولا يأس اذا التوكل هو ماذا اضطراب بلا سكون وسكون بلا اضطراب بهذا يكون الانسان قد توكل على الله عز وجل حق التوكل تأمل في قول النبي صلى الله عليه وسلم لو انكم توكلون على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير ذو خماصا وتعود بطانا هذا الحديث يدل على حصول يقين وتفويض وعلى بذل سبب لان الطير ما جلست. الطير ماذا فعلت ذهبت وغدت تبحث عن الرزق ثم عادت وقد من الله سبحانه وتعالى عليها بالرزق. اذا هكذا يكون التوكل الشرعي يقع الناس في اخطاء في هذا الباب اهم تلك الاخطاء ما يأتي اولا ان يتوكل الانسان على غير الله عز وجل فيما لا يقدر عليه الا الله سبحانه وتعالى وهذا يقع في حال من لم يقدر الله عز وجل حق قدره ومن اشرك به سبحانه وتعالى ويكثر هذا في عباد القبور يكون قلبه معلقا بغير الله سبحانه وتعالى في تفريج الكروب وتنفيس الهموم ومغفرة الذنوب وازالة العقبات. بل يكاد ان يكونوا بل يكاد ان يكون قد فوظ كل شيء الى سيده الذي يعبده حيا كان او ميتا وهذا امر عظيم ولذا كم يتداول بعض الناس ابياتا تدل على هذا التفويض الشركي تجد انهم ينشدون ان لم تكن في معادي اخذا بيدي فضلا والا فقل يا زلة القدم يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بهذا. عنده ان ثقته وتفويظه انما هي في النبي صلى الله عليه وسلم والا فالهلاك حاصل في الاخرة. توكل على النبي صلى الله عليه وسلم في شأن النجاة في الاخرة ولا شك ان هذا توكل شركي عافاني الله واياكم من ذلك. اذا تنبه يا رعاك الله الى هذا الامر الامر الثاني بعض الناس يقع في شرك اصغر وذلك بانه يلاحظ المخلوق بقلبه ويعتمد عليه بعض الاعتماد في شأن من الامور الدنيوية يعني بعض الناس يكون في حاجة الى شيء ما الذي ينبغي عليك انك اذا احتجت الى احد واضطررت الى سؤال احد وهو يقدر على شيء يقدر على اعانتك يقدر على ان يتوسط لك او يشفع لك فانك ينبغي ان تلاحظ ان الجواز ها هنا مشروط بكون قلبك معتمدا على الله فقط انما انت تطلب بجوارحك اما قلبك فانه واثق بالله عز وجل لا بالمخلوق ونحن قد علمنا قبل قليل ان التوكل هو قطع النظر في الاسباب بعد بذل الاسباب فمن كان عنده التفات في قلبه الى مخلوق في تحصيل منفعة او دفع مضرة فانه يكون قد وقع في جنس الشرك الاصغر وهذا بحر لا ساحل له وما اكثر المخطئين فيه. نسأل الله ان يعافينا وان يغفر لنا الامر الثالث ان بعض الناس في مسألة التوكل يغفل عن اتخاذ الاسباب يظن ان التوكل الصحيح هو ان يترك الانسان اتخاذ الاسباب لا يفعل شيئا يجلس ويقول ان شاء الله ان يعطيني وان يصنع لي كذا وكذا فانه وسيكون دون ان يتحرك ودون ان يبذل المستطاع وهذا في الحقيقة تواكل لا توكل التوكل كما قد علمنا لا بد ان سمع فيه الامران يجتمع الثقة بالقلب والتفويض من القلب لله عز وجل مع بذل الاسباب لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا. هذا النبي الكريم صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد المتوكلين ما ترك اتخاذ الاسباب النبي صلى الله عليه وسلم لبس في احد درعين كان صلى الله عليه وسلم يلبس في الحروب المغفر النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ سببا يمنع المشركين من الوصول الى المدينة الا وهو حفر الخندق. كان النبي صلى الله عليه وسلم يحتفظ بقوت اهله مدة سنة اذا كان النبي صلى الله عليه وسلم مع انه اعظم الناس توكلا لا يترك اتخاذ الاسباب اذا اتخاذ الاسباب ليس قدحا في التوكل اتخاذ الاسباب ليس قدحا في التوكل بل ترك الاسباب هو القدح في التوكل وبعض الناس يخطئ في هذا الباب خطأ عظيما والعجيب ان الذي يدعي انه يترك اتخاذ السبب توكلا على الله عز وجل اخطأ وكذب في نفس الوقت هو كاذب مستحيل ان انسانا يمتنع عن فعل اي سبب على الاطلاق ابن القيم رحمه الله ذكر قصة عن احدهم وهو او وهي انه ادعى انه متوكل على الله عز وجل وبالتالي فانه لا يتخذ اي سبب على الاطلاق فكان يسافر ويتنقل في القفار من مكان الى اخر دون ان يحمل زادا معه لكنه يقول لابد ان احمل معي ثلاثة اشياء اناء للوضوء وابرة وخيط يقول ربما ينقطع ثوبي فانا بحاجة الى ان اخيط ثوبي حتى لا تظهر عورتي فتبطل صلاتي. ولابد لي من اناء اضع فيه الماء اذا اردت الوضوء اذا هذا الرجل ما استطاع ماذا ان يترك اتخاذ الاسباب بل حتى خروجه من مكان الى اخر لاي هدف كان هو في الحقيقة اتخاذ للسبب اذا لا يستطيع انسان ان يكون تاركا لفعل الاسباب مطلقا. هذا امر لا يمكن لاحد ان لا يمكن لاحد ان يدعيه الامر الرابع وهي مسألة مهمة ان بعض الناس اذا سمع ما يتعلق بالتوكل لا ينصرف ذهنه الا الى الامور الدنيوية يعني يظن ان التوكل محصور في مسألة الرزق وما يدور في فلك هذا الامر فقط هذا هو التوكل وهذا في الحقيقة خطأ وهذا في الحقيقة نقص بل ثمة توكل اعظم من هذا وهو ان تتوكل على الله سبحانه وتعالى في شأن طاعته جل وعلا وفي شأن طلب العلم وفي شأن الدعوة الى الله سبحانه وتعالى. هذا اعظم بكثير. والله انك لا تستطيع ان تفعل شيئا من هذه الامور الا اعانة الله عز وجل ولذا همم الناس في هذا الباب متفاوتة شتان بناء شتان بين من يكون توكله في حصول رغيف ومن يكون توكله في طاعة الله سبحانه وتعالى واداء عبادته اذا اذا كان مما يطلب وهذا من الامر الحسن المطلوب ان يتوكل الانسان على الله عز وجل في شأن الرزق والاعمال وما اليها فان التوكل على الله سبحانه وتعالى والاستعانة به وتفويض الامر اليه والاعتماد عليه جل وعلا في طاعته هذا اولى واولى واهم ولذا ماذا يقول المسلم اذا سمع الحيعلتين في الاذان يقول ماذا لا حول ولا قوة الا بالله. انت دعيت الان الى الصلاة حي على الصلاة. حي على الفلاح جوابك بان تفوظ الامر الى الله عز وجل وتعلن اعتمادك بالله عز وجل وانك لا شيء لا يمكن ان تتحرك ولا تفعل شيء حتى يأذن الله سبحانه ويمدك بعونه وتوفيقه جل وعلا. اذا لاحظ يا رعاك الله في كل امر من امور الدنيا واهم منها في كل امر من امور الدين ان تتوكل على الله عز وجل. اياك ان تثق بنفسك تثق بايمانك تثق تثق باجتهادك تثق بذكائك تثق بانك فعلت وفعلت في السابق وما تخذل بسبب هذه الثقة في النفس. الواجب ان يكون شأنك في كل في كل حاله. هو الثقة بالله سبحانه وتعالى شأنه ان يوكل وليس ان يتوكل عليه التوكيل شيء شيء اخر لك ان توكل شخصا في امر من الامور التي يجوز فيها التوكيل شرعا يعني تجعل شخصا نائبا عن يقوم مقامك في شأن من الامور. في شأن من الشؤون او امر من الامور هذا لا حرج فيه. لكن التوكل قضية اساسها وعمادها التفويض القلبي. وهذا لا يجوز الا في حق الله تبارك وتعالى. اذا هذه العبارة بارك الله فيك لا تجوز هذا يسأل عن حديث من صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين فكان له كأجر حجة وعمرة يسأل عن صحة عن صحة هذا الحديث هذا الحديث فيه بحث طويل من جهة اسناده فبعض اهل العلم حسنه وبعضهم ضعفه على كل حال هذا الفعل باصله مشروع جلوسك حتى آآ تشرق الشمس وانت تذكر الله عز وجل هذا امر مشروع وثبت بفعله صلى الله عليه عليه وسلم. وصلاة الركعتين هما صلاة الضحى وصلاة الضحى ثابتة من فعل النبي صلى الله عليه وسلم. بل ومن قوله وبالتالي فان هذا الفعل مشروع فان كان هذا الحديث صحيحا فالحمد لله والا فان هذا الفعل مشروع وان لم يكن هذا الحديث صحيحا والله عز وجل اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين