الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين. قال تقي الدين المقلزي رحمه الله تعالى في كتابه تجريد التوحيد. والملك هو الآمر الذي لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدى معطلين. لا يؤمرون ولا ينهون. ولا يثابون ولا فان الملك هو الامر الناهي المعطي المانع الضار النافع المثيب المعاقب ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله. صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فانتقل المؤلف رحمه الله بعد ان بين ان الله جل وعلا احتج على المشركين في اثباتهم الربوبية على ما انكروا وهو الالوهية انتقل الى ان الله جل وعلا هو الملك الذي له الملك قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه وكان النبي صلى الله عليه وسلم اذا قام من الليل قال في ركوعه وسجوده سبحان ذي والجبروت والكبرياء والعظمة. فالله جل وعلا هو الملك والله جل وعلا هو المالك ملك يوم الدين. ما لك يوم الدين. وخصت الفاتحة كونه مالكا وملكا ليوم الدين. لانه يتجلى انفراده التام بالملك سبحانه وتعالى في ذلك اليوم العظيم. في الدنيا ثمة ملوك لكنهم ناقصون عاجزون. ملكهم غير تام مملوكون هم في انفسهم للملك سبحانه وتعالى. وهؤلاء يضمحل ملكهم وسلطانه ويبقى الملك الواحد العظيم. ولذا يقول سبحانه بعد ان يفني هي الخلق يوم القيامة لمن الملك اليوم؟ ويجيب نفسه لله الواحد القهار. قال الملك وهو العامل الناهي الذي لا يخلق خلقا بمقتضى ربوبيته ويتركهم سدى معطلين لا يؤمرون ولا ينوون هذا هو الله جل وعلا. الذي له الملك التام سبحانه وتعالى. قال فان المالك هو الامر الناهي المعطي المانع الضار النافع المثيب المعاقب. ولا احد كذلك الا الله سبحانه وتعالى. نعم. قال رحمه الله ولذلك جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالاسماء الحسنى الثلاثة. الرب والملك والاله. فانه لما قال قل اعوذ برب الناس كان فيه اثبات انه خالقهم وفاطرهم. فبقي ان يقال لما خلقهم هل كلفهم وامرهم ونهاهم؟ قيل نعم فجاء ملك الناس فاثبت الخلق والامر. الا له الخلق والامر؟ فلما قيل ذلك قيل فاذا كان ربا وملكا مكلفا فهل فهل يحب ويرغب اليه؟ ويكون التوجه اليه غاية الخلق والامر؟ قيل اله الناس اي مألوهم ومحبوبهم الذي لا يتوجه العبد المخلوق المكلف العابد الاله. فجاءت الالهية خاتمة وغاية وما قبلها كالتوطئة لها. هذه نبتة لطيفة من المؤلف رحمه الله فيها بيان ما اشتملت عليه سورة المعوذتين من ثبوت الربوبية والالوهية والاسماء لله سبحانه وتعالى والاسماء والصفات لله سبحانه وتعالى ولا سيما سورة الناس. فانها اشتملت على انواع التوحيد الثلاثة. فختم المصحف بالتذكير بانواع التوحيد الثلاثة. كما افتتح المصحف بذلك في سورة الفاتحة قال ولذلك جاءت الاستعاذة في سورة الناس وسورة الفلق بالاسماء الحسنى الثلاثة. الاستعاذة طلب والعوذ وهو الالتجاء. والاعتصام. بعظيم يحوط. ويحفظ والاستعاذة انما تكون بالله سبحانه وتعالى. فالله جل وعلا هو المستعاذ. والعبد هو المستعيذ. فالله عز وجل يستعاذ به ويستعاذ بصفاته. اعوذ برضاك من سخطك ويستعاذ بكلماته. اعوذ بكلمات الله التامات. جاءت الاستعاذة في سورتي والفلق بهذه الاسماء الثلاثة. قل اعوذ برب الناس ملك الناس اله الناس قال فانه لما قال قل اعوذ برب الناس كان في اثبات كان فيه اثبات انه خالقهم وفاطرهم كذلك في سورة الفلق قل اعوذ برب الفلق من شر ما خلق. ففي ذلك اثبات انه الخالق سبحانه وتعالى وما تعم فعم في هذه الاية الاستعاذة من جميع الشرور التي في خلق الله سبحانه وتعالى. لما ثبت انه الخالق بقوله رب الناس بقي ان يقال لما خلقهم ما الحكمة هل كلفهم بعد ذلك وامرهم ونهاهم؟ ام كان خلقهم عبثا؟ فجاء التنبيه على الحكمة في اثبات انه ملك الناس. فاذا كان ملكا كان امرا ناهيا كان مكلفا وكان مثيبا وكان معاقبا. قال فاثبت الخلق والامر. الا له الخلق والامر قال فلما قيل ذلك قيل فاذا كان ربا موجدا وملكا مكلفا فهل يحب ويرغب اليه؟ ويكون التوجه اليه غاية الخلق والامر ما هي الثمرة من كل هذا؟ كونه يكلف وكونه يأمر وينهى؟ الجواب لكي يكون المعبود ولكي يكون المحبوب ولكي يكون المقصود من عباده فهذه هي الغاية التي يحبها الله جل وعلى وهي التي لاجلها خلق الله الخلق فكل ما كان من خلقه سبحانه وامره ونهيه وتقديره يرجع الى هذه الغاية العظمى التي يحبها ولاجلها فعل وخلق وقدر سبحانه وتعالى. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون قال قيل اله الناس اي مألوههم ومحبوبهم الذي يتوجه العبد المخلوق المكلف العابد يتوجه العبد المخلوق المكلف العابد الاله. فجاءت الالهية خاتمة وغاية وما قبلها كالتوطئة لها وهذا الذي ذكر في الدرس الماظي ان توحيد المعرفة والاثبات دليل سلم الى توحيد القصد والطلب. ولذا من تأمل نصوص القرآن وجد ان ان توحيد الربوبية في غالب الايات انما سيق لاجل اثبات توحيد الالوهية. وذلك لان امة الامم لم تكن تنكر ربوبية الله سبحانه وتعالى. ولان جاحدها قليل وشاذ في ناس تناسب ان يحتج عليهم بالشيء الذي اثبتوه على الشيء الذي انكروه نعم قال رحمه الله وهاتان الصورتان اعظم اوذة في القرآن وجاءت الاستعاذة بهما وقت الحاجة الى ذلك. وحين النبي صلى الله عليه وسلم وخير له انه يفعل الشيء وما فعله واقام على ذلك اربعين يوما كما في الصحيح وكانت عقد السحر احدى عشرة عقدة فانزل الله المعوذتين احدى عشرة اية فانحلت بكل اية عقدة وهاتان السورتان اعظم عوذة في القرآن عوذة يعني ما يعاذ به يعني رقية اعظم رقية هي هاتان السورتان. قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس. قال هاتان السورتان اعظم عوذة في القرآن. جاء في مسند احمد باسناد صحيح. ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لاحد اصحابه يا ابن عابس ابن عابس الجهني اتدري ما الا هل اخبرك ما اعظم ما تعوذ به المتعوذون؟ قال قلت بلى يا رسول الله. قال قل اعوذ برب بالفلق وقل اعوذ برب الناس. فهي اعظم ما تعوذ به المتعوذ. كذلك ثبت عند النسائي وغيره ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من الجان. ومن عين الانسان. حتى نزلت المعوذتان فاخذ بهما وترك ما سوى ذلك صلى الله عليه وسلم. فاحسنوا وابلغوا ما يكون التعوذ وما تكون الرقية به بسورتي المعوذتين. فان فيهما جمع الشرور جميعا. سرور الاجسام وشرور الارواح. جميع الشرور التي في هذا الكون قد عمتها هاتان الصورتان بالاستعاذة فاثرهما عظيم في الرقية بعد وقوع البلاء وقبل وقوع البلاء. فينبغي على الانسان ان يحرص على ان يتحصن بهما دائما. في كل احواله. وان يعوذ بهما ابناءه. ومن تحت بيده فما تعوذ متعوذ وما رقى راق بمثل هاتين السورتين العظيمتين. قال سحر النبي صلى الله عليه وسلم وخيل له انه يفعل الشيء وما فعله. نبينا صلى الله عليه وسلم بشر كما ان جميع الانبياء بشر قل انما انا بشر وبالتالي فانه يجوز عليه صلى الله عليه وسلم وعلى الانبياء ما يجوز على البشر من البلايا والمحن والامراض ومن جملة ذلك ما اصاب النبي صلى الله عليه وسلم من السحر. فانه قد ثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه عليه وسلم سحر. في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه قال لها اما علمت ان الله افتاني فيما اصابني؟ قالت وكيف ذلك يا رسول الله قال اتاني رجلان في خارج الصحيحين في بعض الروايات ان ذلك كان في المنام. قال فجلس احدهم وما عند رأسي وجلس الاخر عند قدمي. فقال احدهما للاخر ما اصابه؟ فقال الاخر مطبوب يعني مسحور. قال ومن طبه؟ من سحره؟ قال لبيد بن الاعصم هذا من بني زريق حليف لليهود بني زريق من الانصار. وهو حليف لليهود. قال وفيما سحره قال في مشط ومشاطة في جف طلعة نخلة ذكر. في بئر ذروان بئر ذروان كانت في ديار بني زريق الانصاريين كانت في جنوب غرب المسجد قريبا منه. ذهب اليها النبي صلى الله عليه وسلم مع بعض اصحابه فرأى مائها قليلا مصفرا كأن فيه الحناء الذي يستقى منه كأن رؤوسه طلع الشياطين. النبي صلى الله عليه وسلم نشط بعد ذلك اذ انزل عليه هاتان السورتان نزل عليه جبريل عليه السلام بهاتين السورتين سورة قل اعوذ برب الفلق قل اعوذ برب الناس. وهذا من جملة ما اصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الامراض. وبالتالي فانه لا يقدح البتة عند المؤمنين به صلى الله عليه وسلم في مقام نبوية نبوته رسالته ابلاغه عن الله سبحانه وتعالى. فهو مرض من الامراض ولم يتعلق البتة تبليغه الرسالة او بالاحكام التي يبلغها عن الله سبحانه وتعالى انما كان شيئا اصابه صلى الله عليه وسلم عارض في شيء معين حيث كان يخيل اليه انه ويأتي الشيء ولا يأتيه. وهذا الشيء جاء في بعض الروايات في الصحيحين انه كان يخيل اليه انه يأتي اهله ولم يأتهم. فهذا الذي كان اصابه صلى الله عليه وسلم ولا شك انه ابتلاء ومحنة عظيمة حتى ان سفيان ابن عيينة الراوي في الصحيح قال وهذا اعظم ما يكون من السحر. ان يخيل الى الانسان انه ويأتي اهله وهو لم يأتهم. الشاهد ان هذا الامر استمر بالنبي صلى الله عليه وسلم برهة من الزمن ثم ان الله عافاه من ذلك. وجاء ان نزول سورتي المعوذتين كان بسبب ذلك بسبب ما اصاب النبي صلى الله عليه وسلم من السحر وانه رقي بهما صلى الله عليه وسلم فشفاه الله مما اصابه قال واقام على ذلك اربعين يوما كما في الصحيح وكانت عقد السحر احدى عشرة عقدة فانزل الله المعوذتين احدى عشرة اية فانحلت بكل اية عقدة. هذا جاء في بعض الروايات عند البيهقي في الدلائل وعند الطبراني في الكبير وعند غيرهما وفيه ذكر قصة طويلة والحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح وفي التلخيص ايضا ضعف هذه الرواية وبعض اهل العلم صححها ومنهم الشيخ الالباني والله في السلسلة الصحيحة على كل حال كون سورتين المعوذتين نزلتا بسبب هذا الامر يعني سحر النبي صلى الله عليه وسلم هذا ثابت لا شك فيه في حديث عائشة رضي الله عنها ولكن البحث انما هو في لكوني النبي صلى الله عليه وسلم رقي عند كل عقدة من هذه العقد باية من هذه الايات حتى انحلت جميع هذا الذي فيه البحث عند اهل العلم والله تعالى اعلم. نعم. قال رحمه الله وتعلقت الاستعاذة في اوائل القرآن باسمه الاله. وهو المعبود وحده باجتماع صفات الكمال فيه. ومناجاة العبد لهذا الهي الكامل ذي الاسماء الحسنى والصفات العليا المرغوب اليه في ان يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان الحائل بينه وبين مناجاة ربه قال وتعلقت الاستعاذة في اوائل القرآن. يعني في ابتداء قراءة القرآن. باسم الاله ومراده ان يقول الانسان بسم ان يقول الانسان اعوذ بالله من الشيطان الرجيم علمنا في درس امس ان اسم الجلالة الله اصله الاله فهذا سبب قوله باسمه الاله وهو المعبود وحده لاجتماع صفات الكمال فيه. وقلنا ان اسم الجلالة الله هو الاسم العظيم الذي هو اعظم الاسماء واجلها واجمعها لصفات الجلال والجمال مال له تبارك وتعالى. قال ومناجاة العبد لهذا الاله الكامل ذي الاسماء الحسنى والصفات العليا المرغوب اليه في ان يعيذ عبده الذي يناجيه بكلامه من الشيطان. الحائل بينه وبين مناجاة ربه الله جل وعلا امر عباده انهم اذا قرأوا القرآن ان يستعيذوا به من الشيطان الرجيم فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. والمراد اذا اردتم قراءة القرآن استعيذوا بالله من الشيطان الرجيم. ليس المراد ان الانسان اذا انتهى من قراءة القرآن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم. وهذا وان كان ذهب اليه بعض اهل العلم اخذا فيما قالوا بظاهر الاية فاذا قرأت القرآن فاستعذ يعني اذا انتهيت فاستعذ فتكون الاستعاذة من العجب بالعمل الصالح. ولكن هذا لا شك انه ضعيف جمهور على ان قوله فاستعذ بالله هو كقوله جل وعلا اذا قمتم الى الصلاة فاغسلوه. فمتى يكون التوضأ؟ قبل الصلاة او بعدها؟ قبل الصلاة والمراد فاذا اردتم الصلاة فاغسلوا وجوهكم وايديكم كذلك فاذا قرأت القرآن يعني اذا اردت ان اقرأ فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم. والجمهور على استحباب الاستعاذة عند تلاوة القرآن وهذا هو الصحيح. وذهب ما ذهب بعض اهل العلم الى وجوب ذلك. منهم عطاء بن ابي رباح رحمه الله اخذا بظاهر قوله تعالى فاذا قرأت القرآن والامر يقتضي الوجوب وبعض اهل العلم نحى الى ان الوجوب خاص به صلى الله عليه وسلم وليس لامته والصواب ما عليه جمهور اهل العلم وانما شرعت الاستعاذة قبل تلاوة القرآن لان للشيطان حرصا شديدا على ان بينك يا عبد الله وبينما تتلوا من كتاب الله. اما بان يصرفك عن اكمال القراءة او بان يوسوس في قلبك حتى تقرأ ما لا تدري معناه. يصرفك عن التدبر والتأمل في ايات الله وهذه هي الغاية من قراءة القرآن. كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا اياته. فالشيطان حريص على ان يصرف عن التدبر فالجأ الى الله واعتصم بالله ان يحول بينك وبين هذا الشيطان ان يمنعك او يلبس عليك في قراءتك نعم قال رحمه الله ثم انسحب التعلق باسم الاله في جميع المواطن الذي يقال فيها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. نعم في جميع المواقع التي يشرع فيها الاستعاذة فتجد ان التعلق تعلق الاستعاذة كان بسم الله اه كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم مثلا عند الغضب فانه يشرع عند الغضب ان يقول الانسان اعوذ بالله من الرجيم وهذا مما ينبغي ان نتعلمه وان نعلمه وان نأخذ انفسنا به. اذا اخذتك سورة الغضب تذكر هذا الحديث. ففي الصحيحين ان رجلين استبا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فغضب احدهما واحمر وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اما اني لاعلم كلمة لو قالها ذهب بها ما يجد. اعوذ بالله من الشيطان الرجيم. فهذا من السنن التي ينبغي ان نتعلمها وان نأخذها انفسنا بها فالغضب انما يذكيه الشيطان. جمرة في النفس ينفخ فيها الشيطان فيستعيذ الانسان بالله من هذا الشيطان الذي ينفخ في هذه النار التي تتقد في النفس فيذهب عن بتوفيق الله ورحمته ما يجد نعم. قال رحمه الله ثم انسحب التعلق باسم الاله في جميع المواطن الذي يقال فيها اعوذ بالله من الشيطان الرجيم لان اسم الله هو الغاية للاسماء. ولهذا كان كل اسم بعده لا يتعرف الا به فانا اقول الله هو السلام المؤمن المهيمن. فالجلالة تعرف غيرها وغيرها لا يعرفها اسم الجلالة الله يعرف غيره من الاسماء واما الاسماء الاخرى فلا تعرفه فنقول الله هو السلام ولا نقول السلام هو الله. اذا كان المقام مقام تعريف. وهذا ظاهر في النصوص هو الله الذي لا اله الا هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم. الى غير ذلك من الايات ولا يشكل على هذا مفتتح سورة إبراهيم ألف لام راء كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من من الظلمات الى النور باذن ربهم الى صراط العزيز الحميد الله الذي له ما في السماوات وما في الارض. هذا لا يشكل على هذه ايه ده؟ وذلك لان توجيه هذه الاية اولا قرأ بعض القراء ومنهم نافع اسم الجلالة مرفوعا الله الذي له ما في السماوات وما في الارض وبالتالي فلا اشكال هذه جملة مستأنفة. واما على قراءة الجمهور بالجر فانها محمولة اما على ان اسم الجلالة بدل وليس صفة وبالتالي فلا اشكال او يقال وهو التوجيه الثاني ان الصفة ها هنا تقدمت على الموصوف. وهذا وان كان خلاف الغالب الغالب ان يتقدم الموصوف على الصفة. لكن قد يأتي في اللغة تقدم الصفة على الموصوف. يعني كأن الاصل الى صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض العزيز الحميد. لكن قدم ها هنا الصفة على الموصوف. كما تقول مررت الكريم محمد او بالاديب عبد الله. فهذا لا بأس به من جهة اللغة والله تعالى اعلم نعم. قال رحمه الله والذين اشركوا به تعالى في الربوبية منهم من اثبت معه خالقا اخر. وان لم يقولوا انه مكافئ له وهم المشركون ومن ضاهاهم من القدرية. وربوبيته سبحانه الشرك الذي وقع في الربوبية وان كان قليلا بالنسبة الى الشرك في الالوهية الا انه لم يقل هؤلاء المشركون ان مع الله عز وجل شريكا يضاهيه ويساويه. انما يكون دون الله سبحانه وتعالى. فالله عز وجل لم يقل احد من هؤلاء المشركين ان احدا يدانيه او يساويه او يكافئه او يناظره في ربوبيته سبحانه وتعالى وان اشركوا معه شريكا يعتقدون انه دونه نعم سيأتي الكلام عن المشركين في الربوبية بعد قليل نعم قال رحمه الله وربويته سبحانه للعالم الربوبية الكاملة المطلقة الشاملة تبطل اقوالهم لان اتقتضي ربوبيته لجميع ما فيه من الذوات والصفات والحركات والافعال. لا شك الله رب كل شيء والله خالق وكل شيء والله رازق كل شيء والله مدبر كل شيء. فليس ثمة ذات ولا صفة ولا حركة ولا سكنة الا وهي من الله سبحانه وتعالى من الله تقديرا ومنه خلقا سبحانه وتعالى. فربوبيته عامة على كل شيء تبارك وتعالى. نعم. قال رحمه الله تعالى وحقيقة قول القدرية المجوسية انه تعالى ليس ربا لافعال الحيوان. ولا تتناولها رؤيته الا تتناولها ربوبيته اذ كيف يتناول ما لا يدخل تحت قدرته ومشيئته وخلقه؟ نعم يقول حقيقة قول القدرية المجوسية القدرية المجوسية هم القدرية النفاة بخلاف القدرية المجبرة الذين هم الجبرية. هؤلاء القدرية قيل لهم مجوسية ان قولهم ضارع قول المجوس الذين قالوا باثبات خالقين وهؤلاء قالوا باثبات خالقين. هذا هو لازم قولي المعتزلة ومن سار في ركابهم هم المقصودون بهذا القول فانهم زعموا ان الافعال خارجة عن مشيئة الله عز وجل وقدرته وخلقه الله عز وجل خلق كل شيء نعم الا افعال العباد. فالله عز وجل لم يخلقها بل الله عز وجل لم انشأها اصلا فانها صادرة وناشئة بمشيئة العباد المنفصلة والمستقلة وهم الذين احدثوها وهم الذين خلقوها ولم يكن احداثها من الله جل وعلا. ولا شك ان هذا باطل بل الله عز وجل هو الذي يشاء كل شيء. حتى مشيئتك التي تضاف اليك الله عز وجل هو الذي شاء ان شاء وما تشاؤون الا ان يشاء الله. فمشيئة العباد راجعة الى مشيئة الله سبحانه وتعالى كذلك الخلق فالله خالق كل شيء قال سبحانه الله خالق كل شيء وقال سبحانه وخلق كل شيء. وهذا عموم محفوظ. ما خص منه شيء البتة. فالله خالق كل شيء من الذوات من الصفات من الافعال كل شيء خلقه الله جل وعلا. حتى فعلك الذي تفعله حتى كالذي تفعله الله عز وجل هو الذي خلقه. قيامك وقعودك حركاتك سكناتك صلاتك ذهابك ايابك كلها مخلوقة من الله سبحانه وتعالى. خلقها الله عز وجل حين قمت بها. بواسطتك انت وهذا شيء مضى التفصيل فيه في دروس سابقة وقلنا ان الله عز وجل قد يخلق بلا واسطة وقد يخلق بواسطة وان كان غنيا عن هذا التوسط لكنها حكمته العلية له تبارك وتعالى خلق سبحانه ادم بلا واسطة. خلقه خلقا مباشرا. وخلق حواء بواسطة ادم وخلقنا نحن بواسطة الوالدين. فليس الوالدان هما اللذان خلقانا. لكنهما واسطة في الخلق كما خلق النبات بواسطة التراب والماء والشمس والهواء. خلق المطر بواسطة السحاب وهكذا اذا الله يخلق بواسطة ويخلق بلا واسطة. ومن ذلك افعالنا خلقها الله عز وجل في هنا بواسطتنا نحن فهو سبحانه الذي اعطى القدرة وهو والذي اعطى المشيئة ولو شاء ان يمنع ذلك او ان يذهبه لاذهبه. وهو كذلك الذي اذهب الموانع ولا يكون الفعل الا باجتماع هذه الامور الثلاثة. اي فعل لا يمكن ان يقع الا باجتماع ثلاثة امور الا باجتماع قدرة تامة ومشيئة جازمة وزوال الموانع. والله عز وجل هو الذي منه هذه الامور الثلاثة فنتيجة ذلك وثمرته بالتالي ستكون مخلوقة لله تبارك وتعالى فالله خالق كل شيء جل وعلا. لكن هؤلاء القدرية انكروا ذلك ونفوه. وبالتالي فاصبحوا كالمجوس بل لازم قولهم انهم اسوأ من المجوس. المجوس اثبتوا خالقين اثنين. وهؤلاء اثبتوا قالقين كل انسان عندهم خلق فعل نفسه. وهذا لا شك انه غاية الضلال. بل الله عز وجل جل خالق كل شيء. اذا تنبه هنا الى التفريق بين امرين. الفعل ينسب اليك فعلا وكسبا وينسب الى الله عز وجل خلقا. يجتمع الامران في افعال العباد فالله عز وجل هو الذي خلق العباد وان كان الفعل كسبا لهم ومباشرا لهم وان كانوا هم مباشرين له ولذا يجازى الانسان على فعله هل تجزون الا ما كنتم تعملون؟ لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت سبت فهي التي كسبت وهي التي اكتسبت. والله عز وجل خالق كل شيء تبارك وتعالى. نعم قال رحمه الله وشرك الامم كله نوعان. شرك في اذا هي وشرك في الربوبية. بعد ان اشار الشيخ رحمه الله الى ما يتعلق بالتوحيد وثبوت الربوبية وثبوت الالهية لله سبحانه عرج على ما يتعلق بالشرك به سبحانه وتعالى. وهذا يؤكد ما ذكرته لك سابقا لن تصل الى حقيقة الهداية حتى يجتمع لك الامران ان تعرف الحق تفصيلا وان تعرف الباطل تفصيلا. فتعرف الحق تفصيلا وتعمل به. وتعرف الباطل تفصيلا فتجتنبه وانما يقع الخلل كثيرا ممن يعرف الحق ولكنه جاهل بالباطل فمثل هذا ما اسرع ان يقع في الباطل. كما يروى عن عمر رضي الله عنه انما تنقض عرى الاسلام عروة عروة في من نشأ في الاسلام ولم يعرف الجاهلية. ولذلك كان اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اقوم الناس بالحق علما وعملا وذلك لان علمهم بالحق تفصيلي وعلمهم بالباطل كذلك تفصيلي. فاذا عرفت توحيد عليك ايضا ان تعرف الشرك. حتى تتنبه له وتعرف ذرائعه. وتعرف اسبابه. وتعرف خطره فتكون اشد اجتهادا في البعد عنه. الشرك بالله جل وعلا هو ان يجعل العبد لله ندا فيما يختص به ويستحقه من الربوبية والالوهية والصفات بالتالي ينقسم الشرك بحسب موضوعه الى هذه الاقسام الثلاثة الى شرك في الربوبية والى شرك في الالوهية والى شرك في الاسماء والصفات. و ينقسم بحسب حكمه الى شرك اكبر مخرج من الملة والى شرك اصغر لا يخرج من الملة هذا الشرك الاصغر سيأتي الحديث عنه لاحقا ان شاء الله. اما الشرك الاكبر فلا شك انه الامور واخطر الامور واقبح الامور على الاطلاق ويظهر ذلك من خلال وجهين. الاول ان الشرك اعظم الذنوب. والثاني ان اعظم العقوبات. فاستحق ان يكون اخطر واقبح واشنع شيء على الاطلاق اما كونه اعظم الذنوب فذلك من خلال ثلاثة امور اذا عرفتها عرفت انه اخطر الذنوب واعظمها واسوأها اولا ان الشرك بالله عز وجل يتضمن غاية التنقص لله العظيم سبحانه وتعالى. وذلك ان في الشرك صرف خالص حق الله عز وجل الى غيره وعدل غيره به وذلك انتقاص لله العظيم سبحانه وتعالى. فاستحق الشرك ان يكون اعظم الذنوب. ما اشرك من اشرك الا لانه ما قدر الله حق قدره ولا عظمه حق تعظيمه. ارأيت لو ان سلطانا من سلاطين الدنيا واجهه الانسان بان اعطى الحق الذي له لغيره ايضا. هل هذا الا من استهانة بهذا السلطان؟ الجواب نعم. ما فعل ما فعل ولا جاهر هذا السلطان. بان قال فلان مثلك انا اعطيه من الطاعة والانصياع للامر كما اعطيك. هذا ما فعله الا الا انت الا لانه يستهين بمقامه والا فلو كان عظيما عنده يهابه ويخافه ما فعل ذلك الامر الثاني ان الشرك يتضمن غاية المعاندة لله العظيم سبحانه وتعالى. وذلك ان الشرك به سبحانه مضاد للحكمة التي لاجلها خلقه الله. الله خلق هذا المشرك لكي يعبده. خالصا له مخلصا له الدين. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون. يعني ليوحدون وهذا اتى بضد ذلك. ليس انه اتى بشيء يسير بل اتى بعكس ذلك وظده تماما فهذا يتضمن المعاندة لله سبحانه وتعالى. والامر الثالث ان الشرك يتضمن غاية الظلم. لان الظلم وضع الشيء في غير موضعه الشرك اعظم الظلم اذ فيه تشبيه الفقير من كل وجه بالغني من كل لوجه سبحانه وتعالى المشرك اتى الى مخلوق وان كان له قدر لكنه مخلوق ولكنه عبد اتى ورفعه الى مقام عظيم سبحانه وتعالى. فاي ظلم اعظم من هذا الظلم؟ وصدق الله اذ قال ان الشرك لظلم عظيم. ومن يشرك بالله فقد افترى اثما. ليس اثما فقط بل وعظيم ايضا ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ضلال بعيد عظيم ليس اي ضلال هذا به يتضح ان الشرك اعظم الذنوب اما كون عقوبته اعظم العقوبات في ظهر ايضا من خلال ثلاثة امور اولا ان انه الذنب الذي لا يغفر. من مات عليه فان الله جل وعلا لا يغفر له. هذا حكم الله. والله عز عز وجل لا يبدل القول لديه. ان الله لا يغفر ان يشرك به. ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء. الذنب الوحيد الذي لا يقبل المغفرة هو الشرك به سبحانه وتعالى. الا اذا تاب منه صاحبه. قل للذين كفروا ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف. افلا يتوبون الى الله ويستغفرونه والله غفور رحيم. اما اذا مات عليه صاحبه فهذا ايس من رحمة الله ومغفرته. الامر الثاني ان بالله عز وجل موجب للخلود في النار. وتحريم الجنة. انه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار. وما للظالمين من انصار فالشرك الذي يوجب فالذنب الذي يوجب الخلود في النار انما هو الشرك فحسب من كان مشركا بالله عز وجل فانه سيعذب في النار ابد الابدين الى ما لا نهاية اما لو لقي الله الانسان باي ذنب بل بكل ذنب بل لو ملئت ذنوبه مثل هذه الارض جميعا لكن ليس فيها الشرك بالله سبحانه وتعالى فانه لا يخلد في النار اما ان يعفو الله عنه ابتداء او يعذب في النار عذابا مؤقتا ثم مآله الى الجنة. الامر الثالث ان الشرك هو الذنب الذي يحبط جميع الاعمال. يبطلها ويجعلها كان لم تكن قال جل وعلا لئن اشركت ليحبطن عملك. ولا تكونن من الخاسرين الشرك مبطل ومحبط لجميع الاعمال ان مات عليه صاحبه فما كان بهذه المثابة كان حريا ان يخاف وان يحذر منه وان يدعو الانسان ربه جل وعلا ان يجنبه اياه. الهج يا عبد الله بدعاء الله ان يجنبك عبادة اسمع وادعوا الله ان يعيذك من الشرك ما علمت منه وما لم تعلم واجهد ايضا بتعلم الشرك. ما هو الشرك وما انواعه؟ وما اسبابه؟ حتى تحذر منه وحتى تنأى عنه ان شئنا الشرك والله عظيم. ومن يشرك بالله فكأنما خر من السماء. فتخطفه الطير او تهوي به الريح في مكان من سحيق اشار الشيخ هنا الى ان الشرك يرجع الى شرك في الالوهية وشرك في الربوبية. وبقي الشرك في الاسماء والصفات. ومن اعتقد ان الله يعلم كعلم الله هذا مشرك في باب الاسماء والصفات او اعتقد ان غير الله يقدر على ما يقدر عليه الا الى غير ذلك من صفات الله سبحانه وتعالى فمن جعل لله مشاركا ونظيرا ومثيلا فيها فانه مشرك في الاسماء والصفات. طيب يتكلم الشيخ الان عن الشرك في الالهية نعم. قال رحمه الله فالشرك في الاله والعبادة هو الغالب على اهل الاشراك. وهو شرك عباد الاصنام وعباد الملائكة وعباد الجن وعباد المشايخ والصالحين الاحياء والاموات الذين قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى الله زلفى ويشفعوا لنا عنده. وينالنا بسبب قرب من الله وكرامته لهم قرب وكرامة. كما هو المعهود في الدنيا من حصول الكرامة والزلفة لمن يخدم اعوان الملك واقاربه وخاصته. يقول ان الشرك في الالوهية هو الشرك الذي غلب على اهل الاشراك. فعامة الشرك الذي وقع من الامم. انما كان في شرك الالوهية كشرك عباد الاصنام وعباد الملائكة وعباد الجن وعباد المشايخ والصالحين. وغيرهم اشياء كثيرة عبدت من دون الله فالشمس عبدت والقمر عبد والكواكب عبدت والحيوانات عبدت فالبقر عبد. بل القرود عبدت بل الفروج. عبدت. انظر الى هذا مستوى السافل الذي وصل اليه المشركون ولا حد الهوى من خرج عن زمام الاتباع فانه لا حد الى ما يصل اليه من الهوى فانه يبعد بعدا كثيرا يعني من هؤلاء المشركين من عبد الفرج. نسأل الله السلامة والعافية. عجب! كيف يصل انسان عاقل الى هذا المستوى واذا هذا الدرك السافل ومن يرد الله فتنته فلن تملك له من الله شيئا قال الذين قالوا انما نعبدهم ليقربونا الى الله زلفى ويشفع لنا عنده. هذا اعظم اسباب وقوع الشرك في الالهية. الرغبة في الشفاعة والزلفى والتقريب الى الله جل وعلا قالوا نحن عصاة نحن متلوثون بالذنوب. مثلنا ليس اهلا ان يدعو الله مباشرة. وان يتعبد له انما نجعل بيننا وبين الله واسطة نحن نتوجه لها بالعبادة وهي ترفع حاجاتنا الى الله وتقربنا الى الله تشفع تشفع لنا عند الله هذا هو السبب الذي لاجله اشرك اكثر الناس لا سيما من المشركين الذين نزل في شأنهم القرآن وبعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ما منعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى. ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله ظنوا ان شأن الله عز وجل كشأن الخلق. يشفع عنده ويقرب اليه او ويقرب عنده كما يشفع للملوك والسلاطين في هذه الدنيا الشفاعة التي يعرفها الناس في الدنيا اذا تأملتها وجدتها لا تخرج عن نوعين شفاعة اتى تجدها شفاعة محبة وشفاعة وجاهة. واذا عرفت هذا الامر ظهر لماذا؟ كانت الشفاعة في عامة ايات القرآن منفية. بل لا تكاد تجد الاثبات الا استثناء لعامة ما جاء من ايات الشفاعة جاء في ان جاء فيها النفي لاجل ان يزول من النفوس ظنوا ان الشفاعة التي تكون عند الله عز وجل في الاخرة هي هذه الشفاعة التي يعاهدها الناس في الدنيا شفاعة المحبة ان يشفع الحبيب عند محبه. كا ان تشفع المرأة عند زوجها او الولد عند والده او الصديق عند صديقه. فمثل هذا من الشفاعة اولا يتقدم الشافع بين يدي المشفوع عنده ولو لم يكن هذا المشفوع عنده يريد ان يشفع عنده. رغما عنه يشفع. باذنه وبدون اذنه. ثم ان هذا المشفوع عنده يضطر الى قبول الشفاعة. لانه لا يصبر على جفاء حبيبه. حتى ولو كان غير مقتنع وغير مريد فانه رغما عنه سيخضع الى رغبة من يحب. ويقبل الشفاعة او شفاعة وجاهة كأن يشفع الوجيه عند سلطان الوزير او رئيس الجند او تاجر عظيم يشفع عند السلطان في شأن من الشؤون. حتى هذا تجد ان هذا السلطان يقبل الشفاعة ولو لم يكن مريدا ولو لم يكن مقتنعا لانه لا يريد ان ينفظ الناس عنه الناس لا يعطونه الولاء الا اذا ارضاهم تجد انه يقبل هذه الشفاعة من ظن في الله عز وجل هذا الظن وانه كهؤلاء الملوك والسلاطين فانه انتقص الله عز وجل وما قدره حق قدره. فاولا هذا الملك هو السلطان ربما يكون جاهلا بالحال فيحتاج الى من يوضح له الامر. وان هذا الذي سجن مثلا لا يستحق السجن. فنحن في ان يخرج ومن ظن بالله عز وجل هذا الظن فقد قد قدح فيه سبحانه. قدح في علمه واحاطته بكل شيء سبحانه وتعالى. او ان هذا المشفوع عنده يحتاج الى من يحركه يحتاج الى من يثير فيه الرحمة والا فهو قبل ذلك غير مريد يحتاج من يذكره من يهون عليه الامر حتى تتحرك فيه الرحمة ويعفو مثلا عمن شفع فيه. ومن ظن هذا في الله عز وجل فقد ظن فيه غير الحق ظن فيه ظن السوء جل ربنا وتعالى او ان يظن ان هذا الشافع يستطيع ان يؤثر في المشفوع عنده في غير ارادته يعني ان هذا الولي او ان هذا النبي يمكن ان يؤثر في الله عز وجل. فيجعل الله من كونه غير مريد الى كونه مريدا. ويا لله العجب من يظن هذا في الله العظيم سبحانه؟ وما قدروا الله حق قدره. العبد والرب رب يجب ان يتذكر الانسان ذلك او ان يظن هذا الشافع ان المشفوعة عنده سيردخ لارادة الشافع لاجل منزلته العلية عنده ولو كان غير مريد. لكن تحت الضغط كما يقولون يقبل ولو كان غير مريد. فمن هذا الذي يظن ان غير الله مهما علت منزلته يمكن ان يرغم الله تعالى الله عن ذلك على فعل ما لا يريد. فاذا تأملت هذا يا رعاك الله وجدت ان هذه الشفاعة فيها انتقاص عظيم لله العظيم سبحانه وتعالى. وما قدروا الله حق قدره ظنوا بالله غير الحق. ظن الجاهلية ظنوا بالله ظن السوء. جل ربنا وتعالى. ولذا يؤكد ربنا سبحانه بطلان هذا وان الشفاعة التي تثبت يوم القيامة لها شأن اخر بل يقول ربنا جل وعلا قل لله الشفاعة جميعا. الشفاعة ملك لله عز وجل. ابتداء انتهاء الامر في الشفاعة الى الله ليس الى الشافع بل الشافع مجرد مأمور الله يأمره ان يشفع لا كما تظنون يا ايها المشركون فالله عز وجل اولا هو الذي حرك قلب لكي يشفع والامر الثاني هو الذي اذن للشافع ان يشفع بعد ان يخضع لله عز وجل. نبينا صلى الله عليه وسلم في الشفاعة العظمى اخبر انه يستأذن على ربه ويسجد تحت العرش ويفتح الله عز وجل عليه بمحامد لم يكن يحسنها في الدنيا ثم بعد ذلك يأذن الله له ان يشفع. بل الله عز وجل هو الذي يأمر الشافع ان يشفع. وبالتالي شافع لا يملك الا ان يشفع مأمور يجب عليه ان يطيع. يقول الله عز وجل يا محمد ارفع رأسك. وسل فعل امر تعطى واشفع فعل امر تشفع والامر الرابع الله هو الذي يتفضل بقبول الشفاعة. اذا حقيقة الامر ان الشفاعة الى الله من البداية الى النهاية. حتى قال ابن القيم رحمه الله فحقيقة الحال ان الله شفع من نفسه الى نفسه. الله شفع من نفسه الى نفسه. من علم ان الشفاعة هي هذه المثابة وهذه الحال اي تعلق بعد ذلك يكون له في الشافع لا يبقى له تعلق بالشافع بل يكون قلبه معلقا بمن بيده الشفاعة. من يملكها سبحانه اذا هذا الامر ينبغي ان نتنبه له يا اخواني. فشأن الشفاعة كما ذكرت لكم شأن عظيم وكثير من الذين اشركوا انما اشركوا لاجل هذه القضية لا غير. نعم. قال رحمه الله والكتب الالهية كلها من اولها الى اخرها تبطل هذا المذهب وترد وتقبح اهله وتنص على انهم اعداء اعداء الله تعالى وجميع الرسل صلوات الله عليهم متفقون على ذلك من اولهم الى اخرهم. وما اهلك الله تعالى من اهلك من الامم الا بسبب هذا الشرك ومن اجله. نعم قال واصله الشرك في محبة الله تعالى. قال تعالى ومن الناس من يتخذ من دون الله اندادا يحبونهم كحب الله. والذي الذين امنوا اشد حبا لله فاخبر سبحانه انه من احب مع الله شيئا غيره كما يحبه فقد اتخذه فقد اتخذ ندا من دونه وهذا على اصح القولين في الاية انهم يحبونهم كما يحبون الله. نعم مضى الكلام في هذا وهذا هو العدل المذكور في قوله تعالى ثم الذين كفروا بربهم يعدلون. والمعنى على اصح القولين انهم يعدلون به غيره في العبادة ويسوون بينه وبين غيره في الحب والعبادة. وكذلك قول وكذلك قول المشركين في النار لاصنامهم. تالله ان كنا لفي ضلال المبين اذ نسويكم برب العالمين. ومعلوم قطعا ان هذه التسوية لم تكن بينهم وبين الله في كونه في كونه ربهم وخالقهم فانهم كانوا كما اخبر الله عنهم مقرب مقيمين بان الله تعالى وحده هو ربه وخالقهم. وان الارض ومن فيها له وحده وانه رب السماوات السبع ورب العرش العظيم وانه سبحانه هو الذي بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه وان انما كانت هذه التسوية بينهم وبينه وانما كانت هذه التسوية بينهم وبينه تعالى في المحبة والعبادة. فمن احب غير الله تعالى وخافه ورجاه وذل له كما يحب الله ويخافه ويرجوه فهذا هو الشرك الذي لا يغفره الله فكيف من كان غير الله اثر عنده واحب اليه واخوف عنده. هو في مرضاته اشد سعيا منه في مرضاة الله. فاذا المسوي بين الله وبين غيره في ذلك مشركا فما الظن بهذا؟ فعياذا بالله من ان ينسلخ القلب من التوحيد والاسلام انسلاخ الحية من قشرها وهو يظن انه مسلم موحد فهذا احد انواع الشرك. الله المستعان اذا كان من سوى بين الله وبين غيره يعني جعل حق الله عز وجل وحق غيره على قدم المساواة. فانه مشرك به سبحانه. تالله ان كنا لفي ضلال مبين اذ نسويه برب العالمين. فكيف بمن كانت محبته لغير الله اعظم. واجتهاده في التعبد له اعظم ودعاءه له اكثر. اليس هذا اولى بوصف الشرك؟ اقول اذا كان هذا اعني التسوية بين الله عز وجل وبين غيره شركا به جل وعلا فكيف بمن كان المعبود المخلوق اذا كان عفوا هذا العابد المخلوق اعظم في قلبه من المعبود الخالق سبحانه وتعالى وهذا يقع مع الاسف الشديد من بعظ من ينتسب الى الاسلام كما ذكرنا في الدرس الماضي ان شركهم اغلظ من شرك الاولين وهذا دليل على عظمة هذا الذي عبده في قلبه حتى انه وقت الشدة يشرك مع الله عز وجل بل لا يدعو الله كما مر معنا امثلة في هذا ولذا انظر الى كثير من الناس هذه القصيدة التي يحفظها كثير من الناس يترنمون بها ويطربون لها ينشد احدهم قائلا مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم ما سامني الدهر ضيما واستجرت به الا ونلت جوارا منه لم يضم في وقت الظيم وقت الكرب والظلم ما عنده لجوء الى الله في اي وقت من الزمان انما يلجأ الى النبي صلى الله عليه وسلم. ويجأر اليه لا الى الله انا لله وانا اليه راجعون ابو جهل كان اذا ناله الضيم في الدهر فانه يلجأ الى الله وحده ما كان يلجأ يلجأ الى الى منات ولاة لكن هؤلاء يلجأون الى هؤلاء دون الله سبحانه وتعالى. اعظم ما يكونون شركا في الشدة والكربة الانوسي رحمه الله ذكر شيئا عجيبا في تفسيره في سورة النحل عند اية وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجأرون. لاحظ تقديم الجار والمجرور. تدل على الاختصاص يعني كانوا يلجأون الى الله لا الى غيره هكذا كان المشركون ذكر عند تفسير هذه الاية استطرادا قال ومما تقشعر منه الجلود وتصعر منه خدود اصحاب الاخدود فضلا عن المؤمنين باليوم الموعود ما اخبرني به احد المتشيخين حينما قال لي اياك ثم اياك اذا نزلت بك نازلة ان تستغيث بالله ارجع الى التفسير تجد هذه القصة اياك ثم اياك اذا نزلت بك نازلة ان تستغيث بالله فان الله لا يهمه ما اصابك ولا يسارع الى اجابتك. انا لله وانا اليه راجعون هذا ظنهم بالله العظيم قال وعليك بالاستغاثة بالاولياء والصالحين فانهم يسارعون الى اجابتك ويهمهم ما نزل بك بالله عليكم شركه مشركي قريش وصل الى هذا المستوى والله ما وصل الشرك شأنه عظيم يا اخواني وهو في هذا الزمان المتأخر اعظم منه في الزمن المتقدم وبالتالي فعلى الانسان ان يحذر وان يخاف وان يجعل الى الله سبحانه ان يعيذه وان يجيره منه. والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم يقول ذكرتم ان نواقض التوحيد تكون بالقلب وباللسان وبالجوارح وبالشك يقول اذا كان الشك من انواع النواقص فما الفرق بينه وبين الناقض بالقلب؟ انا ما قلت هذا انا قلت ان نواقض الاسلام من تأملها وجدها ترجع الى اربعة امور وهي ترجع الى قول والى فعل والى اعتقاد والا شك فانا قلت اعتقاد الاعتقاد يعني يجزم بشيء يعتقده وهو مخرج من الاسلام والشك ظد الاعتقاد يشك في شيء يجب عليه ان يعتقده والشك فيه مخرج من الاسلام كمن يشك ان النبي صلى الله عليه وسلم رسول يقول والله احتمال ان يكون صادق واحتمال ان لا يكون هذا ناقض من نواقض الاسلام وقع فيه او يشك هل في الدار الاخرة ثابتة وغير ثابتة. يمكن تكون ثابتة ويمكن ما يكون هناك شيء بعد الموت فهذا الشك لا شك انه مخرج من الاسلام. اما الاعتقاد يعني يجزم بشيء يجزم مثلا بان عيسى رب مع الله عز وجل نقول هذا الاعتقاد مخرج من الاسلام يقول يحتج اهل المعاصي عند فعل المعصية بالحديث القدسي وعزتي وجلالي لاغفرن لهم ما داموا يستغفرون آآ تنبه رعاك الله الى ان هذا الحديث حق ولكن الاستغفار اذا جاء وحده فانه متظمن للتوبة كما قرر هذا اهل العلم وبالتالي فاذا كان هذا الاستغفار قد رتب عليه المغفرة فانه يتضمن عملا ظاهرا وعملا باطنا يعني ان يكون هناك دعاء باللسان ان يقول الانسان استغفر الله او يقول ربي اغفر لي وان يكون في قلبه ندم وان يكون في قلبه عزم على ان لا يعود الى الى ما حرم الله الى ما حرم الله سبحانه وتعالى وبالتالي فيكون هذا الحديث وامثاله في معنى التوبة. والتوبة قد وعد الله عز وجل اه التائبة الذي اتى بها بشروطها بالمغفرة. فمن استغفر هذا الاستغفار المتضمن للتوبة فان الله عز وجل يغفر له فان عاد ثم عاد الى التوبة والاستغفار الصادق فان الله عز وجل لا فان الله عز وجل يغفر له. والله لا يمل حتى يمل حتى العباد ليسأل عن من حقق التوحيد هلا يقع منه الذنب ابدا ليس المقصود ان من حقق التوحيد اصبح معصوما انما المقصود انه اذا تلوث بالمعاصي بادر الى التوبة. وهذا هو الفرق بينه وبين غيره. يحقق التوحيد يبادر مباشرة اذا زلت به القدم. فعصى الله عز وجل يبادر بالتوبة ويبادر بالاوبة والرجوع الى الله سبحانه وتعالى. كما قال جل وعلا ان الذين اتقوا اذا مسهم طائف ان الشيطان يتذكر فاذا هم مبصرون فهذا هو الفرق بين محقق التوحيد وبين غيره اه يسأل عن عن الذي حصل منه صلى الله عليه وسلم آآ بعد ان علم كون السحر في ذلك البئر بئر دروان عائشة رضي الله عنها كما في الصحيحين قالت فهلا تنشرت يا رسول الله؟ فقال صلى الله عليه وسلم اما انا فعافاني الله ولم ارد ان اثور على الناس شرا لكن في الحديث الذي ذكرته لك سابقا عند الطبراني في الكبير وصححه بعض اهل العلم كما ذكرت لك فيه ان النبي صلى الله عليه وسلم امر بعض اصحابه ان يستخرجوا هذا السحر فاستخرج وفكت العقد التي كانت في اه هذا السحر فبرئ النبي صلى الله عليه وسلم كانما نشط من عقال والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه