الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين قال الشيخ تقي الدين مقريزي رحمه الله تعالى في كتابه تجريد التوحيد فاما من لا يشغله سمع عن سمع وسبقت رحمته غضبه. وكتب على نفسه الرحمة فما تصنع الوسائط عنده فمن اتخذ واسطة بينه وبين الله تعالى فقد ظن به اقبح ظن. ومستحيل ان يشرعه لعباده. بل ذلك يمتنع في العقول الفطام ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد كنت قد توقفت في الدرس الماظي عند الكلام عن حكم قول قاضي القضاة او اقضى القضاة ذكرت ان المسألة ثمة اهون من قول ملك الملوك او ملك الاملاك فهذه محرمة بالنص كما قد علمت اما قول قاضي القضاة فقد وقع خلاف بين العلماء بهذا الكلام يعني ان ينقال فلان قاضي القضاة او اقضى القضاة الذي رجحه جماعة من المحققين ومنهم ابن القيم رحمه الله المنع من ذلك قياسا على تحريم قول ملك الاملاك وذلك ان قول ملك الاملاك يجتمع فيه امران الاول انه كلام يتضمن غاية الكمال وكمال التعظيم وعليه فلا يليق الا بالله سبحانه وتعالى ونسبته لغيره لا تجوز والامر الثاني ان في هذا القول ما فيه من التعالي والتعاظم وهذا انما يليق بالله سبحانه وتعالى لا بخلقه وعليه محض القياس كما يقول ابن القيم رحمه الله هو منع قول قاضي القضاة وذلك ان الله جل وعلا هو قاضي القضاة الذي لا يحكم الا بالعدل وهو خير الفاصلين سبحانه وتعالى يجوز ان يقيد هذا بمنطقة فيقال قاضي قضاتي كذا قاضي قضاة مصر قاضي قضاة المملكة قاضي قضاة المدينة فمثل هذا التقييد يزول معه ما لوحظ من معنى التعظيم وكماله توقف المؤلف رحمه الله عند قوله تعالى ايفكا الهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين قال اي فما ظنكم ان يجازيكم اذا عبدتم معه غيره؟ وظننتم انه يحتاج في الاطلاع على ضرورات عباده لمن يكون بوابا يكون بابا للحوائج اليه ونحو ذلك ما ظنكم بربكم وهو العظيم العزيز الجبار المتكبر الذي ينتقم من المجرمين ولا يرد بأسه عن القوم الظالمين الذي هو شديد العذاب وشديد العقاب الذي يغار وغيرته ان تنتهك محارمه ما ظنكم بالله الذي هذا وصفه اذا لقيتموه وقد اشركتم معه غيره جل وعلا فهذا فيه اعظم رادع واعظم تخويف عن الشرك بالله سبحانه وتعالى قال وهذا بخلاف الملوك فانهم محتاجون الى الوسائط ضرورة بحاجتهم وعزهم وظعفهم وقصور علمهم عن ادراك حوائج المضطرين نعم البلاء الذي وقع فيه المشركين من ذاك القياس الفاسد وهو قياس ربنا جل وعلا في ملكه وملكوته وقدرته وجبروته على ملوك الارض الذين يحتاج الى التوسط عندهم يرغب الى هؤلاء الوسائط وهم بالتالي يرفعون الحاجات الى الملوك هذا لائق بملوك الدنيا لانهم ضعفاء ولانهم عاجزون ولانهم فقراء الملك مهما علت منزلته ومهما عظم ملكه فانه محتاج ليس محتاجا الى الشفعاء والوسائط والوزراء ونحوهم فحسب بل هو محتاج الى ما هو اقل من ذلك. ومحتاج الى ادنى الاشياء كما قال ابن الجوزي رحمه الله لولا نفاط الملك ووقاد اتونه ما طاب عيشه انظر الى هذه الوظيفة التي هي من احقر الوظائف الملك محتاج الى من يوقد الاتون الوتون يعني المواقد الكبيرة لو لم يوجد للملك من اه يرمي النفط او يوقد هذه المواقد ويسوس خيله وينظف حدائقه ما طاب له عيشه فهو محتاج ومن باب اولى ان يكون محتاجا الى هؤلاء الوسطاء والى هؤلاء الشفعاء من جهة انهم يعلمونه ما غاب عنه ينبهونه خطورة الطغيان والظلم يلينونه يعطفونه يبصرونه بما هو الاحسن وما هو الافظل وما شاكل ذلك وهو مضطر الى طاعتهم احيانا فلولا انه يطيعهم فانهم سينفضون عنه ولن يكون ولاؤهم له فهو مضطر الى طاعتهم والى مداراتهم حتى ولو لم يكن راغبا في قبول كلامهم اذا هو محتاج والوسطاء محتاجون ومن يرغب الى الوسطاء محتاج اما الله فهو الغني من كل وجه وهو العظيم من كل وجه سبحانه وتعالى فما وجه اتخاذ الوسائط معه تبارك وتعالى قال فاما من لا يشغله سمع عن سمع وسبقت رحمته غضبه وكتب على نفسه الرحمة فما تصنع الوسائط عنده فمن اتخذ واسطة بينه وبين الله تعالى فقد ظن به اقبح ظن ومستحيل ان يشرعه لعباده بل ذلك يمتنع في العقول والفطر اذا تنبه الى هذا المأخذ الاول وهو ان التلازم حاصل بين اتخاذ الوسائط والعجز فاتخاذ الوسائط يستلزم العجز ولابد هذه قاعدة اتخاذ الوسائط يستلزم ماذا العجز ونسبته الى الله ونسبة ذلك الى الله جل وعلا لا شك انها غاية الضلال وظنوا اقبح الظن لان هذا مضاد من كل وجه لغنى الله سبحانه ولعظمته ولكبريائه لكونه السلام لكونه المهيمن تبارك وتعالى فنسبة الوسائط الى الله تعني نسبة العجز اليه ولابد وهذا ظن الجاهلية بالله سبحانه هو ظن السوء هو من عدم اقدار الله عز وجل حق قدره نعم فقال رحمه الله واعلم ان الخضوع والتأله الذي يجعله العبد لتلك الوسائط قبيح في نفسه كما قررناه. لا سيما اذا كان المجعول له ذلك عبدا للملك العظيم الرحيم القريب المجيب ومملوكا له. كما قال تعالى ظرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فانتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم انفسكم اي اذا كان احدكم يأنف ان يكون مملوكه شريكه في رزقه. فكيف تجعلون لي من عبيدي شركاء فيما انا منفرد به؟ وهو الاهية التي لا تنبغي لغيري ولا تصلح لسواي. فمن زعم ذلك فما قدرني حق قدري ولا عظمني حق تعظيمي نعم لاحظ معي ان في الشرك بالله سبحانه وتعالى هذه الامور التي ذكرها الشيخ اولا اتخاذ الوسائط من حيث هو يستلزم نسبة الحاجة الى الله عز وجل والله منزه عن ذلك الامر الثاني ان في الشرك بالله عز وجل صرف خالص حقه لغيره وهذا لا شك انه اعتداء على حق الله سبحانه فالطاعة لا تجوز الا له ولا تنبغي الا له فصرفها لغيره سبحانه وتعالى تعد على حقه جل وعلا هذا امر ثاني فكيف اذا كان هذا الغير عبدا مملوكا لله جل وعلا وهذا امر ثالث يدلك على قبح الشرك وانه غاية الضلال وان من اشرك مع الله فقد ضل ضلالا بعيدا بين لنا ربنا جل وعلا ذلك بضرب الامثال والامثال ترجع اعني ضربها يرجع الى تشبيه حالة بحالة لاخذ العبرة والعظة هذا هو المثل وهذا ضرب المثل هو تشويه حالة بحالة لاخذ العظة والعبرة نستفيد من ضرب المثل هذه الفائدة اننا نأخذ عبرة وعظة من ذلك المثل وهو التشويه تشويه الحالة بالحالة قال لا سيما اذا كان المجعول له ذلك عبدا للملك العظيم القريب المجيب. وكل ما سوى الله كذلك لا فرق بين معبود ومعبود ولا بين مشارك ومشارك لا فرق بين صنم ولا نبي ولا ولي ولا ملك ولا شجر ولا حيوان ولا اي شيء. الكل يشترك في هذا الوصف انه مملوك وعبد للملك العظيم سبحانه وتعالى قال كما قال تعالى ضرب لكم مثلا من انفسكم. تأمل هذا المثل تأمل هذا المثل العظيم ضرب لكم مثلا من انفسكم هل لكم مما ملكت ايمانكم من شركاء فيما رزقناكم فانتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم انفسكم هل لكم يا ايها العقلاء من المماليك الذين هم ارقاء تحت ايديكم هل لكم منهم شركاء يشاركونكم في اموالكم وعقاركم ما تملكون مما رزق الله سبحانه وتعالى فانتم واياهم فيه سواء لكم الحق كما ان لهم الحق بل انكم تعاملونهم بحذر تخافونهم كخيفتكم انفسكم. يعني كخيفة الاحرار مثلكم الذين هم شركاء معكم هل تعاملون مماليككم كذلك؟ بل هل ترضون ان يكون مماليككم كذلك احد يرضى بمملوكه ذلك ان يكون مملوكا له اشتراه بخالص ماله من ذهب او ورق ثم اصبح المملوك مشاركا له في ماله يتصرف فيه كتصرف الشريك وصاحب المال يحذره ويخاف ان يتصرف في ماله تصرفا يغضب ذلك الشريك هل احد يقبل من من شريكه ذلك اجيبوا لا احد يقبل فكيف يكون ذلك في حق الله سبحانه تجعلون المملوك له جل وعلا مثل تعطونه ما تعطون الله من الحق اذا كنتم لا ترضون هذا في انفسكم فكيف ترضونه في حق الله جل وعلا ولذا قال جل وعلا عقب ذلك كذلك نفصل الايات لقوم يعقلون لكن المشركين لا عقول لهم لو كانوا يعقلون لا ارتدعوا عن الشرك بالله سبحانه ثم لاحظ ماذا عقب جل وعلا على ذلك قال بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم بغير علم. فمن يهدي من اطل الله حقيقة الحال لا كما جاء في تلك الشبهة ان المشركين ارادوا تنزيه الله كلا والله ما ارادوا تنزيه الله خلاصة الحال وحقيقة الواقع تتلخص في هذه الجملة ان هؤلاء اتبعوا اهواءهم ما دفعهم الى الشرك الرغبة في التنزيه كلا والله بل دفعهم الى ذلك ماذا اتباع اهوائهم الله جل وعلا بكل شيء عليم. وبكل شيء خبير فهو يعلم سبحانه وتعالى هؤلاء حال هؤلاء المشركين على وجه الدقة في علم ان هؤلاء المشركين حقيقة حالهم انهم اتبعوا اهواءهم بل اتبع الذين ظلموا اهواءهم ووالله ما ارادوا تعظيم الله ولو ارادوا تعظيم الله لا كان عظيما في نفوسهم ونتوجه له وحده سبحانه وتعالى بالعبادة فهذا مثل يدل على ان شأن الشرك عظيم وانه قبيح في العقل كما انه قبيح في الشرع. نعم قال رحمه الله وبالجملة فما قدر الله حق قدره من عبد معه من ظن انه يوصل اليه. قال تعالى يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا. الاية الى ان قال ما قدروا الله حق قدره ان ان الله لقوي عزيز فقال تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحان وتعالى عما يشركون فما قدر القوي العزيز حق قدره من اشرك معه الضعيف الذليل. نعم قال رحمه الله بالجملة فما قدر الله حق قدره من عبد معه من ظن انه يوصل اليه هذا مآل وحقيقة بل سبب الشرك الذي وقع من هؤلاء المشركين انهم ما قدروا الله حق قدره ولو قدروا الله حق قدره وعظموه حق تعظيمه ما وقعوا في الشرك به ما احسن ما قال امام الدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله قال واما توحيد الربوبية فهو الاصل وما غلط او ما غلط في الالوهية الا من لم يعطه حقه حقيقة الحال ان هؤلاء ما كمل عندهم تعظيم الله ولا توحيده في ربوبيته فوقعوا فيما وقعوا فيه من الشرك في الالهية قال تعالى يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له هذا مثل اخر فاسمع يا رعاك الله فاستمعوا فعل امر من الله جل وعلا ارعي هذا المثل سمعك وافتح له قلبك تفض منه علما وايمانا يا ايها الناس ضرب مثل فاستمعوا له ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا الذباب هذه الحشرة الحقيرة التي هي من اصغر واحقر الحشرات والتي هي مكروهة ومبغوضة ولا قيمة لها ولا تساوي شيئا كل من يدعى مع الله سواء كان الدعاء دعاء عبادة او دعاء مسألة لن يستطيع البتة ان يخلق ذبابا فضلا عما هو فوقه فضلا عن هذه السماوات والارض لا يستطيع ليس هذا فحسب بل لو كان هؤلاء المعبودين من دون الله عز وجل مجتمعين اجتمعوا في مؤتمر عظيم كلهم من اطراف الارض والسماوي منه والارضي اجتمعوا وتعاونوا وتساعدوا وتكاتفوا فالنتيجة انه لن يستطيعوا ان يخلقوا ذبابة ذبابة واحدة ليس هذا فحسب بل ثمة درجة اقل من ذلك لا يستطيعونها وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه لو انه وقع على طعام فمصه اخذ منه شيئا فانه لا يستطيعون ان يعيدوا هذه هذه الجزئية اليسيرة التي اخذها هذا الذباب سبحان الله العظيم ضعف الطالب والمطلوب ضعف الداعي والمدعو كلهم ضعفاء وبالتالي فهم لا يستحقون ان يعبدوا مع الله عز وجل ومن دعا هؤلاء مع الله جل وعلا فانه حري به ان يكون قد وقع في اثم عظيم وافتراء كبير على الله سبحانه وتعالى وتأمل ها هنا هذا المثل فان فيه ردا على شبهة القبوريين المعاصرين الذين يقولون نعم الشرك ممنوع والشرك قبيح وعبادة غير الله عز وجل قبيحة وايات الكتاب في هذا كثيرة ولكن كل تلك الايات انما تعلقت بمن يعبد الاصنام ومن يعبد الاشجار ومن يعبد الاحجار اما كونك تتوجه الى نبي او تتوجه الى ولي فهذا ليس بشرك النصوص كلها تتعلق بحال اولئك الذين نزل بحقهم القرآن كانوا يعبدون اللات والعزى والمناة الى اخره لكن ما كانت نازلة في الذين يعبدون النبي محمدا صلى الله عليه وسلم او يعبدون الحسن والحسين او يعبدون فاطمة وعلي او يعبدون البدوي والدسوقي وامثال هؤلاء والجواب عن ذلك ان الذين بعث فيهم النبي صلى الله عليه وسلم ومن قبلهم ايضا كانت عباداتهم متفرقة منهم من كان يعبد الاصنام ومنهم من كان يعبد الملائكة ومنهم من كان يعبد الصالحين ومنهم من كان يعبد الانبياء كالذين كانوا يعبدون عيسى وامه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وما فرق النبي صلى الله عليه وسلم بينهم في الحكم. هذا شيء. الشيء الاخر ماذا تقولون في هذه الاية وامثالها ان الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا هذا الوصف يصدق على الاصنام اليس كذلك؟ الاصنام لا تخلق ذبابا. اليس كذلك طيب هل يصدق هذا الوصف على الاولياء هل يقال ان الاولياء او هل يصح ان يقال؟ الاولياء لن يخلقوا ذبابا عجيبوا يا جماعة نعم وهل يصح ان يقال ان الانبياء لن يخلقوا ذبابا؟ نعم اذا كل من سوى الله جل وعلا فانه يدخل في حكم هذه الاية لان كل ما سوى الله جل وعلا لن يستطيع ان يخلق ذبابا البتة بل لن يستطيع ان يستنقذ من الذباب ما اخذ من من من حاجات الناس اذا دلت هذه الاية وامثالها على ان الشرك بغير الله عز وجل مطلقا ممنوع سواء اكان ذلك بنبي او ولي بملك بشجر بحجر بحيوان ايا كان فالحكم واحد فكل ما سوى الله عز وجل فان عبادته ضلال مهما ارتفعت منزلة المعبود او نزلت لا فرق وهذا من الشبه التي ينبغي ان يتنبه اهل التوحيد الى جوابها الجواب عليها له اوجه متعددة ولعله يأتي ان شاء الله الكلام عن ذلك في شرح القواعد الاربع ان يسر الله عز وجل ذلك لاحقا ثم ختم الله جل وعلا هذه الاية بقوله ما قدروا الله حق قدره ان الله لقوي عزيز. هذه الخاتمة للاية تلخص لك يا عبد الله حال هؤلاء المشركين انهم ما قدروا الله حق قدره والحال انه القوي العزيز اذا هو الذي يستحق العبادة دون غيره جل وعلا قال وقال تعالى وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما قال فما قدر القوي العزيز حق قدره من اشرك معه الضعيف الذليل يعني اذا كان هذا وصفه سبحانه وتعالى هذا الوصف العظيم الذي لا يمكن ان يقرب منه احد بل ان يكون دونه بمراحل لا يمكن لاحد ان يصل الى هذه المنزلة العظيمة من العزة والقوة والقدرة وهو ان تكون الارض جميعا قبضته يوم القيامة. وان تكون السماوات هذه العظيمة بطباقها وما فيها كلها مطوية بيمينه جل وعلا اذا من هذا شأنه ايجوز في العقل ان يشرك معه غيره سبحانه وتعالى لا شك ان هذا غاية الضلال والله المستعان. نعم قال رحمه الله واعلم انك اذا تأملت جميع طوائف الضلال والبدع وجدت اصل ضلالهم راجعا الى شيئين احدهما ظنهم بالله ظن السوء. والثاني انهم لم يقدروا الرب حق قدره. فلم يقدره حق قدره من ظن انه يرسل رسولا ولا انزل كتابا بل ترك الخلق سدى وخلقهم عبثا. نعم اشار المؤلف رحمه الله الى خلاصة مهمة وهي ان جميع اهل الضلال من اهل الشرك وقد سبق الحديث عنهم وما هو اعم من ذلك؟ كل اهل الضلال ولو كانوا من اهل البدع فان حالهم يشهد بان ضلالهم راجع الى سببين والسببان متلازمان قال احدهما ظنهم بالله ظن السوء يجوز ان تقول السوء لكن الافصح السوء هؤلاء اول حالهم انهم ظنوا بالله ظن السوء وقلنا ان ضابط ظن السوء هو ماذا نعم ارفع صوتك والله ما اسمعه ها احسنت هو ان يظن بالله عز وجل خلاف ما يليق به هذا ضابط ظن السوء. ان يظن بالله خلاف ما يليق به جل وعلا والامر الثاني انهم لم يقدروا الله حق قدره والواقع ان هذين الامرين احدهما سبب والاخر نتيجة الثاني سبب الاصل انهم ما قدروا الله حق قدره فكانت النتيجة ماذا ان اساءوا الظن به سبحانه وتعالى ثم بدأ بضرب امثلة رحمه الله وكما ذكرت لك هذه الامثلة اخذها او هي منقولة كما ان هذه القطعة من الرسالة منقولة برمتها من ابن القيم رحمه الله في الداء والدواء مع تصرف يسير ضرب امثلة واغفل امثلة اخرى ذكرها ابن القيم رحمه الله وهذا الفصل نافع جدا واوصيك قراءته ومراجعة ما ذكر ابن القيم رحمه الله ومراجعة الامثلة التي ضربها مما لم يذكره المؤلف رحمه الله فانها مفيدة لك يا طالب العلم فائدة كبيرة قال فلم يقدره حق قدره من ظن انه لم يرسل رسولا ولا انزل كتابا بل ترك الخلق سدى وخلقهم عبثا كما قال جل وعلا وما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شهيد سبحان الله انكار ارسال الرسل وانزال الكتب قدح في الله سبحانه وتعالى قدح في رحمته وقدح في حكمته قدح في رحمته وهو ان يترك العباد بلا سبب يهديهم ويدلهم على الطريق المستقيم وهؤلاء هم الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام وما انزل الله عليهم من كتبه التي هي كلامه سبحانه وتعالى وفي هذا ايضا في هذا الزعم قدح في حكمة الله جل وعلا وهو ان يخلق الخلق عبثا ويتركهم سدى يخلق هذا الكون العظيم ويخلق هذه المخلوقات العجيبة البديعة ثم بعد ذلك لا شيء لا امر ولا نهي ولا جزاء ولا حساب لا شك ان هذا عبث يتنزه عنه ربنا العظيم سبحانه وتعالى لو رأيت وانت تمشي في قضاء في صحراء لو رأيت قصرا عظيما ومزينا غاية التزيين ومحسنا غاية الحسن ثم قيل لك ان الذي صنع هذا صنعه فقط هكذا لا يسكنه ولا احد يسكنه. وانما فقط هكذا لا شك ان هذا يدل على عبث من صانعه ان صح ذلك ان كان صنعه ثم تركه هكذا هذا دليل على انه رجل غير حكيم ولو كان حكيما ما صنع هذا الشيء العظيم المكلف المتقن ثم بعد ذلك يتركه سدا مهملا فكيف بهذا الكون العظيم علويه وسفليه بهذه المخلوقات وبهذا الانسان العجيب الذي اتاه الله عز وجل في في نفسه من الايات ما يقف الانسان امامه عاجزا في ادراكه ومعرفة كونه فرضا عن معرفة كيف خلق الله سبحانه وتعالى هذا الخلق العباد العلماء جميعا عاجزون عن ادراك كل شيء عن ذبابة واحدة ابحث وانظر جميع علماء الاحياء والكيمياء والفيزياء غير ذلك كلهم عاجزون عن ادراك كل شيء عند بابة واحدة فكيف بما هو اعظم من ذلك ثم بعد ذلك يقال الله جل وعلا خلق هذا الخلق هكذا سبهللا دون غاية ولا حكمة لا شك ان هذا قدح في حكمة الله العظيم سبحانه وتعالى ولذا وصف الله هؤلاء المشركين المنكرين لي البعثة والمنكرين للكتب بانهم ما قدروا الله حق قدره اذ قالوا ما انزل الله على بشر من شيء ويال الله العجب انظر الى هذه العجرفة وهذا الغباء الذي هم فيه من انتم حتى تحكمون على ان الله ما انزل على اي بشر اي شيء ما ادراكم ما هو مستوى احاطتكم بالبشر قبلكم في هذه الارض جميعا فمن اين لكم ان الله عز وجل ما انزل على بشر من شيء ولذا انظر الى الرد العظيم الرد كان في في كلمتين الزمتهم اه ابطلت حجتهم تماما هم احتجوا بحجة يعني كما يقولون كلية سالبة وكان نقضها بجزئية موجبة واحدة فقط قل من انزل الكتاب الذي جاء به موسى هدى نورا وهدى من جاء به؟ وانتم تعلمون وقد تواتر عند العرب جميعا وعند الناس كافة في ذلك الزمان ان هناك كتابا انزله الله عز وجل على موسى هو التوراة. هذا قدر لا ينكرونه بل يسلمون به. اذا حجتهم ماذا باطلة الكلية السالبة تنقذ بماذا في جزئية موجبة واحدة فقط تدل على ان هذا كلام ان كلامهم كله ممنوع واذا كان الله عز وجل قادرا على ان ينزل على موسى فما الذي يحول بينه وبين الانزال على محمد صلى الله عليه وسلم فصار هذا معجزا له تعالى الله عن ذلك اذا هؤلاء الذين نفوا ان يكون الله عز وجل قد ارسل الرسل وانزل الكتب حقيقة حالهم انه ما قدروا الله حق قدره نعم قال رحمه الله ولا قدره حق قدره من نفى عموم قدرته وتعلقها بافعال عباده من طاعتهم ومعاصيهم. واخرجها عن خلقه وقدرته قلنا هؤلاء هم القدرية واصل شبهتهم انهم اعتقدوا ان كل ما اراده الله عز وجل فقد احبه والله لا يحب المعاصي وبالتالي فلا بد من اخراجها عن ارادة الله جل وعلا ولا نستطيع ان نخرج المعاصي ونبقي الطاعات. لانها كلها من جنس واحد وهو الافعال افعال العباد وبالتالي فاخرجوها جميعا من قدرة الله ومن ارادته سبحانه وتعالى ومن خلقه. فلا يتعلق بها قدرته ولا يتعلق بها ارادته ولا يتعلق بها خلقه. بل هي حادثة ومخلوقة من قبل العباد وهذا سبق الحديث من عنه غير مرة آآ صدق وصفهم بانهم مجوس هذه الامة اذ اثبتوا مع الله عز وجل خالقين. نعم قال رحمه الله ولا قدره حق قدره اضطاد هؤلاء الذين قالوا انه يعاقب عبده على ما لم على ما لم يفعله. بل يعاقبه وعلى فعله هو سبحانه هو سبحانه نعم واذا استحال في العقول ان يجبر ان ان يجبر السيد عبده على فعله يجبره يجبر جزاكم الله خير ان يجبر السيد عبده على فعل ثم يعاقبه عليه فكيف يصدر هذا من اعدل العادلين؟ وقول هؤلاء شر من اشباه المجوس القدرية الاذلين. هؤلاء مقابلون للاولين هؤلاء الجبرية الذين يقابلون القدرية وان شئت فسمهم القدرية المشركية الذين اه انكروا فعل العبد ومشيئته هؤلاء يعتقدون ان العبد ليس بفاعل بل مفعول به ونسبة الفعل اليه مجاز كما يقولون فكما تقول تحركت الشجرة والواقع انها حركت الرياح حركتها فهؤلاء الجبرية شر من اولئك القدرية وكلهم شر لكنه ضلال بعضها اشد من بعض او لا يعتقدوا ان الذي يفعل هو الله سبحانه وتعالى والعبد مسكين مجرد الة ليس منه شيء ولا صدر عنه شيء ونتج عن هذا انهم اساءوا الظن بالله جل وعلا اذ اعتقدوا فيه الظلم يجيش هذا في صدورهم وربما ظهر من بعض فلتات كلامهم انه يجبرهم ثم يحاسبهم ويعاقبهم بمقتضى عقيدتهم ان الذي سرق ليس هو السارق السارق مسكين السارق سرق به والفعل حقيقة انما كان ممن من الله تعالى الله عن قوله كذلك الزاني كيف تأخذونه بعد ذلك وتعاقبونه؟ ثم يتوعد بعد ذلك بعذاب النار في الاخرة مع انه مسكين مجبور ما صنع شيئا ومعتقد في الله عز وجل انه ظالم وان كانوا يتحاشون عن قول هذه الكلمة حتى انهم غيروا معنى الظلم حتى يخرجوا عن هذا الاشكال الظلم عندهم هو غير المقدور الذي لا يدخل تحت القدرة الالهية ومثلوا له بالجمع بين النقيضين او رفع النقيضين قالوا هذا هو الظلم فقط الذي هو خارج عن القدرة وما سواه فليس بظلم ولا شك ان هذا ليس هو الذي تنزه الله عز وجل عنه ان الله لا يظلم مثقال ذرة النبي صلى الله عليه وسلم اخبر عن ربه جل وعلا انه حرم الظلم على نفسه. يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته وبينكم محرما فلا تظالموا. لا شك ان هذا ليس هو الظلم الذي زعمه هؤلاء الجبرية بل الظلم مقدور لله سبحانه وتعالى. هو يقدر ان يظلم ولكن يتنزه عنه لانه يتنافى وصفاته العظيمة الجليلة ونعوته الجميلة سبحانه وتعالى فقولهم لا شك انه غاية في الظلال بل الفعل انما صدر من العبد هو الذي فعل ولذا يتحمل مسؤولية فعله جزاء بما كنتم تعملون لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت والله ليس بظلام للعباد اذا الفعل صادر من العباد حقيقة فلهم قدرة ولهم استطاعة فاتقوا الله ماذا ما استطعتم اذا للعبد استطاعة وله قدرة وله مشيئة ها لمن شاء منكم ان يستقيم فاتوا حرفكم ان شئتم اذا انتم تشاؤون لكم مشيئة وان كانت مشيئتكم لا تخرج عن مشيئة الله. وما تشاؤون الا ان يشاء الله اذا للعبد قدرة بها يفعل وللعبد مشيئة بها يفعل وبالتالي فالفعل منه حقيقة هو الذي فعل وبالتالي فاذا جوزي على فعله ان هذا محض العدل انتبه للفعل طرفان من لم يفرق بينهما ضل طرف يتعلق بالله سبحانه وتعالى وطرف يتعلق بالعبد ما يتعلق بالله عز وجل هو ما يرجع الى تقديره سبحانه وتعالى وهو كونه وهو كونه علم وكتب وشاء وخلق وما يرجع الى الفعل وما يرجع الى العبد هو كونه اكتسب هو كونه فعل هو كونه قدر هو كونه شاء وبهذا تجتمع الادلة وتلتئم الفعل ينسب الى الله عز وجل تقديرا وخلقا وينسب الى العبد قدرة وفعلا تنبه الى هذا الفرقان في هذه المسألة التي بها توسط اهل السنة والجماعة بين القدرية والجبرية ففازوا بالحق والعقل يشهد بكذب قول هؤلاء الجبرية. وانهم ما قالوا الصواب العقل يدرك الفرق بين الفعل الاختياري والفعل غير الاختياري انا اعلم من نفسي ضرورة وانتم تعلمون مني ضرورة اني رفعت هذا الكأس بمحض ماذا؟ مشيئتي وقدرتي. ولو اردت الا ارفعه لن ارفعه. صح ولا لا انا ادرك الفرق بين حركة يدي هذه وبين حركة قلبي حركة القلب ارادية او غير ارادية غير ارادية ولذلك لا استطيع ان اقول لقلبي توقف لكن حركة يدي ارادية لو كان انسان عنده رعاش يده ترتعش لا اراديا ويد سليمة. الا نفرق يا معشر العقلاء بين حركة اليدين اجيبوا نعم هذه حركة بارادة وهذه حركة بغير ارادة فكيف يقال بعد ذلك؟ ان العبد يفعل بغير ارادته هذا مخالف لما يعقله العقلاء جميعا فدل هذا على ان قولهم غاية في الظلال ثم ترتب على هذا امور وضلال بعضه فوق بعض حتى وصل من بعضهم الى حد الانسلاخ من الشريعة بالكلية حتى اعتقد بعض هؤلاء ان كل ما يصدر من العبد فهو طاعة لم؟ لانه فعل الله عز وجل حقيقة. حتى ولو كان الفاحشة حتى ولو كان غاية المعاصي حتى قال قائلهم اصبحت منفعلا بما يختاره مني ففعلي كله طاعات كل ما يفعل فهو طاعة فخرجوا الى مذهب الاباحية اصبح كل شيء ماذا مباحا بل طاعة حتى ولو كان السرقة ولو كان الزنا ولو كان القتل ولو كان ما كان فحقيقة فعل هؤلاء هو هذا حقيقة قول هؤلاء واعتقادهم هو هذا انهم ما قدروا الله عز وجل عز وجل حق قدره ولا قدروه سبحانه وتعالى حق قدره. نعم قال رحمه الله ولقد روا حق قدره من نفى رحمته ومحبته ورضاه وغضبه وحكمته مطلقا. وحقيقة وحقيقة فعله ولم يجعل له فعلا اختياريا بل افعاله مفعولات منفصلة عنه. نعم هؤلاء الجهمية واتباعهم وفي لسان السلف كل من خاض في صفات الله سبحانه بالباطل فنفى وعطل فانه جهمي فيه تجهم فيه تعطيل لله سبحانه وتعالى وهؤلاء فرق متعددة وقد مضى شرح مذهب هؤلاء في درس القواعد المثلى ان كنتم تذكروا هو بيان شبهتهم والرد عليها المقصود انها هؤلاء الذين نفوا ان يكون لله عز وجل هذه الصفات فلا رحمة له ولا محبة له ولا رظا ولا غظب ولا حكمة ولا فعل وكل ما ينسب اليه من ذلك مجاز اذا قيل ان الله يحب ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين. مباشرة يقول لك لا حاشى وكلا الله لا يحب الله منزه عن المحبة سبحان الله وهذا الذي في كتاب الله نقرأه قال نعم هذا موجود في القرآن لكنه مجاز ليس على ظاهره ولا يحمل على حقيقته انما له معنى اخر وتأويلات هؤلاء للصفات كما ذكر الشيخ رحمه الله يؤولون بافعال عفوا بمفعولات منفصلة عنه او يؤولون بالذات او يأولون بصفة يثبتونها. هذا بالنسبة لمن يثبت بعضا وينكر بعضا وغالبا يدور تأويلهم على صفة الارادة في حب يعني يريد ان ينعم ويبغض يعني يريد ان يعاقب وقد يؤولون بمخلوقات فالمحبة هي النعمة نفسها وكل ذلك لا شك انه ضلال وزعمهم ان هذا النفي انما كان لاجل تنزيه الله عز وجل عن التشبيه عن تشبيهه تعالى بالمخلوقات فالجواب انهم ما صنعوا شيئا وقعوا في شر مما فروا منه فاذا كانوا فروا من تشبيه الله عز وجل بالانسان الذي يحب ويبغض والذي يفعل ويأتي والذي ينزل ويستوي فانهم شبهوه تعالى اما بالناقصات واما بالجامدات واما بالمعدومات واما بالممتنعات واذا كان ولابد من التشبيه فلا شك ان التشبيه الاول اولى واقل شروا والواقع انه لا تشبيه الواقع ان هذا الذي زعموه تشبيها ليس بتشويه يعني ليس بتمثيل فالله منزه عن التمثيل. الله يحب والله يبغض والله يأتي والله يجيء والله له يد والله وله وجه الى غير ذلك مما اخبر به سبحانه في كتابه او اخبر عنه نبيه صلى الله عليه وسلم ولكن كل تلك الصفات لها قدر يليق بالله سبحانه وتعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فالعبد له وجه يليق به ولله وجه يليق به وانى يكون وجه العبد كوجه الله العظيم سبحانه وتعالى. يا لله العجب الله وجهه عظيم ذو الجلال والاكرام حجابه النور لو كشفه لاحرقت سبحات وجهه ما انتهى اليه بصره من خلقه كيف يقال بعد ذلك؟ ان هذا الوجه العظيم كوجه المخلوق يا لله لعجب كيف يقال ان يد الله عز وجل اذا قلنا ان لله يد حقيقية انها تكون مشبهة بيد الانسان. سبحان الله. هل الله عز وجل وصف نفسه بيد هكذا؟ ولا وصف يد نفسه بيد تليق به مضافة اليه بل موصوفة بالصفات لا يمكن ان يخطر على العقول هذا اللازم الا لمن كان فاسد القلب مريظا الله جل وعلا يقول وما قدروا الله حق قدره والارض جميعا قبضته يوم القيامة. والسماوات مطويات بيمينه. يد بهذه كيف يقال بعد ذلك انه يقع في النفس تشبيه مع يد الانسان سبحان الله العظيم فهذا يدلك على ان هؤلاء ما قدروا الله حق قدره فان حقيقة قولهم الله اخبرنا بكلام ظاهره يضلنا بل ظاهره يوصلنا الى الكفر مع انه يخبرنا انه جعل هذا الكتاب هداية ونورا وبشرا للمسلمين. سبحان الله العظيم هل صفات الله في القرآن قليلة او كثيرة اجيب كثيرة جدا فكيف يعني بل اكثر ما في القرآن هو ما يتعلق بالصفات ومع ذلك هي عند هؤلاء لو حملت على ظاهرها لضللنا لاننا شبهنا بل لكفرنا لان المشبه كفار هل يليق بحكمة الله جل وعلا ان ينزل قرآنا ظاهره الضلال في جل اياته ظاهره التشبيه ثم يقول انه كتاب هداية ونور يرشدوا الى الطريق المستقيم لا يتأتى هذا بل هذا لا يليق باحد الناس انه يتكلم بكلام ظاهره شيء والمراد شيء اخر هذا لا يفعله من يريد الهداية. اقول لك احضر لي ماء فاذا احضرت الماء اقول لا الكلام على غير ظاهره. المفروض تفهم ان هذا الماء يعني طعام هل يفعل هذا من يريد الهداية؟ ولا من يريد التعجيز والله جل وعلا يقول والله يريد ان نعم يريد الله ليبين لكم الله يريد ان يبين لنا فكيف يأتي بكلام ظاهره الضلال يا عباد الله ثم نبينا صلى الله عليه وسلم ليل نهار يتلو على اصحابه ايات الصفات بل ويخبرهم من كلامه هو صلى الله عليه وسلم الذي هو وحي من الله جل وعلا يخبرهم بصفاته يخبرهم كثيرا كثيرا في نصوص يرويها عشرات الصحابة مثلا ان الله ينزل اذا بقي ثلث الليل الاخر الى سماء الدنيا عند هؤلاء اذا اعتقدت ان الله ينزل حقيقة فقد شبهت الله بخلقه فكفرت طيب النبي صلى الله عليه وسلم ولا مرة واحدة يقول لاصحابه احذروا انا اقول ينزل لكن لا تفهموا انه ينزل انما ينزل امره او ينزل ملك من ملائكته كما يقول هؤلاء المعطلة ما قال هذا ولا مرة واحدة مع انه الرؤوف الرحيم بنا عليه الصلاة والسلام اهذا حال الرؤوف الرحيم؟ يقول كلاما ظاهره يضل وهو يريد غيره اذا لماذا ما تكلم عليه الصلاة والسلام؟ بصراحة وفصاحة وقال المراد هو كذا وكذا ينزل لا ما ينزل ينزل امره وانتهت القضية اذا هذا يدلك على ان هؤلاء ما قدروا الله حق قدره هؤلاء اضافوا الى الله جل وعلا ما لا يليق بحكمته وما لا يليق برحمته ما قدروه سبحانه حق قدره الذي قدر الله عز وجل حق قدره هو الذي عظم الله. هو الذي اعتقد ان الله رحيم. والذي اعتقد ان الله حكيم وبالتالي فكتابه سبحانه غاية في البيان وغاية في الوضوح ويهدي الى الحق ولا يمكن ان يكون ظاهره فيه شيء يضل البتة مستحيل زعمهم ان ظاهره يفيض الضلال او يفيد التشبيه هذا كلام فاسد ان حصل تشبيه فليس من ظاهر القرآن انما من خلل في قلوب وعقول من وقع في ذلك اما الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم فهم بريئان من ذلك نعم قال رحمه الله تعالى ولا قدره حق قدره من جعل له صاحبة وولدا او جعله يحل في مخلوقاته او جعله عين هذا الوجود اشار هنا الى ثلاثة اقوال ضالة قال ولا قدره حق قدره من جعل له صاحبة وولدا الذي يزعم ان الله اتخذ صاحبة يعني اتخذ زوجا اي زوجة كما يتخذ الناس زوجات فما قدره حق قدره لان الصاحبة لان الزوجة من جنس الزوج اليس كذلك يعني لا يتزوج الانسان حجرا او شجرة انما يتزوج من كان او من كانت من جنسه من زعم هذا في حق الله جل وعلا فانه ما قدره حق قدره فان الله هو الواحد وهو الاحد وهو الذي لم يكن له كفوا احد فمن زعم ان له صاحبة فما قدره حق قدره يبدو ان حصول هذا قد وقع يعني هذا القول قد اعتقده من اعتقده اما من الانس واما من الجن لان الجن تبرأوا من هذا القول وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا فيبدو ان هذا القول وان لم يكن يعرف في فرقة من فرق الناس انها زعمت ان الله اتخذ صاحبة يعني زوجة كما يتخذ الناس زوجات لكن يبدو ان هذا القول قد وقع والا فما تبرأ منه هؤلاء الجن المسلمون قال له وولد قال وولد يعني من جعل له ايضا ولدا ما قدره حق قدره. وهؤلاء كثير في البشر فالمشركون زعموا ان الملائكة بنات الله. واليهود زعموا ان عزيرا ابن الله. والنصارى زعموا ان عيسى ابن وكل هذا لا شك انه ضلال بل ضلال مبين بل هذا قول عظيم كادت السماوات والارض ان تضطرب وتضمحل من اجله وقالوا اتخذ الرحمن ولدا لقد جئتم شيئا ادا تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الارض وتخر الجبال هدا ان دعوا للرحمن ولدا وما ينبغي للرحمن ان يتخذ ولدا ان كل من في السماوات والارض الا اتي الرحمن عبدا نسبة الولد الى الله جل وعلا تعني نسبة او تعني اثبات مثيل لله جل وعلا لان الولد من جنس والده ويأخذ خصائص والده وهذا يتنافى مع احديته سبحانه وتعالى ثم الولد يستلزم الحاجة الذي يتخذ ولدا انما يتخذه لحاجته اما حاجته النفسية او حاجته المادية والله عز وجل هو الغني فما حاجته الى الولد ثم ان الولد انما يتخذه الذي لا يستطيع ان يخلق اما الله عز وجل فقد خلق كل شيء انا يكون له ولد ولم تكن له صاحبة ثم قال وخلق كل شيء اذا هو خارق لكل شيء فما حاجته الى ان يتخذ ولدا اما الانسان فيتخذ ولدا لانه لا يستطيع ان يخلق ثم امر رابع الولد لا يكون الا من صاحبة يعني من زوجة والله عز وجل منزه عن ذلك لان الزوجة كما اسلفنا من جنس الزوج والله عز وجل لم يكن له كفوا احد وليس له مثيل سبحانه وتعالى فدل هذا على ان من زعم هذا الزعم فما قدر الله حق قدره سبحانه وتعالى قال او جعله يحل في مخلوقاته او جعله عين هذا الوجود هذان قولان ل غلاة الضلال المبتدعة الذين هم اهل الحلول الذين قالوا ان الله عز وجل يحل في مخلوقاته اما حلولا كليا او حلولا جزئيا كما سبق بيان هذا او قالوا بوحدة الوجود وهو اخبث يعني ان المخلوق عين الخالق بل لا خالق ولا مخلوق كله شيء واحد وهؤلاء اه هم من هؤلاء المشهورين عند بعض الناس والذين ربما غفلوا عن ضلالهم العظيم كابن عربي وابن الفارظ والحلاج وابن سبعين والتلمسان وامثال هؤلاء الضلال اهل الاتحاد والوحدة الذين يزعم زاعمهم ان الله عز وجل عين كل شيء حتى صرح ابن عربي الطائي ان الله تعالى الله عن قوله وعليه من الله ما يستحق هو الناكح والمنكوح تعالى الله عن قوله لان كل شيء في هذا الكون انما هو الله شيء واحد لكن الصور مختلفة كالبحر له امواج والبحر واحد تعالى الله عن قولهم وافكهم ولا شك ان هذا اعظم الكفر بالله سبحانه وتعالى واعظم الضلال ولاجل هذا على الانسان ان يحذر ويتنبه فكتب هؤلاء وظلالهم مع الاسف الشديد ربما تكون في ايدي بعض المسلمين ولا يتنبهون الى خطورة هذا الكلام العظيم مذهب هؤلاء هو من شر اقوال اهل البدع والضلال بل الكفر نسأل الله السلامة والعافية. نعم قال رحمه الله ولا قدر حق قدره من قال انه رفع اعداء رسوله واهل بيته وجعل فيهم الملك ووضعوا ووضع اولياء رسول رسوله واهل بيته وهذا يتضمن غاية القدح في الرب تعالى الله عن قول الرافضة وهذا مشتق من قول اليهود والنصارى في رب العالمين. انه ارسل مالكا ظالما فادعى النبوة. وكذب على الله ومكث زمنا طويلا يقول امرني بكذا ونهاني عن كذا ويستبيح دماء انبياء الله واحبابه والرب تعالى يظهره ويؤيده ويقيم الادلة والمعجزات على صدقه. ويقبل بقلوب الخلق واجسادهم اليه. ويقيم دولته على ظهور والزيادة ويذل اعداءه اكثر من ثمانمائة عام فوازن بين قول هؤلاء وقول اخوانهم من الرافضة. يقول اه رجل عليه ديون في بلده وهو مقيم في المملكة فهل يحج ام يعود الى بلده فيقضي ديونه قبل ان يحج؟ ثم يحج بعد ذلك الدين لا كما يظن بعظ الناس مانع من اداء الحج الامر ليس كذلك انما كلام العلماء رحمهم الله في ان اداء الدين او الوفاء بالدين اولى من الحج فلو قيل لنا عندي قال قائل عندي مال اما ان وفي الدين الذي علي به او احج فايهما اولى الجواب ان وفاء الدين اولى من الحج واما من كان حجه لا يؤثر على دينه بمعنى انه حج او لم يحج فالدين باق ولا اثر لهذا في هذا فانه نقول له حج ومن كان يعمل في المملكة والحج بالنسبة له متيسر ولا يكلفه كثيرا فالاولى به ان يحج هذه فرصة ربما آآ لا تحصل له مستقبلا قل كيف نعرف او كيف نفرق بينما كتب في اللوح المحفوظ وبين ما يفعله بينما نفعله من ارادتنا كل ما يقع فاعلم انه قد كتب في اللوح المحفوظ هذه قاعدة مطردة اذا حصل الفعل فاعلم انه قد كتب قبل ذلك في اللوح المحفوظ اذا نحن لا نعرف ما في اللوح المحفوظ الا من خلال طريقين ما يكون في المستقبل فاننا لا نعرفه الا ما جاء من طريق الانبياء عليهم الصلاة والسلام اذا قال النبي صلى الله عليه وسلم سيكون كذا او سيحصل كذا ستفتح كذا او ينزل عيسى عليه السلام او لا آآ تنتهي هذه الدنيا حتى يكون كذا وكذا فاننا نعلم قطعا ان هذا مكتوب في اللوح المحفوظ النبي صلى الله عليه وسلم صادق مصدوق او يكون الامر قد حصل وانقضى فنعلم بالتالي انه قد كان مكتوبا في اللوح المحفوظ ما وجه كون قول الجبرية شرا من قول القدرية. اللوازم التي تلزم على قول الجبرية آآ اشد من اللوازم التي تلزم على قول القول اللوازم التي تلزم على قول الجبرية اعظم من اللوازم التي تلزم على قول القدرية فهذا وجه وصف العلماء ان قول الجبرية اشد واضل من قول القدرية ال الجبرية فرقة واحدة ام فرق الجبرية في الجملة على درجتين جبرية غالية وهؤلاء يمثلهم الجهمية وجبرية متوسطة وهؤلاء يمثلهم الاشاعرة وهذا بنص الاشاعرة انفسهم وصفوا انفسهم بانهم جبرية متوسطة لقولهم بالكسب والكسب شيء كما يقولون من الامور التي يصعب تصورها حتى يقصف بانه عنقاء المعاني يعرف لفظه لا معناه لكن خلاصته ان للعبد قدرة غير مؤثرة في الفعل له قدرة غير مؤثرة في الفعل وبالتالي فوجودها كعدمها ولذا صرح صاحب الجوهرة بان العبد مختار ظاهرا مجبور باطنا هل الفطرة كافية في معرفة اسماء الله؟ لا فطرة لا تستقل بمعرفة اسماء الله جل وعلا بل هذا موقوف على بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام يسأل عن حكم الصلاة خلف المبتدع الذي يدعو الى بدعته ويعلن عداوته لاهل السنة على المنبر هذا المقام فيه جانبان جانب الافضل وجانب الجواز اما الافضل فلا شك ان يصلى خلف اهل السنة وآآ من كان على معتقدي اهل السنة الصحيح هو الذي ينبغي ان تصلي خلفه واما من حيث الجواز فاذا كان غير مشرك بالله يعني لا يذبح لغير الله ولا يدعو غير الله ولا يصرف شيء من أنواع العبادة لغير الله فالصلاة خلفه صحيحة وان كانت خلاف الاولى وخذ قاعدة كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره كل من صحت صلاته لنفسه صحت صلاته لغيره. فهذا المبتدع او هذا المنحرف عن الجادة اذا صلى هل صلاته بالنسبة لنفسه مقبولة اذا كان كذلك يعني كان من اهل التوحيد لم يكن من المشركين فان صلاته بالتالية غيره صحيحة يقول ما ضابط الكمال الذي يكون كمالا للمخلوق هو نقصا في حق الخالق سبحانه وتعالى مثل الولد الذي آآ يتصف الله عز وجل به هو الكمال المطلق اما الكمال النسبي يعني الذي يكون آآ كمالا اه ونقصا فانه لا يضاف الى الله سبحانه وتعالى كالولد الولد من جهة بالنسبة الى الناس هو كمال لكنه كمال نسبي ليس كمالا مطلقا اذ انه يستلزم الحاجة كما ذكرت لك فعود واقول الكمال الذي يتصف به المخلوق ويتنزه عنه الخالق هو الكمال النسبي اما الكمال المطلق الذي يكون في حق المخلوق كمالا مطلقا الله جل وعلا اولى به كل كمال اتصف به المخلوق لا نقص فيه بوجه من الوجوه فالله جل وعلا اولى به اذ معطي الكمال اولى به وهذا هو قياس الاولى الثابت في حقه سبحانه وتعالى ليطلب اعادة ان الفعل له طرفان قلنا الفعل له طرفان طرف من جهة الرب جل وعلا وطرف من جهة العبد اما من جهة الرب فهو انه يضاف الى الله سبحانه وتعالى تقديرا وخلقا واما من جهة العبد فانه يضاف اليه مشيئة وقدرة وفعلا لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت هل تجزون الا بما كنتم تعملون يقول من اعتمر في الاشهر الحرم ثم رجع الى اهله آآ هل ينطبق عليه التمتع العمرة انتهت ليس لها علاقة الان بالحج اذا كنت سافرت الى العمرة ثم رجعت الى ديارك رجعت الى اهلك فحكم العمرة قد انتهى وبالتالي اذا جاء وقت الحج واردت الحج فانت مخير. نسيت ان تحج متمتعا فاعتمر ثم حج وان شئت ان تعتمر اه ان تحج مفردا فحج فقط اما لو كنت باقيا في مكة او ذاهبا الى بلدة اخرى ثم تعود الى مكة فانه يصدق في حقك انك متمتع جمعت في سفرة واحدة بين عمرة وحج فعليك ان تذبح دما رجل اراد الحج هذه السنة فافتاه مفت بان حجه لا يصح منه حتى يحج ابوه هذا عجيب من اين لك هذا قال انت ومالك لابيك بحالا يعني حديث لا علاقة له بهذا ولا وجه في الاستدلال فيه. على كل حال لك ان تحج بارك الله فيك. ولو لم يكن ابوك قد حج والله اعلم وصلى الله على محمد واله وصحبه