الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين وجميع المسلمين قال الشيخ احمد بن علي المقرزي رحمه الله تعالى في كتابه تجريد التوحيد المفيد واعلم ان الناس في منفعة واعلم ان الناس في منفعة العبادة وحكمتها ومقصودها طرق اربعة. وهم في تلك اربعة اصناف. الصنف الاول نفاة الحكم والتعليم الذين يردون الامر الى محض المشيئة وصرف الارادة. فهؤلاء عندهم القيام بها ليس الا لمجرد الامر من غير ان تكون من غير ان تكون سببا لسعادة في معاش ولا معاد. ولا سببا لنجاة وانما القيام بها لمجرد الامر المشيئة. ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره. ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا. اما بعد فان المؤلف رحمه الله بعد ان تكلم عن التفاضل بين الاعمال الصالحة عطف على هذا مسألة مهمة وهي مسألة الحكمة والمنفعة في العبادة وقد مر معنا غير مرة ان الله جل وعلا خلق الحوض خلق الخلق لحكمة هذه الحكمة هي الحق الذي علق الله عز وجل خلق كل شيء به والايات في هذا المعنى كثيرة. ولله ما في السماوات وما في الارض. ليجزي الذين بما عملوا ويجزي الذين احسنوا بالحسنى هذه غاية مرادة بالعباد واما الغاية المرادة من العباد فهي عبادتهم لله عز وجل وحده لا شريك له وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون وهاتان الغايتان الغاية المرادة بالعباد والغاية المرادة من العباد هي الحق الذي خلق الله الخلق لاجله وخلق الله السماوات والارض بالحق اذا هذا الذي عليه اهل السنة والجماعة وهو الذي دلت عليه دلائل الكتاب والسنة. لله عز وجل في هذا الخلق حكمة يحبها ويريدها شرعا ولاجلها خلق وهي هذا الحق الذي يتضمن الارادة الذي يتضمن الغايتين الغاية المرادة من العباد والغاية المرادة بالعباد وهذه الحكمة تترتب عليها منفعة هذه المنفعة تعود الى العباد والله جل وعلا لا ينتفع بطاعة الطائعين كما انه لا تضره معصية العاصين انما هذه المنفعة وهذه الثمرة وهذه الفائدة تعود على العابدين فان عبادة الله جل وعلا هي في نفسها غاية السعادة وغاية الصلاح وغاية النجاح للعباد فالعباد لا يصلحون ولا يزكون ولا يسعدون الا بعبادة ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى فعاد نفع هذه العبادة اليهم لا الى الله جل وعلا ومن تزكى فانما يتزكى لنفسه اذا فائدة العبادة تعود الى العباد لا الى المعبود سبحانه وتعالى وهي صلاحهم وزكاتهم فالعباد يزكون ويسعدون ويصلحون بالتأله للخالق سبحانه وتعالى فالسعادة مرتبطة بهذا التأله ارتباطا وثيقا. ولا يمكن ان يكون ثمة سعادة حقيقية في الدنيا والاخرة الا بحصول هذه العبادة لله سبحانه وتعالى. هذا هو الحق في هذه المسألة العظيمة التي افترق الناس فيها الى اقوال ذكر المؤلف اربعة اقوال قول ذهب اليه نفاة الحكمة ورأسهم الجهمية ومن تبعهم من الاشاعر وقول ذهب اليه القدرية من المعتزلة ومن لفهم وقول ذهبت اليه الفلاسفة ومن تبعهم من الصوفية ومذهب اهل السنة والجماعة الذي درج السلف الصالح. فالمؤلف رحمه الله يسوق لنا في هذا الموضع. هذه المذاهب الاربعة التي افترق اليها الناس في هذه المسألة العظيمة نعم. قال رحمه الله الله كما قالوا في الخلق لم يخلق لغاية ولا لعلة هي المقصودة به. ولا لحكمة تعود اليه منه. وليست من مخلوقات اسباب تكون مقتضيات لمسبباتها. وليس في النار سبب للاحرى. اعد من الباب الاول قال رحمه الله الصنف الاول نفاة الحكم والتعليل الذين يردون الامر الى محض المشيئة وصرف الارادة هؤلاء عندهم القيام بها ليس الا لمجرد الامر من غير ان تكون سببا لسعادة في معاش ولا معاد. ولا سببا لنجاة وانما القيام بها لمجرد الامر ومحض المشيئة. كما قالوا في الخلق لم يخلق لغاية ولا لعلة هي المقصودة به ولا حكمة تعود اليه منه وليس في المخلوقات اسباب تكون مقتضيات لمسبباتها. وليس في النار سبب للاحراق ولا في الماء قوة الاغراق ولا التبريد. وهكذا الامر عندهم سواء لا فرق بين الخلق والامر ولا فرق في نفس الامر بين المأمور ولكن المشيئة اقتضت امره بهذا ونهيه عن هذا. من غير ان يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسنه. ولا بالمنهي عن صفة تقتضي قبحه. ولهذا الاصل لوازم وفروع كثيرة. احسنت. هذا هو المذهب الاول في هذه المسألة وهو مذهب الجهمية والاشاعرة ويتلخص في امرين الامر الاول ان الله جل وعلا امر بالعبادة لانه هكذا شاء. وليس متى حكمة تعود اليه يحبها ويريدها شرعا. انما شاء ان يعبد فامر بالعبادة وليس شيء وراء ذلك. وهذا كما اسلفت مناف للمذهب الحق الذي دلت عليه ادلة كثيرة في الكتاب والسنة من ان الله جل وعلا خلق الخلق لحكمة يحبها ويريدها شرعا جل وعلا. الامر الثاني انه لا مناسبة بين طاعتي والاثابة. ليس هناك معنى يليق بالطاعة لاجله كانت الاثابة انما القضية امارة محضة وعلامة محضة. بمعنى ليس الثواب مسببا عن الطاعة. ليست الطاعة سببا للثواب. انما القضية قضية اقتران حصل الثواب عند الطاعة لا بالطاعة. حصل الثواب عند الطاعة لا بالطاعة فليس اثابة الله عز وجل للطائعين شيئا ترتب على كونهم اطاعوه انما المسألة مسألة امارة وعلامة. في علم ان الله اثار عند الطاعة. وبالتالي فلا يعدو ان يكون علامات وامارات. ولو انقلب الامر لكان هذا ممكنا وجائزا ولا فرق بمعنى لو شاء الله جل وعلا لجعل الثواب مسب لجعل الثواب عند المعصية ولجعل الذي يقترن بالمعصية هو الاثابة والنعيم والجنة. فلا فرق بين هذا وهذا سوى ان الله شاء الاول ولم يشأ الثاني اذا الطاعات ليست اسبابا لحصول الثواب انما هي امارات وعلامات فحسب والذي جرهم الى هذا القول قولهم بثلاثة اصول واعلم انه لا يوجد قول من اقوال اهل البدع الا وله خلفيات واصول عقدية. وطالب العلم الذي يريد ان يتحقق بباب الاعتقاد ويفقهه كما ينبغي. عليه ان يبحث عن الاصول والمرجعيات التي نشأت عنها الاقوال وبهذا يضبط مسائل الاعتقاد ويحسن مناقشة الاقوال المخالفة هؤلاء رجعوا في هذا المذهب وارتكزوا في هذا المذهب على ثلاثة اصول المذهب الاول عفوا الاصل الاول نفيهم التعليل والحكمة في افعال الله عز وجل فعند القوم الله جل وعلا لا يفعل لي حكمة ولا يخلق لحكمة ولا يأمر وينهى لحكمة ولا يقدر لحكمة انما هي مشيئة محضة لا غير ولا شك ان هذا مذهب باطل و عشرات بل مئات بل الاف الادلة. من الكتاب والسنة ولا يقال هذا على سبيل المبالغة. بل هذا هو الحق الذي لا شك فيه كل ذلك يدل على ان الله جل وعلا له حكمة بالغة فلاجل هذه الحكمة يخلق ولاجل هذه الحكمة يأمر ولاجل هذه الحكمة يفعل جل وعلا فقولهم بنفي الحكمة والتعليل في افعال الله عز وجل اثمر ان قالوا ان الله جل وعلا انما امر بالطاعات وامر بعبادته لمشيئة وليس هناك شيء وراء ذلك ليس هناك حكمة تطلب من وراء هذه العبادات و بالتالي فانه لا اثر للحسنات في حصول الطاعات وكل الافعال بالنسبة الى الله عز وجل سواء فليس ثمة شيء يليق بحكمته ويليق بنعوت جلاله وثمة اشياء لا تليق بذلك وجوزوا على الله جل وعلا ان ينعم من عصاه وان يعذب من اطاعه وان يخلد في النار احب الخلق اليه وان يخلد في الجنة الد اعدائه ولا فرق بين هذا وبين كونه ينعم اولياءه ويعذب اعدائه الا انه شاء هذا ولم يشاء هذا القضية مشيئة محضة ولا شك ان في هذا نسبة الله عز وجل الى ما لا يليق به سبحانه وتعالى الامر الثاني الذي اليه رجع قول هؤلاء نفي تأثير الاسباب فليس عند هؤلاء للاسباب تأثير ليس للاسباب تأثير عند هؤلاء فكون الشيء مرتبط بسبب يكون بوجوده وينعدم بعدمه هذا ليس شيئا مقررا عند هؤلاء انما القضية قضية علامات وامارات عندها يحصل الشيء وليس به يحصل الشيء فالاحراق مثلا يحصل عند وجود النار لا بوجود النار والقطع يحصل عند مرور السكين وليس بمرور السكين وزعم القوم ان اثبات تأثير الاسباب يعني مشاركة الله جل وعلا في التأثير في هذا الكون ولا شك ان هذا امر باطل مخالف مخالف لقواطع الشرع ولقواطع العقل ايضا تربط الاشياء باسبابها قضية ثابتة في الشرع من اكثر من عشرة الاف دليل. كما قرر هذا ابن القيم رحمه الله في شفاء العليل كما ان هذا مخالف للعقل ولذا قال اهل العلم تكلم قوم في نفي الاسباب فاضحكوا اهل العقول على عقولهم حينما زعموا ان لا تأثير للاشياء وليس هناك شيء مسبب عن سبب وانما القضية قضية اقتران قضية اجتماع قضية امارة قضية علامة لا غير. لا شك ان هذا باطل مخالف للعقل. بل الله جل وعلا لحكمته ربط الاشياء باسبابها فبسبب النار حصل الاحتراق بسبب السكين حصل القطع بسبب الاكل حصل الشبع بسبب الماء حصل الري وهكذا وانما ينبغي التنبه الى ما يكشف شبهة القوم في زعمهم ان هذا التأثير يقتضي حصول الشرك فالحق وهو الذي عليه اهل السنة انه لا يوجد سبب الا ولابد ان يصحبه اسباب اخرى. يعني لا يوجد سبب وحيد ينتج عنه حصول شيء. بل لا بد ان تجتمع اسباب وان تتعاون اسباب ولابد ثانيا من حصول شروط لابد من حصول شروط لتأثير السبب في المسبب. ولابد ثالثا من زوال المانع فمع وجود المانع فانه لا يحصل للسبب تأثير. وكل هذا وهو الامر الرابع مرتبط بمشيئة الله سبحانه وتعالى الذي لو شاء لابطل اثر السبب. ولجعله غير ولجعله غير مؤثر ولجعله غير مؤثر. ولذا انظر مثلا النار. النار وحدها ليست سببا للاحتراق. بل لابد من سبب معاون لابد من وجود شيء في الهواء كالاكسجين مثلا ولابد من شرط وهو ان يكون هذا الذي يحصل له الاحتراق لا بد ان يكون قابلا للاحتراق. فاما اذا لم يكن قابلا للاحتراق فانه لا يصول لا يحصل الاحتراق. الامر الثالث انه لابد من زوال الموانع. فاذا وجد مانع من حصول احتراق فانه لا يحصل الاحتراق. ولذا اذا وجد الماء في هذا الشيء فانه لا يحصل احتراق. وكل هذا مرتبط بمشيئة الله لله سبحانه وتعالى ولاجل هذا اذا شاء سبحانه ان لا يحصل اثر لهذا السبب فانه لا يحصل. ولاجل هذا لما القي عليه السلام في النار لم يحصل احتراق. لان الله جل وعلا ابطل ها هنا تأثير السبب في المسبب فكانت النار له بردا وسلاما. اذا اهل السنة والجماعة حينما اثبتوا تأثير الاسباب اثبتوها على هذا النحو. ولو قال قائل ان السبب يستقل بحصول المؤثر يستقل استقلال عن مشيئة الله عز وجل فان هذا لا شك انه شرك بالله جل وعلا ومعاذ الله ان يكون هذا قول اهل السنة والجماعة الخلاصة انه لما لم يكن عند القوم القول بتأثير الاسباب في مسبباتها نتج عن هذا ان قال وان الاعمال الصالحة ليست سببا لحصول الثواب. انما هي مشيئة محضة شاء الله ان ينعم المؤمن ولم ان ينعم الكافر هذه القضية فحسب وليس ان العمل الصالح سبب لحصول الطاعة اذ لحصول الثواب من الله جل وعلا ولا شك ان هذا باطل مخالف لشرائح الكتاب والسنة فالله جل وعلا لما اثاب اهل الجنة قال جزاء بما كانوا يعملون فالباء ها هنا تدل على ان العمل الصالح كان سبب حصول الثواب. الامر الثالث ان هؤلاء جبرية يقولون بالجبر والجبر نفي القدرة والمشيئة للعبد فليس للعبد مشيئة ولا له قدرة ليس له قدرة وبالتالي فانه مجبور ليس بفاعل بل هو ومفعول به كما سبق بيان هذا سابقا. وعلمنا ان الجبرية على درجتين درجة غالية هم الجهمية ودرجة متوسطة وهم الاشاعرة لقولهم بالكسب. فهم يقولون بالكسب الذي صعب فهمه حتى على كثير منهم ولكن يقرب معناه بان يقال انه وجود قدرة غير مؤثرة في حصول المقدور اذا حصل تأثير في حصول فعل فالقدرة مقارنة هنا وليست مؤثرة فالعبد له قدرة ولكن لا تأثير لها في حصول المقدور وهذا يدل على ان هذه القدرة وجودها كعدمها فما الفائدة من وجود قدرة لا تؤثر في شيء وبالتالي فان القوم لما كانوا جبرية ولما وقر في نفوسهم ان العبد لم يصدر منه فعل اختياري نتاج نتج عن هذا ان قالوا ان طاعاتهم ليس لها تأثير في حصول الثواب انما القضية مشيئة محضة. اذا هذه الاصول الثلاثة نتج عنها قول هؤلاء الذين قالوا انا الطاعة ان الاثابة هي محض مشيئة الله سبحانه وتعالى دون تأثير اه الطاعات كما ان الله جل وعلا امر بالطاعة محظ مشيئته لا لحكمة تعود اليه جل وعلا. نعم. قال رحمه الله وهكذا الامر قال رحمه الله وهكذا الامر عندهم سواء لا فرق بين الخلق والامر ولا فرق في نفس الامر بين المأمور والمحظور ولكن المشيئة امره بهذا ونهيه عن هذا من غير ان يقوم بالمأمور صفة تقتضي حسنه ولا بالمنهي عنه صفة تقتضي قبحه لهذا الاصل لوازم وفروع كثيرة. نعم. لاجل هذا نتجت امور كثيرة اعتقدوها. فهم جوزوا على الله عز وجل يجوز لهم عقلا ان يثيب الله عز وجل في اعلى عليين فرعون وابا لهب وابا جهل وليس هذا قبيحا وليس هذا شيئا مما ينزه الله جل وعلا عنه كما انه يجوز عندهم عقلا ان ينعم ان يعذب الله عز وجل احب خلقه اليه وان يخلده في النار ابد الابدين اما اهل السنة فيقولون هذا الامر مقدور لله جل وعلا فالله عز وجل قادر على كل شيء. ومن هذا ما ذكروا لكنه لا يمكن ان يكون لان صفات الله جل وعلا تقتضي تنزيهه عن ذلك فهذا ظلم والله جل وعلا منزه عن الظلم يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما القوم لاجل هذا الاشكال حرفوا معنى الظلم الظلم وضع الشيء في غير موضعه هذا الذي تعرفه العرب وهذا الذي يعرفه العقلاء اما هم فالظلم عندهم هو التصرف في ملك الغير هكذا اول الظلم وبعضهم اوله بانه الممتنع لذاته والممتنع لذاته ليس بشيء وبالتالي فانه خارج عندهم عن قدرة الله تبارك وتعالى او ان يكون الظلم هو التصرف في ملك غيره. وكل شيء هو ملك الله تبارك وتعالى وبالتالي فمهما فعل فان هذا لا يعد ظلم وهذا لا شك انه باطل كما اسلفت. بل الظلم مقدور لله تبارك وتعالى ولكنه حرمه على نفسه وتنزه عنه ونعوت جلاله تقتضي عدمه ان لا يكون منه ظلم سبحانه وتعالى وبالتالي فان هذا القول يقتضي منهم عدم تعظيم الله عز وجل حق تعظيمه وعدم اقداره حق قدره تبارك وتعالى ولذا كم يقع في نفوسهم من ظن السوء بالله جل وعلا في قرارة انفسهم تموج الخواطر الرديئة في حق الله جل وعلا وان حقيقة الحال انه وقع عليهم ظلم من ربهم الذي خلقهم ولم يعطهم مشيئة ولا قدرة وانما هو الذي فعل فعل بهم ثم بعد ذلك يجازيهم وليس منهم شيء فوقع في نفوسهم ما وقع من هذه الظنون الرديئة في حق ربهم وخالقهم سبحانه وتعالى وان كانوا لا يلفظون بهذا لكن ربما خرجت من فلتات انفس السنتهم ما يدل على هذا الذي اعتقدوه وهو لازم لهم ولا شك ايضا من لوازم قولهم انهم يزعمون استواء الاشياء في الحسن والقبح عقلا وانما يعرف الحسن والقبح من جهة الشرع فحسب وبالتالي فلا فرق بين الصدق والكذب من حيث هما انما الفرق ان الله امر بالصدق وحرم الكذب. الكذب. ولو انعكست القضية لجاز ذلك ولا فرق فلو امر الله عز وجل بالكذب ونهى عن الصدق لكان الامر سائغا ولو ان الله شرع السفاح وحرم النكاح لكان الامر سائغا عنده. فليس في الاشياء حسن وقبح يعرفان او تعرف هذه الاشياء به ولا شك ان هذا في ذاته ايضا باطل ومخالف لقواطع الشرع والعقل بل العقل قد يحصل منه ادراك لحسن الاشياء وقبحها ودل على هذا من كتاب الله قوله تعالى واذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها اباءنا والله امرنا بها قل ان الله لا يأمر بالفحشاء اتقولون على الله ما لا تعلمون ومعنى الاية قل ان الله لا يأمر بما تعلمون انه فاحشة وليس كما قالوا قل ان الله لا يأمر بما ينهى عنه. لان الفاحشة عندهم ليست الا ماذا ما نهى عنه وبالتالي فتكون الاية قل ان الله لا يأمر بما ينهى عنه وهذا لا فائدة من الاخبار به انما المقصود هو ان يعلم العباد ان الله يتنزه عنان يأمر بشيء قبيح مما يعلمون قبحه وهو انهم يطوفون بالبيت عراة. قل ان الله لا يأمر بما كان هذا شأنه وبما كانت هذه حاله فدل هذا على ان العقل يستقل او قد يستقل بمعرفة حسن الاشياء وقبحها. وان كان الثواب والعقاب لا يكون بايجاب من العقل او بسبب معرفة وادراك العقل. انما ذلك موقوف على الشرع فحسب فالشرع هو الذي يوجب وهو الذي يحرم وهو الذي يكون من خلاله التكليف. اما العقل فانه يدرك فقط حسن الاشياء وقبحها في امور كثيرة ونتج عن هذا ايضا انهم كما يذكر المؤلف رحمه الله لا يجدون حلاوة العبادة ولذتها. نعم قال رحمه الله وهؤلاء غالبهم لا يجدون حلاوة العبادة ولا لذتها ولا يتنعمون بها. ولهذا يسمون الصلاة والصيام والزكاة والحج والتوحيد والاخلاص ونحو ذلك تكاليف. اي كلفوا بها ولو سمى مدعي محبة ملك من الملوك او غيره ما يأمره به تكليفا لم يعد محبا له فاول من صدرت عنه هذه المقالة الجعد ابن درهم هذه ايضا من ثمرات هذا المذهب الذي ذهب اليه هؤلاء وهو انهم اه فقدوا لذة الطاعة والعبادة ولم يكن اه منهم ثمرة لهذه الطاعة في التزكية وفي استشعار انها سبب يقرب الى الله جل وعلا وبالتالي فان الاجتهاد في هذه الطاعات يقرب اكثر الى رحمة الله سبحانه وتعالى وجنته فالقضية ليست الا امارات وعلامات ليست القضية الا مشيئة محضة من الله سبحانه وتعالى و اه بالتالي وقع عندهم ما وقع من هذا الظعف في الشوق الى الله سبحانه وتعالى وفي النشاط في طاعة الله جل وعلا ويقول المؤلف ولهذا يسمون الصلاة والصيام والزكاة الى اخره تكاليف اي كلفوا بها وكأن المؤلف رحمه الله يرى انه ليس من السائغ ان تسمى العبادات تكاليف لان التكاليف الزام ما فيه كلفة يعني مشقة والذي يظهر والله اعلم ان هذا المذكور فيه نظر وان تسمية العبادات بالتكاليف لا بأس به في صحيح مسلم لما نزل قول الله جل وعلا وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله جاء اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اليه وقالوا كلفنا من الاعمال ما نطيق الصلاة والصدقة والصيام ولما نزل قوله تعالى وان تبدوا ما في انفسكم او تخفوه يحاسبكم به الله فهذا ما لا نطيق فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم اتريدون ان تكونوا كما كان بنو اسرائيل سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير فلما سمعوها ذلت بها السنتهم وقالوها فانزل الله جل وعلا بعد ذلك التخفيف فقال سبحانه لا يكلف الله نفسا الا وسعها الى اخر السياق الشاهد ان الصحابة رضي الله عنهم قالوا ماذا ها كلفنا واقرهم النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك والاصل في التكليف انه من الكلفة والكلفة هي في اصل اللغة اللزوم كون الشيء لازما للشيء ولذا يقولون فلان كلف بفلانة يعني لازم حبها قلبه هذا هو الاصل فالاصل في التكليف انه ملازمة ان العبد ملزم ومأمور ومطوق بهذا العمل عليه وجوبا ان يقوم به فهذا وجه تسمية ذلك تكليفا هذا اولا وثانيا لا ينكر ان في الاعمال الصالحة ما فيه مشقة وهذا من الابتلاء والامتحان الذي اه جعله الله سبحانه وتعالى في بعض الطاعات فهل ينكر ان في الجهاد شدة ومشقة وان في الحج شدة ومشقة لا يمكن ان ينكر هذا وهذا النبي صلى الله عليه وسلم يقول لعائشة رضي الله عنها لما ارشدها الى الاعتمار قال ولكنها على قدر نصبك يعني تعبك فدل هذا على ان من الاعمال الصالحة ما فيه مشقة ولكنها مشقة هي قرة عين المؤمنين فاهل الايمان يلتذون ويغتبطون باتعاب انفسهم في طاعة الله سبحانه وتعالى ونيل مرضاته فمثل هذا لها لا اشكال في اثباته في الطاعات ولا يسلم ان الملك اذا كان محبوبا من رعيته فلا يقال ما يؤمر به انه تكليف. بل يقال انه تكليف ويقال انه الزام واذا يحبونه فانهم يقومون بما الزمهم وبما كلفهم وبما طوقهم يقومون به وهم سعداء ومقبلون عليه فهذا الذي ذكره والله اعلم فيه نظر فلا حرج من تسمية آآ العبادات بالتكليف او يقال الحكم التكليفي مثلا كل هذا لا حرج فيه ان شاء الله قال واول من صدرت عنه هذه المقالة الجعد ابن درهم هذا الرجل اساس البلاء ومن اعظم الناس شرا على هذه الامة الرجل متقدم في الزمان توفى في بعض ما قالوا في سنة اربع وعشرين ومئة للهجرة. يعني في زمن متقدم في زمن التابعين وهو اساس البلاء والشر في جوانب كثيرة مما دخل على المسلمين في باب الاعتقاد سواء تعلق بباب توحيد المعرفة والاثبات او في القدر او في الايمان او في غير ذلك وهو الذي تلقى عنه الجهم بن صفوان الترمذي الذي كان اه شرا وبلاء على هذه الامة بل اني اعتقد انه ما مر على تاريخ هذه الامة الى اليوم من اثر فيها من اهل البدع كما اثر هذا الرجل وهو الجهو بن صفوان الذي هو تلميذ لهذا الجعد. فالجعد هو اساس البلاء والجهم هو الداعي الى هذا البلاء في الامة. ليس هناك شخص اثر شرا وبدعا وآآ ظلمات بثها في هذه الامة كما فعل هذا الرجل الذي هو الجهم بن صفوان وهو قريب في وفاته من الجعد قيل في ثمان وعشرين ومئة وقيل غير ذلك. الشاهد ان هذا المذهب لم يكن معروفا عند اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. ولا عند تابعين ولا عند اتباع التابعين ولا عند الائمة المشاهير المتبوعين الذين لهم لسان صدق في هذه الامة ما انتحل هذا المذهب من انتحله من اهل البدع ووافقهم عليه من قل نظره وضعفت بصيرته في معرفة الحق الذي كان عليه السلف الصالح والله المستعان. نعم. قال رحمه الله الصنف الثاني القدرية النفاء الذين يثبتون نوعا من الحكمة والتعليل لا يقوم بالرب ولا يرجع اليه. بل يرجع لمحض مصلحة المخلوق ومنفعته فعندهم ان العبادات شرعت اثمانا لما يناله العباد من الثواب والنعيم. وانها بمنزلة استيفاء الاجير اجره. قالوا ولهذا يجعلها سبحانه عوضا كقوله ونودوا ان تلكم الجنة ورثتموها بما كنتم تعملون. هل تجزون الا ما كنتم انتم تعملون ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. انما يوفى الصابرون اجرهم بغير حساب. وفي الصحيح انما هي اعمالكم عليكم ثم اوفيكم اياها. قالوا وقد سماها جزاء واجرا وثوابا. لانه شيء يثوب الى العامل من من اي يرجع اليه. قالوا ويدل عليه الموازنة. فلولا تعلق الثواب بالاعمال عوضا عليها لم يكن للموازنة بمعنى نعم هذا هو القول الثاني او المذهب الثاني وهو مذهب القدرية النفاة الذين هم المعتزلة ومن سار على دربهم وقولهم مقابل للمذهب السابق يتلخص مذهبهم في امرين اولا انهم يثبتون حكمة للعبادة والتكليف لكنها لا تعود الى الله جل وعلا ليست حكمة مرادتا ومحبوبة لله سبحانه وتعالى انما هي حكمة تعود الى العباد وتحقيق مصالحهم الامر الثاني انهم يعتقدون ان الاثابة واجبة على الله جل وعلا وليست تفضلا منه سبحانه وتعالى انما القضية معاوضة والقضية مثامنة الله جل وعلا امر بالطاعة فعمل العبد واطاع فوجب على الله عز وجل ان يؤدي اليه الثواب كما يجب على المؤجر ان يؤدي الاجرة الى الاجير فليس ثمة تفضل ولا منة من الله سبحانه وتعالى على عبده ولذلك تجد الزمخشري المعتزل في تفسيره مثلا يأتي الى نحو قول الله جل وعلا جزاء بما كنتم تعملون يقول لا بالتفضل كما تقول المبطلة لا ان الله عز وجل يتفضل لا هذا حق واجب على الله عز وجل وليس هناك منة ولا فضل من الله على العبد لا في في اكتسابه حسنة اصلا ولا في الاثابة عليها هكذا زعم هؤلاء القوم و قولهم هذا يرتكز الى اصلين عقديين عنده الاول ان القوم قائلون بالتحسين والتقبيح العقلي فالعقل عندهم يستقل معرفة حسن الاشياء وقبحها ويترتب على هذا الايجاب والتحريم فيكفي في ثبوت التكليف عندهم فصول العلم الادراك وهو حاصل لكل عاقل عنده ويترتب على هذا ايضا انهم اوجبوا على الله اشياء وحرموا على الله اشياء بموجب تحسينهم الذي زعموا قاسوا الله جل وعلا على المخلوق فكما يحسن من المخلوق اشياء ويجب عليه اشياء ويمتنع عليه اشياء كذلك يجب ويحسن ويمتنع على الله تبارك وتعالى. وهذا لا شك انه من اعظم الظلم وضع للشيء في غير موضعه كيف يقاس ربنا العظيم الذي ليس كمثله شيء والذي لم يكن له كفوا احد والذي لا نعلم له سمية كيف يقاس في المخلوق؟ فيوجب عليه ما يوجب على المخلوق يحرم او يمنع مما يمنع منه المخلوق وهكذا. لا شك ان هذا من اعظم الضلال ومن اعظم الظلم الامر الثاني الذي رجعوا اليه في قولهم السالف في العبادة والاثابة ان القوم قدرية قائلون بان العباد خالقون لافعالهم عند هؤلاء العبد هو الذي خلق فعل نفسه فقدرته مستقلة ومشيئته مستقلة يعني عن الله جل وعلا وبالتالي هو الذي احدث فعل نفسه وليس لله جل وعلا في مشيئته وقدرته وخلقه تأثير في هذا الفعل الذي صدر من العبد. وبالتالي فاذا كان ذلك كذلك فاي تعلق لتفضل من الله جل وعلا او منة من الله جل وعلا في اثابة العبد على فعله. هو فعل فعلا ماذا مستقلا خلقه بنفسه وبالتالي فيستحق الثواب على هذا الفعل الذي صدر منه ولا شك ان هذا باطل كما اسلفنا غير مرة بل العبد يفعل بمشيئته وقدرته التابعة لمشيئة الله عز وجل وقدرته فالله عز وجل هو الذي اعطى بقدرته قدرة العبد وهو الذي جعل العبد شائيا للاشياء وهو الذي خلق كل شيء. العبد وصفاته وافعاله وهذا قائم على ادلة كثيرة جدا اوليس قد قام الدليل بان افعال العباد خليقة الرحمن من الف او قريب الالف يحصيها الذي يعني بهذا الشأن المقصود ان هذين الاصلين العقديين عندهم اثمر ان قالوا بان الله جل وعلا يثيب العباد وجوبا لا تفضلا لهذه العبادات حكمة ولكنها لا ترجع الى الله سبحانه وتعالى انما ترجع الى تحقيق مصالح العباد لا غير و انت اذا تأملت في مذهب هؤلاء القدرية وقابلته بمذهب نفات القدر الجبرية للقائلين بالجبر الذين هم الجبرية اعني الغلاة في اثبات القدر وجدت ان هؤلاء اخذوا شيئا من الحق وتركوا شيئا فحينما يستدل الجبرية على ان الاثابة فضل من الله جل وعلا بالادلة المثبتة على هذا اصابوا لكنهم حينما ينفون تأثير حسنات العباد في حصول الثواب من جهة التسبب اخطأوا في مقابل هذا اذا استدل هؤلاء القدرية بان الثواب ناتج عن الحسنات ومسبب عن الحسنات اصابه لكنهم حينما يقولون ان الله جل وعلا يجب عليه وجوبا من العباد ان يثيبهم او ان الثواب ليس راجعا الى فضل الله عز وجل اخطأوا وبالتالي فكل دليل صحيح يستدل به الجبرية على القدرية وكل دليل صحيح يستدل به القدرية على الجبرية فما صح من ادلة هؤلاء هو رد قوي على قول هؤلاء والعكس صحيح ايضا ويبقى ان قول اهل السنة والجماعة هو القول الصواب الذي جمع الحق المحض والذي اه سلمه الله عز وجل من خطأ هذين الفريقين وهذا ما يشير اليه المؤلف رحمه الله في الكلام الاتي. نعم. قال الله هاتان الطائفتان متقابلتان فالجبرية لم تجعل للاعمال ارتباطا بالجزاء البت. وجوزت ان يعذب الله من افنى عمره في الطاعة وينعم من افنى عمره في مخالفته. وكلاهما سواء بالنسبة اليه. والكل راجع الى محض المشيئة. والقدر اوجبت عليه سبحانه رعاية المصالح. وجعلت ذلك كله بمحض الاعمال. وان وصول الثواب الى العبد بدون عمله فيه تنقيص باحتمال منة الصدقة عليه بلا ثمن. فجعلوا تفضله سبحانه على عبده بمنزلة صدقة العبد على العبد. وان اعطاء ما اعطيه اجرة على عمله احب الى العبد من ان يعطيه فضلا منه بلا عمل. ولم يجعلوا للاعمال تأثيرا في الجزاء البتة الطائفتان منحرفتان عن الصراط المستقيم وهو ان الاعمال اسباب موصلة الى الثواب. والاعمال الصالحات من توفيق الله تعالى وفضله وليست قدرا لجزائه وثوابه. بل غايتها اذا وقعت على اكمل الوجوه ان تكون شكرا على احد الاجزاء القليلة من نعمه سبحانه فلو عذب اهل سماواته واهل ارضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم لك انت رحمته لهم خيرا من اعمالهم لا شك ان هذا هو المذهب الحق الذي مضى عليه اهل السنة والجماعة ويتلخص في امرين الاول ان الاثابة محض فضل الله عز وجل قطعية الثبوت الاثابة محض فضل الله جل وعلا قطعية الثبوت الامر الثاني ان الحسنات سبب حصول الاثابة سبب حصول النعيم وبهذين تفهم خطأ كل فريق من الفريقين السابقين اولا ان الثواب محض فضل الله جل وعلا قطعي الثبوت ويدل عليه ثلاثة انواع من الادلة اولا ان الله جل وعلا كتب على نفسه اثابة الطائعين واحق على نفسه جزاء المحسنين ليس هذا الكتب وليس هذا الاحقاق من العبد على الله كلا فالله اعز من ذلك والعبد احقر من ذلك انما هذا شيء كتبه هو جل وعلا على نفسه. واحقه هو على نفسه. كما قال جل وعلا كتب ربكم على الرحمة قال صلى الله عليه وسلم اتدري ما حق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا. فهذا شيء كتبه على نفسه واحقه على نفسه جل وعلا الامر الثاني ان الله جل وعلا وعد باثابة المطيعين وبجزاء المحسنين في ايات كثيرة في كتاب الله جل وعلا. وكذا في سنة النبي صلى الله عليه وسلم. والله لا يخلف الميعاد فتحق موعوده امر قطعي لان هذا هو اللائق به سبحانه وتعالى. الامر الثالث ان الله جل وعلا اخبر عن نفسه انه لا يظلم ومن الظلم عدم ايفاء المحسنين ثوابهم. لانه اوجبه على نفسه فعدم حصول الثواب وضع للشيء في غير موضعه و الله جل وعلا يقول ومن يعمل من الصالحات وهو مؤمن فلا يخاف ظلما ولا بخسة فلا يخاف ظلما ولا بخسة ولا فلا يخاف احسنت ظلما ولا هضما. فدل هذا على ان عدم الثواب ظلم يتنزه الله تبارك وتعالى عنه اذا هذه ثلاثة ادلة تدل على ان الاثابة محض فضل من الله جل وعلا فهو الذي يمن بالعمل للصالح اولا ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا. ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان فدل هذا على ان التوفيق للاعمال الصالحة فضل من الله جل وعلا هذا اولا وثانيا اثاب تفضلا سبحانه وبشر المؤمنين بان لهم من الله ماذا فضلا كبيرا. اذا القضية قضية ماذا؟ قضية تفضل وليست القضية قضية مثامنة. وقضية معاوضة الامر الثاني ان الحسنات هي سبب حصول هذا الثواب جزاء بما كانوا يعملون نزلا بما كانوا يعملون. فتجد في ادلة كثيرة الله جل وعلا يربط بين الحسنة وبين حصول ثواب ولا يمكن بحال ان تكذب او تؤول هذه النصوص الصريحة. اذا هذان الامران يجمعان الحق في هذه المسألة فليست الحسنات عوضا ومثامنة لاعمال العباد بل لا يمكن لعاقل ان يكون آآ قائلا بهذا القول سبحان الله العظيم كيف يكون هل الثواب وكيف تكون الجنة ثوابا على اعمال العباد والله عز وجل هو الذي وفق العبد وهو الذي اعطاه القدرة وهو الذي رزقه المشيئة وهو الذي خلق فعله ثم يكون واجبا عليه وجوبا لا منة ان يثيب كيف يكون ذلك وحسنات العباد مهما اجتهد فيها الانسان فالتقصير لازم فيها كيف يكون ذلك وحسنات العباد مقابلة بسيئات اضعافها درجات كثيرة كيف يكون ذلك؟ وحسنات العباد جميعا لا تفي بعشر معشار شكر نعمة الله سبحانه وتعالى وقد ثبت في الشرع والعقل ان شكر المنعم سبحانه وتعالى واجب على العباد وشكر الله عز وجل على النعم انما يكون بطاعته قال صلى الله عليه وسلم يصبح على كل سلامى من الناس ماذا صدقة سلامى ما معناها ها مفاصل ثلاث مئة وستون مفصلا في العبد عليه مقابل كل مفصل حتى يؤدي نعمة كل مفصل ان يؤدي ماذا صدقة اذا الطاعات هي شكر هذه النعم اذا كانت ثلاث مئة وستون نعمة فقط في المفصل فكيف بغيرها يقول ابن القيم رحمه الله تأمل في نعمة النفس فقط ولله على العبد في كل يوم وليلة اربعة وعشرون الف نعمة تتنفس اربعة وعشرين الف مرة خلال اليوم والليلة. اذا عليك لله سبحانه وتعالى ان تؤدي هذا الشكر له سبحانه وتعالى وربما كان الامر اكثر من هذا بكثير فكيف بنعمة الصحة والنظر وهذا اه الامن وهذه الخيرات والماء والطعام الى اخره وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فمن تأمل هذا علم ان قول النبي صلى الله عليه وسلم حق وانه لو عذب اهل السماوات والارض ما كان ظالما لهم لكن رحمته جل وعلا اوسع له. اوسع لهم من اعمالهم. القضية لو كانت مساومة ومثامنة فان نعمة واحدة كل اعمال العباد ولو عمروا مئات السنوات لا يمكن ان توفي حق وشكر نعمة واحدة لله جل وعلا. اذا هؤلاء المعتزلة اخطأوا خطأ عظيما حينما قالوا هذا القول كما ان اولئك الذين نفوا ان يكون للحسنات تأثيرا في حصول الثواب قد عارضوا ادلة كثيرة لا يمكن ان آآ يجحدها الانسان في كتابي والسنة نعم قال رحمه الله وتأمل قوله تعالى وتلك الجنة التي اورثتموها بما كنتم تعملون. مع قوله صلى الله عليه وسلم يدخل احد منكم الجنة بعمله تجد الاية تدل على ان الجنان بالاعمال والحديث ينفي دخول الجنة بالاعمال ولا بينهما لان توارد لان توارد النفي والاثبات ليس على محل واحد نعم التنافي التعارض التناقض انما يحصل اذا توارد النفي والاثبات على محل واحد لكن هنا ليس ثمة تعارض بين قول الله جل وعلا اورثتموها بما كنتم تعملون وبين قوله صلى الله عليه وسلم لن يدخل احد منكم الجنة بعمله فالمنفي شيء والمثبت شيء اخر انما لو كان المنفي والمثبت شيء واحد فهذا من التنافي الذي هو ممتنع. يعني لو قلت اه وسام شاعر ووسام ليس بشاعر كلامي متناقض ولا لا متناقض لانني اثبت ونفيت في محل واحد لكن لو قلت وسام شاعر وليس طبيبا هل انا الان متناقض لا لم؟ لان الاثبات تعلق بشيء ولان النفي تعلق بشيء اخر كذلك هنا الذي اثبته الله عز وجل هو ان الاعمال الصالحة سبب في دخول الجنة وليس انها عوض وثمن لدخول الجنة. وفين الامرين فرق قال جل وعلا اورثتموها بما كنتم تعملون. يعني هي مجرد سبب. والسبب لا يستقل بحصول المسبب كما قد علمنا سابقا اما قوله جل وعلا لن يدخل احد منكم الجنة بعمله هذا ينفي ان تكون الاعمال سببا ان تكون الاعمال ثمنا لدخول الجنة. هذا لا يمكن ان يكون. كما اسلفنا حتى النبي صلى الله عليه وسلم. قالوا ولا انت يا رسول الله فقال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمته نعم قال رحمه الله فالمنفي باء الثمانية واستحقاق الجنة بمجرد الاعمال. اين هذا اين هذا النفي؟ لن يدخل اه لن يدخل احد منكم الجنة بعمله. نعم ردا على القدرية المجوسية التي زعمت ان التفضل بالثواب ابتداء متضمن لتكدير المنة. يقول لو يقولون لو كان القضية قضية تفضل لك انت هذه منة من الله على العبد والمنة تكدر المعروف سبحان الله اي جرأة هذه منة الله تكدر المعروف هذا لا يقوله عاقل اقول يا اخواني ان قول هؤلاء ان المنة تكدر آآ النعمة لا شك انه ناتج عن قياسهم افعال الله عز وجل على افعال الخلق الانسان اذا كان له مقابل يساويه فامتن عليه بفعل اسداه اليه حصل نقص على هذا الممنون عليه اما في المخلوق نفسه لو كانت المنة من شخص ارفع فانه لا نقص على الممنون عليه. ارأيت منة الاب على ابنه او منة السيد على عبده فكيف بمنة الله العظيم الذي هو الاله المعبود المحبوب العظيم الخالق سبحانه وتعالى بل اعظم السعادة والاغتباط في منة الله سبحانه وتعالى على عبده الم تسمع الى قول الله جل وعلا يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان فمنة الله عز وجل على عباده ليس فيها نقيصة على العبد بل فيها سعادة واغتباط من العباد لربهم سبحانه وتعالى. نعم. قال رحمه الله والباء المثبتة التي وردت في القرآن هي باء السببية جزاء ها بما كانوا يعملون اورثتموها بما انتم تعملون نعم ردا على القدرية الجبرية الذين يقولون الارتباط بين الاعمال وجزائها ولا هي اسباب لها وانما غايتها ان تكون امارة والسنة النبوية هي ان عموم مشيئة الله وقدرته لا تنافي ربط الاسباب مسببات وارتباطها بها وكل طائفة من اهل الباطل تركت نوعا من الحق. فانها ارتكبت لاجله نوعا من الباطل. بل انواع فهدى الله اهل السنة لما فيه من الحق باذنه والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه اجمعين هذا يقول ما حكم من يذهب الى الحج من غير ترخيص؟ ذكر سابقا يا اخواني لا تذهب الا بتصريح ليس عندك تصريح اجلس واجرك ثابت ان شاء الله ذهب شخص لاداء عمرة في اشهر الحج وذهب الى غير موطنه ثم رجع الى موطنه ثم يريد الذهاب الى الحج حكم العمرة السابقة انتهى. وانت الان بالخيار ان شئت ان تحج مفردا او متمتعا او قارن فالامر لك هذا يقول هل او ما هي الكتب التي تبين اصول اهل الكلام التي بنوا عليها مذاهبهم وهذا ايضا سؤال في نفس المعنى اه الكتب على كل حال كثيرة اه ويكاد ان يكون في كل مذهب من المذاهب المخالفة كتاب او اكثر حررت هذا المذهب و تجلت اصوله وبينت فروعه ويمكن ان تطلبها وهي موجودة متوفرة هذا عدا عن ان كتب شيخ الاسلام وابن القيم رحمه الله تبين لك ايضا اصول هذه الاقوال ومرتكزاتها وخلفياتها. فاوصيك بالحرص على القراءة فيها وبالنسبة للمسألة التي بين ايدينا فاحسن ابن القيم ما شاء الله ان يحسن في بيان خطأ كل من القدرية والجبرية في موضع عظيم في كتابه مفتاح دار السعادة وكذلك في كتابه شفاء العليل فان كنت من طلاب العلم فاحرص على الرجوع الى هذين الموضعين اضافة الى الاصل الذي في مدارج السالكين والذي نقل كلامه المؤلف باختصار قلتم ان الجبرية تنقسم الى قسمين قلت ان الجبرية جبرية غالية وهم الجهمية وجبرية متوسطة وهم الاشاعرة لقولهم بالكسب يقول اذا وضعت المصحف في الجيب الجانبي للثوب لا انصحك بهذا ولا ارى انه يسوء لا ارى انه يسوء وضع المصحف في الجيب الجانبي فهو محل غير مناسب والامر الاخر اذا جلست فانه يكون على الارض ولا انصحك ولا ينصح اهل العلم فيما اعلم بوظع المصحف في هذا المكان فاما ان تمسكه بيدك او تظعه في جيبك الاعلى هل السيئات تؤثر في نفس العمل بانتقاص اجره ام تؤثر في غيره من الاعمال السابقة كيف تكون السيئة مؤثرة في نفس العمل ان كان المراد تؤثر في عمل صالح هي تصاحبه؟ نعم وعلى كل حال للسيئات كما ذكرنا تأثير في احباط الحسنات كما ان للحسنات تأثير في مغفرة السيئات التأثير حاصل من الجانبين كما قرر هذا اهل السنة والجماعة فقد تؤثر السيئة اللاحقة في حسنة متقدمة اما بانقاص الثواب واما باذهابه وفي هذا يقول اهل العلم ومنهم شيخ الاسلام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وهذه المسألة قل ان تخطر على بال العامل ولذا كان من المتعين على المسلم اذا عمل صالحا ان يحافظ عليه فلا يأتي بعده بمعصية تنقص اجره او تحبط اجره فالسيئات دون الكفر قد تحبط الحسنات المتقدمة حبوطا جزئيا لا كليا بمعنى انه لا يمكن ان تكون سيئة او وسيئات تحبط كل الحسنات الا الكفر فالكفر يحبط جميع الحسنات اذا اتصل بالوفاة يقول هل الخلاف في خلق افعال العباد هو الحركات التي يقوم بها العبد؟ نعم هذه الافعال التي يفعلها العبد الحق انها مخلوقة لله عز وجل وان كانت كسبا للعباد. فيجتمع فيها الامران العبد هو المتحرك والله جل وعلا هو المحرك العبد هو المصلي حقا والله عز وجل هو الذي جعله كذلك يقول سبحانه وجعلناهم ائمة يهدون بامرنا وجعلناهم ائمة يدعون الى النار. هم يهدون ويدعون. اذا يفعلون. والله هو الذي جعل لهم كذلك فهذا هو المذهب الوسط الحق عند الذي عليه اهل السنة والجماعة سافرت من المدينة الى جدة وسكنت في فندق وكان بجوار الفندق مسجد قال اصلي الجماعة؟ نعم. لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم من سمع النداء فليجب او فلا صلاة له الا من عذر فهذا الحديث عام وعليك اذا كان بجوارك مسجد ان تصلي مع الجماعة واذا اتممت بمتم فانك تتم هذه هي سنة النبي صلى الله عليه وسلم هل هذه العبارة صحيحة؟ نعم الله لا تعد ولا تحصى. نعم العباد لا يعدونها يعني لا يحصونها وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها. فمهما عد الانسان واستحظر نعم الله عز وجل فانه فاته شيء كثير بل اكثر مما عد. فنعم الله عز وجل تفوق الاحصاء هذا يسأل عن المسح على الجوارب الخفيفة فالصواب ان كلما كان جوربا او خفا سميكا كان او خفيفا فانه يجوز المسح عليه على الصحيح والله تعالى اعلم وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه