بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين صلى الله وسلم وبارك على سيدي ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا وانفعه وانفع به يا رب العالمين. قال الشيخ حافظ الحكيم رحمه الله تعالى في كتابه اعلام السنة المنشورة هل يدخل الجنة او ينجو من النار احد بعمله؟ الجواب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاربوا وسددوا واعلموا انه لن ينجوا واحد منكم بعمله قالوا يا رسول الله ولا انت؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله برحمة منه وفضل. وفي رواية سدد وقاربوا وابشروا فانه لن يدخل الجنة احد عمله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله منه رحمة واعلموا ان احب واعلموا ان احب العمل الى الله ادومه وان قل. كمل قال رحمه الله ما الجمع بين هذا الحديث وبين قوله تعالى ونودوا ان تلكم الجنة اورثتموها بما كنتم تعملون الجواب لا منافعة بينهما بحمد الله. فان الباء المثبت في الاية هي باء السببية. لان الاعمال الصالحة سبب في دخول لا يحصل الا بها. اذ المسبب اذ المسبب وجوده بوجود سببه. والمنفي في الحديث هي باء الثمنية. فان العبد لو عمر فان العبد لو عمر عمر الدنيا وهو يصوم النهار ويقوم الليل ويجتنب المعاصي كلها كلها لم لم يقابل كل عمل عشر معشار اصغر نعم الله عليه الظاهرة والباطنة. فكيف تكون ثمنا لدخول الجنة؟ رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين ان الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور انفسنا ومن سيئات اعمالنا ما علينا من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان نبينا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى اله واصحابه وسلم تسليما كثيرا اما بعد فقد ختم المؤلف رحمه الله مباحث ومن الاخر بالكلام عن موضوع الثواب. وقد مر بما في دروس سابقة ان الله جل وعلا خلق الخلق بالحق وللحق وذلك يتضمن امرين امرا مرادا من الخلق وامرا مرادا بهم اما المراد منهم فعبادة الله وحده لا شريك له. وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون واما المراد بهم فانه جزاؤهم. الثواب والفضل على حسناتهم وبالعدل على سيئاتهم. وهذا هو الموضوع المتعلق بهذين السؤالين اثابة الله عز وجل للخلق على اعمالهم هو الذي خلق الخلق سبحانه وتعالى لاجله مما اراده بهم. انه يبدأ الخلق ثم يعيده ليجزي الذين امنوا وعملوا الصالحات بالقسط. وجمع الامرين في قوله تعالى افحسبتم انما خلقناكم عبثا وانكم الينا لا ترجعون. قال علماء السلف افحسبتم انما خلقناكم عبث لا تؤمرون ولا تنعون ولا تثابون ولا تعاقبون. فجمع سبحانه وتعالى هذين الحقين في هذه الاية. الله عز وجل يثيب على الاعمال الصالحة. اذا وجد شرط القبول وانتفى مانع انتبه لهذا الله عز وجل يثيبك يا ايها المسلم على حسناتك اذا وجد شرط الاثابة وانتفى المانع. اما شرط الاثابة فامران. الاخلاص لله سبحانه والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم. واما المانع من الاثابة فامران الاول زوال او المانع هو حبوط العمل الصالح وقد قلنا سابقا ان الحبوط نوعان كلي وجزئي. اما الحبوط الكلي فهو حبوط جميع الاعمال الصالحة وذلك لا يكون الا بالكفر الاكبر. اما الحبوط الجزئي فانه حبوط فانه حبوط بعض الحسنات بسبب بعض المعاصي. فاذا حبط عمل صالح فان الانسان لا يثاب عليه. هذا الاول والثاني المانع الثاني ترجح كفة السيئات على الحسنات في الميزان. فانه متى ما ترجحت كفة السيئات فانها اسقطت ما يقابلها من الحسنات. اذا هذان مانعان لابد من زوالهما حتى تحصل الاثابة على العمل الصالح. لا بد من زوال الامرين. المحبط للثواب. ولابد من ان ترجح كفة الحسنات على السيئات. اما ثواب الله عز وجل فانه ثواب عظيم وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا. ويدل على هذا اولا ان الله سبحانه قد وعد على العمل الصالح ثواب مضاعف من جاء بالحسنة فله عشر امثالها. هذا ادنى درجات المضاعفة. ان تثاب على الحسنة عشر امثالها الذي تستحقه. ومن الناس من يضاعف الله عز وجل له الحسنة اكثر من ذلك الى سبع مئة ضعف. ومنهم من يثيبه سبحانه على الحسنة باكثر من هذا الى اضعاف مضاعفة لا يعلمها الا الله. اذا هذا امر الامر الثاني ان الله عز وجل يصيب على الحسنة وعلى ما تولد منها او تفرع عنها او كان مسببا عنها كل ذلك مما يثيب الله سبحانه وتعالى عليه جل وعلا ذلك ان الانسان اذا عمل حسنة نتج عنها خير فان الانسان يثاب على هذا الخير ايضا ولهذا قال صلى الله عليه وسلم من دعا الى هدى فله مثل اجر من تبعه. من سن في الاسلام سنة حسنة فله اجرها واجر من عمل بها الى يوم القيامة. وبالتالي فان كل فان كل حسنة تؤثر او تورث خيرا فانك مثاب عليها ايضا. مهما وهذا فضل كبير. الامر الثالث الذي يدلك على ان الثواب فضل عظيم من الله سبحانه ان الثواب على الحسنات يكون في الدنيا ويكون في الاخرة ايضا. وهذا من الله عظيم ليس الثواب على الحسنة في الاخرة فقط نعم ايفاء الثواب كماله انما يكون في الاخرة. وانما توفون اجوركم يوم القيامة. لكن حتى في الدنيا فان الانسان يثاب على حسناته قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم ان الله لا يظلم مؤمنا حسنة يعطى بها في الدنيا ويدخر له في الاخرة. هذا فضل عظيم من الله سبحانه ومن امثلة ذلك قوله تعالى فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا يرسل السماء اعليكم مدرارا ويمددكم باموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم انهارا. اذا هذه فتقول تدلك على ان ثواب الله عز وجل ثواب عظيم. وبشر المؤمنين بان لهم من الله فضلا كبيرا. نأتي الان الى الموضوع الذي اورده المؤلف رحمه الله وهو اثارة الله على الحسنات ملخص معتقد اهل السنة والجماعة في هذا المقام امران يتلخصوا هذا الموضوع في اصلين الاول ان الثواب محض فضل الله سبحانه وتعالى. الثواب محض فضل الله سبحانه وتعالى قال الله جل وعلا عن اهل الجنة الذي احلنا دار المقامة ماذا؟ من فضله فالثواب انما كان فضلا من الله سبحانه وتعالى. الاصل الثاني ان العمل طالح سبب حصوله. ان العمل الصالح سبب حصوله وتلك الجنة التي اورثتها بما كنتم تعملون. ونودوا ان تلكم الجنة. اورثتموها بما كنتم تعملون اذا عندنا اصلان يلخصان موقف اهل السنة والجماعة في مسألة الاثابة على الحسنات الاول الثواب محض فضل الله سبحانه وتعالى. والعبد لا يستحق على والله شيئا لا يستحق على ربه شيئا. لا يفرض على ربه شيئا. لا يستوجب هو من نفسه على ربه شيئا. المسألة وقضيضها محظوظ تفضل من الله سبحانه وتعالى تعالوا والامر الثاني ان العمل الصالح سبب حصول هذا الثواب. نأخذ الامرين على وجه التفصيل. اما الاصل الاول وهو ان الاثابة محض فضل الله سبحانه وتعالى فان اهل السنة والجماعة يعتقدون ان اثابة الله على الحسنات بالتفضل من الله عز وجل واجب الوقوع لابد ان يقع وهذا يرجع عندهم الى ثلاثة انواع من الادلة اما الدليل الاول فهو ان الله سبحانه كتب على نفسه واوجب على نفسه اثابة المحسنين. كتب ربكم على نفسه الرحمة. انه من منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده واصلح فانه غفور رحيم. اذا هناك ايجاب من الله على نفسه وكتابة من الله على نفسه انه يثيب الطائعين على اعمالهم الصالحة وثبت في الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رضي الله عنه اتدري ما حق الله على وما حق العباد على الله؟ قال الله ورسوله اعلم. قال حق الله على العباد ان يعبدوه ولا يشركوا بي شيئا وحق العباد على الله الا يعذب من لا يشرك به شيئا. اذا عندنا ها هنا حق للعبد على الله سبحانه وتعالى. ولكن هذا الحق انما كان باحقا اعطي الله على نفسه لا ان العبد استحق من ذاته على ربه شيئا او انه اوجب على ربه شيئا حاشا وكلا وتعالى الله عن ذلك علوا كبيرا. اذا لو سألنا سائل فقال الثواب هل هو حق على الله سبحانه وتعالى؟ ما الجواب ان نقول لابد من التفصيل. فان كنت تريد ان الثواب حق من العبد او العبد على ربه باحقاق العبد على ربه؟ فالجواب كلا. وان اردت ان هذا حق واجب لان ان الله احقه واوجبه على نفسه فنعم. ما للعباد ما للعباد عليه حق واجب هو اوجب الحق العظيم هو اوجب الحق العظيم الشان. شوف ابن القيم رحمه الله جمع بين الامرين. ما العباد عليه حق واجب يعني كونهم هم احق على الله. هو اوجب الحق العظيم الشامي هو الذي اوجبه سبحانه وتعالى على نفسه جل وعلا. قال كلا ولا سعي لديه ضائع ان كان بالاخلاص سوى الاحسان ان عذبوا فبعدله او نعموا فبفضله والحمد للمنانين. ان كان ثمة عقاب فان ان هذا العقاب واقع بعدل الله سبحانه وتعالى وان كان ثوابا فان هذا واقع بفضل الله سبحانه وتعالى. اذا هذا هو الدليل الاول. الدليل الثاني ان الله جل وعلا عاد باثابة المحسنين على اعمالهم الصالحة. والله لا يخلف الميعاد. وعد الله لا يخلف الله وعده. قال سبحانه اولئك الذين نتقبل عنهم احسن ما ونتجاوز عن سيئاتهم في اصحاب الجنة ماذا؟ في اصحاب الجنة وعد الصدق الذي كانوا يوعدون ومر بنا في درس قريب قول النبي صلى الله عليه وسلم انت الحق ووعدك حق. اذا الله سبحانه وعد باثابة المطيعين ولابد ان يقع ما وعد الله سبحانه وتعالى به لانه لا يخلف الميعاد. هذا يتنافى كمال الله سبحانه وما تستحق وما يستحقه بصفاته ونعوت جلاله سبحانه وتعالى. اخلاف الوعد لا يليق بكمال الله سبحانه وتعالى. الامر الثالث ان الله نفى عن نفسه الظلم. الله نفى عن نفسه الظلمة ومن الظلم عدم اثابة المحسنين. قد يقول قائل اليس الثواب محض فضل من الله سبحانه؟ وهل اذا ترك المتفضل فضله يكون ظالما نقول لا ولكن المقام ها هنا مختلف لان الظلم ما هو وضع الشيء في غير موضعه المختص به. فليس كذلك؟ فلما وعد الله سبحانه باثابة المحسنين على اعمالهم كان خلاف ذلك ماذا؟ ظلما لانه وضع الشيء في غير موضعه فان وجه كوني عدم الاثابة ظلما هو من هذا الوجه انه وضع للشيء في غير موضعه اخلاف الوعد الذي وعد الله سبحانه وتعالى به عباده. هذا وضع للشيء في غير موضعه كان عدم اثابته على الحسنات ظلما. ولهذا نبه الله سبحانه وتعالى على هذا الامر على هذا الامر في قوله اولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا ما هو النقير؟ هذا العرب تستخدم كلمة النقير كناية عن صغر الشيء وحقارته. هو النقرة او النكتة التي تكون على ظهر النواة. انظر كيف هي. صغيرة جدا. ومع ذلك لو اتى الانسان عمل صالح بهذا المقدار فان الله جل وعلا لا يظلمه على ذلك. قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله الله لا يظلم مؤمنا حسنا. فدل هذا على ان عدم الاثابة ظلم والله تعالى يتنزه عن الظلم. يا عبادي اني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما في نفي الظلم عن الله سبحانه وتعالى كثيرا. اذا عندنا ثلاثة ادلة تدل على ان هذا الفضل متحقق الوقوع لازم الوقوع. اولا ها؟ ها يا شيخ نعم؟ ان الله لا يخلف الميعاد. والثانية هذا هو ان الله كتب على نفسه. ثالثا ان الله لا يظلم مثقال ذرة الله لا يظلم مثقال ذرة فكل عمل صالح اقبل العبد به على ربه فان الله تعالى سيثيبه عليه سبحانه وتعالى اذا هذه آآ خلاصة ما يتعلق بالامر الاول وهو ان الثواب محض فضل الله سبحانه وتعالى. ننتقل الان الى الاصل الثاني وهو ان العمل حصول الثواب. العمل سبب حصول الثواب. وذلك ان الله تعالى لحكمته تقدر حصول الاشياء باسبابها. وقد يقدر حصولها بلا اسباب. فان ان الله غني عن الاسباب والتسبب. ولكنها حكمة له سبحانه وتعالى. ولاجل هذا تجد في القرآن ان الله تعالى جعل الحسنات سببا في حصول الثواب. اورثتموها بما كنتم تعملون. جزاء بما كانوا يعملون. في ايات كثيرة. اذا الثواب انما كان انما كان بسبب وهو وهو ان الله سبحانه وتعالى جعل الحسنات سببا لحصول الثواب واذا علمت هذا فاعلم ايظا ان ليس كل ما ترتب على سبب لا يحصل بدونه. ليس كل ما ترتب على سبب لا يحصل بدونه بل قد يحصل بدونه. مثال ذلك سبب وجود الولد. اليس والدا اجيبوا بلى ومع ذلك فان الله سبحانه وتعالى قادر على ان يوجد الولد بلا والدين كما اوجده ادم وكما اوجد حواء وكما اوجد عيسى وكما اوجد ناقة صالح الى اخره. اذا كون الشيء مترتب حصوله على سبب لا يعني انه لا يحصل بدونه وهذا دليل على ربوبية الله سبحانه وتعالى وعظمته وحتى لا تتعلق القلوب بالاسباب ولذا في مسألة الحسنات قد يدخل الله سبحانه وتعالى الجنة ويثيب بالثواب بلا وجود هذا السبب. كما انه يدخل الذرية الصالحة تبعا لابائهم في الجنة. كما انه يخلق خلقا كما مر بنا في درس امس يخلق خلقا ثم يدخلهم الجنة فيكونون فيما فضل منها اذا حصل الثواب حصل دخول الجنة بلا بلا سبب. اذا ليس كل ما رتب على سبب لا يحصل لا يحصل بدونه. ولهذا فان التعلق بالسبب لا ينبغي ان يكون انما ينبغي ان يكون التعلق بالمسبب. وبالتالي فالثواب ورحمة الله سبحانه وتعالى لم تكن من عملك وانما كانت بسبب عملك ولولا ان الله تغمدك فانك لم ترحم. واضح يا اخوان؟ اذا هذه مسألة مهمة حتى تضبط مسألة كون الثواب سببا لحصول لحصول الاجر من الله سبحانه وتعالى. ولاجل هذا اخطأ في فهم هذه القضية بعض الناس لهم طائفة من اهل البدع المعتزلة هؤلاء جعلوا اثابة الله سبحانه وتعالى على الحسنات حقا واجب من على الله على سبيل المقابلة والمعاوظة. ليست القظية قظية ماذا؟ تفضل. انما والمسألة عندهم ماذا؟ انما هي مسألة مقابلة مثامنة معاوضة الاصل في ذلك عند اهو ان القوم قالوا بالتحسين والتقبيح العقلي الذي بموجبه اوجب وعلى الله سبحانه وتعالى ورتبوا امورا كثيرة منها انهم اصبحوا مشبهة في الافعال فكل ما هنا في عقولهم من افعال الناس فهو حسن في فعل الله وكل ما كان قبيحا في افعال الناس فانه قبيح في حق الله سبحانه مع ان الله ليس كمثله شيء هل تعلم له سم يا؟ من ذلك انهم قالوا ان الثواب انما هو اجرة يستحقها العامل مقابل استئجاره. يعني لو اتيت الان بعامل يعمل لك شيئا ما. ثم انه بعد ان انتهى؟ قلت خذ هذا المال تفضلا مني عليك. هل يقبل لا يقبل يقول لا انا اخذ المال على سبيل ماذا؟ المقابلة هذا حق لي عليك اليس كذلك؟ هذا مقابل هذا هذا العمل يقابله يقابله الاجرة. قالوا كذلك الله سبحانه وتعالى كلف بهذه التكاليف التي فيها مشقة وبالتالي فاذا قاموا بها فانهم يستحقون هذا الثواب لا على سبيل التفظل. ولذا اذا نظرت في تفسير سورة الاعراف عند الزمخشري في تفسيره وهو على هذا المذهب الاعتزالي تجده يقول في قوله تعالى اورثتموها بما كنتم تعملون. يقول لا على سبيل المقابل كما تقوله المبطلة اورثتموها يعني على سبيل على لا عفوا قال لا على سبيل تفضل كما تقول المبطلة لا على سبيل التفظل كما تقول المبطلة يعني انما استحق الانسان هذا العمل على سبيل ماذا المقابلة على سبيل المعاوضة واستدل بهذه الاية وامثالها كقوله تعالى جزاء بما كانوا يعملون فهو وكما تقول هذا هذا الحصان بالف درهم. الباء هنا باب ايش؟ باء المعاوضة باء المقابلة كما يقول اللغويون او كما يقول بعض الفقهاء باء المثامنة ولا شك ان هذا باطل صحيح بل الصواب الذي لا شك فيه ان الباء في قوله تعالى اورثتموها بما كنتم تعملون انما هي باء السببية على نحو قول الله سبحانه فان فاحيينا به الارض وبعد موتها السؤال احياء النبات هل كان فعلا من المطر؟ مستقلة او كان مجرد مجرد سبب. ولذا فكل العقلاء يعلمون ان السبب لا يستقل اصول المسببة السبب لا يستحل لا يستقل بحصول المسبب بل لا بد من وجود اسباب اخرى معينة ولابد ايضا من زوال المانع ولذلك قد ينزل المطر من السماء ولا يحصل نبات اليس كذلك؟ لا يحصل انبات اما عدم وجود الشمس انظر هذا سبب اخر او اه لوجود مانع كان تكون الارض سبخة الى غيرها لذلك من الاسباب كذلك في الثواب لا بد من ان يقبل الله سبحانه لا بد من ان يغفر الله سبحانه وتعالى. اذا ليس ليست الباء ها هنا باء الثمنية باء المقابلة ما اخبر الله سبحانه وتعالى عن الكفار اولئك الذين اشتروا الحياة الدنيا بالاخرة هذه باء المقابلة باء الثمنية لكن الباء في قوله اورثتموها بما كنتم تعملون هي باء السببية. اذا فرق بين هذين الحرفين الباء التي هي للسببية والباء التي هي الثمنية او للمقابلة. والرد على هؤلاء من اوجه كثيرة اولا ان هذا القول الذي قالوه ان العمل يستحق به الانسان الثواب من الله لا على سبيل التفضل هذا مردود اولا بنصوص الكتاب والسنة الكثيرة ومنها النص الصريح الذي سمعته قبل قليل وهو قول النبي صلى الله عليه وسلم لن يدخل الجنة فانه لن يدخل الجنة احد احدا عمله. فهذا نصف صريح وكل ما خالف الكتاب والسنة فانه باطل. الامر الثاني ان المقابلة انما تصح فيما كان ينتفع به المقابل. والله سبحانه وتعالى غني عن للعبد هو عن اعماله ولا ينتفع باعماله. اليس كذلك؟ قال سبحانه ومن شكر فانما يشكر لنفسه قال الله عز وجل في الحديث القدسي يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري فتضروني ان تبلغوا نفعي فتنفعوني. يا عبادي لو ان اولكم واخركم وانسكم وجنكم كانوا على اتقى قلب رجل من واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئا. اذا لا مقابلة هنا لانه لا انتفاع في من؟ في من مقابل حتى تقولون ان هذا مقابل مقابل هذا. ثانيا الا تكونوا المسألة مسألة مقابلة والله عز وجل هو الذي من بالعمل الصالح اصلا. من الذي حرك قلب العبد لكي يعمل ووفقه لان يعمل وسدده في عمله ثم تقبله منه اليس هو الله سبحانه ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من احد ابدا ولكن الله حبب اليكم الايمان وزينه في قلوبكم وكره اليكم الكفر والفسوق والعصيان اولئك هم الراشدون. اذا الفضل لمن؟ لله سبحانه وتعالى يمنون عليك ان اسلموا قل لا تمنوا علي اسلامكم بل الله يمن عليكم ان هداكم للايمان ان كنتم صادقين اذا لا مجال اصلا لان يقال ان المقام ها هنا مقام ماذا؟ مقام معاوضة ومقام مقابلة. الامر الثالث انه لو كانت القضية قضية مقابلة ومعاوضة الصواب يقابل العمل ويساويه. هذا ما تقتضيه المعاوضة. اليس كذلك؟ والواقع ان الامر ليس كذلك اليس كذلك؟ لان الله يثيب على العمل بماذا؟ بثواب مضاعف فلا مجال للقول بان المقام مقامه معاوضة اذا الامر الرابع ان اعمال العباد مستحقة عليهم لكونهم عبيدا لله سبحانه وتعالى وكل عاقل يدرك ان العبد لا يستحق على سيده شيئا. الله عز وجل هو المولى وهو السيد وهو الخالق وهو المحيي وهو الرازق. فكيف يقال بعد ذلك؟ انه ان اثاب كان هذا على سبيلي المعاوضة. الامر الخامس ان يقال ان الله سبحانه وتعالى اذا اثاب على سبيل المعاوضة فانه لا يمكن ان يحصل ثواب اصلا وذلك ان عمل الانسان لو انه افنى حياته كلها لو افنى حياته كلها في طاعة الله عز وجل لو خر ساجدا منذ خلق والى قيام الساعة ما قام بشكري القليل من نعم الله سبحانه وتعالى. ولذا كل المسلمين متفقون على وجوب شكر نعم الله سبحانه وتعالى اليس كذلك؟ الم يقل النبي صلى الله عليه وسلم يصبح على كل سلامى من الناس صدقة سلامى مفصل يعني كل مفصل في جسمك وهذه النعمة يصبح عليك يا عبد الله واجب ان تتصدق بثلاث مئة وستين صدقة مقابل ماذا؟ شكر نعمة فاصل فقط فكيف بغيرها؟ يقول ابن القيم رحمه الله يكفي في هذا ان تعلم ان من نفس من اقل نعم الله سبحانه وتعالى في اعين الناس. وهو اربعة وعشرون الف في كل يوم وليلة. يتنفس الانسان اربعة وعشرين الف مرة. يعني من ثلاثة وعشرين الف الى اربعة وعشرين الف حتى نكون دقيقين. الاطباء يقولون يتنفس الانسان في الدقيقة تقريبا في الاحوال الاعتيادية ست عشرة تمرة احسبها خلال اربعة وعشرين ساعة تجدها اكثر من ثلاثة وعشرين الف مرة يعني ثلاثة او اربعة وعشرون الف نعمة. اذا انت مقابلها تحتاج ان تحدث اربعة وعشرين حسنة حتى تقوم فقط بشكر نعمتي النفس هذا الهواء الذي يدخل في جوفك وبك حياته وبه حياتك فكيف اذا ضممت اليه نعم كثيرة لو جلسنا نعددها من اليوم من الهذه اللحظة الى الفجر فاننا لا نستطيع ان نحصي الا اقل القليل فكيف يقال بعد ذلك؟ ان الثواب على الاعمال الصالحة يحصل على سبيل المعاوضة فاقل القليل من نعم الله عليك يستنفذ كل حسناتك. اليس قلارك؟ اليس كذلك يا اقل القليل من حسناتك مستنفذ عفوا كل حسناتك باقل القليل من نعم الله سبحانه وتعالى. الامر السادس هذا كله لو كانت حسنات الانسان حسنات كانت حسنات مستقيمة على ميزان شرعي وعلى ما تقتضيه المراقبة ايقاع العبادة على ما يحب الله عز وجل. فكيف والغفلة والتقصير غالبة علينا في اعمالنا الصالحة التي نعملها لله يقال بعد هذا اننا نستحق على حسناتنا ثوابا على سبيل المعاوضة يعني لو ان الله لم يعفو ويتجاوز ويغفر فاننا والله لا نستحق على حسناتنا الا اقل قليل لا نستحق ثوابا عليها الا اقل القليل. بل لو عذبنا الله سبحانه على تقصيرنا في نقوم به من حسنات لكنا مستحقين لهذا. فكيف يقال بعد هذا؟ ان حسنات العباد يستحق عليها على سبيل المقابلة الثواب من الله. اذا هذا مذهب رديء مذهب باطل مذهب فيه من سوء الادب مع الله عز وجل ما فيه. والحق ولا شك فيما قرره اهل السنة والجماعة قال المؤلف رحمه الله هل يدخل الجنة او ينجو من النار احد بعمله؟ فاجاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاربوا وسددوا. هذه جملة عظيمة من كلام النبي صلى الله عليه وسلم قاربوا وسددوا. سددوا اقصدوا السداد. والسداد هو الصواب احرصوا على الصواب. احرصوا على ان توقعوا ما امركم الله عز وجل به. على اكمل ما لا يكون. ثم قال سددوا وقاربوا كما هي اكثر الروايات وفيما نقل المؤلف رحمه الله قاربوا سددوا ان لم يكن سداد ان لم تكن اصابة فقاربوا الاصابة. احرصوا على ان تفعلوا ممكنة والمستطاع احرصوا على ان تفعلوا الممكنة والمستطاع ان لم يمكن ان تصيبوا الحق بكماله وتوقعوا زاده على اكمل الوجوه فلا اقل من ماذا؟ من ان تفعلوا ما تستطيعون حتى تقربوا الى هذا الى هذا الكمال قال واعلموا انه لن ينجو احد منكم بعمله. لا يستقل العمل الصالح بالنجاة. انما المعول على رحمة الله سبحانه وتفضله. قالوا يا رسول الله ولا انت؟ قال ولا انا هذا قاله الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم يجب علينا ان نعتقد صدق ما قال عليه الصلاة والسلام حتى النبي صلى الله عليه وسلم الذي هو سيد ولد ادم الذي هو اعلم الخلق بالله واشدهم له خشية واتقاهم له ومع ذلك لم تكن حسناته صلى الله عليه وسلم مستقلة بايجاب دخول الجنة انما كان ذلك بفضل الله سبحانه ورحمته. قال الا ان يتغمدني الله برحمة منه وفضل قال وفي رواية سددوا وقاربوا وابشروا. ذلك الامر في قوله وابشروا مأخوذ من كتاب الله عز وجل وبشر المؤمنين بان له من الله فضلا كبيرا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب ان يبشر اصحابه. وهذا يدلنا على ان من الامر الحسن ان يدخل الانسان السرور على اخوانه المسلمين. قال فانه لن يدخل الجنة احد لن يدخل الجنة احدا عمله. قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا انا الا ان يتغمدني الله منه الا ان يتغمدني الله منه رحمة الا ان يتغمدني الله منه رحمة واعلموا ان احب العمل الى الله ادومه وان قل. هذا الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم ها هنا. سبب من اسباب تفضيل الحسنات فان الحسنات بينها مفاضلة يعني بعضها افضل من بعض وقد يكون العمل افضل من غيره لذاته يعني بالنظر اليه من حيث هو وقد يكون العمل افضل من لوصف لاحق به. ان يكون العمل افضل من غيره لذاته كان نقول الصلاة افضل من الزكاة وافضل من الصيام الى اخره. وثمة ما هو سبب لاحق او وصف لاحق يكون به افضل من غيره. وهذا مثل المداومة. فالعمل اذا اقترن بهذا الوصف اصبح فاضلا العمل الصالح اذا اقترن بهذا الوصف وهو المداومة يعني الاستمرار على العمل فانه يكون ولذا فان المداومة قد تصير المفضول افضل من الفاضل. المداومة على العمل الصالح تصير المفضول افضل من الفاضل. يعني كون الانسان يعمل العمل الفاضل على ندرة او يعمل العمل المفضول باستمرار ايهما احب الى الله؟ انت بين صالحين احدهما تعمله على ندرة على قلة ولكنه فاضل واخر مفضول اقل ثوابا واجرا ومكانة في الشريعة من الاول. ولكنك تعمله ماذا تعمله ديمة فايهما الافضل ان تقوم به؟ لا شك انه الثاني لا شك انه الثاني. قال واعلموا ان ان احب العمل الى الله ادومه وان قل. ولذا احرص رعاك الله على ان يكون لك حظ من عمل صالح مستدام. احرص على ان يكون لك امل ولو قليل لكنك تداوم عليه. فهذا من ابواب الخير العظيمة التي لا ينبغي ان تغفل عنها احب العمل الى الله ادومه وان قل. ثم اثار المؤلف رحمه الله سؤالا وهو ما الجمع بين الحديث الذي هو لن يدخل احد الجنة بعمله ما الجمع بين هذا الحديث وبين قوله تعالى ونودوا ان تلكم اورثتموها بما كنتم تعملون. اجاب المؤلف رحمه الله لا منافاة بينهما بحمد الله. فان اه المثبتة في الاية هي باء السببية. التي هي في قوله بما كنتم تعملون فلهم جنات المأوى نزلا بما كانوا يعملون. اولئك اصحاب الجنة خالدين فيها جزاء بما كانوا يعملون. كل هذه الايات وامثالها الباء فيها باء السببية. على نحو ما ذكرنا فاخرجنا به من كل الثمرات. والمطر لا يستقل باخراج النبات. قال والمنفي في الحديث هي باء الثمنية التي يسميها اللغويون باء المقابلة اوباء المعاوضة. فان العبد لو عمر عمر الدنيا وهو يصوم النهار ويقوم الليل. وآآ يجتنب المعاصي كلها لم يقابل كل عمله عشر معشار اصغر نعم الله عليه الظاهرة فكيف تكون ثمنا لدخول الجنة؟ رب اغفر وارحم وانت خير الراحمين. اذا علمت علمت ان قول نوح عليه السلام حق والله والا تغفر لي وترحمني اكو من الخاسرين. اسأل الله عز وجل ان يرزقنا الجنة والفضل العظيم رحمته سبحانه وتعالى وان يبلغنا من العمل الصالح