بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا وقدوتنا محمدا عبد الله ورسوله امام الهدى وسيد الورى. صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته. الطيبين الطاهرين صحابته الغر الميامين والتابعين لهم ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد اخوة الاسلام. فهذه ليلة المباركة التي تقبل فيها قلوب اهل الايمان ذكرا لله الكبير المتعال. وحمدا وثناء بما يليق الجلال والاكرام وثناء وتعظيما وشكرا واجلالا يستوجب لنا المزيد من فضله والانعام. وتقبل ايضا اهل الايمان في ليلة شريفة مباركة كهذه بالاستكثار من الصلاة والسلام على حبيب القلوب وانسها وبهجة الارواح وسعدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. تتسابق بذلك قلوب المحبين قبل افواههم يرجون بذلك كثرة من الصلاة الم تبلغهم اعلى الدرجات وهم يعلمون علم اليقين ان الصلاة الواحدة من احدهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم تمطره عشر صلوات من ربه وعدا صادقا يقول فيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فعليه صلاة الله ما سطع الصبا. وترنمت ورقاء بالاشعار صلى الله ما التف الدجى وترددت ذكراه في الاقطار صلى الله عليه واله وسلم. وما يزال هذا من رحاب بيت الله الحرام في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة مدارسة لكتاب الامام شمس الدين ابن القيم رحمه الله زاد المعادي في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم. وقد وقف بنا الحديث في فصل جعل فيه المصنف الله حديثا طيبا عن ربنا سبحانه وتعالى. فصل تبتهج به القلوب اجلالا لربها سبحانه وتعالى. وهي تعلم ان الله جل جلاله ما خلق الخلق الا لحكمة ولا اوجدهم الا لعبادته وهم في هذا الطريق سائرون يبحثون عن مرضات ربهم بكل طريق. فصل تناول فيه امام ابن القيم رحمه الله تعالى ما يمكن لاحدنا ان يكون اداة تهذب به نفسه. وتعالج بها وهو يرى في مسيره الى الله كيف ينبغي ان يكون عبدا قائما بما يليق بعظمة ربه فيما يؤديه من اقوال وافعال وما تحمله القلوب من العقائد والافكار في هذا الفصل الذي جعله المصنف رحمه الله آآ ذا صلة بما تقدم من حكمة الله في الخلق والاختيار وان الله عز وجل كما اختار ما شاء من خلقه وفضله على بقية خلقه فانه سبحانه وتعالى على مناط ذلك لحكمة جليلة استأثر بها ربنا عز وجل وهو القائل وربك يخلق ما يشاء ويختار الينا الله عز وجل ان يكون مجلسا عامرا بالخير والبركة والعلم. وان يكون احدنا في هذا المجلس تغشاه رحمة الله وتتنزل عليه السكينة فضلا من الله جل جلاله. نعم بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء وسيد المرسلين وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما. اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه وللسامعين اما بعد فصل والمقصود ان الله سبحانه اختار من كل جنس من اجناس المخلوقات اطيبه فاختص لنفسه فاختصه لنفسه وارتضاه دون غيره. فانه تعالى طيب لا يحب الا الطيب ولا يقبل من العمل والكلام والصدقة الا الطيب فالطيب من كل شيء هو هو مختاره تعالى. واما خلقه فعاما للنوعين. هذه قاعدة لما قال الحق سبحانه وربك يخلق ما يشاء ويختار فهذان فعلان منسوبان الى الله الخلق والاختيار. ولما خلق الخالق سبحانه خلق الخير والشر والطيبة والخبيث وخلق كل ما في هذا الكون سبحانه. والله خلقكم وما تعملون هذا خلق الله فالخلق عام فلا شيء في هذا الكون خيره وشره طيبه وخبيثه لا شيء يخرج عن خلق الله فلا خالق الا الله اما الاختيار فهو اخص من الخلق لان الله يختار من خلقه ما يشاء. فماذا اختار من خلقه سبحانه؟ اختار الطيب ولا يقع الاختيار الا على الطيب من خلقه قال رحمه الله تعالى الله اختار من كل جنس اطيبه اختار من جنس البشر اطيبهم وهم الانبياء والرسل عليهم السلام. واختار من الملائكة اعلاهم منزلة وارفعهم واختار من اماني ومن المكان من كل جنس اختار سبحانه وتعالى اطيبه فلك ان تقول اذا بالعكس اذا وقفت على شيء مما اختاره الله عز وجل وفضله فاعلم انه اطيب شيء في جنسه فاذا جئت الى الانبياء والرسل فهم اطيب البشر واذا جئت الى الصحابة فهم اطيب الامة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم. لان الله اختارهم واذا جئت لكل صفة جعلها الله عز وجل مناط الاختيار فاعلم انها لصفة وحكمة جعلها الله عز وجل مختارة واذا جئت للبلاد وهي مكة وهي احب البلاد الى الله اذا هي اطيبها ولهذا جاء في الحديث كما مر بكم قال والله ما احبك من بلد ما اطيبك من بلد وما احبك الي. فربط الطيب بالمحبة والاختيار الالهي. وهكذا ستقول في كل زمان اختاره الله كيوم الجمعة وليلتها في الاسبوع. كيوم عرفة ويوم النحر في ايام العام فانها اطيب الايام عند الله. ايام رمضان والعشر الاواخر وليلة القدر هي ايضا من اطيب ايام العام قال رحمه الله تعالى فكلما اختصه الله وارتضاه فانه تعالى طيب لا يحب الا الطيب. ثم قال فالطيب من كل شيء هو مختاره تعالى. واما خلقه فعام للنوعين. اي نوعين الطيب الخبيث والخير والشر لا لا يخرج شيء من ذلك عن خلقه سبحانه وتعالى. نعم وبهذا يعلم وبهذا يعلم عنوان سعادة العبد وشقاوته فان الطيب لا يناسب الا الطيب ولا يرضى الا به ولا يسكن الا اليه ولا يطمئن قلبه الا به. فله من الكلم فله من الكلم الكلم طيب الذي لا يصعد الى الله الا هو. وهو اشد وهو اشد شيء نفرة عن الفحش في المقال تفحش واللسان البذيء والكذب والغيبة والنميمة. وهو اشد شيء نفرة عن الفحش في المقال تفحش واللسان البذيء. نعم. وهو اشد شيء نفرة عن الفحش في المقال والتفحش واللسان البذيء والكذب والغيبة والنميمة والبهت والبهت وقول الزور وكل كلام خبيث. هذا ايضا يصلح ان يكون قاعدة عريضة لنا اهل الاسلام فيما يأتي احدنا وما يذر فيما يفعل ويقول فيما يقوم عليه ويقعد ويصبح ويمسي. اذا علمت رعاك الله ان هذا هو قانون الخلق والاختيار الذي جعله الله عز وجل مناطا لما ذكر في قوله يخلق ما يشاء ويختار. قال علمت عنوان السعادة والشقاء فلا يراك الله يا عبد الله الا طيبا عنده سبحانه وهذا معناه ان لا يراك الله عز وجل ان لا يراك الله عز وجل على شيء من الاقوال والاعمال والعقائد والحركات والسكنات الا طيبا. لتكون عند الله عز وجل كذلك يقول فالعبد الطيب لا يناسبه الا الطيب ولا يرضى الا به هذا بمثابة ميزان لاحدنا يا كرام. وهو نوع من تهذيب النفوس. ومداواة الاخلاق وتصفية القلوب ما يمر باحدنا في حياته. قال فان الطيب لا يناسب الا الطيب. ولا يرضى الا به ولا يسكن الا اليه ولا يطمئن قلبه الا به. فله من الكلم الكلم الطيب. العبد اذا تكلم ان كان عبدا طيبا ويرجو ان يكون عند الله من الطيبين فلا يرضى لنفسه من الكلام الذي يجري على لسانه الا ما كان كلاما طيبا. يرضى الله تعالى به الذي لا يصعد الى الله الا هو ما هو الكلم الطيب قال الله عز وجل اليه يصعد الكريم الطيب الكلم الخبيث سواء كان فحشا في القول او كفرا باللسان عياذا بالله. وما بينهما مما يوصف بانه خبيث او قل مما لا يكون طيبا فذاك لا يصعد الى الله اليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه. اما الخبيث والمرذول فمردود على صاحبه فبالتالي اذا علم العبد ذلك ورجا ان يكون له عمل يصعد الى السماء فاي عمل سيأتي الطيب اذا رجا ان يكون كلامه وصوته مذكورا في الملكوت الاعلى. فما الذي سيجريه على لسانه؟ الكلم الطيب وما عدا ذلك فلا يصعد. قال قال رحمه الله فله من الكلم الكلم الطيب الذي لا يصعد الى الله الا هو. وهو وهو اي العبد الطيب اشد شيء نفرة عن الفحش في المقال. لان فاحش القول ليس طيبا تفحش واللسان البذيء يقال فحش في المقال وتفحش في الافعال فالافعال الموصوفة بالفحش كذلك يتنزه عنها وينأى بنفسه عن الوقوع فيها. واللسان البذيء والكذب والغيبة والنميمة والبهت وقول الزور. وكل امن خبيث الا. فرحم الله عبدا طيبا رضي بحياته ان يكون عند الله طيبا فانتقى لنفسه من الاقوال والاعمال ما لا يكون الا طيبا ورحم الله عبدا من هذب لسانه فما نطق الا بطيب ورحم الله عبدا اعتنى في كل شأن من شؤون حياته في سلوكه واخلاقه وافعاله الا يكون الا على نحو طيب. فما سمع الناس منه الا كلمة طيبة ولا يذكر ان زوجته ولا ابنه او ابنته او جاره او صديقه سمع منه يوما فحشا او سبا او بذاءة في الكلام ولو على سبيل المزاح فانه لطيبه لا يصدر منه الا طيب هذا كما يقول المصنف رحمه الله عنوان سعادة العبد وشقائه. لتدركوا رعاكم الله ان من استسهل في هذا الطريق فاجرى او رظي لنفسه بان يجري لسانه بالفحش وبذيء القول وساقطه يرجو بذلك مزاحا وفكاهة وانبساطا في بعض مجالسه. او مسايرة لبعض السفهاء من حوله. او مجاراة لكلام يدار في مكان الذي هو فيه فذاك قد زلت به القدم وهي سقطة ولا يمكن ان تكون في عداد من وصف الله عز وجل في عباده بالطيبين كما سيأتي في كلام المصنف رحمه الله تعالى. نعم وكذلك لا يألف من الاعمال الا اطيبها وهي الاعمال التي اجتمعت على حسنها الفطر السليمة مع الشرائع النبوية. كذلك لا يألف العبد الطيب من الاعمال الا اطيبها. ما طيب العمل؟ او متى نقول عن العمل انه طيب؟ قال الذي اجتمع على حسنه الفطرة السليمة والشريعة النبوية نعم وزكتها العقول الصحيحة فاتفق على حسنها الشرع والعقل والفطرة مثل ان ان يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا ويؤثر مرضاته على هواه ويتحبب اليه بجهده ويحسن الى خلقه ما استطاع فيفعل فيفعل بهم ما يحب ان يفعل ان يفعلوه ويعاملهم ويعاملهم بما يحب ان يعاملوه به ويدعهم ويدعهم مما يحب ان يدعوه منه وينصحهم بما ينصح به نفسه ويحكم لهم بما يحب ان يحكم له به ويحمل اذاهم ولا يحملهم اذاه. ويكف عن اعراضهم ولا ولا يقابلهم بما نالوا من عرظه واذا رأى لهم حسنا اذاعه واذا رأى لهم سيئا كتمه ويقيم اعذارهم ما استطاع ما لا يبطل شريعة ولا يناقض لله امرا ولا نهيا. هذه الجمل التي سمعتم رعاكم الله في كلام هذا الامام الحبري ابن القيم رحمه الله في سمو مراتب العباد التي لا يبلغها الا الخلص الاصفياء الكمل من البشر وهم قلة من اجتمعت فيه تلك الصفات لعمر الله فهو من صفوة خلق الله اما سمعت ما يقول؟ يقول ان يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا هذه اولى خطوات ما يوصف من الاعمال بانه طيب اداء حق العبودية لله قال ويؤثر مرضاته على هواه ويتحبب اليه الى الله بجهده يعني بقدر ما استطاع هذا حق الله فانظر كيف وصف الاعمال الطيبة من العباد الطيبين في تعاملهم مع خلق الله فيما بينهم. قال ويحسن الى خلقه ما استطاع. هذا العنوان العام فصله لك في الجمل التالية. فيفعل بهم ما يحب ان افعلوه ويعاملهم بما يحب ان يعاملوه به. ويدعهم مما يحب ان يدعوه منه اجعل نفسك عبد الله في تعاملك مع الخلق من حولك في مقام احدهم لو عاملك كيف تريده ان يكون معك كما تريد ان يكون الناس معك ينبغي ان تكون انت كذلك فاذا كنت تنتظر منهم الكلمة الطيبة والابتسامة والاحسان فافعل هذا انت له اذا كنت تنتظر من احدهم الملاطفة في القول والاحسان اليك في المعاملة فكن انت المبتدأ لهم اذا كان يزعجك ويسوؤك من الناس غلظتهم في القول وفحشهم واساءتهم وجرحهم لمشاعرك فكن انت اول من يفعل ذلك معهم بترك هذه الامور اذا كان لا يرضيك من الناس ان يتطاولوا عليك باحتقار او انتقاص او سخرية او استهزاء فينبغي ان يكف احدنا عن الناس ذلك كله. قال رحمه الله تعالى ويعاملهم بما يحب ان يعاملوه به. ويدعهم من ما يحب ان يدعوه منه وينصحهم بما ينصح به نفسه. ويحكم لهم بما يحب ان يحكم له به ويحمل اذاهم ولا يحملهم اذاه هذه قد تكون من اصعب الاشياء كما قال بعض السلف ليس حسن الجوار ان تكف اذاك عن الجار بل الجوار وحسنه ان تتحمل اذى الجار فرق بين المقامين ان يمكن ان يكون لك في طول جيرتك مع جارك منذ اربعين سنة انك ما اسأت اليه ولا تعديت عليه. يقول ليس هذا حسن الجوار. حسن الجوار ان تصبر على اذاه فاذا اساء اليك هو او اولاده بقصد او بغير قصد حسن الجوار ان تتحمل ذلك يقول رحمه الله ويحمل اذاهم ولا يحملهم اذاه. اما هو فيجاهد نفسه ان لا يؤذي احدا. فان وقع عليه اذى من احدهم تحمله هذا كما نقول في اعلى مراتب السمو الاخلاقي الذي يبلغه الكمل والاصفياء الذين ارتضاهم الله عز وجل بذلك الوصف الكريم الطيبين من عباده سبحانه وتعالى. قال رحمه الله ويكفوا عن اعراضه ولا يقابلهم بما نالوا من عرضه. هذه ايضا مقابل تلك هو في ذاته لا يتعدى بلسانها على عرض احد. فلا اذكره بسوء ولا ينتقصه ولا يتهمه ولا يجري على لسانه ما يقوله عنه الاخرون. اما هو فان احد وتطاول عليه تصدق بذلك كله وتنازل وسمح وتسامح ورجا ان يكون له عند الله ما وعد به الله عز وجل. لما قال جل وعلا ولمن انتصر بعد ظلمه فاولئك اي كما عليهم من سبيل. انما السبيل على الذين يظلمون الناس. ويبغون في الارض بغير الحق اولئك لهم عذاب اليم. ثم ماذا قال الله ولمن صبر وغفر ان ذلك لمن عزم الامور. يرجو ان يكون من ارباب تلك المراتب العلية مقامات السنية قال رحمه الله تعالى ويكفوا عن اعراضهم ولا يقابلهم بما نالوا من عرضه. واذا رأى لهم حسنا اذاعه واذا رأى لهم سيئا كتمه. ويقيموا ما استطاع فيما لا يبطل شريعة ولا يناقض لله امرا ولا نهيا. هذا القانون العام كما قال المصنف هو عنوان سعادة العبد او شقائه. فمن اختار هذا المسلك عاش الحياة السعيدة. نعم ثمنها مرتفع باهظ مكلف ولذلك لا يقوى عليها كل احد. الوصول الى تلك المراتب لكن تالله من بلغها او سار في طريقها علم ان هذه هي سعادة الحياة نقاء النفس وصفاء السريرة. وان يرتضي لنفسه من الحياة بانقاها. واصفاها. ولو رأى الناس من حوله يتقاتلون ويتهافتون على ما دون ذلك وتغلبهم شح النفوس وهوى القلوب في المصارعة على شيء مما ذات الحياة فيترفع عن ذلك كله لانه انما ارتضى الكمالات وهذه المراتب لا يبلغها الا القلائل ممن ارتضاهم الله عز وجل ثم الناس في ذلك مراتب فمن بلغ اعلاها واسماها كان على درب الانبياء والرسل عليهم السلام. ولو تصفحت رعاك الله كل هذه الجمل لوجدتها امثل ما تكون في حياة الانبياء والرسل الكرام عليهم السلام. وعلى رأس نبي الامة وهاديها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. والله تجدها عبارة ناطقة في حياة المصطفى عليه الصلاة والسلام يتحبب الى الله يعبده يؤثر مرضاته على هواه. يدع الناس من الاذى يحمل اذاهم ولا يحملهم اذاه. يكف عن اعراضهم ولا يقابلهم بما نالوا من عرضه. وقد علمت كيف ان قريشا بمكة قبل الهجرة كما استطالت على عرضه الشريف. صلى الله عليه وسلم وبلغوا به من الاذى كل مبلغ استطاعوا الوصول اليه. حتى هموا بقتله. اما الكلام فقالوا ساحر وكذاب ومجنون. واما الاذى البدني فارادوا التطاول عليه ووضعوا سلا الجزور على ظهره الشريف وهو ساجد عند الكعبة صلى الله عليه وسلم وكل ذلك تحمله عليه الصلاة والسلام عملا بقول الحق سبحانه له خذ العفو وامر بالعرف عن الجاهلين. فلما تمكن منهم عليه الصلاة والسلام. وجاءت اللحظة التي دانت له فيها الرقاب. يوم فتح مكة وهو يسأل ما تظنون اني فاعل بكم قالوا اخ كريم وابن اخ كريم قال اذهبوا فانتم الطلقاء يتحمل عليه الصلاة والسلام اذاهم ولا يحملهم اذاه ويكف عن اعراضهم ولا يقابلهم بما نالوا من عرضهم في التي هذه الاوصاف مجتمعة اجتمعت في حق الانبياء والرسل عليهم السلام. فلهذا كانوا صفوة البشر. ثم تدري اي البشر بعدهم اكمل من كان مستجمعا لهذه الصفات قدرا اكبر والناس في هذا متفاوتون. الناس شتى فكلما اجتمع للعبد من هذه الصفات والخلال قدر اكبر كان الى درجة الانبياء والرسل عليهم السلام مراتبهم اقرب وهذا فضل الله عز وجل يؤتيه من يشاء. نسأل الله ان يبلغنا واياكم اعلى المراتب بفضله وكرمه وله من الاخلاق ايضا اطيبها وازكاها. ما زال يعدد اوصاف العبد الذي ارتضى لحياته بالطيب الذي جعله الله في الاخلاق والاعمال. ذكر الطيب من الاقوال وذكر الطيب من الافعال. والان يذكر الطيب من الاخلاق. نعم وله من الاخلاق ايضا اطيبها وازكاها كالحلم والوقار والسكينة والرحمة والصبر والوفاء وسهولة الجانب ولين العريكة والصدق وسلامة الصدر من الغل والغش والحقد والحسد والتواضع والتواضع وخفض الجناح لاهل الايمان والعز والغلظة والتكبر على اعداء الله وصيانة الوجه عن بذل وصيانة الوجه عن بذله وتذلله لغير الله والعفة والشجاعة والسخاء والمروءة وكل وكل خلق اتفقت على حسنه الشرائع والفطر والعقول وكذلك لا يختار من المطاعم الا اطيبها. وهو الحلال الهنيء المريء. الذي يغذي البدن والروح تغذية مع سلامة العبد من ومع سلامة العبد من تبعته. هذا ايضا هذا ايضا من من المسابح الطيبة التي يسلكها العبد الطيب المطاعم والمقصود بها المآكل والمشارب وكل ما يرتضيه العبد لنفسه طعاما يقتات عليه ويكون قوام بدنه عليه يختار من المطاعم اطيبها ليس فقط ان يختار الطعام الطيب لا بل اطيبه فان الطيب اصلا درجات كذلك. لكنه يختار اطيبه يعني اصفاه وانقاه وابعده عن الشبهات فذاك الطيب الخالص لكن ما كان فيه شبهة ولو بقدر يسير فان ارباب الورع يكونون ابعد الناس عنه قال اطيبها وهو الحلال الهنيء المريء. الذي يغذي البدن والروح احسن تغذية مع سلامة العبد من تبعته تأمل رعاك الله كيف وصف الطعام الطيب بانه غذاء للبدن والروح مع سلامة العبد من تبعته. هذه ثلاثة اشياء تدري متى يكون طعامك طيبا اذا غذى بدنك وغذى روحك وسلمت من تبعته ذاك مال طيب هنيئا لك وحلال عليك طعام طيب بارك الله لك فيه كثير من الناس لا ينظر الى الطعام الطيب الا ما صفا عن الحرام في مكسبه وما انتفع به البدن في نماءه وقوته. ويغفلون عن الثالثة التي فيها غذاء للروح. انظروا معي خلق الله ابن ادم من عنصرين البدن والروح فاما البدن فهي قبضة الطين التي خلق منها ابونا ادم عليه السلام واما الروح فهي النفخة الالهية التي سمى بها خلق البشر عن بقية خلق الله فاذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين فخلق الله البشر من الطين فهذان عنصران البدن المخلوق من التراب والروح التي هي النفخة الالهية الجليلة وبهذين العنصرين يعيش ابن ادم في هذه الحياة وكثيرا ما تنصرف الهمم والاوقات وتستهلك الاعمار في غذاء الابدان والعناية بالابدان بالابدان وقوت الابدان وسائر ما تحتاجه الابدان ولو اقتصر ابن ادم على هذا العنصر لكان كالحيوان فان الحيوانات كذلك ليس لها الا ابدانها ليس لها الا طعامها وشرابها ونكاحها منذ ان تخلق حتى تموت. اما ابن ادم فله شأن اخر مع النفخة الاهية التي سمى بها وشرفه الله على سائر خلقه فتلك النفخة الالهية هي روحه التي تحتاج كما يحتاج البدن الى طب اذا مرضت والى طعام اذا جاعت والى قوت اذا احتاجت والى عناية طالما بقيت خفقة الروح تتردد في صدره. فاذا اهملها كان اشبه بالحيوان كان اشبه بالحيوان لا يراعي الا البدن فيعتني بلباسه وهندامه وشعره وطعامه وزينته اشبه بالحيوان انما العبد المؤمن الذي يعلم شرف الروح التي سمى بها يعتني بها كما يعتني بالبدن سواء بسواء فانه لا ينسى روحه ومن طعامها وشرابها وطبها ودوائها وعلاجها الروح مثل ما للبدن؟ نعم بل اعظم مما للبدن من عناية ورعاية تصرف اليها الهمم وتستنفذ فيها يا كرام خلق الله الجسد من الطين من التراب وجعل غذاءه وعيشه من جنس ما خلق به فقوت البدن مما تخرج الارض من الطعام اما الروح فجعل الله عز وجل غذائها وقوتها من المادة التي خلقت منها وهي النفخة الالهية فلا حياة للارواح ولا قوت لها ولا طعام ولا شراب الا بما يأتيها من السماء وما جاء من السماء الا الوحي الالهي الذي تنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن اراد النجاة لروحه عناية بروحه والسمو بها وطبها وعلاجها فليبحث عنه هناك. فيما جاء من الوحي الالهي فان مادة الروح التي منها خلقت. ومن غفل عن ذلك فقد ضيع حظ نفسه لن تطعم الارواح بما تقتات به الابدان. فكيف يقول المصنف هنا يختار من المطاعم اطيبها وهو الحلال الهنيء الذي يغذي البدن والروح غذاء الروح ليس في الطعام والشراب الذي تقتات منه الابدان. لكنها لفتة في غاية العمق تقول لك ان الطعام الطيب تصفو به الارواح وبضده فالمال الحرام والمكسب الخبيث والمطعم الذي ليس للعبد حق فيه فانه والله ممرض للارواح جالب لها للسقم والمرض حتى تتلف الارواح فمن اقتات على الحرام ومن اكل السحت ومن نبت من مال حرام قال عليه الصلاة والسلام فالنار اولى به لانه لا يغرنك طول الجثة وهامة البدن التي اطعمها كثيرا من الطعام والشراب صاحبها. ما لم تكن حلالا يقول رحمه الله الحلال الهنيء المريء الذي يغذي البدن والروح احسن تغذية. ثم قال مع سلامة العبد من تبعته اياك ان يدخل بيتك قرش حرام او تطعم فمك او اهل بيتك من زوجة وولد لقمة فيها شبهة من مال حرام فانها ستكون تبعة ان لم تكن في الدنيا فثق تماما انها مرصودة في الاخرة والعبد الطيب لا يرضى لنفسه الا ما سلم فيه من تبعاته. فسلامة التبعة ان لا يكون عليه حرج او مؤاخذة او يكون له حساب وان قل فان الاخرة لا يسلم منها العباد الا بالحساب. وتقتص الخلائق يقتص للخلائق بعضها من بعض يوم القيامة فذاك ميزان عدل قسط يوم يلتقون عند ربهم احكم الحاكمين احسن الله اليكم وكذلك لا يختار من المناكح الا اطيبها ومن الرائحة الا اطيبها وازكاها. ومن الاصحاب والعشراء الا الطيبين منهم. كذلك ايضا في كل شأنه في الحياة في الزواج والنكاح لا يختار الا الطيب ان يختار بيتا حلالا طيبا وان يختار امرأة صالحة طيبة. والروائح يختار اطيبها وازكاها. والاصحاب جمع عشير وهو من يكون في عشرته معه اكثر من غيره لا يختار الا الطيبين منهم. نعم فروحه طيبة وبدنه طيب وخلقه طيب وعمله طيب وكلامه طيب ومطعمه ومشربه وطيب وملبسه ومنكحه طيب ومدخله ومخرجه طيب ومنقلبه ومثواه كله جعلنا الله واياكم ووالدينا وازواجنا واولادنا من صفوة عباده الطيبين في الدنيا وفي الاخرة نعم فهذا مما قال الله تعالى فيه الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون الطيب طيب حتى لحظة الوفاة حتى اذا جاءت الملائكة تنزع روحه قال الله الذين تتوفاهم الملائكة طيبين هذا حال يعني حالة توفي الملائكة بارواحهم هم على هذا الحال طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون. نسأل الله الكريم من فضله ومن الذين يقولون لهم خزنة الجنة سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين. هكذا تقول الملائكة لهم يوم القيامة سلام عليكم. تحييهم اذا اقبلوا على ابواب الجنة وهم يدخلونها. سلام عليكم. طبتم اين كان طيبهم في الدنيا بكل ما تقدم وصفه. طيب المعتقد طيب العبادة طيب الخلق. طيب الفعل طيب القول طيب عميوري مشرب طيب الاصحاب والمعشر طيب الزوجة والمنكح طيب الروائح طيب كل شيء في حياته. فبدنه طيب وروحه طيبة وعمله وقوله كل شيء في حياته طيب. هناك اذا عاش هذا الجهاد الكريم في الحياة ينتظر ان يقال له يوم القيامة سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين. من اجل ان حياتهم كانت على هذا الطيب في الدنيا يبشرون تلك البشارة وهم على ابواب الجنة طب فادخلوها خالدين. نعم ومن الذين يقولون لهم خزنة الجنة سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين وهذه الفاء تقتضي السببية اي بسبب طيبكم ادخلوها. وقال تعالى الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات وقد فسرت الاية بان الكلمات الخبيثات للخبيثين والكلمات الطيبات للطيبين سيرة بان النساء الطيبات للرجال الطيبين والنساء الخبيثات للرجال الخبيثين وهي تعم ذلك وغيره. فالكلمات والاعمال والنساء الطيبات لمناسبها من الطيبين والكلمات والاعمال والنساء الخبيثة لمناسبها من الخبيثين. كثيرا ما نقرأ ونسمع قول الله الله عز وجل في سورة النور الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات ما المقصود بقوله الطيبات للطيبين؟ سمعت قول المصنف رحمه الله وحكى ذلك ائمة التفسير كشيخ المفسرين الامام الطبري وغيرهم كثير رحمة الله عليهم فسر بان النساء الطيبات للرجال الطيبين لان الله قال قبلها وكل ذلك في سياق الوعيد على من اطلق لسانه بالاعتداء على اعراض المسلمين بالقذف ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والاخرة ولهم عذاب عظيم. يوم تشهد عليهم السنتهم وايديهم وارجلهم بما كانوا يعملون. يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق. ويعلمون ان الله هو الحق مبين. قال بعدها سبحانه الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات فكان المتبادر ان الخبيثات من الازواج والنساء للخبيثين من امثالهم بمعنى ان الخبث يجتمع مع بعضه كما قال الله عز وجل ويجعل الخبيث بعضه على بعض فيرقمه جميعا فيجعله في جهنم. اولئك هم الخاسرون واذا كان الطيب درجات اعلاه ورأسه طيب المعتقد بالايمان وتوحيد الله وعبادته وحده ثم افراده بالعبادة فالخبث ايضا في البشر درجات. فما اخبثه الشرك بالله والكفر بالله جل جلاله. اخبث لبشر على وجه الارض الكفرة من خلق الله الذين لا يعرفون لله حقا ولم يؤدوا له واجبا اولئك شرار الخلق عند الله. اخبثهم والعياذ بالله فكان معنى الاية في احد تفسيرات اهل العلم الخبيثون للخبيثات او الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات المقصود به فالنساء الخبيثات لمثلهم من الازواج الخبيثين. ويكون معنى قوله تعالى الطيبات للطيبين والطيبون للطيبات كذلك ان النساء الطيبات للرجال الطيبين وان الله يخص اهل الايمان بهذا التقدير لحكمة يعلمها بما فيه اكراما لاهل عبادته من المؤمنين. وفسرت الاية ايضا بان قوله تعالى الخبيثات للخبيثين. هذا وصف فيحتاج الى تقدير موصوف محذوف. ما الخبيثات؟ قيل معناه الكلمات الخبيثات للخبيثين وايضا اذا قلت الطيبات للطيبين معناها الكلمات الطيبات للطيبين. بمعنى ان الله عز وجل جعل للطيبين من عباده الكلمات الطيبة التي لا يتكلمون الا بها ولا يعبدون الله الا بها واخبر الكلام اخبث الكلام ما ينسب الى الله جل جلاله مما حرمه الله ونفاه عن ذاته العلية بان ينسب له شريك تعالى الله او زوجة او والد او ولد عياذا بالله. فاذا نسب ذلك الى الله على السنة بعض البشر فهذا من شر واخبث الكلام. قال الله عز وجل الخبيثات للخبيثين. فاذا كان هنا معنيان ان الطيبات والخبيثات بمعنى الكلمات او بمعنى النساء والازواج قال المصنف رحمه الله وهي تعم ذلك وغيره. فالكلمات والاعمال والنساء الطيبات لمناسبها من الطيبين. وبالعكس فالكلمات والاعمال والنساء الخبيثات لمناسبها ايضا من الخبيثين. فاذا ابصرت عبد الله نفسك رعاك الله عبدا مؤمنا يعرف لله حقه. ويقول لله بما امر الله به. يجاهد نفسه في هذا الطريق ما استطاع. الا يراه الله عز وجل الا قائما بواجب العبودية التي خلق من اجلها فانه يحمد الله ان سلك به طريقا طيبا يحبه الله جل جلاله. نعم. والله الله اليكم والله سبحانه جعل الطيب بحذافيره في الجنة وجعل الخبيث بحذافيره في النار. كما قال الله سبحانه وتعالى ليميز الله الخبيث من الطيب ويجعل الخبيث بعضه على بعض جميعا فيجعله في جهنم اولئك هم الخاسرون. طيب والجنة ماذا فيها ما فيها الا الطيبون والطيبات طيب واذا جاء بعض العباد يوم القيامة فيه شيء طيب وشيء خبيث لا يدخل الجنة وفيه خبث مثقال ذرة فاما ان ينقى فيعفو الله عنه او تغلب حسناته على سيئاته او يظفر بشفاعة الشافعين يوم القيامة. او يرحمه ارحم الراحمين. فلا يدخل الجنة الا منقى مطهرا فان بقي شيء من خبثه ولم ينل شيئا من تلك المداخل التي يطهر بها العبد فلابد ان يمر على النار عياذا بالله حتى يصفى ولذلك فان اخر اهل الجنة دخولا الجنة رجل من اهل الايمان موحد لكنه ممن فرط واسرف على نفسه فربما استكثر من المعاصي والموبقات فاذا دخل النار عياذا بالله ثم ادركه العفو وخرج منها بعد ما استوفى حقه من العقاب يدخل الجنة وقد تطهر فهذا ميزان عظيم اخبرت عنه الشريعة سيأتي شرحه في كلام المصنف. نعم فجعل الدور ثلاثة دار اخلصت للطيب وهي حرام على غير الطيبين. وقد جمعت كل طيب وهي الجنة ودار اخلصت للخبيث والخبائث. ولا يدخلها الا الخبيثون. وهي النار. ودار مزج فيها الطيب والخبيث. وخلط بينهما وهي هذه الدار. اي دار دنيانا هذه فيها الخبيث وفيها الطي وفيها الصالح وفيها الطالح. لكنك اذا دخلت الجنة قل ان شاء الله اذا دخلت الجنة فلا ترى فيها حولك الا طيبا لا ترى الا زوجة طيبة ولا طعاما الا طيبا ولا شرابا الا طيبا ولا جارا الا طيبا. لا تشربوا ولا تأكل ولا تتنفس ولا تقع عينك الا على كل طيب هذه في الجنة خالصة اما هذه الدار ففيها هذا وفيها ذاك ولهذا وقع فيها الابتلاء والامتحان. نعم ولهذا وقع الابتلاء والمحنة بسبب هذا الامتزاج والاختلاط وذلك موجب وذلك موجب وذلك موجب الحكمة الالهية. فاذا كان يوم ميعاد الخليقة ميز الله الخبيث من الطيب فجعل الطيب واهله في دار على حدة لا يخالطهم غيره غيرهم وجعل الخبيث واهله في دار على حدة لا يخالطهم غيرهم فعاد الامر الى ارين فقط الجنة وهي دار الطيبين. والنار وهي دار الخبيثين. وانشأ الله سبحانه من اعمال الفريقين ثوابهم وعقابهم. فجعل طيبات اقوال هؤلاء واعمالهم واخلاقهم هي عين نعيمهم ولذتهم انشأ لهم منها اكمل اسباب النعيم والسرور. وجعل خبيثات وعليهم اقوال الاخرين واعمالهم واخلاقهم هي عين عذابهم والامهم. فانشأ لهم منها اعظم اسباب العقاب والالام حكمة بالغة وعزة قاهرة ليري عباده كمال ربوبيته وكمال حكمته وعلمه وعدله ورحمته. وليعلم اعدائه انهم كانوا هم الكاذبين المفترين لا رسله البررة الصادقون. قال تعالى واقسموا بالله اهدى ايمانهم لا يبعث الله من يموت. بلى وعدا عليه حقا ولكن اكثر الناس لا يعلمون ليبين لهم الذي الذي يختلفون فيه وليعلم الذين كفروا انهم كانوا كاذبين والمقصود ان الله تعالى جعل على السعادة والشقاوة عنوانا يعرفان به فالسعيد طيب لا يليق به الا طيب. ولا يأتي الا طيبا ولا يصدر منه الا طيب لابس الا طيبا. والمقصود ان الله تعالى جعل على السعادة والشقاوة عنوانا يعرفان به فالسعيد طيب لا يليق به الا طيب ولا يأتي الا طيبا ولا يصدر منه الا طيب. ولا يلابس الا طيبا. والشقي خبيث لا يليق به الا الخبيث. ولا يأتي الا خبيثا. ولا يصدر منه الا الخبيث. فالخبيث يتفجر من به على لسانه وجوارحه. والطيب يتفجر من قلبه الطيب على لسانه وجوارحه وقد يكون في الرجل مادتان فايهما غلب عليه كان من اهلها فان الله فان اراد الله به خيرا طهره من المادة الخبيثة قبل الموافاة فيوافيه يوم اللقاء مطهرا فلا يحتاج الى تطهير بالنار فيطهره فيطهره منها بما يوفقه له من التوبة النصوح والحسنات الماحية المصائب المكفرة حتى يلقى الله وما عليه خطيئة. هذه كلها مكفرات. التوبة النصوح. الحسنات الماحية كما قال الله تعالى ان الحسنات يذهبن السيئات وقال عليه الصلاة والسلام واتبع السيئة الحسنة تمحوها وكذلك المصائب المكفرة. فان مصيبة العبد في صحته في نفسه في بدنه في ماله في اهله في ولده كلها اذا صبر واحتسب كفر الله بها من خطاياه. قال حتى الشوكة يشاكها يكفر الله بها من خطاياه فاذا اراد الله بعبد خيرا وفيه شيء مما وقعه في الحياة خبثا فان الله يطهره قبل الموافاة نعم ويمسك عن الاخر مواد التطهير فيلقاه يوم يلقاه بمادة خبيثة ومادة طيبة وحكمته تعالى تأبى ان يجاوره احد في داره بخبائثه فيدخله النار طهرة له وتصفية وسبكا فاذا خلصت سبيكة ايمانه من الخبث من الخبث صلح حينئذ لجواره ومساكنة الطيبين من عباده واقامة هذا النوع من الناس في النار على حسب سرعة زوال تلك الخبائث على على حسب سرعة زوال تلك الخبائث منهم وبطئها فاسرعهم زوالا وتطهرا اسرعهم خروجا. وابطأهم ابطأهم جزاء وفاقا وما ربك بظلام للعبيد؟ ابطأهم في طهارته من خبث ما لقيه في الدنيا في النار والعياذ بالله ابطؤهم خروجا منها. قال وما ربك بظلام للعبيد؟ فانظر كيف جعل انا كسبيكة من الذهب هي في داخل كل واحد منا وربما اصاب سبيكة الذهب شيء مما يعتريها فتحتاج الى تصفية وسبك فاذا دخلت النار انصهرت وذابت فتخلصت مما علق بها من الشوائب. نعم. ولما ما كان المشرك خبيث العنصر خبيث الذات لم تطهر النار خبثه. بل لو خرج منها عاد خبيثا كما كان كالكلب اذا دخل البحر ثم خرج منه لو ادخل الكلب اعزكم الله وغمس في ماء البحر وخرج يبقى نجسا فلا يغسله ماء البحر ولو انغمس فيه لانها نجاسة عينية فلا علاقة لها بتطهير فكذلك نجاسة الكهف قال الله انما المشركون نجس فنجاسة لا تطهرها عقبات الاخرة. نسأل الله السلامة فلذلك حرم الله عليه الجنة ولما كان المؤمن الطيب المطيب مبرأ من كانت النار حراما عليه اذ ليس فيه ما يقتضي تطهيره بها فسبحان من بهرت حكمته العقول والالباب وشهدت فطر عباده وعقولهم بانه تموا الحاكمين ورب العالمين. واشهد وتشهدون انه احكم الحاكمين ورب العالمين. انتهى كلام المصنف في هذا الفصل رحمه الله تعالى ونفعنا واياكم بما اورد فيه من كلام بديع وحكمة جليلة. واستكثروا ليلتكم قم من الصلاة والسلام على رسول الهدى وسيد الورى صلى الله عليه واله وسلم تصيبون من رحمات ربكم وصلاة اضعاف ما تصلون به على نبيكم صلى الله عليه وسلم. فعليه صلى الله ما سطع الضياء وترنمت القاء بالاشعار وعليه صلى الله ما التف الدجى وترددت ذكراه في الاقطار صلوا عليه وسلموا تسليما. فاللهم صل وسلم وبارك عليه وارزقنا يا ربي علما نافعا وعملا صالحا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم انا نسألك حبك من يحبك وحب العمل الذي يقربنا الى حبك يا ذا الجلال والاكرام. واختم لنا بالحسنى وبلغنا ما يرضيك عنا يا ذا الجلال والاكرام اكرام واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار