بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى واشكره تعينه واستغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وامامه وصفوته من خلقه صلى الله ربي وسلم وبارك عليه. وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام فمن رحاب بيت الله الحرام ينعقد مجلسنا التاسع من مجالس مدارستنا لكتاب زاد المعاد في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام شمس الدين ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا اليوم الخميس السابع من شهر جمادى الاولى سنة اربع واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. مغتنمين من بركة هذه الليلة الشريفة ليلة الجمعة. بكثرة صلاتنا وسلامنا على امامنا نبينا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ما نرجو ان تضاعف لنا به الصلوات عشرا. وما يرفع الله تعالى لنا بها ذكرى وما يجعلها لنا عنده ذخرا فان الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم غنيمة وشرف اجر وذخر لصاحبه يوم يلقى ربه بصلاة على نبيه صلى الله عليه بها عشرا. كما اخبر صلوات الله وسلامه عليه. وقد وقف بنا الحديث في مقدمات المصنف رحمه الله وفصول الكتاب المتتابعة التي ارادها بين يدي حديثه عن ضرورة واهمية والحاجة الى حاجة كل مسلم الى الوقوف على هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والاستنان به والتمسك بهديه والاخذ بطوق النجاة في بحر الحياة المتلاطمة امواجها. هذا الحديث من رحمه الله ذو صلة بما تقدم منذ صدر الكتاب. سائلين الله لنا ولكم التوفيق والسداد والهدى والرشاد بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الامين سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله فصل ومن ها هنا يعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة الى معرفة الرسول وما جاء به. وتصديقه فيما اخبر طاعته فيما امر فانه لا سبيل الى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الاخرة الا على يدي الرسل ولا سبيل الى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل الا من جهتهم ولا ينال رضا الله ولا ولا ينال رضا الله البتة الا على ايديهم. هذا من المصنف رحمه الله اتصال بما سبق له من الحديث فيما مضى من مجلسنا المنصرم وهو كلام المصنف رحمه الله عن منهاج الحياة للعبادة وان عنوان سعادة العبد او شقائه مرتهن باختياره لنفسه الطريق اما طيبا واما خبيثا ولما تقدم في كلام المصنف في المجلس المنصرم ما دلت عليه النصوص الشرعية ان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيب كما دل عليه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما انطق وتنطق به انت في كل صلاة اذ تقول في تشهدك التحيات لله والصلوات والطيبات. فالطيبات لله والله طيب لا يقبل الا طيب وتقدم ان الطيبات بمعناها الاعم يدخل فيها الاعتقادات الطيبة والاعمال والاقوال. وكلمة التوحيد والايمان وسائر الطيبات فالله لا يقبل الا طيبا. وبنى على ذلك المصنف رحمه الله قاعدة السعادة. ومنهاج العبد للحياة فالعبد الطيب لا يليق به الا طيب. وهذه هي السعادة سعادة العبد ان يكون طيبا بمصطلح الشريعة لا يقبل ولا يليق به الا طيب. ولا يأتي الا طيبا ولا يصدر منه الا طيب ولا يلابس الا طيب ولما كانت ابواب الطيب في الحياة متعددة. فان اعظم ابواب الطيب التي تطلب بها الحياة طيبة والتي تحصل بها سعادة العبد في الحياة اعظم ابواب الطيب في الحياة شرع الله سبحانه وتعالى الطيب المطهر الذي اختاره سبحانه وتعالى لعباده. والسبيل الذي ارتضاه الله جل جلاله لعباده مسلكا لهم في الحياة. وهو الهادي الطيب الطاهر ابي القاسم صلى الله عليه وسلم باختصار يا قوم سعادة الحياة هي في طرق ابواب الطيب في الحياة والمدخل الاعظم لطيب الحياة شريعة الله التي جاء بها رسول الله. صلى الله عليه واله وسلم. فلا يعرف الطيب ومن الخبيث الا من هديه وسنته. صلى الله عليه وسلم ولا يدل العباد الخير من الشر الا بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم من عند ربه عز وجل اذا فهمت ذلك ادركت معنى كلام المصنف في صدر هذا الفصل قال ومن ها هنا يعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة الى معرفة الرسول وما جاء به. وتصديقه فيما اخبر به وطاعته فيما امر صلى الله عليه وسلم فانه لا سبيل الى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الاخرة الا على يدي الرسول هذه قاعدة يا امة الاسلام من اراد السعادة وبحث عن مسالكها واراد ان يعيش في اكنافها طريق لذلك ان يتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقال هذا يا كرام على الاجمال وعلى التفصيل اما على الاجمال فلان الهداية التي يستدل بها العباد على الرجوع الى مساكنهم ومسكن ابيهم ادم عليه السلام في جنة هي مرتهنة بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهيك القصة من اولها لما خلق الله ابانا ادم عليه السلام اين اسكنه الجنة وخلق له حواء فكانت زوجه في الجنة وكان في نعيم. وكنا سنكون نسلا لابينا ادم عليه السلام خلقا من خلق الله في الجنة الا ان الله اراد لحكمة بالغة امرا سوى ذلك فوسوس لهما الشيطان ليبدي لهما ما وولي عنهما من سوءاتهما وقال ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة الا ان تكون ملكا كي او تكونا من الخالدين وقاسمهما اني لك ما لمن الناصحين فدلاهما بغرور فلما ذاقا الشجرة بدت لهما سوءاتهما وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة. جاء العتب الالهي وناداهما ربهما. الم انهكما عن تلكما الشجرة واقل لكما ان شيطان لك ما عدو مبين. جاءت التوبة. قال ربنا ظلمنا انفسنا. وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين قبل الله توبة ابينا ادم عليه السلام وعصى ادم ربه فغوى ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى لكن القرار الذي جاء بعد ذلك لبقية حياة بني ادم على ظهر الارض. قال اهبطوا بعضكم لبعض عدو. ولكم في الارض مقر ومتاع الى حين. متى يأتي هذا الحين؟ اذا حانت الساعة وقامت القيامة وانتهت الدنيا وبدأت حياة الاخرة سنرجع الى القصة من بدايتها الى اين كان يفترض ان نكون جميعا الى الجنة لانه دار ابينا هناك مسكنه مسكن ابي وابيك ادم عليه السلام في الجنة ارأيت لو ان دارا لابيك فقدتها ولم تدري عنها منذ سنين. وكان ملكا ثريا يملك قصورا واموالا. ثم اكتشفت بعد ان لابيك من المساكن والقصور والاملاك ما انت وريثه احق به فهل تفرط فيه بالله؟ ابدا والله ستعود اليه لانه حق لك لا تريد التفريط فيه فاولاد ادم وذريته عليه السلام عاشوا حياتهم على الارض وكانت المعركة المستمرة بين الشيطان وذريته وادم عليه السلام وذريته والله عز وجل ما تركنا للشيطان فريسة ولا تركنا نهبا لابليس واعوانه بل قال لنا سبحانه ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا. انما يدعو حزبه ليكونوا من اصحاب السعير اسمع الى الاعلان الذي اعلن للبشرية لما حانت لحظة الهبوط الى الارض. قال اهبطا منها جميعا. بعضكم لبعض عدو فاما يأتينكم مني هدى من اين من الله سبحانه فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى. هذا الطريق الاول ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى. هما طريقان لا ثالث لهما اما اتباع الهدى الذي ياتي من اين من الله واما تركه والاعراض عنه واستدباره فسيكون لا محالة الخيار الثاني ومن اعرض عن ذكري فكل من لم يتبع الهدى فهو معرض معرض ما في طريق بينهما ولا خيار ثالث هو اما اتباع واما اعراض. لان الله قال فمن اتبع قال ومن اعرض فليس هناك طريق ثالث هو اما اتباع واما اعراض ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة اعمى الى اخر الايات. انتبه معي الان. قال فاما يأتين لكم مني هدى فمن اتبع هداي. اتباع الهدى الذي يأتي من الله هو الدليل والطريق الذي يعود بنا الى مسكن ابينا ادم عليه السلام في الجنة والاعراض عنه تضييع للطريق وترك لمفاتيح المساكن والقصور ومن اعرض فان له معيشة ضنكا. فهي طريقان الى ثالث لهما. اما اتباع فاهتدى فعودة الى الجنة ونعيمها ومساكنها وقصورها. او اعراض واستدبار فسيكون الضلال والغواية وضياع الطريق الذي سيوصل اصحابه الى الهاوية. الى جهنم الى العذاب وبئس المصير ومن هنا انقسمت الخليقة الى قسمين. فريق في الجنة وفريق في السعير قال الله هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن فانقسمت الخليقة فخلقت الجنة لاصحابها والنار لاربابها وجاء الابتلاء وكانت الحياة السؤال المهم الان لما قال الله لادم وذريته فاما يأتينكم مني هدى لان العودة الى الجنة هداية من الله ولن نستدل على الطريق الا بما يدلنا عليه الله سبحانه. وجعل الله الهداية التي يهتدي بها العباد ليستدلوا على درب الجنة والعودة الى مساكن ابيهم ادم عليه السلام جعلها في كتابه الكريم في ثلاثة اشياء اولها كتابه الكريم القرآن العظيم قال الله سبحانه ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين وقال شهر رمضان الذي انزل فيه القرآن هدى للناس. حتى لا تظن ان القرآن هداية لاهل الايمان فحسب. قال هدى للناس مؤمنهم وكافرهم. فالكافر ان اراد الهداية فله في القرآن نصيب والمؤمن ان ابتغى الهداية في القرآن كان منها على اقرب طريق توصله الى مراده هذا اعظم الطرق. ان هذا القرآن يهدي للتي هي اقوم هذا اول مفاتيح الهداية. واما ثانيها فبيت الله الحرام وكعبته المعظمة التي قال عنها سبحانه ان اول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين. لاحظ ما قال للمسلمين ما قال للمؤمنين فبيت الله كما هو كتاب الله. جعل الله فيه الهداية للبشرية جمعاء. انما هو لمن ابتغى الهداية في اكناف البيت وهدايات البيت الحرام. ومن ابتغى الهداية في القرآن وهدايات القرآن الكريم فمن ابتغى الهداية وجدها ومن فتح لها ابواب قلبه اضاء لها واشرق واستنار واهتدى بامر الله سبحانه وتعالى فهذان طريقان بيت الله وكلام الله اما ثالث مفاتيح الهداية ومعالمها التي تدل العباد على مراد الله عز وجل من الخلق وحكمته البالغة في الابتلاء للعودة الى الجنة ونعيمها فهو بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قال الله عز وجل له وانك اهدي الى صراط مستقيم صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الارض الا الى الله تصير الامور. ثلاثة مساجد من اراد الهداية فيها وجدها. ومن اعرض عنها ضيع الطريق. فلا لمسكن ابيه ادم وصل ولا على النعيم حصل هذه سنة الله وهي واضحة في كتاب الله. ليست لغزا ولا امرا مخفيا يحتاج الى بحث وجوار. انما هو ابتلاء العباد في اخذهم بتلك الهدايات في كتاب الله. وفي بيت الله وفي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ولهذا قال الله عز وجل لنبيه عليه الصلاة والسلام في ذروة مجاهدته لكفار قريش ودعوتهم وحرصه عليه الصلاة والسلام على هدايتهم واصرارهم والشيطان من ورائهم يهزهم الى الاعراب وتنكب طريق الهداية والاصرار على المضي في طريق الغواية والضلال قال الله له فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم هو اما اتباع للهدي النبوي او اتباع لهوى النفوس وهوى النفوس معلوم الى اين يقود. من اتبع الهوى حمى ولذلك اعدت الجنة لمن خالف الهوى فاما من طغى واثر الحياة الدنيا فان الجحيم هي المأوى. واما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فان الجنة هي المأوى. فما كانت اهواء النفوس الا طريقا للضلال. قال فان لم يستجيبوا لك فاعلم ان ما يتبعون اهواءهم ومن اضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله. فمن ترك طريق رسول الله عليه الصلاة والسلام ترك الهدى الذي جاءه من الله. قال ان الله لا يهدي القوم الظالمين وهذا من عدل الله عز وجل وحكمته. من اصر على الضلال قاد نفسه الى الهاوية. ومن زاغ ازاغه الله فلما زاغوا ازاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين. وبالجملة ايها المسلمون. فان الله عز وجل جعل في سنة رسول الله الله عليه وسلم طريقا للهداية التي يستدل بها العبد على طريق النجاة والعودة الى مساكن الجنة ليعود الى النعيم الذي حقه ان يرثه من ابيه ادم عليه السلام ولما وصف الله الامر في تلك اللحظة التي هبط فيها ابونا ادم عليه السلام. واعلن له ولذريته ما سيبقى في اياتي مما يقرر لهم في مصائرهم اما الاتباع واما الاعراض تأملوا معي قول الله فاما يأتينكم مني هدى عرفت هدى الله الذي اتانا منه سبحانه. فاما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الاخرة فسيكون في الحياة الدنيا على صراط مستقيم يعرف اين يضع قدمه لا يضل. وفي الاخرة لا شقاء لانه سيكون من اهل الجنة وبالعكس قال ومن اعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا. فين يعني في الدنيا سيعيش في عيشة ضنك ولو ملك الاموال وسكن القصور وتقلب في اكناف النعيم فانه يعيش عيشة الضنك التي اخبر الله فان له معيشة ضنكا. ونحشره يوم القيامة اعمى وهذا ايضا من العدل والحكمة. قال ربي لما حشرتني اعمى وقد كنت بصيرا. قال كذلك اتتك اياتنا فنسيتها. وكذلك اليوم تنسى هذا اجمال لما اراد المصنف رحمه الله الاشارة اليه لما قال فانه لا سبيل الى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الاخرة. الا على يدي الرسل ولا سبيل الى معرفة والخبيث على التفصيل الا من جهتهم. ولا ينال رضى الله البتة الا على ايديهم. اي والله. فما ينال عبد رضا الله ولا تحصل له السعادة ولا الاجر ولا الفلاح ولا الذكر الطيب ولا انس القلوب ولا راحة الارواح الا باتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولهذا فان اهنأ الناس عيشا واسعدهم قلبا واطيبهم في هذه الحياة مقاما والله الذي لا اله الا هو هم اقربهم الى هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام طريقا واكثرهم به استمساكا واشدهم عليه التزاما ولو ضاقت بهم سبل الحياة وانزوت عنهم لذائذها. وبالعكس فابعد الناس عن هذا النعيم واشدهم اغراقا في طرق الضلال والغواية وضنك العيش ابعدهم عن هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تقلبوا في اكناف النعيم وسكنوا القصور وتقلبوا في انواع اللذائذ والمتع في تلك الحياة اسعد الناس قلبا على وجه الارض قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعاش حياته على قلة وكفاف يبيت عليه الصلاة والسلام واهل بيته طاويا الليالي المتتابعة وما كان يشبع ال محمد صلى الله عليه وسلم الا خبز الشعير. ومات صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في صاع من طعام ومع ذلك فكان اسعد القلوب قلبه عليه الصلاة والسلام وينام على الحصير فيؤثر في جنبه فيتأثر عمر الفاروق رضي الله عنه بان الحياة الضيقة التي عاشها رسول الله عليه الصلاة والسلام في مقابل ما اتسع من النعيم لاهل الكفر والضلال. فيخبره النبي عليه الصلاة والسلام بان الميزان وان العبرة وان مقياس ليست بما عندنا من الدنيا ونعيمها ولذائذها بل هي بما يوفق له العبد من سلوك طريق الهداية والاستمساك بهذا الدرب العظيم. ولهذا فان اعظم مطلوب للعباد في هذه الحياة على الاطلاق الاستدلال على طريق الهداية. ولذلك كانت هي الدعوة التي ادعو بها انا وانت وكل مسلم مسلم ومسلمة في كل صلاة بل في كل ركعة لما تقول اهدنا الصراط المستقيم هو والله اعظم مطلوب لانه ان حصل فهنيئا لك النجاة والهداية ان حصل فهنيئا لك الجنة في الاخرة ان حصل فقد حماك الله ووقاك من دروب الغواية والضلال والشقاء والانحراف الذي جرف فيه الشيطان كثيرا من بني ادم. قبل ايام اعلنوا ان تعداد البشر على وجه الارض قد وصل الرقم ثمانية مليار هل تدري ان اكثر من ثلاثة ارباعهم ليسوا على طريق الحق على ملل وعقائد باطلة واديان محرفة. وهم يعيشون هذا الضلال ادركت عبد الله ما معنى ان يمن الله بالاسلام وان تكون عبدا تعرف الله فلا تدعو الا اياه ولا تملأ قلبك تعظيما الاله ولا تتوجه بالعبادة الا اليه ثم انت ما زلت تقولها في كل ركعة من الصلاة اهدنا الصراط المستقيم. تسأل ربك ان يثبت قدميك على الهداية. وان يرزقك اذا علمت ذلك عبد الله فاعلم ان من اعظم ما تثبت به قدميك على درب الهداية ان تعض بالنواجذ على نبي الامة ورسولها وهاديها صلى الله عليه وسلم فحيثما وجدت السنة فاسلك سبيلها وحيثما عرفت طريقها فاتجه اليه ولا تبرح لا تبرح. دربا علمت فيه خطى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكلما وجدت طريقا علمت فيه اثاره عليه الصلاة والسلام قد مضى فيه فاسلكه رعاك الله فانه النجاة وانه السعادة وانه الهدى التي نسألها ربنا في كل ركعة من الصلاة اهدنا الصراط المستقيم. ولهذا قال المصنف رحمه الله لا سبيل الى السعادة والفلاح في الدنيا ولا في الاخرة الا على يدي الرسل. اذا اليس الضرورة اليست ضرورة لي ولك ان نعلم اين هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ بلى والله هي ضرورة. هي ضرورة كما سيأتيك في كلام المصنف اعظم من حاجتنا الى الطعام والشراب اعظم من حاجة الارواح الى روحها. لان الحديث ها هنا عن سعادة وشقاء. عن نجاة او هلاك عن جنة او نار فالمسألة اعظم من كل شيء في الحياة. وانت اذا اردت الزواج او شراء شيء او بناء بيت او اتخاذ قرار حرصت غاية الحرص الا تغبن والا تخدع والا تكون خائبا فيما تختاره او تقرر او تفعل فلا والله لا شيء في حياتنا اعظم غبنا يوم القيامة ممن غبن فيمن استدل على غير ضيق الهداية ولذلك قال الله ذلك يوم التغابن هناك هناك التغابن الحقيقي والمقصود ان المصنف رحمه الله قبل ان يقول لك ها هنا هدي رسول الله عليه الصلاة والسلام وتلك سنته وهذا طريقه في طعام والشراب واللباس قبل ان يقول لك ذلك اراد ان يقول لك افتح عينيك عبد الله نتكلم عن شيء نحن بأمس الحاجة اليه. البحث عن سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام. اين هي؟ البحث عن دربه من اين حتى توضع الخطى على الخطى. وان نسلك بنفوسنا التي نرجو لها النجاة. ان نرسك ان نسلك بها دروب السنة اتباعا رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ولا ينال رضى الله البتة الا على ايديهم. فالطيب من الاعمال والاقوال والاخلاق ليس الا هديهم وما جاءوا به فهم الميزان الراجح الذي على اقوالهم واعمالهم واخلاقهم توزن الاقوال والاخلاق والاعمال وبمتابعتهم يتميز اهل الهدى من اهل الضلال فالضرورة اليهم اعظم من ضرورة البدن الى روحه. والعين الى نورها والروح الى حياتها. فاي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته الى الرسل فوقها بكثير. وما ظنك بمن اذا غاب عنك هديه وما جاء ابه طرفة عين فسد قلبك؟ لماذا صارت حاجتنا الى هدي الرسل والانبياء عليهم السلام اعظم من حاجتنا الى الطعام والشراب اعظم من حاجة البدن الى روحه والعين الى نورها والروح الى حياتها. لم؟ لان تلك الضرورات وان كانت ضرورات فغاية ما يترتب على غيابها وفواتها ماذا التلف والموت والهلاك صح؟ يعني اكثر ما يمكن ان يصيبك اذا فقدت الطعام والشراب ما هو؟ الموت اكثر ما يصيبك اذا فقدت العين نورها اذا فقدت العين نورها العمى عمى البصر. اجارك الله. اكثر ما يصيبك اذا فقد البدن روحه الموت لكن تدري ما الذي يصيب العبد اذا فقد هدي الرسل والانبياء عليهم السلام شيء اعظم من ذلك الضلال والشقاء والعيشة الضنك اجارك الله تلك التي لا تحتمل ربما تعيش في حياتك اعمى البصر ضعيف البدن كثير السقم. ربما تعيش في حياتك كثير الجوع والعطش لكنها تبقى حياة قصيرة كم ستعيش ستين سنة؟ مئة سنة يهون والله كل ذلك عندما يبلغ موقف القيامة وليست الحياة الاخرة. عندما يبلغ الموقف يوما كان داره خمسين الف سنة يهون كل شيء تراه في هذه الحياة اذا كان الموقف فقط خمسين الف سنة فتدرك ان ان حاجة العبد الى طريق النجاة الى الهداية التي جاء بها الرسل هو والله بلا مقارنة اعظم من حاجة البدن الى روحه والعين الى نورها والروح الى حياتها. نعم. فاي ضرورة فاي ضرورة وحاجة فرضت فضرورة العبد وحاجته الى الرسل فوقها بكثير وما ظنك بمن اذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وصار كالحوت اذا فارق الماء ووضع في المقلى فحال العبد عند مفارقة قلبه لما جاء به الرسول كهذه الحال بل اعظم. ولكن لا يحس بهذا الا قلب حي وما لجرح بميت ايلام. ولكن لا يحس بهذا الا قلب حي القلب الحي قلب المؤمن والحياة في قلوب المؤمنين متفاوتة فاعظم قلوب المؤمنين حياة اكثرها طاعة لله واضعفها حياة اكثرها مرضا اكثرها سقما وداء اكثرها علة هي ابعدها عن طاعة الله واكثرها اغراء في العصيان والمنكرات والاثام عافانا وعافاكم الله فكلما ازدادت حياة القلب ادرك هذا المعنى. وكلما ابتعد عن هذه الحياة حتى يموت او يغدو قلبا مغلفا كقلوب اهل الكفر والضلال فانه لا يشعر بذلك ابدا. ولا يلقي له بالا. ولهذا قال ولا يشعر او لا يحس بهذا الا قلب حي هو الذي يحس ان الحاجة الى الهدي والى السنة اعظم ولما كانت قلوب سلف الامة رضوان الله عليهم من الصحب الكرام والتابعين لهم باحسان واهل القرون المفضلة وسادات الامة من الائمة من بعدهم لما كانوا على تلك المراتب السنية والمقامات العالية التي عاشوا فيها قلوبا حية ادركوا هذا المعنى حقيقة فكانوا يدركون ان استمساكهم بالسنة نجاة. وان حرصهم على الهدي النبوي درب السعادة. وان الابتعاد عن ذلك طريق الغواية والضلال. فما زالوا يتكلمون بذلك وما زالت حياتهم تنطق بذلك في مواقف افعالهم واقوالهم بل كانوا في حركاتهم وسكناتهم على حد سواء يشعرون ويشعرونك بهذا المعنى العظيم. فاذا قلبت النظر في اخبارهم وتفقدت في احوالهم وسيرهم وجدت عجبا عجابا كانوا اقواما شديدي العناية بالسنة والتمسك بها ادركوا انها در النجاة وعلموا رضوان الله عليهم ان البعد عنها هي شقاء معجل في الدنيا قبل الشقاء في الاخرة فلا تعجب ان تجد العبارات التي انطلقت انوارها من معين الكتاب والسنة. لما يقول سفيان رحمه الله ان استطعت الا تحك رأسك الا باثر فافعل حتى هذه الامور التافهة التي لا نلقي لها بالا والتي اذا اصابتك حكة في رأسك انطلقت يدك الى رأسك من غير تفكير. هو يريد ان يقول ان الامور وجليلها ينبغي ان يبنى في القلوب على هذا الميزان. ان استطعت الا تحك رأسك الا باثر فافعل اذا استطعت ان تبحث فيها اثرا وهديا نبويا تتبع فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فافعله لتكون حتى في حك رأسك متبعا لسنة رسول الله. صلى الله عليه ولما جاء اليهودي يسخر من سلمان الفارسي رضي الله عنه قال تزعمون ان نبيكم علمكم كل شيء حتى الخراءة يعني حتى كالغائط وقضاء الحاجة اكرمكم الله. قال سلمان رضي الله عنه بعزة المؤمن المفتخر بالانتساب الى دينه بسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. الواقف على معاني ذلك علما وتحصيلا قال اجل لقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نستقبل القبلة بغاية او بول ونهانا ان نستنجي باقل من ثلاثة احجار. ونهانا ان نستنجي برجيع او عظم. اعطاه ثلاثة احكام ومسائل وليست مسألة واحدة عندما يملأ المؤمن قلبه علما بالسنة واستمساكا بها وحرصا على طلبها ثم اتباعا لها وتطبيقا له في سيكون احد افراد الامة المباركين الذين يرفعون راية السنة في حياتهم. فهنيئا له والله الحياة الطيبة. والذكر في الدنيا وهنيئا له المقام العظيم الرفيع في الاخرة لحرصه على السنة واستمساكه بها. وهذا مقام طويل في استقصاء السلف واقوالهم رضي الله عنهم في الحرص على السنة. والتمسك بها والاهتداء بهديها. وسيأتي في كلام المصنف رحمه الله شيء كثير طيب من تقرير هذا المعنى العظيم. ولهذا قال المصنف رحمه الله انما او ولكن لا يحس بهذا الا قلب حي. ولانهم اعظم القلوب في حياة في الامة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا اكثر الامة ادراكا لهذا المعنى العظيم صدقوا للامة من بعدهم ونصحوا لهم رضوان الله عليهم يدلون الامة على الخير الذي استدلوا عليه ويرشدونهم الى الطريق الذي سلكوه بما وجدوه من هدي رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ورضي الله عنهم وسلك بنا سبيلهم احسن الله اليكم قال رحمه الله واذا كانت سعادة الدارين معلقة بهدي النبي صلى الله عليه وسلم فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاتها وسعادتها ان يعرف ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد اتباعه وشيعته وحزبه عبدالله انت واحد من امة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا شرف فهنيئا لنا به انا وانت من اتباع رسول الله عليه الصلاة والسلام ومن امته المباركة الحظية ببعثته عليه الصلاة والسلام. هنيئا لنا ومع ذلك فانه يتعين على من احب نبيه عليه الصلاة والسلام وادرك عظم الحاجة الى سنته وسيرته وهديه ان يكون له قدر من العناية والعلم ولمعرفة والبحث والتقصي والدراسة والنظر بقدر ما يحمل في قلبه من ذلك الحب وتلك العناية والحرص بمعنى اخر اشدنا حرصا على النجاة وحبا لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيكون اكثرنا اجتهادا في تعلم السنن وتنقيبها والبحث عنها. اليس كذلك؟ بلى. واكثرنا تقصيرا للاسف هم ابعدنا عن ذلك. او ان شئت فقل اكثرنا جهلا واقلنا ادراكا لعظم المسألة واهميتها وحاجتنا اليها ولك ان تنظر اليوم الى ناشئتنا واجيالنا الذي يشغل عقولهم ويملأ هم قلوبهم هو الذي يحملهم على البحث والمتابعة وصرف الجهد والهمم والاوقات اليس كذلك هكذا هو الحال فمتى نبلغ باجيالنا وناشئتنا وفتياننا وفتياتنا الى ان يكون الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وعن وجوب محبته وطاعته وعن نشر العبق الطيب من سيرته وعن تعليم الامة كلها تلك الاطراف المتناثرة والنبذ من سنته ليكون شيئا مشاعا. وليكون هواء تتنفسه الارواح. وليكون شيئا عاما في الامة ليتكلم الجميع مع الجميع عن الهدي النبوي والسيرة النبوية. ليتحدث الكل الى الكل عن عن اعظم ما تبتهج به القلوب وتنجو به النفوس السنة وسلوك دربها والعناية بطريقة رسول الله عليه الصلاة والسلام. هذا امر ينبغي ان اذا ما ادركت القلوب وايقنت النفوس الحاجة التي تتعلق بها نفوسهم وارواحهم. فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاتها وسعادتها ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد اتباعه وشيعته وحزبه. ولذلك فها هنا تفاوت كبير فمنا المقبل على السنة والمعالم بها والمتعلم لها والناشر لها بين الناس ومنا من فاتته السنن. فاذا اقبل على طعام اللباس والشراب والزواج والدخول والخروج فانه لا يبالي ماذا يفعل وماذا يترك ليس زهدا في السنة بقدر ما هو جهل بها وعدم علم بها. ولهذا وضع المصنف رحمه الله كتابه لتعليم الامة وخدمتها بتقريب هدي خير عباد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليكون زادا لي ولك يوم المعاد اذا لقينا الله سبحانه وتعالى احسن الله اليكم قال رحمه الله فيجب على كل من نصح نفسه واحب نجاتها وسعادتها ان يعرف من هديه وسيرته وشأنه ما يخرج به عن الجاهلين به ويدخل به في عداد اتباعه وشيعته وحزبه. والناس في هذا بين مستقل ومستكثر ومحروم والفضل بيد الله يؤتيه من يشاء. والله ذو الفضل العظيم فصل وهذه الكلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتها من له ادنى همة الى معرفة نبيه صلى الله عليه وسلم وسيرته وهديه اقتضاها الخاطر المكدود على عجره وبجره مع البضاعة المزجاة التي لا تفتح لها ابواب السدد. ولا يتنافس فيها المتنافسون. مع تعليقها في حال سفر الله اقامة والقلب بكل واد منه شعبة. والهمة قد تفرقت شذر مذر. والكتاب مفقود. ومن ومن يفتح باب العلم مذاكرته معدوم غير موجود. فعودوا العلم النافع الكفيل بالسعادة قد اصبح ذاويا. وربعه قد فاوحش من اهله وعاد منهم خاليا فلسان العالم قد ملئت بالفلول مضاربه لغلبة الجاهلين وعادت وارد شفائه وهي معاقبه لكثرة المنحرفين والمحرفين فليس له فليس له معول الا الصبر الجميل فليس له معول الا الصبر الجميل وما له ناصر ولا ولا معين الا الله وحده وهو حسبنا ونعم هذه اخر جملة ختم بها المصنف رحمه الله المقدمات والفصول التي مضت معنا من اول الكتاب ابدى فيها رحمه الله الباعث له على وضع هذا الكتاب وفصوله المتعددة في هدي نبي الامة رسول الله صلى الله عليه عليه وسلم. وهي كلمات جعلها حافزا للناظر في الكتاب. وقد ملأها رحمة الله عليه قدرا عظيما من تواضع اهل العلم وسمتهم وامامتهم رضوان الله عليهم فانما بلغوا ما بلغوا من الشأن العظيم بهذا التواضع الجم والهضم للنفس والاعتراف بالتقصير مع ما حباهم الله تعالى به بالرفعة المقام وعزة الشأن. قال هذه كلمات يسيرة لا يستغني عن معرفتها من له ادنى همة الى معرفة نبيه. وسيرته وهديه صلى الله عليه وسلم اقتضاها الخاطر المكدود يعني اقتضى وضع هذه الكلمات خاطره المكدود. يعني يصف حاله بانه ليس ذا همة ولا من اصحاب الشيم العالية والنفوس الفتية في طلب العلم ولا في التعليم ولا في التعليف. تواضعا منه رحمة الله عليه طه الخاطر المكدود المكدود المنهك المتعب على عجره وبجره وهذا مثل تضربه العرب للشيء ان تقوله هو كما هو على علاته بحسنه وسيئه وبصالحه وطالحه وبالمقبول منه والمردود تقول قبلنا بالشيء كذا على عجره وبجره. يعني من حاله التي اه اقل ما تقول فيها انه مستور بستر الله. ابن القيم احد اعلام الامة وائمتها الكبار يقول عن نفسه انه ذو الخاطر المكدود على عجره وضجره. وما اكتفى بهذا بل مع البضاعة المزجة. يصف علمه الذي فتحت له فيه ابواب الفهم. والتي تشهد بها كتبه ومصنفة رحمه الله كما تقدم في اول المجالس في التعريف به يقول عن علمه انه بضاعة مزجاة كاسدة لا تشترى بثمن ولا يرغب فيها الحريص على الاقتناء. تواضعا منه واخباتا رحمه الله. واليوم احدنا لو فتح له بجمل ومسألتين او ثلاث رفع رأسه وصدح بصوته ويقول بلسان حاله ان لم يكن بلسان مقاله انا ها هنا يا قوم فاعرفوني وهلموا الي وتعالوا وخذوا عني هذا كله مفارق لما تسمع وترى من احوال السلف ائمة الاسلام حقا. فان اكثرهم علما اشدهم تواضعا وكلما كان احدهم اقرب الى معين العلم الصافي والرسوخ فيه والتمكين وكان ممن سلك في عداد الرب من العلماء كان اكثر تواضعا واخباتا وهضما للنفس واحتقارا. قال مع البضاعة المزجاة التي لا تفتح لها ابواب السدد ولا يتنافس فيها المتنافسون. لا تفتح لها ابواب السدد يعني لا يحرص احد على فتح الباب لها. والسدة الباب يقول فلا احد يفتح لها الباب ولا يحرص على تقبلها. قال مع تعليقها في حال سفر لا اقامة. وتقدم ان قندف رحمه الله ابتدأ تصنيفه الكتابة مع بعض المراجع المعدودة المحدودة التي كانت معه في رحلته وهو في بعض اسفاره لكنه لما استقر به المقام وعاد الى دمشق عاد الى الكتاب فبيضه واكمل كثيرا من فصوله واعاد اليه بتمام باتمام وتكميل لما قد تركه فحصل في بعض المواضع من الكتاب تفاوت مرده الى استعادة نظر في الكتاب فكتب المقدمة على تلك الحال. قال في حال سفر لا اقامة. يعني انتم تعلمون حال السفر ليست بحال استقرار ولا تجمع عزهم ولا الهمة ولهذا قال والقلب بكل واد منه شعبة. والهمة قد تفرقت شذر مذر. والكتاب مفقود يعني ليست معه مراجع ولا كتب ينظر فيها ويرجع اليها. ومن يفتح باب العلم مذاكرته معدوم غير موجود. يقول لا بين يدي كتاب ولا طالب علم علم او عالم اسائله واناقشه واراجعه فاتثبت من المسألة وافتح باب العلم لمزيد من احياء المذاكرة. قال رحمه الله فعودوا العلم النافع الكفيل بالسعادة قد اصبح ذاويا. يقصد ان نعود العلم الذي يستند هو اليه قد دوى. يعني صابه الذبول والضمور لعدم ما يسقيه. ويزيده قوة ونباتا. قال وربعه الربع كالمنطقة التي يزرع فيها او ينبت فيها الزرع فيأتي فيها المرء بمتاعه ويجد من خيرات ذلك المكان. قال وربعه قد اوحش من اهله يعني ربع العلم قد اوحش من اهله وعاد منهم خاليا. فلسان العالم قد ملئت بالفلول مضاربه لغلبة الجاهلين شبه لسان العالم وقلمه بسيف يجاهد به في ساحة العلم. ليثبت الحق ويرد الباطل وينفي الشبهة ويفند الباطلة ويقرر الحق. يقول لكثرة الجاهلين اصبحت اصبحت اداة العالم وسلاحه ملئت بالفلول مضاربه. يعني اصابها الضرب الشديد لغلبة الجاهلين قال وعادت موارد شفائه وهي معاقبه لكثرة المنحرفين والمحرفين فليس له معول الا الصبر الجميل وما له ناصر ولا معين الا الله وحده وهو حسبنا ونعم الوكيل ثم شرع رحمه الله في اول فصول الكتاب. ولما اراد الكلام سنتي وهدي نبي الامة صلى الله عليه وسلم فابتدأ من اسمه ونسبه الشريف عليه الصلاة والسلام. ليكون الكلام فيما بعد تباعا في كل ما يتعلق بهدي رسول الله عليه الصلاة والسلام. الست تريد ان تعلم سنته وسيرته وهديه الست قد سلكت الطريق الذي تتزود به ما ينفعك في دنياك وما ينجيك في اخراك فاعلم ان اول خطوة في دراسة سيرته عليه الصلاة والسلام هذه الجمل اليسيرة. نسبه الشريف وميلاده واسرته والداه ابوه وامه واهل بيته كما سيأتي تباعا في كلام المصنف رحمه الله تعالى. نعم. احسن الله اليكم فصل في نسبه صلى الله عليه وسلم وهو خير اهل الارض نسبا على الاطلاق فلنسبه من الشرف اعلى ذروته واعدائه كانوا يشهدون له بذلك. ولهذا شهد له به عدوه اذ ذاك ابو سفيان بين يدي ملك الروم فاشرف القوم قومه واشرف القبائل قبيلته واشرف الافخاذ فخذه صلى الله عليه وسلم. عليه الصلاة والسلام. في الحديث الصحيح اخرج البخاري في قصة لقاء هرقل عظيم الروم بابي سفيان ابن حرب رضي الله عنه. وكان ابو سفيان رضي الله عنه ان انذاك على الشرك والكفر قبل ان يسلم. ارسل هرقل اليه في ركب من قريش. وكانوا قدموا الى الشآم في بعض تجارات التي يأتون بها الى ارض الشام في المدة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مادد فيها ابا سفيان وكفار قريش. يعني في المدة التي كان فيها قال فاتوه وهم بايلياء وهي من ادنى ارض الشام الى جزيرة العرب فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعا لهم ثم دعاهم ودعا بترجمانه. فقال ايكم اقرب نسبا هذا الرجل الذي يزعم انه نبي قال ابو سفيان فقلت انا اقربهم نسبا. حدث هذا بعد صلح الحديبية صلح الحديبية سنة ست من الهجرة وسنة سبع فتحت خيبر. وفي السنة الثامنة كاتب رسول الله عليه الصلاة والسلام العظماء والكبرى والرؤساء الى سنة تسع وفي سنة عشر فتحت مكة. فكان لقاء ابي سفيان به رقم في مدة الصلح التي وقف فيها القتال قال فدعاهم ودعا بالترجمان فقال ايكم اقرب نسبا بهذا الرجل الذي يزعم انه نبي؟ قال ابو سفيان فقلت انا اقربهم نسما فقال ادنوه مني وقربوا اصحابه فاجعلوهم عند ظهره ثم قال لترجمانه قل لهم اني سائل عن هذا الرجل فيسأل ابا سفيان عن رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم قل لهم اني سائل هذا عن هذا الرجل. فان كذبني فكذبوه قال ابو سفيان فانه والله لولا الحياء من ان يأثروا علي كذبا لكذبت عليه قال ثم كان اول ما سألني عنه ان قال كيف نسبه فيكم قال ابو سفيان قلت هو فينا ذو نسب من يقول هذا الكلام عدو من اعدائه في تلك المرحلة ولو استطاع ان يكذب نصف كذبة لفعل فلما يشهد العدو في حال القتال وفي حال المخاصمة وفي حال الحرب يشهد لعدوه بخصلة فثق انها اصدق ما تكون. والحق ما نطقت به الاعداء قال كيف نسبه فيكم؟ فقال ابو سفيان هو فينا ذو نسب؟ قال فهل قال هذا القول منكم احد قط قبله؟ قال لا. قال فهل كان من ابائه من ملك؟ قلت لا. قال فاشراف الناس يتبعونه ام ضعفاؤهم؟ قلت بل ضعفاؤهم. قال ايزيدون ام ينقصون؟ قلت قال هل يرتد احد منهم سخطة لدينه بعد ان يدخل فيه؟ قلت لا. قال فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل ان اول ما قال قلت لا. قال فهل يغدر قلت لا ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها. قال ابو سفيان ولم تمكني كلمة ادخل فيها شيئا غير هذه الكلمة يعني هو الذي استطاع ان يعبر به بشيء من عداوته قال لا ما وجدنا شيئا من غدره ونحن ما زلنا في مدة عهد ولا ما هو فاعل فكان نوعا من اللمز غير الصريح قال هو اقصى ما استطعت ان ارمي به من الكلام بين يدي هرقل الروم فقال له هرقل فهل قاتلتموه؟ قلت نعم الى ان اكمل المسائل ثم قال هرقل للترجمان قل له سألتك عن نسبه فذكرت انه فيكم ذو نسب فكذلك الرسل تبعث في نسب قومك وسألته هل قال احد منكم هذا القول فذكرت الا. فقلت لو كان احد قال هذا القول قبله لقلت رجل يأتسي بقول قيل قبله وسألتك هل كان من ابائه من ملك فذكرت الا؟ فقلت لو كان من ابائه ملك لقلت رجل يطلب ملك ابيه الى اخر ما استدل به هرقل وهو الكافر. النصراني البعيد عن الاسلام ما استدل به من تلك الاسئلة واجابات ابي سفيان رضي الله عنه وكان اذ ذاك مشركا. استدل به على علامات دالة على صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في نبوته. ولهذا قال المصنف رحمه الله وغادي نسبه من الشرف اعلى ذروته واعداؤه كانوا يشهدون له بذلك ولهذا شهد له عدوه ابو سفيان بين يدي ملك الروم المقصود كما قلت بابي سفيان قبل ان يسلم رضي الله عنه وارضاه احسن الله اليكم قال رحمه الله فهو محمد ابن عبد الله ابن عبد المطلب ابن هاشم ابن عبد مناف ابن قصي ابن كلاب ابن مرة ابن كعب ابن لؤي ابن غالب ابن فهر ابن مالك ابن النضر ابن النضر ابن كنانة ابن خزيمة ابن لمدركة ابن الياس ابن مضر ابن نزار ابن معد ابن عدنان الى هنا معلوم الصحة متفق عليه بين النسابين لا خلاف فيه البتة وما فوق عدنان فمختلف فيه ولا خلاف بينهم ان عدنان من ولد اسماعيل عليه وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ادم عليه السلام ينقسم الى قسمين قسم متفق على صحته وهو القدر الذي ساق المصنف. من ابيه عبدالله الى عدنان وعدنان من ولد اسماعيل. والقسم المختلف فيه ما كان فوق ذلك الى ادم عليه السلام. وربما ينتشر بين بعض الناس نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى ادم عليه السلام. وما قرره المصنف رحمه الله هنا من ان نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه عبد الله الى عدنان معلوم الصحة متفق عليه وما فوق عدنان فمختلف فيه هكذا قرره اهل العلم وهم يتكلمون عن نسب المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال الذهبي رحمه الله تعالى وعدنان من ولد اسماعيل. لكن اختلفوا فيما بين عدلان وبين اسماعيل من الاباء. فقيل بينهما تسعة اباء وقيل سبعة واختلفوا في اسماء بعض الاباء. وقيل بينهما خمسة عشر ابا وقيل بينهما اربعون ابا وهو بعيد. واما عروة ابن الزبير فقال ما وجدنا من يعرف ما وراء عدنان ولا قحطان الا تخرصا. وقال ابو الاسود سمعت ابا بكر بن سليمان بن ابي حثمة وكان من اعلم قريش انسى بها واشعارها يقول ما وجدنا احدا يعلم ما وراء معد ابن عدنان في شعر شاعر ولا علم عالم. وقال ابو عمر ابن عبد البر رحمه الله والذي عليه ائمة هذا الشأن انه عدنان بن ادب ثم ساق ساق نسب عدنان الى للبشر ادم عليه السلام. وقال ابن سعد الامر عندنا الامساك عما وراء عدنان الى اسماعيل. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله روى الطبراني باسناد جيد عن عائشة رضي الله عنها قالت استقام نسب الناس الى معد بن عدنان ولهذا قال ابن حبان رحمه الله نسبة رسول الله صلى الله عليه وسلم تصح الى عدنان. وما وراء عدنان فليس عندي فيه شيء صحيح اعتمد عليه ولما ساق النسب قال الى هنا ليس بين النسابة خلاف فيه ومن عدنان هم مختلفون فيه الى وهكذا قال ابن حزم لما ساق النسب الشريف الى عدنان قال ها هنا انتهى النسب الصحيح الذي لا شك فيه. فكل الامة على ما قرره المصنف ان نسب المصطفى عليه الصلاة والسلام معلوم الى جده عدنان وهو من ولد اسماعيل عليه السلام واما ما وراء ذلك فمحل خلاف بين النسابة. والجزم باحد الطرق دون غيرها لا يثبت على قدم من التحقيق فدونكم ايها الكرام نسب رسول الله عليه الصلاة والسلام. اعلموه وعلموه اولادكم اكثر من نسبكم ونسب ابائكم فانه نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم. وان نحفظه هو والله اشرف وافضل من ان نحفظ انساب قبائلنا ابنائنا وابائنا واجدادنا. وسيأتي في سياق حديث المصنف تتمة لما يتعلق بهذا الفصل في المجالس المقبلة في ان شاء الله تعالى فاستكثروا ليلتكم هذه وجمعتكم غدا مما ترجون به كثرة الخيرات والبركات وصلوات ربكم عليكم باستزادتكم من صلاتكم على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم صلاة الله ما غيث تهامى على من بالنبوة قد تسامى صلاة نفحها طيب ومسك وتسليم الخزامى. فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل اللهم وسلم وبارك عليه عدد ما غفر عن الصلاة عليه الغافلون. ونسألك يا رب علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشفى قال وعاف مبتلانا واكتب لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين