بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه واصلي واسلم على الهادي البشير والسراج المنير نبي الله وعبده ورسوله سيدنا وقدوتنا محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه ومن استن بسنته واهتدى بهداه. اما بعد ايها الاخوة الكرام فمن رحاب بيت الله الحرام في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة ينعقد هذا المجلس الرابع عشر من مجالس مدارستنا لكتاب زاد المعاد في هدي خير صلى الله عليه واله وسلم للامام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا اليوم الخميس الثاني عشر من جمادى الاخرة وسنة اربع واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. ونحن في هذا المجلس نستكثر من ذكرنا لربنا الكبير المتعال. حامدين اياه جل جلاله. على ما اولى من النعم واسدى من الفضل والكرم فسبحان وبحمده لا نحصي ثناء عليه هو كما اثنى على نفسه. مستكثرين كذلك في مجلسنا المبارك هذا في هذه الليلة المباركة من صلاتنا وسلامنا على بهجة القلوب وانسها. وفرحة القلوب وسعدها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم مغترفين من كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم بقدر ما يرجو احدنا من صلاة ربه جل جلاله وفيه الوعد الحق فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. هل حن قلبك للنبي محمد ورجوت لقيا في المقام الاسعد اكثر عليه من الصلاة ورددا يا رب صل على النبي محمد. اللهم صل وسلم وبارك عليه اتم صلاة وازكى سلام يا ذا الجلال والاكرام واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من اشد امته له حبا. ومن اكثرهم منه يوم القيامة قباء واجعلنا من اعظم امته بركة واتباعا لسنته صلى الله عليه واله وسلم. وبعد المسلمون فوقا فبنا الحديث ليلة الجمعة الماضية عند فصل في شرح معاني اسماء رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ذلك انه تقدم معنا حديث جبير بن مطعم رضي الله عنه وفيه قال سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه اسماء. فقال انا محمد وانا احمد وانا الماحي الذي يمحو الله بي كفر وانا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي والعاقب الذي ليس بعده نبي. والحديث صحيح اخرجه الشيخ وتفسير العاقب كما تقدم مدرج في صحيح مسلم في الحديث من قول الامام الزهري رحمة الله عليه ها هنا في مجلس الليلة نستعرض كلام المصنف الامام ابن القيم رحمه الله في شرح هذه المعاني لاسماء رسول الله. صلى الله عليه وسلم ما معنى الماحي وما المراد بالعاقب والحاشر والقاع في او المقفي فضلا عن ان نعرف معنى الاسمين الشهيرين محمد واحمد وعامة المسلمين من شدة حبهم لهذا الاسم الكريم يسمون به اولادهم. منذ صدر الاسلام الاول والى يوم الناس هذا بل لا يزال هذا الاسم الكريم اعلى الاسماء شيوعا وانتشارا بين ابناء المسلمين. حبا فيه في رسول الله صلى الله الله عليه وسلم وتبركا بهذا الاسم الذي يرجى من خيره لمن سمي به. فطالما احببنا ونادينا وشهدنا ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورددت المآذن اشهد ان محمدا رسول الله. صلى الله عليه وسلم. وقال كما سمينا وتسمينا بمحمد فما المراد بهذا الاسم المبارك حتى تفهموا اكثر ايها المباركون الاعلام او الاسماء كما يقولون لا تعلل. فانك اذا سميت شيئا شخصا او غيره اذا سميته اسما فانه لا يعلل فلماذا يقال لك لماذا سميت ابنك ماجد او خالد او بكرا او زيدا لا تعلل لان العلم لا يعدو ان يكون اسما معرفا على الشخص ان هذا فلان وذاك فلان لكن اسماء الله الحسنى ليست اسماء محضة او مجردة. بل هي اسماء ذات عان واوصاف وكذلك اسماء كتبه سبحانه وتعالى. وهكذا اسماء رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمحمد هذا العلم له دلالات عظيمة ولها معان جميلة ياتي المصنف رحمه الله على شرحها في هذا الفصل الذي نتدارسه الليلة مستكثرين في مجلسنا هذا من صلاتنا وسلامنا على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله الامين. نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله فصل في شرح معاني اسمائه صلى الله عليه وسلم اما محمد فهو فهو اسم مفعول من حمد فهو محمد اذا كان كثير الخصال التي يحمد عليها ولذلك كان ابلغ من محمود فان محمودا من الثلاثي المجرد ومحمد من المضاعف للمبالغة فهو الذي يحمد واكثر مما يحمد غيره من البشر. ولهذا والله اعلم سمي به في التوراة لكثرة الخصال المحمودة التي وصفت بها هو ودينه وامته في التوراة. حتى تمنى موسى ان يكون منهم وقد اتينا على هذا المعنى بشواهده هناك. وبينا غلط ابي القاسم السهيلي حيث جعل الامر بالعكس وان اسمه في التوراة احمد. هذا الاسم الكريم محمد في صيغته واشتقاقه اللغوي قال هو اسم مفعول من الفعل حمد فاذا قلت في اسم المفعول على وزن مفعول من الفعل حمد سيكون محمدا وسيكون اسم الفاعلين محمدا وهذا الاسم لرسول الله عليه الصلاة والسلام هو اسم مفعول كما قال من الفعل حمد يعني كثير الخصال التي يحمد اسم المفعول هذا جاء على وزن مفعل مثل ما تقول في الكلمات معظم ومحبب معظم اذا كان كثير التعظيم. محبب اذا كان كثير الحب في قلوب الاخرين. وتقول ايضا مسود ومبجل فهذا الوزن مفعل يدل على التعظيم للمعنى الذي يشتمل عليه الاسم فاذا قلت مبجل يعني كثير التبجيل مسود عظيم السؤدد والسيادة والرئاسة ومحمد عظيم الحمد. يعني يحمد لكثرة ما اشتمل عليه من الاوصاف التي تجلب الحمد له ومعنى الحمد هنا الثناء والرضا والذكر الحسن الذي يعود عليه بكل قول جميل. قال رحمه الله هذا ابلغ من كلمة محمود. وان كان اصل المعنى في الكلمتين واحدا فان محمودا ايضا اسم مفعول لكنه من الفعل الثلاثي المجرد حمد واسم الفاعل حامد والمفعول محمود هذا من الفعل حميد فالفاعل حامد والمفعول محمود. فاذا كان الفعل حمد بمعنى اثنى وذكر القول الطيب في لما رأى او سمع او بلغه فيقال هو حامد. ومن وقع عليه الحمد يكون محمودا. ونحن عندما نحمد الله نقول الحمد لله. فربنا محمود لان الحمد وقع على الذات الالهية والخلق كلهم يحمدون الله. هذا حمد الخلق للخالق. فرب هنا محمود بهذا المعنى. واذا قلت في البشر ايضا محمود فالمراد به ذاك الانسان الذي اتصف بجميل الصفات وكريم الاخلاق حتى اثنى الناس عليه خيرا. مدحوا اخلاقه وحمدوا صنيعه وشكروا فعله ولطفه قوله وحسن اكرامه لغيره فاثنوا عليه وحمدوا ما فعل فلما حمده الناس قيل عن المفعول محمود فمحمود ومحمد بالمعنى ذاته لكن محمد ابلغ. لانه كما قلنا على وزن مفعل. يعني معنى حمدي فيه اكثر وما اجتمع فيه ايضا من الحمد والثناء والشكر ابلغ مما اجتمع في محمود. وذلك يعود فقط الى اختلاف الصيغة اشتقاق الذي جاءت منه الكلمة فمحمود من الفعل حميدا. لكن محمد من الفعل حمد فهي ابلغ واذا جاء الشد في الكلمة ايضا دل على مزيد تأكيد وتشديد في المعنى اتساقا مع اللفظ كما تقول العرب. قال فهو الذي يحمد اكثر مما يحمد غيره من البشر. هذا عندما نقول عن البشر محمود صفاته واخلاقه ومحمد لمزيد من ذلك المعنى. ففيه من الاخلاق والصفات والاكرام والاحسان الى غيره ما جلب له الحمد والشكر والثناء على السنة البشر. فيقال عنه محمد قال ولهذا سمي في التوراة بهذا الاسم. لكثرة الخصال لمحمودة التي وصف بها هو ودينه وامته في التوراة حتى تمنى ان يكون موسى عليه السلام منهم اشار المصنف لانه اتى على المسألة هذه في كتابه الذي اشار اليه في المجلس السابق وهو كتاب جلاء الافهام. في فضل الصلاة والسلام على خير الانام صلى الله عليه واله وسلم. وهناك تطرق المصنف رحمه الله لمزيد توسع لهذا المعنى في من محمد وقال انه على زنة مفعل كمعظم ومحبب ومسود ومبجل قال لان هذا البناء جاء موضوع للتكفير. فان اشتق منه اسم فاعل فمعناه من كثر صدور الفعل منه مرة بعد مرة كمعلم ومفهم ومبين ومخلص ومفرج ونحوها هذا اذا اشتق منه اسم الفاعل قال وان اشتق منه اسم مفعول فمعناه من كثر تكرر وقوع الفعل عليه ليس منه مرة بعد اخرى اما استحقاقا او وقوعا. قال فمحمد هو الذي كثر حمد الحامدين له. مرة بعد اخرى او هو الذي يستحق ان يحمد مرة بعد اخرى الى ان قال رحمه الله هناك في ذاك الكتاب ويقال حمد فهو محمد كما يقال علم فهو معلم هذا علم وصفة اجتمع فيه الامران في حقه صلى الله عليه وسلم وان كان علما محضا في حق كثير مما من تسمى به غيره. يعني عامة من يسمي ابنه او اخاه او او يسمي نفسه محمدا لا يلزم ان يتصف بهذا المعنى فقد يكون في شيء من سوء الخلق او سوء الفعل او الذكر بين الناس بما لا يحمد بل يذم فيكون اسم محمد في حقه علما محضن. وكذلك من سمى ابنه ماجدا وفائزا وقد لا يكون فيه من معنى المجد ولا الفوز شيء انما هي اعلام مجردة. اما اسماء الرب تبارك وتعالى واسماء كتابه واسماء نبيه صلى الله عليه وسلم كما يقول ابن القيم هناك في الكتاب قال هي اعلام دالة على معان هي بها اوصاف. فلا تضاد العلمية فيها الوصف بخلاف غيرها من اسماء المخلوقين الى اخر ما قال هناك رحمه الله تعالى. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله واما احمد فهو اسم على زنة افعل التفضيل مشتق ايضا من الحمد وقد وقد اختلف الناس فيه هل هو بمعنى فاعل او مفعول؟ هذا الاسم الثاني من اسمائه عليه الصلاة والسلام وهو الذي وردت التسمية به في الكتب السماوية السابقة. واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم. مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسولي يأتي من بعدي اسمه احمد. فاسمه احمد في الكتب السماوية السابقة. وقد قال عليه الصلاة والسلام انا وانا احمد. فهذا الاسم الثاني ايضا من المادة نفسها من الحم. فاحمد على وزن افعل التفضيل. مثل ما مثلا اكثر واجمل واكبر هذه صيغة تفضيل اكبر من غيره واجمل من غيره واحسن من غيره احمد يعني احمد من غيره ما معناه اما ان تجعله باسم الفاعل يعني هو اكثر من يحمد الله فهو احمد الحامدين فيكون هنا بمعنى الفاعل او تجعله بمعنى المفعول. احمد من حمد من الخلق فاما ان يكون بمعنى الفاعل فيكون احمد الناس لربه وهو الذي بيده لواء الحمد يوم القيامة عليه الصلاة والسلام وامته امة الحمادين او ان تقول ان الاحمد هنا بمعنى اكثر من وقع عليه الحمد. كما قلنا في محمد قبل قليل لكثرة ما يحمد عليه من اخلاقه وصفاته وشأنه كله صلوات الله وسلامه عليه. قال وقد اختلف الناس فيه هل هو انا فاعل او مفعول يعني هو افعل التفضيل اكثر الناس حمدا لربه او اكثر الناس حمدا يقع عليه حمد لما هو عليه من جميل الصفات وكمال الاحوال عليه الصلاة والسلام قال رحمه الله وقد اختلف الناس فيه هل هو بمعنى فاعل او مفعول؟ فقالت طائفة هو بمعنى الفاعل اي حمده لله في اكثر من حمد غيره له فمعناه احمد الحامدين لربه ورجحوا هذا القول بان بان قياس افعل التفضيل ان يصاغ من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول قالوا ولهذا لا يقال الان يستطرد المصنف رحمه الله في فوائد لغوية ربما تأخذ معنى وقتا من هذا المجلس وهو استطراد علمي دقيق يتكلم فيه عن مسألة وقع فيها خلاف النحات وهو ان افعل التفضيل هل يصاغ من من فعل الفاعل او من الفعل الواقع على المفعول. فكمام في مثل احمد هل هو بمعنى الفاعل؟ احمد الناس لربه او بمعنى المفعول اكثر من يحمد على السنة الناس هذا يعود الى مسألة لغوية هذا اصلها. هل افعل التفضيل يشتق من فعل الفاعل او من الفعل الواقع على المفعول فيستطرد هنا في ذكر هذه المسألة اللغوية وما يتعلق بها من الشواهد والامثلة. نعم. قال رحمه الله ورجحوا وهذا القول بان قياس افعل التفضيل ان يصاغ من فعل الفاعل. لا من الفعل الواقع على المفعول. قالوا ولهذا لا يقال ما اضرب زيدا ولا زيد اضرب من عمرو. باعتبار الظرب الواقع عليه. ولا ما اشرب الماء واكل الخبز ونحوها ونحوه لانك لما تقول ما اشرب الماء انت تقصد ما اكثر ما يقع فيه من الماء الري بشربه. واذا قلت ما اكل الخبز قصدك انه ليس شيء مثل الخبز يقع الاكل به. فالخبز الماء هنا في هذه الصيغة وقع مفعولا به. فيقولون الا ترى انه خطأ في اللغة ان تقول ما اشرب الماء وما اكل خبز وسبب الخطأ في هذه الصياغة ان افعل التفضيل وقعت بمعنى الفعل الواقع على المفعول فلهذا كان خطأ. قال هذا دليل على ان افعل التفضيل انما تشتق من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول. وانت تقول ما اضرب زيدا ما اضرب زيدا تقصد ما شدة ضربه ما اشد ضربه او تقصد ما اشد الضرب الواقع عليه فان قصدت ما اشد الضرب الواقع عليه لا تقول ما اضرب زيدا فانك هكذا فعلت جعلته فاعلا لا مفعولا ولا تقول زيد اضرب من عمرو. اذا اردت باعتبار الضرب الواقع عليه لكن ان العربية اذا سمع زيد اضرب من عمرو ماذا يفهم تفضيل زيد على عمرو في الضرب الذي يصدر منه او في الضرب الذي يقع عليه في الضرب الذي يصدر منه اذا هو مشتق من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول فمن اراد العكس رأى زيدا وعمرا يضربان ورأى الضرب الواقع على زيد اكثر من عمرو فانه لا يصح له ان يقول زيد طبوا من عمر ولو اراد هذا المعنى ما تحقق له بهذه الصيغة. قالوا فهذا في اللغة دليل على ان افعل التفضيل يصاغ ومن فعل الفاعل وليس من الفعل الواقع على المفعول. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله قالوا لان افعل التفضيل وفعل التعجب انما يصاغان من الفعل اللازم. ولهذا قدروا نقله من من فعل وفعل المفتوح العين والمكسور والمكسورها الى فعل المضموم العين. قالوا لهذا يعدى بالهمزة الى المفعول. فهمزته للتعدية كقولك ما اظرف زيدا واكرم عمرا واصلهما من ظرف وكرم. قالوا لان المتعجب منه فاعل في الاصل. فوجب ان يكون فعله غير متعد. فقرن ما اكرم عمرا انت تقصد ان عمرا كريم والفعل الكرم وقع منه. وكذا تقول ما اظرف زيدا زيد هنا فاعل وقع منه فعل الظرف وهو اللطافة وحسن المقام. فاذا قلت ما اظرف زيدا فالمتعجب هنا زيد المتعجب منه زيد او ما اكرم عمرا المتعجب منه هنا عمرو فاعل في الاصل هذا فاعل للكرم وهذا فاعل للظرف. فعندئذ قلت ما اكرم ما اجمل ما اظرف بالفعل الذي عديته بالهمزة فوجب ان يكون فعله في الاصل لازما غير متعد. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قالوا واما نحو ما اظرب زيدا لعمرو فهو منقول من فعل المفتوح العين الى فعل المضموم العين ثم عدي والحالة هذه بالهمزة. قالوا والدليل على ذلك مجيئهم باللام. فيقولون ما اظرب زيدا لعمر ولو كان باقيا على تعديه لقيل ما اظرب زيدا عمرا لانه متعد الى واحد بنفسه والى الاخر بهمزة التعدية فلما ان عدوه الى المفعول بهمزة التعدية عدوه الى الاخر باللام. فهذا هو الذي اوجب لهم ان قالوا انهما لا يصاغان الا لا من فعل الفاعل لا من الواقع على المفعول. هذا قول الفريق الاول ان احمد باسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بمعنى الفاعل والمراد عندئذ انه احمد الحامدين لربه عليه الصلاة والسلام وانه الواقع منه فعل الحمد فاذا قلت هو احمد يعني اشد الناس يقع منه الحمد لربه. فيكون بمعنى الفاعل واستدلوا لذلك كما سمعت بان افعل التفضيل في اللغة انما يصاغ من فعل الفاعل لا من الفعل الواقع على المفعول. احسن الله اليكم قال رحمه الله ونازعهم في ذلك اخرون وقالوا يجوز صوغهما من فعل الفاعل ومن الواقع على المفعول يجوز صوغهما يقصد كما تقدم في الامثلة السابقة آآ افعل التعجب افعل التفضيل والتعجب صيغة التعجب وصيغة التفضيل يجوز ان يصاغ كل منهما من فعل الفاعل ومن الفعل الواقع على المفعول قال رحمه الله وقالوا يجوز صوغهما من من فعل الفاعل ومن الواقع على المفعول وكثرة السماع به من ابين الادلة على جوازه سينتقل الفريق الاخر لذكر شواهد لغوية كذلك تدل على ان افعل التفضيل او التعجب تأتي في اللغة ايضا مشتقة من الفعل الواقع على المفعول. قال فلو كانت خطأ ما ورد استعمالها في اللغة وهكذا الامثلة قال رحمه الله تقول العرب ما اشغله بالشيء وهذا من شغل فهو مشغول. وكذلك يقولون ما اولعه بكذا وهذا من اولع بالشيء فهو مولع مبني للمفعول ليس الا وكذلك قولهم ما اعجبه بكذا هو من به. نعم. قالوا هذه امثلة عندما ترى انسانا مشغولا بامر ما كأن يكون مثلا مشغولا بالقرآن فتقول فلان ما اشغله بالقرآن ما اشغله هو هنا مشتغل او وقع الشغل عليه فتقول ما اشغله بالشيء من شغل فهو مشغول لا شاغل فهو المشغول بهذا الامر وكذلك تقول ما اولعه بكذا من الولع وهو شدة التعلق بالشيء والحب له وكذلك تقول ما اعجبه بكذا من اعجب بالشيء وليس من اعجبا فهذه امثلة في افعل التفضيل جاءت مشتقة من الفعل الواقع على المفعول وليس من فعل الفاعل قالوا فاذا كان هذا جائزا في لغة فلما لا يكون احمد بمعنى اكثر من يقع عليه الحمد وليس اكثر من يقع منه الحمد. وان كان المعنيان صحيحين. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله ويقولون ما احبه الي هو تعجب من فعل المفعول. وكونه محبوبا لك وكذا ما ابغضه الي وامقته الي وهنا مسألة مشهورة ذكرها سيبويه وهي انك تقول ما ابغضني له وما احبني له وما امقتني له اذا اذا كنت انت المبغظ الكاره والمحب والماقت فتكون متعجبا من فعل الفاعل وتقول ما ابغظني اليه ما امقتني اليه وما احبني اليه اذا كنت انت البغيظ الممقوت او المحبوب. فيكون تعجبا من الفعل الواقع على المفعول فما كان باللام فهو للفاعل وما كان باله فهو للمفعول اذا فرق عندما تعبر عن شدة حبك للشيء او شدة حب غيرك لك على سبيل المثال لو كان ابوك حاضرا امامك وانت تريد ان تعبر عن شدة حبك لابيك. فانت تقول ما احبني له واذا اردت ان تقول ان اباك يحبك شدة الحب واشده فتقول ما احبني له ففرق بين ان تقول ما احبني اليه وما احبني له فالتفريق بين له واليه هو من اجل البيان الفرق في الحب هل هو في المتكلم فاعل او مفعول فاذا كنت انت الفاعل للحب الذي يقع منك على ابيك تقول ما احبني له. واذا اردت ان تكون انت المتكلم الذي وقع الحب عليك فتكون مفعولا ستقول ما احبني اليه قالوا هذه المسألة التي ذكرها سيبويه دليل على ان هذا الفعل وهو افعل التفضيل هذه الصيغة احب تأتي تارة بمعنى او تأتي مشتقة من فعل الفاعل وتأتي تارة مشتقة من الفعل الواقع على المفعول. ولما احتاج الى التفريق قالوا له واليه ما احبني له ما احبني اليه. ولو لم تكن الصيغة صالحة للاشتقاق من الفعلين لما صح استعماله نهى وكذلك تقول ما امقتني له فانت ماقت يعني شديد البغض والكراهية. ولو قلت ما امقتني اليه يعني هو شديد المقت لك وكذلك تقول ما ابغضني له انت شديد البغض لذلك الشيء. واذا قلت ما ابغضني اليه وقع عليك بغضه فهكذا دل على ان هذه الصيغة وهي افعل التفضيل يصح ان تكون من فعل الفاعل ويصح ان تكون من الفعل واقعي على المفعول. نعم. احسن الله اليكم. قال رحمه الله واكثر النحات لا يعللون هذا. والذي يقال في علته اي والله اعلم ان اللام تكون للفاعل في المعنى نحو قولك لمن هذا؟ فيقال لزيد فيأتي باللام يعني هذا على ما ذكره عن سيبويه من التفريق بين قولك ما احبني له وما احبني اليه انك اذا كنت فاعلا تقول له واذا كنت مفعولا تقول اليه. قال وعامة النحات يوجهون ذلك بتوجيه اخر ان ان اللام تكون للفاعل في المعنى. لانك عندما تسعى تقول لمن هذا الكتاب فتقول لفلان تأتي باللام لان بمعنى الملك. لكن اذا قلت الى من هذا الكتاب؟ يعني الى من يصل هذا الكتاب؟ فتأتي فاستخدموا اللام واستخدموا الى لدلالة كل من الحرفين على معنى مناسب. نعم. واكثر النحات قال واكثر النحات لا يعللون هذا. والذي يقال في علته والله اعلم ان اللام تكون للفاعل في المعنى نحو قولك لمن هذا؟ فيقال لزيد فيأتي باللام واما الى فتكون للمفعول في المعنى. تقول الى من يصل هذا الكتاب فيقول الى عبد الله وسر ذلك ان اللام في الاصل للملك او الاختصاص والاستحقاق والملك والاستحقاق انما يكون للفاعل الذي يملك ويستحق والى الانتهاء الغاية والغاية منتهى ما يقتضيه الفعل فهي بالمفعول اليق لانها تمام مقتضى الفعل. نعم هذه كلها من اشتراطات استقرادات المصنف رحمه الله تعالى في فوائد لغوية متصلة بمسألة الحديث عن احمد هل هي من فعل الفاعل او من الفعل الواقع على المفعول؟ نعم قال ومن التعجب من فعل المفعول ومن التعجب من فعل المفعول قول كعب بن زهير في النبي صلى الله عليه وسلم بل هو اخوف عندي اذ اكلمه. وقيل انك محبوس ومقتول من بغيم بثراء الارض مخضره ببطن عثر غيل دونه غيل فاخوفها هنا من خيفة فهو مخوف لا من خاف وكذلك قولهم ما اجل زيدا من جن فهو مجنون هذا مذهب الكوفيين ومن وافقهم. قال رحمه الله تعالى من الشواهد التي دلت على اشتقاق التعجب من فعل المفعول وليس من فعل الفاعل واستدل هنا بقصيدة كعب بن زهير المشهورة التي اتى فيها يعتذر الى رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهو يقول في مطلعها بانت سعاد فقلبي اليوم متبول متيم اثرها لم يفدى مكبول. وما غداة البين اذ رحلوا الى ان قال فلهو اخوف عندي اذ اكلمه. لما انتهى من بعض مقاصد قصيدته في مطلعها وانتقل مباشرة الى الاعتذار مظمنا اياه مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم نبأت ان رسول الله اوعدني والوعد عند رسول الله مأمول. ثم قال في اثناء مدحه لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فله اوف عندي اذ اكلمه يقول ان النبي عليه الصلاة والسلام اخوف عندي. اخوف هنا من فعل الفاعل او من المفعول يعني هذا كعب ابن زهير وهو يقول هذا الكلام هو الذي صدر منه الخوف او وقع عليه الخوف وقع فهو مفعول قال فهو من الفعل خيفة فهو مخوف. قال فلهو اخوف عندي اذ اكلمه وقيل انك محبوس ومقتول ثم شبه شدة الخوف الذي اصابه ووقع عليه حتى اتى معتذرا ومقدما قصيدته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم شبه ذلك الحال من الخوف والهلع الذي احاط به قال من بغيم والديغم الاسد بثراء الارض مخدره. وفي بعض النسخ من خادر من ليوث الاسد مسكنه ببطن عثر غيل دونه غيل عثر اسم موضع عند العرب في الجزيرة تأوي اليه الاسود او هو مجمع للاسود فيقال له بطن عثر او وادي وغيل الاجمة التي هي مكان الاسد كالكهف الذي يأوي اليه وتجتمع فيه الاسود كالمساكين في الغابات ونحوها. يقول الخوف الذي اصابه اشد من اسد بثراء الارض مخدره. او قال من خادر من ليوث الاسد مسكنه اشد من او في انسان اقتحم ذلك الوادي في بطن عثرة وهو مليء بالاسود التي لو نجا من احدها سيهلك على فم او ناب الثالث والرابع والخامس. فهو هارك لا محالة. ارأيت خوف ذلك الانسان الذي اقتحم ذلك الوادي وهو يعلم ما فيه من اسود المفترسة والوحوش بانيابها الضارية يقول الخوف الذي اصابني اعظم من ذلك. اعظم من بغيم بثراء الارض بمخدره اي يعني المخبأ والمستر الذي يكون فيه ببطن عثر غيل دونه غيل. فموضع الشاهد في قصيدة كعب او في بيته الذي اشار اليه قوله اخوف قال المصنف هو من خيفة فهو مخوف لا من خافا وشاهد اخر يقولون ما اجل زيدا! اجن زيدا افعل تفضيل وجاءت ايضا من الفعل الواقع على المفعول. فزيد اصابه الجنون فهو مجنون. فانت تقول ما اجنه! ما اجن زيدا! قال هذا مذهب الكوفيين ومن وافقهم. وخلاصة هذا المذهب انه يصح ان تقول ان احمد بمعنى اكثر من يقع عليه حمد الناس على اي شيء على كل ما حباه الله تعالى به من الكمال والجلال في اخلاقه وافعاله واحسانه الى الخلق صلوات الله وسلامه عليه احسن الله اليكم قال رحمه الله قال البصريون كل هذا شاذ لا يعول عليه فلا تشوش به القواعد ويجب ويجب الاقتصار منه على المسموع قال الكوفيون كثرة هذا في كلامهم نظما ونثرا يمنع حمله على الشذوذ. لان الشاذ ما خالف استعمالهم ومطرد كلامهم هذا غير مخالف لذلك. هنا نقاش بين نحاتي اه بين نحات العلماء اهل البصرة واهل الكوفة. اذ جوز وفيون اشتقاق افعل التعجب والتفضيل اشتقاقه من الفعل الواقع على المفعول واستدلوا بما سمعت من الامثلة والشواهد ونحوها قال فلا ناقشهم هنا نحات البصرة. قالوا هذا كله من العبارات المستعملة شذوذا في اللغة. وما جاء في اللغة شاذا وعلى خلاف القواعد والقياس لا تعارض به القواعد. ولا ينبغي ان تشوش به ويقتصر فيه على المسموع ولا يقاس عليه. اجاب الكوفيون هذه الكثرة من الامثلة والشواهد والاستعمالات ليست شذوذا. بل هي استعمال مضطرد انما شاذ الذي يأتي في موضع واثنين او ثلاثة او مواضع معدودة من كلام العرب في شعرها او نثرها كما يأتي في قصائدها او امثالها بها السائرة فيقال هذا المثل جاء شذوذا في استعمالهم في موطن ما في اللغة. لكنه اذا كثر استعماله فلا يقال فيه شاذ. قال الكوفيون كثرة هذا في كلام العرب نظما ونثرا يمنع وصفه بالشذوذ لان الشاذ ما خالف استعمالهم ومطرد وهذا الذي ذكروه من الامثلة ليس مما خالف القواعد بل هو يدل على اصل لغوي يتعين المصير اليه. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله قالوا واما تقديركم لزوم الفعل ونقله الى فعل فتحكم لا دليل عليه. وما تمسكتم به من التعدية الى اخره فليس الامر فيها كما ذهبتم اليه. والهمزة في هذا البناء ليست للتعدية. وانما هي للدلالة على عن التعجب والتفضيل فقط كالف فاعل وميم مفعول وواوه وتاء الافتعال والمطاوعة ونحوها من الزوائد التي الحقوا الفعل الثلاثي لبيان ما لحقه من الزيادة على مجرده. وهذا هو السبب الجالب لهذه الهمزة لا تعدية الفعل. لما قال البصريون ان افعل وما افعل او افعل به هذه الهمزة قالت جيء بها كما قالوا لتعدية الفعل اللازم قال الكوفي هذا ليس صحيحا الهمزة في افعل التفضيل والتعجب جيء بها للمعنى الذي يدل على التعجب كما جاءت الالف في فاعل للدلالة على اسم الفاعل والميم والواو في المفعول للدلالة على معنى المفعول والتاء على معنى المطاوعة كما قال تاء الافتعال. فهذا كله ليس للتعدية بل لبيان معنى التعجب. فالهمزة هنا ليست للتعدية كما قال نحات البصر نعم قالوا قالوا والذي يدل على هذا ان الفعل الذي تعدى بالهمزة يجوز ان يعدى بحرف الجر والتضعيف نحو جلست به واجلسته وقمت به واقمته ونظائره وهنا لا يقوم مقام الهمزة غيرها علم انها ليست للتعدية المجردة لو كانت الهمزة في الافعال المذكورة للتعدية لما صح ان يقوم غيرها مقامها لكنك تجدها في لغة اجلسته وجلست به واقمته وقمت به فيقوم مقام الهمزة غيرها وهو الباء. بينما في افعل وما افعله لا يقوم مقام الهمزة يغيروها فدل على انها ليست للتعدية قال وايضا فانها فانها تجامع باء التعدية نحو اكرم به واحسن به. ولا يجمع على الفعل بين الدين وايضا فانهم يقولون ما اعطاه للدراهم واكساه للثياب. وهذا من اعطى وكسا المتعدي. يعني اعطى واكسى ليست الهمزة هنا للتعدية قطعا. تدري لم؟ لان الفعل اعطى وكسى متعد بنفسه. بل الى مفعولين وليس مفعول فعندئذ ما كانت الهمزة للتعدية بل هي للدلالة على معنى التفضيل او التعجب لا غير. نعم. قال ولا يصح تقدير نقله الى عطوة اذا تناول ثم ادخلت عليه همزة التعدية لفساد المعنى فان التعجب انما وقع من اعطاء لا من عطوه وهو تناوله. والهمزة التي فيها همزة التعجب والتفظيل وحذفت همزته التي في فعله فلا فلا يصح ان يقال هي للتعدية قالوا واما قولكم انه عدي باللام في نحو ما اظربه لزيد الى اخره. فالاتيان باللام ها هنا ليس ذكرتم من لزوم الفعل وانما اوتي بها تقوية له لما ضعف بمنعه من التصرف. والزموا طريقة واحدة خرج خرج بها عن سنن الافعال فضعف عن اقتضائه وعمله فقوي باللام كما يقوى بها عند تقدم معموله عليه وعند فرعيته وهذا المذهب هو الراجح كما تراه. فصار المصنف رحمه الله الى ترجيح طريقة الكوفيين. وهو ان احمد على وزني افعل يصح ان يأتي مشتقا من الفعل الواقع على المفعول. فيكون معنى احمد الاثنان معا انه اكثر الحامدين لربه وانه اكثر المحمودين عند خلقه سبحانه وتعالى. فهو اكثر من وقع عليه حمد الناس وثناؤهم. على سبيل المثال. الناس تمدح حاتما للطائي على ماذا على كرمه وتمدح فلانا لشجاعته والاخر لذكائه والرابع لسيرته في العدل والخامس والسادس والعاشر اذا مدح حاتم للطائي للكرم والاحنف بن قيس للحلم واياس بن معاوية للذكاء مثلا والفطنة والدهاء. ومدح كل واحد من الناس على صفة ما من صفات وقد جمعت الصفات كلها باكمل معانيها واجملها في رسول الله صلى الله عليه وسلم. فهمت عندئذ انه البشر وقع عليه حمد الناس وثناؤهم. لان الذي وقع متفرقا لغيره وقع مجتمعا له عليه الصلاة والسلام فكان بهذا المعنى اكثر البشر وقع له حمد الناس وثناؤهم عليه الصلاة والسلام. احسن الله اليكم قال رحمه الله فلنرجع الى المقصود فنقول تقدير احمد على قول الاولين احمد الناس لربه البصريين. نعم وعلى قول هؤلاء احق الناس واولاهم بان يحمد فيكون كمحمد في في المعنى وهذه طريقة الكوفيين كما تقدم. نعم. الا ان الفرق بينهما ان محمدا هو كثير الخصال التي يحمد عليها واحمد هو الذي يحمد افضل ما يحمد غيره. اذا الفرق بين محمد واحمد بهذا المعنى ان محمد اجتمع فيه قدر من الخصال التي اوجبت له الحمد. واما احمد فالذي اجتمع له فضل من الحمد وحجم من الحمد وكمية من الحمد اكثر مما وقعت لغيره. نعم بينهما تلازم لكثرة ما اجتمع فيه من خصال الخير كان محمدا. فلما اجتمع له الثناء والحمد من الناس كان احمدا. فاذا كلا الاسمين وقعا من شدة ما اتجه له من حمد الحامدين المثنين عليه صلى الله عليه وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله الا ان الفرق بينهما ان محمدا هو كثير الخصال التي يحمد عليها. واحمد هو الذي افضل ما يحمد غيره فمحمد في في الكثرة والكمية واحمد في الصفة والكيفية فيستحق من الحمد اكثر ما يستحق غيره وافضل مما يستحق غيره فيحمد اكثر حمد وافضل حمد حمده البشر. حمده البشر وهذا تقييد مهم لئلا يقول قائل اذا كان هذا كله في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فاين الحمد المستحق الله جل جلاله. الجواب لا مقارنة نتكلم عن حمد المخلوق لا حمد الخالق اما حمد الخالق فحسبكم مطلع سورة الفاتحة الحمدلله وعلى الاستغراق الذي لا انتهاء له كل حمد في الملكوت الاعلى والاسفل من الانس والجان في قديم وحديث كان وما يكون فهو كله مستحق لله. حمد الخالق لا يقارن. انما الكلام عن حمد المخلوقين ومدحهم والثناء عليهم نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فلأسمان واقعان على المفعول. وهذا ابلغ في مدحه واكمل معنى. ولهذا قال حسان يمدح رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد. صلى الله عليه وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله ولو اريد معنى الفاعل لسمي الحماد اي كثير الحمد فانه صلى الله عليه وسلم كان اكثر الخلق حمدا لربه فلو كان اسمه احمد باعتبار حمده لربه لكان الاولى به الحماد. كما سميت بذلك امته فان امته تسمى بامة الحماديين. نعم وايضا فان هذين الاسمين انما اشتقا من اخلاقه وخصاله المحمودة التي لاجلها استحق ان يسمى محمدا واحمد فهو الذي يحمده اهل السماء واهل الارض واهل الدنيا والاخرة. لكثرة لكثرة خصائله المحمودة التي تفوت عد التي تفوت عد العادين واحصاء المحصين صلى الله عليه واله وسلم قال وقد اشبعنا هذا المعنى في في كتاب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. يقصد كتابه الاخر الذي تقدمت الاشارة اليه جلاء الافهام في فضائل الصلاة والسلام على سيد الانام صلى الله عليه وسلم. قال وقد اشبعنا هذا المعنى في كتاب الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وانما ذكرنا ها هنا كلمات يسيرة اقتضتها حالة المسافر وتشتت قلبه وتفرق همته. وبالله المستعان وعليه رحمة الله عليه. كل هذا الاستطراد والعمق اللغوي والفوائد يقول ترى هذه يعني مع اشتغال المال ومسافر وليس بين يديه كتبه التي يحرر منها المسائل. يقول اما اذا اردت التوسع فتجده هناك في كتابه الاخر جلاء الافهام يقول هذه كلمات يسيرة اقتضتها حالة المسافر وتشتت قلبه وتفرق همته. فرحم الله همم علمائنا الاوائل وجزاهم عن هذه الامة خير ما اهل العلم جزاء ما صنعوا وبذلوا وخدموا لدينهم وامتهم فرحمة الله عليهم وسلك بنا وبكم سبيلهم احسن الله اليكم. قال رحمه الله واما اسم المتوكل ففي صحيح البخاري عن عبدالله بن عمرو انه قال قرأت في التوراة صفة النبي صلى الله عليه وسلم محمد رسول الله عبدي ورسولي سميتك المتوكل ليس بفضل ولا غليظ ولا سخاب بالاسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة بل يعفو ويصفح ولن اقبضه حتى اقيم به الملة العوجاء بان يقولوا لا اله الا الله وهو صلى الله عليه وسلم احق الناس بهذا الاسم. لانه توكل على الله في اقامة الدين توكلا لم يشركه فيه غيره هذا اسم المتوكل كما ثبت في صحيح البخاري ان عبد الله ابن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما قال قرأت هذا في التوراة وذكر النص قال في التوراة مكتوب محمد رسول الله عبدي ورسولي. سميتك المتوكل ليس بفظ ولا غليظ لا سخاب في الاسواق يعني لا يرفع صوته كما يفعل الناس في الاسواق ولا يجزي بالسيئة السيئة الى اخره. قال هذا الاسم المتوكل لانه توكل على الله فلو قال قائل فكثير من امته متوكل على الله قال هو احق الناس بهذا الاسم انه توكل على الله في اقامة الدين توكلا لا يشاركه فيه غيره في الامة. انا وانت نتوكل على الله في امور الحياة في الرزق والمعاش في الزواج والاولاد في تفريج الكربات والبحث عما يحتاج اليه الناس. لكن توكل رسول الله صلى الله عليه سلم عظيم لا يقارن بتوكل غيره من المتوكلين. فلهذا قال هو سيد المتوكلين. وامتثل امر الله عز وجل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وامتثل امر الله فتوكل على العزيز الرحيم الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين وامتثل قول الله له وكفى بالله وكيلا. فكان متوكلا على ربه سبحانه وتعالى اعظم توكل. مع شدة بتوكله كان يعلم الامة كيف يعلق القلب بالله في مقام التوكل على الله يجاهد بلسانه ويده ويصعد المنبر ويحث الصحابة ويبذل الاسباب ويبني المسجد ويحمل اللبنة ومع ذلك يتوكل على الله ويحفر الخندق معهم ويأخذ بالاسباب فكان صلوات الله وسلامه عليه كما قال في اقامة الدين قام مقاما في التوكل كوري على رب العالمين لم يبلغه احد في الامة في هذا المقام صلى الله عليه وسلم. احسن الله اليكم قال رحمه الله واما الماحي والحاشر والمقفي والعاقب فقد فسرت في حديث جبير ابن مطعم فالماحي الذي محى الله به الكفر ولم يمحى الكفر باحد من الخلق ما محي بالنبي صلى الله عليه وسلم فانه بعث واهل الارض كلهم كفار الا بقايا من اهل الارض وهم ما بين عباد اوثان ويهود مغضوب عليهم ونصارى ضالين وصابئة لا يعرفون ربا ولا معادا. وبين عباد الكواكب وعباد النار وفلاسفة لا يعرفون شرائع الانبياء لا يقرون بها فمحى الله سبحانه برسوله ذلك حتى ظهر دين الله على كل دين. وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار وبلغ دينه ما بلغ الليل والنهار وسارت دعوته مسير الشمس في الاقطار. فهذا بيان لمعنى اسم الماحي محا الله به الكفر ولئن كانت دعوة بعض المصلحين والعلماء المجددين في الامة جيلا بعد جيل هي من اثار التجديد للدين ومحو اثار الجاهلية او الضلال او الانحراف. فما بالك فما بالك باصل هذه الدعوات كلها في الامة دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا تمام معنى اسم الماحي الذي جعل الله تعالى به نبينا صلى الله عليه وسلم ماحيا للكفر من على وجه الارض ببعثته واشراق شمس رسالته وقد قد كان فيها كفار الا بقايا من اهل الارض. عباد اوثان ويهود ونصارى. وصابئة ودهرية وعباد كواكب وعباد نار وفلاسفة فجعل الله بعثته ودينه ورسالته عليه الصلاة والسلام محوا لكل ذلك الظلام واشراقا لنور الاسلام وشمس الرسالة احسن الله اليكم. قال رحمه الله واما الحاشر فهو الحشر. فالحشر هو الضم والجمع فهو الذي يحشر الناس على قدمه فكأنه بعث ليحشر الناس. يعني اشارة الى كونه في اخر عمر الدنيا من هذا الزمان قال والعاقب الذي جاء عقيب الانبياء فليس بعده نبي فان العاقبة هو الاخر فهو بمنزلة الخاتم. ولذا سمي العاقبة على الاطلاق اي عقب الانبياء جاء بعقبهم يعني بعدهم وكونه عقب الانبياء فليس بعده عقب فهذا اشارة الى ختم النبوة به كما قال ربنا ما كان محمد ابا احد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين صلى الله الله عليه وسلم قال رحمه الله واما المقفي فكذلك وهو الذي قف على اثار من تقدمه من الرسل فكف الله به على اثار من سبقه من الرسل وهذه اللفظة مشتقة من القفو يقال قفاه يقفوه اذا تأخر عنه ومنه قافية الرأس وقافية البيت قافية البيت اخره وقافية الرأس خلفه الذي ياتي من ورائه. فكونه مقفى او مقفى فهو الذي يأتي بعدهم وفي اخرهم فهي ايضا بمعنى ختم النبوة به صلى الله عليه وسلم قال فالمقفي الذي قفى من قبله من الرسل فكان خاتمهم واخرهم صلوات الله وسلامه عليه. وبقي في الفصل اسماؤه البقية نبي التوبة ونبي الملحمة ونبي الرحمة والفاتح والامين والظحوك القتال والبشير والسراج منير وغيرها من الاسماء التي نأتي عليها في ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. مستكثرين بقية ليلتنا هذه من صلاتنا وسلامنا على المصطفى الهادي البشير النذير والسراج المنير صلى الله عليه وسلم. محمد احرف تنساب عاطرة كالشهد تروى بها اكبادنا الحرى. محمد كيف كنا قبله شيعا الاذلة في بلاط الروم او كسرى حتى اتانا بدين فيه عزتنا. به بلغنا الثريا نحمل البشرى صلى عليه الهي كلما صدحت مآذن الحق في الافاق بالذكرى. فاستكثروا من صلاتكم وسلامكم على بالله صلى الله عليه واله وسلم مدركين ان لكم بكل صلاة واحدة منكم على نبيكم عشر صلوات من رب بكم عليكم فاللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون. وصل يا ربي وبارك عليه عدد ما غفل عن عليه الغافلون. اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء يا حي يا قيوم. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعاف مبتلانا واهدي ضالنا يا ذا الجلال والاكرام. نسألك يا رب من كل خير خزائنه بيدك ونعوذ بك من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين