بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله الذي هدانا للاسلام وعلمنا الحكمة والقرآن احمد الله تعالى واشكره واستعينه استغفره واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فمن رحاب الله الحرام. ينعقد هذا المجلس السابع عشر من مجالس مدارستنا لكتاب زاد المعاد. في هدي خير العباد صلى الله عليه واله وسلم للامام ابن القيم رحمه الله تعالى في هذا اليوم الخميس ليلة الجمعة الرابع من شهر رجب سنة الف واربعمائة واربع واربعين من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. نجمع بين بركة هذا المكان في رحاب بيت الله الحرام وشرف هذه الليلة المباركة الكريمة ليلة الجمعة وشرف المجلس هذا العاطر بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم راجين من رحمات ربنا وبركاته وعفوه ومغفرته. بل ومن صلاته جل جلاله علينا بقدر ما نصلي ونسلم على نبينا صلى الله عليه وسلم على حد وعده الكريم عليه الصلاة والسلام. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. وما كمحمد خلقا وخلقا اطل فكان اشراق الحياة عليه صلاة ربي ما اعادت شفاه الكون حي على الصلاة. فاستكثروا في مجلسكم هذا من صلاة وسلامكم على نبي الهدى ونبي الرحمة ونبي التوبة ونبي الملحمة صلى الله عليه واله وسلم فبنا الحديث ايها الكرام ليلة الجمعة الماضية في الفصل الذي اوجز فيه المصنف رحمه الله في جمل مختصرة السيرة في عهد مكة ونبينا صلى الله عليه وسلم يبحث عن مجيب لدعوته مستجيب لرسالته وتوقف بنا منتهى المجلس عند ذكر حادثة الاسراء والمعراج المعدودة في اعظم معجزات رسول الله عليه الصلاة والسلام نعم. بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على رسوله الامين. نبينا محمد وعلى على اله وصحبه اجمعين اللهم اغفر لشيخنا ولوالديه ولنا ولوالدينا وللمسلمين قال المصنف رحمه الله ثم اسري بجسده وروحه الى المسجد الاقصى ثم عرج به الى فوق السماوات الى الله عز وجل فخاطبه وفرض عليه الصلوات وكان ذلك مرة واحدة هذا اصح الاقوال وقيل كان ذلك مناما وقيل بل يقال اسري به ولا يقال يقظة ولا مناما وقيل كان الاسراء الى بيت المقدس يقظة والى السماء مناما وقيل كان الاسراء مرتين مرة يقظة ومرة مناما. وقيل بل اسري به ثلاث مرات وكان ذلك بعد المبعث بالاتفاق. واما ما وقع في حديث في حديث شريك ان ذلك كان قبل ان يوحى اليه. فهذا مما من اغلاط شريك الثمانية وسوء حفظه لحديث الاسراء وقيل ان هذا كان اسراء المنام قبل الوحي. واما اسراء اليقظة فبعد النبوة. وقيل بل الوحي ها هنا مقيد وليس بالوحي المطلق الذي هو مبدأ النبوة والمراد قبل ان يوحى اليه في شأن الاسراء فاسري به فجأة من غير تقدم اعلام والله اعلم. هذا منتهى حديثنا ليلة الجمعة الماضية في كلام المصنف رحمه الله تعالى فيما يتعلق بحادثة والمعراج برسول الله صلى الله عليه وسلم. وكان الوعد منتهى ليلة الجمعة الماضية ان نسوق طرف من الاحاديث الكثيرة التي وردت بشأن قصة الاسراء والمعراج. وقد عدها بعض اهل العلم من السنة المتواترة اذ رواها اكثر من عشرين صحابيا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وها هنا نسوق بعض روايات الصحيحين. من ذلك ما اخرج بخاري ومسلم من حديث انس رضي الله عنه عن ابي ذر بان انس رضي الله عنه من الصحابة الانصار بالمدينة ولم يدرك حادثة الاسراء ولم يشهدها. لكنه يرويها عن بعض الصحابة الذين ادركوها او شهدوها. في الصحيح من رواية انس انه يرويها عن كل من ابي ذر رضي الله عنه ومالك بن صعصعة رضي الله عنه. فاما روايته عن ابي ذر قال رضي الله الله عنه كان ابو ذر يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج عن سقف بيتي وانا بمكة فنزل جبريل عليه السلام ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب حكمة وايمانا فافرغه في صدري ثم اطبقه ثم اخذ بيدي فعرج بي الى السماء الدنيا فلما جئت الى السماء الدنيا قال جبريل لخازن السماء افتح قال من هذا؟ قال جبريل عليه السلام. قال هل معك احد؟ قال نعم معي محمد صلى الله عليه وسلم. فقال ارسل اليه؟ قال نعم فلما فتح علون السماء الدنيا فاذا رجل قاعد على يمينه اسوده وعلى يساره اسودا اذا نظر قبل يمينه ضحك واذا نظر قبل يساره بكى. السويدة يعني سواد يدل على جمع كثير وخلق عظيم. قال فاذا نظر الى قبل يمينه ضحك واذا نظر قبل يساره بكى فقال مرحبا بالنبي الصالح والابن الصالح. فقلت لجبريل من هذا؟ قال هذا ادم. وهذه الاسوده عن يمينه وشماله نسم بنيه قال فاهل اليمين منهم اهل الجنة. والاسود التي عن شماله اهل النار. فاذا نظر عن يمينه ضحك واذا نظر قبل شماله بكى. قال حتى عرج بي الى السماء الثانية فقال لخازنها افتح. فقال له خازنها مثلما قال الاول فتح قال انس رضي الله عنه فذكر انه وجد في السماوات ادم وادريس وموسى وعيسى وابراهيم صلوات الله عليهم. قال ولم يثبت كيف منازلهم غير انه ذكر انه وجد ادم في السماء الدنيا وابراهيم في السماء السادسة يقصد انه في الرواية هذه لم يضبط الراوي ترتيب الانبياء عليهم السلام. في لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم في السماوات قال انس رضي الله عنه فلما مر جبريل بادريس عليه السلام فلما مر جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم بادريس عليه السلام قال مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح فقلت من هذا قال هذا ادريس ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبي الصالح والاخ الصالح قلت من هذا؟ قال موسى. ثم مررت بعيسى قال مرحبا بالاخ الصالح والنبي الصالح. قلت من هذا؟ قال هذا عيسى. ثم مررت بابراهيم. فقال مرحبا بالنبي والابن الصالح قلت من هذا؟ قال هذا ابراهيم عليه السلام. قال ابن شهاب فاخبرني ابن حزم ان ابن عباس وابى حبة الانصاري كانا يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم ثم عرج بي حتى ظهرت لمستوى اسمع فيه صريف الاقلام قال ابن حزم وانس ابن مالك قال النبي صلى الله عليه وسلم ففرض الله عز وجل على امتي خمسين صلاة فرجعت بذلك حتى مررت على موسى. فقال ما فرض الله لك على امتك؟ قلت فرض خمسين صلاة. قال فارجع الى ربك فان امتك لا تطيق ذلك. فراجعت فوضع شطرها فرجعت الى موسى قلت وضع شطرها. قال راجع ربك ان امتك لا تطيق فراجعت فوضع شطرها فرجعت اليه قال ارجع الى ربك. فان امتك لا تطيق. قال فراجعته فقال هي خمس وهي خمسون. يعني خمس في العدد خمسون في الاجر والثواب لا يبدل القول لدي. قال فرجعت الى موسى فقال راجع ربك فقلت استحييت الرب قال ثم انطلق بي حتى انتهى بي الى سدرة المنتهى. وغشيها الوان لا ادري ما هي. ثم ادخلت الجنة فاذا حبايل اللؤلؤ واذا ترابها المسك. هذه رواية البخاري رحمه الله من حديث انس عن ابي ذر. اما رواية انس عن ما لك بن صعصعة فانها ايضا في الصحيحين. وفيها قال عليه الصلاة والسلام بين انا عند البيت بين واليقظان وسمعت قبل قليل في رواية ابي ذر قال وانا في بيتي بينما انا نائم في بيتي اذ فرج السقف فنزل الملك قال في هذه الرواية بين انا نائم عند البيت. بين النائم واليقظان وذكر رجلا بين الرجلين. قال فاتيق بطست من ذهب ملئ احكمة وايمانا فشق من النحر الى مراقي البطن. ثم غسل البطن بماء زمزم ثم ملئ حكمة وايمانا واتيت بدابة ابيض دون البغل وفوق الحمار البراق. قال فانطلقت مع جبريل حتى اتينا السماء الدنيا. قيل من هذا قال جبريل قيل من معك؟ قال محمد. قيل وقد ارسل اليه؟ قال نعم. قيل مرحبا به ولنعم المجيء جاء. فأتيت على ادم فسلمت عليه فقال مرحبا بك من ابن ونبي. فاتينا السماء الثانية قيل من هذا؟ قال جبريل. قيل من معك قال محمد قيل فارسل اليه؟ قال نعم. قيل مرحبا به ولنعم المجيء جاء. ثم ذكر السماوات ايضا وما مر فيها من الانبياء الكرام عليهم السلام وذكر في هذه الرواية اسماء الانبياء في كل سماء وذكر قصة فرض الصلوات. قال ورفعت الى سدرة المنتهى فاذا نبقها كانه قلال هجر وورقها كانه اذان الفيول في اصل يعني في اصل شجرة سدرة المنتهى اربعة انهار. نهران باطنان ونهران ظاهران. فسألت جبريل قال اما الباطنان في الجنة واما الظاهران النيل والفرات. ثم ذكر فريضة الصلوات وقصة تخفيفها. واما رواية مسلم عن انس رضي الله عنه قال اوتيت بالبراق وهو دابة ابيظ طويل فوق الحمار ودون البغل. يضع حافره عند منتهى قال فركبته حتى اتيت بيت المقدس فربطته بالحلقة التي يربط به الانبياء ثم دخلت المسجد فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءني جبريل باناء من خمر واناء من لبن فاخترت اللبن. قال جبريل عليه السلام اخترت الفطرة ثم ذكر قصة المعراج الى السماوات السبع وما حصل فيها ايضا من لقيا الانبياء الكرام عليهم السلام وما حصل له من المشاهد العظام في تلك الرحلة العجيبة والمعجزة الفريدة. قول المصنف رحمه الله تعالى وكان ذلك بعد المبعث بالاتفاق اختلف ايها الكرام في تاريخ حادثة الاسراء والمعراج. وقد اختلف اهل العلم فيها اختلافا بينا. واما قصة فلا خلاف في وقوعها انما الخلاف في وقت وقوع هذه القصة العظيمة حادثة الاسراء والمعراج. وانه اسري بالنبي عليه الصلاة والسلام مرة واحدة على الصحيح كما سمعتم في الروايات وهو المقصود ايضا بما جاء في عدد منها. ورسولنا صلى الله عليه وسلم لما اكرمه الله بحادثة الاسراء والمعراج كان ذلك قبل الهجرة بسنة كما قاله ابن سعد في الطبقات وبه جزما نووي. وحكى ابن حزم الاجماع على ذلك لكن هذا معناه انه لم تفرض الصلاة الا قبل الهجرة بثلاث سنوات فقط. وهذا القول لم يتفق عليه العلماء والاجماع الذي ابن حزم رحمه الله فيه اختلاف كثير. بل عد بعض اهل العلم الاقوال في تحديد تاريخ ليلة الاسراء نحو عشرة اقوال لم يتفق اهل العلم على شيء منها. قيل كان في رجب وحكى هذا الامام ابن عبد البر وجزم به النووي. وقيل قبل الهجرة بثلاث سنين حكاه ابن الاثير. اما الاسراء والمعراج فقيل انه كان بعد عودة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف وهذا محل اتفاق انما الاختلاف في اي سنة. فاذا حددت السنة على القول انه قبل الهجرة بثلاث سنين فانها في السنة العاشرة من البعثة او بعدها. لكنه لم يقع اتفاقه على تحديد الشهر فقيل في ربيع الاول وقيل في رجب وقيل في غير ذلك ففي الشهر ذاته ايضا اختلفوا في اليوم. ولهذا قال شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ولم يقع الاتفاق على تحديد في الحادثة الاسراء على تحديد يومها ولا عشرها ولا شهرها فهذا الاتفاق على حدوث الحادثة والاختلاف في تاريخها يعني عدم صحة الجزم بقول ان يقول قائل ان حادث الاسراء كانت ليلة السابع والعشرين من رجب تحديدا كما يعتقده كثير من الناس ثم يربطون بذلك الاعتقاد بعض الامور التي ترتبط بها ولا يصح لذلك اثر يا امة محمد صلى الله عليه وسلم. وها نحن قد غشينا شهر رجب الحرام. لكن حادثة الاسراء على اختلاف العلماء في تحديد بشهرها تجعلنا لا نستطيع الجزم بان نقول انها كانت في رجب ولان قلنا انها في رجب على الراجح من الاقوال فايضا لا نستطيع الجزم هل كان في الثاني عشر من شهر رجب او في منتصفه او في السابع والعشرين اقوال متعددة لاهل العلم في تحديدها. ثم ان ترجح عندنا ان حادثة كانت ليلة السابع والعشرين فلا يصح تخصيص تلك الليلة بعمرة فيه مثلا او تخصيص تلك الليلة بقيام من بين سائر الليالي فلا يقوم شيئا الا في تلك الليلة لان ثبوت حادثة الاسراء في تاريخ ان تحدد فانه لا يترتب عليه تخصيصها بعبادة وشيء من القرب لئلا يقع المسلم فيما لم يشرع له عبادة الله عز وجل فيه. هذه قال فيه المصنف رحمه الله تعالى على اقوال قيل ذلك كان مناما وقيل لا يقال مناما ولا يقظة وقيل مرة او مرتين او ثلاث مرات وكل ذلك اقوال مرجوحة. اراد بها العلماء الجمع بين الروايات التي جاءت في شأن حادثة الاسراء والمعراج وهي على تعددها وقع فيها ما وقع. قال المصنف رحمه الله واما ما وقع في حديث شريك ان الاسراء كان قبل البعثة فهذا مما من اغلاط شريكنا الثمانية. شريك ابن عبدالله احد رواة احاديث قصة الاسراء والمعراج. وروايته التي رواها رحمه الله تعالى اخرجها مسلم في الصحيح. قال ابن كثير وهو كما قال مسلم فان شريك ابن عبد الله اضطرب في هذا الحديث وساء حفظه ولم يضبطه. وقال الذهبي وهذا من غريب احاديث صحيح مسلم. بسبب ما وقع في رواية شريك من الاوهام والاغلاط في حكايته. قال المصنف هنا هي ثمانية اغلاط. وقع فيها شريك في روايته لحادثة الاسراء. واما ما الحافظ ابن حجر رحمه الله فانه احصى الاخطاء التي وقع فيها او وهم فيها الراوي شريك ابن عبدالله فبلغ بها اثني عشر فخطأ في رواية الحديث. منها على سبيل المثال امكنة الانبياء عليهم السلام في السماوات فانه لم يضبط ذلك ووافقه الزهري في بعض ما ذكره في عدم ضبطه تحديد الانبياء في السماوات التي لقيهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن وهمه ايضا قوله ان المعراج كان قبل البعثة وسمعت الجواب قيل المقصود بالبعثة او الوحي مبدأ النبوة وليس بعثة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وايضا من اوهامه ان الاسراء وقع مناما وانه رؤيا. رآها النبي عليه الصلاة والسلام. ومن اخطائه انه اخطأ في تحديد محل سدرة المنتهى. وانها فوق السماء السابعة بما لا يعلمه الا الله. والمشهور الذي عليه باقي الروايات ان سدرة المنتهى في السماء السابعة او في السادسة. الخامس انه خالف في ذكر النهرين النيل والفرات. وان عنصرهما في السماء الدنيا والمشهور في غير روايته انهما في السماء السابعة وانهما من تحت سدرة المنتهى. ومن اخطائه لما ذكر حادثة شق الصدر عند الاسراء ووافقته رواية غيره. اما في رواية انس عن ما لك بن صعصعة وقد سمعت ذلك. السابع ذكر نهر الكوثر في السماء الدنيا والمشهور في الاحاديث انه في الجنة لا في السماوات السبع. وايضا من اوهامه رحمه الله تعالى بان امتناع النبي عليه الصلاة والسلام من الرجوع الى الله عز وجل لسؤال التخفيف في الصلوات الخمس كان عند الخامسة. وفي حديث انس كان في المرة التاسعة تردد بين موسى عليه السلام وبين رب العزة والجلال وباقي الامور التي ذكرت في اوهامه فهذا الذي اشار اليه المصنف قال فهذا مما عد من اغلاط شريك وسوء حفظه لحادثة الاسراء. حادثة الاسراء ايها المباركون كما علمتم جاءت بعد احداث عظام عصفت بحياة رسول الله. صلى الله عليه وسلم. اولها مضي عشر سنوات من بعثته وهو يدعو وقريش لا تزداد الا صدودا واعراضا ونحن بشر فاذا وجد احدنا الصدود والاعراض مرة واثنتين وخمسا وعشرين ومئة والفا يصيب قلبه من الاسى والوهن والالم والحزن شيء عظيم. فكيف برسول الله عليه الصلاة والسلام الذي ظل يدعو ويمتثل امر الله وهو يرى اصحابه يسامون سوء عذاب ان امنوا به واستجابوا لدعوته. فجاءت حادثة الاسراء لتخفيف ذلك الالم. ورفع الاسى عن رسول الله عليه الصلاة والسلام وتثبيت فؤاد الحبيب وتطمين قلبه الكريم عليه الصلاة والسلام. ومن حكم الاسراء في هذا التوقيت ايضا ما اصاب النبي عليه الصلاة والسلام فانه للتو خارج من حصار الشعب. الذي مضى ذكره ليلة المجلس المنصرم. نحو من سنتين او ثلاث في حصار ظالم ومقاطعة جائرة وجدوا فيها الجوع والاذى والمقاطعة حتى شق على اصحابه فاكلوا اوراق الشجر حتى تقرحت اشداقهم ووجدوا من ذلك الما وصبرا عظيما. ومن حكم ذلك التوقيت ايضا ما اعقب الخروج من حصار شعب فيما اصيب به رسولنا عليه الصلاة والسلام من مصابين عظيمين متقاربين موت عمه ابي طالب ثم موت زوجه خديجة رضي الله وعندها قيل كانك بينهما ثلاثة ايام وقيل عشرة ايام وقيل شهر او ثلاثة اشهر. فمهما كانت المدة قريبة فاجتمعت مآسي على قلب رسول الله عليه الصلاة والسلام. زاد ذلك كله ان ذهب الى الطائف فوجد الصدود والاعراض والتكذيب فشق عليه صلى الله عليه وسلم ذلك جدا. لكنهما جزع ولا استسلم ولا ترك الدعوة بل ظل ممتثرا امر الله عز وجل باخراج امته من الظلمات الى النور حرصا عليها فتنبيها وشفقة عليها رجاء ان تكون امته احظى الامم يوم القيامة بجنة عرضها السماوات والارض. وان يكون اوفر عليهم السلام حظا بالاتباع والتصديق وقد اعطاه الله عز وجل ما اراد عليه الصلاة والسلام. بصدق دعوته وعظيم صبره واحتماله. جاءت حادثة الاسراء والمعراج في مثل هذه المرحلة من دعوته معالجة لتلك الوقائع وزيادة في تثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولك ان تعلم انه بعد هذه الحادثة العجيبة التي عاد بها وقد رأى سدرة المنتهى بلغ مقاما ما بلغه قبر ملك مقرب ولا نبي مرسل. لقي الانبياء عليهم السلام. من ادم عليه السلام الى موسى وعيسى وهو يلقاهم وهم يرحبون به وهم يذكرون له من الاوصاف ما يأنس به فؤاده عليه الصلاة والسلام. كل ذلك تثبيت عظيم وتمكين لقلب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فعاد بعد ذلك ماضيا في طريق دعوة اه بابي وامي هو عليه الصلاة والسلام. مستمرا في جهاد عظيم ودعوة كريمة وحرص كان يخفق به فؤاده على امته صلوات الله وسلامه عليه ثم عاد الى رحلة الكفاح والدعوة والتبليغ مرة بعد مرة كما كان قبل حادثة الاسراء والمعراج فاستكثروا من صلاتكم وسلامكم عليه صلى الله عليه واله وسلم تسليما كثيرا احسن الله اليكم قال رحمه الله فاقام صلى الله عليه وسلم بمكة ما اقام يدعو القبائل الى الله تعالى نفسه عليهم في كل موسم ان يؤوه حتى يبلغ رسالة ربه ولهم الجنة. هكذا عاد من حادثة الاسراء والمعراج فاستأنف صلى الله عليه واله وسلم مرحلة اخرى من الدعوة. اقام يدعو القبائل الى الله يعرض نفسه يبحث عن من يستجيب لدعوته اما مكة فما يأس منها ولا انفض عنها ظل مقيما بها. نعم زال عنه الحامي زال عنه المؤوي المدافع عمه ابو طالب والتحقت زوجته خديجة رضي الله عنها بالرفيق الاعلى لك ان تقول ترك وحيدا يصارع هموم الدعوة واعباءها وعنت وصفها لكنه ظل يدعو صلى الله عليه وسلم فلكم اتى الله هذا القلب العظيم من صبر وثبات واحتمال ودأب وجهد وجهاد في سبيل تبليغ دعوة الاسلام. ليبلغ هذا النور والوحي المبين الى كل من اراد الله عز وجل له الهداية. في تفاصيل احداث السيرة المكية قصص عجيبة. طواها المصنف اختصارا. يلقى افرادا ويلقى قبائل وجماعات. فيتحدث مع هذا ومع يبحث عن كل باب يمكن ان يطرقه عله ان يفتح فيجد قبولا لدعوته عليه الصلاة والسلام امتثالا لامر الله جل جلاله. حادثة الاسراء والمعراج كانت شأنا عظيما في حياة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فنال بها المراقي العلا. وقد قال شوقي رحمه الله اسرى بك الله ليلا اذ والرسل في المسجد الاقصى على قدمي لما خطرت به التقوا بسيدهم لما خطرت به التفوا بسيدهم كالشهب بالبدر او كالجند بالعلم. صلى وراءك منه كل ذي خطر. ومن ومن يفز بحبيب الله يأتمني جبت السماوات او ما فوقهن بهم على منورة ذرية لا جميل كوبتا لك من عز ومن شرف لا في الجياد ولا في الاينق الرسم مشيئة الخالق الباري وصنعته وقدرة الله فوق الشك والتهم حتى بلغت سماء لا يطار لها على ماح ولا يسعى على قدمي وقيلا كل نبي عند رتبته ويا محمد هذا العرش فاستلمي الله عليه واله وسلم قال فاقام صلى الله عليه وسلم بمكة ما اقام يدعو القبائل الى الله تعالى ويعرض نفسه عليهم يريد عليه الصلاة والسلام من يفتح له الباب ليستجيب. قال ابن اسحاق دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في السنة العاشرة للبعثة دخل من فين يعني بالرجوع من حصام من الطائف. قال فدخل في جوار المطعم ابن عدي. وذلك عندما رجع من الطائف وقومه اشد ما كانوا عليه من تافه وفراق دينه. وكان موسم الحج في ذلك العام قد اقترب فاخذ النبي صلى الله عليه وسلم يتهيأ لدعوة قبائل العرب الى الاسلام كما كان شأنه كل عام. منذ ان جهر بالدعوة في الرابعة للبعثة واستمر على ذلك الامر حتى اخر موسم للحج قبل هجرته صلى الله عليه وسلم الى المدينة فكان كلما اجتمع له الناس بالموسم اتاهم يدعو القبائل الى الله والى الاسلام ويعرض عليهم نفسه وما جاء به من الله من الهدى الرحمة يسألهم ان يصدقوه ويمنعوه حتى يبين ما بعثه الله به اخرج الامام احمد في المسند بسند صحيح على شرط مسلم عن جابر رضي الله عنه قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظ ومجنة اتى وفي المواسم بمنى هذه اسواق العرب التي كانت تعقدها في قدومها الى موسم الحج بمكة يقدم عليهم مجامعهم في اسواق عكام ومجنة. قال وفي المواسم بمنى فيقول من يؤويك من ينصرني حتى ابلغ رسالة ربي وله الجنة قال جابر حتى ان الرجل ليخرج من اليمن او من مصر فيأتيه قومه فيقولون احذر غلام قريش لا يفتنك عن دينك وظن عليه الصلاة والسلام عاما بعد عام وسنة بعد سنة لا يلوي على شيء. روى ابو داوود وابن ماجة والترمذي بسند صحيح ايضا عن جابر رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه في الموقف يعني في موقف الحج ايام الموسم فيقول الا رجل يحملني الى قومه فان قريشا قد منعوني ان ابلغ كلام ربي تظن انه في سعيه في القبائل و دعوته وفود الحجيج انه كان عليه الصلاة والسلام يجد الترحاب والقبول والتهيئة بل ظل يصبر عليه الصلاة والسلام بل وكان عمه ابو لهب لا يزال يتبعه بالعداوة والتكذيب والاذى. كان كلما مر على قوم يدعوهم الى الله والى الاسلام يتبعه عمه ابو لهب وراءه يرميه بالحجارة اخرج الامام احمد في مسنده وابن حبان في الصحيح عن ربيعة بن عباد الديلي قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بصر عيني بسوق ذي المجازي يقول يا ايها الناس قولوا لا اله الا الله تفلحوا ويدخل في فجاجها والناس متقصفون عليه يعني مجتمعون عليه ملتفون حوله. قال فما رأيت احدا يقول شيئا وهو لا يسكت يقول يا ايها الناس قولوا لا اله الا الله تفلحوا. قال الا ان رجل احول وضيئ الوجه ذا غديرتين يقول انه صابئ كاذب قلت من هذا؟ قالوا محمد بن عبد الله وهو يذكر النبوة. فقلت من هذا الذي يكذبه؟ قالوا عمه ابو لهب هكذا كان عليه الصلاة والسلام اظننت ان الاسلام الذي بلغنا بلغ اباءنا واجدادنا كان على يسر وسعة وراحة بال. لا والله. بل هو الجهد والجهاد الذي بذله رسول الله عليه الصلاة والسلام لتعلموا والله الذي لا اله الا هو ان له على امته حقا عظيما لا تقدر الامة على الوفاء به انما حسبها ان تملأ قلبها حبا له وان تتمسك بسنته استجابة وطاعة. وان تكثر الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وان تصدقه فيما جاء به. ان بهداه وان تعض على سيرته وسنته لتقدر عظيم ما بذل. لقد كان عليه الصلاة والسلام امينا وفيا حفيا بامته فلا والله ما حقنا الا ان نكون معه امناء اوفياء حفيين بنبوته لنا ولامتنا صلوات الله وسلامه عليه نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله فاقام صلى الله عليه وسلم بمكة ما اقام يدعو القبائل الى الله تعالى. ويعرض نفسه عليهم في كل موسم ان يؤوه حتى يبلغ رسالة ربه ولهم الجنة. اتدرون في موسم الحج بمكة عليه الصلاة والسلام؟ الى اين بلغ من القبائل؟ قال ابن سعد في طبقات وابو نعيم في الدلائل فكان من سمى لنا من القبائل التي اتاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنو عامر بن صعصعة ومحارب بن خسفة وبنو فيزارة وغسان وبنو مرة وبنو حنيفة وبنو سليم وبنو عبس وبنو نصر بن هوازن وبنو البكاء وكندة وكلب وبنو وبنو عذرة وهمدان وثقيف ما ترك قبيلة تأتي الموسم الا اتاها عليه الصلاة والسلام اكان يبحث عن تجارة او مصاهرة او ربح دنيوي او حاجة شخصية لا والله. انما يريد تبليغ رسالة الله عز وجل. وان يجد لدعوته قبولا وانتشارا لتبرأ ذمته وينقذ امته صلى الله عليه واله وسلم. فطوى المصنف رحمه الله كثيرا من تلك التفاصيل التي ذكر فيما يتعلق بقبائل العرب التي اتاها رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم قال قال رحمه الله فاقام صلى الله عليه وسلم بمكة ما اقام يدعو القبائل الى الله تعالى ويعرض نفسه عليهم في كل موسم من ان يؤوه حتى يبلغ رسالة ربه ولهم الجنة فلم يستجب له قبيلة ودخر الله ذلك كرامة للانصار. هذه جملة لطيفة ورائعة جدا في كلام ابن القيم. قال ذخر الله ذلك كرامة للانصار لما انصرفت القبائل فيما سمعت عن قبول دعوته ولم يستجب له الا بضعة نفر من الاوس والخزرج كما ستسمع بعد قليل في السنة الحادية عشرة ثم كانوا في السنة الثانية عشر اثنا عشر رجلا ثم كانوا في السنة الثالثة عشرة ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان ذلك من الله تهيئة لقوم اصطفاهم الله ليقبلوا دعوته ظل عشر سنوات في مكة وفي الطائف وعلى قبائل العرب في موسم الحج وهو يقول ان قريشا قد منعتني من يؤويني من ينصرني حتى ابلغ رسالة ربي قال المصنف وذخر الله ذلك كرامة للانصار حتى استجابوا لدعوته فتعاقبت السنتان فكانت البيعة الاولى ثم الثانية ثم كانت الهجرة الى المدينة والنصرة للدين الذي كان على يدي اولئك الذين جاءوا فالتقى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم احسن الله اليكم قال رحمه الله فلما اراد الله اظهار دينه ونصر نبيه وان جاز وعده واعلاء والانتقام من اعدائه ساقه الى الانصار لما اراد بهم من الكرامة فانتهى الى نفر منهم ستة وقيل ثمانية وهم يحلقون رؤوسهم عند عقبة منن في الموسم. فجلس اليهم ودعاهم الى الله وقرأ عليهم فاستجابوا لله ورسوله ورجعوا الى المدينة فدعوا قومهم الى الاسلام حتى فشى فيهم. ولم ولم يبق دار من دور الانصار الا وفيها ذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاول مسجد قرأ فيه القرآن بالمدينة مسجد بني زريق. هذا ما حصل وذاك كان في السنة الحادية عشر ومن البعثة قلنا مضت السنة العاشرة حدثت حادثة الاسراء والمعراج فرضت الصلوات عاد عليه الصلاة والسلام واستمر يعمل ما كان يعمل عليه في دعوة مواسم العرب في الحج في السنة الحادية عشرة. والنبي عليه الصلاة والسلام ما يزال يعرض نفسه على القبائل فلما كان موسم الحج واراد الله اظهار دينه خرج عليه الصلاة والسلام. فبينما هو يتكلم كما كان شأنه في كل موسم. فاذا هو عند العقبة التي هي موضع جمرة العقبة لقي رهطا من الخزرج اراد الله بهم خيرا. فقال عليه الصلاة والسلام من القوم قالوا نفروا من الخزرج قال من موالي اليهود قالوا نعم قال افلا تجلسون اكلمكم قالوا بلى فجلسوا معه عليه الصلاة والسلام فدعاهم الى الله وعرض عليهم الاسلام وتلا عليهم القرآن. وكان مما صنع الله لهم به في الاسلام ان اليهود في المدينة كانوا معه هناك وكانوا اهل كتاب كما تعلمون واهل علم. وكانت الاوس والخزرج اهل شرك واصحاب اوثان ولما يحصل بين اليهود في المدينة والاوس والخزرج شيء من الاقتتال والمشاحنة اذا كان بينهم شيء تقول لهم اليهود ان نبي مبعوثنا الان قد اظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه قتل عاد وثمود هذه الكلمات سمعها الاوس والخزرج كثيرا في المدينة واذا هم اليوم بين يدي هذا النبي الذي تتوعدهم به اليهود ويتحدثون عنه واذا هم بين يديه اليوم ويعرض عليهم الاسلام ويتلو عليهم القرآن فوقع ذلك من نفوسهم موقعا لما تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم مع اولئك النفر ودعاهم الى الاسلام والى الله قال بعضهم لبعض يا قوم تعلمون والله انه للنبي الذي تتوعدكم به يهود. فلا تسبقكم اليه فاجابوه اليه فيما دعاهم به رسول الله عليه الصلاة والسلام صدقوه وقبلوا منه ما عرب وقالوا هؤلاء النفر من الخزرج وكانوا ومن عقلاء يثرب قالوا ان هؤلاء قد انهكتهم الحرب ولا يزال لهيبها مستعر. فاذا بالنبي عليه الصلاة والسلام وقد قالوا له انا قد تركنا قومنا ولا قوم بينهم من العداوة والشر ما بينهم فعسى ان يجمعهم الله بك فستقدم عليهم فتدعوهم الى امرك ونعرض عليهم الذي اجبناك من هذا الدين فان الله يجمع بك عليه فلا رجل اعز منك. ثم انصرفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين الى المدينة وقد امنوا وصدقوا واستجابوا وكان اول مسجد كما قال المصنف قرأ فيه القرآن بالمدينة مسجد بني زريق كما ذكر وباب السير. قال الحافظ ابن فتح زريق لتقديم الزاي مصغرا دلالة على تحديد المسجد وذكر القبيلة التي صلى فيها او قرأ فيه القرآن. هؤلاء الرهط ستة نفر من الخزرج ذكر عدد من ارباب السير اسماؤهم. فمن بني النجار اسعد بن زرار وعوف بن الحارث من بني زريق رافع بن مالك العجلاني ومن بني سلمة قطبة بن عامر ومن بني حرام بن كعب عقبة بن عامر ومن بني عبيد بن عدي جابر بن عبدالله بن رئاب وهو غير جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام رضي الله عنهم جميعا. قيل وستة وقيل كانوا ثمانية منهم من ذكر ابن اسحاق وزادوا عليهم غيرهم. هكذا دخل الاسلام في قلوب اولئك الرهط الاوائل. كانت هذه نواة انتقال الاسلام من مكة الى المدينة. الان انتقل الاسلام بهؤلاء الستة او الثمانية الى بلغ القرآن هناك قرأ في مسجد بني زرير فما بقي بيت الا ويتحدثون فيه عن نبي الاسلام ورسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم احسن الله اليكم قال رحمه الله ثم قدم مكة في العام القابل اثنا عشر رجلا من الانصار خمسة منهم من الستة الاولين فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء عند العقبة ثم انصرفوا الى المدينة في اي عام هذا لا هذا في السنة الثانية عشرة من البعثة قبل الهجرة بسنة هذه بيعة العقبة الاولى. هذا حادث مفصلي في تاريخ الاسلام وسيرة رسول الله. صلى الله عليه وسلم. هذه اول خطوات الاتفاق والمعاهدة وما حصل كان توطئة للبيعة في العام في بيعة العقبة الثانية العدد اثنا عشر رجلا من الانصار. نصفهم تقريبا كانوا الحاضرين في العام المنصرم الذين استجابوا وامنوا وصدقوا برسول عليه الصلاة والسلام. هنا تمت البيعة لكنها بيعة مختصرة. موجزة لم تكن بيعة على الهجرة اليهم في المدينة. ولا نصرتهم اياه ولا على انتقاله اليهم. كانت بيعة على الايمان والتصديق. قال المصنف بايعوه على بيعة النساء بيعة النساء المذكورة في سورة الممتحنة والمقصود بها بيعة صلح الحديبية. يا ايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك على الا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن اولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين ايديهن وارجلهن ولا يعصينك في معروف ستة بنود لهذه البيعة ليس المقصود ان بيعة النساء تمت هنا. لكن المقصود ان بنود البيعة هي التي تمت مع النساء في صلح الحديبية لمشابهتها بها. روى الشيخان في الصحيحين عن عبادة ابن الصامت رضي الله عنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وحوله عصابة من اصحابه بايعوني على الا تشركوا بالله شيئا. ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا اقتلوا اولادكم ولا تأتوا ببهتان تفترونه بين ايديكم وارجلكم ولا تعصوا في معروف فمن وفى منكم فاجره على الله ومن اصاب من ذلك شيئا فعوقب به في الدنيا كان كفارة له ومن اصاب من ذلك شيئا ثم ستره الله فهو الى وان شاء عفا عنه وان شاء عاقبه قال فبايعناه على ذلك. هذا الحديث في الصحيح ليس صريحا بانها كانت بيعة العقبة ولم يحدد لها مكان لكنها اقرب ما يكون الى ما جاء في بيعة العقبة وعلى كل ففي الرواية الصحيحة ان بيعة العقبة انما اشتملت على بنود الايمان والتسليم والاستجابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره والامر بالمعروف والنهي عن المنكر وقول الحق والولاء والنصرة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. هذه بيعة العقبة الاولى ماذا لحقها لحقه انتشار اكبر للاسلام في المدينة وقيل عندها بعث مصعب رضي الله عنه هناك. يدعو الناس الى الاسلام فانتشر ولا بقي دار من دور الانصار الا دخله الاسلام فيؤمن اهل البيت كلهم او جلهم. لكنه ما بقي حي في الانصار الا وفيه من اسلم برسول الله عليه الصلاة والسلام. ونبينا صلى الله عليه وسلم ما يزال بمكة ودعوته تنتشر هناك. ودين الله يدخل البيوت وتعتنقه القلوب حتى السنة التي تليها السنة الثالثة عشرة من البعثة وهي اخر سنوات الدعوة بمكة. نعم احسن الله اليكم. قال رحمه الله فقدم عليه في العام القابل منهم ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان. هذا في اي سنة الثالثة عشرة من البعثة. نعم قال وهم اهل العقبة الاخيرة فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ان يمنعوه مما يمنعون منه نساءهم هم ابناءهم وانفسهم ويرحل هو واصحابه اليهم واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر نقيبا. واذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه في الهجرة الى المدينة فخرجوا ارسالا متسللين اولهم فيما قيل ابو سلمة ابن عبد الاسد المخزومي وقيل مصعب بن عمير فقدموا على الانصار في دورهم فاوهم ونصروهم فوفشى فيهم وفشى الاسلام بالمدينة. بيعة العقبة الثانية كما يحكيها احد قادة الانصار كعب بن مالك رضي الله عنه. يقول خرجنا الى الحج مع حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا. يعني اتوا في سياق حج فيه مشركون لكنهم اسلموا في من بلغتهم الدعوة من حجاج بيعة العقبة الاولى. قال رضي الله عنه ومعنى البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا فلما توجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة ثم ساق فقال فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك فلقينا رجل من اهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هل تعرفانه قلنا لا والله قال تعرفان العباس ابن عبد المطلب عمه؟ قلنا نعم وكنا نعرف العباس كان لا يزال يقدم علينا تاجرا فعرفوه من طريق التجارة ومروره عليهم بالمدينة قال فاذا دخلتم المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس تركته معه الان جالسا قال كعب فدخلنا المسجد كعب بن مالك قال فدخلنا المسجد فاذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس فسلمنا عليهما ثم جلسنا اليهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هل تعرف هذين الرجلين يا عباس قال نعم هذان الرجلان من الخزرج وكانت الانصار انما تدعى في ذلك الزمان اوسها وخزرجها تدعى بالخزرج قال هذا البراء بن معرور وهو رجل من رجال قومه وهذا كعب بن ما لك. عرفهم العباس وعرفهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هذا البراء بن معرور وهذا كعب بن مالك قال كعب فوالله ما انسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاعر قال كعب النعم يعني كان النبي عليه الصلاة والسلام يعرف ان كعب ابن مالك من شعراء الانصار فبلغوا فلما سمي له قال الشاعر قال كعب والله ما انساها. شعر بفخر انه بلغ خبره ويعلم رسول الله عليه الصلاة بشأنه. قال كعب وخرجنا الى الحج فواعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة يعني عند مكان جمرة في العقبة اوسط ايام التشريق فلما فرغنا من الحج وكانت الليلة التي وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عبدالله بن عمرو بن حرام ابو جابر من ساداتنا وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين امرنا. فكلمناه وقلنا له يا ابا جابر انك من ساداتنا وشريف من اشرافنا وانا نرغب بك عما انت فيه ان تكون حطبا للنار غدا. ثم دعوناه الى الاسلام واخبرناه بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسلم وشهد معنا العقبة وكان احد النقباء. قال كعب فنمنا تلك الليلة في لقومنا في رحالنا حتى اذا مضى ثلث الليل وهدأت الرجل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفينا تسلل القطا. يعني لا يريدون ان يشعر بهم احد ولا يسمع بخبرهم احد. قال حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون فيهم اربعون رجلا من ذوي اسنانهم واشرافهم وثلاثون شابا ومعنا امرأتان من نسائنا نسيبة بنت كعب ام عمارة احدى نساء بني مازن واسماء بنت عمرو ام منيع احدى نساء بني سلمة رضي الله عنهم جميعا. اجتمعت الانصار بالشعر ينتظرون موعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءهم ومعه العباس ابن عبدالمطلب. وهو يوم على دين قومه هكذا في بعض الروايات. وقيل بل كان مسلما يستخفي باسلامه. فلما حضر العباس احب ان يحضر امر ابن اخيه محمد ابن عبدالله ليستوثق له في ذلك الموعد وذلك اللقاء. وفي رواية ان النبي عليه الصلاة والسلام كان قد سبقهم الى موضع العقبة عند الشعب ومعه عمه العباس. وكان اول من طلع على الله صلى الله عليه وسلم من الوفد القادمين من الانصار رافع بن مالك رضي الله عنه. فلما نظر العباس في وجوههم قال هؤلاء قوم لا اعرفهم هؤلاء احداث يعني شباب صغار فلان متخوف على ابن اخيه والعباس يعرف كبراء يثرب من الاوس والخزرج. فلما خرج الاوائل وطلائع المجموعة التي اقبلت قال هؤلاء لا اعرفهم يخشى ان يسلم لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم امره ثم لا يجد ما ينتظره من النصرة والوعد النفاق الغليظ الذي يبحث له العباس لشأن رسول الله عليه الصلاة والسلام. فلما تكامل المجلس واجتمعت الاعداد بدأ الحديث لعقد البيعة كان اول المتكلمين العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم بكل صراحة يبين لهم خطورة ما سيقبلون عليه من هذا الاتفاق وما من امر عظيم وهو ما يتحالفون له مع رسول الله عليه الصلاة والسلام. قال العباس يا معشر الخزرج وقلت لكم كانت يسمون هذا الحي اوسها وخزرجها خزرجا. قال يا معشر الخزرج ان محمدا منا حيث قد علمتم. وقد من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه. فهو في عز من قومه ومنعة في بلده. وانه قد ابى الانحياز اليكم واللحوق بكم. فان كنتم تروا انكم وافون له بما وعدتموه ودعوتموه اليه. ومانعون ممن خالفه فانتم وما تحملتم من ذلك وان كنتم ترون انكم مسلموه وخاذلوه بعد الخروج اليكم فمن الان فدعوه فانه في عز ومنعة من قومه وبلده قال كعب بن مالك رضي الله عنه قلنا له قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما احببت فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلى علينا القرآن ودعا الى الله ورغب في الاسلام قال فاجبناه وصدقناه امنا به ورضينا. قال ثم قال عليه الصلاة والسلام تبايعوني على السمع والطاعة في النشاط والكسل. وعلى النفقة في واليسر وعلى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وعلى ان تقولوا في الله لا تأخذكم فيه لومة لائم. وعلى ان تنصروني اذا قدمت عليكم يثرب فتمنعوني مما تمنعون منه انفسكم وازواجكم وابنائكم ولكم الجنة فاخذ البراء بن معرور بيده ثم قال نعم والذي بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه اجورنا ايعنا يا رسول الله فنحن اهل الحروب واهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر. فاعترض القول ابو الهيثم ابن التيهات والبراء يتكلم فقال يا رسول الله ان بيننا وبين الرجال يعني اليهود حبالا وانا قاطعوها فهل عسيت ان نحن فعلنا ذلك؟ ثم اظهرك الله ان ترجع الى قومك وتدعنا فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم لهدم انا منكم وانتم مني احارب من حاربتم واسالم من سالمتم. فقال البراء بن معرور للنبي صلى الله عليه وسلم ابسط يدك يا رسول الله نبايعك فكان البراء اول المجيبين واول المبايعين ففاز بتلك المنقبة فتتابع الثلاثة والسبعون يبايعون رسول الله صلى الله عليه وسلم ومانع وبايع المرأتين بالكلام عليه الصلاة والسلام. ثم كانت هذه خاتمة رحلة رسول الله عليه الصلاة والسلام في دعوته بمكة التي ما اعقبها بعد ذلك بايام معدودات واشهر محدودة الا انتقاله صلى الله عليه وسلم الى الهجرة في مطلع السنة التي بعدها لتنتهي ثلاث عشرة سنة من البعثة بمكة وتبدأ عشر سنوات في دعوته في المدينة عليه الصلاة والسلام. ولعل الحديث يستكمل مجلس جمعتنا القادمة ان شاء الله تعالى. فاستكثروا ليلتكم وجمعتكم تكن من صلاتكم على نبي هدى والرحمة صاحب الاسراء والمعراج صلى الله عليه وسلم. اسرى بك الله حتى نلت منزلة رفيعة لم يصل يوما لها بشر. وعدت تجلس بين الناس مغتلقا نورا كانك في احداقهم قمر صلى عليك اله الكون ما بسمت سحابة وجرى من ثغرها مطر. فاللهم صل وسلم وبارك على نبي الهدى والرحمة رسولك محمد ابن عبد الله ازكى صلاة واتم سلام يا ذا الجلال والاكرام واجعلنا الهي بالصلاة والسلام عليه من اشد امته له حبا ومن اكثرهم منه يوم القيامة قربا واكرمنا يا رب بشفاعته وورود حوضه نحن وازواجنا ووالدينا وذرياتنا والمسلمين جميعا يا رب العالمين اللهم انا نسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا وعاف مبتلانا ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا وحبيبنا انبت وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين