بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا وقدوتنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء خاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين. اللهم صلي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام في كل مكان. فمن اقتحام بيت الله الحرام وفي هذه الليلة الشريفة المباركة ليلة الجمعة نعقد هذا المجلس الذي يبلغكم من كل مكان نستكثر فيه من صلاتنا وسلامنا على امام الهدى وسيدي الورى صلى الله عليه وسلم نلتمس شرف هذه الليلة وبركتها بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. وهو القائل اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة. وهذا المجلس الذي نعقده في استمرار مدارستنا لكتاب غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه واله وسلم للامام ابن الملقن الشافعي الانصاري رحمة الله عليه. وقد وقف بنا ايها المباركون ليلة الجمعة الماضية عند الحديث في اخر قسمي النوع الاول من المحرمات عليه بل من الواجبات عليه صلى الله عليه واله وسلم. ذلك ان الواجبات كما تقدم نوعان احدهما ما يتعلق بالواجبات في غير النكاح وقد مضى الكلام فيه. والثاني الواجبات المتعلقة بالنكاح وهو الذي وقف الحديث عنده. والمراد به ما اورده المصنف رحمه الله بقوله كان يجب عليه صلى الله عليه وسلم تخيير زوجاته بين اختيار زينة الدنيا فارقته وبين اختيار الاخرة والبقاء في عصمته. ولا يجب ذلك على غيره فمن ها هنا كان من الخصائص المتعلقة برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد تقدم ان دليل ذلك قوله تعالى يا ايها النبي قل لازواجك ان كنتن تريدن الحياة الدنيا وزينتها فتعالينا. ومتعكن واسرحكن سراحا جميلا. وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الاخرة. فان الله اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما. تقدم الكلام عن الاقوال في سبب نزول هذه الاية الكريمة وما يتعلق بهذه الاية من المسائل والفوائد وان هناك قولا للعلماء بعدم الوجوب في المسألة بل على الندب في قوله قل لازواجك فينصرف الامر ها هنا الى الاستحباب لا الى الوجوب. عقب المصنف هذه المسألة بجملة من مضت منهما المسألتان الاوليان احداهما من اختارت منهن الحياة الدنيا هل كان يحصل الفراق بنفس الاختيار ام لا يقع الا بالطلاق وثانيها هل يعتبر ان يكون جوابهن على الفور تبعا للمسألة الاولى وتتمة التنبيهات في المسألة في هذه التي ساقها المصنف تباعا استكمالا لفوائد الاية الكريمة فيما يتعلق بموقفه صلوات الله وسلامه عليه من الاية في امري بتخيير نسائه امهات المؤمنين رضي الله عنهن اجمعين. نعم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى فرع ان جعلنا على الفور فيمتد بامتداد المجلس ام يعتبر الفورية المعتبرة في الايجاب والقبول فيه حكاهما الرافعي عن الهروي ثالثها هل كان يحرم عليه عليه الصلاة والسلام طلاق من اختارته فيه وجهان لاصحابنا احدهما وبه قطع الماء ونص عليه الشافعي في الام نعم. كما يحرم امساكها لو رغبت عنه ومكافأة لهن على صبرهن وبه يشعر قوله تعالى ولا ان تبدل بهن من ازواج الاية. فان التبدل فراقهن وتزوج غيرهن ففي تحريمه تحريم مفارقتهن. هذه ثالث المسائل والتنبيهات التي المصنف رحمه الله في سياق فوائد الاية الكريمة مضى انه عليه الصلاة والسلام قد وجب عليه تخيير زوجاته بين البقاء معه او فراقه فالمسألة ها هنا هل كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم ان يطلق واحدة ممن اختارت البقاء معه ام يقال انها طالما اختارت البقاء وجب عليه ابقاؤها في عصمته. قال فيه وجهان. الذي قدمه واشار الى نص الامام الشافعي عليه في كتاب الام وقطع به الماوردي كما قال انه نعم يحرم عليه صلى الله عليه وسلم طلاق من اختارت البقاء معه. قال الشافعي رحمه الله فرض الله عز وجل على النبي صلى الله عليه وسلم ان اخترنا الحياة الدنيا ان يمتعهن فاخترنا الله ورسوله فلم واحدة منهن ثم قال الشافعي رحمه الله تخريجا على هذه المسألة في الدلالة فكل من خير امرأته فلم تختر الطلاق فلا طلاق عليه. وقال ايضا وكذلك كل ومن خير او من خير فليس له الخيار بطلاق حتى تطلق المخيرة المخيرة نفسها. فهذا القول قال وهو بالقياس على تحريم امساك من اختارت الفراق. وقد تقدمت المسألة ليلة الجمعة الماضية. من اختار الفراق فانه يحرم عليه ابقاؤها وامساكها في عصمته. فقاسوا عليها العكس ان من اختارت البقاء يحرم طلاقها. قال مكافأة لهن على صبرهن. هذه المسألة يمكن ان يستدل بها اولها استدلالا غير صريح. من قوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج. الاية ليست صريحة. لا يحل لك يعني حرام ان تبدل بهن من ازواج لا يجوز ان يتبدل عليه الصلاة والسلام بزوجاته زوجات اخريات. ما معنى التبدل؟ يعني ان يفارقها ويستبدل واحدة بدلا عنها فاذا هذا يستلزم الفراق. فلما قال الله لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج. قالوا دلت الاية على تحريم طلاقه صلى الله عليه وسلم او فراقه لمن اختارت منهن. البقاء معه رضي الله عنهن اجمعين ان الاية ليست صريحة قال وبه يشعر قوله تعالى ثم قال فان التبدل فراقهن وتزوج غيرهن ففي تحريمه تحريم مفارقتهن اي تحريم التبديل يدل على تحريم الطلاق. هذا اول الاقوال في المسألة. واظهرهما عند الامام والرافعي في شرح الصغير والنووي في اصل الروضة لا. لا يعني لا يحرم. هذا القول الراجح عند بعض ائمة الشافعية كامام الحرمين النووي رحمة الله عليهم وعلى فقهاء الامة اجمعين كما لو اراد واحد من الامة طلاق زوجته لا يمنع منه. وان رغبت فيه ولان التبتل ولان التبدل معناه مفارقتهن. والتزوج بامثالهن بدلا عنهن وذلك مجموع امرين فلا يقتضي المنع من اولهما قال الامام وادعاء الحجر على الشارع في الطلاق بعيد. نعم هذا الذي رجحه بعض فقهاء الشافعية كما سمعت انه لا يحرم عليه طلاق من اختارت البقاء وانه كسائر امته عليه الصلاة والسلام في توسيع هذا الامر عليه وانه ان اراد ابقاء من بقت معه وان اراد فراقها ذلك مما اباح الله له. وانه لو قلنا بالتحريم لكان تضييقا عليه صلوات الله وسلامه عليه قال كما لو اراد واحد من الامة طلاق زوجته فلا يمنع منه وان رغبت فيه. واما الاستدلال بالاية لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج. فان التبدل يعني مجموع امرين احدهما مفارقتهن والثاني تزوجوا بامثالهن بدلا عنهن. قال وهذا المجموع لا يعني المنعم لا يعني المنع من واحد منهما منفردا فالطلاق لا يلزم منه ان يتزوج واحدة بدلا عنها بمثلها فلو حصل الطلاق وحده لم يكن في ذلك حرج. قال الامام وادعاء الحجر على الشارع في الطلاق بعيد هذان قولان واشارا الى وجه ثالث يمكن ان يقال في المسألة وفيه وجه ثالث انه يحرم عقب اختيارهن ولا يحرم اذا انفصل عنه. هذا الوجه الثالث قول بالتفصيل انه يحرم فراق المرأة التي اختارت منهن البقاء معه عقب اختيارها. ولا يحرم اذا انفصل عنه يعني اذا انفصل عن الاختيار فان قلت هل يستدل للوجه الاظهر انه عليه الصلاة والسلام طلق حفصة وراجعها وعزم على طلاق سودة فوهبت يوم لعائشة رضي الله عنها قلت لا. هنا سؤال على القول بانه لا يحرم عليه صلى الله عليه وسلم طلاق من اختارت البقاء. لماذا لا نستدل بوقوع الطلاق منه صلى الله عليه عليه وسلم كما حصل في تطبيقه لحفصة بنت عمر رضي الله عنهما. فانه طلقها وراجعها اذا كان قد وقع فلم لا يستدل به على الجواز وكذلك الشأن في سودة رضي الله عنها لما عزم على طلاقها فجاءت فتنازلت عن يومها لعائشة رضي الله عنها. كان عازما على صحيح انه لم يقع لما تنازلت عن يومها لعائشة رضي الله عنهن اجمعين. لكنه لا يعزم على امر ممتنع. فلماذا لا قالوا في الدليل على جواز طلاقه عليه الصلاة والسلام وعدم تحريم ذلك لماذا لا يستدل بوقوع الطلاق وبتنازل سودة عن يومها رضي الله عنهما لما عزم على طلاقها هل يصلح هذا دليلا؟ قال المصنف قلت لا. لم لا؟ سيشير الان لان هذه القضايا الواقعة في حياته كانت قبل التخيير واما بعد ذلك وقد قال الله له قل لازواجك ان كنتن كذا وان كنتن كذا ثم قال لا يحل لك النساء من بعد فقد لا استقيموا هذا دليلا لانه يمكن ان يقال كان هذا سابقا فجاء هذا عقبه فلا يستطاع الاستدلال به قلت لا فان الماوردي قال كان ذلك قبل التخيير. وكذا قصة الافك وقول علي رضي الله عنه لما استشاره عليه الصلاة والسلام في فراق اهله لم يضيق الله عليك النساء كثير سواها لعله قبل نزول اية التخيير وقد صرح به ابن الجوزي فقال كان ايلاؤه عليه الصلاة والسلام سنة تسع من الهجرة والتخيير بعدها لكن اصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي من سبي من سبي خيبر سنة سبع وتزوجها. وادعى الوردي ان وادعى الماوردي ان تزوجه لها كان بعد نزول اية التخيير. نعم. هذا سبب استبعاد الاستدلال بهذه الوقائع بانها كانت قبل التخيير وكذلك الشأن في تزويجه عليه الصلاة والسلام من صفية بنت حيي فانه كان سنة سنة غزوة خيبر وكان ذلك كله قبل نزول اية التخيير كما ذكره نقلا عن كل من الماوردي وابن الجوزي رحمة الله عليهم وعلى سائر العلماء اجمعين. رابعها لما خير عليه الصلاة والسلام زوجاته اهن الله على حسن صنيعهن بالجنة فقال ان الله اعد للمحسنات اي المختارات منكن اجرا عظيما اي الجنة ومن للبيان لا ومن للبيان لا للتبعيظ وبان حرم على رسوله التزوج عليهن والاستبدال بهن فقال تعالى لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج الاية. لكن نسخ ذلك لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. بترك التزوج عليهن بقوله تعالى يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك الاية. قالت عائشة رضي الله عنها ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حل له النساء رواه الشافعي واحمد والترمذي وقال حسن صحيح وصححه ابن حبان والحاكم. وعائشة بهذا الشأن اخبر. هذه اخرى متفرعة عن القضية التي ما زال الحديث عنها في تخيير رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجاته امهات رضي الله عنهن اجمعين بين البقاء معه او فراقه واختيار الحياة الدنيا. لما خيرهن فاخترن جميعه هن رضي الله عنهن الله ورسوله والدار الاخرة. قال الله تعالى وان كنتن تريدن الله ورسوله والدار الاخرة فان الله اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما. المحسنات من اخترن البقاء معه وكلهن فعلن ذلك رضي الله عنهن. محسنات باختيار الصواب والاكمل والافضل محسنات بحسن صحبتهن وزواجهن وعشرتهن الله صلى الله عليه وسلم اعد لهن الله اجرا عظيما يعني الجنة وهذا الوعد الكريم من الله عز وجل مكافأة لهن. ان كانت الجنة ثوابا واكراما اخرويا. ففي الدنيا كانت المكافأة بقوله لا يحل لك لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج. فكانت المكافأة الدنيوية بعدم زواج النبي عليه الصلاة والسلام عليهن امرأة اخرى بعد ذلك اكراما لهن. فكان الاكرام بنوعيه. الجنة في الاخرة وبعدم تزويجه عليه الصلاة والسلام عليهن احدا اخرى او واحدة اخرى بعد هذا الامر وموقفي من التخيير. فان الله اعد للمحسنات منكن من هنا ليست للتبعيظ كما قال بل للبيان لانهن جميعا كن محسنات رضي الله عنهن ورفع قدرهن جزاء حسن وتبعلهن لرسول الله صلى الله عليه وسلم ويتبع ذلك فائدة لطيفة اخرى هذا المنع لا يحل لك النساء من بعد منسوخ بقوله تعالى قبلها في السورة ذاتها يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن وليس فقط الازواج. قال وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك وليس هذا فحسب. قال وبنات عمك وبنات عماتك قناة خالك وبنات خالاتك اللاتي هجرن معك. ليس هذا فقط قال وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان استنكحها خالصة لك من دون المؤمنين. فهذا توسعة بعد منع واباحة بعد تحريم فاذا كانت مكافأة امهات المؤمنين رضي الله عنهن على اختيارهن الله ورسوله والدار الاخرة كانت المكافأة مكافأتين الاولى منهما اجرا عظيما وهو الجنة. والثانية منهما لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج. ولكن المكافأة اتى الثانية نسخت قال المصنف لتكون المنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن وليس فرضا من الله عليه فانه لم يستبدل بهن احدا وبقينا في عصمته حتى مات عنهن او متن قبله رضي الله عنهن. وصلى الله عليه وسلم. فكان هذا جعل اغتيالا له عليه الصلاة والسلام وابقاء المنة والفضل له على زوجاته رضي الله عنهن. قالت عائشة ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حل له النساء وذلك ما اخرجه الائمة الشافعي احمد والترمذي وابن حبان والحاكم قال المصنف وعائشة بهذا الشأن اخبر. لم؟ لانه سيذكر خلافا بعد قليل. وان مذهب ابي حنيفة رحمه الله يرى عدم نسخ الاية لا يحل لك النساء من بعد يراه باقيا حكمه محكما فاذا جئنا نستدل وجاءنا من بين الادلة اثر عائشة رضي الله عنها وهي واحدة من زوجاته. قال وعائشة بهذا الشأن اخبروا رضي الله عنها وعن سائر امهات المؤمنين قال اصحابنا وابيح له التبدل بهن ولكنه لم يفعل ولكنه لم يفعل وليس لانه ينسخ قال ولكنه لم يفعل فصارت المنة له عليه الصلاة والسلام على زوجاته رضي الله عنهن لا منعا من الله عز وجل وتحريما عليه صلى الله عليه وسلم قال ابيح له التبدل يعني بالاية يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك الى اخرها. لكنه لم يفعل وليس لانه منسوخ. نعم وخالف ابو حنيفة رحمه الله فقال دام التحريم ولم ينسخ واستدل باوجه ذهب ابو حنيفة رحمه الله تعالى الى بان الاية الكريمة لا يحل لك النساء من بعد في تحريم تزويجه عليه الصلاة والسلام امرأة غير نسائه اللاتي خيرن فاخترن الله ورسوله والدار الاخرة ان الدليل على ذلك جملة اوجه على بقاء التحريم وعدم نسخه. نعم. احد ان قوله من بعد يدل على التأبيد والجواب انه لا دلالة في ذلك على عدم النسخ. هذا اول الاستدلالات لا يحل لك النساء من بعد. قال هذا دلالة على التأبيد والحق انه ليس فيه تصريح بالتأبيد. من بعده يعني من بعد موقف التخيير الذي حصل لكن لا يمنع ذلك وجود النسخ ولهذا قال لا دلالة في ذلك على عدم النسخ وثانيها انه تعالى جعل جزاء لاختيارهن. فلا يحسن الرجوع فيه قلت لا تحصين الا بالشرع لان التحريم انما كان بصبرهن على الضيق وقد زال بفتح الفتوح. يقول الوجه الثاني من الدلالة ان الله عز وجل جعل هذا الحكم لا يحل لك النساء من بعد اكراما ومكافأة وما كان جزاء واكراما لا يحسن الرجوع فيه. قال المصنف لا تحصينا الا بالشرع. يعني هذا حكم الله فلا يسوغ ان نقول بعقولنا يحسن او لا يحسن. قال وان التحريم يعني تحريم اه ابدالهن بازواج اخر كان من اجل صبرهن على الضيق. واما الضيق فقد زال بفتح الفتوح فاتسعت حياته صلى الله عليه وسلم لم يكن هناك صبر على الضيق يستدعي مثل هذا النوع من السياق في الدلالة. نعم وثالثها انه لما كان يحرم طلاقهن وجب ان يكون تحريم النكاح عليهن باقيا لانهما جميعا جزاء هذا وجه ثالث يقول اليس قد ثبت الحكم بتحريم طلاقهن اذا فكذلك تحريم النكاح عليهن ايضا باق. لانهما جميعا جزاء. نعم. والجواب بالفرق بينهما لان الطلاق يخرجهن ان يكن ازواجه في الاخرة بخلاف التزوج عليهن. نعم من اختارت الله ورسوله والدار الاخرة فان انه ابقاها صلى الله عليه وسلم في عصمته. وكان يحرم طلاقهن لما اخترنا الله على الوجه الذي تقدم فيما ذكره عن الامام الشافعي رحمه الله قال وجب ان يكون تحريم النكاح ايضا مثل تحريم الطلاق. يعني ان يتزوج عليها امرأة اخرى في حكم ان يفارقها فلما كان فراقها حراما كان ايضا تحريم النكاح عليهن باقيا. قال المصنف ها هنا فرق بين المسألتين الطلاق يجعل امرأته خارجة في عن عداد ازواجه في الاخرة. بخلاف التزوج عليهن فلا يخرجهن عن هذا هذا المعنى واعترض على هذا الاستدلال بالاية بانها مقدمة بانها متقدمة في التلاوة على اية التخيير. والناسخ ايكون متقدما على المنسوخ؟ فوجب حملها على ان المراد انه احل النساء اللاتي اخترنه وهو قول مجاهد والجواب ان الاية وان تقدمت في التلاوة فهي فهي متأخرة في النزول كما وقع ذلك في قوله تعالى والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا الى قوله عشرا فانه ناسخ لقوله تعالى متاعا الى الحول غير اخراج. وان كان متأخرا عنه في التلاوة وانما قدمت الاية وانما قدمت الاية الناسخة وانما قدمت الاية الناسخة في التلاوة لان جبريل عليه السلام كان اذا نزل الى النبي صلى الله عليه وسلم باية قال اجعلها في وضع كذا من سورة كذا فقدمت في التلاوة لسبق التالي الى معرفة الحكم الذي استقر حتى لو لم يعرف المنسوخ بعده لم يضره. نعم بقي ها هنا في سياق الخلاف في هذه المسألة هذا القول ان الاية لا يحل لك النساء من بعد. ان قلنا انها منسوخة فالناسخ قوله تعالى يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك الاية والواقع لمن يحفظ السورة يعلم ان الاية التي نقول انها ناسخة واقعة في السورة قبل الاية المنسوخة والاصل ان يكون الناسخ متأخرا عن المنسوخ لا متقدما عليه قال المصنف التأخر والتقدم هو في النزول وليس في ترتيب الايات في السورة. الا ترى ان عدة المرأة التي توفي عنها زوجها اول الامر كانت سنة كاملة والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا وصية لازواجهم متاعا الى الحول غير اخراج فكانت سنة كاملة والناسخ قوله تعالى والذين يتوفون منكم وذرون ازواجهم يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا واقعة في سورة البقرة لمن يحفظ الاية قبلها. فكما تقدمت هناك الاية الناسخة على الاية المنسوخة في التلاوة وان كانت متأخرة عنها في النزول فكذلك الشأن هنا. فلماذا خالف ترتيب الايات في ترتيبها في النزول؟ الجواب ان هذا توقيف. لان جبريل عليه السلام كان اذا جاء بالوحي قال للنبي عليه الصلاة والسلام توضع الاية كذا في سورة كذا في موظعها من السورة فترتيب الايات في السور توقيف لا اجتهاد فيه فلا يرد سؤال لم قدمت؟ ولم اخرت اية عن الاخرى؟ وهذا تأكيد على ان الاستدلال بالاية من حيث النظر الاستنباطي صحيح لا غبار عليه وتقدم الاية وتأخرها في ترتيب السورة لا علاقة له بالترتيب في النزول تقدما وتأخرا نعم واما حمل الاية على اللاتي اخترنه فلا يصح لوجهين احدهما انهن كن حلالا قبل نزول الاية فلم تفده هذه الاية. ولان قوله انا احللنا لك تقتضي تقدم حظره والثاني انه قال فيها وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك. ولم يكن من المخيرات احد هؤلاء كما قاله الشافعي في الام. هذا جواب عن اعتراض لمذهب ابي حنيفة رحمه الله. الذي رعى رأى ان الاية الكريمة التي يقول الجمهور فيها انها ناسخة. يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك. قال لا هذا ليس نسخا. هذا حكم ابتدائي لا علاقة له بقوله لا يحل لك النساء من بعد. وان معنى الاية احللنا لك ازواجك يعني ازواجك اللاتي اخترنا البقاء معك وهذا معنى ابقائهن في عصمته. احللنا لك ازواجك يعني ابقيناهن لك في عصمتك قال المصنف في الجواب من وجهين الوجه الاول اصلا هن حلال قبل نزول الاية. فلو جعلنا الاية على زوجاته امهات المؤمنين اللاتي كن في عصمته فلا معنى لقول يا ايها النبي وانا احللنا لك هن كن حلالا قبل ذلك فلم يكن في الاية دلالة وفائدة واي تأويل يخرج النص عن دلالته تعزله عن فائدته يجعله تأويلا مرجوحا ومعنى مستبعدا. لان الاصل في النص الشرعي افادة الحكم. فحمل الدليل على معنى لا فائدة فيه يبعده في سياق الترجيح بين الاقوال. وهنا ايضا اشارة لطيفة احللنا يقتضي تقدم حظر قبله شيء كان حراما فاحله. فما الذي كان حرام؟ زوجاته اللاتي كن في عصمته ما كن حراما. انما كان الحرام على الزوجة على النساء الاخريات ممن لم يقع عليهن عقد نكاح. فقوله احللن لك يعني سائر النساء. فتأكد الاية فتأكدت دلالة اية في قول الجمهور. الوجه الثاني لو قلنا ان الاية احللنا لك ازواجك خاص بمن اخترنا البقاء معه من زوجاته رضي الله عنهن فيكون الاعتراض طيب وماذا نفعل بقوله تعالى وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك ممن لم يكن في عصمته ولسنا من المخيرات في الاية فدل ذلك الاية وسياقها وجملها دلت على ان المقصود بها ليس نساؤه اللاتي كن في واللاتي وقع عليهن التخيير بل المراد عموم النساء والاية يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك الى اخرها دلالة على نسخها لقوله تعالى لا يحل لك النساء من بعد ولا ان تبدل بهن من ازواج واتم المصنف رحمه الله هذه الفائدة اللطيفة في مناقشة قول الحنفية بعدم نسخ الاية بالوجوه التي مضى ذكرها. نعم. خامسها اذا انه احل له التزوج فهل ذلك عام في جميع النساء؟ فيه وجهان حكاهما الماوردي احدهما لا ويختص ذلك ببنات الاعمام والعمات والاخوال والخالات المهاجرات معه لظاهر الاية. يعني لان الاية التي جاءت باباحة التزويج حددت هذا الصنف من النساء ما هو شيئان؟ ازواجه وبنات اعمامه وعماته واخواله وخالاته. يا ايها النبي انا احللن لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك. هذا الصنف ممن كان حلالا ومباحا له قبل نزول الاية. زوجاته واماؤه صلى الله عليه وسلم. الصنف الثاني وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك بهذا قيد فاذا اباحت الاية من كان في عصمته مباحا له من الزوجات والايماء والنساء الاخريات من بنات اعمام والعمات والاخوال والخالات على وجه التحديد لا مطلق النساء. ولهذا قال يختص هذا. هذا الوجه الاول وقد روي عن ام هانئ انها قالت نزلت هذه الاية فاراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتزوجني فنهي نهي عني لاني لم اهاجر. ام هانيء بنت ابي طالب رضي الله عنها ابنة عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي في الاصل ممن يباح له التزوج منهن عليه الصلاة والسلام. هذا الحديث الذي ترويه ام هاني اخرجه الترمذي في سننه والحاكم في تدرك وصححه. واما الترمذي فحسن سنده تقول رضي الله عنها خطبني رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعتذرت اليه. فعذرني ثم انزل الله انا احللنا لك ازواجك الى قوله بنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتي هاجرن معك. قالت فلم اكن احل له لاني لم اهاجر. كنت من الطلقاء ومعنى الطلقاء عامة مسلمة الفتح يوم مكة من اهلها ممن عفا النبي عليه الصلاة والسلام عنهم لما دخل مكة وهذا ما اخذ من قوله لما جمعهم عند الكعبة واستنطقهم عليه الصلاة والسلام وهو يسألهم ما تظنون اني فاعل بكم؟ قالوا اخ كريم ابن اخ كريم قال اذهبوا فانتم الطلقاء. فسمي مسلمة الفتح يوم فتح مكة بالطلقاء. قالت كنت من الطلقاء رضي الله عنها والشاهد من حديثها انها فهمت عدم زواج نكاحها من رسول الله عليه الصلاة والسلام لانه لم ينطبق عليها قيد الاية الكريمة اللاتي هاجرن معك. فهذا يقوي القول الاول انه لم يبح له عموم النساء بل بنات الاعمام والعمات الاخوال والخالات المهاجرات معه لظاهر الاية الكريمة. نعم. واظهرهما انه عام في جميع النساء. هذا القول الثاني وهو اظهر من الاول ان الاباحة عامة في جميع النساء. لان الاباحة رفعت ما تقدم من الحظر. فاستباح ما كان يستبيحه قبلها ولانه في استباحة النساء اوسع من امته. فلم يجز ان ينقص عنهم. وقد تزوج عليه الصلاة والسلام صفية بعد. كما عن الماوردي وليست من المذكورات في الاية والقاضي حسين قال ان تحريم النسوة عليه هل بقي هل بقي مؤبدا ام ارتفع فيه وجهان؟ القول الثاني بل اباحة تزوجي له كان عاما في جميع النساء لان الاباحة رفع ما تقدم من الحظر فاستباح ما كان يستبيحه قبل. وفي التوسعة عليه انه لا ينقص عن امته واذا كان الواحد من امته يجوز له ان ينكح اما من غير تقييد بالقرابة من النساء فهو من باب اولى عليه الصلاة والسلام. ودليل الوقوع ايضا يؤيد ذلك فانه عليه الصلاة والسلام صفية بنت حيي بن اخطب ام المؤمنين رضي الله عنها بعد غزوة خيبر وكان هذا دلالة على ان او لم يقيد ببنات الاعمام والعمات وخبر زواجها ثابت في الصحيح تزوجها صلى الله عليه وسلم وجعل عتقها صداقها وهذا من الخصوصيات كما سيأتي بعد قليل في ابواب الاخرى. فهذا يؤكد ان المسألة لم تكن في الاباحة مقتصرة على بنات الاعمام والعمات وبنات الاخوال والخالات سادسها قال الماوردي تحريم طلاق من اختارته منهن اي اذا قلنا به كما سلف لم ينسخ بل بقي الى الموت وبه استدل ابو حنيفة على بقاء تحريم نكاح غيرهن ايضا. وكلام الامام يشير الى خلافه تحريم طلاق من اختارت منهن البقاء معه صلى الله عليه وسلم غير منسوخ. بل بقي الى موته صلى الله عليه وسلم قال لا ابو حنيفة رحمه الله مستدلا بالقياس على المسألة كذلك بقاء تحريم نكاح غيرهن ايضا بقي غير منسوخ وقد مناقشة القول بعدم نسخ الاية الكريمة لا يحل لك النساء من بعد. سابعها هل كان يجوز له عليه الصلاة والسلام ان يجعل الاختيار اليهن قبل المشاورة اليهن فيه وجهان. حكاهما الرافعي عن الجرجانيات لابي العباس الروياني ولم ارهما في الروضة. الجورجانيات كتاب لابي العباس الروياني في فروع فقه الامام الشافعي رحمه الله. نقلها الرافعي عنه في مسألتي المذكورة هنا هل كان يجوز ان يجعل نبينا صلى الله عليه وسلم الاختيار الى امهات المؤمنين قبل المشاورة؟ يعني قبل ان استشرنا اهليهن قال فيه وجهان ومثل هذه المسألة مما لا يترتب على الخلاف فيها فائدة لانه خلاف في امر قد وقع وليس في حكم يراد تنزيله على مسألة يعني كأنه يقال ما الذي وقع هل كان يخيرهن ثم لا يجعله بعد المشاورة او كان الاختيار من غير مشاورة هذا امر قد مضى ووقع وانتهى ولا جدوى من ذكر الخلاف فيه ولا سبيل الى الجزم بشيء لم يرد به نص آآ صريح في هذه المسألة. بهذا تم الكلام على تمام النوع الاول من الكتاب في الخصائص. وحتى نذكر به فان الخصائص في كتابي مقسمة على اربعة انواع. النوع الاول المحرمات والنوع الثاني الواجبات والثالث المباحات والرابع الفضائل فهذا القسم الاول من المحرمات قد تم الكلام فيه بنوعيه المحرمات في النكاح عفوا الواجبات في النكاح والواجبات في غير النكاح ايضا وقد تقدم الكلام عن ذلك كله وها نحن نشرع في النوع الثاني من الخصائص وهو المحرمات. انتهينا من النوع الاول وهو الواجبات وهذا الثاني من انواع الكتاب الاربعة في خصائص رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو المحرمات وايضا له نوعان محرمات في النكاح محرمات في غير النكاح النوع الثاني ما اختص به صلى الله عليه وسلم من المحرمات. وذلك تكرمة له. فان اجر ترك المحرم اكثر من اجر ترك المكروه وفعل المندوب اذ المحرم في المنهيات كالواجب في المأمورات. ها هنا مسألة لابد من تقديمتها قلنا الخصائص الاحكام التي تختص برسول الله صلى الله عليه وسلم. ولما كنا نتكلم في الواجبات اوردنا هناك مسألة لو تذكرونها هل معنى ايجاد حكم عليه عبادة او فعل صلى الله عليه وسلم يعني مزيد اشقاق وتكليف عليه اكثر من امته الجواب لا وكان التوجيه هناك ان مزيد التكليف عليه صلى الله عليه وسلم بايجاب ما لا يجب على غيره هو من باب زيادة الاجر والثواب لان الواجب اجره اعظم. واذا وجب عليه ما كان مستحبا في حق غيره فهو لتعظيم اجره في ذلك الفعل اذا فعله صلى الله عليه وسلم. ها هنا يرد سؤال بالعكس اليست المحرمات منعا؟ بلى. اذا هي تظييق لدائرة المباح فهل نقول ان التحريم عليه خصوصية بشيء لم يحرم على الامة هو مزيد تضييق عليه صلى الله عليه وسلم. اهذا هو مقصد الشارع؟ اهذه الحكمة؟ الجواب لا وهذه مسألة لطيفة يحسن التنبه لها صدر بها المصنف رحمه الله فقال ما اختص به صلى الله عليه وسلم من المحرمات وذلك تكرمة له. اذا ليس تضييقا بل اكرام كيف؟ قال فان اجر ترك المحرم اكثر من اجر ترك المكروه وفعل المندوب نعم اذا كان الشيء المتروك مكروها على امته فيقال انه حرام عليه صلى الله عليه وسلم او مباح لامته فيحرم عليها كما سيأتي مثلا في تحريم الزكاة مباح للفقراء من امته حرام عليه صلى الله عليه وسلم. او كما يقال في اكل الثوم والبصل كان مكروها في حق امته للاتي للمسجد كان ممنوعا منه صلى الله عليه وسلم. اذا يحرم عليه ما كان مكروها على غيره او ما كان مباحا لغيره صلى الله عليه وسلم قال هذا اكرام لان انكفافه عن فعل هذا الحكم من الحرام زيدوا في اجره وثوابه عليه الصلاة والسلام. بينما الواحد من امته ان ترك المكروه فسيكون مأجورا على ترك المكروه. لا على في الحرام واجر ترك الحرام يقابل اجر فعل الواجب. فان فعل الواجب اعلى اجرا من فعل المستحب والمندوب. فكذلك اجر ترك حرام اعظم واكبر من اجر ترك المكروه. قال وهي ايضا تنقسم الى قسمين الاول المحرمات في غير النكاح وفيه مسائل. الاولى الزكاة فانها حرام عليه وشاركه في ذلك ذوي القربى بسببه ايضا. فالخاصية عائدة اليه فانها اوساخ الناس كما كما اخرجه مسلم ومنصبه منزه عن ذلك. وهي ايضا وهي ايضا تعطى على سبيل الترحم المنبئ عن ذل الاخذ فابدلوا عنها بالغنيمة المأخوذة بطريق العز والشرف المنبئ عن عز الاخذ وذل المأخوذ منه نعم. هذه مسألة آآ منصوصة في سنة رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وهاكم بعض نصوصها في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال اخذ الحسن بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما تمرة من تمر الصدقة فجعلها في فيه. يعني لما كان صغيرا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم له كخ كخ يأمره بتركها قال ليطرحها ثم قال اما شعرت انا لا نأكل الصدقة وفي لفظ لمسلم ارم بها اما علمت انا لا نأكل الصدقة؟ وفي لفظ اخر ان لا تحل لنا الصدقة صريح بتحريم اخذه عليه الصلاة والسلام للصدقة والزكاة. وفي الصحيحين ايضا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال اني لانقلب الى اهلي فاجد التمرة ساقطة على فراشي ثم ارفعها لاكلها ثم اخشى ان تكون صدقة فالقيها. وفي الصحيحين ايضا من حديث انس من حديث انس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة فقال لولا ان تكون من الصدقة لاكلتها. وفي صحيح البخاري من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان الرسول صلى الله عليه وسلم كان اذا اوتي بطعام سأل عنه اهدية ام صدقة؟ فان قيل صدقة قال لاصحابه كلوا ولم يأكل. وان قيل هدية ضرب بيده فاكل معهم. ورواه مسلم بمعناه. وفي قصة اسلام سلمان رضي الله عنه ايضا موضع للشاهد في هذه القصة مشابه لما اتاه بطبق من الطعام فسأل عنه فاخبره انها صدقة فلم يأكل فلما اخبره في المرة الثانية انها هدية اكل وهي حديث قصة حديث سلمان رضي الله عنه وارضاه. فهذه النصوص ريحة في عدم حل الصدقة له. وزعم بعضهم ان المراد بها في هذه الاحاديث الزكاة المفروضة. وليست مطلق الصدق لانها هي التي تسمى الصدقة اذا عرفت وهي التي كانت تحمل الى النبي عليه الصلاة والسلام لتفريقها في وجهها وفي مصارفها التي نزلت بها اية التوبة. لكن هذا فيه نظر فان ظاهر لفظ الصدقة يشمل الفرض والتطوع يعني ما كان وما كان صدقة نافلة فتكون الالف واللام الصدقة للجنس وليست للاطلاق. واشار الى هذا النووي في شرح مسلم قال لا فرق بين صدقة الفرض والتطوع لقوله صلى الله عليه وسلم لا نأكل الصدقة لا تحل لنا الصدقة فجعل معرفة بال التي تدل على الاستغراق قال وهي تعم النوعين ولم يقل الزكاة. لماذا؟ لماذا هذا الوجه الزكاة فان احرام عليه؟ بل امتد التحريم يا كرام الى قرابته صلى الله عليه وسلم. وامتداد التحريم الى قرابته من ال بيته كان فبسببه ايضا فاكرامهم من اكرامه عليه الصلاة والسلام. ولهذا قال الخاصية عائدة اليه فاذا تحريم الزكاة او الصدقات على ال البيت ال بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام هو لمعنى عائد الى رسول الله عليه الصلاة والسلام ما هو المعنى؟ قال فانها اوساخ الناس كما اخرج مسلم ومنصبه منزه عن ذلك اخرج الامام مسلم في صحيحه هذا المعنى بقوله فانها اوساخ الناس كما تقدم قبل قليل في بعض الروايات والالفاظ ومعنى اخر كما ذكر المصنف هنا ان الصدقة سواء كان الصدقة تطوع او صدقة زكاة واجبة الهيئة والمغزى المعنى المتضمن فيها امتنان وبذل وعطاء. يعطيه الباذل مشفقا مترحما على الاخذ فينبئ معنى الصدقة عن ذل الاخذ وترحم واشفاق عليه وعن ترفع للمعطي ومثل هذا؟ لا والله ما كان يليق برسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يرضاه ربه له. قال وهي ايضا تعطى على سبيل الترحم المنبئ عن ذل الاخذ طيب ما البديل اذا كان النبي عليه الصلاة والسلام وال بيته الكرام ممنوعون او ممنوعين من اخذ الزكاة لهذا المعنى فانهم ابدلوا بالغنيم ولهذا جعل الله في سهم الغنائم للنبي عليه الصلاة والسلام واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى وكذلك الفي. ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى. فقرابته عليه الصلاة والسلام مخصوصون بسهم في الغنيمة وبسهم في الفيء فاذا ابيح لهم هذا المال في بيت المال المخصوص لهم صنفا يخصهم ويعود اليهم كان اغناء لهم عن الاحتياج من اموال الطاقات والزكوات. ثم لاحظوا ما المعنى في الغنيمة؟ قال المال المأخوذ بالغنيمة مأخوذ بطريق العز والشرف. المنبئ عن عز الاخرة وذل المأخوذ منه فان الغنيمة تأخذ لمال الكفار. والفيء مال فروا عنه وتركوه. ففيه عز الاخذ جيش الاسلام المنتصر وذل المأخوذ منه وهو الكافر. فناسب هذا ان يكون لائقا بال النبي عليه الصلاة والسلام اعطاؤه من المال المأخوذ عزة لا مال الزكاة والصدقة المأخوذ ذلا واسترحاما وشفقة وهذا معنى في غاية اللطف والدقة الذي اشار اليه العلماء رحمة الله عليهم اجمعين وقد اختلف علماء السلف ان الانبياء تشاركه في ذلك ام يختص به دونهم فقال بالاول الحسن البصري وبالثاني سفيان بن عيينة. قال الحسن البصري علماء الانبياء السابقون يشاركون النبي عليه الصلاة والسلام في معنى امتناعه مع اخذ الصدقة والزكاة. وقال سفيان بن عيينة بل هذا خاص به صلى الله عليه واله تلم تكرمة له ومنقبة وخصوصية على سائر الانبياء. هذان قولان لاهل العلم سبق اليهما من ائمة السلف من سمعتم الحسن بصري وسفيان ابن عيينة رحمة الله عليهما. واما صدقة التطوع ففي تحريمها عليه وعلى اله اربعة اقوام تقدم ان الزكاة الواجبة لا تحل فاما الصدقة التطوع وتقدم قبل قليل ترجيح الامام النووي ان الصدقة في النصوص عامة تشمل الزكاة الواجبة والصدقة التطوع النافع فلة المستحبة. ومع ذلك فللعلماء اربعة اقوال. اكانت الصدقات التطوع حراما؟ لانك لو قلت حرام اذا ايجوز للنبي عليه الصلاة والسلام ان يشرب من ماء جعل صدقة ولا ان يأكل من طعام قدم صدقة ولا ان ينتفع مما جعل وقفا ولو قافوا صدقات. والواقع انه عليه الصلاة والسلام كان يصلي في مسجد موقوف ويشرب من ماء مسبلة ويؤتى بطعام جعل حلالا مباحا لعامة المسلمين. فها هنا اربعة اقوال في حكم تحريم الصدقة عليه صلى الله عليه وسلم يعني صدقة التطوع. واما صدقة التطوع ففي تحريمها عليه وعلى اله اربعة اقوال احدها نعم وثانيها لا وانما كان عليه الصلاة والسلام يمنع عنها ترفعا وانما كان عليه الصلاة والسلام يمنع عنها ترفعا. واصحها تحرم عليه دونهم ورابعها يحرم عليهم يحرم عليهم الخاصة دون العامة اي كالمساجد ومياه الابار وابدل ما وردي وجها اختاره انما كان منها اموالا متقومة كانت محرمة عليه صلى الله عليه وسلم دون ما كان من غير متقوم فتخرج صلواته في المساجد وشربه ماء زمزم وبئر رومة نعم. قال رحمه الله اما صدقة التطوع ففيها اربعة اقوال يعني في تحريمها عليه صلى الله عليه وسلم وعلى اله القول الاول حرام كسائر المحرمات من الزكوات وقد تقدم القول فيه تحريم ذلك لعموم قوله ان لا تحل لنا الصدقة. وهذا القول والمنسوب للامام الشافعي رحمه الله. القول الثاني لا لا تحرم فان المحرم هو الزكاة الواجبة. اما صدقات التطوع والهدية في معناها لا يمتنع وانما كان يكف عنها صلى الله عليه وسلم ترفعا لا تحريما. القول الثالث قال المصنف وهو اصحها تحرم عليه التفريق بين النبي عليه الصلاة والسلام وال بيته. فتحرم عليه هو ولا تحرم على ال بيته. قال القول الرابع التفريق قبيل الصدقات الخاصة والصدقات العامة. والمعنى ان ما جيء به صدقة له خاصة فهو يمتنع. وما كان صدقة عامة كالاوقات والماء المسبل والطعام المسبل والثمرات الممنوحة للكل فلم يكن حراما كالمساجد ومياه الابار. ابدى الماوردي وجها اختاره ان ما كان اموالا متقومة كانت محرمة عليه يعني ذات قيمة دون ما كان منها غير متقوم فتخرج صلواته في المساجد وشربه ماء زمزم وبئر روما على هذا الوجه وهو تفصيل حسن. تنزيل للمسألة على الواقع في سيرته صلى الله عليه وسلم وحكى الرافعي هنا الخلاف من وجهين فقال ومن المحرمات الصدقة في اظهر الوجهين على ما سبق في قسم الصدقات. وتبع في حكاية الخلاف كذلك الامام هنا. والطبري صاحب ابو العدة وكذا حكاه العجلي في شرح الوسيط. والجرجاني في الشافي لكن الذي سبق من كلام الرافعي في قسم الصدقات ان الخلاف قولان. وهو الصواب المذكور في بعض نسخ الرافعي هنا. وفي الروضة ايضا فقد قال الماوردي في كتاب الوقف انهما منصوصان في الام. هذه مسألة استطراد فقهي. هل الخلاف في المسألة في المذهب الشافعي قولان صوصان عن الامام الشافعي ام وجهان والفرق ان القول ما ينسب الى الامام صلاحا والوجه ما يبديه فقهاء المذهب تخريجا على قواعد الامام فرع حكى ابن الصلاح عن امال ابي الفرج السرخسي ان في صرف الكفارة والنذر الى الهاشمي قولين. والظاهر جريانهما في المطلبي ايضا لانه في معناه. التسوية بين بني هاشم وبني المطلب لانهما لم يفترقا في جاهلية ولا اسلام هو الصحيح الثابت عنه صلى الله عليه وسلم. قال والتسوية بينهما حتى في صرف الكفارة والنذر لانها في معنى الصدقات على الخلاف المتقدم ذكره. هذه تتمة اولى مسائل النوع الثاني من الكتاب في المحرمات من غير النكاح نختم بها مجلس الليلة سائلين الله ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح. واستكثروا ليلتكم وجمعتكم غدا من كثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم صلوا عليه فمن يصلي ذنوبه تمحى ويلقى للهموم زوالا صلى عليك الله يا خير امرئ اتاه رب العالمين تعالى. نسأل الله عز وجل ان يرزقنا واياكم العلم النافع والعمل الصالح. والله اعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين