بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا وقدوتنا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين. اللهم صل وسلم وبارك عليه. وعلى ال وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام في كل مكان في بلاد الاسلام ما يزال هذا المجلس المبارك المنعقد في رحاب البيت الحرام يأتي تباعا كل ليلة من ليالي الجمعة مدارسة كتاب غاية السور في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم نستكثر به في هذه الليلة المباركة الشريفة من الصلاة والسلام على سيد الانام صلوات ربي وسلامه عليه. وهذا هو المجلس العاشر من مجالس مدارسة هذا الكتاب منعقد هذا اليوم الخميس ليلة الجمعة السادسة والعشرين من شهر ربيع الاول سنة اثنتين واربعين واربعمائة والف من هجرة صلى الله عليه وسلم. وقد وقف بنا الحديث في المجلس المنصرم عند القسم النوع الثاني من الخصائص وهي المحرمات عليه صلى الله عليه وسلم خاصة دون امته. وقد تقدم جملة من هذه المحرمات المتعلقة بغير النكاح ووقفنا عند رابعها وقد جمع فيه المصنف رحمه الله تعالى امرين هما الخط والشعر. اي الكتابة فان نبينا عليه الصلاة والسلام كما تقدم في المجلس المنصرم امي وامة الاسلام امة امية لا تقرأ ولا تب او لا تحسبوا ولا تكتب. قال الله تعالى وما كنت تتلوا من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك. اذا لارتاب وقال سبحانه وما علمناه الشعر وما ينبغي له ان هو الا ذكر وقرآن مبين. لينذر من كان حيا ويحق القول على الكافرين تقدم الشطر الاول من هذا النوع وهو الكلام عن تحريم الكتابة عليه او الخط. وقد تقدم هل هما ممتنعان ام الرمان وهل التحريم متفرع عن القول بانه كان يحسنهما؟ قال النووي رحمه الله لا يمتنع تحريمهما لم يحسنهما ويكون المراد تحريم التوصل اليهما. وها نحن نشرع في مجلس الليلة استكمالا لما سبق بالحديث عن معنى تحريم الشعر عليه صلى الله عليه وسلم وما يتصل بذلك تتمة لهذه المسألة. نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله الرابعة الخط والشعر قال تعالى ولا تخطه بيمينك الاية وقال تعالى وما علمناه الشعر وما ينبغي له الاية وهما حرامان عليه قال الرافعي وانما يتجه القول بتحريمهما ممن يقول انه كان يحسنهما وقد اختلف فيه فقيل كان يحسنهما ويمتنع منهما والاصح انه كان لا يحسنهما. نعم نتجاوز ذلك الى حيث وقفنا بقوله وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الرجز كقوله هل انت الا اصبع دميتي وما روي عنه صلى الله عليه وسلم من الرجس كقوله هل انت الا اصبع هل انت الا اصبع دميتي قال الاخفش انه ليس بشعر وقيل انه عليه الصلاة والسلام لم يقصده. وانما وقع مرجزا ولا يسمى شعرا ولا قائله شاعرا. نعم هذا الشطر الثاني من المسألة الرابعة وهو الشعر وانه كان حراما على نبينا صلى الله عليه وسلم وهو على الخلاف في اصل المسألة التي جمع فيها المصنف بين الكتابة والشعر. هل المحرم الشعر ام المحرم او او انه كان ممتنعا وقد تقدمت الاشارة الى ذلك لما انتهى من الكلام عن مسألة الكتابة او الخط انتقل رحمه الله الى الحديث عن انشاد الشعر وقوله ونظمه. فهل كان ممتنعا عن ام كان محرما لا شك ان النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي الان يا امة الاسلام لم يكن يحسن الشعر اعني انشاده وانه ربما تمثل على قليل من كلامه عليه الصلاة والسلام تمثل بشيء من الشعر. لكن تمثله بالشعر انا قليلا ومحدودا ثم في الغالب لم يكن يتمثل بيتا من الشعر كاملا وانما يتمثل شطر بيت وربما كان من الرجز فها هنا اشار المصنف رحمه الله الى ان ما كان ينشده من الرجز لا يصح ان يسمى شعرا ولا يسمى قائله شاعرا كما نقل هنا عن الاخفش. ما روي من قوله هل انت الا اصبع دميتي؟ وتمام البيت وفي سبيل الله ما لقيت وقد اخرجه البخاري ومسلم. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله وقد اختلف هل قاله النبي صلى الله عليه وسلم متمثلا او قاله من قبل نفسه غير قاصد لانشائه فخرج موزونا الصحيح انه كان من قول غيره عليه الصلاة والسلام فتمثله صلى الله عليه وسلم ولم يكن من قبل نفسه وهذا الذي جزم به غير واحد يؤيده ان جعفر بن ابي طالب لما قتل في غزوة مؤتة رضي الله عنه فقاتل فاصيب اصبعه ارتجز هذين القسمين. هل انت الا اصبع دميت وفي سبيل الله ما لاقيت؟ وزاد عليه ما يا نفس ان لم تقتلي تموتي هذه حياض الموت قد صليتي. وما تمنيت فقد لقيت ان تفعلي فعلهما هديت وقد جزم الطبري رحمه الله تعالى بان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الشطر من البيت متمثلا لا قائلا له من قبل نفسه قال الحافظ ابن حجر وظاهر ايراد البخاري يدل على انه صلى الله عليه وسلم قاله من قبل نفسه لكنه جاء موزونا من غير قصد منه لفصاحته وكمال بلاغته صلى الله عليه واله وسلم. نعم قال الحربي ولم يبلغني انه عليه الصلاة والسلام انشد بيتا كاملا على رويه بل الصدر كقول لبيد الا كل شيء ما خلا الله باطل او العجز كقول طرفة ويأتيك بالاخبار من لم تزودي فان انشد بيتا كاملا غيره. قال يوما اتجعل نهبي ونهب العبيد بين الاقرع والعيينة فقيل له انما هو بين العيينة والاقرع قال انما هو بين الاقرع والعيينة فقال ابو بكر رضي الله عنه اشهد انك رسول الله. ثم قرأ وما علمناه الشعر. الاية. قال الامام الحرب وهذا نقل آآ نقل فيه مصنف رحمه الله هذه المقولة عن الامام الحافظ ابراهيم ابن اسحاق البغدادي الحربي احد اقران الامام احمد رحمه الله تعالى ومن خواص اصحابه قال لم يبلغني انه صلى الله عليه وسلم انشد بيتا كاملا على رويه. اي كما ترويه الشعراء والرواة عنهم. بل اما كان يروي صدر يعني صدر البيت وهو شطره الاول مقتصرا عليه او عجزه وهو شطره الثاني واخره الذي فيه القافية وان انشد بيتا كاملا لا يسلم انشاده للبيت صلى الله عليه وسلم من تغيير فيه. ليس على روايته التي ينشدها الشعراء مثل للاول بقوله كقول لبيد الا كل شيء ما خلا الله باطل. وهو من جميل الشعر الذي كان يستشهد به النبي صلى الله عليه وسلم وتمامه وكل نعيم لا محالة زائل. ولذلك جاء في الصحيح عند مسلم قال اصدق كلمة قالها شاعر او اصدق بيت قاله شاعر او قالته الشعراء قول لبيد الا كل شيء ما خلا الله باطلوا ومثل للثاني بقول طرفة ويأتيك بالاخبار من لم تزودي. وصدر البيت ستبدي لك الايام ما كنت جاهلا. ويأتيك بالاخبار من لم تزودي قالت عائشة رضي الله عنها كما في الترمذي هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت كان يتمثل بشعر ابن رواحة ويقول ويأتيك بالاخبار من لم تزودي قال الترمذي حديث حسن صحيح. قال هنا ان انشد بيتا كاملا غيره يعني لا يبقيه عليه الصلاة والسلام على صفته وعلى وزنه وقافيته. ليس المقصود انه يفعل ذلك عمدا ولكن المقصود انه عليه الصلاة والسلام لم يكن لم يكن يعتني برواية الشعر وضبطه وضبط وزنه في يده فيقع له التغيير عن غير قصد منه وهذا تأكيد على عدم درايته بالشعر. وتأكيد لقول ربنا سبحانه وما علمناه الشعر وما ينبغي له وفي ذلك من الاعجاز ان يكون عليه الصلاة والسلام في تبليغه الوحي والقرآن الذي ينزل عليه من ربه من فوق سبع سماوات مغايرا تمام المغايرة. لجميل كلام العرب وشعرها الفصيح ومعلقاتها المشهورة وابياتها الجزلة. فالشعر وظرب من ادب العرب وبلاغتها. لكن القرآن شيء اخر. ولحكمة ارادها الله ان لا يكون للنبي عليه الصلاة والسلام الى الشعر مدخل لا تعلما ولا تعليما ولا دراية ولا اتقانا. فكان ما يقع فيه من كلامه عليه الصلاة والسلام مما هو سائر على العرب ويتمثلون بالبيت من الشعر وبالشطر منه ويجري في كلامهم مجرى الامثال والحكم كذلك الانشاد لشيء من الشعر للمتضمن للمعنى المقصود قال فان انشد بيتا غيره قال يوما اتجعل نهبي ونهب العبيد بين الاقرع والعيينة والبيت في صوابه اتجعل نهبي ونهب العبيد بين العيينة والاقرع ليستقيم الوزن فقيل له عليه الصلاة والسلام انما هو يعني البيت بين العيينة والاقرع. فقال صلى الله عليه وسلم انما هو بين الاقرع والعيينة. وقد روى البيهقي في الدلائل انه عليه الصلاة والسلام قال العباس ابن مرداس انت القائل اتجعل نهبي ونهب العبيد بين الاقرع وعيينتي؟ فقال انما هو بين عيينة والاقرع. فقال هما سواء صلى الله عليه وسلم اراد ان المعنى لا يختلف قال السهيلي في الروض الانف وهو يشرح سيرة ابن هشام قال فيه سر في تقديمه الاقرع فشرفه على عويينة لانه ارتد في زمن ابي بكر ولم يقع ذلك للاقرع وهو تأويل لطيف ذكره الامام السهيلي رحمة الله عليه. والمراد بذلك انه عليه الصلاة والسلام لا يتمثل بيتا كاملا روى النسائي والترمذي من حديث شريح بن هانئ عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا استغاث الخبر يعني اه استبطأه تمثل ببيت طرفة ويأتيك بالاخبار من لم تزودي. قال الترمذي حديث حسن صحيح. وعند البزار من حديث ابن عباس رضي الله عنه قال وربما انشده مرة من لم تزوده بالاخبار دلالة على انه كان عليه الصلاة والسلام يقصد معنى البيت لا لفظه ولا وزنه او قافيته على الاستقامة وهذا من باب بيان الجمع بينما روي من كلامه صلى الله عليه وسلم فوقع استشهادا ببيت شعر او آآ قولا لعبارة موزونة فكيف تجمع مع قوله سبحانه وتعالى وما علمناه الشعر وما ينبغي له. ولذلك فجعل بعضهم هذا استثناء كما فعل البيهقي رحمه الله ان المستثنى من تحريم الشعر عليه قول الرجز فان صح عنه صلى الله عليه وسلم انه كان يقوله واستدل لما جاء في صحيح البخاري من حديث انس في قصة الخندق قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غداة باردة والمهاجرون والانصار يحفرون الخندق فقال اللهم ان الخير خير الاخرة فاغفر للانصار والمهاجرة فاجابوه نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا ابدا وبما اخرج البخاري ايضا في قصة الخندق من حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره صلى الله عليه وسلم وهو يرتجز برجز عبد الله ابن رواحة. اللهم لولا انت ما اهتدينا ولا صدقنا ولا صلينا فانزلا سكينة علينا وثبت الاقدام ان لاقينا ان الاولى بغوا علينا وان ارادوا فتنة ابينا وهو ينقل التراب وبما في الصحيحين ايضا في قصة غزوة حنين من حديث البراء وقوله فيها وابو سفيان ابن الحارث اخذ برأس بغلة النبي صلى الله عليه وسلم البيضاء وهو يقول انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب ونحو ذلك هذا قول البيهقي رحمه الله وكأنه اعتمد فيه وكأنه ومن تبعه اعتمدوا فيه على قول الاخفش ان الرجز ليس بشعر وبالتالي فقول الرجز لا يدخل في عداد الشعر وانشاد النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك غير خارج عن محكم الاية الكريمة وما علمناه الشعر لكن اكثر العلماء على ان الرجز ظرب من الشعر. قال الخليل انما جاء من السجع على جزئين لا يكون شعرا روي عنه انه ممنهوك الرجز. اما هذه الابيات التي انشدها النبي عليه الصلاة والسلام او بعض منها فهو قال القاضي ابو بكر بن العربي رحمه الله اصابته صلى الله عليه وسلم الوزن احيانا لا توجب انه يعلم الشعر وكذلك ما يأتي احيانا من نثر كلامه ما يدخل في وزن كقوله يوم حنين وغيره هل انت الا اصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت وقوله انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب فقد يأتي مثل ذلك في ايات القرآن. وفي كل كلام وليس كل ذلك بشعر ولا في معناه كقوله تعالى لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون فان هذا موزون وقوله تعالى نصر من الله وفتح قريب وبشر المؤمنين فهو ايضا موزون. وقوله وجفان كالجواب وقدور راسيات. فانه ايضا موزون وافاض في ذلك الامام ابن العربي رحمه الله تعالى قال والمعول عليه في الانفصال على تسليم ان هذا فعل ويسقط به الاعتراض ولا يلزم منه ان يكون عالما بالشعر ولا شاعرا ان يقال ان التمثل بالبيت النادر واصابة القافيتين من الرجز وغيره لا يجب ان يكون قائلها عالما بالشعر. ولا يسمى شاعرا باتفاق العقلاء. كما ان من قاط خيطا لا يكون خياطا. ولهذا قال الزجاج معنى قوله تعالى وما علمناه الشعر اي وما علمناه ان يشعرا ليس معناه انه لا يقول الشعر بل لا ينظمه عليه الصلاة والسلام. وما جعلناه شاعرا قال وهذا لا يمنع ان ينشد شيئا من الشعر قال النحاس وهذا من احسن ما قيل في هذا. وكذلك النقل عن جملة من اهل العلم فانهم يتوافقون على هذا المعنى في مسألة انشاد الشعر الذي جرى على لسان المصطفى صلوات الله وسلامه عليه. نعم. ولا فرق في خطي بين العربي وغيره والحق الماوردي بقول الشعر روايته وبالكتابة القراءة اي في الكتاب لقوله تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب الاية وعبارة القطاعي في عيون المعارف ان من ان من خصائصه صلى الله عليه وسلم انه لم يكن له ان يقول شعرا ولا ان يتعلمه. نعم. قال لا فرق بين الخط العربي وغيره. يعني الكتابة لا ان يكتب بالعربية ولا بغيرها والحق الماوردي بقول الشعر روايته والحق بالكتابة القراءة لقوله تعالى وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك فالكتابة وقراءة المكتوب في هذا الحكم سواء. نعم جميع كتابات الامم اثنت جميع كتابات الامم اثنتا عشرة كتابة العربية والحميرية واليونانية والفارسية والسريانية والعبرانية نية والقبطية والبربرية والاندلسية والهندية والصينية ذهب منها خمس فلا تعرف فلا تعرف اليوم الحميرية واليونانية والقبطية والبربرية والاندلسية وثلاث بقيت في بلادها ولا تعرف في بلاد الاسلام الرومية والهندية والصينية وبقيت اربع تستعمل في بلاد الاسلام العبرانية والفارسية والسريانية والعربية كذا قيل ولا يخلو بعضه من نزاع. نعم. وهو كما قال المصنف رحمه الله ولا يخلو من نزاع. سواء في اصل الفائدة التي اوردها استطرادا رحمه الله في حصر كتابات الامم في اثنتي عشرة كتابة. فان هذا لا ينحصر بل كتابات اكثر من ذلك بكثير. وذكر ما ذكر منها ثم عزا بعضها الى اللغات الميتة كالحمرية واليونانية والقبطية والبربرية والاندلسية واليونانية القديمة هي كذلك لكن الحديثة منها لا تزال حية حاضرة وكذلك ما اشار الى ما بقي في بلادها غير معروفة في بلاد الاسلام كالرومية والهندية والصينية. ولعلها كانت في تلك الازمان اما اليوم فهي معروفة وقد كتبت بعض كتب علوم الاسلام بهذه اللغات التي اسلم اهلها وكل ذلك كما قال لا يخلو من نزاع وهو مما يستطرد فيه بعض العلماء في المفاضلة بين اللغات او ذكر تاريخها وليس في ذلك شيء مما يقطع بالجزم يستند الى دليل صحيح والله اعلم. واختلف في اول من خط بالعربية قيل اسماعيل عليه السلام والصحيح مرامر بن مرة من اهل الانبار وقيل انه من بني مرة ومن الانبار ثم انتشرت كتاب ثم انتشرت كتابة العربية في الناس. نعم. وقيل ايضا ان اول من خط بالعربية نزار بن معد بن عدنان وهو ايضا مثل ذلك لا يجزم فيه على ان بعضهم قال بل اول من كتب العربية ابونا ادم عليه السلام فهو اول من وضع الكتابات كلها وكل ذلك لا يستند الى دليل ولا يبنى ايضا على العلم فيه فائدة ولا على النزاع فيه ثمرة تتخرج عليه عند الله. الخامسة كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم اذا لبس لئمته ان ينزعها حتى يلقى عدوة ويقاتل ففي سنن البيهقي مرسلا لا ينبغي لنبي اذا اخذ لأمة الحرب واذن في الناس بالخروج الى العدو ان يرجع حتى يقاتل ثم قال وقد كتبناه موصولا باسناد حسن. فذكره من رواية ابن عباس رضي الله عنه واخرج الامام احمد من حديث ابي الزبير عن جابر وذكره البخاري في صحيحه في باب المشاورة بغير اسناد بغير باسناد اي معلقا. هذه المسألة الخامسة ايها المباركون من النوع الثاني في المحرمات من غير النكاح على نبينا صلوات الله وسلامه عليه وهي مسألة تحريم نزع لأمة الحرب بعد لبسها فالنبي عليه الصلاة والسلام يقدم على الحرب اختيارا وعلى الغزو اذا رأى ذلك مشاورة ورأيا سديدا لكنه متى لبسها اي لمة الحرب حرم عليه الرجوع عن القتال. فكان هذا بمثابة الشروع في القتال الذي يحرم الرجوع عنه هذه المسألة مستندة الى ما اخرج البيهقي في سننه مرسلا واخرجه البخاري معلقا واخرجه الامام احمد من حديث جابر رضي الله عنه وموجز ذلك في قصة يوم احد لما استشار النبي عليه الصلاة والسلام اصحابه بالبين المكثف في المدينة او الخروج للقتال. وان كثيرا من الناس ابوا الا الخروج الى العدو وصار النبي عليه الصلاة والسلام الى ما غلبت عليه المشورة من رأي اغلبهم ثم انصرف من خطبته وصلاته ودعا باللائمة فلبسها ثم اذن في الناس بالخروج فلما ابصر ذلك رجال من ذوي الرأي قالوا امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان نمكث بالمدينة. فان دخل علينا العدو قاتلناهم في الازقة وهو اعلمهم بالله وبما يريد ويأتيه الوحي من السماء ثم اشخصناه فقالوا يا نبي الله انمكث كما امرتنا؟ فقال لا ينبغي لنبي اذا اخذ لأمة الحرب واذن في الناس بالخروج الى العدو ان يرجع حتى يقاتل. وقد دعوتكم الى هذا الحديث فابيتم الا الخروج فعليكم بتقوى الله والصبر اذا لقيتم العدو وانظروا ما امرتكم به فافعلوه فخرج وخرج المسلمون معه صلى الله عليه وسلم. هذا الحديث اخرجه البيهقي مرسلا عن موسى لعقبة عن الزهري وكذا رواه محمد بن اسحاق صاحب السير من اهل المغازي وهذا منتشر في كتب السيرة النبوية لكن الامام المصنف رحمه الله تعالى قال بعدما نقل هذا عن البيهقي قال وقد كتبناه موصولا باسناد حسن. ثم ذكر اسنادا اخر من رواية ابن عباس رضي الله عنهما بموجز تلك القصة واخرجه ايضا الامام احمد من حديث جابر بن عبدالله رضي الله عنه اخرجه البخاري في الصحيح معلقا مختصرا. وهذا الذي اخرجه البخاري لفظه قال شاور النبي صلى الله عليه وسلم اصحابه يوم احد في المقام والخروج فرأوا له الخروج فلما لبس لأمته وعزم قالوا اقم الم يمل اليهم بعد العزم وقال لا ينبغي لنبي يلبس فيضعها حتى يحكم الله. هذه المسألة دليلها في تحريم نزع لمة الحرب بعد لبسها. وهذه الادلة الواردة للاستدلال على المسألة المذكورة. نعم وقوله في الحديث لأمته بالهمزة كما قيده صاحب المشارق وغيره. وقال ابن دحية في كتابه نهاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم كذا سمعته وارويه. ساق المصنف رحمه الله المسألة على انها من انواع المحرمات ولم يشر فيها الى خلاف. وقد ذكر بعض اهل علم ان فيها وجها وهو الكراهة. وانه كان مكروها في حقه صلى الله عليه وسلم ان ينزع لعمة الحرب بعد لبسها ولم يكن محرما حكاه امام الحرمين في النهاية عن الشيخ ابي علي من الشافعية ان من الشافعية من رأى ذلك مكروها عقب عليه الجويني فقال وهذا بعيد غير موقوف به او عليه وحكاه البغوي ايضا في التهذيب اما كلمة لأمة فكما قال المصنف هنا بالهمز كما قيده القاضي عياض في المشارق وقال ابن دحية ايضا كذا سمعته وارويه. نعم قال ابن فارس اللأمة مهموزة الدرع قال كذا قيدتها بالهمز بالهمز في كتاب فقه اللغة الا انه جعله الدرع التامة وكذا قيدته ايضا في كفاية المتحفظ للاجدابي بالهمز وجمعها لؤم كتمرة كتمرة وتمر ويجمع ايضا على لؤم بوزن نفر على غير قياس. كما قال الجوهري كأنه جمع لقمة بضم اللام واستلام الرجل لبس اللأمة. نعم. قال رحمه الله تعالى في حكاية ضبط الكلمة لغة مهموزة الدرع اي لا يقال فيها لام بلأمة بالهمز. وهذا المنقول عن ارباب اللغة في ظبط هذه الكلمة كما نقلها هنا عن آآ دحيته وعن القاضي عياض وهنا عن ابن فارس ايضا صاحب فقه اللغة ان المسألة مترتبة على هذا الضبط قذر كذا قيدتها بالهمز لكنه جعله الدرع التام فاللائمة الدرع نفسها ولبس لئمته او وضعها اي لبسها او خلعها. وقيل يستلائم للقتال اي يلبس سلاحه ودرعه استعدادا للقتال فمعنى لبس اللأمة اي لبس السلاح وقال الخليل لبس درعه فلأمته ممدود ومقصور مهموز كله. فيقال فيها الائمة والجمع لئم ويقال فيه ايضا كتمرة وتمر لأمة ولأم. ويقال ايضا في الجمع لؤم على وزن فعل على غير قياس. فاذا قيل لقمة فالجمع لؤم واذا قيل لئم فالجمع اذا قيل لأمة فالجمع لأم. نعم ثم ما ثم ما جزمنا به من تحريم النزع عليه حتى يقاتل هو المشهور وعن رواية الشيخ ابي علي ان ذلك كان مكروها لا محرما. قال الامام وهذا بعيد غير موثوق. وهذه الاشارة الى ما تقدم ما نقله اه قبل قليل عن امام الحرمين الجويني رحمة الله عليه وانه ضعف القول بالكراهة لعدم اجتهاد ذلك بين العلماء وان تصريح الدليل الذي فيه تصريحه عليه الصلاة والسلام ما ينبغي لنبي اذا لبس الحرب فيها الاشارة الى المنع واصل المنع يحمل على التحريم الا ان يكون هناك صارف نعم. قال البغوي وقد قيل بناء عليه انه كان لا يبتدأ تطوعا الا لزمه اتمامه. تقدم هذا وجوب اتمام التطوعات في قسم الواجبات عليه صلى الله عليه وسلم. لكن بناء هذه المسألة على هذه فيها نظر باننا نتكلم عن القتال والجهاد والموقف لم يكن موقف تطوع فظاهر ذلك ان بناء المسألة على تحريم نزع اللأمة حتى يقاتل يلزم منه اتمام التطوعات. وهذا ما ذكره البغوي وتابعه عليه النووي وفي نظر لانه الجهاد ها هنا لم يكن تطوعا. بل هو فرض كفاية في اقل احواله بل ربما كان ذلك واجبا عينيا كما كان في غزوة احد وهي قصة شاهد في المسألة هنا فان العدو قد حضر وبلغ احدا وكان ان قتالهم واجبا فقوله ماذا ينبغي لنبي اذا لبس لأمة الحرب لا يستشهد بها في اتمام التطوعات فإنه قد شرع عليه الصلاة والسلام في امر واجب وهو الجهاد ولم يشأ صلى الله عليه وسلم الرجوع فلذلك قال الخيبري وغيره كان صواب العبارة ان يقولوا بناء عليه يقال لا يبتدأ فرض الكفاية الا لزمه اتمامه ولا يقال ذلك في التطوع. اما فروض الكفايات فنعم ان ابتدأها لزم الاتمام فيها. والعلم عند الله السادسة كان يحرم عليه مد العين الى ما متع به الناس لقوله تعالى ولا تمدن عينيك الاية. نقله الرافعي عن صاحب الافصاح ورواية في التلخيص مجزوما. ولذا جزم به النووي في اصل الروضة. هذه مسألة قصيرة موجزة من المحرمات على نبينا صلى الله عليه وسلم امة الاسلام ان يمد عينيه الى متاع الحياة الدنيا واستشهد المصنف بالاية الكريمة ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا. لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى. وقال تعالى في سورة الحجر ايضا ولقد اتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم. لا تمدن عينيه الى ما متعنا به ازواجا منهم ولا تحزن عليهم واخفض جناحك للمؤمنين. فامر الله حبيبه ونبيه وصفيه وخليله وصلى الله عليه وسلم الذي فضله على جميع خلقه الا يتبع هذه الدنيا الفانية بصره. الا يتبع هذه الدنيا بصره وبصيرته فانها في يد اهلها عارية سريعة الزوال. بل امره بالاشتغال باسباب ما اعد الله عز وجل له من الدرجات العلى والمقام الكريم في الدار التي لا ينقطع مددها ولا ينتهي امدها. وجاء هذا مؤكدا في الايتين الكريمتين بالنون المشددة لا تمدن وقد ذكر في تفسير الاية في سبب نزولها ان ضيفا نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابو رافع مولاه فدعاني فارسلني الى رجل من اليهود يبيع طعاما يقول لك محمد صلى الله عليه وسلم انه نزل بنا ضيف ولم يلق عندنا بعض الذي يصلحه فبعني كذا وكذا من الدقيق او اسلفني الى هلال رجب فقال اليهودي لا ابيعه ولا اسلفه الا برهن. قال فرجعت اليه فاخبرته فقال والله اني لامين في السماء لامين في السماء امين في الارض ولو اسلفني او باعني لاديت اليه اذهب بدرعي ونزلت اية تعزية له عن الدنيا قال ابن عطية هذا معترض ان يكون سببا لان السورة مكية والقصة المذكورة مدنية في اخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم لانه مات ودرعه مرهونة بهذه القصة التي ذكرت وانما الظاهر ان الاية متناسقة مع ما قبلها ذلك ان الله وبخهم على ترك الاعتبار السالفة ثم توعدهم بالعذاب ثم امر نبيه عليه الصلاة والسلام باحتقار شأنهم والصبر على اقوالهم الى اخر ما قاله ووافقه عليه قرطبي رحم الله الجميع وفي هذا نقاش علمي ليس هذا موضع الاستطراد فيه. فمعنى الاية لا تمدن عينيك اي نظر عينيك يا محمد والخطاب لنبينا صلى الله عليه وسلم يأمره ربه من فوق سبع سماوات ان يقتصر همه وبصره وبصيرته على المقصد الاعظم الاسمى النبوة التي شرفه الله بها والمقام العظيم الذي حباه الله تعالى به. اما الدنيا فمتاعها ونعيمها زائل فان لا عبرة به ولا يتعلق به قلب من حمل الامور العظام والهمم الجسام. فمعنى الاية لا تمدن عينيك اي نظر عينيك ومد النظر تطويله والا يكاد يرده استحسانا للمنظور اليه واعجابا به. وتمنيا ان يكون له كما قال اصحاب قارون حين قالوا يا ليت لنا مثل ما اوتي قارون هذا ما جاء الا من اطالة النظر وهكذا كل احد فينا. اذا اطال النظر الى شيء يعجبه وقع في قلبه. واذا وقر في قلبه اه واذا تمناه تحسر على فواته فامر الله نبيه ان يغلق هذا الباب حسما لما يترتب عليه من مآلات لا تليق بمقام العظيم ولما كان النظر الى الزخارف زخارف الدنيا كالمركوز في الطباع وان من ابصر منها شيئا احب ان يمد نظره اليه ويملأ منه ايه قيل له ولا تمدن عينيك اي لا تفعل ذلك. ومعنى قوله ما متعنا به ازواجا منهم اي اصنافا من الكفار. امثالا في النعم في يكون الاغنياء بعضهم امثال بعض في الغنى فهم ازواج وهذا معنى الاية اجمالا وظاهرها يقتضي الزجر عن تشوفه الى متاع الدنيا على الدوام وهذا المقصود من الاية الكريمة وقد ذكر المصنف ان المسألة في هذه الخصائص منقولة عن الرافع ورواية في التلخيص الجزمي وذكرها النووي رحمهم الله تعالى جميعا ايضا في سياق المحرمات على نبينا صلوات الله وسلامه عليه نعم السابعة كان يحرم عليه خائنة الاعين لانه صلى الله عليه وسلم لما كان يوم فتح مكة امن الناس الا ستة منهم عبدالله بن ابي سرح فاختبأ عند عثمان فاختبأ عند عثمان عند عثمان رضي الله عنه فلما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس الى البيعة جاء به حتى اوقفه على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله بايع عبد الله فرفع رأسه فنظر اليه ثلاثا كل ذلك يأبى فبايعه بعد ذلك ثم الى اصحابه فقال اما كان فيكم رجل رشيد يقوم الى هذا؟ حين رآني كففت عن مبايعته فيقتله فقالوا يا رسول الله ما ندري ما في نفسك الا اومأت الينا بعينك قال انه لا ينبغي لنبي ان يكون له خائنة الاعين رواه ابو داوود والنسائي من حديث سعد بن ابي وقاص. وقال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم واختلف في المراد بخائنة الاعين. كما قال ابن الصلاح كما قال ابن الصلاح في مشكله فقيل هي الايماء بالعين وقيل مسارقة النظر. وعبارة الرافعي هي الايماء الى مباح من ضرب او قتل على بخلاف ما يظهر ويشعر به الحال. وانما قيل لها خائنة الاعين تشبيها بالخيانة من حيث انه يخفي خلاف كما يظهر ولا يحرم ذلك على غيره الا في محظوره. نعم. هذه المسألة السابعة وقد ذكر دليلها ثم بين مرادها ونحن نبتدأ ببيان المراد اولا قال يحرم عليه صلى الله عليه وسلم خائنة الاعين ما خائنة الاعين قال ابن الصلاح هي الايماء بالعين يعني ان ترسل عبارة تريد لمن ينظر اليك ان يفهم من اشارة عينيك معنى ما كأن تشير بعينك اليه ان انصرف او اجلس او انظر الى كذا او رمزا يشعر بمعنى يفهم منك ما تريد باشارة العين لا باشارة اصبع ولا بهمس ولا او كلام. قيل هي الايمان بالعلم. وقيل مسارقة النظر يعني ان يشير اليك بعين استراقا لان لا يراه الاخر فلا يراه الا انت وعبارة الرافعي الايماء الى مباح من ضرب او قتل على خلاف ما يظهر. يعني يظهر لك الامان ويشير بعينه الى القتل قال وانما قيل لها خائنة الاعين تشبيها بالخيانة. من حيث انه يخفي خلاف ما يظهر. ولا يحرم ذلك على غيره صلى الله عليه وسلم الا في امر حرام ما دليل هذه المسألة؟ ولماذا اوردوها في الخصائص؟ ذكر ها هنا قصة ولها شواهد. اما القصة المذكورة هنا في كلام المصنف فقصة يوم فتح مكة فان نبينا عليه الصلاة والسلام امن الناس اجمعين في مكة بقوله من اغلق داره دونه فهو امن ومن دخل المسجد الحرام فهو امن من ومن دخل دار ابي سفيان فهو امن والمعنى انه لم يشأ عليه الصلاة والسلام ان يهدر دم احد واشار بالامان الى كل احد اما ان يدخل المسجد الحرام او يدخل بيته او دار ابي سفيان لكن ستة اهدر النبي عليه الصلاة والسلام دماءهم منهم عبدالله بن ابي السرح وتتمتهم عكرمة بن ابي جهل وعبدالله بن خطل ومقياس بن صبابة وهؤلاء اهدر النبي عليه الصلاة والسلام دماءهم لاسباب متفاوتة فهم اربعة نفر وامرأتين كما جاء في السير واخرج ذلك وابو داود والحاكم في المستدرك والبيهقي وغيرهم في بيان آآ ما حصل في قصة يوم فتح مكة. اما قصة الله ابن ابي سرح وكان احد هؤلاء لكن عثمان بن عفان استأمن له عند النبي عليه الصلاة والسلام فاختبأ عنده. اختبأ عبد الله بن ابي كان عند عثمان فاتى به عثمان يوم دعوة النبي عليه الصلاة والسلام اهل مكة الى المبايعة. فجاء به ولم يشعر به نبي الله عليه الصلاة وسلم الا وهو واقف على رأسه فقال عثمان يا نبي الله بايع عبد الله وما كان النبي عليه الصلاة والسلام ليرد شفاعة احد من اصحابه فكيف اذا كان بواحد من كبارهم كعثمان فكيف اذا كان واحدا ممن قال فيه النبي عليه الصلاة والسلام ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم في تجهيز جيش العسرة ولعثمان رضي الله عنه من الايادي البيضاء والسبق في الاسلام وشواهد الصدق ما يغني عن ذكره في هذا السياق وحسبكم انه ذو النورين زوج ابنتين من بنات رسول الله عليه الصلاة والسلام. فله في نفس رسول الله عليه الصلاة والسلام مقام رفيع فاتى بعبدالله بن ابي صرح فقال يا رسول الله بايع عبدالله ليس امرا وان كانت الصيغة صيغة امر فلا تفهم ان احدا من الصحابة يأتي ليفرض امرا يقول يا رسول الله بايع عبد الله لا بل هو استلطاف وبحث عن شفاعة من بين يدي رسول الله عليه الصلاة والسلام فكان في الموقف ان النبي عليه الصلاة والسلام رفع رأسه رفع رأسه ينظر الى عثمان وعبدالله بن ابي سرح معه ثلاثا ويأبى وعثمان يعاوده المسألة. ثم بعد ثلاث مرات بايعه ثم اقبل الى اصحابه عليه الصلاة والسلام قائلا لهم اما كان فيكم رجل رشيد يقوم الى هذا حين رآني كففت عنه عن مبايعته فيقتله. قالوا يا رسول الله ما ندري ما في نفسك الا اومات الينا بعينك يعني اشرت الينا ان نفعل شيئا فقال انه لا ينبغي لنبي ان يكون له خائنة الاعين هذه رواية ابي داوود والنسائي من حديث سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه وقال الحاكم حديث صحيح على شرط مسلم وقد اخرج ابو داوود والترمذي والبيهقي في الدلائل ايضا من طريق اخرى عن انس. قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمل علينا المشركون كون حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا وفي القوم رجل يحمل علينا فيدقنا ويحطمنا فهزمهم الله فقال رجل ان علي نذرا اذا جاء الله بهذا الرجل ان اضرب عنقه فجاء الرجل تائبا بعد ما انتهى القتال فامسك رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مبايعته فجعل الرجل الذي حلف يتصدى له ويهاب ان يقتل الرجل فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لا يصنع شيئا بايعه. فقال الرجل نذري يا رسول الله. فقال اني لم امسك عنه منذ اليوم الا لتوفي بنذرك. يعني امسكت عن مبايعتي ليكون لك متسع في الوفاء بنذرك ان تقتله. فقال الرجل يا رسول الله الا مضت الي يعني الا اشرت الي اشارة بطرفة عين فقال انه ليس لنبي ان يومظ. والحديث اخرجه الامام احمد ايظا في المسند ومثل ذلك ايضا في قصة اه عثمان التي اوردناها قبل قليل في قول النبي عليه الصلاة والسلام ما كان لنبي آآ ان تكون له خائنة الاعين وذلك كله في الشواهد على اصل المسألة المذكورة هنا. وقال المصنف في بيان خائنة الاعين ما عن كل امرء ابن الصلاح والامام الرافعي رحمة الله على الجميع قال ولا يحرم ذلك على غيره اي غير النبي عليه الصلاة والسلام لا في محظور في كلام الغزالي ان خائنة الاعين هي اظهار ما يخالف الاظمار وقيل هي ايماء بالعين ومنه قوله تعالى يعلم خائنة الاعين اي ما يخونون فيه من مسارفة النظر الى ما لا يحل والخائنة بمعنى الخيانة وهي من المصادر التي جاءت على لفظ الفاعل ككلمة العافية. نعم واستدل به صاحب التلخيص على انه لم يكن له ان يخدع في الحرب وخالفه المعظم كما قال الرافعي معللا بانه اشتهر انه كان اذا اراد سفرا ورى بغيره وهو في الصحيح من حديث كعب بن مالك رضي الله عنه وصح انه صلى الله عليه وسلم قال الحرب خدعة وهو بالفاء وهو وهو بفتح الخاء لغة النبي صلى الله عليه وسلم والفرق ان الرمز يزري برامزه بخلاف الابهام في الامور العظام نعم الحرب خدعة بفتح الخاء وهو احد الظبطين فيها ويروى ايضا بضم الخاء المعجمة خدعة بسكون الدال. وقيل ايضا بضم الخاء وفتح الدال خوداعة كل ذلك قالوا في ضبط الكلمة لغة ذكرها الخطابي في معالم السنن وغيره. الحرب خدعة او خدعة او خدعا استدل به بعض الفقهاء على انه لم يكن للنبي عليه الصلاة والسلام ان يستعمل الخداع في الحرب. لقوله ما ينبغي لنبي ان تكون خائنة الاعين فاستنباط هذا من ذاك غير سديد. واستدل له من اجاب هنا انه عليه الصلاة والسلام يقول الحرب خدعة او خدعة وهذا دليل على خلاف المستنبط هنا اجتهادا بما لا يستقيم مع الدليل المذكور. وكان النبي عليه الصلاة والسلام اذا اراد سفرا والى بغيره كما ذكر ذلك في عدد من الغزوات عنه صلى الله عليه وسلم. وكل ذلك دل على انه ليس من آآ الخداع في الحرب ليس من المنهيات واما خيلة الاعين فمعنى اخر مختلف كما تقدم قبل قليل. وليس ليس في التورية في القتال او استخدام وجهة غير التي يريد عليه الصلاة والسلام على سبيل التورية. ليس فيه شيء يحط من القدر وليس شيئا من الخداع المزري بصاحبه بل هو من سياسات القتال ومن ما يجعله في الادارة الحروب للخطط التي يديرون بها قيادة الجيش. وقد كان للنبي عليه الصلاة والسلام في ذلك مقام عظيم رفيع تشهد به سيرته العطرة صلى الله عليه واله وسلم. نعم. الثامنة اختلف اصحابنا هل كان يحرم عليه ان يصلي على من عليه دين على وجهين وفي جوازه مع وجود الضامن على طريقين حكاهما ابو العباس في الجرجانيات فيما حكاه الرافعي عنه قال النووي في الروضة بعد ان حكى الخلاف في الثانية وجهين على خلاف من على خلاف على خلاف من كون من كونه طريق على خلاف من كونه طريقين. والصواب الجزم بجوازه مع الضامن ثم نسخ التحريم فكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على من عليه دين ولا ضامن له ويوفيه من عنده. والاحاديث الصحيحة مصرحة بذلك. نعم. ختام المسألة هو الراجح الذي اه اشار اليه المصنف رحمه الله اختصارا لكن اصل المسألة محل الخلاف هل كان حراما على النبي عليه الصلاة والسلام ان يصلي على الميت من اصحابه ان مات وعليه دين لم الخلاف لوجود ادلة تشهد بذلك الامتناع فهما قولان الاول يجوز ان يصلي على من عليه دين كغيره من الامة فلا يكون هذا من الخصائص. والثاني لا يجوز ان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم الصلاة على من مات وعليه دين وعلل ذلك بان امتناع النبي عليه الصلاة والسلام عن الصلاة على الدائن او المدين عن الصلاة عن الذي يموت غير قاض لدينه تأديبا للاحياء. لئلا يستسهلوا في اكل اموال الناس فتذهب. وللمحافظة على قضاء الديون اشعار الامانة والحفاظ عليها والمسارعة في ادائها والتوصل الى البراءة منها فهل كان ذلك يفعله عليه الصلاة والسلام مع وجود ضامن على طريقين كما اشار هنا في قول الرافعي وعبر عنها في الروضة الامام النووي بالوجهين وهذا الذي ذكره في مجوب الضامن وغيره الصواب الجزم بجواز ذلك ويستدل له بما في صحيح البخاري من حديث سلمة بن الاكوع رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام اوتي بجنازة ليصلي عليها. قال هل عليه دين؟ قالوا لا فصلى عليه ثم اوتي بجنازة اخرى فقال هل عليه دين؟ قالوا نعم. قال صلوا على صاحبكم من هنا قال من قال بالامتناع قال ابو قتادة علي دينه يا رسول الله فصلى عليه. فلذلك اشترطوا الضامن لجواز الصلاة عليه. وفي سنن ابي داوود والنسائي من حديث رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي على من مات وعليه دين فاوتي بميت فقال عليه دين قالوا نعم ديناران قال صلوا على صاحبكم. قال ابو قتادة هما علي يا رسول الله فصلى عليه. وذكر الحديث وجاء الحديث ايضا من رواية ابي هريرة هريرة رضي الله عنه في الصحيحين كل هذه الروايات على كل حال ليس فيها دلالة على تحريم صلاته صلى الله عليه وسلم على من مات وعليه دين هل فيها الامتناع من الصلاة والامتناع شيء وتحريم ذلك من الله عليه شيء اخر. وقد قيل انه من باب التأديب كما تقدم فلا يبرأ الميت الا بالتخلص فليس ذلك دليلا على تحريم الحكم عنه صلى الله عليه وسلم. اما في اخر حياته فكما اشار المصنف هنا نسخ التحريم وكان النبي عليه الصلاة والسلام يصلي على من عليه دين ولا ضامن له ويوفي ذلك الدين من عنده. ومن اشهر ادلة ذلك حديث ابي هريرة في الصحيحين قال كان الرسول صلى الله عليه وسلم يؤتى بالمتوفى عليه الدين فيسأل هل ترك لدينه انقضى فان قيل انه ترك وفاء صلى عليه والا فلا. فلما فتح الله عليه الفتوح قام. فقال انا اولى بالمؤمنين من انفسهم فمن توفي وترك دينا فعلي وفاؤه ومن ترك مالا فلورثته. هكذا اخرج البخاري ومسلم وغيره والحكمة من ذلك كما تقدم انه لم يكن هناك من المال ما يفي لقضاء ديون من مات. فلما كثر المال واتسع الخير عمد النبي عليه الصلاة والسلام الى الصلاة. ولهذا قال المصنف ثم نسخ التحريم. فالصواب اذا الجزم بجواز الصلاة الا من مات وعليه دين مع وجود ضام ثم نسخ ذلك بصلاته صلى الله عليه وسلم على من عليه دين ولا ضامن له وذلك من رحمة الله بالامة ومن رحمة نبي الامة صلى الله عليه وسلم التي جعلها الله تعالى في قلبه على امته فقال فسبحانه عزيز عليهما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم صلوات ربي وسلامه عليه التاسعة كان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم ان يمن ليستكثر ومعناه ان يعطي شيئا ليأخذ اكثر منه قال تعالى ولا تمنن تستكثر قال المفسرون ذلك خاص به عليه الصلاة والسلام. كما نقله الرافعي. نعم هذه خاتمة المسائل في نوع المحرمات من غير النكاح وهي المسألة التاسعة لكان يحرم عليه صلى الله عليه وسلم ان يمن ليستكثر. لقوله تعالى ولا تمنن تستكثر وهذا صريح في نهيه عليه الصلاة والسلام قال معناه ان يعطي شيئا ليأخذ اكثر منه وهذا التفسير المنقول عن كثير من المفسرين هو قول ابن عباس رضي الله عنهما ونقله القرطبي عن عكرمة وقتادة نقله الثعلبي عن اكثر المفسرين وهو الراجح في الاية الكريمة لان تمن مأخوذ من المن وهو الاعطاء اي لا تعطي لتأخذ اكثر مما اعطيت وهذا من جليل الادب وكريم المقامات التي وجه الله له نبيه عليه الصلاة والسلام وفي الاية اقوال اخرى متعددة منها معناها لا تمنن على ربك مما تتحمله من اثقال النبوة. ومنها لا تضعف ان تستكثر من الخير كما قال مجاهد فحبل متين اذا كان ضعيفا. ومنها ايضا لا يعظم عملك في عينك ان تستكثر من الخير فانه مما انعم الله به عليك. ومنها لا تمنن على الله بعملك فتستكثره. ومنها لا تمنن بالقرآن والنبوة على الناس اخذ منهم اجرا فتستكثروا به. وقيل لا تعطي ما لك مصانعة. وقيل لا تقل دعوت فلم يستجب لي. وقيل لا تعمل الخير لتراعي به الناس وهي اقوال متقاربة وهي وان كانت مرادة فاظهرها قول ابن عباس لا تعطي اكثر لا تعطي لتأخذ اكثر مما اعطيت من المال. فالعطية المن فامر بان يكون عطاياه لله لا لارتقاب الثواب من الخلق عليها. قال ذلك خاص به عليه الصلاة والسلام وهو احد القولين نقلهما اهل العلم لان الله اختار له اشرف الاداب احسن الاخلاق وقيل بل هو نهي تنزيه لا تحريم. وهو عام له ولامته صلى الله عليه واله وسلم لان يكون ذلك من الاداب الكريمة والسمات الجليلة. انتهى هنا كلام المصنف رحمه الله تعالى في المحرمات المتعلقة بغير النكاح ليكون مجلسنا المقبل ان شاء الله شروعا في القسم الثاني من نوع المحرمات وهو المحرمات في غير النكاح. تم مجلسنا الليلة ولم تتم بركاتها بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فاستكثروا منها واديموا الخيرات وصلوات ربكم عليكم بصلاتكم على نبيكم صلى الله عليه عليه وسلم فانها والله خير كلها وبركة كلها واجر وعظيم رحمة يتقلب في اكنافها العبد. ونسألك ربنا في ختام هذا المجلس ان ترزقنا علما نافعا وعملا صالحا وفهما سديدا وايمانا وعقلا رشيدا يا حي يا قيوم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين واجعل لنا الهي ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك وحبيبك ورسولك نبينا وسيدنا وحبيبنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين