بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله المصطفى ونبيه المجتبى. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ائمة الهدى ومن تبعهم باحسان واقتفى اثرهم الى يوم اللقاء وبعد اخوة الاسلام في كل مكان ها هنا من رحاب بيت الله الحرام. ينعقد هذا المجلس المبارك في هذا اليوم الحادي عشر من شهر ربيع الثاني سنة اثنتين واربعين واربعمئة والف من الهجرة في هذا المجلس الثاني عشر من مجالس مدارستنا كتاب غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم لابن الملقن الانصاري رحمة الله عليه وهذا المجلس المنعقد في ليلة الجمعة نستكثر به صلاة وسلاما على الحبيب المصطفى. صلى الله عليه واله وسلم وهو القائل اكثروا من الصلاة علي ليلة الجمعة ويوم الجمعة. فان صلاتكم معروضة علي مضى معنا في هذا الكتاب فيما سبق من المجالس القسط نوعان الاولان من الخصائص النبوية. ما كان منها من الواجبات في النوع الاول محرمات كذلك. فهذان نوعان قد تقدما وهما نصف الكتاب ويبقى في الكتاب نوعان اخران من الخصائص احدهما في المباحات والثاني في الفضائل والمناقب والمكرمات ومجلس الليلة نشرع فيه بعون الله تعالى في ثالث انواع الكتاب. بعد ان فرغنا من النوعين الاولين في كل من المحرمات والواجبات هذا النوع الثالث المنعقد لخصائص المباحات. الخصائص النبوية من جنس المباحات والتخفيفات التي خص بها نبي الامة صلى الله عليه واله وسلم. وكما تقدم فيما سبق من الانواع فان كلا من الواجبات والمحرمات انقسم الى قسمين ما تعلق منه بالنكاح وما كان عامة في غير النكاح. فكذلك الحديث ها هنا في النوع الثالث في المباحات سيكون على قسمين احدهما للحديث في المباحات المتعلقة بالنكاح والاخر في غيره وعلى النسق ذاته سيمضي المصنف ابن الملقن رحمه الله تعالى في سياق المسائل المندرجة تحت هذا النوع سائلين الله التوفيق والسداد مستكثرين في هذا المجلس من الصلاة والسلام على حبيب القلوب وانسها وبهجة الارواح وسعدها صلى الله عليه واله وسلم بسم الله الرحمن الرحيم. والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله النوع الثالث ما اختص به من المباحات والتخفيفات توسعة عليه وتنبيها على انه ما خص به من الاباحة لا تلهيه عن طاعة الله وان الهى غيره وهو قسمان ايضا متعلق بغير النكاح ومتعلق به واعلم ان معظمها لم يفعلها صلى الله عليه وسلم مع اباحتها له. وليس المراد بالمباح هنا ما استوى طرفاه بل ما لا حرج في فعله ولا في تركه فانه عليه الصلاة والسلام واصل وسيأتي ان الامام قال انه قربة في حقه. وكذا صفي المغنم والاستبداد بالخمس. كما سيأتي قد يكون راجح الفعل لصرفه في اهم المصالح. وقد يكون راجح الترك لفقد هذا المعنى ودخول مكة بغير احرام قد يترجح فعله وقد يترجح تركه وكذا الزيادة على الاربع في القسم الثاني لا يساوي فيه فان افعاله واقواله كلها راجحة مثاب عليها فيما نظنه حتى في اكله وشربه. لان الواحد منا يندب له ان يقصد وجه الله بذلك وهو ذلك اولى والله اعلم. بهذه المقدمة افتتح المصنف رحمه الله تعالى كلامه على النوع الثالث من الخصائص النبوية وهي المباحات والتخفيفات وقد بين في هذه المقدمة ان هذا الباب توسعة من الله على نبيه عليه الصلاة والسلام الا ترون يا كرام ان المباح في الشريعة رحمة وتخفيف وسعة ويسر فاذا كانت هناك دائرة في المباح اتسعت اكثر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانها تعني مزيد رحمة من الله وتخفيف بنبيه عليه الصلاة والسلام ثم نبه الى امر لطيف فقال هذه الاباحة لا تلهيه عن طاعة الله لان الانشغال بالمباح في عموم المكلفين في حق عموم المكلفين قد يكون عما يقرب الى الله وهو كذلك فان الاغراق في المباحات سيسع من حيز الوقت الذي يمضيه المكلف فيه ما كان يمكن ان يكون قربة واما نبينا صلى الله عليه وسلم فان اتساع المباحات في حقه لم تكن مشغلة له عن قربته لربه ولا عن مزيد من طاعته لمولاه. وهو ايضا قسمان متعلق بغير النكاح ومتعلق بالنكاح وسيبدأ بالاول منهما وقد بين ايضا في هذه المقدمة ان المباحات التي خص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكثير منها لم يفعلها مع كونها مباحة له. وان المباح في هذا الاصطلاح هنا ليس المراد به ما استوى طرفاه من ناحية الذمي والمدح او جواز الفعل وتركه. بل الذي لا حرج في فعله ولا في تركه. وربما كان بعض طرفيه راجحا باعتبار اخر فقد يكون فيه مصلحة في فعله اذا تعلقت به مصلحة الامة كما سيذكر هنا في قضية آآ الاستبداد بالخمس وقد يكون راجحا التركي وقد يكون كما في وصاله في الصوم قد يكون مأجورا عليه لانه طاعة وقربة كما في الوصال فالصوم وسيأتي ذكره الان وهكذا فليس المقصود بالمباح هنا ما استوى طرفاه بل المراد بل الذي لا يترتب الحرج في فعله ولا في تركه. وان كان احد طرفيه راجحا باعتبار اخر فهو هذا المقصود هنا في هذا الباب يقول ان المكلفين في مسألة المباحات ينوون ويقصدون بالمباح ما يقربهم الى الله عز وجل فيكون المباح وسيلة الى طاعة فيؤجر عليها المكلف. كما نقول ان اكلك عبدالله واكلك امة الله. اذا نويتم به التقوي على طاعة الله كان هذا الاكل المباح في اصله محل اجر وثواب لصحة القصد الذي تعلق به. اذا قيل هذا في حق عامة المكلفين فان يكون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم متحققا من باب اولى لعلو همته ورفعة شأنه وسمو مقصده صلى الله عليه واله وسلم. نعم القسم الاول المباحات له في غير النكاح وفيه مسائل المسألة الاولى الوصال في الصوم ابيح له صلى الله عليه وسلم قال القضاعي دون غيره من الانبياء. واختلف فيه في حقنا. قال صلى الله عليه وسلم لما قيل له انك تواصي قال اني لست مثلكم اني اطعم واسقى. متفق على صحته كذا قاله الشافعي والجمهور انه من المباحات. وقال الامام هو قربة في حقه قال ابن حبان في صحيحه وفي هذا الحديث دليل على ان الاخبار التي فيها ذكر وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر الحجر على بطنه كلها اباطيل. وانما معناه الحجز الحجز لا الحجر والحجز طرف الازار اذ الله عز وجل كان يطعم نبيه ويسقيه. اذا واصل فكيف يترك جائعا مع عدم الوصال حتى يحتاج على شد الحجر على بطنه وما يغني الحجر عن الجوع. هذه اولى مسائل المباحات التي اختص بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي مسألة الوصال في الصوم والمقصود بالوصال في الصوم ايها المباركون هو ان يصل الصائم صوم يومين فاكثر لا يفطر فيها فان يواصل صومه من فجر اليوم فيدخل عليه مغربه فلا يفطر ويمضي ليلته مواصلا به صوم اليوم التالي فيدخل صوم يوم في يوم هذا المقصود بالوصال المذكور في المسألة هنا في اول مسائل الباب صوم يومين فصاعدا من غير اكل او شرب بينهما. نهى النبي عليه الصلاة والسلام اصحابه عن الوصال. كانوا يواصلون الصوم فنهاهم. فقالوا له انك تواصل فقال اني لست كهيئتكم اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني صلى الله عليه واله وسلم. والحديث الذي رواه انس هنا رضي الله عنه لما نهاهم فقال لا تواصلوا دل على حكم الامة النهي عن الوصال وهل النهي في حق الامة نهي كراهة او نهي تحريم فيه خلاف سيذكره المصنف قريبا. اما هو عليه الصلاة والسلام فاختص من هذا الحكم بعدم دخوله في النهي. ودليل ذلك انهم قالوا انك تواصل. ارادوا الاقتداء به عليه الصلاة والسلام وارادوا ان يكون في فعله لهم قدوة واسوة. فقالوا انك تواصل فابان لهم صلى الله عليه وسلم عن حكمة اختصاص باباحة الوصال له دون غيره. وهو تحقق معنى القدرة والقوة على مواصلة اليومين فاكثر من غير اكل وشرب بينهما قال اني لست كاحد منكم اني اطعم واسقى. يعني يطعمني ربي ويسقيني كما جاء في الرواية الاخرى. وفي لفظ اني ابيت واطعم واسقى. وروى الحديث غير انس ايضا عائشة ابو سعيد وابو سعيد الخدري رضي الله عنهم جميعا. فدل الحديث على امرين الاول النهي نهي الامة عن الوصال والاخر خصوصيته صلى الله عليه وسلم ويترتب على هاتين المسألتين مسألتان. اولاهما هل كان النهي للامة كراهة او تحريم؟ سيأتي ذكره بعد قليل. والمسألة الاخرى هل كان اختصاص النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الوصال الذي كان يصل به صوم يومين فاكثر. هل كان اباحة ام كان طاعة وقربة يؤجر عليها هما ايضا قولان سيشير اليهما المصنف الان بعد قليل قال رحمه الله تعالى قال القضاعي دون غيره من الانبياء. يعني هذا له عليه الصلاة والسلام دون سائر الانبياء. ومسألة حكم الانبياء افتقروا الى دليل لاثباته او نفيه والله اعلم قال كذا قال الشافعي والجمهور انه من المباحات المقصود بالنقر عن الشافعي رحمة الله عليه هنا في المسألة ما ذكره رحمه الله تعالى في كتابه الام وهو يتناول مسألة الوصال في الصوم المنقول فيها خلاف الفقهاء هنا في المسألة فانه قال رضي الله عنه ورحمه قال فرق الله بين رسوله صلى الله عليه وسلم وبين خلقه في امور اباحها له وحضرها عليهم اباحها له وحضرها عليهم وفي امور كتبها عليه خففها عنهم. قال الخطابي ايضا ومن اصحاب الى من قال الوصال من الخصائص التي ابيحت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمت على الامة انتهى كلامه وقد قال الشافعي وجمهور فقهاء مذهبه ان الوصال في حق النبي صلى الله عليه وسلم من المباحات فهذا قول الاكثر وهي احدى المسألتين المتفرعتين عن الحديث كما اسلفت. اكان اختصاصه صلى الله عليه وسلم اباحة او قربى فقول الشافعي وجمهور الفقهاء انه اباحة قال هنا وقال الامام هو قربة في حقه ويقصد به امام الحرمين الجويني انه قربة يعني لم يكن مجرد اباحة بل طاعة وقربة تقرب بها صلى الله عليه واله وسلم. واما في الامة فممنوع. قال المصنف نقلا عن ابن حبان الامام المحدث في صحيحه. قال وفي هذا الحديث دليل على ان الاخبار التي فيها ذكر وضع النبي صلى الله عليه وسلم الحجر على بطنه كلها اباطيل او كلها اباطيل واستند الامام رحمه الله في هذا اعني ابن حبان على تأصيل هذا المعنى وهو انه عليه الصلاة والسلام غني عن الطعام والشراب باطعام ربه واسقائه فكيف يجوع بل كيف يبلغ به الجوع ان يشد الحجر على بطنه؟ والامام ابن حبان لا يغيب عنه الاحاديث التي تروى في هذا الباب. كما في قصة الخندق وقد وضع الحجر على بطنه الشريف صلى الله عليه وسلم وكما في حديث ابي بكر وعمر لما خرجا فوجدهما قد اخرجهما الجوع فقال ما اخرجني الا الذي اخرجكما فقال ان ما روي من اثبات وضع الحجر انما هو شبه تصحيف او تحريف ومعناه الحجز وهو طرف الازار فوضع الحجز على بطنه اي وضع طرف الازار فشده على بطنه. هذا المقصود واستلد في ذلك على المعنى ان الله يطعم نبيه ويسقيه. اذا كان يواصل فكيف يترك جائعا من غير صوم ولا وصال حتى احتاج الى شد الحجر على بطنه فتعقب المصنف رحمه الله كلام الامام ابن حبان المذكور هنا بما سيذكره بعد قليل قلت قد قد ذكر في صحيح قد ذكر في آآ قد ذكر هو في صحيحه يعني الامام ابن حبان رحمه الله نعم قلت قد ذكره وفي صحيحه حديث ابن عباس رضي الله عنه قال خرج ابو بكر رضي الله عنه بالهاجرة الى المسجد فسمع بذلك عمر يعني فخرج فقال يا ابا بكر ما اخرجك هذه الساعة؟ قال ما اخرجني الا ما اجد من حق الجوع قال انا والله ما اخرجني غيره فقوما ثم ذكر ما في الحديث. ما اخرجني الا ما اجد من حق الجوع يعني من صادق الجوع وشدته ويروى بتخفيف القاف من حاقة يحيق حيقا اذا احدق به يعني ما احاط بي الم بي من الجوع. هذا احد الاحاديث حديث ابي بكر وعمر رضي الله عنهما لما التقيا برسول الله صلى الله عليه وسلم والحديث ايضا مذكور عند الامام مسلم في صحيحه من رواية ابي هريرة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم او ليلة فاذا هو بابي بكر وعمر رضي الله عنهما فقال ما اخرجكما من بيوتكما هذه الساعة؟ قال الجوع يا رسول الله فقال وانا والذي والذي نفسي بيده اخرجني الذي اخرجكما. قوما وذكر الحديث وفيه قصة ومن الاحاديث التي دلت على ثبوت الجوع في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اخرجه ايضا الامام مسلم في صحيحه من رواية النعمان ابن بشير رضي الله عنهما قال ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما اصاب الناس من الدنيا. فقال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم او ليلة فاذا هو بابي بكر ويظل اليوم يتلوى ما يجد من الدقل ما يملأ به بطنه وهو رديء تمر الدقل وايضا مما اخرج الامام احمد من حديث جابر رضي الله عنه قال انا كنا في يوم الخندق نحفر فعرضت كدية شديدة يعني صخرة ماء صعبة استعصت عليهم في كسرها. قال فجاؤوا الى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا هذه كدية عرضت لنا في الخندق فقال انا نازل ثم قام وبطنه معصوب بحجر ولبثنا ثلاثة ايام لا نذوق ذواقا. وفي الحديث قصة جابر رضي الله عنه لما دعاهم الى طعام بيته رضي الله عنهم جميعا فهذا المراد في اثبات جوع النبي عليه الصلاة والسلام مما يجاب به الامام ابن حبان فيما انفرد به رحمه الله وهو اجتهاد لكن انه لا يساعد عليه مجموع الادلة التي تثبت تثبت وقوع الجوع لرسول الله عليه الصلاة والسلام. بل انا والله نقول ان عليه الصلاة والسلام وفقره وفقره وقلة ذات يده من امور الدنيا في زخارفها ولذائذها انما كان اية وكان من علامات صدق نبوته عليه الصلاة والسلام وهو ايضا مما شرع الله له اذ قال. ولا تمدن عينيك الى ما متعنا به ازواجا منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وابقى. ففقره عليه الصلاة والسلام وقلة طعامه وجوعه احيانا كل ذلك من قوائم الامور الدالة على شدة نفسه صلى الله عليه وسلم. وارتفاع حاله وقوة بأسه وشدة عزيمته التي هي من خصائص الكمل من الرجال واكملهم في ذلك رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم. تنبيه قد اشتهر عن كثير من العلماء الوصال. فلعل وصالهم جاء من غير قصد اليه. بل اتفق ترك تناول المفطر لغفلة عنه او لغفلة عنه او الاشتغال بالاستغراق في المعارف. ونحن نشاهد الترك عند اشتغال القلب بما يسر او يحزن فكيف بذلك؟ على هذا تكون الخصوصية له صلى الله عليه وسلم على كل امته لا على احد افرادها والنهي توجه بحسب المجموع لانه مشرع. نبه عليه صاحب المطلب هذا اذا قلنا ان النهي في حق الامة نهي تحريم فيمتنع في حق احد ان يقصد الوصال في الصوم. ولو فعل كان اثما فيحتاج ها هنا الى جواب فكيف نعتبره حراما ويأثم فاعله؟ اعني الوصال في الصوم. وقد ثبت عن بعض السلف بل من علمائهم واجلتهم وصالهم في الصوم. فكيف يجاب عن ذلك؟ اتى هنا بجواب فقال لعل وصالهم جاء من غير قصد اليه بل اتفق ترك تناول المفطر لغفلة عنه. يعني يقصد احدهم صوم يوم. فاذا حان المغرب يبلغ به شدة الانشغال والانكباب على ما بين يديه من العلم او التأمل في مسألة او الاستغراق في التفكير في حل معضلة ما يشغله فينسيه ليلته اجمع يذهل عن تناول الطعام والشراب واذا قبل الفجر قد طلع فشغله ذلك وشرع في صوم يوم جديد. ولان لا تظن ان هذا نوعا من المبالغة والمجازفة والتوسع قال رحمه الله ونحن نشاهد الترك عند اشتغال القلب بما يسر او يحزن. يقول هذا يجده كل احد الا ترى ان احدنا اذا قدر الله له فرحا عظيما شديدا ملأ قلبه واشتغل به لا ينسى طعامه وشرابه. وكذلك اذا حل به شدة امر مفزع او هم موجع او كرب فانه من غاية ما يحيط بالقلب من تلك المشاعر التي تنقلب هموما يذهل عن الطعام والشراب. فلا يكاد يحس به وهذا واقع حقيقة. قد تمتد لساعات وبعض من يصاب ويبتلى فتشتد به البلية ربما يظل اياما متتابعات لا يشتهي طعاما ولا يذوق شرابا هذا واقع يقول اذا هذا حصل عند اشتغال القلب بما يسر او يحزن افلا يقع لاهل العلم في اشتغاله وعميق فكرهم في التأمل في المسائل انكباب على المعارف كل هذا يا كرام هو تأول لما وقع لاهل العلم او لبعضهم من الوصال في الصوم. وهذا كما اسلفت اذا ان النهي والكراهة في الحديث لا تواصل او نهى عن الوصال اذا حملناه على التحريم وهو قول جمهور العلماء انه كراهة وتحريم. فيما ذهب طائفة من اهل العلم الى انها كراهة تنزيه وان المراد بالنهي هو الرفق بالامة والشفقة عليهم والرحمة بهم ويستدلوا لذلك ان في بعض الفاظ الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال رأفة بهم او رحمة بهم. ولهذا جاء في بعض الالفاظ عند مسلم نهاهم عن الوصال رحمة لهم وفي حديث البخاري يقول لا تواصلوا فايكم اراد ان يواصل فليواصل الى السحر ولما ثبت ايضا انهم لما نهاهم عليه الصلاة والسلام عن الوصال قال له رجل من المسلمين انك تواصل يا رسول الله. قال وايكم مثلي؟ اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني فلما ابوا ان ينتهوا وهذا موضع الشاهد ان الصحابة ما فهموا النهي عن التحريم ولذلك واصلوا قال فلما ابوا ان ينتهوا عن الوصال اتظن ان الصحبة الكرام رظي الله عنهم يرونه نهي تحريم فيخالفون نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا محال فدل ذلك على انه انما نهاهم نهي تنزيه ولم يكن جازما ذلك فعلى هذا لا يستبعد صنيع بعض السلف اذا رأوا النهي للتنزيه ان يصوموا وصالا ويواصلوا في صومهم رغبة في ابتغاء الاجر وان خالفوا توجيه رسول الله عليه الصلاة والسلام لكن لا حاجة الى التأويل الاول الذي يقال فيه انه الانشغال والاستغراق في التفكير. وفي الحديث لما ابوا ان ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوما ثم يوما ثم رأوا الهلال. يعني انقضاء رمضان. فقال لو تأخر لزدتكم كمنكل لهم حين ابوا ان ينتهوا ولما قال اياكم والوصال قال اني اكلف من العمل ما لا تطيقون. فدل ذلك على وجه النهي انه رحمة وانه واصل بهم يوما فثانيا فلما ادركوا هلال شوال قال لولا الهلال لزدتكم كان تنكيلا لهم. فلو كان ممتنعا لم يواصل بهم عليه الصلاة والسلام فهذا مأخذ من يقول ان النهي انما كان للتنزيه وللكراهة لا على التحريم كما صرحت به عائشة في حديثها رضي الله عنه كمثل ما نهاهم عليه الصلاة والسلام عن قيام الليل خشية ان يفرض عليهم ولم ينكر على من بلغه انه فعل ممن لم يشق عليه القيام وقد روى البزار والطبراني من حديث سمرة رضي الله عنه قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال ليس بالعزيمة فهذا صريح من رواية سمرة امن رواية سمرة ان النهي لم يكن عزيمة يعني نهي تحريم بل كان رأفة ورحمة بهم اذا اتضح هذا امكن ان نفهم صنيع بعض السلف انشغالهم بوصال الصوم على اعتبار ان ذلك مما لم ينهى عنه نهي تحريم وانما نهي رأفة وكراهة تنزيه فقالوا فاخذوا وعملوا به رضي الله عنهم وارضاهم وقبل ان آآ ننتقل الى المسألة التالية اختلف العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم اني ابيت يطعمني ربي ويسقيني هل هو على حقيقته؟ طعام وشراب يجده صلى الله عليه وسلم فيؤتى به من عند الله كرامة في ليالي صومه فيأكل ويشرب قال بهذا بعض اهل العلم لكنه متعقب بانه لو كان كذلك لم يتحقق معنى الوصال لوقوع الطعام والشراب في اثناء الليل فان من اكل وشرب لا يقال عنه واصل وبقوله ابيت يطعمني ربي ويسقيني. والقول الاخر ان المراد هنا بقوله ربي ويسقيني هو مجاز وهو قول الجمهور ولعله الراجح. انه مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو القوة فان المقصود من الطعام والشراب حصول قوة البدن. فيكون قوله عليه الصلاة والسلام اني ابيت يطعمني ربي او اظل يطعمني ربي ويسقيني محمول على ان الله يكسبه قوة تغنيه عن الطعام والشراب فتحصن له معنى الطعام والشراب من القصد الحاصل به كأنه قال يعطيني قوة الاكل والشارب ويفيض علي ما يسد مسد الطعام والشراب ويقوي على انواع الطاعة من غير ضعف في ولا كلل في الاحساس او المعنى ان الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب فلا يحس ولا عطش وهذا لا يتحقق فيه معنى تناول الطعام على حقيقته او تناول الشراب وهذا اقرب واوجه يفهم معنى حصول الجوع له صلى الله عليه واله وسلم في غير الوصال في الصوم وهو في سائر احواله التي كان آآ يمر به كما تقدم آآ في حديث الخندق وفي حديث ابي بكر وعمر رضي الله عنهما قد تقدم قول ابن حبان لما نفى الجوع وحصوله حقيقة وان اشد الحجر على بطنه انما هو شد الحجزة آآ او الحجز جمع حجزة وهي المراد بها طرف الازار كما تقدم الله اعلم المسألة الثانية اصطفاء ما يختاره من الغنيمة قبل قسمتها من جارية او غيرها. ويسمى المختار الصفية. والصفية يتوب والصفية والجمع الصفايا ومن صفاياه صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي اصطفاها واعتقها وتزوجها كما اخرج البخاري ومسلم من حديث انس رضي الله عنه وفي سنن ابي داوود من حديث عائشة رضي الله عنها انها من الصفي واخرجه عن قتادة ايضا قال ابو عمر سهم الصفي مشهور في صحيح الاثار معروف عند اهل العلم ولا يختلف اهل السير في ان صفية منه واجمع العلماء على انها خاص به صلى الله عليه وسلم قلت حكى القرطبي قلت حكى القرطبي عن بعض العلماء انه قال هو للائمة بعده. ثاني المسائل في الخصائص المباحات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابيح له ان يصطفي من الغنيمة اي يختار منها قبل قسمتها ما اراد عليه الصلاة والسلام سواء كان هذا سبيا جارية او خادما او سلاحا وسيفا ومتاعا ونحوه ويسمى هذا الاختيار قبل قسمة الغنيمة يسمى صفيا وصفية تذكيرا وتأنيثا. والجمع صفايا الصفي هنا هو من خصائص رسول الله عليه الصلاة والسلام. لماذا نقول ان الخصائص؟ لان الاخذ من مال الغنيمة قبل قسمتها غلول حرام على الامة. ما كان لنبي ان يغل. ومن يغلل يأتي بما غل يوم القيامة ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون. هذا حكم الله سبحانه وتعالى. ويحرم على من شارك في الغزو ان يختص لنفسه بشيء من ما له للغنائم حتى تجمع فتقسم. اما رسول الله عليه الصلاة والسلام فأبيح له خصوصية له. وهذا وجه كونها من الخصائص. ابيح له ان ان يختار من الغنيمة ما شاء قبل قسمتها. فاما اذا قسمت فانه يتعامل مع اصحابه في قسمهم في الغنائم على اعتباره ملكا فيتعامل فيه بهبة او بيع وشراء وتبادل ونحو ذلك. الاصطفاء او الصفي في المغانم ثبت من بعض الاحاديث قال منها ما اخرجه قتادة فيما اخرجه ابو داوود في سننه من حديث عائشة ومن حديث قتادة اما حديث قتادة المرسل فقوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غزا كان له سهم صاف يأخذه من حيث شاء. فكانت صفية من ذلك السهم وكان اذا لم يغزو بنفسه ضرب له بسهمه ولم يخير. ومثله عن عامر الشعبي. وحديث عائشة رضي الله عنها قالت كانت صفية من الصفي كانت صفية يعني بنت حيي بن اخطب. ام المؤمنين رضي الله عنها كانت من الصفي اي كانت من جنس المال الذي اصطفاه النبي صلى الله عليه وسلم لما من غنائم خيبر مما يستدل به على خصوصيته عليه الصلاة والسلام في سهم الصفايا او الصفي ما اخرج ابو داوود والنسائي من حديث ابن عبيد الله ابن الشخير قال كنا بالمربد فجاء رجل اشعث الرأس بيده قطعة اديم احمرا فقلنا كانك من اهل البادية قال اجل قلنا داولنا هذه القطعة القديمة فناولناها فقرأنا ما فيها. فاذا فيها من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بني زهير بن اقشاء انكم ان شهدتم ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله واقمتم الصلاة الزكاة واديتم الخمس من المغنم وسهم النبي صلى الله عليه وسلم وسهم الصفي انتم امنون في امان الله ورسوله فقلنا من كتب لك هذا؟ قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. والحديث اخرجه ابو داوود والنسائي ما تقدم وروي من غير هذا الطريق وسمي الرجل المبهم النمر ابن تولب وروى النسائي ايضا في سننه الكبرى من طريق مطرف قال سئل الشعبي عن سهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال اما سهم النبي عليه الصلاة والسلام فكسهم رجل من المسلمين واما الصفي فهو يختار ما يختار من اي شيء شاء. وهذا رأي الشعبي رحمه الله اجتهاد له. واما سهم النبي عليه الصلاة والسلام كما سيذكر المصنف الان فهو ما يجمع له بين سهمه كرجل من المسلمين في الغزو وما اختص به عليه الصلاة والسلام من الصف والمقصود هنا في ذكر المسألة المباحة الخصوصية به اصطفاء ما شاء عليه الصلاة والسلام من الغنائم قبل قسمتها منه ما وقع من حديث صفية فانها رضي الله عنها كانت جارية وقعت وقعت في سبي خيبراء فاصطفاها النبي صلى الله عليه وسلم فيضرب بها مثال لقول عائشة كانت صفية من الصفي. وحديث قتادة المرسل تقدم وهي ممن اصطفاها واعتقها النبي صلى الله عليه وسلم. قال انس ان النبي عليه الصلاة والسلام اعتق صفية. وجعل عتقها صداقها. قال الامام النووي اصدقها نفسها. والمقصود اعتقها تبرعا بلا عوض ولا شرط. ثم تزوجها طه بلا مهر من خصائصه صلى الله عليه واله وسلم. نعم قال ابو عمر سهم الصفي مشهور في صحيح الاثار معروف عند اهل العلم ولا يختلف اهل السير في ان صفية منه. واجمع العلماء على انها خاص به صلى الله عليه وسلم قلت حكى القرطبي عن بعض العلماء انه قال هو للائمة بعده. قال ابو عمر يعني الامام الحافظ ابن عبدالبر يوسف ابن عبدالله النمري القرطبي الامام الحافظ المالكي قال سهم الصفي مشهور في صحيح الاثار معروف عند اهل العلم واجمع العلماء على انها خاص به لكن القرطبي حكى خلافا عن بعض العلماء انه قال ان اصطفاء ما يشاء الائمة بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام هو ايضا مما يباح لهم فعلى هذا لا تكون خصوصية وهذا الذي نقله القرطبي رحمه الله ذهب بعض اصحاب الشافعي الى ان خمس الخمس كان للنبي عليه الصلاة والسلام وقد جاء في الحديث عند مسلم من رواية عمر رضي الله عنه قال كانت اموال بني النظير مما افاء الله على رسوله فاما لم يوجف عليه المسلمون بخيل ولا ركاب وفي الكلام على تقسيم المغانم والفيء بسط يشير المصنف رحمه الله تعالى الى طرف منه قريبا. واعلم ان في الصحيح ايضا انها صارت لدحية الكلبي فاشتراها بسبعة رؤوس انها صارت يعني صفية رضي الله عنها في سبي خيبر سيشير هنا الى جمع بين روايتين. كيف نقول ان صفية وقعت اصطفاء يعني كانت في السب فاختارها واخذها قبل قسمة الغنائم ثم عندنا رواية اخرى صحيحة ان صفية وقعت في سهم دحية الكلب وكانت في سهمه فوقعت ثم اشتراها النبي عليه الصلاة والسلام منه بسبعة رؤوس. واعلم واعلم ان في الصحيح ايضا انها ارد لي دحية الكلبي فاشتراها بسبعة رؤوس فيحتاج الى تأويل ما قاله اهل السير او الى تأويلها. وقد يجاب ان الشراء ليس على حقيقته. هذا جواب هذا جواب في مسألة الاشكال الواقع في قصة صفية رضي الله عنها اكانت صفيا اصطفاها من الغنيمة قبل قسمتها يوم خيبر ام كانت في سهم دحية الكلب ثم بادلها. فان كانت الاخرى لم تكن اصطفاء لانها وقعت في سهم دحية. الحديث الذي اشار اليه الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى قال عن انس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جمع سبي خيبر جاءه دحيته فقال اعطني من السبي قال اذهب فخذ جارية فذهب دحيته فاخذ صفية بنت حيي فلما اخذها قال الصحابة يا رسول الله ان سيدة قريظة والنظير لا يصلح الا لك يعني ارادوا استدراك الامر لكن دحية قد اخذها واصبحت بيده. فقال له النبي عليه الصلاة والسلام اخذا برأي الصحب الكرام رضي الله عنهم خذ جارية من السبي غيرها فرجح الحافظ بن عبدالبر هذه الرواية على الرواية الاخرى والنووي رحمه الله له جمع بين الحديثين فقال انها كانت لدحية اولا ثم صارت للنبي صلى الله عليه وسلم كيف وقعت لدحيته لاذن النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء يستأذنه فاخذ جارية فلما اخذها باذن النبي عليه الصلاة والسلام كانت كأنما هي من اصطفاء النبي عليه الصلاة والسلام لنفسه واذن لدحيته باخذها. فيكون فتكون المسألة على بابها ان صفية من صفي او من صفي المغانم اختارها النبي عليه الصلاة والسلام ثم اعطاها لدحية. ولما اشتراها يعني بادل هي تاء وليس الشراء المقصود هنا على حقيقته بل هو تعويض لدحية وارضاء له بسبعة انفس من السبي تطيبا لقلبه لا ان انه عقد بيع على الصحيح وعلى هذا تتفق الروايات كما يقول الامام النووي رحمه الله وهذا الاعطاء لدحية الزائد رؤوس يكونوا من مما ينفل به الامام بعض افراد الجيش تمثيلا يعني يزيدهم فوق سهمهم المستحق في الغنيمة وعلى هذا لا اشكال وان قلنا بالجواب الاخر ان صفية رضي الله عنها وقعت في قسم الغنيمة من سهم دحية فانها لا تصلح مثالا للاصطفاء ويراد مثال اخر لانها لم تكن اصطفاء بل وقعت في سهم دحية ثم استبدلها النبي عليه الصلاة سلام والوجه الاول وجيه وسمعت الجواب عنه. هذا مثال للاصطفاء او للصفي او للصفايا وهي من المباحات التي اختصت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويورد المصنفون مثالا اخر للصفي وهو سيف ذي الفقار. نعم. وذكر الرافعي ان ذا الفقار كان من الصفي ذا الفقار اسم السيف سيف غنمه المسلمون في غزوة بدر وقيل في خيبر والاول اصح. وسيأتي ذكر المصنف له الان. سمي بذي الفقار لانه يأتي عليه جمل او عدد من الفقرات وهي خرزات وضعت عليه فسمي بذي الفقار غنمه المسلمون فكان من اصطفاء النبي عليه الصلاة والسلام لهذا السيف قبل قسمة الغنائم. وذكر الرافعي وذكر الرافعي ان الفقار كان من الصفي. وروى احمد والطبراني والترمذي وابن ماجة. من حديث ابن عباس رضي الله عنهما. انه عليه الصلاة والسلام تنفله يوم بدر قال الترمذي حسن غريب. واخرجه الحاكم وقال انه صحيح الاسناد قال والاخبار انه من قال والاخبار انه من خيبر واهية. يعني والاخبار التي تفيد ان سيف ذي الفقار من غنم منا منا منا من غنائم غزوة خيبرة اخبار واهية وسبب ذلك ان الذي رأى فيه الرؤيا قبيل غزوة احد رأى النبي عليه الصلاة والسلام ان ان سلمة في ذباب سيفه تقع هذه في غزوة احد فاذا كان السيف بيده قبل غزوة احد وليس هذا الا في غنائم بدر فان جعلناها في خيبر وقع اشكال كبير وفي الطبراني الكبير من حديث ابن عباس رضي الله عنهما باسناد ضعيف ان الحجاج ابن ان الحجاج ابن علاط اهداه له والفقار مفتوح الفاء قال الخطابي والعامة تكسرها. يعني الفقار هو مفتوح الفاء تقول ذو الفقار والعامة تقول ذري فقار بالكسر. نعم. واصل الفقار عظام الظهر ومفرده فقارة بالفتح قال ابن الاثير في نهايته هي خرزات الظهر وهو الذي نسميه الى اليوم الفقرات نقول فقرات الظهر ويقال العمود الفقري. والمراد به كما قال خرزات الظهر وهي المسماة اليوم بالفقرات ولا تحتاج الى شرح ويصاب فيها بعض الناس بالانزلاق واحيانا بتآكل بين الفقرات وشيء من الالام والمصاعب يسمى الفقار. فلماذا سمي سيف ذي الفقار بذي الفقار؟ قالوا لان فيه فقرات كانت عليه او في مقبضه جملة من غازات تشبه فقرات الظهر فقيل له ذو الفقار. وهو من السيوف التي سيذكر المصنف انها توارثها الائمة وانتقل في ايدي الخلفاء من بعد رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. قال وفي حديث قال وفي حديث زيد بن ثابت ما بين عجب الذنب الى فقاره واحد وثلاثون دينارا. يعني في ارش جنايته وفيما يصيب في ديته والمقصود عدد الفقرات التي تكون في اخر الظهر الى اعلاه. واحد وثلاثون دينارا. فائدة هذا السيف كان للعاصي طبني منبه اولا فقتل واخذه عليه الصلاة والسلام. واعطاه لعلي رضي الله عنه. وانتقل في اولاده. اخذه عليه الصلاة والسلام يعني كما قلنا من غنائم بدر فاصطفاه لنفسه صفيا ولهذا لما قال الرافعي ان سيف ذي الفقاري كان من الصفي والكلام في الصفي كان بعد فرض الخمس. اعترض الحافظ ابن حجر على ذلك بان قسمة الغنائم ما كانت حينها ولم تنزل اية الانفال وعندئذ سيكون اخذ النبي عليه الصلاة والسلام لسيف ذي الفقار لا يصلح ان يكون مثالا للصفي. لان قسمة الغنائم لم تكن بعد قد شرعت انما اخذه النبي عليه الصلاة والسلام من غنائم بدر وقد كانت الغنيمة كلها له عليه الصلاة والسلام. فاخذ ما كان احله ان يأخذ وليس اصطفاء لان قسمة الغنائم لم تكن قد شرعت بعد ذلك. فهذا السيف كان للعاصي بنبه قتل فاخذه النبي عليه الصلاة والسلام اعطاه عليا ثم انتقل في اولاد علي من بعده رضي الله عنهم جميعا. نعم. ورآه ورآه الاصمعي عند تيبي متقلدا به متقلدا وبه ثماني عشرة فقارة. وحكى الامام قبل كتاب قسم الصدقات وجهين في ان الصفي كان للنبي صلى الله عليه وسلم خارجا من سهمه او كان محسوبا عليه من سهمه هذه ختام المسألة وفيها ان الاصمعي الامام اللغوي المشهور المعروف بالاصمعي الاديب اللغوي النحوي انه رأى هذا السيف عند الخليفة هارون الرشيد ورحمة الله عليه قال ورأى به ثماني عشرة فقرة او فقارة يعني المقصود بها انه لاجله سمي ذا الفقار نعم تمت هذه المسألة الثانية وهي مسألة الصفي آآ من الغنيمة التي ابيح للنبي صلى الله عليه واله وسلم ان يأخذها وختمها بهذه المسألة المتعلقة بصفيتا رضي الله عنها وايضا فيما يتعلق بسيف ذي الفقار فضرب بهما مثالين لمسألة الصفايا من الغنائم التي اختص بها نبي الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم المسألة الثالثة الاستبداد بخمس من خمس الفيء والغنيمة وباربعة اخماس الفيء منفرد بذلك. وله من خمس الغنيمة سهم كسهام الغانمين قال تعالى واعلموا انما غنمتم من شيء فان لله خمسه الاية وعن عمرو بن عبسة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا الا الخمس والخمس مردود فيكم. رواه ابو داوود والحاكم وهو على شرط البخاري. الغنيمة والفيء كلاهما مال يغنمه المسلمون ويظفرون به في الجهاد والغزو فان كان قتال وانتصر المسلمون وفر اعداؤهم وقد تركوا مالا وسلاحا ونحوه او منهم اسرى فهذا يسمى غنيمة فالغنيمة المال المأخوذ من قتال الكفار واما الفيء فالمال الذي يتركونه فرارا فلا قتال فيه. وقد ذكر الله الفيئ في سورة الحشر وذكر الغنيمة في بسورة الانفال فقال في الغنيمة سبحانه وتعالى واعلموا ان ما غنمتم من شيء فان لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى تكيني وابن السبيل فهذا الخمس ينقسم على خمسة وسهم لله ولرسوله ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فهذا الخمس الذي يختص برسول الله عليه الصلاة والسلام هو خمس خمس الغنيمة واما الفيء فكله لرسول الله صلى الله عليه وسلم وينقسم الى تلك المقاسم التي ذكرت ما افاء الله على رسوله من اهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل فقسمت الى خمسة ايضا لكن النبي عليه الصلاة والسلام له قسم منها مستقل باكمله. فله في الفيئ عليه الصلاة والسلام الخمس. واربعة اخماس تأتي منفردة وله في الغنيمة خمس الخمس وهذا معنى قوله الاستبداد بخمس من خمس الفيء يعني الانفراد والغنيمة وباربعة اخماس الفيء منفرد بذلك وله مع خمس الغنيمة سهم كسهام الغانمين المسلمين في الغنيمة بسهم كسهامهم وينفرد عليه الصلاة والسلام كما تقدم بخمس من خمس الغنيمة على ما تبين في سورة الانفال وفي حديث عمرو بن عبسة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا الا الخمس والخمس ومردود فيكم. رواه ابو داوود والحاكم وهو على شرط البخاري. والرواية فيها قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سلم يعني من صلاته اخذ وبرة من جنب البعير يعني اخذ من وبره اخذ من جنبه. ثم قال لا يحل لي من غنائمكم مثل هذا. ولو كان شيئا قليلا تافها. قال الا الخمس والخمس مردود فيكم يعني لله وللرسول وذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل وهو ما يكون في بيت المال يصرفه رسول الله صلى الله عليه وسلم في مصلحة الامة عامة. هذا المقصود بخصوصيته عليه الصلاة والسلام فانه ولا يقوم فيه مقامه احد في الامة. ولا يقول احد ان الائمة والخلفاء والامراء من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذونه هذا ويقومون مقامه في استحقاق هذا القسم انما هو خاصة لرسول الله عليه الصلاة والسلام فهذا معنى قوله انه ومن المباحات الخصوصيات لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم. نعم وادعي الماوردي انه كان له اولا جميع الفيء كما كان له جميع الغنيمة ولم يزل الامر على ذلك الى ان انزل الله تعالى ما افاء الله على رسوله. يعني في سورة الحشر. نعم. وفي الغنيمة واعلموا انما غنمتم من شيء الاية. يعني ايه في سورة الانفال؟ ووراء ذلك وجه يشير اليه كلام الفوراني ان الخمس من الخمس يصرف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الى خليفة الزمان. قال الامام ولم يصح عندي نسبته الى احد من الاصحاب. هذا القول الذي اشار اليه الامام الفوراني وهو الحسين ابو علي البيهقي احد ائمة الشافعية بل قال عنه آآ عبدالغافل الفارسي قال هو ركن من اركان اصحاب الشافعي بناحية بيهق اشارة الى قدره وعلو كعبه في الامامة في الفقه. ذكر قولا انه يقوم مقام النبي عليه الصلاة والسلام في استحقاق الخمس من الخمس خليفة المسلمين في زمانه فتعقب ذلك امام الحرمين. قال الامام قال الامام ولم يصح عندي نسبته الى احد من الاصحاب. يعني لم يتحرر ثبوت هذا قولا لاحد من ائمة الشافعية رحمة الله على جميع علماء المسلمين. لكن اذا تقرر كلام الفوراني فليست المسألة اذا من الخصوصيات لانها سيشترك فيها مع رسول الله عليه الصلاة والسلام امراء المسلمين واولياؤهم وخلفاء المسلمين في كل زمان وعلى هذا الوجه وعلى هذا الوجه ان صح لا خصوصية وافاده صاحب المغني من الحنابلة ان له عليه الصلاة سلام خمس الخمس وان لم يحضر. والمراد به الامام الفقيه ابو محمد عبدالله بن احمد بن قدامة المقدسي فانه ذكر المسألة ايضا وعدها من خصائص رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وكلام الفران لم يتجه ولم يثبت عن احد القول به. تم بهذا كلام المصنف رحمه الله تعالى على ثالث المسائل في هذا النوع من الخصائص وهي المباحات. وقد مر بنا في مجلس الليلة مسائل ثلاثة. اولها الوصال في الصوم وثانيها الصفي من الغنائم وثالثها السهم الذي اختص به رسول الله عليه الصلاة والسلام في وفي الفيء وهو خمس الخمس. واربعة اخماس الفيء كذلك. وباقي في هذا النوع مسائل اخرى نأتي عليها تباعا في المجالس المقبلة ان شاء الله كدخول مكة بغير احرام والقتل في الحرم. وعدم توريثه ما له عليه الصلاة والسلام. فيما نقل من الخصائص التي تتعلق بهذا النوع كما انه آآ سيأتي في المسائل التي تتبع هذا النوع بقية تعريها في المجالس المقبلة بعون الله تعالى وتوفيقه. وبعد ايها المباركون فاننا قد استفتحنا ليلتنا المباركة هذه ليلة الجمعة بصلاة وسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم تنقلنا فيها بين مسائل هذا الكتاب في هذا المجلس نرغب في الاستكثار منها مغترفين من خيرات وبركاته. فاعلموا رعاكم الله انه ما يزال في ليلتكم هذه بقية باقية. لراغب في الاستكثار والاغتراف من مزيد من الخيرات والبركات بل ومن استمطار صلوات رب الارض والسماء. فمن صلى عليه صلاة صلى الله عليه بها عشرا صلى الله عليه به وسلم. صلاة الله ملء الارض تترى عليك وترتقي ملء السماء. نبي حاز عند الله قدرا. ومنك محمد في انبيائي. فاللهم صل وسلم وبارك عليه اعظم صلاة واتمها. وسلم عليه يا ربي اتم سلام واوفاه. وبلغنا يا رب بالصلاة والسلام عليه منازل الابرار ودرجات المقربين. وارزقنا حبه وطاعته واتباع سنته عليه الصلاة والسلام. واحشرنا في زمرة واوردنا حوضه وارزقنا شفاعته يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. تقبل منا يا رب انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين يا حي يا قيوم. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. اللهم عجل لامة الاسلام الفرج من كل هم اصابها وبالمخرج من كل ضيق احاط بها. اللهم رحماك نسأل فاذن لهذا الوباء ان يزول. اللهم ارحم ام البلاد والعباد واعد الحياة الى الحياة بفضلك ومنتك يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والاكرام. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة في حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك وحبيبك رسولنا ونبينا محمد. وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين