بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى آل بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد اخوة الاسلام فمن رحاب البيت الحرام ومن جنبات الكعبة المعظمة ينعقد هذا المجلس المبارك في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة نستكثر فيها من صلاتنا وسلامنا على نبينا وسيدنا وحبيبنا وقرة عيوننا محمد صلى الله عليه وسلم نستكثر من صلاتنا وسلامنا عليه ونحن نتدارس خصائصه صلى الله عليه وسلم فيما اورده الامام ابن الملقن رحمه الله تعالى في كتابه القيم غاية السولي في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم وقد تقدم بكم ان هذه الخصائص النبوية تنقسم عند اهل العلم الى ابواب فمنها ما كان من الواجبات وقد تقدمت. ومنها ما كان من المحرمات وقد تقدمت وكلاهما منقسم الى ما يتعلق بالنكاح وما يعم غيره من ابواب الحياة والشريعة والفقه والقسم الثالث الذي قد شرعنا فيه ليلة الجمعة الماضية والخصائص النبوية المتعلقة بالمباحات. ومضى فيها معنا مسائل ثلاثة ليلة الجمعة الماضية. ووقفنا عند رابع المسائل التي نشرع فيها ليلتنا هذه في مجلسنا. فاجعلوا نصب اعينكم رعاكم الله الاستكثار من الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم. ونحن نتدارس خصائصه النبوية وما يتعلق بها من احكام ففيها علم وفقه وفيها مسائل من حيث بيان وجه الخصوصية التي تتعلق بطرفها الاخر بنا ترى امته المباركة به عليه الصلاة والسلام. رابع المسائل كما قال المصنف رحمه الله تعالى دخول مكة بغير احرام وهذه المسألة مبنية على الحكم الذي يتعلق بنا. هل يجوز لمسلم ان يدخل مكة بلا احرام فاذا كان هذا الحكم متضحا ان بنى عليه خصوصية حكمه صلى الله عليه وسلم. واذ نحن نتكلم عن المسألة في المباحات فان المقصود اذا هو اباحة دخوله مكة صلى الله عليه وسلم بغير احرام. قال المصنف رحمه الله نقله صاحب التلخيص وغيره يعني ابا العباس ابن القاصي رحمة الله عليه قال وفي جوازه لغيره من غير عذر خلاف. الاشارة هنا الى الحكم المتعلق بنا معشر امته. هل يجوز لنا ان ندخل لمكة بلا احرام هذه مسألة يتناولها الفقهاء رحمهم الله في ذكر احكام المناسك وما يتعلق بدخول مكة على وجه الخصوص ذلك ان حديث المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي حدد فيه المواقيت لمن يقصد مكة في نسك حجا او عمرة لما ذكر عليه الصلاة والسلام المواقيت ذا الحليفة ويلملم والجحفة وقرن المنازل. قال صلى الله عليه وسلم هن لهن اي هذه المواقيت لمن سمى من اهل المدن والاقطار والاقاليم التي يمرون بها. فتلك المواقيت مقسمة على الانحاء والجهات التي يقدموا منها اهل تلك البلدان كالشام ومصر والمدينة والعراق واليمن قال هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ولو عبر شامي من ميقات اهل مصر او مصري من ميقات اهل الشام جاز له الاحرام لان العبرة بعبور هذه المواقيت ايا كانت الجهة والا يتجاوزها القاصد مكة الا محرما. قال هن لهن ولمن اتى عليهن من غير اهلهن ممن اراد الحج او العمرة فهذا القيد في قوله ممن اراد هل هو شرط بمعنى ان من اراد الحج والعمرة تعين عليه ولزمه ان يحرم من المواقيت فيكون مفهوم المخالفة من الحديث ان من لم يرد الحج والعمرة جاز له الدخول بلا الاحرام هذا اتجاه قال به بعض اهل العلم ومنهم من قال بل المقصود بيان الحال وانه لا يجوز دخول مكة بلا احرام فهما قولان اذا لاهل العلم في حكم دخول مكة بلا احرام لاي مسلم يقصد مكة يعني لعموم الامة. فالقول قل بوجوب الاحرام وانه ينبغي لمن دخل مكة الا يدخلها الا محرما وهذا الحكم يستوي فيه المكي الذي غادر مكة ثم قدمها ويستوي فيه الحاج والمعتمر والقادم لزيارة والقادم لعلاج ولتجارة. طالما دخل مكة فلا ينبغي له ان يدخلها الا محرما ويستثنى من ذلك من يتكرر دخوله مكة كالحطابين وساعي البريد ونحوهم ممن يتكرر دخوله وخروجه ومثل ذلك اليوم اصحاب السيارات والنقل الذين يتكرر دخولهم وخروجهم. فهذا القول الاول بالوجوب ويقابله قول ثان بانه لا يجب على المسلم القاصد لمكة ان يحرم الا اذا اراد الاحرام. فمن لم يرد كما جاء لزيارة او لتجارة او لعمل او لغرض اخر فلا بأس عليه ان يدخل بلا احرام اذا فهمتم هذا رعاكم الله ادركتم ان القول بعد هذه المسألة من الخصائص لا يتجه الا على القول الاول وهو الوجوب يعني وجوب الاحرام على المسلم اذا دخل مكة او انه لا يدخلها الا محرما. فاذا قلنا بالوجوب اصبح القول باباحة دخول مكة بلا احرام من خصائصه عليه الصلاة والسلام واذا اخذنا القول الثاني بالاستحباب او بنفي الوجوب واباحة دخول مكة بلا احرام لعموم الامة لم تعد هذه المسألة من خصائصه صلى الله عليه وسلم. والامر بين واضح. قال رحمه الله وفي جوازه لغيره يعني جواز دخول مكة بلا احرام لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم. من غير عذر خلاف خلاف بين الفقهاء على الاقوال التي مرت بك قبل قليل قال رحمه الله ودليل ما ذكرناه ما اخرجه مسلم من حديث جابر رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء من غير احرام فهذا الدليل على جواز دخوله صلى الله عليه وسلم مكة بغير احرام وهو ما فعله يوم فتح مكة دخل وعليه عمامة سوداء ولبس والعمائم من محظورات الاحرام. فلما لبسها دل ذلك على انه لم يكن محرما صلى الله عليه وسلم. وقد كان هذا يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة كما هو معلوم. فلباسه او لبسه للعمامة السوداء دل على عدم احرامه. فلما فعله صلى الله عليه وسلم دل على ثبوت في ذلك له واذ قلنا بالوجوب في حق غيره اصبحت هذه المسألة من خصائصه صلى الله عليه وسلم. هذا هو الدليل. قال وعبر في عيون المعارف بالحرم بدل مكة وهو المراد هنا. يعني قال دخول الحرم بغير احرام. فليس المراد بالحرم المسجد الحرام بل حدود الحرم كله وهو مكة. قال وذكر ان ذلك مما خص به دون من قبله من الانبياء صلى الله عليه وسلم سلم قال رحمه الله تعالى وذكر ابن الرفعة في الكفاية في اوائل الحج وغيره ان من دخل مكة مقاتلا لباغ او قاطع طريق او خائفا من ظالم لا يلزمه الاحرام واستدل بانه عليه الصلاة والسلام دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه مغفر ولو كان محرما لم يلبسه وقد كان خائفا من غدر الكفار وعدم قبولهم الصلح الواقع بينه وبين ابي سفيان وقد علمت ان الاستدلال بذلك ليس بجيد لاجل هذه الخصوصية الواقعة في حقه صلى الله عليه واله وسلم هذا النقل عن الامام ابن الرفعة رحمه الله تعالى فيه الاستدلال على جواز دخول مكة بلا احرام لمن كان يقصد قتال البغاة وقاطع الطريق او دخولها خائف من الظلم فانه لا يلزمه الاحرام فاذا ثبت هذا حكما عاما لم يكن هنا وجه للخصوصية به صلى الله عليه وسلم كما تقدم وجه الاستدلال ان دخول النبي عليه الصلاة والسلام عام الفتح الى مكة وعلى رأسه المغفر والمغفر هو عبارة عن مثل التي تلبس فوق الرأس يلبسها المقاتلون وهي من الحديد تلبس فوق الرأس تقي من ضربات السيوف ورمي سهام والرماح ونحوها فهي لحماية الرأس ثم يأتي المغفر تحت تلك الخوذة وهي عبارة عن ساتر من سلاسل من حديد فتكون حلقات الحديد تنزل عن جانبي المغفر الذي يكون على الرأس فتنزل تغطي الوجه والرقبة والعاتقين الا يصيب المقاتل شيء من ضربات السيوف والسهام ونحوها. لبس المغفر عليه الصلاة والسلام. وفي حديث جابر قبل قليل انه لبس العماء وقد اجاب بعض اهل العلم عن هذه الروايتين وكلتاهما صحيحة انه لا تعارضا. فقالوا دخل لابسا المغفرة اولا. لما دخل مكة ولما جاء عند الكعبة وخطب نزع المغفرة فكان لابسا للعمامة فحكت الروايتان حالتان لبس في احداهما فرأى اول دخوله مكة والثانية عند اتيانه الخطبة عند باب الكعبة كان يلبس العمامة والقول الثاني في الجمع انه كان يلبس المغفرة ويحيطه وقد دف العمامة عليه وبالتالي حكى بعض الصحابة المغفرة في رؤيته اياه وحكى بعضهم رؤية العمامة وقد كان لابسا لكليهما صلى الله عليه وسلم لئلا يتوهم التعارض بين الروايتين او ضعف بعضهما في مقابل بعض. فلبس المغفرة ولبس العمامة على احد الوجهين المذكورين انفا. قال واستدل بانه عليه الصلاة والسلام دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر ولو كان محرما لم يلبسه هذا المقصود هنا بالشاهد وقد كان خائفا من غدر الكفار وعدم قبولهم الصلح الواقع بينه وبين ابي سفيان قال المصنف رحمه الله تعالى وقد علمت ان الاستدلال بذلك ليس بجيد لاجل هذه الخصوصية الواقعة في حقه صلى الله عليه وسلم. يعني نحن نقرر المسألة انها من الخصائص فكيف يقال في بناء الحكم عليها ان من دخل مكة مقاتلا لباغ وقاطع طريق او خائف جاز له ان يدخل بلا احرام؟ اذا قلنا هي من الخصائص اذا فلا تجوز لغيره هذا كله على القول بان المسألة من الخصائص. وبالتالي فلا يسوغ لغيره ان يكون له هذا الحكم. نعم قد دخل عليه الصلاة والسلام مكة مقاتلا ولذلك لم يحرم. لكن هل يجوز لغيره ان يفعل ذلك ولا يحرم؟ اذا قلنا هي من الخصائص لم يتجه ذلك لغيره ويبقى ذلك خصوصية له صلى الله عليه وسلم. قال ابن الملقن رحمه الله تعالى جوابا عن ذلك. قال وقد علمت ان الاستدلال بذلك ليس بجيد لاجل هذه الخصوصية الواقعة في حقه صلى الله عليه وسلم ثم قوله ولو كان محرما لم يلبسه وقد كان خائفا من غدرهم كلام لا يلتئم. فان المحرم الخائف يباح له اللبس قطعا. فاذا هذا لا يتنافى مع الاحرام. يمكن ان يحرم ويلبس ما يدفع به خوفه بغض النظر عن ترتب الفدية بعده او لا فدية للبس لكنه لا يمتنع ان يحرم وكلامنا في الاحرام. والاحرام هو النية والدخول في النسك بالتلبية والاتيان بالمناسك طوافا وسعيا وحلقا او تقصيرا. قال هذا لا وجه له فالمحرم الخائف يمكن ان يكون محرما ثم يرتدي من اللباس ما يدفع به خوفه. قال وحديث جابر الذي سقناه صريح في الدلالة. ثم تعليله ترك الاحرام واللبس بالخوف كيف يلتئم مع قوله تعالى والله يعصمك من الناس. وفي الحديث لما نزلت هذه الاية ترك الحرس صلى الله عليه واله اله وسلم. هذا خلاصة ما اورده المصنف رحمه الله تعالى هنا في المسألة الرابعة وهي جواز دخول مكة بلا وقد علمت رعاك الله ان دخوله صلى الله عليه وسلم الى مكة بلا احرام تثبت الخصوصية له على شرط القول الوجوب في حق غيره فمن لا يقول بالوجوب لا يتجه القول بالخصوصية. هذا اولا وثانيا اذا كان صلى الله عليه وسلم قد دخل مكة مقاتلا وهي المسألة الاتية الان في الخامسة وتجرى فيها جواز القتال في الحرم فان ذلك ايضا لا يختص به لجواز ان تثبت المشروعية في حق غيره فتنتفي الخصوصية. ولهذا نوزع ابن القاص رحمه الله تعالى في دعوى الاختصاص في هذه المسألة. لم لان الاختصاص او الخصوصية لا تثبت الا بدليل ومن ذلك زعم الطحاوي رحمه الله ان دليل ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابي شريح في المسألة الاتية وانها لم تحل له الا ساعة بالنهار فلا تثبت لغيره. وعلى كل حال فالمسألة محل اه تنبيه في ارتباطها في دخول بغير احرام ودخولها لغرض القتال الاتي في المسألة الخامسة. قال رحمه الله تعالى المسألة الخامسة القتل في الحرم فانه صلى الله عليه وسلم قتل ابن خطل وهو متعلق باستار الكعبة عبدالله بن خطل احد من اهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماءهم يوم فتح مكة وقد امن الناس جميعا. فقال من اغلق بابه دونه فهو امنوا من دخل دار ابي سفيان فهو امن. ومن دخل المسجد الحرام فهو امن واهدر النبي عليه الصلاة والسلام دم بعض البغاة والمقاتلين والمحاربين ومن كانت لهم غدرات وفجرات ومنهم عبدالله بن وخطل قيل له هذا عبد الله بن خطل متعلق باستار الكعبة قال صلى الله عليه وسلم فاقتلوه قتل عبد الله بن خطل مع تحريم القتل في الحرم دليل على خصوصية واستثناء فانه عليه الصلاة والسلام قد قال وهو يبين حرمة مكة لا يحل فيها لمسلم ان يريق فيها دما او يعضد بها شوكا او يسفك بها دما او يصيد بها صيدا او ينفر صيده كما قال عليه الصلاة والسلام في مكة يؤمن من دخلها على حد قول الله تعالى ومن دخله كان امنا فالتأمين وتحريم القتل حكم عام وهذا يشمل الامة كلها. فاذا ثبت جواز قتله صلى الله عليه وسلم لبعض من قتلهم يوم فتح مكة. دل ذلك على الخصوصية له وهذا وجهها نعم والدليل هنا قتله لعبدالله بن خطل وغيره ممن اهدر النبي صلى الله عليه وسلم دماء امهم ستة اربعة رجال امرأتان قال المصنف رحمه الله تعالى كذا رأيت في التلخيص لابن القاصي وتبعه القضاعي وقال انه خص به من بين سائر الانبياء قال المصنف وفي الخصوصية نظر ها هنا يناقش ابن الملقن رحمه الله دعوى الخصوصية في مسألة القتل في الحرم وهنا المناقشة ستأتي من اكثر من وجه احدها اولا قتل البغاة في الحرم هل يمتنع في حق الامة وعموم افرادها ها هنا يذكر الفقهاء جواز قتل الباغي ان لجأ الى الحرم نعم منهم من قال لا يقتل في الحرم بل يلجأ للاضطرار الى الخروج منه فيقتل ومنهم من قال لا حرج لان الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخريبة. كما قاله عمرو بن سعيد بن العاص في قصة حديث ابي شريح. وهذا الوجه من الفقه يقوله الفقهاء في مسألة حرم مكة وما يتعلق به من احكام. عندما يذكرون وقتل الصيد وتنفيره وقطع النبات به يتكلمون عن القتل. ويتعلق به من السياسة الشرعية اقامة الحدود في مكة فهل يقتص من القاتل؟ وهل يقاد في حرم مكة؟ المسألة محل خلاف بين الفقهاء. فاذا قلنا جواز ذلك وهو قولك كثير من اهل العلم. يعني جواز الاقتصاص في مكة في الحرم. وجواز اقامة الحدود وجواز قتل البغاة. واطلاق السلاح في ردا لكيدهم ومنعا من اذاهم خصوصا اذا حملوا السلاح واراقوا الدماء. فان كفهم لا يكون الا بقتلهم. اذا ثبت جواز ذلك لم يكن للخصوصية به صلى الله عليه وسلم في هذه المسألة وجه معتبر هذا احد الوجوه وثانيها ان يقال ان قتله عليه الصلاة والسلام او قتاله بمكة لم يكن يختص به. الا ترى انه دخل مكة ومعه جيش قد بلغ عشرة الاف مقاتل وقد كانت بعض الكتائب فيه قاتلت قتالا يسيرا في بعض احياء مكة لما واجهوا بعض من حمل السلاح فوقع القتال فاذا ثبت ان غيره من الصحابة قد قاتل تبعا له عليه الصلاة والسلام فاذا لا وجه للقول بالخصوصية وهذا ايضا يذكره العلماء لمناقشة الوجه القائد بالخصوصية هنا في مسألة القتل في الحرم اذا لم يختص به بل قاتل وقاتل غيره صلى الله عليه وسلم والجواب عن ذلك عند من يقول بخصوصيتي ان قتال غيره كان باذنه وبامره وتبعا له. فلو لم يقاتل هو صلى الله عليه وسلم ما قاتل غيره. ولو لم يبح له لم يبح لغيره. ويكون قوله صلى الله عليه وسلم وهو يذكر خصوصا وصيته في المسألة قال انها لا تحل لاحد قبلي ولن تحل لاحد بعدي وانما حلت لي ساعة من نهار. وفي رواية فان ترخص احد بقتال رسول الله. قالها بعد قوله صلى الله عليه وسلم ان مكة بلد الله يوم خلق السماوات والارض ولم يحرمها الناس فهي حرام بحرمة الله الى يوم القيامة ثم قال فان ترخص احد بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا له ان الله اذن لنبيه ولم يأذن لكم. قال وانما اذن ساعة من نهار وفي رواية وانما احلت لي ساعة من نهار. قال وقد عادت اليوم كحرمتها بالامس فليبلغ الشاهد الغائب فقوله احلت لي فيه وجه للخصوصية احلها الله له فقتال الجيش معه كان تبعا له. فقوله احلت لي اي لاجلي. وهذا المناقشة وهذه المناقشة هي محل الدعوة الخصوصية في المسألة وقد قال فيها المصنف رحمه الله تعالى وفي الخصوصية نظر علل ذلك فقال لان ابن خطل صاحب جرم والحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة كما ثبت في الصحيح في الصحيح نعم لكنه ليس حديثا مرفوعا بل هو من كلام عمرو بن سعيد بن العاص الاشدق لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم فلا حجة فيه من هنا وقع فيه نزاع الفقهاء لا يعيذ الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم. يعني القاتل الهارب اللاجئ الى الحرم. ولا فارا بخرب بل خربت اصلها معناها العيب وكل فعل لا تجيزه الشريعة يسمى خربا. فلما حصل من نقاش بين ابي شريح العدوي وقد دخل على عمرو ابن سعيد الاشدق وهو يبعث البعوث الى مكة فقال له وقد حدثه ابو شريح بحديث النبي عليه الصلاة والسلام قال الا اعلم منك يا ابا الشريح ولكن الحرم لا يعيذ عاصيا ولا فارا بدم ولا فارا بخربة قال المصنف رحمه الله وقد قيل ان ابن خطر كان قد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجه مع رجل من الانصار امر عليه فلما كان في بعض الطريق وثب على اميره الانصاري فقتله. ذكر قصة ابن اسحاق في السيرة وابن كثير في البداية والنهاية وغيرهما ممن كتب في السيرة النبوية والمغازي في سبب اهدار النبي عليه الصلاة والسلام دبى ابن خطل فانه وجمع بين الغدر والخيانة والقتل وكل ذلك موجب للثأر والاقتصاص منه فلم يرى النبي عليه الصلاة والسلام التجاءه الى الحرم بل ولا تعلقه باستار الكعبة ما رآها عاصمة له مما فعل من غدر يوجب قصاصا وثأرا وانتقام قام فهذا القول الذي قال فيه المصنف رحمه الله في جواز القتل في الحرم وقد مر بك ان المسألة في دعوى الخصوصية فيها نظر قال لانها لا تثبت الا بدليل. ومن ادعى الخصوصية في حديث ابي شريح لم تحل لي الا ساعة من نهار. المراد جواز دخولها بغير احرام لا تحريم القتال والقتل فيها كما ذكر الطحاوي. قال لانهم اجمعوا على ان المشركين لو غلبوا والعياذ بالله تعالى مكة حل للمسلمين قتالهم وقتلهم فيها فعكس النووي استدلال الطحاوي هذا فقال في الحديث دلالة على ان مكة تبقى دار اسلام الى يوم القيامة وانه لا يمكن ان قلب عليها كافر يستوجب قتالا. فبطل ما صوره الامام الطحاوي وفي دعوى الاجماع نظر فان الخلاف ثابت حكاه القفال والماوردي غيرهما وقد وقع نقاش لاهل العلم في المقصود بالساعة من النهار التي حلت له صلى الله عليه واله وسلم القتال فيها. وذكر انها ساعة يعني الزمان وقيل الايام التي قضاها بمكة عليه الصلاة والسلام يوم الفتح واقوال اخرى لكن الحديث في الجملة دليل على تحريم مكة وحرمتها وتحريم القتال فيها والقتل بها. واما اقامة الحد فيها على من اوقعه فذلك مما ذكر بين اهل علمي من ما لا خلاف فيه وان الخلاف يخص من قتل في الحل ثم لجأ الى الحرم يستعيذ به. وممن نقل على ذلك الاجماع الامام ابن الجوزي رحم الله الجميع. وهذا كله من اطراف في المسألة التي يتناولها العلماء في دعوى الخصوصية هنا والجواب عن ذلك يقول العلامة الخيضري بعدما ذكر هذا الخلاف قال اذا علمت ذلك فاقول ذكر احلال مكة له صلى الله عليه وسلم في الخصائص نظر فيه نظر. فانه لم يختص بذلك. بل شاركه فيه من كان معه من اصحابه. فان القتال شرع له ولهم وكذلك دخوله بغير احرام على القول به فقد كانوا كذلك يعني من كان معه دخل مكة بلا احرام قال فان قلت صريح الحديث يدل على الاختصاص. لانه قال احلت لي لي فدل على امتناع ذلك على غيره قلت هو مثل قوله وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا وليست خاصة به صلى الله عليه وسلم قال ولا شك انها جعلت له ولامته. فيكون معنى ذلك جعلت لي ولمن تبعني في ذلك الوقت قال فعل هذا لا خصوصية بالنسبة لمن شاركه. قال ثم ظهر لي ان يحمل ذلك على اختصاصه بالاذن له في استحلالها ليباشر ذلك بنفسه ومن معه. فيكون معنى قوله احلت لي اي لاجلي وهذا لم يقع لغيره صلى الله عليه وسلم فتصح الخصوصية بهذا الاعتبار والله اعلم هذه رابع المسائل المذكورة في سياق دخول مكة او الحرم دخوله والقتال فيه كما تقدم قال المصنف رحمه الله تعالى المسألة السادسة وما زلنا في عداد الخصائص من جنس المباحات ان ما له لا يورث عنه صلى الله عليه وسلم. لان كل ميت في الامة يموت ينتقل ما له الى ورثته وكل ميت يورث من بعده واحكام التركات وقسمة المواريث مبنية على هذا. اما نبينا عليه الصلاة والسلام فما ترك من مال لا يعد ميراثا ينتقل الى اهله لكنه صدقة وذكر الدليل فقال قال صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه صدقة الحديث عند البخاري في صحيحه من رواية عدد من الصحابة ابي بكر وعائشة وعمر وابي هريرة رضي الله عن الجميع في لفظ حديث عائشة رضي الله عنها قال النبي صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركت صدقة. ولفظ ابي بكر لا نورث ما تركنا صدقة انما يأكل ال محمد من هذا المال. ولفظ ابي هريرة لا يقتسم ورثتي دينارا ما تركت بعد نفقة نسائي ما تركت بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقة. واما عند مسلم في الصحيح من حديث عمر وعائشة وابي بكر وابي هريرة ايضا رضي الله عن الجميع. هذه المسألة السادسة من مسائل المباحات الخصائص برسول الله صلى الله عليه وسلم قال المصنف الحديث متفق على صحته من حديث جماعة. ثم فيه وجهان يعني ان لم يكن ماله صلى الله عليه وسلم الذي مات وتركه ان لم يكن ميراثا يقسم بين ورثته بين ازواجه اهل بيته وفاطمة ابنته. فماذا يكون؟ ما مآل ما له عليه الصلاة والسلام؟ قال فيه وجهان. احدهما انه صدقة للحديث المذكور لما قال لا نورث ما تركناه صدقة او فهو صدقة قال لحديث المذكور وبه قطع ابو العباس الروياني وقال الرافعي في الشرح الصغير انه المشهور وعلى هذا على القول بان ما تركه يكون صدقة. هل يكون وقفا على ورثته ام هو صدقة لعموم الامة؟ هل يكون وقفا على ورثته قال فيه وجهان حكاهما ابو العباس ايضا فان جعلناه وقفا فهل هو الواقف قال ايضا فيه وجهان لقوله في الحديث ما تركناه صدقة واصحهما عند الامام انه باق على ملكه ينفق منه على اهله كما كان عليه الصلاة والسلام ينفقه في حياته فانظر كيف فرع المسألة على مسائل سابقة. اولا ما له لا يورث صلى الله عليه وسلم فماذا يكون؟ هل هو يكون صدقة ام يكونوا وقفا ثم اذا قلنا هل يكون وقفا على ورثته فهو الواقف ام غيره والوجه الاخر ان ما تركه صلى الله عليه وسلم لا يكون صدقة بل باق في ملكه. ينفق منه على اهله. كيف يبقى في ملكه وقد مات عليه الصلاة والسلام اجابوا عن ذلك بان الانبياء احياء. قال المصنف ووجهه الامام بان الانبياء جاء احياء وهذه الحياة برزخية ولهذا لا يستقيم هذا الجواب لان المقصود بالحياة التي يترتب عليها الملك هي الحياة الدنيا اما الحياة البرزخية فلو قلنا ببقاء حكم احياء احياء الحياة الدنيا عليها ايضا الشهداء فهم ايضا احياء عند ربهم يرزقون بنص الاية الكريمة. ولا احد يقول ان مال الشهيد الذي استشهد لا يقسم تركة بل ينفق منه على اهله واولاده فان قلت هو حي كان الجواب حي حياة برزخية والحياة البرزخية لا صلة لها بالحياة الدنيا واحكامها. فكذلك القول في حياة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المصنف رحمه الله ووجهه الامام بان الانبياء احياء قال وكذلك كان الصديق رضي الله عنه ينفق منه يعني مما ترك النبي عليه الصلاة والسلام على اهله وخدمه ويصرفه فيما كان يصرفه فيه في حياته. هو استدلال بصنيع ابي بكر رضي الله عنه على تقرير هذا القول ان ما تركه النبي عليه الصلاة والسلام لم يخرج عن ملكه لكن الحقيقة ان ما فعله ابو بكر رضي الله عنه كان مبدأا التزم به وفاء لرسول الله عليه الصلاة والسلام وقياما بحق اهل بيته. فقد اخرج البخاري في الصحيح عن ابي بكر رضي الله عنه انه قال والله لا ادع امرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه الا صنعته. وهذا اه قصة حصلت في زمن ابي بكر لما تولى الخلافة رضي الله عنه وارضاه والمراد بذلك بيان حكم المسألة وانه لا يصح الاستدلال صنيع ابي بكر ولهذا عقب النووي رحمه الله نقاشا على المسألة فقال فيما ذكره المصنف هنا قال النووي في الروضة وكل هذا ضعيف يعني القول بان ما تركه صلى الله عليه وسلم باق في ملكه وانه ينفق منه على اهله والاستدلال على ذلك بان الانبياء في قبورهم احياء والاستدلال بصنيع ابي بكر الصديق رضي الله عنه في انه كان قد تولى الامر وجعل ينفق على ال بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا اذا والله لا ادع امرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه الا صنعته. قال وكل هذا ضعيف قول النووي رحمه الله قال والصواب الجزم بانه زال زال ملكه عنه عليه الصلاة والسلام وان ما تركه فهو صدقة على المسلمين لا يختص به الورثة وكيف يصح غير ذلك مع الحديث الصحيح فانه نص على زوال الملك قال نحن معاشر الانبياء لا نورث فصرح بعدم الامتلاك الذي يفضي الى الارث وصرح بحكمه ومآل المال فقال ما تركنا صدقة او ما تركناه صدقة. قال فانه نص على زوال الملك قال المصنف رحمه الله ثم اعلم ان الرافعي ذكر في الباب الاول من قسم الفيء والغنيمة ان خمس الفيء كان له عليه الصلاة والسلام ينفق منه على نفسه واهله وفي مصالحه ولم يكن يملكه فهذا تقرير فقهي انه ابيح له الانتفاع بذاك الخمس. والانفاق منه على كونه مصلحة لا ملكا. فاذا كان كذلك لم ينتقل منه والى غيره ارثا وهذا حكم منه بان جهة الانفاق غير مملوكة خلاف ما ذكره هنا. قال المصنف ومن غريب ما ذكره صاحب البيان ويقصد به الامام العمراني يحيى بن ابي الخير ما ذكره في اخر احياء الموات عن الشيخ ابي حامد المروزي ان بعضهم قال انه عليه الصلاة والسلام ما كان يملك شيئا ولا يتأتى منه الملك وانما ابيح له ما يأكله وما يحتاج اليه وغضب الشيخ ابو حامد لقوله تعالى وما افاء الله على رسوله وقد اعتق صفية واستورد ماريا استولدها يعني وطئها اجارية فجعلها ام ولد فقد انجبته ابراهيم ابنه. واستورد مارية ودل ذلك على انه كان يملك وكل هذه تصرفاته ناشئة عن ملك صحيح معتبر شرعا. فدل على بعد وغرابة هذا القول المذكور هنا نقلا عن العمران صاحب البيان فيما نقله عن الشيخ ابي حامد المروزي رحم الله الجميع. ثم انتقل المصنف رحمه الله تعالى الى ذكر بعض الامور المتعلقة بهذه المسألة في عدم ملكه صلى الله عليه وسلم فيها وجه ذلك والحكمة منه وفيها بيان وجه الخصوصية وموقف ذلك ايضا في حق الانبياء. وما يتعلق بقوله صدق في الحديث نتم بها هذه المسألة التي ذكرها المصنف هنا سادس المسائل المباحات. قال المصنف رحمه الله ثم ها هنا امور احدها عد الغزالي والامام هذه الخصلة من جملة التخفيفات. اذا قلنا ان من الخصوصية به عليه الصلاة والسلام ان ما له لا يورث. فهمنا المسألة. السؤال لماذا جعلها في قسم المباحات ما الذي كان مباحا له ما يعني نحن نقول الخصائص اما محرمات او واجبات او مباحات او مناقب وفضائل هذه ليست واجبات ولا محرمات ما وجه جعل ذلك في مسألة التخفيفات والمباحات قال قال الرافعي كأن المعنى فيه ان جعلها صدقة تورث زيادة القربة ورفع الدرجات والاكثرون عدها من الكرامات التي ستأتي في القسم الرابع وهو المناقب والكرامات وهو الى ذلك القسم اقرب من الى هذا القسم بعدها في المباحات. ولو عدها عاد في المحرمات لم يكن التحريم عليه صلى الله عليه وسلم بعد اهل بيته الانتفاع من ماله لانه ليس ارثا يتعلق فيه حق لهم قال المصنف رحمه الله تعالى والاكثرون عدوها من الكرامات وهو الرابع من خصائصه صلى الله عليه وسلم. يعني الاتي في القسم وتوجه ما ذكره الامام والغزالي بانه يجوز ان يكون له التصدق بجميع ما له بعد موته بخلاف امته كما ابداه بعضهم بحثا هذا الكلام قد يكون له وجه من النظر. فيكون التخفيف هنا والتوسعة هو توسعة الصدقة بان يتصدق بماله كله بينما لا يحق للمسلم في امته عليه الصلاة والسلام ان يتصدق او يوصي بالصدقة في ماله عند وفاته الا ما كان في حدود الثلث من التركة وما زاد على ذلك فهو موقوف على اجازة الورثة واذنهم بكون النهي معللا بحرمان الورثة من الميراث. اما النبي عليه الصلاة والسلام فهذا الحكم ممتنع في حق وراثته لقوله لا نورث قال المصنف ثانيها يعني من الامور التي يذكرها فوائد متعلقة بمسألة عدم توريثه صلى الله عليه وسلم او انتقال ماله لورثته. ثانيها قال هذا ليس خاصا به صلى الله عليه وسلم من بين سائر الانبياء عليهم سلام. يعني هي خصائص لكنها ليست محمدية بل نبوية. يعني له ولباقي الانبياء فلا يختص هو من بينهم بهذه المسألة. قال ففي السنن الكبرى للنسائي من حديث الزبير وغيره انا معشر الانبياء لا نورث. ما تركناه فهو صدقة والحديث قال الحافظ في التلخيص اسناده على شرط مسلم. وايضا آآ في النسائي من حديث ما لك عن قتيبة عن الزهرية عن عروة عن عائشة ان ازواج النبي صلى الله عليه وسلم لما توفي اردن ان يبعثنا عثمان الى ابي بكر فيسألنه ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهن عائشة اليس قد قال لا يورث نبي؟ ما تركنا صدقة لا يورث نبي اذا ليس خاصا به. ان معشر الانبياء معاشر الانبياء لا نورث دليل على عدم اختصاصه صلى الله عليه وسلم بهذا الحكم. قال المصنف رحمه الله نعم يمتاز به من بين امته فيكون الخصوصية له بهذا الاعتبار. لكن يشاركه فيه باقي الانبياء فيكونون جميعا مخصوصين من بين اممهم. قال واما القضاعيون فلما ذكر خصائصه من بين سائر الانبياء قال ومنها ان ماله كان بعد موته قائما على طاقته وملكه. فمال القضاعي الى عد المسألة من خصائصه صلى الله عليه وسلم يعني حتى في مقابل الانبياء عليهم السلام وان ذلك لا يشملهم في الحكم لما عرف من كثرة خصائصه صلوات الله وسلامه عليهم جميعا وربما قال قائل هذا المعنى مشترك في جميع الانبياء لان جميعهم احياء فاذا ثبتت حياتهم وقد تقدم نقاش هذا قال المصنف رحمه الله تعالى ثالثها يعني من الامور والفوائد والمسائل المتعلقة بمسألة الميراث. ما الحكمة في كون الانبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون لماذا جعل هذا الحكم مرت بك الاجابة الاولى انهم احياء. وقد تقدم الجواب هي حياة برزخية والحياة البرزخية لا تثبت حكم حياة الأحياء لتقول هو لا يزال حيا إذا هو لا يزال مالكا لماله. لأنك لو قلت ذلك لزمك ان تقوله في الشهداء وقد ثبتت حياتهم الشهداء اه ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتا بل احياء عند ربهم يرزقون. هذا وجه قال فيه اوجه احد لئلا يتمنى قريبهم موتهم فيهلك بذلك. عندما يتعلق طمع الوارث في مال مورثه يتمنى موته. لكن الله نزه مقام الانبياء عن ذلك فاغلق دونهم الباب. فجعل اموالهم صدقات من بعدهم لا تنتقلوا ارثا لورثتهم وعند ذلك اذا انقطع الطمع اغلق هذا الباب فتنزهوا عن مقام الرغبة في موتهم والخلاص منهم للطمع في مالهم ان ينتقل الى قال ثانيها لئلا ينفر الناس عنهم ويظن فيهم الرغبة في الدنيا وجمعها لوارثهم بهم نحن ايها البشر طمعونا في الحياة له وجهان حرصنا على المال له وجهان. سعينا في جمع المال وتنميته وادخاره واستثماره وكنزه له وجهان احدهما الانتفاع به لذواتنا في الحياة. ان نستمتع بطعام وشراب ولباس ومركوب وان نتوسع في المباحات وان نستلذ بالمطاعم والمآكل والمشارب وسارما اباح الله بهذا المال والوجه الثاني ترك شيء لورثتنا من بعدنا ان نخلف لهم دورا وعقارا وارصدة في البنوك هذا الوجه يتعلق بنا جميعنا معشر البشر. لكن الانبياء لما اراد الله الا يكون مالهم ارثا لورثتهم تنزهت النظرة اليهم الا طمع لهم في الحياة لانهم ايقنوا ان مالهم ليس لوارث يأتي من بعدهم فعلام يكون الحرص لن يكون حرص ستتنزه النظرة اليهم وتسمو. وهذا مقصد شرعي جليل. قال لان لا ينفر الناس عنهم يظن فيهم الرغبة في الدنيا وجمعها لوارثهم من بعدهم. قال ثالثها لان لا يفتن بعض الذين اسلموا وتابعوهم بظنهم فيهم الرغبة والجمع لوارثهم. يعني هذا انما ينقدح في نفس المؤلفة قلوبهم وحديث العهد بالاسلام وهم داخلون في المعنى السابق فهي اجابات متعددة كما ترى في انه اراد الله عز وجل لحكمة جليلة الا يكون المال الذي يتركه الانبياء ارثا ينتقل الى ورثتهم قال المصنف رحمه الله تعالى رابعها اشكال يحتاج الى جواب ما الجواب عن قوله تعالى فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من ال يعقوب. الكلام عن زكريا عليه السلام قال فهب لي من لدنك وليا يعني ابنا يكون وليا من بعدي يرثني الم نقل ان الانبياء امتنع في حقهم الميراث هذه دعوة زكريا عليه السلام. واجاب الله دعوته فرزقه يحيى ليكون وليا يرثه ويرث من ال يعقوب قال واجعله ربي رضيا خذي الثانية قال وقوله تعالى وورث سليمان داوود وهو ابنه. اذا كان الارث ثابتا للانبياء فهذا سليمان قد ورث داوود عليهما السلام. وهذا زكريا يطلب من الله ان يرزق الولد ليكون وارثا له اسمع الجواب قال المصنف رحمه الله قلت المراد الوراثة في النبوة والعلم والدين لا في المال وهذا هو الصحيح لما قال زكريا يرثني ورث من ال يعقوب اراد النبوة اراد الحكمة اراد العلم وهذا هو الشرف المتوارث في سلالة الانبياء عليهم السلام وليس المقصود المال قال المصنف وفي هذا رد على ما حكاه القاضي عياض عن الحسن البصري انه قال عدم الارث منهم يختص بنبينا صلى الله عليه وسلم واستدل بالاية اولى التي هي قوله تعالى فهب لي من لدنك وليا. قال وزعم ان المراد وراثة المال. ان يقول هذا وزكريا طلب وراثة المال وداوود آآ ورثه سليمان فاذا ثبت الارث دل ذلك على خصوصية المسألة برسول الله صلى الله عليه وسلم. قالوا ولو اراد وراثة النبوة لم يقل واني خفت الموالي من ورائي اذ لا يخاف الموالي على النبوة ثم استدل بالاية الاخرى يعني وورث داوود سليمان داوود. قال المصنف والصواب الذي عليه جميع العلماء ان جميع الانبياء لا يورثون ويؤول ذلك بما سبق يعني الحمل على وراثة النبوة والعلم والدين ذكر ذلك غير واحد من اهل العلم فثبت اذا امتناع توريث الانبياء عليهم السلام جميعا وانه لا يختص ذلك برسول الله صلى الله عليه واله وسلم بل هو حكم عام يتناوله ويتناول سائر النبيين عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة واتم التسليم قال المصنف رحمه الله تعالى خامسها يعني من الفوائد والمسائل قوله صلى الله عليه وسلم صدقة ما تركناه صدقة او ما تركنا صدقة او ما تركنا فهو صدقة قوله صدق مرفوع خلافا للامامية حيث نصبوه. المقصود بهم الشيعة وهي فرقة منهم من الاثني عشرية قيل ذلك لهم لانهم ادعوا انتقال الامامة في ابناء الحسين ابن علي رضي الله عنهم جميعا قال خلافا للامامية حيث نصبوه يعني قالوا نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركنا صدقة فيكون تأويل ذلك عندهم لا نورث صدقة لا نترك المال صدقة. بل سيكون ارثا وهو ذهاب بالحديث في تفسيره على هذا الاعراب الى غير المقصود منه ولتعلموا رعاكم الله ان ما اخذ الشيعة في هذا هو نزاع اه معلوم عنهم يتجهون به الى الطعن في مقام الصحابة الكرام رضي الله عنهم جميعا ويقصدون بذلك ان ما صنعه ابو بكر من صرف ما للنبي عليه الصلاة والسلام حيث اراد بالصدقات انه من الظلم الذي ظلم به فاطمة رضي الله عنها والعباس وبعض ال بيت النبي صلى الله عليه وسلم عندما لم يمكنهم من مال رسول الله عليه الصلاة السلام وقد جاء علي العباس يطلبانه وان هذا الظلم خلاف الصريح فلما اجيبوا بالحديث نحن معاشر الانبياء لا نورث ما تركنا صدقة هذا معناه لا نورث صدقة يعني لا ينتقل مالنا بوجه كونه صدقة. بل هو مال ميراث ينتقل الى الورثة. وهذا تأويل ضعيف. قال المصنف رحمه الله قالوا ويورث بمثناة تحت يعني بالياء. اي ما تركناه صدقة فلا يورث ان ما تركناه صدقة فلا يورث. وهذا آآ جواب منهم كما قلت لك في تحقيق اصل فاسد عندهم يطعنون على مقام الصحب الكرام رضي الله عنهم قال المصنف رحمه الله تعالى وقد اختصر المسألة هنا في الجواب عن هذا القول المنسوب الى الشيعة قال تنبيه هل يرث اذا كان عليه الصلاة والسلام لا يورث يعني لا يكون مورثا فهل يكون وارثا؟ يعني اذا مات بعض اهل بيته هل يرثهم صلى الله عليه وسلم؟ قال لم ارى فيه نقلا لكن في كتاب مشكل الحديث والمراد به كتاب ابن قتيبة تأويل مختلف الحديث في اواخره قالوا حديث ينقضه القرآن قالوا رويتم ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ان معاشر الانبياء لا نورث ما تركناه صدقة ومن الدليل ايضا على ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يورث انه كان لا يرث. هذا قول ابن قتيبة بعد ان اوحى الله اليه وانما كانت وراثته ابويه قبل الوحي. يعني لما ورث امه واباه قبل ان يكون نبيا. قال المصنف قلت واية المواريث لم تشهد للسياق قبلها وبعدها. والخطاب فيها للموروث والوارث. قال وفي عيون المسائل من لا وارث بماله في قوله عليه الصلاة والسلام انا وارث من لا وارث له اعقل عنه وارثه انه خبر متروك الظاهر لانه صلى الله عليه انما لا يرث ولا يعقل بالاجماع لا يعقل يعني لا يتحمل جناية الخطأ فيما تتحمله العاقلة وهم عصبة الانسان قال المصنف قلت ان معناه انه لا يأخذ المال اخذ الوارث اذا خلا المال عن الاستحقاق. والموصى له مستحق المال اذا خلا والموصية له مستحق المال اذا خلا. يعني في لفظ للحديث انا مولى من لا مولى له. ارث ما له وافك عانه والخال مولى من لا مولى له ويرث ما له ويفك عانه. هذه المسائل المتعلقة بجملة الحديث في قوله نحن لا نورث ما تركنا صدقة واعلم ان تأويل الشيعة لللفظ في الحديث ما تركنا صدقة يعني لا ينتقل ما تركناه صدقة وما عاداه فينتقل ارثا هذا التأويل حملوه على وجه نحوي ضعيف بعيد وهو حمله على النصب على الحال. ليكون معنى قوله ما تركنا صدقة اي ما تركناه مبذول صدقة. وهو نظير قراءة من قرأ في القراءة الشاذة قالوا آآ لان آآ اكله الذئب ونحن عصبة قرأ شاذا ونحن عصبة. لكنه ضعيف والقراءة شاذة لا يحتج بها على انه في النحو هناك وجوه ان الحال لا يسد مسد الخبر الا بشرط الا يصلح الحال ان يكون خبرا ولهم في هذا وجوه في النحو معلومة عند اصحابها ثم اعلموا رعاكم الله ان قصة طلب فاطمة رضي الله عنها الميراث من ابي بكر وانها اتته وطلبت الميراث لم يكن ابو بكر رضي الله عنه الا مجيبا لها بما علمه من شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وحكى لها الحديث فانصرفت رضي الله عنها. ثبت في بعض الروايات انها وجدت في نفسها على ابي بكر وانها غضبت لاجل ذلك. لكن ابا بكر رضي الله عنه احتكم الى الحديث وهو الاصل في التنازع ان يرجع الى كتاب الله والى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. واما فاطمة وما نقل عن العباس وعلي رضي الله عنهم جميعا في اتيانهم ابا بكر ثم عمر من بعده ومطالبتهم بميراثهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو على ما لا علم لهم به فلما اجيبوا بالحديث رجعوا اليه جميعهم وهذا الظن بهم. واما فاطمة رضي الله عنها فلم تطلب ما ليس لها من الميراث لكنها طلبت ما ظنته حقا لها وانه باق على عموم الاية يوصيكم الله في اولادكم فارادت نصيبها لكن عموم الاية مخصوص بقوله صلى الله عليه وسلم ان معاشر الانبياء ونحن معاشر الانبياء لا نورث مع كونه له ورثة عليه الصلاة والسلام واعلم ايضا رعاك الله ان فاطمة رضي الله عنها قد استرضاها ابو بكر قبل مماتها فانه اتى اليها. ولا تظن ان مسألة اخذت حيزا طويلا فانه لم يكن بين موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وموت ابنته فاطمة رضي الله عنها الا ستة اشهر وهي الفترة التي كان فيها ابو بكر مشغولا رضي الله عنه بالامور العظام كقتال المرتدين وجمع المصحف ونحو ذلك من القضايا الكبار. اما هو فقد اتى فاطمة واستأذن عليا في الدخول عليها فاذنت فدخل فاسترضاها ورضاها وطيب خاطرها. ولا والله لا شيء يفعله الصحب كرام الا هذا ولا الظن بهم الا ذلك. في حبهم واكرامهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولال بيته رضي الله عنهم ولا والله ما يجترئون على اذاهم ولا الاساءة اليهم بل ولا على ان يجدوا في انفسهم حرجا. لقد ادركوا ان اكرامهم من اكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم. يقال هذا لاغلاق الباب امام دعاوى الشيعة واقاويلهم الباطلة وتحريفاتهم السقيمة التي يريدون بها طعن في الصحابة فيذكرون الروايات ويتمسكون فيها بما يوحي لهم بالاساءة او يتأولوها على هذا المقام. فضلا عن اختلاق القصص وتلفيق الروايات ونسج الحكايات التي فيها الزور والكذب والافك والبهتان. منسوبا الى الصحاب الكرام رضي الله عنهم انهم بعد ممات رسول الله عليه الصلاة والسلام وحاشاهم رضي الله عنهم تمالئوا فخطفوا الخلافة ونزعوها من علي. ثم حرموا ال البيت من حقهم في الميراث. وكل ذلك والله من ابطل الباطل وتزوير التاريخ الذي لا تجدوه الا عندهم وكان التاريخ هذا صفحة يمكن تغييبها او تغييب العقول الواعية عنها لكن هذا ديدنهم وتلك عقيدتهم فتبا وبؤسا وشؤما لكل من يطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة. ويطعن في صاحبه الصديق رفيقه قه في الهجرة ومفديه بنفسه وماله ولو كان متخذا رسولنا صلى الله عليه وسلم من الناس خليلا لاتخذ ابا بكر ومع ذلك فهم يجترئون على مقام الصديق رضي الله عنه والفاروق عمر رضي الله عنه. فاجترأ على اعظم صاحبين من الصحابة واهل السنة يخالفون في ذلك اشد المخالفة فكانت هذه من مسائل العقيدة التي تميز اهل السنة عن غيرهم. نسأل الله عز وجل الصون الهداية والسداد والتوفيق. كان هذا تمام المسألة السادسة وتم بها مجلس الليلة في درسنا هذا المساء ليكون شروعنا في المجالس المقبلة في تتمة المسائل السابعة فما بعدها. اعلموا رعاكم الله انه لا يزال في بقية ليلتكم هذه متسع وحجم واسع لخير عظيم نستقبله بكثرة صلاتنا وسلامنا على الهادي البشير والسراج المنير نبي الهدى والرحمة صلى الله عليه وسلم وهو القائل فمن صلى على لي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فاستكثروا من صلاتكم لتنالوا من ربكم عشرة اضعاف منها صلاة عليكم من ربكم جل جلاله. فيا رب يصلي وسلم وبارك عليه عدد الرمل والحصى ونجوم السما. بل يا رب صل وسلم وبارك عليه عدد ما لا يحصى. من انفاس خلقك وتعداده يا حي يا قيوم وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه. مقام من ترضى عنهم وتسلك بهم سبيل الصالحين وتسدد لهم الرأي نصحا والقول والعمل يا اكرم الاكرمين. وارزقنا الهي التوفيق والسداد في حياتنا واقوالنا واعمالنا. وارزقنا البركة والسعادة في حياتنا واهلينا ووالدينا واولادنا يا حي يا قيوم. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا. وزدنا علما يا رب العالمين. ربنا اتنا في دنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي اللهم وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والشفيع المرتجى محمد رسول الله وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين