بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة المباركون في كل في مكان فمن رحاب بيت الله الحرام ومن جوار كعبته المشرفة يأتي هذا المجلس تباعا وهو المنعقد اليوم في جلسته الرابعة عشرة في مدارستنا لكتاب غاية السوري في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم للامام ابن الملقن الانصاري الشافعي الله عليه. وهذا المجلس المنعقد في هذه الليلة المباركة ليلة الجمعة من كل اسبوع انما نقصد به مع جانب العلم الذي نتدارسه وابواب المعارف والفوائد والاحكام التي نتناولها نجمع الى ذلك استكثارا من الصلاة والسلام على الحبيب الشفيعي والهادي والسراج المنير صلى الله عليه وسلم. نغتنم فيه من بركات هذه الليلة المباركة ما شاء الله لنا ان نستكثر من الصلاة والسلام عليه. ونحن نحيط ونتدارس اطيف بخصائصه صلوات الله وسلامه عليه. جاء النبي الى الانام بفيظه والكون ازهر بالفؤاد وروضه صلوا عليه وسلموا فلعلنا يوم القيامة نرتوي من حوضه. فاللهم صل وسلم وبارك عليه اتم صلاة وازكاها وقف بنا الحديث ايها الكرام ليلة الجمعة الماضية عند مسائل النوع الثالث من الخصائص النبوية او الخصائص المحمدية وهو قسم المباحات واذ اشتملوا على نوعين احدهما فيما يتعلق بالمباحات في غير النكاح فاننا ما زلنا في مسائله وقد تم لنا منها ست مسائل وقفنا عند المسألة السابعة وهي قضاؤه صلى الله عليه وسلم بعلمه كما سيأتي في سياق كلام المصنف في اتمام المسائل المتعلقة بهذا النوع. سائلين الله التوفيق والسداد. مستكثرين من الصلاة والسلام على نبيه صلى الله عليه وسلم. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى المسألة السابعة كان له صلى الله عليه وسلم ان يقضي بعلمه وفي غيره خلاف واستدل له البيهقي بقصة هند في الصحيحين وقوله صلى الله عليه وسلم يكفيك وولدك بالمعروف وهذا بناء على انه قضاء لافتيا وفي ذلك اضطراب اوضحته في شرح العمدة هذه سابع المسائل المتعلقة بخصائصه صلى الله عليه وسلم في المباحات وهو اباحة القظاء له عليه الصلاة والسلام مستندا في ذلك الى علمه وحتى يتبين وجه الخصوصية ايها الكرام اعلموا رعاكم الله ان الشريعة جاءت في جواز حكم القاضي او في بناء حكم القاضي على ما يثبت به الحكم شرعا وذلك اما دليل وهو البينات والقرائن او الاقرار ولا يجوز لقاض في الشريعة ان يقضي بغير بينة. والبينة اما ان تكون دليلا وشيئا من القرائن او تكون اقرارا من المدعى عليه حتى يتم بناء الحكم بقضاء القاضي عليه وعندئذ فلا يصح للقضاء لا يصح للقضاة في القضاء في الشريعة ان يبنوا احكامهم في القضاء على علم علموه من انفسهم ولو كان قد تقرب عندهم شيء ما لم تكن في القضية التي يحكمونها مستند يبنى عليه الحكم كما قلت من بينة او اقرار اما النبي عليه الصلاة والسلام فانه يذكر له هنا في هذا السياق في الخصائص جواز ان يقضي بعلمه صلى الله عليه وسلم. ولهذا قال تصنف رحمه الله وفي غيره خلاف اي قولان مشهوران ما الدليل على جواز قضاء النبي عليه الصلاة والسلام خصوصية له. جواز ذلك بناء على علمه. قال هنا استدل له البيهقي بقصة هند في الصحيحين وقوله صلى الله عليه وسلم خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. والقصة ان هند بنت عتبة بن ربيعة جاءت الى النبي عليه الصلاة والسلام تشكو زوجها ابا سفيان رضي الله عنه بانه يقصر معها في النفقة فقالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل شحيح وفي رواية مسيك او مسيك على اختلاف في الظبط فمسيك هو ظبط العربية ومسيك هو ظبط المحدثين وهو الشائع عندهم. فقال لها النبي عليه الصلاة والسلام وهي تعرض حاجتها. قالت يا رسول الله ان ابا سفيان رجل مسيك فهل علي من حرج ان اطعم من الذي له عيالنا فهاجائت تستفتي في مسألة جواز اخذها من مال زوجها بغير علمه قالوا فالنبي عليه الصلاة والسلام في هذه الصورة لم يسألها عن بينة الزوجية لعلمه انها زوجة ابي سفيان فبنى الحكم على علمه بذلك ولم يطلب البينة ايضا على قصور ابي سفيان في النفقة على عياله ليبني الحكم. فاطلاقه الحكم صلى الله عليه وسلم ابتداء بقوله خذي ما يكفيك كان مبنيا على مقدمتين اولاهما اثبات الزوجية بين هند وزوجها ابي سفيان وهو يعلمه عليه الصلاة والسلام وثانيتهما هو العلم بان دعواها صحيحة في تقصير زوجها في النفقة عليها وعلى عيالها. فقضى لها بجواز بها من ما له بالمعروف. قالوا فهذا دليل على انه قضى صلى الله عليه وسلم من غير ان يطلب بينة. وما ذاك الا لعلمه اذا هو دليل على جواز ان يقضي بعلمه صلى الله عليه سلم قال المصنف رحمه الله وفي ذلك اضطراب اشارة الى قوله وهذا بناء على انه قضاء لا فتيا اعلموا رعاكم الله ان الاضطراب الذي اشار اليه المصنف رحمه الله فيما اورده في شرحه على العمدة المسمى باعلام الانام بفوائد عمدة الاحكام هو هذا الخلاف بين الفقهاء وشراح الحديث في الذي كان من رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه القصة اكان قضاء ام كان فتيا والفرق بينهما جوهري كبير. فان كانت فتوى فان الفتوى غير ملزمة ويجوز ان يفتي فيها المفتي بناء على حكم يصاغ في السؤال فيقول الحكم كذا فالفتية اخبار بالحكم والقضاء الزام به والزام القاضي يترتب عليه ما سبقت الاشارة اليه من التثبت وبناء بالاحكام على ما يقوم به العلم اما الفتيا فانها اخبار بالحكم وليست ملزمة فهل كان جواب النبي عليه الصلاة والسلام لهند كان قضاء او فتيا؟ ويترتب على ذلك من الخلاف في التشريع انه ان كان فتوى فهو حكم شرعي متقرر يكون اصلا شرعيا في كل امرأة يقصر زوجها معها في النفقة ان تأخذ من ماله بغير اذنه. ويكون جواب النبي عليه الصلاة والسلام هند في سؤالها هو المستند في هذا الحكم لانه فتوى فهو اخبار بحكم ويكون تشريعا عاما. وان كان قضاء انه يختص بهند صاحبة الواقعة ولا يستطاع تعميم الحكم ولا جعله اصلا مطردا. فهل كان جواب النبي عليه الصلاة والسلام في هذا المقام لهند بالتي عتبة هل كان قضاء ام كان فتيا؟ قال فيه اضطراب وهو الذي تطرق له المصنف رحمه الله تعالى في شرح العمدة هل هو قضاء او حكم ذكر ذلك عدد من اهل العلم. البيهقي لما ذكر المسألة هنا على انها قضاء. وتبع في ذلك الامام يهقي الامام البخاري في استدلاله رحمة الله عليهما. فان البخاري قال في كتاب الاحكام باب باب من رأى للقاضي ان يحكم بعلمه في امر الناس اذا لم يخف الظنون والتهمة. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم بهند خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف. وذلك اذا كان امرا مشهورا ثم ساق حديث عائشة في قصة هند فبناه على انه قضاء هذا اولا لكن البخاري في ترجمته لما جعله قضاء استدل به على ان يكون اصلا شرعيا يستند اليه القضاة فلا خصوصية عندئذ بل يكون للنبي عليه الصلاة والسلام ولكل قاض اذا علم الشيء وتبينه وهذا قيد البخاري في الترجمة قال للقاضي ان يحكم بعلم في امر الناس اذا لم يخف الظنون والتهمة وقوله وذلك اذا كان امرا مشهورا. وهذا بناء على انه قضاء كما سلف وهذا الذي جزم به غير واحد من الفقهاء الشافعية كالرافعي في القضاء على الغائب وكذلك ما ذكره غير واحد واستخرجوه ومن الحديث وعند غيرهم انه كان فتوى واخبارا بحكم الشرعي وليس قضاء وهل تستقل الزوجة بالاخذ من ماله اذا امتنع الاب من الانفاق على الولد فيه في وجهان عند الفقهاء آآ قيل نعم استدلالا بقصة هند وحديثها وقيل لا لان الزوجة لا تلي التصرف في مال ابيه وما ذكره النبي عليه الصلاة والسلام هنا يحمل على انه كان قضاء او اذنا لا افتاء او تشريعا لحكم عام. هذا خلاصة ما في مسألة فاذا افترظنا انه كان قضاء فانا نفترض عدم جواز ذلك لغيره لتتحقق الخصوصية. واما من ذهب الى جواز لكل قاظ تبين له العلم بالحكم وانتفت عنه التهمة والظنون كما هي في ترجمة الامام البخاري رحمه الله في الصحيح فلا خصوصية واما من ذهب الى انه فتيا فليس فيها خصوصية في اصل المسألة ولا في قيدها. لان الاخبار عام خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ليكون اصلا تشريعيا عاما وليس المعنى فيه قضاء بل اخبار بحكم ولا وجه للخصوصية عندئذ في المسألة. هذا ما يتعلق بها من حيث بيان معناه وما يتطرق ايضا للمسألة من توجيه اكانت فتيا ام كانت قضاء وما يترتب على ذلك من الخلاف قال ابن دحية في الخصائص كان له صلى الله عليه وسلم ان يحكم بغير دعوة ولا بينة ولا يجوز ذلك لغيره محتجة بما في صحيح مسلم من حديث انس رضي الله عنه ان رجلا كان يتهم بام ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه اذهب فاضرب عنقه. فاتاه علي فاذا هو وفي ركي يتبرد فيها. يعني حافة بئر فقال له علي اخرج فناوله يده فاخرجه فاذا هو مجبوب ليس له ذكر فكف علي رضي الله عنه ثم اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انه لمجبوب ما له ذكر. وقد ورد تسمية هذا العبد مأبورا والحديث في صحيح مسلم وفيه قصة لكن استدلال ابن دحية في الحديث غير مسلم لان الحديث كما قال الطبري يجوز ان يكون المذكور من اهل العهد وفي عهده الا يدخل على بيت النبي صلى الله عليه وسلم او على مارية القبطية خصوصا فعاد ودخل عليها فامر النبي عليه الصلاة والسلام بقتله لنقضي العهد. قال النووي تبعا للقاضي عياض. قيل لعله كان منافقا تحقا للقتل بطريق اخر وجعل هذا محرما لقتله بنفاقه وغيره لا بالزنا وكف علي رضي الله عنه اعتقادا على ان القتل بالزنا وقد علم انتفاء ذلك على ان آآ من احسن ما اجيب به في هذا الحديث اجابة الامام ابن حزم رحمه الله انه قال من ظن انه صلى الله عليه وسلم امر بقتله حقيقة بغير اقرار ولا بينة فقد جهل. وانما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم انه بريء مما نسب اليه ورمي به. وان الذي نسب اليه كذب فاراد اظهار الناس على برائته وان يوقفهم على ذلك مشاهدة فبعث عليا رضي الله عنه فذهب هو ومن معه فشاهدوه مجبوبا اي مقطوع الذكر لم يمكن قتله لبرائته مما نسب اليه. وجعل هذا نظير قصة سليمان عليه السلام في حكمه بين المرأتين المختلفتين في الولد بطلب السكين ليشقه بينهما ولم يكن يقصد حقيقة شقه بينهما لكنه كان ايها لظهور الحق هذا جواب حسن من ابن رحمه الله تعالى والله اعلم المسألة الثامنة كان له صلى الله عليه وسلم ان ان يحكم لنفسه ولولده على الاصح لانه معصوم وفي غيره وجه في حكمه لولده. حكاه الماوردي وحكى معه وجها اخر انه يجوز بالاقرار دون البينة للتهمة في تسامحه بتعديلها وجعل القضاعي هذه الخصوصية والاتية بعدها مما خص بهم مما خص بهما من دون سائر الانبياء هذه ثامن المسائل كان له صلى الله عليه وسلم ان يحكم لنفسه ولولده على الاصح قوله على الاصح اشارة الى خلاف في المسألة والوجه الاخر عندئذ الحكم الذي يشمل غيره صلى الله عليه وسلم وهو عدم جواز حكم الشخص لنفسه لم للتهمة لان النفس في مواطن الخصومة تنحاز لذاتها وعند الادعاء تطلب البراءة لنفسها. فعند اذ لا يصح لاحد ان يحكم لنفسه ولا ان يشهد لنفسه بل ولا الى كل من تطاله التهمة بالحكم له. كقريب من ولد ووالد وزوجة ونحوه. فاذا كان للقاضي قضاء والمتعلق به في الدعوة شخص ذو قرابة به كولده وزوجه ووالده لم يجز له ان يلي القضية. والسبب في ذلك التهمة في ان ينحاز ولو عن غير قصد فان النفس البشرية مجبولة على ذلك اما النبي صلى الله عليه وسلم ففي الوجه المذكور هنا بالخصوصية له فانه ينتفي هذا المعنى ما هو؟ هو التهمة من الانحياز الى النفس لانه عليه الصلاة والسلام معصوم معصوم بمعنى انه لا يميل الى الهوى ولا يحكم بالباطل ولا يمكن ان تغلبه نفسه في ان ينحاز عن حق صاحب حق ليحكم به لنفسه او لشخص له به قرابة فيميل اليه فيحيف في الحكم وحاشاه صلى الله عليه وسلم فانه مؤيد مسدد بالوحي معصوم من ربه عز وجل. قال هذا معنى مراد المصنف ان يحكم لنفسه ولولده على الاصح لانه معصوم اذا فمستند ذلك العصمة وهذا الوجه الذي يفارق به النبي صلى الله عليه وسلم غيره قال ان يحكم لنفسه ولولده وكذلك الشهادة ايضا لنفسه ولولده ويقبل شهادة من شهد له كما سيأتي في المسائل الاتية قال البيهقي رحمه الله في السنن مترجما على المسألة باب ما ابيح له من الحكم لنفسه وقبول شهادة من شهد له بقوله واذا اجاز ذلك جاز ان يحكم لولده وولد ولده. ثم اخرج حديث خزيمة الاتي بعد قليل في المسألة التالية وهو ان النبي صلى الله عليه وسلم قبل شهادته لنفسه وذلك دلالة على انه فيما ترتب على قبول الشهادة بناء الحكم وقد حكم لنفسه عليه الصلاة والسلام. وليس في الحديث صريح بالحكم لنفسه. لكنه مبني على قبول الشهادة فانها من لوازمها وهذه المسألة هنا في حكمه صلى الله عليه وسلم لا تتناول غيره ومن هنا كانت الخصوصية. ولهذا قال المصنف رحمه الله وفي غيره يعني في غير النبي عليه الصلاة والسلام ايجوز ان يقضي لنفسه او لولده؟ قال وفي غيره وجه في حكمه لولده ان يحكم الشخص لولده حكاه الماوردي وحكى معه وجها اخر انه يجوز بالاقرار دون البينة. يعني اذا كان مستند الحكم اقراء جاز ان يحكم للولد دون ان تكون بينة لان الاقرار صريح كما لو جاء المدعى عليه وهو خصم ولده في القضية. فاقر المدعي عليه خصم الولد بان لولد القاضي عليه حقا فهذا اقرار ولا مجال للتهمة ففرقوا بين بناء الحكم على اقرار المدعى عليه فيثبت الحكم لولد القاضي او ان يكون بينة والسبب في ذلك انقطاع تهمة الظن في بناء الحكم على اقرار المدعى عليه فهو المقر بخلاف البينات فان قبول الشهادة او ردها او جمع القرائن واعتبارها صريحة او قوية في بناء الحكم عليها مما يبنى على غلبة الظن وهنا يمكن ان تبرز تهمة بالانحياز الى شيء من ميول النفس وهواها والله اعلم فرع كان لا يكره في حقه الفتوى والحكم في حال الغضب لانه لا يخاف عليهما لانه لا يخاف عليه ما يخاف علينا. ذكره النووي في شرحه لمسلم في كتاب اللقطة لا يكره في حق النبي عليه الصلاة السلام ان ان يحكم وهو غضبان او يفتي وهو غضبان مع قوله صلى الله عليه وسلم لا يقضي القاضي وهو غضبان فنهيه عن القضاء حال الغضب معلل بان بان الغضب يصحبه حالة تعتري القاضي من تشويش الذهن والاضطراب فلا يستقر معه حسن نظر ولا تأمل ولا يعين على القضاء واصابة الصواب فيه والسداد. فلهذا منع القاضي من القضاء حال الغضب وقاس عليه الفقهاء كل حال يتشوش معها الذهن كشدة الفرح او شدة الحزن او شدة الهم لان معنى المتحقق فيه واحد وهو تشوش الذهن وانشغاله عن اصابة المسألة والتأمل والتروي فيها هذا حكم القضاة الا يقضي القاضي بين اثنين وهو غضبان ولا يحكمه وهو غضبان وكذلك الفتوى فانها اخبار بحكم فربما تشوش ذهن المفتي فلم يستوعب السؤال ولا مسألة المستفتي فاستعجل في حكم ولم يتثبت ولم يتروى كل هذا المذكور من التعليل بانه يخاف من عدم اصابة الحق والسداد في المسألة مأمون في جانبه عليه الصلاة والسلام كما ذكر الامام النووي عند شرحه لصحيح مسلم في كتاب اللقطة فقال لانه لا يخاف عليه ما يخاف علينا. فعندئذ لا يكره وفي حقه صلى الله عليه وسلم الفتوى ولا القضاء والحكم حال الغضب لحصول العصمة له صلى الله عليه واله وسلم وهذه المسألة عقب بها المصنف لوجه شبهها بالمسألة السابقة في حكم القاضي لنفسه فعرج على مسألة الحكم حال الغضب بجامع نسبة الحكم الى النبي عليه الصلاة والسلام المسألة التاسعة كان يقبل شهادة من يشهد له كما قبل شهادة خزيمة لنفسه وقصته في ابي داوود والحاكم وصححهما وخالف ابن حزم فاعلها وادعى صاحب المطلب انها في الصحيح مشهورة ومقتضى اطلاق الحاوي الصغير ان من خصائصه ايضا قبول شهادة من يشهد لولده ايضا. وبه صرح البارزي في توضيحه الكبير. هذه المسألة التاسعة قبول النبي عليه الصلاة والسلام شهادة من يشهد له وهي قريبة من المسألة السابقة في حكم القاضي لنفسه فهل يقبل فهل يقبل الشخص شهادة من يشهد له كما قبل النبي عليه الصلاة والسلام شهادة خزيمة لنفسه هذه من الخصائص او من الخصوصيات المتعلقة برسول الله صلى الله عليه واله وسلم انه قبل الشهادة من شهد له عليه الصلاة والسلام والقصة المذكورة يشار اليها هنا هي قصة خزيمة ابن ثابت رضي الله عنه وارضاه وقصته كما في الرواية التي اخرجها البيهقي في السنن وهي عند ابي داوود والحاكم ان عمارة ابن خزيمة اخبره ان عمه وكان من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اخبره ان النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسا من رجل من الاعراب فاستتبعه ليقبض ثمن فرسه فاسرع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشي وابطأ الاعرابي فاتفق رجال يعترضون الاعرابي فساوموه بالفرس ولا يشعرون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ابتاعه يعني ساوموه في البيع ولم يكن يعلم ولم يكن قد علموا باتمام بيع النبي عليه الصلاة والسلام معه قال حتى زاد بعضهم الاعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه الرسول صلى الله عليه وسلم. فلما زاده نادى الاعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا ان كنت مبتعا هذا الفرس او لابيعنه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع النداء حتى اتى الاعرابي فقال اولست قد ابتعته منك قال الاعرابي لا والله ما بعتك قال النبي عليه الصلاة والسلام بلى قد ابتعته منك فطفق الناس يلوذون برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالاعرابي يعني يأتيان اليهما وهما يتراجعان يعني يدعي كل منهما شيئا غير قول الاخر وطفق العربي يقول هلم شهيدا يشهد اني بايعتك وكان منه مجازفة ولا شك. قال هلم شهيدا يشهد اني بايعتك فمن جاء من المسلمين فقال فمن جاء للمسلمين قال للاعرابي ويلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يقول الا حقا فوبخوه على مقولته تلك حتى جاء خزيمة فاستمع الى ما يراجع به الاعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم وطفق الاعرابي يقول هلم شهداء يشهدون اني بايعتك قال خزيمة انا اشهد ان قد بايعته فاقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على خزيمة رضي الله عنه فقال له بما تشهد ذلك ان خزيمة لم يكن حينها عند عقد البيع على فرس الاعراب لم يكن حاضرا. قال بم تشهد؟ فقال خزيمة بتصديقك يا رسول الله يعني يكفيني اني اصدقك وانك لا تقول الا صدقا. فاي شيء يرى فيه النبي عليه الصلاة والسلام قد قاله فانه يشهد بصدقه على تلك المقولة. وهذا من فقه خزيمة رضي الله عنه. ومن حسن فتح الله عليه. والصحابة انما كانوا يوبخون طبي في دعواه اما خزيمة فجاراه في دعواه ولبى له مطلبه فاقام الشهادة ليقطع عليه الحجة يسد عليه باب الشيطان. وعجب النبي عليه الصلاة والسلام من ذلك فقال له لما قال بتصديقك يا رسول الله فجعل شهادة خزيمة بشهادة رجلين الحديث اخرجه ابو داوود والنسائي والحاكم وصححه الحاكم الحديث هنا كما قال المصنف خلافا لابن حزم فانه قد اعل الحديث والرواية المذكورة وتكلم كما يقول العلماء بما لا يقبل وهو يتكلم في عمارة ابن خزيمة راوي الحديث والصواب انه لا شيء يرد به الحديث او يطعن في صحته بل الحديث صحيح. والنبي عليه الصلاة والسلام كما في رواية قال له ما حملك على شهادتي ولم تكن معنا حاضرا قال صدقتك بما جئت به وعلمت انك لا تقول الا حقا. فقال صلى الله عليه وسلم من شهد له خزيمة او شهد عليه فحسبه فخرج من هذا انه صلى الله عليه وسلم قبيلة شهادة من شهد له وليس فيه تصريح بانه حكم لنفسه انه قبول الشهادة. فاذا هذه مسألة قبول الشهادة لنفسه. والتي سبقها في الحكم لنفسه وكل ذلك اليم الذي يمتنع في حق غيره من القضاة ان يحكموا لانفسهم او يقبلوا شهادة الشاهد لانفسهم تجوز للنبي عليه الصلاة والسلام خصوصية له وهذا وجه عدها في هذا النوع من المباحات الخصائص لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال ودع صاحب المطلب يعني امام الحرمين انها في الصحيح مشهورة يعني الرواية وقصة خزيمة وليس ذلك صحيحا فاما هو وهم منه رحمه الله اما المراد المراد اصل القصة وآآ الاشارة الموجزة فيها ما اخرج البخاري في الصحيح من قصة جمع المصاحف ان زيد ابن ثابت قال لما نسخنا الصحف في المصاحف فقدت اية من سورة الاحزاب كنت كثيرا اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأها لم اجدها عند احد الا مع خزيمة الانصاري الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه. قال الحافظ في الفتح اشارة الى قصة خزيمة المذكورة في الشهادة التي اخرجها ابو داوود والنسائي فهذا المقصود بما اشار اليه صاحب المطلب ان في الصحيح مشهورة. يعني اصل قصة خزيمة وليس المراد قصة المبايعة وشهادته على الفرس عند الاعرابي. قال ومقتضى اطلاق الحاوي الصغير ان من خصائصه ايضا قبول قبول شهادة من يشهد لولده ايضا فليست المسألة متعلقة به بل به وبولده او بمن ينتسب اليه صلى الله عليه وسلم آآ هنا فائدة اوردها الامام العز بن عبدالسلام رحمه الله تعالى في القواعد فقال جعلوا شهادة خزيمة بشهادتين يحتمل وجهين احدهما ان النبي صلى الله عليه وسلم اعلم بالوحي انه لا يشهد بشيء الا صادقا فيما يشهد به والثاني ان الله تعالى اكرمه بذلك لاجل شهادته لرسول الله صلى الله عليه وسلم. تمييزا له عن غيره ونزل الشرع شهادته منزلة الاخبار والروايات وقال الخطابي هذا حديث وضعه الناس في غير موضعه. وقد نزع به قوم من اهل البدع الى استحلال الشهادة لمن عرف عندهم بالصدق على كل شيء ادعاه. قال وانما وجه الحديث ان النبي صلى الله عليه وسلم حكم على الاعرابي بعلمه اذ كان انا النبي صلى الله عليه وسلم صادقا بارا في قوله وجرت شهادة خزيمة في ذلك مجرى التأكيد لقوله اظهار بها على خصمه وصار في التقدير شهادته له وتصديقه اياه على قوله بشهادة رجلين في سائر القضايا والله اعلم اعلم فرع له ايضا ان يشهد لنفسه ولولده صلى الله عليه وسلم. نعم. وهذه كالمسألة التي قبلها. اذا جاز قبول شهادة من يشهد ان يشهد لنفسه ولولده صلى الله عليه وسلم وذلك للقطع بما ثبت في الوحي من الجزم بصدقه صلى الله عليه وسلم واذا كان مبنى الشهادات في تحري قبولها على الظن على الظن في صدق الشاهد فكيف اذا كان المبنى في شاهدي ليس الظن بصدقه بل الجزم والقطع اليقيني الذي لا تردد فيه بصدقه في رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا يحتم قبول الشهادة بلا ريب. وعندئذ لا فرق بين ان تكون الشهادة لنفسه او لغيره. طالما تيقنا صدقه وامنا تهمة الانحياز للنفس او الظن بعدم اصابة الحق لميل النفس للهوى وكل ذلك مأمون في جناب المصطفى صلى الله عليه واله وسلم فرع لو قال عليه السلام لو قال عليه السلام لفلان على فلان كذا هل للسامع ان يشهد لفلان على هكذا فيه وجهان عن روضة الحكام للقاضي شريح. ذكر القاضي شريح صاحب روضة الاحكام وزينة الحكام المتوفى سنة خمسمائة وخمسة للهجرة وليس هو القاضي شريح التابعي اه الجليل اه قال في كتابه روضة الحكام ذكر فيه وجهين في مسألة اه لطيفة اوردها وهي ما ساقها المصنف هنا لو ان النبوي هي مسألة فرضية لكن لو ان النبي عليه الصلاة والسلام قال لشخص من الصحابة يحكي له قال على فلان كذا. وسمى شخصا فهل لمن سمع هذا ان يشهد لفلان على كذا فيكون مجرد سماعه من النبي عليه الصلاة والسلام تقدير الحكم كان يكون هذا كافيا يسع فيه بناء شهادته عليه لان مبنى الشهادة على العلم بالمحسوس سماعا او رؤية او آآ ذما او آآ شما عفوا او ذواقا لكن ان كان سماعا ان هذا ليس مدخله الشهادات بل الاخبار لكنه طالما كان المبنى فيه على اخبار النبي عليه الصلاة والسلام فانه يقع موقع المقطوع فيه بالعلم كالمقطوع بالمحسوس. قال فيه وجهان ولان المسألة فرضية لم يذكرها بعض من كتب في الخصائص والله اعلم المسألة العاشرة كان له صلى الله عليه وسلم ان يحمي لنفسه ولم يقع ذلك منه ولو وقع لكان ذلك ايضا لمصلحة المسلمين. لان ما كان مصلحة له فهو مصلحة لهم وليس للامة بعده ولا لغيرهم ان يحموا لانفسهم كما هو مقرر في موضعه من كتب الفقه وذكر القضاعي هذه الخصيصة فيما خص به دون من قبله من الانبياء. عاشر المسائل كان له صلى الله عليه وسلم ان يحمي لنفسه قال ولم يقع ذلك منه. فالمسألة ايضا فرضية غير واقع لكن المراد هنا بالحمى كما قال الحافظ ابن حجر رحمه الله هو المكان المحمي وهو خلاف المباح. ومعناه ان يمنع من الاحياء من ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ فترعاه مواشي مخصوصة ويمنع غيرها والمعنى بعبارة اخرى ان يعمد الى مكان ليس ملكا لاحد فيحميه بمعنى ان يحيطه بسياج او بسور وحائط ونحوه فينبت فيه الكلأ فيكون حمى ويمنع من رعيه الا له ولما وش مخصوصة. وهذه اليوم تسمى بالمحميات فهل للامام ان يحمي لنفسه؟ الثابت في الفقه يا كرام ان للامام ان يحمي الحمى للمصالح العامة مصالح المسلمين العامة او يحمي ما كان في ملكه ولكل شخص ان يحمي ملكه وهذا لا اشكال فيه. لكن هل للنبي عليه الصلاة والسلام ان لنفسه يعني لشخصه ولملكه قال كان له ذلك. ذلك ان غيره من ولاة امور المسلمين ومن يلي النبي عليه الصلاة والسلام في امته لا يحل له ان يحمي لنفسه ويقتطع لملكه. لكن ذلك لم يقع منه صلى الله عليه وسلم. قال ولو وقع لكان ذلك ايضا مصلحة المسلمين لم يورد المصنف رحمه الله تعالى هنا دليلا لكنه قال ليس للائمة بعده ولا لغيرهم ان يحموا لانفسهم كما هو مقرر في موضعهم من كتب الفقه زاد القضاعي بان هذه الخسيصة ليست لرسول الله عليه الصلاة والسلام دون الامة بل هي دون الانبياء جميعا فشيء تفرد به رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم يرد المصنف رحمه الله دليلا يستند عليه في هذه المسألة لتكون في عداد يصيب ويمكن ان يستدل لذلك بعموم ما في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن الصعب ابن جثامة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا حمى الا لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم قال الشافعي في الام وهذا الحديث يحتمل معنيين احدهما احدهما الا يكون لاحد ان يحمي للمسلمين غير ما حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم. ومن ذهب هذا المذهب قال يحمي الوالي كما ما رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاد لجماعة المسلمين على ما حماها رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولا يكون لوال رأى صلاح لعامة من حمى ان يحمي بحال شيئا من بلاد المسلمين. فاذا لا حمى الا لله ولرسوله يعني لا يجوز. وهو شيء تفرد به رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال والمعنى الثاني كما قال الشافعي في الام لا حمى الا على مثلي ما حمى عليه رسول الله صلى الله الله عليه وسلم. قال ومن ذهب هذا المذهب قال للخليفة خاصة دون الولاة ان يحمي على مثل ما حمى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى كلامه. بنى الفقهاء على هذا الحديث ان الائمة بعد النبي عليه الصلاة والسلام هل لهم ان يحموا لمصالح المسلمين اولى هذا الخلاف يا كرام في ان يحمي الائمة والولاة لمصالح المسلمين وجرى الخلاف منهم من منع لاجل الحديث الذي في صحيح البخاري الصعب ابن جثامة لاحما الا لله ولرسوله. ومنهم من اجاز وهذا هو الصحيح وهو مذهب ابي حنيفة ومالك. استدلالا بحديث زيد ابن عن ابيه ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمى واستعمل على الحمى مولى له يقال له هنا. وقال يا هنا اضمم جناحك عن المسلمين واتق. دعوة المظلوم فانها مجابة. وادخل رب تريمة والغنيمة الى اخر الحديث يعني صاحب الابل القليلة والغنم القليلة. وقال في اخره ويم الله لولا المال الذي احمل عليه في في سبيل الله ما حميت على المسلمين من بلادهم شبرا. فتقرر جواز ذلك وفعل الصحابة والخلفاء كعمر رضي الله عنه. الماء او هذا كما قلنا يجري الخلاف في ان يكون الحمى للمصالح العامة ويفهم من ذلك ان الحمى لاجل الملك الخاص للولاة والحكام هذا لا يكون قطعا. وهنا مكمن الخصوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم جواز ان يحمي لنفسه. ومع ذلك فقد قال المصنف ولم يقع ذلك منه صلى الله عليه واله وسلما ويدخل في ذلك مسألة الحمى وما يحميه رسول الله عليه الصلاة والسلام وما يأتي في الفرع الذي يذكره المصنف هنا بعده لاحقا فرع ما حماه صلى الله عليه وسلم للمسلمين لا ينقض بحال لانه نص لا يوقظ يعني لا يجوز رفع الحمى عنه وجعله مباحا وكلأ عاما. بل يبقى حمى محميا بحمى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقصود هنا ما حماه لمصالح المسلمين عامة. فعلى هذا خصوصية اخرى هل لغيري من الائمة بان يفعل ذلك فبعض من ذهب من الائمة والعلماء الى عدم جواز ذلك كانت خصوصية ثانية يعني الحمى لنفسه خصوصية والحمى للمسلمين ان قيل بعدم جواز ذلك للولاة والامراء من بعده كانت خصوصية ثانية له صلى الله عليه وسلم وهي التي اوردها البيهقي في الخصائص حيث قال باب الحمى له خاصة في احد القولين. يعني سواء كان لمصالح يمين او لنفسه صلى الله عليه واله وسلم وهي داخلة في عموم الحمى. ويتفرع على ذلك ان ما حماه رسول الله صلى الله الله عليه وسلم يبقى حمى لا يغير مطلقا. هذا احد القولين في المسألة قال لانه نص. يعني ان النبي عليه الصلاة والسلام وقد جعله آآ بذلك حمى آآ لا يجوز تجاوزه لثبوت النص فيه بفعل رسول الله صلى الله عليه سلم نعم. وقيل ان بقيت الحاجة التي حملها لم ينقض وان زالت فوجهاني والاصح المنع ايضا لانه تغيير المقطوع بصحته باجتهاده لانه تغيير المقطوع بصحته المقطوع بصحته هو حمى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا محل قطع لا اختلاف فيه فكيف ينقض هذا المقطوع بمظنون وهو الاجتهاد الذي ربما كان من نظر القاضي او حاكم جاء بعده حمى النبي عليه الصلاة والسلام النقيع وحمى عمر الشرف والربذة وهكذا فان وجود الحمى من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمصالح المسلمين العامة ثابت في هذه المواضع المذكورة. وهذا الحمى هو الذي يقال هل يجوز ان ينقض؟ قال اول قولين واولاهما لا يجوز لانه نصه وقيل ان بقيت الحاجة يعني التي من اجلها اه حمي هذا الحمى لا يجوز نقضه وان زالت الحاجة فوجهان ومع قال المصنف والاصح المنع لانه تغيير للمقطوع بصحته باجتهاد. نعم. اما الامام بعده فله نقض حماه للحاجة على الاصح. اما ما يحميه الائمة لمصالح المسلمين العامة. على القول بجوازه فانه منوط بالمصلحة فحيث تحققت بقي الحمى وحيث زالت جاز لمن جاء بعده من الولاة والحكام نقض الحمى وجعله مباحا عاما قال يجوز ذلك على الاصح لان مبناه الحاجة وليس فيه ايضا موضع يقطع به. النقيع الذي حماه النبي صلى الله عليه وسلم مصحف في بعض الكتب بالبقيع وليس هو المقبرة التي فيها مدفن الصحابة الكرام رضي الله عنهم النقيع على بعد فرسخا من المدينة كما يذكر اهل العلم هو موضع وليس البقيع الذي هو دفن الموتى وتحديد موقع النقيع ذكر فيه العلماء والشراح اقوالا في ظبط موقعه وتحديده هو موظع يستنقع فيه الماء وذكر في بعض الاحاديث ذكر نقيع الخدمات وهو الموضع الذي جمع فيه اسعد بن زرارة بالمدينة اي صلى الجمعة والمشهور انه غير النقيع الذي فيه الحمى. وقيل هما واحد هو تحديد للموضع الذي حماه رسول الله صلى الله عليه وسلم لمصلحة المسلمين عامة نعم المسألة المسألة الحادية عشرة له عليه الصلاة والسلام ان يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج اليهما اذا احتاج اليهما وان كان مالكهما محتاجا وعليه البذل ويفدي ويفدي مهجته بمهجته عليه افضل الصلاة والسلام قال تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم ومثله ما ذكره الفوراني وابراهيم المروذي وغيرهما انه لو قصده ظالم وجب على من حضره ان يبذل نفسه دونه صلى الله عليه وسلم اي كما وقاه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بنفسه يوم احد وعد القضاعي هذه الخصوصية مما خص بها دون غيره من الانبياء المسألة الحادية عشرة له صلى الله عليه وسلم ان يأخذ الطعام والشراب من مالكهما المحتاج اليهما اذا احتاجه واليهما هذه ايضا يا كرام من المسائل المذكورة افتراضا اما هو رسول الله عليه الصلاة والسلام فلا والله ما زاحم احدا في طعامه وشرابه الفائض عن حاجته فضلا عن ان يكون محتاجا اليه. لكن المسألة تفترض هكذا فلو فرضنا ان انسانا بيده طعام او شراب هو محتاج اليه. ومعنى الحاجة هنا انه يدفع بهذا الشراب موت من ظمأ ليلحقه او بهذه اللقمة من الطعام موتا من جوع قد يفسد مهجته وروحه. والنبي عليه الصلاة والسلام في مثل تلك الحال ايضا محتاج الى الطعام. فان الخصوصية هنا تكمن في جواز ان يأخذ النبي عليه الصلاة والسلام هذا الطعام والشراب من المحتاج اليهما يعني الذي قد يموت لو اخذ منه هذا الطعام والشراب من اجل بقاء حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال وان كان مالكهما محتاجا وعليه البذل ويفدي مهجته بمهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني يجعل روحه تتلف فداء لحياة وروح رسول الله عليه الصلاة والسلام ان تبقى هذا اصول لا خلاف فيه ويقر به الناس ولو وقع بين يدي الصحابة لفعلوه والله الذي لا اله الا هو لفعلوه من تلقاء انفسهم من غير ان يكون لهم نص يأمرهم او حكم يجبرهم يفعلون ذلك ايمانا صادقا يفعلون ذلك محبة تامة وافية يفعلون ذلك اصلا شرعيا متقررا عندهم من وجوب تقديم ما يتعلق حق رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما يتعلق بذواتهم وحقوق انفسهم. هذا اصل لا اشكال فيهم. ويذكره الفقهاء في سياق خصوصيات على انه صلى الله عليه وسلم له ان يفعل ذلك. وان لم يفعله صلى الله عليه وسلم لكن صحابته ان وقع مثل ذلك لكانوا اولى بالمبادرة به. قال ومثل هذه المسألة ما ذكره الفوراني وابراهيم وغيرهما في مسألة شبيهة في قياسها على هذا الاصل والمعنى لو قصده ظالم لو ان ظالما قصد رسول الله عليه الصلاة والسلام يريد قتله. قال وجب على من حضره ان يبذل نفسه دونه في ان يفتح صدره ان يفرد ظهره ان يفرش نفسه فيقع عليه الاذى والقتل ووقع السيف او طلق الرصاص فداء لرسول الله صلى الله عليه وسلم. قال يجب عليه فعل ذلك لم بناء على الاصل المتقرر ان يفدي مهجته بمهجة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اي كما وقاه طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه بنفسه يوم احد. واللفظ عند البخاري من حديث طلحة والزبير لم يبقى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في تلك الايام قاتل فيهن غير طلحة وسعد. يعني ابن ابي وقاص وسعد وابن ابي وقاص والزبير وطلحة كلهم اخبروا بهذا الموقف الذي ثبت فيه طلحة رضي الله عنه اما طلحة في هذا الموقف يوم احد فقد ابلى بلاء حسنا. حتى كان ابو بكر رضي الله عنه في ايام خلافته اذا تذاكروا الاحداث النبوية ومواقف السيرة وتذاكروا المغازي والاحداث العظام كاحد وما جرى فيها. كان ابو بكر اذا ذكر عنده يوم احد رضي الله عنه يقول ذاك اليوم كله لطلحة بن عبيد الله ذاك اليوم يوم طلحة بسبب ما فعله طلحة ومن ذلك انه رضي الله عنه جعل يفرش ظهره ويقول يا رسول الله نحري دون نحري لا تشرف يصيبونك يا رسول الله. كان يأبى ان يطلع عليه الصلاة والسلام فيصيبه شيء من نبل السهام الذي يمطرهم من الاعداء ولما سقط عليه الصلاة والسلام في الحفرة التي حفرها الخبيث بن ابي قميئة. نزل طلحة فحنى ظهره ليصعد عليه صلى الله عليه وسلم. ولما سقط عليه الصلاة والسلام ودخلت حلقة المغفر في وجنته. استقبله طلحة فانتزعها باسنانه حتى سقطت ثنيتاه. فكان احسن الناس هتما. يعني ساقط الثنيتين كل ذلك فعله وطلحة رضي الله عنه. وكان اخر ذلك في مواقفه البطولية يوما كشف الجيش وقد اشيع مقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهزم الصحابة يوم احد انكشف موقع لرسول الله عليه الصلاة والسلام ليس فيه معه الا بضعة عشر صحابيا فيه اثنان من المهاجرين احدهما طلحة والبقية انصار فلما قاتلوا دونه عليه الصلاة والسلام اعني الانصار قتلوا واستشهدوا واحدا دون واحد. فالتفت عليه الصلاة والسلام فقال لصاحبيه ما انصفنا اصحابه فتقدم طلحة فحمل السيف فظل يقاتل ثابتا شامخا عن رسول الله عليه الصلاة والسلام حتى ادركه من رجع من الصحب كرام ممن كان في مقدمة الصفوف كابي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعا فادركوا الموقف واستنقذوا المصطفى صلى الله عليه وسلم وطلحة تلك الساعة قد قاتل حتى قطعت بعض اصابعه وشلت يده من شدة ما ابلى بلاء حسنا. فكان ابو بكر رضي الله عنه يقول ذاك اليوم يوم طلحة ولهذا يقول هنا المصنف رحمه الله لو ان ظالما قصد رسول الله عليه الصلاة والسلام كما صنع هؤلاء الصحابة الكرام يوم احد فانهم فدوا انفسهم قاتل الاول فقتل فالثاني فالثالث فالرابع يفدون انفسهم نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو كان ذلك لوجب ان يفعلوا هذا في الوجوب المتعلق بامته بنا نحن وبصحابته الكرام ممن ادرك نصرته والقتال الى جانبه صلى الله عليه وسلم واما الاستدلال بالاية الكريمة في قوله تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم على هذه المسألة فانه من استبدال الرافعي ومن تبعه والاستدلال ليس به صريحا لكنه على وجه اللزوم. فان معنى الاية انه صلى الله عليه وسلم اولى بالمؤمنين في كل شيء من امور الدين والدنيا من انفسهم. ولهذا اطلق ولم يقيد. فاذا كان اولى بهم في جميع احوالهم وجب عليهم ان يكون احب اليهم من انفسهم وحكمه انفذ عليهم من حكمها وحقه اثر لديهم من حقوقها وشفقتهم عليه اقدم من شفقتهم عليها وان يبذلوها دونه ويجعلوها فداءه اذا اعضل خطب ووقاية اذا لقحت حرب والا يتبع ما تدعوهم اليه نفوسهم ولا ما يصرفهم عنه على ان في الاية تفسيرات متعددة منها واصلحها ما صح عنه صلى الله عليه وسلم فيما اخرج الشيخان من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قوله صلى الله عليه وسلم ما من مؤمن الا وانا اولى به في الدنيا والاخرة. اقرأوا ان شئتم النبي اولى بالمؤمنين من اسهم قال فايما مؤمن ترك مالا فليرثه عصبته من كانوا فان ترك دينا او ضياعا فليأتني ان مولاه وهذا اصلح واصح ما يقال فهذا تفسير الاولوية المذكورة في هذه الاية بتفسير النبي صلى الله عليه وسلم وتبيينه ولا عطر بعد عروس كما يقول الامام ابن العربي في احكام القرآن رحمه الله تعالى وقال القرطبي في معنى الاية قول اخر ما ذكره ابن عطية انه اولى بهم من انفسهم لان المعنى ان انفسهم تدعوهم الى الهلاك وهو يدعوهم الى النجاة. ويؤيده حديث انا اخذ بحجزكم عن النار وانتم تقتحمون فيها. تقحم فراش. قال القرطبي وهذا قول حسن في تفسير الاية. والحديث في مسلم يشهد له انما مثلي ومثل امتي كمثل رجل استوقد نارا ذكر الحديث قال هذا مثل لاجتهاد نبينا في نجاتنا وحرصه على تخلصنا من الهلكات التي بين ايدينا فهو اولى بنا من انفسنا ولجهلنا بقدر ذلك وغلبة شهواتنا علينا وظفر عدونا اللعين بنا صرنا احقر من الفراش واذل من الفراش. ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم. هذا ما يتعلق بالاية ووجه الاستشهاد بها. وفيها ما سمعت من عمومها واستدلال العلماء بها على معنى او دلالة ليست صريحة لا يزال في هذا النوع من الخصائص المباحات تعداد المسائل التي تأتي تتمة لها نجعلها في مجالس الجمعة المقبلة رزقنا الله واياكم العلم النافع والعمل الصالح. وجعله من العلم الذي نتقرب به اليه ونزداد به ايمانا بربنا ونبينا صلى الله عليه وسلم وحبا وتمسكا بهديه وشرعته جل وعلا. اللهم انا نسألك من كل خير زاينوه بيدك ونعوذ بك من شر كل ذي شر انت اخذ بناصيته. اللهم ارحم موتانا واشف مرضانا واهدي ضالنا وتقبل منا انك انت السميع العليم ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصل يا ربي وسلم وبارك على عبدك وحبيبك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين