بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا عظيما يملأ سماءك وارضك ويملأ ما بينهما ويملأ ما شئت ربنا من شيء بعد. واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له. واشهد ان نبينا وحبيبنا وقرة محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن بيعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد ايها الاخوة الكرام فهذه الليلة الشريفة المباركة التي نلتقي فيها دارست خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب الامام ابن الملقن الانصاري رحمة الله عليه ما زال ينعقد هذا المجلس كل ليلة من ليالي الجمعة في رحاب بيت الله الحرام. وهذا هو المجلس الخامس عشر في يومنا الثاني من شهر جمادى الاولى سنة اثنتين واربعين واربعمئة من هجرة المصطفى صلى الله عليه واله وسلم. وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية وما زلنا نذكر ان مجلسا كهذا ينبغي ان نحتفي فيه بكثرة صلاتنا وسلامنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. نصيب من بركات هذه الليلة ونصيبه من بركات الصلاة والسلام على رسول الهدى ونبي الامة صلى الله عليه وسلم ونحن موعودون باجر عظيم فخر كبير من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا فصلى الله عليه وسلم. وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية في المسائل المتعلقة بالنوع الثالث من الخصائص وهي التخفيفات والمباحات. الامور التي ليست من قبيل المحرمات ولا الواجبات. وهذا هو نوعنا الثالث الذي امضينا فيه مجالس سبقت وتم لنا فيها احدى عشرة مسألة. لنتم الليلة ان شاء الله تعالى بقية هذه المسائل من المسألة الثانية عشرة في ذكر هذه المسائل المتعلقة برسول الله خاصة به عليه الصلاة والسلام ايشاركه فيها احد من الامة هي له خاصة وهي من هذا النوع التي مضى ذكرها في المباحات والتخفيفات ادراجا المسائل بما سبقها في هذا الباب سائلين الله التوفيق والسداد. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى المسألة الثانية عشرة انه يجب على امته ان يحبوه اعلى درجات المحبة كما ثبت في الصحيح انه عليه الصلاة والسلام قال لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من اهله وماله وولده من اهله وماله ووالده وولده والناس اجمعين. صلوات ربي وسلامه عليه اعظم محبوب ينبغي ان يحبه البشر. وينبغي ان يكون في قلوب امته اعظم انسان يتربع على عرش قلوبهم محبة صلى الله عليه وسلم. في الحديث الذي اخرجه الشيخان من رواية انس وابي هريرة رضي الله عنهما النبي صلى الله عليه وسلم قال فوالذي نفسي بيده لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من والده وولده. ورواية انس قال حتى اكون احب اليه من والده وولده والناس اجمعين وهو هكذا عليه الصلاة والسلام. تقرر شرعا وفطرة ان يكون حبه في القلوب مقدما على حب الوالد والولد بل والناس اجمعين. هذه المسألة الثانية عشرة انه اختص عليه الصلاة والسلام بان تكون امته مقبلة على حبه اعلى درجات المحبة. وقد سمعتم الدليل غير انه ربما اشكل على هذه المسألة ايرادها في هذا النوع من الكتاب. اعني المباحات والتخفيفات اذ ليس يبدو في المسألة في متعلقها من جهته صلوات الله وسلامه عليه شيء ما يرتبط بمعنى التخفيف او الاباحة في حقه دون امه ولو كانت هذه المسألة في عداد الخصائص والمناقب والفضائل والمكرمات التي ستأتي في رابع انواع الكتاب لكانت بها اولى ولم يرد المسألة في هذا النوع عدد ممن كتب في الخصائص ممن جاء بعد ابن الملقن ولخص كلامه كما صنع العلامة طريف القول المكرم قال يجب على امته ان يحبوه اعلى درجات المحبة وقد بين لك الدليل واما تعليل ذلك فاتني الان في كلام المصنف رحمه الله تعالى واسباب المحبة الاجلال والاعظام والكمال في الصفات المعنوية والحسن والاشفاق وهي كلها موجودة في حقه عليه الصلاة والسلام. فوجبت له المحبة الكاملة. هذه اسباب تدعو الى المحبة كمحبة الشخص لمعلمه واستاذه او لصاحب الولاية وكولي الامر والمسؤول ومن له منصب رفيع يحترم ويحب لاجله او يكون الاعظام كذلك تعظيما واحتراما. كما هو في شأن الوالدين ايضا فان محبتهما تأتي اجلالا وتعظيما واعترافا بحقهما قال وايضا الكمال في الصفات المعنوية. يقصد به الاخلاق التي يتصف بها الانسان من كرم واحسان ولطف وبر ومعروف وصدق ووفاء واشباه ذلك. واما الحسن المقصود هنا فهو الجمال في الخلقة التي تتعلق بحسن المظهر وجمالها ملامح الوجه وعموم ما خلق الله في جسم بني ادم. والاشفاق يعني الرأفة والرحمة التي تستلزم الاحسان وبذل المعروف قال وهي كلها موجودة في حقه صلى الله عليه وسلم فوجبت له المحبة الكاملة وصدق رحمه الله فان اسباب المحبة على تعددها يمكن ان تؤول الى اصناف واجناس ثلاثة لا رابع لها. اولها جمال الخلقة والهيئة والمظهر وهذا غالب ما يحب البشر لاجله البشر. واعظم الاسباب التي يحبها انسان انسانا تعود في الغالب الى تعلق القلب بما تم اسر العين له من الجمال في الخلقة والصفات التي يهيم بها العشاق ومداح الجمال السبب الثاني هو جمال الخلقة وكما سماها المصنف الصفات المعنوية. جمال الاخلاق وكمالها وهو جمال الباطن. ان كان جمال ظاهرا فجمال الاخلاق يكون باطنا. والمقصود به الصفات والاخلاق الشريفة والسجايا التي تجبر الانسان على حب انسان اخر ولو لم تربطه به صلة ولا معرفة ولا تعامل بينهما. لكنه يرى من كرمه وجوده ويرى من فضله واحسانه. ومن صدقه وامانته ومن وفائه ومعروفه ما يحمله على حبه. فهذا سبب ايضا يجعل المحبة بين البشر قائما. واما ثالث الاسباب التي تؤول اليها تلك الاسباب المتفرقة فهو الاحسان والمعروف التي عنون لها المصنفون بالاشفاق احسان انسان الى انسان يأسره بهذا الاحسان فينقاد له القلب حبا ولو لم يكن فيه من الخلقة من الجمال ما يدعو الى حبه ولو لم يكن فيه من اخلاقه ايضا ما يدعو الى حبه لكن حسبك انه كان معه في دفع ضائقة وكشف كربة ووقف معه في ملمة ومصيبة فيحمل القلب هذا المعروف احسانا وامتنانا ثم ينقاد القلب لصاحب ذلك المعروف حبا هذه الاسباب الثلاثة التي ربما كان السبب الواحد منها كفيلا بان يحب الانسان غيره. فكيف وقد اجتمعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل اجتمعت في اعلى مراتبها ان جئنا نتكلم عن سبب الجمال والحسن فقد اوتي صلى الله عليه وسلم من ذلك اعلى المراتب حتى لقد وصفه الواصفون من اصحابه رضي الله عنهم ونعته الناعتون. فذكروا وصف العينين والاهداب والفم والاسنان والشعر ولون البشرة وكل ما يتعلق بجسده الشريف صلى الله عليه وسلم من اعلى رأسه الى اخمص قدميه. ومهما تعددت العبارات والجمل في الاوصاف ترى يقولون في اخر وصفهم ما رأينا مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه وسلم. ويقول الاخر لم ارى احسن منه صلى الله عليه وسلم ويقول الثالث رأيته في ليلة اضحيان يعني ليلة مقمرة في نصف الشهر فجعلت انظر اليه والى القمر فلهو عندي احسن من القمر صلى الله عليه وسلم. هذا جمال الخلقة واما جمال والاخلاق فلست بحاجة ولستم بحاجة الى ان نثني او نعدد الاوصاف التي تربع فيها عليه الصلاة والسلام على كمال الخلق بل حسبنا جميعا الاية الكريمة الموجزة في لفظ عظيم قول ربه العظيم وانك لعلى خلق عظيم. واما الاحسان والمعروف فلو ان انسانا ادى عنك دينا وكشف عنك كربة او آآ قضى لك حاجة او حقق لك امنية واشترى لك ما تريد واي شيء هي من امور الدنيا لظللت تحمل هذا الاحسان اليهما حييت فاي احسان بالله عليكم اعظم في حياتنا امة الاسلام من احسان من اكرمنا الله تعالى به فاخرجنا به من الظلمات الى النور انقذنا به من عتبات جهنم ومن هولها ودركها وعذابها ببعثته ورسالته صلى الله عليه وسلم. فما زال الحريص الرؤوف الشفيق على امته صلى الله عليه وسلم وهو الذي يدعوهم ويحثهم الى الهدى والخير والهداية ويبعدهم عن النار والغواية والظلالة فهذه الثلاثة الاسباب قد اجتمعت في اعلى مراتبها واسمى درجاتها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. من اجل ذلك وجب ان احق اكمل الحب عليه الصلاة والسلام لانك باختصار مهما احببت حبيبا في دنياك. من زوج وزوجة ووالد وولد وصديق وقريب ومحبوب ومعشوق وعدد ما شئت فانك والله مهما احببت محبوبا لسبب من تلك الاسباب فان انها موجودة باعلى منها واكمل في حق رسول الله عليه الصلاة والسلام. فيجب ان تكون محبته في القلوب اوفر واعظم واكمل وهذا ولا شك من خصائصه صلوات الله وسلامه عليه فرع قال القاضي حسين يجب على المرء ان يكون جزعه وحزنه وقلقه على فراق النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا اكثر من حزنه على فراق ابويه كما يجب عليه ان يكون عنده احب اليه من نفسه واهله وماله. كم يصيب احدنا الحزن بموت الاقرباء وخصوصا اذا كانوا محل تعلق القلب والفؤاد كالوالدين كم تنفطر القلوب حزنا وبكاء والما على فراق ام حنون حملت وولدت وارضعت وربت وضحت وعانت وبذلت يحن القلب بل ويتفطر حزنا على فراقها لحظة موتها. وكذلك الوالد الاب الحنون الذي ظل يرعى ويكد ويكدح ويقوم بشأن البيت والاسرة حتى قام افرادها على اقدامهم يخطون طريقهم في الحياة تتفطر القلوب وتتصدع حزنا على فراق هؤلاء اعلم رعاك الله ان قلبا يحزن ومن حقه ان يحزن لانه بشر ونحن نملك من العواطف ما نختلف به عن باقي المخلوقات حق لنا ان نحزن وان اتألم على ذاك الفراق المر الصعب لكن والله من ادرك ورأت بصيرته هذه المعاني العظام علم ان حزنه على موت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفراقه من الدنيا بل ان شئت فقل خسارة هذه الدنيا بفراق المصطفى صلى الله عليه وسلم. هو والله اعظم واشد والم من هنا كان يقول عليه الصلاة والسلام لكل ذي مصيبة اذا اصابته في دنياه ان يتسلى بمصيبة موت وفراق رسول الله صلى صلى الله عليه وسلم. تدري لما؟ لانها اعظم. وانت اذا رأيت في مصيبتك شيئا اعظم منه هانت عندك مصيبته. فكانت هذه التسلية لارباب المصائب وهذا من كلام ومن جميل كلام الامام القاضي حسين لما قال رحمه الله يجب على المرء ان يكون جزعه وحزنه على فراق النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا اكثر من حزنه على فراق ابويه. اتدري لما قال انس رضي الله عنه لما مات رسول صلى الله عليه وسلم اظلم من المدينة كل شيء اظلم منها كل شيء ما كانت عاطفة انساقت لها العبارات وتصرف فيها انس رضي الله عنه بتلك المشاعر لانه الخادم المحب اللصيق قريب من رسول الله صلى الله عليه وسلم. لكنهم صدقا والله يا اخوة ادركوا بموته صلى الله عليه وسلم مصيبة عظيمة جليلة عبروا عنها بتلك العبارات مقاربة لوصف ارتجفت له قلوبهم وتزلزلت لها اركانهم لم نعش معه عليه الصلاة والسلام لم نشرف بصحبته لكننا قرأنا من سيرته. ما زادنا حبا له. كذلك ادركنا ان موته صلى الله عليه وسلم وفراقه للدنيا كان حدثا عظيما تهون عنده المصائب كلها وتخف وقع الاحداث المؤلمة التي تقع على دنيانا بفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة الثالثة عشرة كان لا ينتقض وضوءه بالنوم بخلاف غيره لانه كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه كما ورد في الصحيح وفيه اشارة على ان نوم العين المجردة لا ينقض الوضوء. وفيه وجه غريب انه ينتقض كامته هذه المسألة الثالثة عشرة عدم انتقاض وضوئه صلى الله عليه وسلم بالنوم هل النوم ناقض للوضوء؟ قبل ان نتكلم عن هذه الخصيصة من خصائصه عليه الصلاة والسلام لنعلم ايها الكرام ان العلماء وفقهاء الاسلام رحمة الله عليهم. عندما يتكلمون عن نواقض الوضوء يذكرون البول والغائط اكرمكم الله ويذكرون خروج الريح وبعض النواقض ومنها النوم وكلام العلماء رحمة الله عليهم في النوم هل هو ناقض للوضوء يتوزع على اقوال ومذاهب احدها انه لا ينقض مطلقا على اي حال كان. وهو محكي عن بعض الصحابة كاب موسى الاشعري رضي الله عنه عنه وعن بعض السلف كسعيد ابن المسيب وابي مجلز وحميد الاعرج. القول الثاني ان ان النوم ناقض للوضوء مطلقا كل حال وهو محكي عن الامام الحسن البصري وقول في مذهب الشافعية غريب القول الثالث ان النوم انما ينقض الوضوء اذا كان كثيرا. اما اذا كان يسيرا فانه لا ينقض الوضوء وهو منقول عن بعض السلف كالزهري وربيعة والاوزاعي وهو مذهب مالك واحمد في احدى الروايتين عنه. المذهب الرابع ان الانسان اذا نام على هيئة من هيئات الصلاة كالركوع والسجود لا ينتقض وضوءه. سواء كان في الصلاة او خارجها. اما اذا كان مضطجعا او مستلقيا على قفاه ونام كان نومه وللوظوء وهو منقول عن ابي حنيفة وداوود. القول الخامس انه لا ينقظ النوم في الصلاة بكل حال وينقظه خارج الصلاة وهو قول مرجوح في مذهب الشافعي القول السادس ان النوم من الجالس المتمكن الممكن مقعده من الارض لا ينتقض وضوءه والا يعني اذا كان آآ مستلقيا او مضطجعا او غير ذلك من الهيئات التي لا يكون فيها جالسا متمكنا من جلسته فانه الوضوء سواء قل النوم او كثر داخل الصلاة او خارجها وهو مذهب الشافعي والرواية آآ الراجحة الظاهرة في مذهب احمد رحم الله هذا ما يتعلق بي وبك وبسائر الامة هل النوم ناقض او لا سمعت فيه الخلاف اذا الذي يخص نبينا صلى الله عليه وسلم ويعد المسألة في حكمه من الخصوصيات او من الخصائص التي لا يشارك فيها امته انه لا ينتقض وضوءه بالنوم مطلقا. استدل لذلك العلماء بجملة من المسائل من الادلة منها ما اشار اليه المصنفون رحمه الله بقوله لانه كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه كما ورد في الصحيح. يشير فيه الى حديث عائشة رضي الله عنها وهي تحكي النبي صلى الله عليه وسلم وصلاته من الليل وقالت يا رسول الله اتنام قبل ان توتر؟ قال تنام عيني ولا ينام قلبي وكذلك حديث انس في قصة الاسراء قال والنبي صلى الله عليه وسلم نائمة عيناه ولا ينام قلبه وكذلك الانبياء. ومن الادلة كذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما في الصحيحين قال بت عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. ورسول الله صلى الله الله عليه وسلم عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام فصلى فقمت عن يساره فاخذني فجعلني عن يمينه فصلى في تلك الليلة ثلاث عشرة ركعة ثم نام وهذا موضع الشاهد. قال ثم نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفخ وكان اذا نام نفخ والمقصود خروج الفم خروج الهواء من الفم من النائم الذي يخرج اثناء نومه انا الاستغراق في النوم نام حتى نفخ. قال ثم اتاه المؤذن فخرج فصلى ولم يتوضأ وهذا موضع الشاهد ان النوم مع كونه نوما عميقا وكان مضطجعا وقد نفخ في النوم يعني من استغراقه في النوم الا انه قام وصلى من غير تجديد وضوء. وفي الصحيحين ايضا عن ابي سلمة قال سألت عائشة رضي الله عنها كيف كان صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فذكرت احدى عشرة ركعة يصلي اربعا فلا تسأل عن حسنهن وطولهم الى ان قال في اخره قالت عائشة فقلت يا رسول الله اتنام قبل ان توتر؟ قال يا عائشة ان عيني تنامان ولا ينام وقلبي ومر ذكر حديث انس فصريح هذه الاحاديث ايها الكرام يدل على اختصاص رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين امته بذلك وهذا من الكرامة التي جعلت للانبياء عليهم السلام. قال المصنف فيه اشارة الى ان نوم العين المجردة لا ينقض الوضوء ثم قال وفيه وجه غريب انه ينقضك امته ان نومه عليه الصلاة والسلام ينقض وضوءه وان حكمه حكم امته لكن الراجح ما تقدم والله اعلم فائدة عد القضاعي هذه الخصوصية وهي نوم عينيه دون قلبه مما خص به دون مما خص به دون الانبياء قبله ووهم فيه. ففي صحيح البخاري من حديث انس في قصة الاسراء وكذلك الانبياء تنام اعينهم ولا تنام قلوب نعم في قصة الاسراء من حديث انس رضي الله عنه وهو يحكي كيف ان النبي عليه الصلاة والسلام قد اتاه الاتي لما قال في الرواية جاءه ثلاثة نفر قبل ان يوحى اليه وهو نائم في المسجد الحرام فقال اولهم ايهم هو فقال اوسطهم هو خيرهم وقال اخرهم خذوا خيرهم. فكانت تلك الليلة فلم يرهم حتى اتوه ليلة اخرى فيما يرى قلبه والنبي صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه قال انس وكذلك الانبياء عليهم السلام. تنام اعينهم ولا تنام فهذا موضع الشاهد الذي من اجله عد الائمة كلام الامام القضاعي مخالفا او وهما لانه خلاف ما دل عليه حديث الصحيح في صحيح البخاري انه ليس مما يمتاز به دون الانبياء بل هو لهم جميعا عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام قال الامام الحافظ ابن عبد البر، رحمه الله تعالى، هذا من عليا مراتب الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم كما روي ان معاشر الانبياء تنام اعيننا ولا تنام قلوبنا. ولذلك قال ابن عباس رضي الله عنهما رؤيا الانبياء وحي. لان الانبياء يفارقون هنا سائر البشر في نوم القلب ويساوونهم في نوم العين. فلو سلط النوم على قلوبهم كما يصنع بغيرهم لم تكن رؤياهم الا لك رؤيا من سواهم وقد خصهم الله تعالى من فضله بما شاء ان يخصهم به ومن هذا انه كان عليه الصلاة والسلام ينام حتى ينفخ ثم اصلي ولا يتوضأ لان الوضوء انما يجب لغلبة النوم على القلب وليس العين ولا يساويهم ايضا كما تقدم في مسائل اخر مر ذكرها في الابواب السابقة من هذا الكتاب فائدة ذكر القاضي عياض ذكر القاضي عياض في الشفاء في اوائل الباب الثالث في الكلام على شق البطن ان في رواية ان جبريل قال قلب وكيع اي شديد فيه عينان تبصران واذنان سميعتان لما ذكر الامام القاضي عياض رحمه الله تعالى في كتاب الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم في الباب الثالث وهو يتعرض لذكر ما خص به من الكرامات والمعجزات ذكر قصة الاسراء. وذكر ايضا حادثة شق الصدر في الروايات التي ساقها القاضي هناك ذكر في بعضها ان جبريل عليه السلام في حادثة شق صدره من اجل اخراجه لغسله بطست من ذهب فيه ماء زمزم قال اي جبريل عليه السلام قلب وكيع يصف القلب قلب النبي عليه الصلاة والسلام اي شديد قال فيه عينان تبصران واذنان سميعتان. يصف القلب بانه حي له عينان. تريان وله اذنان تسمعان قال قلب وكيع فيه عينان تبصران واذنان سميعتان. هذه الرواية اقصد مرويات حادثة شق الصدر مما تكررت في كتب ورواياتها متعددة وهي ثابتة على خلاف في عدد وقوعها هل كانت مرة او اثنتان او اكثر؟ ولذلك قال ابن اسحاق في بعدما ساقها وساقها ابن كثير ايضا وقال سنده جيد قوي واطال آآ كذلك ابن كثير رحمه الله في سد الطرق من غير اللفظ الذي اورده القاضي عياض هنا بقوله قلب وكيع فيه عينان تبصران سمعتان والله اعلم المسألة الرابعة عشرة في انتقاض وضوئه باللمس وجهان قال النووي في الروضة والمذهب الجزم بانتقاضه قلت لكن في النسائي الكبير من حديث القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي واني لمعترضة واني لمعترظة بين يديه اعتراض الجنازة حتى اذا اراد ان يوتر مسني برجله واسناده صحيح جليل وظاهره يؤيد عدم النقض وفي مسند البزار من حديث عبدالكريم الجزري عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل بعض نسائه ثم يخرج الى ثم يخرج الى الصلاة ولا يتوضأ. ثم قال لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم الا من رواية عائشة. ولا علمه يروى عنها الا من حديث حبيب عن عروة ومن حديث عبدالكريم عن عطاء هذه المسألة الخامسة عشرة المسألة الرابعة عشر التي ساقها المصنف رحمه الله في انتقاض وضوء النبي صلى الله عليه وسلم باللمس. اي لمس المرأة وقد ذكرها عقب الحديث عن مسألة نقض الوضوء بالنوم وهناك تقرر انه من خصوصياته عليه الصلاة والسلام تخفيفا واباحة الا يعد نومه ناقضا المسألة الرابعة عشر في انتقاض وضوئه بلمس النساء هل كان وضوء النبي عليه الصلاة والسلام ينتقض باللمس؟ اما الامة فان قول الله سبحانه وتعالى في ذكر نواقض الوضوء في ايتي المائدة والنساء في قوله سبحانه وتعالى وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا ايضا طيبة. فيه ذكر هذه النواقض ومنه لمس النساء. اما النبي عليه الصلاة والسلام ففي ذكر هذه المسألة ضمن نواقض الوضوء في حقه محل خلاف. قال المصنف فيها وجهان. قال النووي في الروضة والمذهب الجزم بانتقاضه يعني الذي رجحه الامام النووي في مذهب الشافعية عدم عد المسألة من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم واما القول الاول في عده ليس ناقضا تكون خصوصية ويحتاج الى دليل. فمما استدل لذلك ما ذكره المصنفون من حديث عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي واني لمعترظة بين يديه اعتراض الجنازة حتى اذا اراد ان يوتر مسني برجله. والحديث اصله في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت انام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلاي في قبلته فاذا سجد غمزني فقبضت رجلي واذا قام بسطتهما قالت والبيوت ومائذ ليس فيها مصابيح فدل ذلك على انه كان يصلي ولو كان لمس المرأة ناقضا لما اكمل صلاته عليه الصلاة والسلام وهذا الحديث الذي ذكره المصنف هنا فيما اخرج النسائي واصله في الصحيحين قال وظاهره يؤيد عدم النقض لانه صلى ولم ينتقض وضوءه واكمل صلاته. واستدلوا ايضا بحمله صلى الله عليه وسلم امامة بنت ابنته عليه الصلاة والسلام فانه كان يحملها في صلاته فاذا سجد وضعها واذا قام حملها وهذه الادلة وغيرها محمولة على وجوه اخر عند القائل بان مس المرأة ينقض الوضوء لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاجابوا عن حديث غمزه لعائشة انه لا يشترط ان يكون مسا باليد. بل ربما كان من حائل واذا كان اللمس غير مباشر للجلد بالجلد لم يكن ناقضا وكذلك الشأن في حمله امامة فانها كانت طفلة صغيرة. وان الحمل ايضا ليس بالضرورة ان يكون فيه افضاء باليد الى مس البشرة فضلا عن ان انها كانت طفلة مسه لا ينقض الوضوء اصلا هذه الادلة التي يذكرها العلماء وقد اجيب عنها يقابلها حديث قال فيه المصنفون ما اخرج البزار من حديث عبدالكريم الجزري عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل بعض نسائه ثم يخرج الى الصلاة ولا يتوضأ هذا الحديث يجب ان يكون نصا في المسألة وفيصلا فيها في الخلاف بين الفقهاء ولكنه لو صح الحديث قال المصنف بعدما ذكر اخراج البزاري للحديث قال لا نعلمه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم الا من رواية عائشة انعلمه يروى عنها الا من حديث حبيب عن عروة ومن حديث عبدالكريم عن عطاء. يشير الى عدم صحة مخرج هذا الحديث والحديث هنا ان النبي عليه الصلاة والسلام قبل امرأة من نسائه ثم خرج الى الصلاة ولم يتوضأ وقد اخرجه ابو داوود ايضا في سننه في باب الوضوء من كتاب الطهارة من طريق الاعمش آآ من حديث عروة المزني عن عائشة رضي الله عنها. والحديث مختلف في اسناده فمنهم من رواه عن عن وكيع عن الاعمش عن حبيب ابن ابي ثابت عن عروة عنها ولم ينسب عروة آآ هذا الحديث ولم ينسب عروة في هذا الحديث وعندما يطلق فانه عروة ابن الزبير. قال ابو داوود بعد اخراجه الحديث وروى عن الثوري يقوروه يعني الثوري انه قال ما حدثنا حبيب الا عن عروة المزني. يعني لم يحدثهم عن عروة ابن الزبير وقال يحيى ابن سعيد القطان لرجل احكي عني هذا الحديث شبه لا شيء وهو نص على ان الحديث هذا عند الائمة النقاد من المحدثين لا يعد حديثا مرجعا ولا صحيحا. ورواه من وكيع يعني الاعمش ثم قال سمعت محمد بن اسماعيل يعني البخاري يضعف هذا الحديث وقال حبيب ابن ابي ثابت لم يسمع من عروة وكذا رواه ابن ماجة وقال البيهقي في خلافياته هذا حديث يشتبه فساده على كثير ممن ليس الحديث من شأنه ويراه اسنادا صحيحا وهو فاسد من وجهين وذكر الوجهين اولا ان حبيبنا ابي ثابت لم يسمع عن عروات ابن الزبير فهو مرسل. والثاني ان عروته هنا ليس هو ابن الزبير بل هو شيخ مجهول يعرف بعروة المزني وكلام طويل للائمة الفقهاء في الاجابة عن الحديث. ولذلك قلت لو صح لكان فيصلا في المسألة ان تقبيل وهو نوع من المس بل من اعلى درجات مس النساء لم يكن ناقضا للوضوء. ومن اجل ذلك بقيت المسألة محل خلاف. لاننا لا نجد نصا صحيحا صريح في انه عليه الصلاة والسلام مخصوص من بين امته بالمس الذي لا يعد ناقضا للوضوء. نعم قال عبدالحق ولا اعلم لهذا الحديث علة توجب تركه. يقصد الامام عبدالحق الاشبيلي رحمه الله تعالى الامام المحدث حافظ الثقة صاحب كتاب الاحكام وهو يتكلم عن حديث آآ عروة حبيب ابن عروة حبيب عن عروة عن عائشة آآ التي قالت فيه رضي الله عنها كان يقبل بعض نسائه ثم يخرج الى الصلاة. نعم. قال ولا اعلم ولا اعلم لهذا الحديث علة توجب تركه ولا اعلم فيه اكثر من قول يحيى ابن معين حديث عبدالكريم اه حديث عبدالكريم عن عطاء حديث فردي لانه غير محفوظ وانفراد الثقة بالحديث لا يضر فاما ان يكون قبل ان تنزل الاية او يكون الملامسة او يكون الملامسة الجماع كما قال ابن عباس رضي الله عنهما واحتج الشافعي رضي الله عنه بحديث لمس عائشة اخمص قدميه على ان طهر الملموس لا ينتقض وهذا يؤذن بانتفاء الخصوصية والا لما حسن الاحتجاج به. نعم هذا تعليق على ما ذكره الامام عبدالحق الاشبيلي رحمه الله في تصحيح الحديث وعدم الالتفات الى تضعيف يحيى بن معين لكنه تقدم لك كلام عدد من الائمة قطان والامام احمد والبيهقي والنووي وعدد كثير ممن ضعف الحديث وذكروا وجوه ضعفه. واما قوله ان انفراد الثقة بالحديث لا يظر فلو كان صحيحا لكن الحديث معلول باكثر من علة ولهذا فانه لا يفيد فيه كثيرا هذا التأويل ان يكون قبل ان تنزل اية او يكون ان الملامسة الجماع كما قال ابن عباس. وذكر احتجاج الامام الشافعي بحديث لمس عائشة اخمص قدميه على ان طهر الملموس ينتقض قال وهذا يؤذن بانتفاء الخصوصية لانه في مقام الاحتجاج فاذا استدللنا بفعله صلى الله عليه وسلم لنبني عليه حكما للامة لم يكن. من باب الخصوصية في شيء والله اعلم المسألة الخامسة عشرة كان يجوز له ان يدخل المسجد جنبا قاله صاحب التلخيص وفيه حديث في الترمذي حسنه مع الغرابة من طريق ابي سعيد قال قال صلى الله عليه وسلم يا علي لا يحل لاحد ان يجلب في هذا المسجد غيري وغيرك قلت وفي حسنه نظر ففيه سالم بن ابي حفصة وعطية العوفي وهما ضعيفان جدا في عيان متهمان ورواه البزار من حديث سعد بن ابي وقاص والطبراني في اكبر معاجمه من حديث ام سلمة قلت ومقتضى الحديث اشتراك علي رضي الله عنه معه في ذلك ولم يقل به احد من العلماء. هذه المسألة الخامسة عشرة جواز دخوله المسجد جنبا ولنا الاية الكريمة في سورة النساء. يا ايها الذين امنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا. فاباحت الاية المرور بالمسجد للجنب ان يكون عابر سبيل. فاما الجلوس في والمكث فيه والبقاء للجنب فلا يحل قال ولا جنبا يعني لا يحل لكم ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا. فاذا ثبت ان النبي عليه الصلاة والسلام كان يجوز له قاؤوا في المسجد والمكث فيه كان ذلك خصوصية. وهذا اذا يحتاج الى دليل. قال ذكره صاحب التلخيص واورد حديث كالامام الترمذي الذي حسنه مع الغرابة يعني قال حسن غريب قال يا علي لا يحل لاحد ان يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك قال ابن الملقن وفي حسنه نظر وذكر من ضعف الحديث ان سالم بن ابي حفصة وعطية العوفية راويان في الحديث ضعيفان جدا من حيث الحفظ وتزكية الرواية واما من حيث المذهب الشيعيان متهمان. لان الرواية تنص على علي رضي الله عنه بخصاصة وكرامة ليس سيشاركه فيها احد ومثل هذا مما يحمله العلماء على محمل النقد عندما يروي الحديث من يتهم في مذهبه ونحلته ان يروي ما يعضض لبدعته والهوى الذي يقول به. الحديث الذي اخرجه الترمذي قال حسن غريب ولا نعرفه الا من هذا الوجه ثم قال الترمذي معقبا قال ضرار بن سرد معناه لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيري وغيرك. هذا عليه كلام سيأتي ذكره الان لكن الايراد الترمذي للحديث ليس تصحيحا بل تحسين مع الغرابة. واشار الى وجه الغرابة بضعف رواته او بعض رواته من اجل ذلك اورد صاحب التلخيص يعني الامام ابن القاص رحمه الله اورد المسألة في الخصائص ولو صح الحديث لكان دليلا فان ضعف حديث لم يبق دليل على الخصوصية ولو قال قائل بل المقصود هنا من الحديث هو العبور في المسجد وليس المكث فالجواب ان العبور جائز للامة كلها ولا وجه لدعوى الخصوصية فيها برسول الله صلى الله عليه وسلم. نعم. وذكر الترمذي عقب بايراده الحديث عن ضرار ابن سرت ان معنى الحديث لا يحل لاحد يستطرقه جنبا غيري وغيره. يعني لا يحل لاحد ان يستطرق المسجد ومعنى الاستطراق ان يجعله طريقا والمعنى هنا اذا هو العبور وليس البقاء والمكث. ففسر الحديث بالعبور. فلو رضينا بهذا التفسير وقلنا به فانه مما يضعف به ايضا انه خلاف الاية. الاية قد اباحت فكيف يقول الحديث لا يحل لاحد غيري وغيرك الاية قالت ولا جنبا الا عابري السبيل. فكيف تقول ان الخصوصية هنا برسول الله عليه الصلاة والسلام في معية علي رضي الله عنه. وهذا طيروا فيه نظر لان هذا الحكم لا يختص به. بل امته كذلك واما القفال فانه لا يسلم ذلك لصاحب التلخيص. بل قال لا اظنه صحيحا وعندئذ ففي ثبوت هذه الخصوصية نظر كما تقدم. وقال امام الحرمين هذا الذي قاله صاحب التلخيص هوس لا ندري من اين قاله ولا الى اي اصل اسنده فالوجه القول بتخطئته. جزم امام الحرمين رحمه الله بتخطئة ابن القاص صاحب التلخيص في ايراد المسألة في الخصائص وقال هو هوس لا ندري من اين قاله ولا الى اي اصل اسنده وان قلت فحديث الترمذي تقدم ان حديث الترمذي رحمه الله عنه كلام واجابات متعددة وان التضعيف الحديث لا استقيم لاثبات هذه المسألة من خصائصه صلى الله عليه واله وسلم قلت اسناده الى رواية الترمذي وتحسينه له وذلك هو غاية الفقيه فلا وجه لتخطئته وقد قوى النووي مقالته وذكر القضاعي هذه الخصوصية فيما خص بها من بين سائر الانبياء وعبر بالبس دون الدخول فقال ومنها انه ابيح له اللبس في المسجد في حال جنابته. ختم المصنف رحمه الله المسألة بالميل يميل الى تقوية ما ذكره ابن الخاص في التلخيص وجعل المسألة من الخصائص اعتمادا على تحسين الترمذي للحديث. قال وهذا كاف عند الفقيه ان يبني على الحديث مسألته فلا وجه لتخطئته كيف وقد قوى النووي بقوله ان الحديث او بقوله حسنه الترمذي بكثرة شواهده واما القضاعي فقد ذكر المسألة ايضا لخواص الانبياء عموما وليس لنبينا صلى الله عليه وسلم خاصة. وجعل ذلك هو اللبس في المسجد وليس ليس مجرد العبور او الدخول وانه ذلك ايضا كما ابيح حال الجنابة. وقد تقدمت المسألة الواردة في مسألة مكثه عليه الصلاة والسلام سلام وقد تقدم ايضا مسألة الجنابة السابقة قبل هذه المسألة هذا الحديث في حمل الاستطراق على معنى العبور كما تقدم لا يساعد على عد المسألة من الخصوصيات ويدل على ذلك ما روى النسائي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما في فضائل علي قال وكان يدخل المسجد وهو جنب وهو على طريقه ليس له طريق غيره. فاذا ليس هنا خصوصية. فيقال ومسجده لا يستطرقه جنب غيره سوى علي وابنيه وفاطمة لانه اباح لهم ذلك وروي في ذلك حديث ايضا لا يصح. قال البلقيني ولو قال قائل ان مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة كان يحرم دخوله على غيره وغير اهل بيته. لانه لا عبور فيه الا للمساكن اللابثين فيه ويكون معنى حديث ام سلمة تحريم عبوره على الجنب والحائض الا على رسول الله صلى الله عليه وسلم واهل بيته. وهذا كله محاولة للجمع بين مرويات الحديث مع غيرها من الاحاديث التي تبين حكم اصل المسألة وهي عندئذ ما زالت مفتقرة الى دليل لاثبات الخصوصية والله اعلم. المسألة السادسة عشرة قال ابن القاص كان يجوز له صلى الله عليه وسلم ان يلعن شيئا من غير سبب يقتضيه لان لعنته رحمة واستبعده الائمة لكن في الصحيحين من حديث ابي هريرة رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فانما انا بشر فاي المؤمنين اذيته؟ او شتمته او لعنته؟ فاجعلها له زكاة وصلاة وقربة قربه بها اليك يوم القيامة وفي رواية لهما انما انا بشر اغضب كما يغضب البشر فايما رجل من المسلمين سببته او لعنته او جلدته فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها اليك يوم القيامة واجعل ذلك كفارة له الى يوم القيامة. اللعن والسب والشتام لم يكن اصلا مما يجري على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تواطأت بذلك الروايات. وكما حسن الله تعالى له خلقه اخلاقه وخلقته كان على اتم العبارات وجمال الكلام الذي مدح به وعرفه به الصديق والعدو القريب والبعيد الا ان بعض الالفاظ التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يتوعد فيها بعض الواقعين في شيء من المحرمات زجرا وتهديدا كلعنه اكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه. وكلعنه الواشمة والمستوشمة وكلعنه شارب الخمر وحاملها المحمولة اليه الى اخر الحديث. هذا اللعن انما كان مورده لسبب ومعنى وعلة تو تبنى عليه. طيب فان كان من غير سبب يقتضيه قال كان ذلك جائزا ايضا له صلى الله عليه وسلم لان لعنه رحمة كيف هذا ذلك مبني على حديث الصحيحين من رواية ابي هريرة رضي الله عنه في قول رسولنا صلى الله عليه وسلم اللهم اني اتخذت عندك عهدا لن تخلفنيه فانما انا بشر. فاي المؤمنين اذيته؟ او شتمته او لعنته فاجعلها له زكاة وصلاة وقربة تقربه بها اليك يوم القيامة وليس في الحديث سب من غير سبب ولا شتم ولعن من غير سبب. بل حتى ولو كانت على سبب. والا فرسول الله عليه الصلاة والسلام اجل اكبر واعظم من ان يسب او يلعن او يشتم لا لسبب. وهذا لا يفعله اعقل العقلاء وابسط البسطاء. فكيف برسول الله عليه الصلاة سلام قال ومنها ايضا في الرواية الاخرى انما انا بشر اغضب كما يغضب البشر فايما رجل من المسلمين سببته او لعنته او جلدته. فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها اليك يوم القيامة. واجعل ذلك كفارة له الى يوم القيامة. هذه الخصوصية هنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي اراده آآ عهدا عند ربه عز وجل. قال الرافعي فمن شتمه او لعنه جعل ذلك قربة له بدعائه صلى الله عليه وسلم وفي البخاري ايضا اللهم فايما عبد مؤمن سببته فاجعل ذلك لك فاجعل ذلك له قربة اليك يوم القيامة. واحاديث اخرى غيرها كثيرة في روايات والفاظ متعددة منها قوله فايما احد دعوت عليه من امتي بدعوة ليس لها باهل ان تجعلها له طهورا وزكاة وقربة تقربها منك يوم القيامة. قال الامام النووي رحمه الله هذه حديث مبينة ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على امته ومن الاعتناء بمصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم. وهذه الرواية الاخيرة تبين المراد في الروايات المطلقة وانه انما يكون دعاؤه عليه وسبه ولعنه ونحو ذلك. رحمة وكفارة وزكاة اذا لم يكن اهلا للدعاء عليه وكان مسلما. والا فقد دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين. ولم يكن ذلك رحمة لهم. فان قيل كيف يدعو على من ليس هو باهل للدعاء او يسبه او يلعنه. ان تقول انما كان سبه او دعاؤه او لعنه اما على من كان مستحقا او من كان غير مستحق فما الجواب عن ذلك؟ سيأتي جوابه بعد قليل قال الرافعي وهذا غريب وهذا قريب من جعل الحدود كفارات لاهلها. اي جعل الدعاء واللعن رحمة وقربة. فكيف يجمع؟ يقال كما في الحد اليس يقام الحد على مرتكب المعصية الموجبة حدا كالزاني والسارق وشارب الخمر وامثال هؤلاء فكما ان الكفارة كما ان الحدود كفارات فسبوا النبي عليه الصلاة والسلام ودعائه ولعنه كفارة لصاحبه تكون قربة له يوم القيامة قال العلماء وذلك في حق المسلمين كما نطق به الخبر فانه عليه الصلاة والسلام دعا على الكفار والمنافقين. ولم يكن لهم رحمة. نعم ودليل ذلك في القيد في الحديث ايما رجل من مسلمين وفي بعض الروايات من المؤمنين. نعم فان قيل ان كان يستحق الدعاء فكيف يجعل رحمة لهم وان كان لا يستحقه فكيف يدعو عليه الصلاة والسلام من لا يستحق الدعاء فالجواب من اوجه فهمنا المسألة فهذا سؤال وارد فهمنا ان شتمه او دعاءه او لعنه صلى الله عليه وسلم على من لا يستحق من اهل الاسلام يكون قربة له يوم القيامة هنا يأتي سؤال ان كان عليه الصلاة والسلام يسب او يدعو او يشتم او يلعن شخصا فاما ان يكون مستحقا او غير مستحق فان كان غير مستحق فلماذا دعا عليه اصلا وان كان مستحقا فكيف ينقلب الدعاء او الشتم او اللعن رحمة وهو مستحق بسبب ما صدر عنه من قول او فعل وهو سؤال وجيه اورده العلماء في هذا السياق قال والجواب عنه من اوجه نعم احدها انه يجوز ان يكون مستحقا دعائي عليه شرعا ولكن رأفته عليه الصلاة والسلام وشفقته تقتضي ان يدعو له لارتكاب ما نهي عنه والعاصي اولى واحق ان يدعى له. وقد يكون الدعاء عليه سببا لزيادة عصيانه. هذا الجواب الاول انه بالعكس كان مستحقا ان يدعى عليه كما في الحديث الصحيح لما قيل له ادعو على دوس قال اللهم اهد دوسا يكونوا يستحقون الدعاء عليهم اما لعصيانهم او اذاهم او تسلطهم وغير ذلك. فكان عليه الصلاة والسلام بمقتضى الشفقة والرحمة يدعو لمن يستحق ان يدعى عليه. فيدعو لهم بالهداية والرحمة وكما قال المصنف اهل العصيان احق ان يدعى لهم بالهداية قد يكون سببا لتوبتهم لا عليهم لان لا يكون زيادة في عصيانهم وتماديهم وابتعادهم عن ربهم جل وعلا وثانيها يجوز الا يكون مستحقا للدعاء في الباطن. وهو مستحق له في الظاهر. وهو عليه الصلاة والسلام انما يحكم بالظاهر لانه لم يطلع على الغيب. فيكون الجمع بين هذه الروايات كيف يدعو على من لا يستحق الدعاء؟ يقال ولم يكن يستحقه في الباطن عند الله عز وجل. والنبي عليه الصلاة والسلام لم يكن الطالع على الباطل. وكان اقتصاره في الحكم على الظاهر. وكان من ظاهر هذا الانسان ما يدعو الى سبه او لعنه او الدعاء عليه ولذلك قال اللهم ايما رجل دعوته وكان يقصد عليه الصلاة والسلام ان لم يكن لذلك اهلا انه ايما بشر اغضبه او اي مؤمن اذاه او شتمه فاجعل عليه زكاة وقربة ورحمة. اذا كان يستحق او لا يستحق. قال يستحق في الظاهر غير مستحق في الباطن. وثالثها يجوز ان كن المراد به ما صدر منه على صيغة الدعاء واللعن والسب وليس المراد به حقيقته كما جرت به عادة العرب في كلامها كقوله تربت يمينك وعقرى حلقى فخشي عليه الصلاة والسلام ان يصادف شيء من ذلك اجابة فسأل الله ان يجعل ذلك رحمة وكفارة. نعم هذا جواب ثالث ان يكون المراد ما صدر على صيغة الدعاء غير المقصود فان العرب في بعض كلامها تطلق جملا وعبارات في مقام الدعاء لا يراد به حقيقته كما يقال تربت يمينك وهي دعاء في ظاهر اللفظ ودلالته في اللغة يدل على الدعاء بالخسارة والهوان وفوات الحظ. لان التراب لا يسوى شيئا تربت يمينه كي اصابت يمينك التراب. ومن اصاب التراب ما وجد شيئا. لكنها دعوة تأتي في سياق الدعاء بالتوفيق والفلاح والفوز. قال فاظفر بذات الدين يدك ويقال ايضا ثكلتك امك. يقول النبي عليه الصلاة والسلام لمعاذ وقد سأله يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ قال ثكلتك امك يا معاذ وهل يكب الناس في النار على وجوههم او قال على مناخرهم الا حصائد السنتهم ثكلتك امك في ظاهر اللفظ ودلالته في اللغة دعاء على الانسان بالموت. ثكلتك امك يعني اصابها الثكل بفقدك. فهو دعاء على الشخص بالموت لكن لا المراد به حقيقته. فيقال يكون باب دعوات النبي عليه الصلاة والسلام على الافراد من اهل الاسلام من امته خارجا هذا المخرج فخشي عليه الصلاة والسلام ان يصادف شيء من ذلك حقيقة اللفظ اجابة عند الله فسأل الله ان يصرف ذلك رحمة وكفارة وايما كان التأويل فقد استجاب الله. وجعل دعاء النبي عليه الصلاة والسلام على اي رجل من المسلمين من امته رحمة وقربة زكاة وطهرا فصلى الله ربي وسلم وبارك عليه فان قيل معنى الحديث السالف انما انا بشر اغضب كما يغضب البشر وذلك يقتضي ان السب واللعن للغضب قلت قال الماوردي يحتمل انه عليه الصلاة والسلام اراد ان دعاءه وسبه وجلده كان مما خير في كان مما خير فيه بين امرين احدهما هذا. هذا يعني السب او الشتم او الدعاء واللعن والثاني زجره بامر اخر يحمله الغضب لله تعالى على احد الامرين المخير فيهما وهو السب واللعن والجلد. فليس ذلك خارجا عن الشرعي. نعم هذا سؤال لان الحديث ذاته يقول انما انا بشر اغضب كما يغضب البشر فايما رجل دعوت عليه او الى اخر الحديث فاذا دل على انه كان لغضب ما سب ولعن الا لغضب قيل نعم لكن الغضب النبوي ابيح له فيه شيئان ان يعاقب المغضوب عليه بسبه او جلده او لعنه او الدعاء عليه وبين بان يعاقبه بامر اخر. فاذا كان اختار ذلك فلم يكن خارجا عن حكم الشرع وليس المراد غضب الشخص لذاته. لان غضبه صلى الله عليه وسلم ما كان الا لله سبحانه وتعالى. ومعنى اجعلها صلاة اي رحمة كما في الرواية الاخرى وعد القضاعي هذه الخصيصة مما خص بها دون الانبياء قبله صلى الله عليه وسلم. نعم عليه الصلاة والسلام المسألة السابعة عشرة. قال ابن القاص وكان يجوز له القتل بعد الاماني. قال الرافعي وخطأوه فيه وقالوا من يحرم عليه خائنة الاعين كيف يجوز له قتل من امنه قلت لا جرم حذفها من الروضة وقصة ابن خطل لا ينافي لا ينافيه فانه عليه الصلاة والسلام قال من دخل المسجد فهو امن وكان اقدمه فقيل له ابن خطل متعلق باستار الكعبة فقال اقتلوه. هذه اخر المسائل وهي السابعة عشرة جواز قتل هي بعد الامان لمن امنه عليه الصلاة والسلام. لكن المسألة لا تأتي على الصواب، ولذلك قال خطوا ابن القاص في المسألة لان ا ستكون خيانة والنبي عليه الصلاة والسلام منزه عن خائنة الاعين واما قتل عبدالله بن خطل وقد تقدمت في القسم الثاني من انواع الخصائص فانما كانت اهدار دم. ولما دخل مكة تأمن عامة اهلها الا من اثنى منهم ابن خطل قالوا هو متعلق باستار الكعبة قال اقتلوه فلا وجه للخصوصية بل كان عليه الصلاة والسلام يفي بالعهد والوعد ويحترم امان الذي يبذله ولم يكن يقتل بعدما يؤمن من يعطيه الامان ابدا صلوات الله وسلامه عليه. تم هذا النوع ويبقى القسم الثاني منه التخفيفات المتعلقة بالنكاح نأتي عليها ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى. اكثروا الصلاة والسلام على نبيكم هذه الليلة وغدكم يوم الجمعة عسى ان ندرك بالصلاة والسلام عليه مراتب الفلاح والفوز ونيل شفاعته والحشر في زمرته. نسألك ربنا علما نافعا وعملا صالحا اللهم اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى محمد بن عبدالله وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين