بسم الله الرحمن الرحيم. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك. حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ملء السماوات وملء الارض وملء ما بينهما وملء ما شئت ربنا من شيء بعد. سبحانك وبحمدك لا نحصي ان عليك انت كما اثنيت على نفسك واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد ان محمدا عبد الله ورسوله وصفيه وخليله. امام الانبياء يا خاتم المرسلين. امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين اجمعين صلوات ربي وسلامه عليه وعلى ال بيته الطيبين الطاهرين وصحابته الغر الميامين والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعض اخوة الاسلام فمن رحاب بيت الله الحرام ومن اروقة الكعبة المشرفة ما زال هذا المجلس المبارك ينعقد تباعا كل ليلة من ليالي الجمعة. نستكثر فيها من صلاتنا وسلامنا على امامنا وقدوتنا وشفيعنا وحبيب قلوبنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. نستكثر في هذه الليلة المباركة من بركاتنا بالصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ونحن نتدارس كتاب خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم من كتاب غاية السول للامام ابن ان الانصاري رحمة الله عليه. وحيث وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية عند النوع الثالث من الخصائص وهي المتعلقة وهي الخصائص المتعلقة بالمباحات والتخفيفات فيما يتعلق بالنكاح ووقفنا عند ثاني مسائل هذا النوع وهو انعقاد نكاحه صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة خصيصة له دون غيره من سائر الامة عليه الصلاة والسلام وفي ختام المسألة وقف بنا الحديث عند فرع متعلق بها وهو الاختلاف بين اهل العلم. هل كان عند النبي صلى الله عليه وسلم من نسائه وزوجاته امهات المؤمنين. رضي الله عنهن. هل كان بينهن امرأة موهوبة ممن وهبت نفسها وهذا كله متعلق بقول ربنا سبحانه وتعالى في سورة الاحزاب وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي وامرأة عطفا على قوله سبحانه يا ايها النبي انا احللنا لك ازواجك اللاتي اتيت اجورهن وما ملكت يمينك مما افاء الله عليك وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات كالتي هجرن معك قال سبحانه وامرأة مؤمنة فهل كان بين نساء رسولنا صلى الله عليه وسلم امرأة موهوبة وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فان كان فايهن رضي الله عنهن اجمعين كان نكاحها من رسول الله صلى الله عليه وسلم هبة. هذا الذي وقف عنده وها نحن ذا في مجلسنا الليلة نستأنفه لنصل السابق باللاحق وبالله التوفيق بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى واختلف العلماء هل كانت عنده عليه الصلاة والسلام؟ امرأة موهوبة ام لا من اجل اختلاف القراء في فتح ان وكسرها من قوله ان وهبت نفسها فعلى الثاني يكون شرطا مستقبلا. وعلى الاول يكون خبرا عن ماض. يشير رحمه الله تعالى الى مأخذ خلاف في الاستدلال بالاية الكريمة وقد تقدم سوق الاية قبل قليل. فقوله سبحانه وامرأة مؤمنة عطفا على قوله احللنا لك ازواجك وامرأة مؤمنة على النصب يعني احللنا لك امرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي. قال فها هنا قراءتان اما القراءة الصحيحة المتواترة في العشر التي لا يخرج عنها قراءة القراء وهي هذه قراءة الكسر. فقوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي وان هنا المكسورة بالهمز والمخففة في النون هي اداة الشرط والمعنى ان وهبت نفسها للنبي ستكون ممن احل الله لك عطفا على قوله احللنا لك ازواجك وان كانت بالفتح ان فانها تكون خبرا عن ماض وليست اداة شرط. يعني وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها اي لانها وهبت نفسها ال النبي فيكون خبرا عن ماض وعندئذ فالفرق بين القراءتين ان الشرط لا يستلزم الوقوع والاخبار عن الماضي يستلزمه فعلى القراءة بالفتح ها هنا خبر يقين ان امرأة موهوبة كانت من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم. وعلى قراءة كسر بالشرطي فايضا يكون محتملا لا لازما في الوقوع. اما الشرط فقوله تعالى وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسه ها فها هنا شرطان في الاية ان وهبت نفسها هذا الشرط الاول والاخر ان اراد النبي ان يستنكحها فيكون في الاية شرطان ان وهبت نفسها ان اراد النبي ان يستنكحها. فيكون احلال ربنا جل جلاله لنبيه الله عليه وسلم هذه المرأة الواهبة نفسها له عليه الصلاة والسلام متوقفا على تحقق هذين الشرطين. اولهما ان تهب نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني ان يريد النبي عليه الصلاة والسلام استنكاحها. فهذا فيكون الشرط الثاني في معنى الحال وهو شرط في احلال هبتها لنفسها كأنه قال احللناها لك ان وهبت لك ان وهبت لك نفسها وانت تريد ان تستنكحها لان ارادته عليه الصلاة والسلام هي قبول الهبة. وبه تتم وبه يتم النكاح. وهذان الشرطان المرتبطان ببعضهما هما نظير قوله تعالى ولا ينفعكم نصحي ان اردت ان انصح لكم ان كان الله يريد ان يغويك فجاء بالشرطين ان اردت ان انصح لكم ان كان الله يريد ان يغويكم. فالثاني شرط في الاول متأخر في لفظي مقدم في الوقوع ما لم تدل قرينة على تقدمه في الترتيب نحو ان تزوجتك ان طلقتك فعبدي حر على ما يذكره العلماء واما قراءة الفتح وهي تنسب الى قراءة ابي بن كعب رضي الله عنه والحسن البصري والشعبي رحمة الله عليهم وتقديرها لان وهبت نفسها وهو فعل ماض في امر قد وقع. وهي قراءة ليست في العشر المتواترة وهي معدودة في القراءات الشاذة لعدم انطباق شروط التواتر عليها. وقرأ زيد بن علي كما في كتب التفسير وامرأة مؤمنة اذ وهبت نفسها فتكون لما مضى فهي امرأة بعينها. وهذا على قراءة ما كان وراء القراءات العشر. اذا علمت هذا فمن قرأ بالكسر وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي وهي القراءة العشرية الصحيحة المتواترة وجعله شرطا مستقبلا قال لا يلزم ان تكون عنده امرأة موهوبة. وبهذا قال مجاهد. ومن قرأ بالفتح جعله خبرا عن ماض ويلزم منه ان تكون هناك امرأة موهوبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم بني على هذا الخلاف في تعيينها تحديدها على ما سيذكره المصنف رحمه الله تعالى. نعم وعلى هذا اختلفوا في من هي فقيل ام شريك قاله عروة واخرجه النسائي عنها وقيل ميمونة بنت الحارث قاله ابن عباس وقال الشعبي هي زينب بنت خزيمة الانصارية ام المساكين قلت اسم ام شريك غزية بنت جابر ابن حكيم وقيل بنت ذروان بن عوف وقيل غزيلة وقيل ليلى بنت الخطيب وقيل فاطمة بنت شريح وقيل خولة بنت حكيم قالته عائشة رضي الله عنها ففي الصحيحين عنها قالت كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن انفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة رضي الله عنها اما تستحي المرأة تهب نفسها للرجل فلما نزلت ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليك من تشاء قلت يا رسول الله ما ارى ربك الا يسارع في هواك وهذا يدل على ان معنى قوله تعالى ترجي اي تؤخر من تشاء من الواهبات وتؤوي اليك من تشاء اي بقبول هبتها وقيل خلافه وعبارة القضاعي ابي عبدالله محمد بن سلام في كتابه عيون المعارف ان مما خص به له اباحة الموهوب له خاصة وهو ان يتزوجها بلفظ الهبة واباحة النكاح بغير مهر ولا يستقر عليه الا بالدخول وليس ذلك بجيد منه وذكر هذه الخصوصية في قسم ما خص به دون الانبياء من قبله ودون امته تشريفا له وتعظيما لشأنه صلى الله عليه وسلم. عليه الصلاة والسلام هذا موجز الخلاف بين اهل العلم في تحديد اسم المرأة الموهوبة التي وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل نكاحها على هذه الهبة ولعل اصح ما في ذلك وارجاه وارجحه ما اخرجه الشيخان في الصحيحين. كما قال المصنف هنا من حديث عائشة رضي الله عنها قالت كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبن انفسهن للنبي صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة رضي الله عنها اما تستحي المرأة تهب نفسها للرجل حتى نزل قوله تعالى ترجي من تشاء منهن وتؤوي اليه من تشاء قالت فقلت يا رسول الله ما ارى ربك الا يسارع في هواك وهذا يدل على ان معنى قوله ترجئ اي تؤخر وتؤوي اي تقبل هيبتها وقيل خلاف ذلك قول عائشة رضي الله عنها كما سمعتم قبل قليل كانت خولة بنت حكيم من اللائي وهبنا وفي هذا دليل على ان عددا من النساء وليست واحدة كانت قد وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم. وليس الكلام في هبة الكلام في قبول رسولنا صلى الله عليه وسلم لهذه الهبة وانعقاد النكاح بناء عليها لتكون الواهبة نفسها زوجة لرسول الله صلى الله عليه وسلم واما من امهات المؤمنين. قال وامرأته مؤمنة ان وهبت نفسها للنبي ان اراد النبي ان يستنكحها على الشرطين كما تقدم ذكره انفا فليس الخلاف في وجود امرأة واهبة نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم بل في وجود امرأة واهبة نفسها قبل نبي عليه الصلاة والسلام نكاحها فغدت اما من امهات المؤمنين. ولهذا ذكر في الخلاف في في تعيين الاسماء. فقيل ميمونة بنت الحارث وهذه لا شك قطعا من امهات المؤمنين وقيل زينب بنت خزيمة وهذه قطعا من امهات المؤمنين والاول محكي عن ابن عباس والثاني الشعبي رحم الله الجميع والمقصود ان تعيين واحدة منهن لتكون من الواهبات هو الذي وقع فيه الخلاف. واما ام شريك فاختلف في اسمها قيل وقيل غزيلة قيلت بنت جابر وقيلت بنت ذروان بن عوف وقيل بل هي ليلى بنت الخطيم وقيل فاطمة بنت شريح وقيل غير ذلك على ما ذكر المصنف رحمه الله تعالى هنا في اختلاف في اسمها وفي نسبها كثيرا قيل هي قرشية عامرية وقيل بل انصارية وقيل هي واحدة من زوجاته عليه الصلاة والسلام كما تقدم قبل ذلك ولا يستطاع الجزم بواحد من هذه الاقوال دون غير لعدم القطع به وانما هي اقوال مأثورة عن ائمة السلف رحمة الله عليهم اجمعين. وقد تعقب المصنف في ختام المسألة رحمه الله الله تعالى كلام القضاعي في كتابه عيون المعارف دعوة خصوصية اباحة الموهوبة لرسول الله عليه الصلاة والسلام وان يتزوجها بلفظ الهيبة واباحة النكاح بغير مهر ولا يستقر عليه الا بالدخول. قال وليس ذلك بجيد منه ولعله يقصد استقرار المهر بالدخول فان ذلك مما تقدم ذكره في المسألة السالفة وانه جعله من خصوصيات رسول الله عليه الصلاة والسلام دون الانبياء ايضا. والثابت عندنا انه دون امته تشريفا له وتعظيما لشأنه صلوات الله وسلامه عليه. وبه تم الكلام على ثاني المسائل في هذا نوع من التخفيفات وهو انعقاد او جواز انعقاد النكاح لرسول الله صلى الله عليه وسلم بلفظ الهبة والله اعلم المسألة الثالثة اذا رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح امرأة فان كانت خلية فعليها الاجابة على الصحيح وتحرم على غيره خطبتها. فان كانت خلية المقصود بالخلية المرأة غير المتزوجة المرأة ان كانت غير ذات زوج يقال لها خلية. فهي ضد المرأة المتزوجة. المرأة متزوجة او خلية يعني خالية عن زوج في ذمتها. نعم اذا رغب اذا رغب النبي صلى الله عليه وسلم في نكاح امرأة فان كانت خلية فعليها الاجابة على الصحيح وتحرم على غيره خطبتها. وان كانت ذات زوج وجب على زوجها طلاقها. لينكحها على الصحيح. لقوله تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول كذا استدل بها الماوردي واستدل الغزالي في وسيطه لوجوب التطليق بقصة زيد رضي الله عنه. وهي مشهورة وقد اوضحتها بطرقها في تخريج احاديث الرافعي فسارع اليه النساء من حيث الزواج اما متزوجة واما ليست ذات زوج والنبي صلى الله عليه وسلم في هذه الخصوصية المعقودة في هذه المسألة ان رغب ان احب عليه الصلاة والسلام واراد ان يتزوج امرأة بعينها. فاما ان تكون متزوجة واما ان لا تكون متزوجة فان كانت غير ذات زوج يعني خلية كما قلنا قبل قليل وجب عليها ان توافق وان تجيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وتحرم عليها مخالفته قال لانها اذا خالفت امره كانت عاصية وعصيان رسول الله صلى الله عليه وسلم محرم وان خالفت ارادته ورغبته كانت غير راضية بقوله وفعله وهذا عصيان. بل هو طريق مؤد الى الكفر ان كان اصرارا عنادا عن علم ودراية فيلزمها الاجابة. واستدل الماوردي بقوله تعالى يا ايها الذين امنوا استجيبوا لله وللرسول اذا عنكم لما يحييكم هذه ان كانت خلية. قال وان كانت ذات زوج. بل قال قبلها وتحرم على غيره خطبتها تحرم على غير رسول الله عليه الصلاة والسلام ان يخطبها هذه المرأة التي تقدم اليها او عرض عليها النكاح والسؤال ها هنا ما وجه هذا التحريم؟ دليل سيأتي ذكره بما اورده بعض اهل العلم لكنها في اصلها لا تكون خصوصية لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لان الحكم عام في تحريم خطبة الرجل على خطبة اخيه ولا يجوز لرجل ان يخطب امرأة علم ان اخا له قد خطبها. حتى يتم العقد او يفترقا. واما الدخول بالخطة فهو منهي عنه شرعا ولا يختص هذا برسول الله صلى الله عليه وسلم. واما الاستدلال بذلك فانه من تحريم من تحريم المضارة برسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتقدم خاطب على خطبته لامرأة بعينها. وقد له بما اخرج الامام البخاري في صحيحه من حديث عبدالله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما ان عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر يعني ابنته من خنيص بن حذافة السهمي رضي الله عنه. وكان من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. فتوفي بالمدينة فقال عمر اتيت عثمان انا ابن عفان فعرظت عليه حفصة فقال سانظر في امري فلبث ليالي ثم لقيني. فقال قد بدا لي الا اتزوج يومي هذا. قال عمر ابا بكر الصديق فقلت ان شئت زوجتك حفصة ابنة عمر فصمت ابو بكر فلم يرجع الي شيئا وكنت اوجد عليه مني على عثمان يعني وجدت في نفسي عليه من الغضب وشيء في النفس اكثر مما وجدته من رفض عثمان لاختلاف منزلة ابي بكر عنده عن منزلة عثمان رضي الله عن الجميع. قال فلبثت ليالي. ولان ابا بكر ايضا لم يبدي عذرا قال فلبست ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال فانكحتها اياه فلقيني ابو بكر فقال لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم ارجع اليك شيئا. قال عمر قلت نعم قال ابو بكر فانه لم يمنعني ان ارجع اليك فيما عرضت الا اني كنت اعلم ان النبي صلى الله عليه وسلم قد ذكرها اه يعني ذكرها في كلامه وحديثه مع ابي بكر رضي الله عنه يبدي رغبته في نكاحها. قال فلم اكن افشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولو تركتها ولو تركها قبلتها. فهذا ابو بكر رضي الله عنه في موضع الشاهد قد علم محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبته وسئل في نكاحها فلم يفعل لعلمه بعدم جواز ذلك لاجل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعض الفقهاء كل امرأة كل امرأة رغب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لاحد خطبتها. وفي غيره تكره الخطبة الخطبة ولا تحرم يعني في غير كلامه في قول اخر تكون مكروهة لا محرمة. والامة اذا وجدت منها فغيروا النبي عليه الصلاة والسلام اذا وجدت منه الرغبة ولم توجد الخطبة يكره ولا يحرم. واما المرأة المتزوجة التي ذكر المصنف تبعا في المسألة؟ قال وجب على زوجها طلاقها لينكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم. مشيرا الى خلاف بقوله على الصحيح وسيأتي متعلق هذه المسألة ودليلها. نعم ثم قال اعني الغزالي لعل السر من جانب الزوج امتحان ايمانه بتكليفه النزول عن اهله. يعني يريد بها شطر المسألة الذي اشرنا اليه قبل قليل ان كانت المرأة التي يرغب نبينا صلى الله عليه وسلم في الزواج منها ان كانت متزوجة. قال وجب على زوجها ان يطلقها لاجل ان ينكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الغزالي ومبينا وجه الحكمة لعل السر من جانب الزوج امتحان ايمانه بتكليفه النزول عن اهله. نعم فان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن احدكم حتى اكون احب اليه من اهله وماله وولده ووالده والناس اجمعين وقد تقدم وقال ايضا لا يكمل ايمان احدكم حتى يكون الله ورسوله احب اليه مما سواهما رواه مسلم ويحققه قوله تعالى النبي اولى بالمؤمنين من انفسهم ومن جانبه صلى الله عليه وسلم ابتلاؤه بالبلية البشرية ومنعه من خائنة الاعين ومن الاضمار الذي يخالف الاظهار ولا شيء ادعى الى غض البصر وحفظه من لمحاته الاتفاقية من هذا التكليف. نعم ان كانت المرأة زوج قال وجب على الزوج طلاقها لينكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على الصحيح ولما قال على الصحيح فهو يشير الى خلاف في وجه اخر انه لا يجب وهذا ذكره ايضا بعض الفقهاء كما في شرح الجويني ووجه ذكره بعض فقهاء الشافعية كابن كج وغيره رحم الله الجميع في كلام الامام الغزالي يبين حكمة احداهما تتعلق بالزوج المراد منه تطليق زوجته لينكحها رسول الله عليه الصلاة والسلام وهو الذي اشار اليه في جانب الامتحان والابتلاء المحض وانه من ابتلاء العبد ان يكون في ايمانه محبا لما احب رسول الله صلى الله عليه وسلم بل مقدما حب رسول صلى الله عليه وسلم على حب نفسه واما من جانب رسولنا صلى الله عليه وسلم. فكيف يقال جوابا عن سؤال ما الحكمة ان يرغب في امرأة متزوجة ذات زوج فيجب على زوجها طلاقها لينكحها رسول الله عليه الصلاة والسلام وهذا حقيقة موضع يراد منا في مجلس الليلة التأمل عنده طويلا واللبث فيه مع كلام العلماء الوارد في هذا السياق لانه مظنة اشكال بل مظنة طعن طعن به اعداء الامة من المستشرقين ومن سلك سبيلهم في مقام النبوة بان النبي عليه الصلاة والسلام يكون له من خصوصية الحكم الشرعي ان ينكح المرأة المتزوجة وان يطلقها زوجها لتحل له عليه الصلاة والسلام قال المصنف الكلام للغزالي ومن جانب النبي عليه الصلاة والسلام ابتلاؤه بالبلية البشرية ومنعه من خائنة الاعين ومن الذي يخالف الاظهار ولا شيء ادعى الى غض البصر وحفظه من لمحاته الاتفاقية من هذا التكليف الى اخر ما اورده في هذا السياق والمعنى ان النبي عليه الصلاة والسلام ربما اصاب من نظره وبصره او وقع بصره على امرأة وقعت في قلب به موقعا وتكون متزوجة وهو مأمور عليه الصلاة والسلام بصون البصر بمنعه بل وحفظه من خائنة فلا يتأتى له ان يسترق النظر ليلبي رغبة القلب فيما يقع كما يقع لسائر البشر عندما لا يتأتى لاحد السبيل الى شيء وقع في قلبه بحكم تزوج المرأة التي وقع بصره عليها. فلا سبيل له الا الى عود البصر لاشباع رغبة القلب فيما وقع فيه الموقع المؤثر. اما نبينا عليه الصلاة والسلام فهذا باب قد اغلق دونه عصمة له له وخصوصية والا يضمر خلاف ما يظهر. فجعل هذا الحكم له ملائمة للخصوصية التي اغلق دونه فيها باب خائنة الاعين او اظمار خلاف ما يظهر ولا شيء ادعى الى غض البصر وحفظه من هذا التكليف قال وهذا ما يريده الفقهاء في صنف التخفيف وعلى هذا الكلام مناقشة سيأتي المصنف الى بعضها وله تتمة. نعم قال وهو ما يورده الفقهاء في صنف التخفيف وعندي ان ذلك في غاية التشديد اذ لو كلف بذلك احاد الناس لما فتحوا اعينهم في الشوارع والطرقات خوفا من ذلك ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفي شيئا لاخفى هذه الاية واعترض عليه ابن الصلاح وقال لم يوافق في مخالفة الاصحاب في ذلك قال وحاصل ما ذكره انه لم يكلف في حقه عليه الصلاة والسلام بالنهي والتحريم زاجرا عن مسارقة النظر وحاملا له على غض البصر من نساء غيره حتى شدد عليه بتكليف لو كلف به غيره لما فتحوا اعينهم طرقات وهذا غير لائق بمنزلته الرفيعة. وزعم ان هذا الحكم في غاية التشديد الله تعالى يقول في ذلك ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له الاية واما قول عائشة رضي الله عنها فذلك لامر اخر وهو اظهار ما دار بينه وبين مولاه وعتابه عليه. ها هنا كلام مختصر مقتضب ساقه المصنف نقلا عن الغزالي وتعقيبا لابن الصلاح عليه رحم الله الجميع وفي طياته كلام يحتاج الى بسق ليفهم على وجهه وخلاصة ذلك النبأ الامامة الغزالية لما ذكر هذه الخصوصية لرسول الله عليه الصلاة والسلام تخفيفا قال العلماء بل هذا يقع موقع التشديد لا موقع التخفيف. ان يكون ذلك ممنوعا منه فتح الاعين والقاء البصر على ما فقد يقع في القلب موقعا لا يستطاع الوصول اليه. قال هذا لو كلف به احد الناس لما فتحوا اعينه في الشوارع خوفا من ذلك. واورد في في سياق هذا الكلام مقولة عائشة رضي الله عنها لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفي شيئا لاخفى هذه الاية وهي موضع حديثنا في التنبيه على اصل المسألة واعترض ابن الصلاح على الغزالي بانه لم يوافق في مخالفة الشافعية في ذلك. لانه لم يكتفي انه نسب الى مقام النبوة النهي والتحريم في الزجر عن مسارقة النظر حملا على غض البصر من نساء غيره حتى شدد عليه تكليف ما لو كلف به غيره لم يفتحوا اعينهم في الطرقات. وكل ذلك لا يليق بمقام النبوة ومقام رسول الله عليه الصلاة والسلام يتنزه ووجه اخر ان دعوى هذه الخصوصية في سياق التخفيفات هي على خلاف الظاهر اذ هي تبدو في غاية التشديد كالذي لا قيموا مع وصف المسألة على هذا النحو. واما اصل المسألة ايها الكرام فهو نكاح نبينا صلى الله عليه وسلم امرأة زيد ابن حارثة الذي جاء في سورة الاحزاب في قوله تعالى واذ تقولوا للذي انعم الله عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك اتق الله وتخفي في نفسك ما الله مبديه ما الذي كان يخفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما الذي امر الا يكون مخالفا لما يبديه عليه الصلاة والسلام؟ قال وتخفي في نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشاه. فما الذي كان يخشاه؟ يا كرام ها هنا خلل في الكلام وزلل في الاقدام. زلت به بعض الالسن وآآ انزلقت فيه ايضا بعض الاقدام فوقعت فيه كلام لا يليق لا يليق باحد من الفضلاء والائمة والعلماء وجهاء فظلا عن الانبياء فضلا عن خاتمهم وامامهم وسيد الاولين والاخرين صلوات الله وسلامه عليه ولن نخوض في ذلك طويلا ولن نقرر فيه شيئا كثيرا لانه ليس ذا بال لكنه ينبغي ان يتعين علينا يا كرام ام بيان موظع هذا الكلام من مقام رسول الله صلى الله عليه واله وسلم فانه كما اخرج الائمة في في دواوين السنة كما اخرج مسلم وفي صحيحه من حديث انس قال لما انقضت عدة زينب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد اذهب فاذكرها علي قال زيد فانطلقت فلما رأيتها وجدتها تخمر عجينا فلم استطع انظر اليها من عظمها في صدري. حين عرفت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها فوليتها ظهري ونكست على عقبي فقلت يا زينب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ارسل يذكره يعني يرغب في نكاحك. قالت ما انا بصانعة شيئا حتى اوامر ربي فقامت الى مسجدها ونزل القرآن وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها بغير اذن الحديث. ليس في الحديث دلالة على عدم اجابتها فانها لم تمتنع وانما قرت ذلك للاستخارة والاستخارة لا تمنع اللزوم. واما ما ذكر في قولها وتخفي في نفسك ما الله مبديه. فشيء يتعلق بقصة رسولنا صلى الله عليه وسلم مع زيد بن حارثة و اما السنة فقد روى الامام البخاري من حديث انس رضي الله عنه قال جاء زيد بن حارثة يشكو يعني يشكو زوجته كما يحصل فيما بين الازواج عادة. فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول له اتق الله وامسك عليك زوجك. قالت عائشة رضي الله عنها لو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتما شيئا لكتم هذه الاية السؤال ما الذي كان يكتمه قال من لا يفقه ولا يعلم ويعتمد على باطل من الروايات وساقط من الحكايات ان الذي كان يكتمه رسول الله عليه الصلاة والسلام حب زينب الذي وقع في قلبه وحاشاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه كلام كلام يقال وتشبث به بعض الطاعنين والمغرظين فربما اثاروا به الشبهات واوقعوا في الاشكالات المسلم الذي لا علم له فاثر ذلك عنده ووقع منه الشيطان موقعا في ريبة وقلق وحيرة واضطراب. ولا مجال لذلك امة الاسلام فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم. او ينزل عليه الوحي بما لا يليق باحاد الناس فضلا عن الكرام والنبلاء فضلا عن الانبياء عليهم السلام. فطيبوا صدرا امة الاسلام فهذا نبيكم صلى الله عليه وسلم بالمقام الاوفى والمنصب الاسمى قد حماه ربه. ورفع قدره واعلى شأنه صلوات الله وسلامه عليه. من تلك السقطات وتلك الامور التي يقع فيها الخلل والدغل وما لا يليق بالفساق والعصاة فظلا عن ما قيل في مقام الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة واتم التسليم والذي يراد في ذلك ما ذكره اه بعض ارباب السير بسند فيه الواقدي وهو متروك الحديث ان النبي عليه الصلاة والسلام وقع منه استحسان لزينب وهي في عصمة زيد. وكان حريصا على ان يطلقها زيد تزوجها هو ثم ان زيدا لما اخبره بانه يريد فراقها ويشكو غلظة قول وعصيان امر واذى باللسان وتعظما بالشرف قال له امسك عليك زوجك واتق الله اي فيما تقول عنها وهو يخفي الحرص على طلاق زيد اياها وهو الذي كان يخفيه في نفسه ويخشى الناس والله احق وان يخشاه وهذا الباطل من القول المروي في روايات واهية لا يقوم عليها اثبات واقعة ولا بناء حكم مما يجب ان يتبين ليظهر بطلانه. وان يذكر ليتبين ايضا عدم صحته والتشويه اشبه على اذهان المسلمين وقلوبهم وعقولهم. وكل ذلك مما يزعمه هؤلاء. مما يقال في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا والله ليس يثبت عن نبينا صلى الله عليه وسلم. بل هو منكر من القول يتحاشى جانب النبوة عنه. فكيف يتصور ان سيد الاولين والاخرين عليه الصلاة والسلام وامام المتقين واعظم الزاهدين ينظر الى امرأة رجل من اصحابه بل من خواصه بل ممن كان ينسب اليه لتبنيه اياه وتربيته له. زيد ابن حارثة حتى كان يقال زيد ابن محمد الذي ادعاه ولدا ثم تقع في خاطره زوجته ويقصد فراقها ليتزوجها معاذ الله ان ينسب اليه صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك. وقائل هذه المقالة قد اقتحم امرا عظيما والله في جانب النبوة شاء ان يكون قد هوى في درك عظيم من الخلل والغبن والزور والباطل الذي لا يليق باحاد المسلمين. فكيف بمقام رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم. ثم انه لا شيء ادل على بطلان هذه الرواية مع ضعف السند وبطلانه لا دل عليه ايضا من الوقائع والحقائق من هي زينب؟ هي بنت عمي بنت عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم اميمة التي نشأت بمكة والمدينة ابنة عمته اميمة وهو الذي خطبها لزيد وزوجها اياه ابنة عمته قد رآها مرات ومرات وشاهدها كثيرا من المرات قبل ان يفرض الحجاب. فكيف يقال انه نظر اليها فاستحسنها كيف يقال انه لما جاء الى بيت زيد يطلبه ورآها اعجبته ووقعت في قلبه ولما جاء زيد يشكو امرها وامره بامساكها اخفى في نفسه محبتها حتى عوتب هذه القصة لا يقال فيها ولا يشار الا بما عول عليه الائمة العلماء من اهل التحقيق ان الذي اخفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه غير الذي كان يبديه هو ما اوحى الله اليه انه سيتزوجها اذ تقول للذي انعم الله عليه وانعمت عليه امسك عليك زوجك. واتق الله وتخفي في نفسك. يأمره بامساكها مع علم بان الله قد اوحى اليه انه سيتزوجها. وهذا لحكمة الهية ان الله اراد ان تكون زوجته ابنتا من تبناه ليبطل عقيدة وحكما جاهليا وهو تحريم زوجة الابن بالتبني حتى نزل قوله تعالى وحلائل ابناء الذين من اصلابكم. واما ابناء التبني فلا يحرموا من زوجاتهم احد. فكان هذا حكما الهيا لحكمة الهية عجيبة جليلة فهذا الذي عاتبه الله على اخفائه عن زيد كما اتضح ذلك نقلا وعقلا. ولهذا روى ابن ابي حاتم في تفسيره قصة مع زيد بسياق حسن قال بلغنا ان هذه الايات نزلت في زينب بنت جحش وكانت امها اميمة بنت عبدالمطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسولنا عليه الصلاة والسلام اراد ان يزوجها زيد ابن حارثة مولاه فكرهت ذلك. ثم انها قضيت بما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فزوجها اياه. ثم اعلم الله نبيه صلى الله عليه وسلم انها رضيت بما صنعت فكانت بعد ذلك من ازواجه وكان يستحي ان يأمره بطلاقها لما اعلمه الله جل جلاله انها ستكون زوجة له وانها ستكون من ازواجه فاستحى ان يظهر ذلك لزيد مولاه بل وابنه زيد الذي كان يقال له زيد ابن محمد حتى لا يزال يكون بينه وبين زيد ما يكون بينه وبين الناس. فامره عليه الصلاة والسلام ان يمسك عليه زوجه. قالوا امسك عليك زوجك واتق لا وكان يخشى الناس ان يعيبوا عليه فيقولون تزوج بامراة ولده او امرأة ابنه. هذا الذي كان يخشاه عليه الصلاة السلام ولم يرد شيئا سوى ذلك. وكان قد تبناه كما تقدم. قال اه علي ابن زيد ابن علي ابن الحسين اعلم الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم ان زيدا ان زينب ستكون من ازواجه قبل ان وجهها. فلما اتاه زيد يشكوها قال اتق الله وامسك عليك زوجك. قال الله قد اخبرتك اني مزوجكها وتخفي في نفسك الله مبديه. يقول القرطبي قال علماؤنا قول علي بن الحسين احسن ما قيل في تأويل الاية. وهو الذي عليه اهل من المفسرين والعلماء الراسخين كالزهري والقاضي بكر ابن العلاء والقاضي ابي بكر ابن عربي وغيرهم. وهناك اثار ايضا تؤيد رواية وتفسير علي ابن الحسين كما روى كما روي عن الزهري قال نزل جبريل على النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه ان الله يزوجه زينب بنت جحش فذلك الذي اخفى في نفسه ويصححه ايضا قول المفسرين في قوله تعالى وكان امر الله مفعولا اي لابد لك ان ان تتزوجها. في ختام الاية نفسها ويوضح هذا ان الله تعالى لم يبد من امره معها غير زواجه لها. فدل على ان الذي اخفاه صلى الله عليه وسلم كان مما اعلمه به ربه تبارك وتعالى والحاصل ان الذي كان يخفيه النبي صلى الله عليه وسلم هو اخبار الله تعالى اياه بانها ستصير زوجته. ستصير زوجته والذي كان يحمله على اخفاء ذلك خشية قول الناس تزوج امرأة ابنه. فاراد الله ابطال ما كان عليه اهل الجاهلية من من احكام التبني وهو تزوج امرأة الذي يدعي يدعى ابنا ووقع ذلك من نبي الامة عليه الصلاة والسلام ليكون ادعى لقبول وتفنيد تلك الشبهة الجاهلية وان يكون الذي كان زوجها هو الخاطب نفسه لا غيره لان لا يظن ان ذلك وقع قهرا بغير رضاه. هذا هو الصواب ووقع الخبط في تأويل متعلق الخشية وتخشى الناس من ماذا هذا الذي وقع الخبط فيه وقد اوضح بما تقدم من الكلام يا كرام. ومن تأمل سورة الاحزاب تأملا وافيا من اول السورة علم ان المراد في السياق كله ما تقدم في صدر السورة من ابطال احكام التبني. لما قال الله تعالى ادعوهم لابائهم هذا كله في سياق الاية الكريمة في سورة الاحزاب وما جعل ادعيكم ابناءكم ادعوهم لاباءهم واقسط عند الله وما كان مؤمن ولا مؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم. لكي لا يكون على المؤمنين حرج في ازواج ادعيائهم اذا قضوا منهن وطرا وكان امر الله مفعولا. ما كان محمد ابا احد من رجالكم كل ذلك. من اول السورة حتى الاية الكريمة وما بعدها هو لابطال احكام التبني. فكيف يؤتى الى جملة في الاية الكريمة لتصرف عن سياقها ويتأول لها تأول باطل ويدرج في ذلك من الوقائع ما لا يثبت سندا. بل وما يعارض صريح القرآن ومنطوقه وسياقه والصحيح الثابتة في اخبار السيرة. ولهذا قال المصنف هنا واما قول عائشة رضي الله عنها يعني آآ المشار اليه لو كان رسول الله يخفي شيئا لاخفى هذه الاية. قال فذلك لامر اخر وهو اظهار ما دار بينه وبين مولاه يعني زيد. ابن حارثة وعتابه عليه وبالجملة فكما قال الامام العلامة الخيضري في القول المكرم في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم قال وبالجملة هذا الموضع من منكرات كلامهم في الخصائص. وقد بالغوا في هذا الباب في مواضع واقتحموا فيه عظائم. كانوا في غنية عنها بالسكوت. وهذا الذي قررناه من رد قول مقاتل وقتادة ومن تابعهما قد سبقنا اليه جماعة من المحققين. فلنذكر بعضه تتميما للفائدة وتأييدا لما قلناه. وقد ساق ما اوردت لكم خلاصته قبل قليل ثم نقل عن ابي بكر بن فورك في كلامه على حديث حبب الي من دنياكم النساء والطيب. وايضا اه جاء بقوله ويزعم بعض بعضهم انه عليه الصلاة والسلام استحسن امرأة زيد ومال اليها فقال زيد انزل عنها الى ان قال في في تفنيد هذا القول مصطفى صلى الله عليه وسلم منزه عن هذه التهمة وعن استعمال النفاق في امرها. والله تعالى قد طهره ونزهه هو من كل عيب. واما قوله وتخشى الناس فالمراد تستحي منهم. والله احق ان يستحي منه حتى تستبيح ما اباح لك من ذلك وليس معنى الخشية هنا الخوف. وقال القاضي عياض رحمه الله وما روي في حديث قتادة من وقوعها في قلب النبي صلى الله عليه وسلم عندما اعجبته ومحبته طلاق زيد لها لو صح لكان فيه اعظم الحرج وما لا يليق من ولا وما لا يليق من مده وما لا يليق من مده عينيه لما نهي عنه من ذلك من زهرة الحياة الدنيا. ولكان هذا نفس الحسد المذموم الذي لا يرضاه ولا يتسم به الاتقياء فبسيد الانبياء صلى الله عليه وسلم ونقول اخر ساقها ايضا في هذا المقام عن عدد من الائمة العلماء وما فيه قول الامام ابي بكر بن العربي فاما ما روي ان النبي عليه الصلاة والسلام احب امرأة زيد وربما اطلق بعض جان لفظة عشق فهذا انما يصدر عن جاهل بعصمة النبي صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا او مستخف بحرمته انتهى قوله ونقول اخر تؤكد هذا المعنى فقول عائشة رضي الله عنها وهي تتكلم في سياق الاية لو كان يخفي نبينا صلى الله عليه وسلم شيئا لاخفى هذه الاية فمحمول على ما تقدم قبل ذلك لا غير فافطنوا لهذا واستدعى المقام شيئا من الاستطراد والتطويل لما اورد هنا من كلام الغزالي وشيئا من تعقب وبالمصنف نقلا عن ابن الصلاحي عنه في هذا السياق والله يتولانا واياكم بحفظه وعصمته وآآ قد كتب لنبيه صلى الله عليه وسلم مقام المقام مقام الوقار والهيبة والاجلال عليه الصلاة والسلام نعم واما قول عائشة رضي الله عنها فذلك لامر اخر وهو اظهار ما دار بينه وبين مولاه وعتابه عليه فاجيب عنه بان الغزالي لم يقل ان النهي في حقه ليس كافيا في الانتهاء وانما جعل ذلك كفا وحافظا عن وقوع النظر الاتفاقي الذي لا يتعلق به نهي فاذا علم انه اذا وقع ذلك ووقعت منه المرأة موقعا وجب على زوجها مفارقتها تاج الى زيادة التحفظ في ذلك والذي كلف اخف ما في النفس مع ابداء الله له فان كثيرا من المباحات الشرعية يستحي يستحي الانسان من فعلها. ويمتنع منها وقوله تعالى ما كان على النبي من حرج الاية فيه رفع الاثم لا فيه رفع الاثم لا نفي الحياء من الشيء. وكل ذلك كما تقدم مما نحن في غنية عنه. وما اجمل واحسن ما قاله الخيبري في المسألة رحمه الله تعالى اذ قال فانت اذا تدبرت هذا وعرفت احوال رسول صلى الله عليه وسلم تيقنت بالعلم القاطع ذلك وانه عليه الصلاة والسلام كان اكره الناس باتباع البشرية مثل تلك القضايا لا كما توهمه الغزالي ومن نحى نحوه. وينبغي لكل مسلم ان يعتقد هذا الذي ذهبنا اليه. قال واذا تقرر هذا بطلت المسألة من اصلها لعدم تصور ذلك منه صلى الله عليه وسلم. اي مسألة ان يرغب نكاح امرأة متزوجة يا امة محمد محمد صلى الله عليه وسلم. هذا شيء لم يقع فكيف يفترض فيه القول؟ شيء لم يقع؟ بل لم يتصور بل لا يليق ان يتصور فعلام سوق الحديث فيه وتفريع الكلام عنه؟ قال لا كما توهمه الغزالي وينبغي لكل مسلم ان يعتقده هذا. واذا تقرر هذا بطلت المسألة من اصلها. لعدم تصور ذلك منه صلى الله عليه وسلم او يقال رغبته فيها بازالة بنوة زيد من الاذهان فيصح ان يقال يجب طلاق مرغوبته لكن يحتاج ذلك الى اثبات دليل في الوجوب حتى قال بالجملة فهذا الموضع من منكرات كلامهم في الخصائص. وقد بالغوا في هذا الباب في مواضع واقتحموا فيه عظائم كانوا في بغنية عنها بالسكوت. وصدق رحمه الله تعالى فان قلت ما الجواب عن حديث عائشة المتفق على صحته؟ ان رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم. فلما رآه وقال بئس اخو العشيرة او بئس ابن العشيرة. فلما جلس تطلق النبي صلى الله عليه وسلم في وجهه وانبسط فلما انطلق قالت له عائشة رضي الله عنها يا رسول الله حين رأيت الرجل فقلت كذا وكذا ثم تطلقت في وجهه وانبسطت له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة متى عهدتيني فاحشا ان شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس اتقاء شره. وفي لفظ استأذن رجل فقال اذنوا له بئس اخو العشيرة فلما دخل الان له في الكلام ثم ذكر نحوه. هذه مسألة اه هي من الاستطراد الذي تتابع فيه المصنف رحمه الله مع حديثنا عن الاية الكريمة وتخفي في نفسك ما الله مبديه ووجه الاستطراد وعلاقة المسألة بما نحن فيه ان قوله تعالى وتخفي في نفسك ما الله مبديه. قال فكيف نقول اذا عما كان عليه الصلاة والسلام خلاف ما يبديه وهو محفوظ عن ذلك. واورد شاهدا قصة الرجل الذي استأذن فقال بئس اخو العشيرة فلم ما جلس انبسط في وجهه والان له الكلام فتعجبت عائشة فقالت يا رسول الله حين رأيته قلت كذا ثم تطلقت في وجهي وانبسطت له قال يا عائشة متى عهدتيني فحاشا والشاهد انه قال عنه غير الذي قال له يعني اخفى في نفسه خلافا ما ابداه له. فالجواب ان هذا ليس هو المنهي عنه وليس هو الذي نزه عنه مقام النبوة بل كان يمنع عليه الصلاة والسلام ان يظهر بكلامه شيئا يريد خلافه. لكنه هنا اراد حقيقة الامر بيان مكانة هذا الرجل والتحذير من شره. والان له الكلام تأليفا لقلبه. والرجل المقصود في الرواية هنا هو عيينة بن حصن الفزاري احد اجواد العرب كان في اسلامه شيء تألفه النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين فاعطاه مائة من الابن نعم فالجواب فالجواب انه يجوز ان يقال الذي منع منه ان يظهر بلفظ لمن يخاطبه شيئا يريد خلافه ولين الكلام لم يرد به النبي صلى الله عليه وسلم الا حقيقته. لاجل شره. يعني دفعا لشره الان له الكلام. وما قاله في هيبته وما قاله في غيبته تنبيها على صفته ليحذر منه او يعامل بمثل ما عامله النبي صلى الله عليه وسلم وكذا امثاله وهو من قبيل الدفع بالتي هي احسن. اي وليس من باب اخفاء خلاف ما يبديه عليه الصلاة والسلام وبهذا يقع الجواب ايضا عن قوله عليه الصلاة والسلام لابي بصير مسعر حرب لو وجد اعوانا. ابوه بصير عتبة ابن اسيد ابن جارية وقصته في صلح الحديب لما جاء اه يعرض اسلامه النبي عليه الصلاة والسلام قد شرط معه في الصلح ان يرد اليه ممن جاءه مسلما فامتنع عن قبول بيعته وانضمامه لكنه اشار بشيء اراد به الخلاص له فقال ويحه ومسعر حرب لو وجد اعوانا فلم يكن يقول شيئا خلاف ما يبديه لكنه كان يقول كلاما يريد به امرا ينفع به صاحبه فكل هذا ليس من باب وتخفي في نفسك ما الله مبديه واورده المصنف استطرادا رحمه الله تعالى. تنبيه ما قدمت اولا انه يحرم على غيره خطبتها هو مبني على انه يجب عليها الاجابة. اما اذا قلنا لا فلا يظهر لما فيه من الاضرار بها. من الاضرار بها لو حرم على غير النبي عليه الصلاة والسلام نكاحها او خطبتها وهي لا يجب عليها اجابة خطبته عليه الصلاة والسلام وبه تم الكلام على هذه المسألة الثالثة في الباب وبه تم مجلس الليلة بحمد الله تعالى سائلين الله التوفيق والسداد والهدى والرشاد. اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. واجعلنا االهي من خيرة عبادك الصالحين وحزبك المفلحين واوليائك المتقين يا رب العالمين. ربنا اغفر لنا ولوالدينا ولجميع واجعل لنا ولامة الاسلام من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا ربي وسلم وبارك على الحبيب المصطفى والرسول المجتبى محمد بن عبد الله لا وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين