بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين. اللهم صلي وسلم وبارك عليه على ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام في كل مكان فمن رحاب بيت الله الحرام ما زال هذا المجلس المبارك منعقدا من هذه البقعة الطاهرة المباركة في مجلسنا هذه الليلة المجلس الخامس والعشرين من مجالس مدارستنا لكتاب غاية السوري في خصائص الرسول صلى الله عليه واله للامام ابن الملقن الشافعي الانصاري رحمة الله عليه وقد وقف بنا الحديث ليلة الجمعة الماضية في تعداد المسائل المذكورة في اخر انواع الكتاب في الخصائص المتعلقة والمناقب والكرامات في غير النكاح. ومضى منها سبع مسائل وها نحن نشرع الليلة في تكمالها وسرد ما علقوا بها وصلا لللاحق بالسابق عسى ان يكون مجلسنا هذا ايها المباركون مجلسا مباركا. وقد اجتمع له بركة مكاني ها هنا في رحاب بيت الله الحرام مع بركة الزمان في هذا الشهر الحرام ونحن في ليلة النصف من شهر رجب الحرام او ليلة الرابع عشر منه ويزداد بركة مجلسكم هذا بهذا العمل الصالح المبارك وانتم تستكثرون من الصلاة والسلام على امام الهدى سيد الورى، صلى الله عليه وسلم، اذ المجلس متعلق بخصائصه عليه الصلاة والسلام. سائلين الله التوفيق والسداد والعلم النافع والعمل الصالح. بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين. نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى المسألة الثامنة جعلت له ولامته الارض مسجدا وطهورا هكذا بايجاز ساق المصنف رحمه الله هذه المسألة. وهي واحدة من الخصال او الخصائص المذكورة في الحديث الذي تم به مجلس ليلة الجمعة الماضية وتذكرونه في قوله عليه الصلاة والسلام اعطيت خمسا لم يعطهن احد من الانبياء قبلي وذكر فيه وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا نعم هذا من خصائصه عليه الصلاة والسلام كما هو منصوص الحديث الشريف الذي سمعتم انه اعطيها من بين ما اعطي دون سائر الانبياء عليهم الصلاة والسلام جعلت له الارض صلى الله عليه وسلم ولامته مسجدا وطهورا مسجدا يعني موضع سجود لا يختص السجود منها بموضع دون غيره هكذا فسر بعض اهل العلم وقال اخرون في معنى جعلت لي الارض مسجدا قالوا يمكن ان يكون مجازا عن المكان المبني للصلاة. المسجد الذي نسميه مسجدا فانما سميت المساجد مساجد ليس لاننا نسجد ونخرج. بل لانها تقام فيها الصلاة وهذا من مجاز التشبيه لانه ثم جازت الصلاة في جميعها كانت الارض كذلك وكانت كالمسجد في هذا المعنى قال الداودي وغيره قيل المراد جعلت لي الارض مسجدا وطهورا وجعلت لغيري مسجدا ولم تجعل له طهورا هذا في فهم وبيان معنى كون المسألة من خصائصه عليه الصلاة والسلام. اذا قلنا ان هذا من خصائصه فهل معناه ان الارض لم تكن طهورا لغيره من الانبياء قالوا في معناه بعض الاقوال منها ما ذكر ان الارض كانت لغيره مسجدا لكنها لم تكن له طهورا. قالوا لان عيسى عليه السلام كان يسيح في الارض ويصلي حيث ادركته الصلاة هكذا قيل وقيل في وجه اخر انما ابيحت الارض لمن تقدم من الامم والانبياء السابقين عليهم السلام في مواضع يتيقنون طهارتها بخلاف هذه الامة اذ جعل الاصل فيها ولها ان تكون الارض طهورا. فابيح لها في جميع الارض الا ما تيقنوا نجاسته هذا قول ثان في بيان خصوصية هذه المسألة للنبي عليه الصلاة والسلام لامته تبعا له وفي وجه سادس في بيان معنى الخصوصية ما قاله الخطابي ونقله غير واحد من اهل العلم ان من قبله من الانبياء عليهم السلام ابيحت لهم الصلاة في اماكن مخصوصة كالبيع والصوامع ويؤيد هذا رواية عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده التي اخرجها الامام احمد. وكان من قبلي انما يصلون فيك نائم وبيعهم قالوا هذا نص في موضع النزاع فثبتت الخصوصية به ويؤيده ايضا حديث ابن عباس رضي الله عنهما ولفظه ولم يكن احد من الانبياء يصلي حتى يبلغ محرابه اخرجه البزار قال الهيثمي وفيه من لم اعرفهم هذا معنى كونها اي ارض مسجدا. فما معنى كونها طهورا ان قلت معناه ان الارض طاهرة فهذا تحصيل حاصل لان هذا تحقق بكونها مسجدا يعني موضع صلاة وسجود. اذ لو لم تكن طاهرة ما صحت الصلاة فيها اذا قوله وجعلت لي الارض مسجدا وطهورا ينبغي ان يكون طهورا بمعنى يضاف فيه شيء غير معنى الطهارة. ولهذا قالوا ان الطهور هنا هو المطهر لغيره وليس مجرد الطاهرة في نفسه فقط. لان الحديث انما سيق لاثباتها. وقد روى ابن المنذر وابن الجارود باسناد صحيح عن انس رضي الله عنه مرفوعا في هذا الحديث بلفظ جعلت لي كل ارض طيبة مسجدا وطهورا. ومعنى طيبة في الحديث اذا طاهرة فلو كان معنى الطهور هو الطاهر للزم تحصيل الحاصلين. كما قال اهل العلم ومنه ذهب بعض الفقهاء الى الاحتجاج توصية التيمم بالتراب دون غيره. قالوا يدل عليه حديث مسلم من رواية حذيفة رضي الله عنه ولفظه وجعلت لنا كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا اذا لم نجد الماء. والمسألة محل نقاش بين اهل العلم في قضية افادة التيمم بالتراب او بغيره مما علا الارض من حجر وما كان ايضا من اه صخر ورمل ونحوه. والمسألة محل بسط عند الفقهاء فهذا من خصوصية نبينا عليه الصلاة والسلام ان جعلت له ولامته الارض كلها مسجدا وطهورا. واستثني ذلك من ذلك ما تيقن نجاسته فيخرج عن هذا الاصل العام. والحمدلله على فضله وانعامه. المسألة التاسعة احلت له لامته الغنائم ولم تحل لاحد قبله الغنائم جمع غنيمة وهي ما يؤخذ من مال الكفار بعد قتالهم والغلبة عليهم والظفر والنصر الذي يؤزر الله عز وجل ويعز به جندا الدين واهله واولياؤه. فاذا غلبوا في جهادهم اهل الكفر والصد عن سبيل الله كانت الاموال التي تكتسب من وراء تلك الغزوات والجهاد غنائم. قال احلت له ولامته الغنائم. نعم احلت له ولامته الغنائم ولم تحل لاحد قبله. بل كانوا يجمعونها ثم تأتي نار من السماء فتأكلها كما جاء مبينا في الصحيح من رواية ابي هريرة في حديث النبي الذي غزى وحبس الله تعالى له الشمس. هذا وجه خصوصية المسألة بامتنا المباركة فضلا من الله وكرامة لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم ان احلت لنا الغنائم امة الاسلام ووجه الخصوصية ان هذا لم يكن حلالا لمن قبلنا من الامم. اذا ما كانوا يفعلون بالغنائم ما الذي كان يحصل؟ قال الامام الخطابي رحمه الله كان من تقدم على ضربين منهم من لم يؤذن له في الجهاد فلم يكن لهم مغانم ومنهم من اذن له فيه لكن كانوا اذا غنموا شيئا لم يحل لهم ان يأكلوه وجاءت نار فاحرقته وقال الامام ابن دقيق العيد يحتمل ان يكون المراد بحلها كما سيسوق المصنف هنا انه خص بالتصرف في الغنيمة يصرفها كيف يشاء قال المصنف رحمه الله كانوا يجمعونها يعني في الامم السابقة. ثم تأتي نار من السماء فتأكلها كما جاء مبينا في الصحيح رواية ابي هريرة رضي الله عنه في حديث النبي الذي غزا وحبس الله تعالى له الشمس يشير بذلك الى الحديث الذي اخرج البخاري في فرض الخمس انه غزى نبي من الانبياء. فذكر القصة الى ان قال فجمع الغنائم فجاءت يعني النار فلم تطعمها هكذا في رواية البخاري وفي رواية عبدالرزاق عند احمد ومسلم قال فجمعوا ما غنموا فاقبلت النار زاد في رواية سعيد بن المسيب وكانوا اذا غنموا غنيمة بعث الله عليها النار فتأكلها. فذكر القصة الى ان قال ثم احل الله لنا الغنائم رأى ضعفنا وعجزنا فاحلها لنا. هكذا اخرج الامام آآ احمد والامام مسلم ايضا في الصحيح من رواية عبدالرزاق وفي رواية للنسائي في السنن قال عليه الصلاة والسلام عند ذلك ان الله اطعمنا الغنائم رحمة بنا. رحمة رحمنا بها وتخفيفا خففه عنا. فهذا اذا في الروايات التي اخرج الائمة احمد ومسلم والنسائي صريح في ان الغنائم لم يكن لهم ان يأخذوا منها شيئا. فانهم كانوا يغزون ويأخذون اموال اعدائهم واسلابهم لكن لا يتصرفون فيها بل كانوا يجمعونها وعلامة قبول غزوهم اذا قبل الله جهادهم ان تنزل النار من السماء فتأكلها. وعلامة عدم قبول غزوهم وجهادهم علامة عدم قبوله لا تنزل النار فاذا قيل كيف يغزون ويجاهدون ولا يقبل لهم جهاد؟ قالوا من اسباب عدم القبول ان يقع فيهم الغلول. وهو الاخذ خلسة وسرقة شيء من الغنيمة قبل قسمتها. لكن الله تعالى من على هذه الامة ورحمها فاباح لها الغنائم وهذا لشرف نبيها صلى الله عليه وسلم عند ربه عز وجل. فاحل الله الغنيمة وستر الغلول وطوى عنهم فضيحة اثر عدم القبول فلله الحمد واما الحديث الذي فيه واحل لنا الخمس كما سيأتي في كلام ابن دقيق العيد فانه ليس المقصود به الا ما يتفرع عن هذه المسألة. قال اصنف رحمه الله كما جاء في الصحيح من رواية ابي هريرة في حديث النبي الذي غزى وحبس الله تعالى له الشمس يشير بذلك الى نبي بني اسرائيل يوشع ابن نونة عليه السلام الذي قيل له اليوم يوم الجمعة فهموا بتفتاح مدينة وقد غزوها فدنت الشمس للغروب وقد كانوا يوم السبت او ليلة السبت يحرم عليهم القتال. فخشية ان دخلت ليلة السبت ان يثبتوا يعني ان يكفوا عن القتال لاجل يوم السبت فنادى الشمس اني مأمورة وانك اني مأمور وانك مأمورة فوقفت حتى افتتحها. وفي الحديث في رواية البخاري ان فيه لفظا قال اللهم احبسها علينا فحبست حتى فتح الله عليهم. وفي الحديث قصة النار وامتناعها عن اكل الغنائم كعادتها لما جاء في لفظ البخاري قال فجمع الغنائم فجاءت النار فلم تطعمها. الحديث. وسبق لكم في سماع ما جاء في رواية احمد ومسلم والنسائي مما هو اصلح في ذكر ما كان عليه شأن الانبياء السابقين عليهم السلام في عدم حل الغنائم لهم والله اعلم. قال الشيخ تقي الدين القشيري يحتمل ان يراد بحلها له ان يتصرف فيها كيف يشاء. ويقسمها كما اراد كما في قوله تعالى يسألونك عن الانفال قل الانفال لله والرسول. الاية ويحتمل ان يراد ان لم يحل شيء منها لغيره صلى الله عليه وسلم وامته وفي بعض الاحاديث احل لنا الخمس او الخمس اخرجه ابن حبان في صحيحه قلت قد يجاب عن هذا بان الخمس خص منها لشرفه صلى الله عليه وسلم. عليه الصلاة والسلام هذا النقل عن الامام ابن دقيق العيد ابو الفتح محمد بن علي الشيخ تقي الدين القشيري قال في معنى احلت له الغنائم يحتمل انه يراد بحلها ان يتصرف فيها كيف يشاء. يعني ان يفوض صلى الله عليه وسلم في امر قسمتها كما قال الله يسألونك عن الانفار قل الانفال لله والرسول. يعني امرها لله وليس الانتفاع بها بل الامر فيها قسمة وتصرفا وانفاذا. ويحتمل ان يراد لم يحل شيء منها لغيره صلى الله عليه وسلم ولامته يعني حل الانتفاع بها واستعمالها والتصرف فيها وهذا المنقول عن الامام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى هو تفسير لمعنى قوله عليه الصلاة والسلام وجعلت آآ في قوله عليه الصلاة والسلام احلت لي المغانم ولم تحل لاحد قبلي. في بعض الاحاديث ما يشعر ظاهره بذلك ويحتمل ان يراد بالغنائم بعضها. اذ في حديث اخرجه ابن حبان واحل لنا الخمس. فهل يقال الذي حل منها هو الخمس واربعة اخماسه ليس كذلك. هذا وجه لكن الوجه الاظهر ان يقال بل كلها حلال وخص الخمس منها لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم او لحق الله وحق برسوله عليه الصلاة والسلام في مزيد تشريف كما قال هنا في نهاية الجواب انه خص منها لشرفه. قال الحافظ ابن حجر والاول واصوب يعني حل كل الغنائم لان من مضى لم تحل لهم الغنائم اصلا والله اعلم المسألة العاشرة جعلت امته شهداء يوم القيامة على الامم بتبليغ الرسل اليهم رسالاتهم. قال تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس. الاية ومستندهم في الشهادة وان لم وان لم يروا ذلك اخبار الله تعالى لهم به في قوله تعالى كذبت قوم نوح المرسلين كذبت عاد كذبت ثمود فكذبوا رسلي ونحوها من الايات هذه عاشر المسائل في الخصائص لنبي الله صلى الله عليه وسلم وهي انه خص بان جعلت امته شهيدة يوم القيامة على الامم ولا يقولن قائل الخصيصة هنا لامته وليست لشخصه عليه الصلاة والسلام. لان الجواب انما جعلت الخصوصية لامته من اجله عليه الصلاة والسلام تشريفا وتكريما. قال الله سبحانه وتعالى في سورة البقرة وكذلك جعلناكم امة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا جعلناكم امة وسطا الخيارا عدولا كما قال عليه الصلاة والسلام. ومقتضى الخيرية والعدالة قبول الشهادة. قال لتكون اذا هذا الوصف الكريم لهذه الامة المباركة بالوسطية اي بالخيرية والعدالة هو لتحقيق هذا المعنى. لتكونوا شهداء على الناس. وفي سورة الحج في ختامها ملة ابيكم ابراهيم فيما هو سماكم المسلمين من قبل وفي هذا ليكون الرسول شهيدا عليكم وتكونوا شهداء على الناس. اذا هذه من اننا يا امة الاسلام شهداء يوم القيامة تدري ما الشهادة لو احتكم عند القاضي خصمان فادعى احدهما شيئا وانكره الاخر. فجاء بشاهد يشهد له على دعواه ليثبت القاضي والحاكم صدقه في دعواه يقضي له بالحق ارأيتم خصومة يوم القيامة اي يوم القيامة اين تكون؟ انما تكون بين الانبياء واممهم. يقول النبي فيهم انه قد بلغ الرسالة افتكذب الامم هي خصومة يوم القيامة. اتدري من سيشهد بين نوح عليه السلام وقومه بين عاد عليه السلام وقومه بين بين بين هود عليه السلام وقومه بين صالح عليه السلام وقومه بين لوط عليه السلام وقومه وسائر الانبياء الكرام عليهم السلام تشهد امتنا يا امة الاسلام. يؤتى بنا يوم القيامة يأتي بنا الله عز وجل شهداء. نشهد على ماذا؟ نشهد على ان هؤلاء الانبياء قد ادوا الرسالة وبلغوا الامانة. فكيف نشهد على شيء ما رأيناه ولا تبنى الشهادة الا على علم برؤية ويقين. لا ما شهدنا اقوامهم ولا ادركنا ازمانهم. لكننا نشهد بما اخبرنا به شرعنا في كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم بما قام به الانبياء والرسل وما بلغوا به من رسالات وبمواقف الانبياء معهم في التكذيب. اما قال الله لنا في القرآن الكريم كذبت قوم نوح المرسلين كذبت عاد كذبت ثمود المرسلين. كذبت قوم لوط المرسلين. كذب اصحاب الايكة المرسلين. الم نؤمن بهذا بلى ولاننا امنا سيؤتنى بايش؟ سيؤتى بنا شهداء يوم القيامة. فانظروا الى عظم هذه الكرامة وشرف هذه الشهادة التي يؤتى بها لنا يوم القيامة بين الامم ثم لاحظوا هذا مع كوننا اخر الامم في زمان الحياة الدنيا. لكن نأتي يوم القيامة في هذا المنصب الرفيع لنشهد لرسل عليهم السلام انهم ادوا امر الله وبلغوا رسالات الله الى اقوامهم فما اعظمها والله من مكانة وما اجلها من شهادة قال جعلناكم امة وسطا اي خيارا عدولا. لتكونوا شهداء على الناس. هذا معنى الشهادة. ولهذا قال المصنف رحمه الله في الشهادة وان لم يروا ذلك اخبار الله تعالى لهم. في قوله تعالى كذبت قوم نوح كذبت عاد كذبت ثمود الى اخر الايات في الحديث الصحيح ان امة نوح وهو اول الرسل يقولون يوم القيامة ما جاءنا من نذير. فيقول كذبتم فيقول الله له من يشهد لك ارأيتم الخصومة كيف تكون؟ ارأيتم موضع الشهادة التي ننادى بها يوم القيامة يا امة الاسلام قولوا الله من يشهد لك فيقول نوح عليه السلام محمد وامته. فتشهد هذه الامة بانه انذرهم. اعتمادا على ما اخبر به عز وجل في كتابه العزيز وما جاءنا في الوحي فالنبي صلى الله عليه وسلم يقدمهم في الشفاعة ليخلصهم من فصل القضاء قبل غيرهم ليحق الحق ويبطل الباطل وهذا من جليل مكانة الامة ومناقبها. من مناقبها تبعا لمناقب وكرامة وفضل نبي الامة صلوات الله وسلامه عليه يجاء بنوح يوم القيامة كما في الصحيح. فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم يا رب. فتسأل امتها هل بلغكم قولون ما جاءنا من نذير فيقول من شهودك؟ يقول محمد وامته فيجاء بكم فيجاء بكم فتشهدون ثم قرأ عليه الصلاة والسلام وكذلك جعلناكم امة وسطا. لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا المنقبة والمسألة والشهادة وهذه الخصائص بقدر ما فيها من اعتزاز وشعور جليل بفخرنا امة الاسلام. فانها والله تبع وتجعل على اعناقنا يا امة الاسلام من الشعور بشرف هذه المكانة وتبعتها ان نكون على قدر هذه المنزلة الرفيعة اتدري كيف يحظى الشاهد المقبول شهادته عند القاضي والحاكم بحكم عليه بالعدالة بان لا يعرف من حاله الا الصلاح والاستقامة والديانة وصلاح الظاهر واستقامة الباطن ليكون عدلا تقبل شهادته. هكذا نحن يا امة الاسلام في ميزان الله بين الامم عند الله عز وجل. فاحرى بنا والله. وما اجدرنا بان نكون على هذا المقام الرفيع نرعى مقامنا في هذه الشهادة لنعيش حياتنا في دنيانا القصيرة على معنى الحفاظ على مقتضى قبول شهادتنا يوم القيامة فنجتهد في اصلاح احوالنا واستقامة امورنا والتزامنا بشريعة ربنا لنحظى بهذا الشرف الجليل يوم القيامة ونكون شهداء الله عز وجل على خلقه في ذلك اليوم العظيم المسألة الحادية عشرة اصحابه عليه الصلاة والسلام خير الامة فكل منهم افضل من كل من بعده وان رقي في العلم والعمل وخالف ابن عبدالبر فيه وقال قد يأتي بعدهم من هو افضل من بعضهم وافضلهم عند اهل السنة الخلفاء الاربعة على ترتيبهم في الخلافة. ثم بقية العشرة وفضل بعضهم عليا على عثمان. وفضل بعضهم من مات في حياته على من بقي بعده المسألة الحادية عشرة فضيلة وخصوصية مكانة الصحابة الكرام رضي الله عنهم فهم خير الامة وكل منهم كما يقول المصنف رحمه الله كل منهم افضل من كل من بعده وان رقيا في العلم عمل. معنى هذا ان كل صحابي في زمن الصحابة الكرام ممن تشرف بالصحبة كل واحد خير ممن جاء بعده من الامة جميعا. فكل واحد خير من كل من بعده. بمعنى انه لا يمكن ان يفضل احد التابعين على احد من الصحابة بمعنى اخر ان اعلى التابعين وارقاهم منزلة واعظمهم درجة لا يتجاوز في فضله ومكانته ادنى الصحابة درجة لان كل واحد من الصحابة يفوق كل من جاء بعده. قال وان رقي في العلم والعمل يعني وان وجدنا من التابعين من يرقى ويتقدم على بعض الصحابة في العلم والعمل هذا مستند من قال بهذا ومنهم المصنف رحمه الله ومستنده في بعض الاحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما من قوله عليه الصلاة والسلام. خير القرون قرني ثم الذين يلونهم. قالها ثلاثا او اثنتين يعني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. الحديث اخرجه من رواية عمران بني حصين وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهما. واخرجه مسلم ايضا من حديث ابن مسعود رضي الله عنه وابي هريرة وعمران ابن حصين بلفظ مقارب وفيه قوله خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال فلا ادري اذكر بعد قرنه قرنين او ثلاثا صلى الله عليه وسلم ويشهد لذلك ايضا ايات القرآن الكريم الدالة على الثناء عليهم ومناقبهم ورفيع قدرهم وجليل مكانتهم دونكم قول ربكم جل جلاله محمد رسول الله وللذين معه يعني الصحابة. اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من اثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شقؤه فازره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين امنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجرا عظيما ونصوص شبيهة مقاربة تدل على على مكانتهم فظلا عن شهادة الله لهم بالرضوان في غير ما اية. لقد رضي الله عن المؤمنين اذ يبايعونك تحت الشجرة فلو قال قائل هذا خاص باهل الحديبية وهم الف واربعمائة او الف وخمسمائة كما في الصحيح فان عموم الايات الاخر مثل قوله تعالى والسابقون الاولون. من المهاجرين والانصار والذين اتبعوهم باحسان رضي الله عنهم عنه واعد لهم جنات تجري تحتها الانهار خالدين فيها ابدا. ذلك الفوز العظيم. هذا الصريح رضي الله عنهم ورضوا عنه وغيرها كثير من النصوص التي تبين مكانة الصحابة الكرام. اين الخصوصية؟ هي ما ذكره انهم خير هذه الامة. السؤال من اين بلغ الصحابة الكرام رضي الله عنهم تلك المرتبة الرفيعة والخيرية المطلقة على سائر الامة وكل الامة فضلها وخيرها على سائر الامم الجواب هو بشرف صحبتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم. لا لشيء اخر ولهذا فان من جاء بعدهم مهما ارتقى في العلم والعمل لا يتجاوز مرتبة الصحابة. والنص خير الناس قرني او خير القرون قرني فلا يمكن ان يكون قرن بعده خير منهم اطلاقا. فما الذي ميزهم الا الصحبة؟ وما يتبع تلك الصحبة من الايمان نصرة والهجرة والتضحية والبذل والفداء. رضي الله عنهم جميعا وارضاهم. وسلك بنا سبيلهم قال المصنف رحمه الله تعالى وخالف ابن عبد البر فيه رحمه الله. يعني خالف في هذه الجملة الاخيرة قال قد يأتي بعدهم هو افضل من بعضهم وعلى هذا جملة من المحققين من العلماء. يعني ربما يبلغ بعض التابعين او اتباع التابعين او بعض من يأتي بعدهم في الامة بما يكتب الله له من الايمان والعلم والعمل الصالح درجة يفوق فيها بعض الصحابة الكرام ممن هو في اقل وادنى مراتب صحابة ايمانا وعلما وعملا هذا اه يحتاج الى اثبات بدليل ويمكن ان يستأنس له بمثل شهادة النبي عليه الصلاة والسلام. لبعض من جاء بعده في الامة يذكروا مناقبهم كما في حديث اويس ابن عامر القرني لما اشاد وذكر النبي عليه الصلاة والسلام فيه منقبة وانه صاحب بر بامه وله دعوة مجابة. واشار بذكره وانه سيأتي بعده عليه الصلاة والسلام. قال المصنف رحمه الله في ذكر فكانت الصحابة وترتيبهم في الفضل قال افضلهم عند اهل السنة الخلفاء الاربعة على ترتيبهم في الخلافة ثم بقية العشر وفضل بعضهم عليا على عثمان. نعم في ترتيب الصحابة هم درجات. واصل هذا الترتيب قول الله تعالى في سورة الحديد لا يستوي منكم من انفق من قبل الفتح وقاتل اولئك اعظم درجة من الذين انفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى قال اهل العلم فالصحب الكرام كلهم داخل في الخيرية خير الناس او خير القرون قرني ثم من كان من اسلم قبل الفتح مفضل على من اسلم بعده بنص اية سورة الحديد. ثم تأتي المناقب تباعا يكون من شهد بدرا افضل من غيره من عموم من اسلم قبل الفتح بقوله عليه الصلاة والسلام وما يدريك يا عمر لعل الله قد اطلع على اهل بدر فقال اعملوا ما شئتم. فقد غفرت لكم في قصة حاطب بن ابي في بلتعة رضي الله عنه وارضاه ثم يفوق العشاء ثم يفوق اهل بدر العشرة المبشرون بالجنة. للتنصيص الصريح بقوله صلى الله عليه وسلم عن كل واحد منهم انه في الجنة ثم يفوق هؤلاء العشرة المبشرين الاربعة الخلفاء وهم منهم فيأتي ابو بكر وعمر وعثمان وعلي افضل من غيرهم من العشرة وسائرهم. ثم من هؤلاء ترتيبهم في الفضل على بهم في الخلافة هذا معتقد اهل السنة والجماعة في امة الاسلام على مدى اربعة عشر قرنا من الزمان. بل انعقد الاجماع على ذلك ولم يخالف فيه الا الرافضة والا فان فضيلة ابي بكر فعمر فعثمان فعلي تدل على ترتيبهم في الخلافة كما فضلوا في الترتيب في الفضل في الامة بين الصحابة الكرام رضي الله عنهم اجمعين وليس في هذا الترتيب منقصة قط ولا فضل احد على احد يلزم منه اثبات منقصة وحط قدر من الاخر قط وهذا اصل مقرر لا اشكال فيه. ولهذا فان عددا من اهل العلم ذهبوا الى تقرير المسألة على وجه لا ينازع فيه. قال الحافظ وابن حجر ذهب بعض السلف الى تقديم علي على عثمان. وكان هذا نعم في الزمن الاول في القرن الاول الهجري ثم ما لبث ان اندثر هذا المذهب واعلموا رعاكم الله ان بعض اهل العلم في تلك الازمان المفضلة ممن كان يرى تفضيل علي على عثمان ليس يحمله على اعتقد الشيعة الرافضة الذي ال الى غلو ومبالغة في زعم الامامة والولاية والحط من قدر باقي الصحابة الكرام رضي الله عنهم انما كانت موازنة وان مقتضى الفضائل الثابتة في شأن امير المؤمنين علي رضي الله عنه اعلى وواكبر مما ثبت في حق عثمان رضي الله عنه الخليفة امير المؤمنين ذو النورين. وهذا هو اجتهاد سائغ مقبول وان كان خلاف ما عليه جمهور الامة حتى في ذلك الزمن لكنه ما لبث ان ال الى اتفاق سوى ما شذ به من اخذ مذهب الرافضة والتشيع فغلا في المسألة ورتبها على نحو تقرر في عقائدهم بالغلو وابطال ما تقرر في هذا الاصل الكبير. قال وفضل بعضهم من مات في حياته صلى الله عليه وسلم على من بقي بعده. لم يذكر لهذا القول قائل وقد ذكره الحافظ ابن حجر رحمه الله. قال وعين بعضهم منهم جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه كما تقول في سائر من استشهد في بدر واحد والخندق وما بعدها من الغزوات ومن مات في غير الاستشهاد ايضا كلهم ذكروهم بفضل آآ على سائر من آآ جاء من الصحابة والمسألة لا يثبت فيها دليل هذا التعميم وان ثبت في احدهم بنصوص خاصة فلكل منقبته وفضيلته رضي الله عنهم جميعا. المسألة الثانية عشرة جعلت صفوف امته كصفوف الملائكة جعلت صفوف امته عليه الصلاة والسلام كصفوف الملائكة. اخرج الامام مسلم في صحيحه من حديث حذيفة رضي الله عنه ان النبي عليه الصلاة والسلام قال فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الارض كلها مسجدا وجعلت تربتها لنا طهورا اذا لم نجد الماء الحديث صحيح عند الامام مسلم وهذا شرف جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وذكر هذا الشيخان وقد سمعتم رواية الامام مسلم رحمه الله تعالى في الصحيح فان قلت لم يبين في الحديث كيفية صفوف الملائكة التي شبهنا بها في هذا الحديث فما هي؟ فالجواب ان ذلك قد جاء بيانه في حديث اخر وهو ما رواه مسلم وابو داوود والنسائي وابن ماجة في حديث جابر ابن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قلنا وكيف تصف الملائكة عند ربها؟ واسمعوا فهذا موضع الشاهد في هذه الفظيلة ان جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة. اي صفوف صفوف الصلاة ايها المصلون وصفوف المجاهدين في الغزو والجهاد. اما صفوف الصلاة فالتي تشمل عامة القاصدين بيوت الله عز وجل. اذا قال امامكم في الصلاة استووا او ساووا صفوفكم فاعلموا انها دعوة الى ان نرقى اه بصفوفنا في الصلاة فنتشبه بكل فخر واعتزاز بصفوف الملائكة عند ربها وهذا ما جعل الصحابة رضي الله عنهم يسألون يا رسول الله كيف تصف الملائكة عند ربها؟ اسمعوا قال عليه الصلاة والسلام يتموا يتمون الصفوف المقدمة ويتراصون في الصف هاتان الصفتان اكمال الصف الاول فالاول. الصفة الثانية التراص في الصف ومعنى التراص التقارب وسد الفجوات والثغرات وعدم ترك الفجوات هذه للشيطان الذي يتخلل بين الصف كما ثبت عنه صلى الله عليه واله وسلم. وقد روى الامام احمد ايضا وابو داوود والنسائي وعن ابن عمر رضي الله عنهما ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال اقيموا الصفوف فانما تصفون بصفوف الملائكة. قال وحاذوا بين المناكب وسدوا الخلل ولينوا في ايدي اخوانكم ولا تذروا فروجات الشياطين. ومن وصل صفا وصله الله. ومن قطع صف فانقطعه الله اين الخصوصية قال اهل العلم ظاهر هذه الاحاديث ان من قبلنا كانوا لا يسوون صفوفهم في صلاتهم وانما يتقدمون ويتأخرون او ربما لم يكن لهم امر بصفوف تقام في العبادات والصلاة ولا حرج عليهم في ذلك. فخصت هذه الامة بالتسوية. هذا الشرف الذي شبهنا فيه بصنيع الملائكة الكرام عليهم السلام عند ربهم عز وجل كما في الجهاد لما قال الله عز وجل سبح لله ما في السماوات وما في الارض وهو العزيز الحكيم. يا ايها الذين امنوا لما تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ماذا تفعلون ان الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا كانهم بنيان مرصوص هذه الخصوصية في تسوية الصفوف في الجهاد وفي الصلاة جاءت على الامر والالزام وخصوصا في الصلاة فانه قد جاء الوعيد في عدم الخلل في كما سمعتم ولا تذروا فروجات للشيطان سدوا الخلل حاذوا بين المناكب. وفي قوله عليه الصلاة والسلام عباد الله لتسون ان صفوفكم او ليخالفن الله بين وجوهكم. قالها لما رأى رجلا قد بدا صدره في الصف وهو يسويه قبل اقامة الصلاة والدخول فيها صلى الله عليه واله وسلم فهذا وجه الخصوصية والمنقبة والكرامة التي خصصنا بها امة الاسلام ان جعلت صفوفنا في كصفوف الملائكة الكرام عليهم السلام. المسألة الثالثة عشرة له صلى الله عليه وسلم شفاعات اولاهن الشفاعة العظمى في بالفصل بين اهل الموقف حين يفزعون اليه بعد الانبياء كما ثبت في الصحيح في حديث الشفاعة والثانية في جماعة يدخلون الجنة بغير حساب والثالثة في ناس استحقوا دخول النار والرابعة في ناس دخلوا النار فيخرجون والخامسة في رفع درجات ناس في الجنة والاولى مختصة به وكذا الثانية. قال النووي في الروضة ويجوز ان تكون الثالثة والخامسة ايضا اي والرابعة يشاركه فيها غيره من الانبياء والعلماء والاولياء وقال القاظي عياظ ان شفاعته لاخراج من في قلبه مثقال حبة من ايمان مختصة به. اذ لم يأت شفاعة لغيره الا قبلها هذه المسألة الثالثة عشرة وهي من جليل المسائل والخصائص لنبينا عليه الصلاة والسلام الا وهي الشفاعة الشفاعة هي ان يرغب الشافع في رضا وقبولي وعفوي المشفوع عنده ان قسنا هذا بحياتنا معشر البشر فان من يعز عليك ومن لا ترد له كلمة اذا اقبل اليك يشفع عندك في شخص لك عليه حق لتسقط الحق. او لك عليه عتب لتعفو عنه. او لك عنده حق فتتنازل. او عليك ملامة وعتب فتغض الطرف فانك تقبل سواء كان الشافع هنا ابنا او زوجة او ابا او اما او صديقا او استاذا ومن له عندك كلمة لا ترد هكذا هو في المعنى ذاته تكون الشفاعة يوم القيامة. الموقف صعب والحساب عسير والهول شديد والموقف فيه عظمة الخالق جل جلاله وهو يقول لمن الملك اليوم لله الواحد القهار. اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم. ان الله سريع الحساب. يوم الازفة يوم القارعة يوم الغاشية يوم الاهوال والشدائد والكربات يأتي الناس في غاية الضعف في غاية الخوف والفزع سمي بيوم الفزع ذلك اليوم من اجل ما فيه من تلك الاهوال والشداد فيبحث الناس عن شفاعات لا تقل ان احدا دون احد ليس يبحث عن الشفاعة في ذلك الموقف العصاة والكفرة والفسقة والمجرمون كلا هم وغيرهم حتى لانهم يدركون ان ما هم فيه من طاعة وايمان لا يزالوا مع تقصير وخلل اه ما لا يليق بمقام الرب الخالق جل جلاله وفي ذلك الموقف العظيم محل نظر يستجيب يستوجب لهم النظر الى اشفاق على حالهم. ذاك موقف الشفاعات يوم القيامة يكرم الله عز وجل الخلائق بان يفتح باب الشفاعات ويأذن الله لمن يشاء ويرضى. فيقبل شفاعة من يأذن له سبحانه بالشفاعة. قال ولا يشفعون الا لمن ارتضى وهم من خشيتهم مشفقون. يأتي الشافعون. اين الخصوصية هنا؟ يوم القيامة يشفع الانبياء. تشفع الملائكة. تشفع الرسل. تشفع الاباء والامهات لاولادهم يشفع الصالحون لاقوامهم يشفع الرجل في اهل بيته. الخصوصية هنا في انواع من الشفاعات التي يكرم الله الخلائق يوم القيامة بفتح ابوابها. فهذا المقصود بالسياق هنا. قال المسألة الثالثة عشرة له صلى الله عليه سلم شفاعات اولاهن وهذه اعظمها الشفاعة العظمى التي ما زلنا نقولها نرددها خلف كل صلاة. اللهم رب هذه خلف كل في اذان. اللهم رب هذه الدعوة التامة الصلاة القائمة ات محمدا الوسيلة والفضيلة. وابعثه المقام المحمود الذي وعدته. الوسيلة هي الشفاعة. وقيل منزلة في الجنة الى تلك المنزلة التي يراد قيل هي الشفاعة وقيل غيرها. لكنه ثبت بنصوص الاحاديث الثابتة عنه صلى الله عليه وسلم ان الشفاعة التي تثبت له والتي ما زلنا ندعو بها ونسألها ان يعطاها عليه الصلاة والسلام هي هذه الشفاعة العظمى لما بالعظمى لانها اكبر الشفاعات يوم القيامة على الاطلاق ما وجه عظمتها انها ليست خاصة بامته. ولا ببعضهم ولا بالصالحين ولا باهل الكبائر ولا بمن دخل النار بل هي عامة لكل الخلائق بمن فيهم الانبياء والرسل. شفاعة فيما يشفع عند الله ان يأذن جل جلاله ببدء الحساب والفصل بين الخلائق وان ينتهي موقف الهول والفزع والانتظار الذي شق عليهم طوله حتى دنت فيه الشمس من رؤوس خلائقي وطال قيامهم وتصبب عرقهم فشق عليهم ايما مشقة وعنت الفزع الاكبر والهول الشديد في ذلك الموقف العظيم. تأتي شفاعة نبينا صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الحديث الطويل ان الخلائق تأتي الى ادم عليه السلام فتلتمس الشفاعة عنده. انت ابو ابو ابونا ابو البشر فيعتذر فيذهبون الى نوح فموسى فعيسى ثم يأتون نبينا صلى الله عليه وسلم بعدما يعتذر الانبياء الكرام عليهم السلام فيقول انا لها انا لها فيذهب اسجدوا تحت العرش ويحمد ربه بمحامد علمه اياها ليقال له يا محمد ارفع رأسك وسل تعطى واشفع تشفع هذه اعظم الشفاعات وهي جلية في اختصاصها برسول الله صلى الله عليه وسلم. قال في الفصل بين اهل الموقف حين يفزعون اليه بعد الانبياء. يعني بعد ما يمرون بالانبياء كما ثبت في الصحيح من حديث الشفاعة. الفصل بين اهل الموقف يا كرام ان يؤذن لاهل الجنة بدخول الجنة ولاهل النار بدخول النار. فاين موطن الشفاعة المرغوبة المطلوبة انذاك؟ المطلوب هو هو انقضاء ذلك الموقف العصيب ولو شبهنا هذا بموقف ينتظره بعض من يحوط به القلق والرعب والهلع والخوف كاسير وقع في يد اسره فلا يدري ايقتل ام يطلق اسره وهو ينتظر قرار صاحب القرار. وقيل انه سيحين موعده اذا جاء اذا عرض عليه الامر اذا طلب ان يعرض عليه الامر فما يزال هذا المضروب به المثل يحيط به من القلق والرعب والهلع والخوف. ما لو قيل له انك مقتول لكان اهون عليه لا شك ان القلق المنتظر والخوف المتربص اشد رعبا من القتل نفسه وهذا مما لا يخفى على احد ومما لا يختلف فيه شعور البشر. فكيف بهول الموقف يوم الفزع الاكبر كما سماه الله جل جلاله فالخلائق واقفة عفحات عراة غرلا بهما قد دنت الشمس من رؤوسهم وتصبب العرق فالجمهم الجاما والكل ينتظر اهل الجنة ينتظرون ان يصرف بهم الى الجنة. واهل النار الى النار. فلذلك كانت شفاعة عظمى للفصل بين اهل الموقف الثانية في فئة تدخل الجنة بغير حساب قال عليه الصلاة والسلام يدخل الجنة من امتي زمرة هم سبعون الفا تضيء وجوههم اضاءة القمر ليلة البدر فقام عكاشة بن محصن الاسد يرفع نمرة عليه فقال يا رسول الله ادع الله ان يجعلني منهم. قال انت منهم فقام اخر فقال سبقك بها عكاشة هذه الفئة الكريمة تدخل الجنة بغير حساب. قيل هم السبعون الفا وقيل غيرهم. يشفع فيهم نبينا صلى الله عليه وسلم. هي ايضا من فاعاته عليه الصلاة والسلام. الثالثة من شفاعاته شفاعته لفئة من امته استحقت دخول النار. يدل على ذلك حديث ابي داود ومالك وغيرهم قال شفاعتي لاهل الكبائر من امتي. فخص عليه الصلاة والسلام اهل الكبائر وليسوا اهل كبائر بهذا الوصف الا وهم ممن استحق دخول النار نسأل الله السلامة والعافية. شفاعتي لاهل الكبائر من امتي هكذا رواه عدد من اهل العلم وقد اخرجه ابو داوود والترمذي من حديث انس قال في في الرابعة في ناس دخلوا النار فيخرجون منها ايضا بشفاعته صلى الله عليه وسلم. ويمكن ان يشهد لها شفاعتي لاهل الكبائر. فان منهم من استحقها فينقذ منها قبل دخولها. ومنهم من يدخلها فيخرجها بعدما دخل وكلاهما ممن عصم من دخول النار او اخرج منها بعد دخولها انما كان بعد فضل الله واذنه بشفاعة من شفع ومنهم نبينا صلى الله عليه وسلم. قال والخامسة في رفع درجات اناس في الجنة ليكون في اهل الجنة في مرتبة فيبلغ بالشفاعة درجة اعلى من درجاته. ولهذا قال عليه الصلاة والسلام انا اول شافع في الجنة وهذا مما يمكن ان يستدل به حيث جعل ظرفا للشفاعة انها كانت في الجنة. والحديث الصحيح مطلق عن هذا القيد انا اول شافع واول مشفع كما سيأتي. فالمقصود انها خمس شفاعات ساقها بهذا الترتيب الامام النووي رحمه الله تعالى في الروضة وهكذا فنقلها عنه المصنف ابن الملقن رحمه الله تعالى. وقد ذكرها النووي خمسا تعقبا على الامام الرافعي رحمه الله ما قال ان الشفاعة خاصة باهل الكبائر وجعلها على هذا القيد فجاء النووي رحمه الله فتعقبه فقال هذه العبارة ناقصة او باطلة. فان شفاعته صلى الله عليه وسلم التي اختص بها ليست الشفاعة في مطلق اهل الكبائر. فان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في القيامة شفاعات خمسة. وذكر الخمسة المذكورة هنا وما نقل عنه المصنف رحمه الله بقوله والاولى مختصة به وكذا ثم قال ويجوز ان تكون الثالثة والخامسة ايضا. ايها الرابعة يشاركه فيها غيره من الانبياء والعلماء والاولياء فاذا هذه الشفاعات وهي اعلى من هذا في العدد واكثر. لكنا نتكلم عما خص به نبينا صلى الله عليه وسلم. قال النووي رحمه الله والشفاعة المختصة به الاولى والثانية ويجوز ان تكون الثالثة والخامسة ايضا. ونقله عنه الاسناوي ايضا واقره عليه ووافقه به هذه الشفاعات الخمس قال القاضي عياض ان شفاعته لاخراج من في قلبه مثقال حبة من ايمان مختصة يعني زاد شفاعة سادسة. قال اذ لم يأت شفاعة لغيره الا قبل هذه. كلام القاضي عياض هذا ساقه الامام الحافظ ابن حجر في الفتح قال الشفاعة لخروج من في قلبه مثقال ذرة من ايمان. لان شفاعة غيره تقع فيمن قلبه في من في قلبه اكثر من ذلك يعني اكثر من مثقال ذرة من ايمان ونسبه الى القاضي عياض رحمه الله تعالى. نعم واهمل النووي شفاعة سادسة وهي تخفيف العذاب على من استحق الخلود فيها كما في حق ابي طالب في اخراجه من غمرات النار الى دحضاحها. هذا من التعقب قال اهمل النووي شفاعة سادس. يعني ان كنا نتكلم عن شفاعات مخصوصة برسول الله صلى الله عليه وسلم فان ها هنا شفاعة لم يبلغها احد سواه عليه الصلاة والسلام تخفيف العذاب على من لا يخرج من النار لانه خالد فيها فلن تكون شفاعة بخروجه ولا بدخوله الجنة لانه استحق الخلود والمثال الواضح على ذلك قال في حق ابي طالب كما خرج الشيخان في الصحيحين من حديث العباس بن عبدالمطلب ان النبي صلى الله وعليه وسلم رزق شفاعة خصت به عليه الصلاة والسلام كان فيها تخفيف العذاب عن عمه ابي طالب في اخراجه من النار الى ضحظاحها هذا كرامة من الله جل جلاله لرسول الله صلى الله عليه واله وسلم وهي من الكرامات التي جعلت له صلى الله عليه وسلم شاهدوا على هذه الشفاعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه ابي طالب هو قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الثابت عنه في الصحيح قال لعل من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه وقد ذكر عنده عمه ابو طالب فقال لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار يبلغ كعبيه يغلي منهما دماغه وهذا مما استدرك على الامام النووي رحمه الله تعالى اذ انه لما تعقب الرافعي رحمه الله في اقتصاره على الشفاعة لاهل الكبائر او ورد خمسا ومن الخمس ما آآ لا يختص به عليه الصلاة والسلام كما في الرابعة المذكورة في سياقه رحمه الله في من يدخل النار فيخرج ومنها بالشفاعة الشافعين سوى الانبياء كالملائكة وبعض الصالحين. وتعقب بانه لم يجعل هذه منها مع انها مما لا يشارك فيها نبي الله صلى الله عليه وسلم احد. وهذا ايضا من خصوصياته عليه الصلاة والسلام. والحديث فيه قد اخرجه البخاري ومسلم قال النووي معنى دحضاح من نار الضحضاح ما رق من الماء على وجه الارض الى نحو الكعبين اقرأ في النار ان يكون على نعلين من نار نغلي منهما دماغه لا يعذب في سائر النار تحاط به نسأل الله السلامة والعافية وتبقى بقية ايضا من انواع الشفاعات يتعقب بها المصنف نقلا عن السابقين في من كتب في الشفاعات على ما ساقه النووي رحمه الله من شفاعة سابعة وثامنة وبلغ بعضهم بها اكثر من ذلك في التعداد. نأتي عليها ليلة الجمعة المقبلة في مجلسنا القادمة ان شاء الله تعالى. وما زلنا في ليالي هذا الشهر الحرام نستشعر عظمته وحرمته كقول ربنا جل جلاله ان عدة الشهور عند الله اثنى عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السماوات والارض منها اربعة حرم فلا تظلموا فيهن انفسكم. اما الليلة ليلة الرابع عشر من هذا الشهر ليلة يستتم فيها البدر في سماء دنيانا. فنتذكر بذلك حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه انه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة اضحيان. يعني مقمرة مضيئة كي ليلتكم هذه. قال فجعلت انظر اليه والى فلهو عندي احسن من القمر صلى الله عليه وسلم فصلوا وسلموا على من فاق في جماله جمال البدر في الدجى. واجعلوا من صلاتكم وسلامكم عليه سلما به في اتباع سنته واتباع هديه والتمسك بشأنه عليه الصلاة والسلام فانها درب السعادة والفلاح والنجاح. جعلنا الله واياكم من خيرة عباده الصالحين