بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا ان هدانا الله واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له ولا رب سواه. واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا وقدوتنا وحبيبنا وشفيعنا محمدا عبد الله ورسوله امام الانبياء وخاتم المرسلين وصفوة الله من خلقه اجمعين المخصوص بالفضائل والكرامات والخصائص من بين سائر العالمين صلوات الله وسلامه وعليه وعلى ال بيته وصحابته والتابعين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين. وبعد اخوة الاسلام في كل مكان فمن رحاب بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس السادس والعشرون من مجالس مدارستنا بخصائص النبي المصطفى فصلى الله عليه وسلم من كتاب غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم للامام ابن الملقن الانصاري الشافعي اي رحمة الله عليه نبتغي في هذه الليلة الشريفة المباركة مزيدا من الاجر والفضل والخير بل ومزيدا من صلاة ربنا علينا بكثرة صلاتنا على نبينا صلى الله عليه وسلم في ليلة تتنزل فيها الرحمات وتلتمس فيها البركات وصلاتنا على نبينا عليه الصلاة والسلام المحفوفة بهذا الخير العظيم من صلى علي صلاة صلى الله الله عليه بها عشرا. فهذا المجلس المبارك الذي يحملنا على الصلاة على نبينا صلى الله عليه وسلم. ونحن نتذاكر طائسه الكريمة جدير وحري بان يكون لنا باب خير ورحمة وهدى. في هذا الشهر الحرام في هذه الليلة المباركة نحن من رحاب بيت الله الحرام وقف بنا الحديث ايها المباركون في اخر انواع الخصائص من اخر اقسام الكتاب. واعني بها الخصائص غير المتعلقة بالنكاح فيما كان من ابواب الكرامات والفضائل والمناقب. وقد وقف بنا الحديث في منتهى ليلة الجمعة الماضية او في اثناء المسألة الثالثة عشرة اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعات ومضى منها الشفاعة العظمى والشفاعة في دخول الجنة بغير حساب والشفاعة في اخراج من استحق النار او في عدم دخول من استحق النار. والرابعة فيمن دخل النار ان يخرج منها. والخامسة الشفاعة في رفعة درجات اهل الجنة في الجنة. وتقدم قول الامام النووي ان الاولى مختصة به وكذا الثانية. ويجوز ان تكون الثالثة والخامسة ايضا قال والرابعة يشاركه فيها غيره من الانبياء والعلماء والاولياء وتقدم استدراك بعض الشفاعات التي اتى بها المصنف رحمه الله تعقبا على الرافعي الذي خصها بتلك المواضع فزاد ما ذكره القاضي عياض ان شفاعته لاخراج من كان في قلبه مثقال حبة من ايمان وشفاعة تعقب بها النووي ايضا رحم الله الجميع في شفاعته صلى الله عليه وسلم لعمه ابي طالب في تخفيف عذاب النار عنه وهي لا شك من خصائصه صلى الله عليه وسلم وهذا حديث صلة لما سبق في ذاك المجلس في الشفاعات الواردة ايضا تتمة لهذا الباب في اختصاصه صلوات الله وسلامه عليه نعم بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين والمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى والسابعة وهي الشفاعة لمن مات بالمدينة لما روى الترمذي وصححه عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من استطاع ان يموت بالمدينة فليمت فاني اشفع لمن مات بها نبه على هذه والتي قبلها القاضي عياض في الاكمال. نبه على هذه يعني هذه الشفاعة والتي قبلها المقصود بها تخفيف عذاب النار على عمه ابي طالب. نعم. وفي صحيح مسلم من حديث سعد بن ابي وقاص رفعه لا يثبت احد على لاوائها وجهده الا كنت له شفيعا او شهيدا يوم القيامة فهذه شفاعة اخرى خاصة باهل المدينة وكذلك الشهادة زائدة على شهادته للام وكذلك الشهادة زائدة على شهادته للامة. وقد قال عليه الصلاة والسلام في شهداء احد انا شهيد على هؤلاء. هذا لفظ الحديث الذي اخرج الترمذي وغيره كابن ماجة وابن حبان في الصحيح في شهادته صلى الله عليه وسلم وشفاعته لمن مات بالمدينة قال من استطاع ان يموت بالمدينة فليمت بها فاني اشفع لمن مات بها. والحديث الاخر في فضائل المدينة ايضا ومناقب في صحيح مسلم من صبر على لأوائها كنت له شفيعا او شهيدا يوم القيامة واللأواء التعب والشدة والنصب ومتاعب الحياة. وفي لفظ لحديث ابي هريرة لا يصبر وعلاء لأواء المدينة احد من امتي الا كنت له شفيعا يوم القيامة او شهيدا هذه التي نبه عليها القاضي عياض رحمه الله تعالى واستدركها ايضا بعض اهل العلم في ذكر الشفاعات التي اختص بها نبينا صلى الله الله عليه وسلمه. قال العلامة الخيضري وهي غير واردة يعني في الاستدراك لانها وان ثبتت شفاعته لكنها لا تستقل قال لان متعلقها لا يخرج عن واحدة من الخمس الاول يقصد الشفاعات السابقة فهم في جملة من يشفع له النبي صلى الله عليه وسلم. فانهم اما ان يكونوا من اهل الجنة فتزاد درجاتهم او استحق احد منهم دخول النار فالشفاعة الا يدخلها او دخلها فالشفاعة ان يخرج منها او ينال من الشفاعة العظمى التي تنال جميع الخلائق والحق وان كان هذا متجها لكنه لا يمنع ان يكون نوعا مستقلا يثبت في خصوصيات شفاعته صلى الله عليه وسلم وهي حقيقة من اجل مناقب المدينة النبوية على ساكنيها افضل الصلاة والسلام فذكر هنا الشفاعة وذكر الشهادة وكل منهما مرتبة ومنقبا. ولهذا قال المصنف رحمه الله وكذلك الشهادة يعني شهادته عليه الصلاة والسلام. لمن سكن وصبر على لأوائها قال هي شهادة زائدة على شهادته للأمة. فإنه عليه الصلاة والسلام شاهد كما قال الله ان ارسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا فشهادته لعموم الامة سيكون شيئا مختلفا عن هذه الشهادة الخاصة. ومثلها الشهادة لشهداء احد لما جمع النبي عليه الصلاة والسلام بين بين الرجل والرجل الثلاثة في القبر الواحد وهو يأتي ليلحدهم بيديه الشريفتين فيسأل عليه الصلاة والسلام ايهم اكثر اخذا للقرآن فمتى اشير الى احدهم قدمه في اللحد فيقول انا شهيد على هؤلاء يوم القيامة كرامة ومنقبة لهؤلاء وشهادة مخصوصة لهم من رسول الله صلى الله عليه واله وسلم وفي العروة الوثقى للقزوين ان من شفاعاته شفاعته لجميع لجماعة من صلحاء المؤمنين فيتجاوز عنهم في تقصيرهم في الطاعات واطلق الرافعي ان من خصائصه شفاعته في اهل الكبائر وفي ذلك نظر فان المختصة به ليست في مطلق اهل الكبائر. هذه خاتمة ما يتعلق بالشفاعات وما استدرك بها على الرافعي في ذكره والنووي في تعقيبه رحم الله الجميع نقل عن الغزواني القزويني انه قال ان من الشفاعة الخاصة ايضا شفاعته صلى الله عليه وسلم جماعة من صلحاء المؤمنين قال الحافظ ابن حجر ويظهر لي انها تندرج في الخامسة ولم يذكر القزويني مستنده قال ويمكن ان يستدل له بقوله صلى الله عليه وسلم انا اول شافع في الجنة فتخصيص الاولية في الشفاعة بالجنة تنال الصلحاء لانهم من اهل الجنة. فيتجاوز عن تقصيرهم في الطاعات بمعنى زيادة درجاتهم في الجنات. واما ما ذكره الرافعي في تخصيص الشفاعة باهل الكبائر فقد تقدم انها مطلقة ولا تختص بهم. وكل من كان وفي قلبه مثقال ذرة من ايمان فهو اهل لنيل شفاعة النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم. وهي شفاعات ايضا تعقب بها بعض بعض العلماء انواعا اخر من الشفاعات كمثل ما ذكره الحافظ ابن حجر شفاعته صلى الله عليه وسلم في من استوت وسيئاته ان يدخل الجنة قال ومستند ذلك ما اخرجه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما قال السابق يدخل الجنة بغير حساب والمقتصد برحمة الله تعالى او قال يرحمه الله تعالى. والظالم لنفسه واصحاب الاعراف قال يدخلونها بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم قال وارجح الاقوال والكلام للحافظ ابن حجر قال وارجح الاقوال في اصحاب الاعراف انهم قوم استوت حسناتهم وسيئاتهم هكذا استدل الحافظ ابن حجر وقد سبق الى ذلك ايضا الامام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى. وذكر هذه الشفاعة واستدل لها بحديث ابن عباس قال ينصب للانبياء يوم القيامة منابر من ذهب فيجلسون عليها قال ويبقى منبري لا اجلس عليه قائما بين يدي الله تعالى الى ان قال فيقول يا محمد فيقول الله تعالى يا محمد ما تريد ان بأمتك فيقول يا رب عجل حسابهم فيدعا بهم فيحاسبون. قال فمنهم من يدخل الجنة برحمة الله تعالى ومنهم من يدخل الجنة بشيء شفاعة قال وما ازال اشفع حتى اعطى سكاكا برجال قد بعث بهم الى النار الى اخر الحديث. وفيه علامات اتقدم عن ابن عباس رضي الله عنهما فيه هذا الموضع من الشاهد في كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى وذكر ايضا الحافظ ابن حجر في الشفاعات التي سبق اليها القاضي عياض رحمه الله في الشفاء وجعلها من الخصائص النبوية شفاعته صلى الله عليه وسلم في من قال لا اله الا الله ولم يعمل خيرا قط ومستند ذلك رواية الحسن عن انس في حديث الشفاعة قال فارجع الى ربي في الرابعة فاحمده بتلك المحامد ثم اخر له ساجدا فيقال لي يا محمد ارفع رأسك وقل يسمع لك وسل تعطى واشفع تشفع فاقول يا رب ائذن لي في من قال لا اله الا الله قال فيقول سبحانه ليس ذلك لك او قال ليس ذلك اليك. ولكن وعزتي وكبريائي وعظمتي لاخرجن منها من قال لا اله الا الله وذكر الحديث واقتصر على توحيد الله ولم يذكر الرسالة للنبي صلى الله عليه وسلم اما لانهما لما تلازما في النطق غالبا وشرطا كما الامام القرطبي اكتفي بذكر الاولى او لان الكلام في ذلك الموقف في حق جميع المؤمنين من هذه الامة ومن غيرها فتكون الوحدانية لله هي الضابط الذي يثبت به ثبوت مثل هذه الشفاعة وهذا كله مما يذكر ايها المباركون في هذه الانواع من الشفاعات على تعددها يجعل من اهل الايمان آآ حرصا او يجعل في اهل الايمان حرصا على ان تكون حياتهم هذه متجهة الى ما يرضي ربهم والى ما يتبوأون به طرقا نيل الكرامة في الاخرة وحصد مثل هذه المواقف العظيمة في ونيل شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم. ولا شك ان من اعظم ذلك هو العناية بتوحيد الله والتمسك بسنة رسول الله صلى الله الله عليه وسلم ونختم بهذه الشفاعة التي ذكرها الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى قال هي شفاعته صلى الله عليه وسلم لجميع المؤمنين قاطبة في ان يؤذن لهم بدخول الجنة واستدل لذلك بحديث الصور الذي اخرجه ابو يعلى وغيره قال بعد مرور الناس على الصراط. فاذا افضى اهل الجنة الى الجنة حبسوا دونها قالوا من يشفع لنا الى ربنا فندخل الجنة؟ فيقولون من احق بذلك من ابيكم ادم؟ فذكر الحديث في مرورهم على الانبياء عليهم السلام الى ان قال عليه الصلاة والسلام فيأتوني ولي عند ربي ثلاث شفاعات وعديهن وعدنيهن. قال فانطلق باب الجنة فاخذ بحلقة الباب فاستفتح فيفتح لي الى ان قال فاقول يا رب وعدتني الشفاعة فشفعني في اهل جنة يدخلون الجنة. فيقول الله عز وجل قد شفعتك واذنت لهم في دخولي الجنة. وذكر الحديث وهي مندرجة ايضا في شفاعة المذنب الذي استوجب العقاب كما تقدم. وفي دخول اهل الجنة في علو درجاتهم. وهذا كله يدخل بعضه في بعض والمقصود اختصاص النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من بين الخلائق بهذا المقام. بهذه الشفاعات ومن يعلم ان هدي النبي عليه الصلاة والسلام والتمسك بسنته اقصر طريق واقربه بل وامتنه واوحده لمبتغي تلك الشفاعات في يوم القيامة عاش حياته في هذه الدنيا على السنة ومات عليها وما يرضى لنفسه الا ان تكون السنة عنوانا عليه يصحو ينام يسأل ربه ان يحشره في زمرة صاحب السنة وان ينال شفاعته في ذلك الموقف العظيم صلى الله عليه واله وسلم المسألة الرابعة عشرة انه اول شافع واول مشفع اي اول من تجاب شفاعته فقد يشفع اثنان ويجاب الثاني قبل الاول. في الحديث الصحيح الذي اخرجه الامام مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه يقول النبي صلى الله وعليه وسلم انا سيد ولد ادم يوم القيامة واول من ينشق عنه القبر واول شافع واول مشفع الشافع اسمه فاعل يعني يبذل الشفاعة ويطلبها واما المشفع فاسم مفعول من شفع يعني هو الذي قبلت شفاعته. وبينهما فرق ولهذا عطف احدهما على الاخر فان الشافع يطلب الشفاعة وقد تجاب شفاعته وقد لا تجاب فاذا اجيبت شفاعته قد يكون السابق بها وقد يكون غيره سبق بها. فقوله عليه الصلاة والسلام اول شافع يعني اول من تقدموا بين يدي ربه ليطلب الشفاعة وفي هذا دلالة على وجود شافعين اخرين من بعده عليه الصلاة والسلام. من الانبياء عليهم السلام والصالحين والملائكة عليهم السلام كما تقدم. واما قوله اول مشفع فانه لما تبذل الشفاعات وتتوالى بين يدي رب العزة والجلال في ذلك الموقف العظيم فان نبينا صلى الله عليه وسلم ايضا يشرف بهذه الاولية خصوصية له. فاول من تقبل شفاعته نبينا صلى الله عليه وسلم ولهذا قال المصنف اول مشفع اي اول من تجاب شفاعته. فقد يشفع اثنان ويجاب الثاني قبل الاول. فاراد بات الاولية في كلتا الحالتين فقال اول شافع واول مشفع وهذه كما تقدم من خصوصياته صلى الله عليه واله وسلم المسألة الخامسة عشرة انه اول من تنشق عنه الارض يوم القيامة وحديث فاذا موسى باطش بجانب العرش هذه ايضا الخصوصيات آآ النبوية الكريمة في المسألة الخامسة عشرة اول ومن تنشق عنه الارض يوم القيامة ودليلها ما تقدم قبل قليل في حديث مسلم من رواية ابي هريرة رضي الله عنه انا سيد ولد ادم يوم قيامة واول من ينشق عنه القبر. اذا هذه اولية وهي خصوصية ثابتة له عليه الصلاة والسلام. اذا تقرر هذا بنص الحديث صحيح فان ها هنا اشكالا يتعرض له المصنف رحمه الله في قوله مقابلة لهذا الحديث بحديث انه اذا نفخ في الصور نفخة الافاقة من البعث قال فاذا موسى باطش بجانب العرش فكيف يكون موسى عليه السلام مفيقا عندما ابصره النبي صلى الله عليه وسلم ويقول هنا في الحديث انه اول من تنشق عنه الارض يوم القيامة نعم وحديث وحديث فاذا موسى باطش بجانب العرش فلا ادري اكان ممن صعق فافاق قبلي ام كان ممن استثنى الله يحتمل كما قال القاضي عياض انه عليه الصلاة والسلام قاله قبل ان يعلم انه اول من تنشق عنه الارض على اطلاق قال ويجوز ان يكون معناه انه من الزمرة الذين اول من تنشق عنهم الارض فيكون موسى من تلك الزمرة وهم والله اعلم زمرة الانبياء عليهم السلام اخرج الامام البخاري رحمه الله في الصحيح من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الناس يصعقون يوم القيامة فاكونوا اول من يفيقوا. فاذا انا بموسى اخذ بقائمة من قوائم العرش فلا افاق قبلي ام جوزي بصعقة الطور هذا الحديث هو موضع الاشكال الذي يجيب عنه المصنف رحمه الله كيف تقول هو اول من تنشق عنه الارض؟ او كيف نجمع بين حديث اول من ينشق عنه القبر يوم القيامة وحديث فاذا موسى اخذ بقائمة من قوائم العرش قال فلا ادري افاق قبلي ام جوزي بصعقة الطور. قال في الجواب هنا احتمالا كما قال القاضي عياض ان انه قال صلى الله عليه وسلم حديث موسى عليه السلام قال فلا ادري هو حكم بعدم الدراية. قال ومعنى هذا ان يحمل على عدم علمه صلى الله عليه وسلم. فلما علم بالوحي هذه الكرامة والمنقبة اخبر بها الامة فقال انا اول من تنشق عنه الارض يوم القيامة. فيكون هذا في الحديثين اختلاف بين زمانين ومعنى اخر او وجه اخر قال يجوز ان يكون معناه انه من الزمرة الذين تنشق عنهم الارض اولا يوم القيامة. بمعنى ان يكون قوله انا اول من تنشق عنه الارض اي انا في عدادي او في زمرة اول من تنشق عنهم الارض والمراد بهم جملة ذو الانبياء عليهم السلام ومنهم موسى عليه السلام فلا تعارض بين الحديثين. وهذا جواب ذكره غير واحد من اهل العلم للجمع بين المذكورين والله اعلم المسألة السادسة عشرة انه اول من يقرع باب الجنة المسألة السابعة عشر. المسألة السادسة عشر انه صلى الله عليه وسلم اول من يقرع باب الجنة بهذا اللفظ الذي اخرج الامام مسلم في صحيحه من حديث انس رضي الله عنه قال انا اكثر الانبياء تبعا يوم القيامة وانا اول من يقرع باب الجنة. وفي حديث ايضا عند الامام احمد قال فاتي باب الجنة فاستفتح فيقول الخازن من انت؟ فاقول محمد فيقول بك امرت الا افتح لاحد قبلك وهذه من جملة خصائص النبي صلى الله عليه وسلم التي تلحق امته من الكرامة والمناقب والفضيلة على سائر الامم يوم القيامة. فالحمد لله الذي جعلنا في امة الاسلام المسألة السابعة عشرة انه سيد ولد ادم يوم القيامة كذا عبر به الرافعي وهو لفظ رواية مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه وفي رواية له وللبخاري انا سيد الناس يوم القيامة. عزاها اليهما البيهقي في دلائل النبوة ثم رواه من حديث انس رضي الله عنه ايضا باللفظ المذكور بزيادة ولا فخر ثم رواه من حديث ابن عباس رضي الله عنه بلفظ الاواني سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخر. هذه المسألة السابعة عشرة من الخصائص النبوية في الفضائل والمناقب والكرامات وهي الحقيقة من اشهرها. السيادة المطلقة التي تثبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم على البشر او على المخلوقات كما سيأتي قريبا بيانه انا سيد ولد ادم يوم القيامة. هذا لفظ رواية مسلم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه. وفي لفظ اخر انا سيد الناس يوم القيامة وها هنا جملة مسائل ما المراد بالسيادة؟ المراد بالسيادة ايها الكرام السيد هو الذي يفوق قومه في الخير الذي يفزع اليه في النوائب والشدائد الذي يقوم بامر قومه وقبيلته ويتحمل عنهم المكاره ويدفع عنهم ما يسوؤهم هكذا ذكر الامام النووي رحمه الله في شرح الحديث في صحيح مسلم في معنى السيادة. انا سيد ولد ادم. هذه السيادة ليست فخرا مزعوما بل منقبة كريمة منصوصة هذا قوله عليه الصلاة والسلام انا سيد ولد ادم. هذه السيادة المذكورة هنا تتجه اليها جملة من الاسئلة تتعلق بها مسائل لطيفة منها هل يختص هذا بيوم القيامة؟ لقوله انا سيد ولد ادم يوم القيامة. قال المصنف هكذا عبر به الرافعيون وهو لفظ رواية الامام مسلم فقيدها بلفظ الحديث وفي لفظ اخر انا سيد ولد ادم. فسيد ولد ادم او سيد الناس يوم القيامة. ايضا فيهما دلالة لطيفة. في زيادة البيهقي قد ذكرها من حديث انس قال بزيادة ولا فخرا. من حديث ابن عباس ايضا انا سيد ولد ادم يوم القيامة ولا فخرا فها هنا جملة من المسائل المتعلقة بهذه السيادة وبلفظ الحديث المذكور يأتي عليها المصنف رحمه الله تعالى واحدة تلو والاخرى وهو سيد ولد ادم مطلقا مطلقا كما عبر به النووي في الروضة والسيد الذي يفوق قومه وانما خص يوم القيامة بذلك لظهور ذلك اليوم لكل احد من غير منازعة كما في قوله تعالى لمن الملك اليوم؟ هذه اولى المسائل هل السيادة للنبي عليه الصلاة والسلام مختصة بيوم القيامة ام هي في الدنيا وفي الاخرة هذا سؤال والذي يحمل على السؤال ان لفظه في الحديث انا سيد الناس يوم القيامة وفي لفظ ايضا انا سيد ولد ادم يوم القيامة هذا اللفظ بتقييد يوم القيامة يحمل على هذا السؤال. فالجواب من وجوه اولها ان لفظ رواية ابي داوود في السنن عن الناس ولم يقيده بيوم القيامة. ولهذا حدث الامام النووي ذكر يوم القيامة في ذكر هذه الخصائص في كتاب الروضة. فقال وهو سيد ولد ادم يعني مطلقا في الدنيا والاخرة. على الرواية الاولى حيث ورد التنصيص قال على انه سيدهم في الاخرة كما كان سيدهم في الدنيا من باب اولى لان مقام الاخرة اشرف. وهذا الجواب الذي ذكره المصنف هنا قال خص يوم القيامة بذلك لظهور ذلك اليوم لكل احد من غير منازعة. كما في قوله تعالى لمن الملك اليوم مع ان الملك لله سبحانه قبل ذلك اليوم فلما خص؟ قال لانه كان في الدنيا من يدعي الملك او من يضاف اليه ملك مجازا في الدنيا فانقطع كل ذلك في الاخرة فهذا المعنى هو المتحقق السيادة على البشر لنبينا صلى الله عليه وسلم تتمحض خالصة يوم القيامة. فلهذا خص بها ولكن في الدنيا ربما يظهر السؤدد في المقام لكل احد من غير منازعة. في يوم القيامة يظهر سؤدده عليه الصلاة والسلام من غير بخلاف الدنيا فقد نازعه فيها الملوك والكفار وزعماء المشركين. تماما كما قيل في قوله تعالى لمن الملك اليوم؟ اذا هذه السيادة في الدنيا والاخرة وخص يوم القيامة هذا المعنى الذي مر بكم قبل قليل. والامر الاخر ان قوله انس سيد الناس في رواية ابي داوود لم تكن مقيدة ايضا في رواية ما اه بهذا القيد فحمل فيها المطلق على المقيد وافادت لفظة الاطلاق المعنى الذي ذكر هنا وان القيد ليس تقييدا بل هو قيد لا مفهوم له حتى لا يقال انها سيادة مخصوصة بموضع تقتضي خروج موضع الدنيا. ولك ان تقول اذا ثبتت سيادته يوم القيامة في هذا المقام العظيم فان ثبوتها في الدنيا من باب اولى. لانه ان كان سيدهم يوم القيامة في الاخرة وهي مقام افضل اشرف واعظم من الدنيا فثبوت سيادته في الدنيا من باب اولى نعم وانما اخبر عليه الصلاة والسلام بذلك لامرين. هذه مسألة ثانية متعلقة بمسألة السيادة. هي جواب عن سؤال لما اخبر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك عن نفسه لما قال انا سيد الناس انا سيد ولد ادم. وتعظيم النفس منهي عنه في الجواب وتعطي ذم النفس منهي عنه في الشريعة فما الجواب؟ لماذا اخبر عليه الصلاة والسلام عن نفسه بهذا المقام العظيم؟ نعم. قال وانما قال وانما اخبر عليه الصلاة والسلام بذلك لامرين احدهما امتثالا لقوله تعالى واما بنعمة ربك فحدث والثاني بانه من البيان الذي عليه تبليغه على امته. ليعرفوه ويعملوا بمقتضاه ويلزم من ذلك تفضيله على جميع الخلق لان مذهب اهل السنة ان الانبياء عليهم الصلاة والسلام افضل من الملائكة. هذه او هذان وجهان في الجواب الاول ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك واخبر به تبليغا لامر او امتثالا لامر واما بنعمة ربك فحدث وهذا من جليل التحدث بنعمة الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم الثاني الوجه الثاني انه مما امر بتبليغه فهذا من جملة الوحي. وهو عليه الصلاة والسلام مأمور بتبليغ ما يوحى اليه فلما اوحي اليه انه خير الامة وسيد الناس فكان واجبا عليه ان يبلغه ليعرفوا ذلك ويعملوا بمقتضاه. ما مقتضاه يا كرام مقتضاه تعظيمه وتوقيره بما يليق بمقامه. كما امر الله عز وجل وهذا كما يقول النووي رحمه الله من اجل بيان هذا المعنى الذي يستحق فيه من الاكرام اللائق به صلى الله عليه وسلم وقال غيرهم ربما كان الجواب لانه قال ذلك بحضرة جماعة من المنافقين ليغيظهم بذلك كما ذكره الزمخشري في فائقين وعلى كل فالمقصود اذا ان هذا الاخبار له وجه بل اكثر من وجه يقتضي فهم ادراك معنى اخباره صلى الله عليه وسلم بانه افضل الانبياء افضل البشر وسيدهم. قال المصنف ويلزم من ذلك تفضيله على جميع الخلق. هذه مسألة ثالثة. السيادة على بني ادم هل تعني السيادة على جميع الخلق؟ لانه فرق يا كرام بين ان نقول ان النبي صلى الله عليه وسلم سيد البشر او ان نقول انه سيد الخلق اجمعين. الخلق يدخل فيه الانس والجن والملائكة فهل هذا ثابت؟ قال المصنف يلزم من ذلك تفضيله على جميع الخلق ثم انظر كيف علل فقال لان مذهب اهل السنة ان الانبياء عليهم السلام افضل من الملائكة. وهذا مما تنوزع فيه بين اهل للعلم في تفضيل الملائكة على بني ادم وهذا ان ثبت تفضيل البشر يستلزم تفضيل النبي عليه الصلاة والسلام ام على الجملة لانه ان كان سيد البشر وثبت تفضيل البشر على الملائكة كان سيد الخلق اجمعين. قال الامام النووي في شرح لان الصحيح ان الادميين افضل من الملائكة وهو صلى الله عليه وسلم افضل الادميين بهذا الحديث. وهذا كما قلت فيه بيان لمعنى السيادة هنا وكيف تكون مجموعة بينه وبين ما ذكر من باقي الخلق صلى الله عليه واله وسلم. ولطيفة اخرى بهذه المسألة لما قال انه سيد ولد ادم فهل يخرج ادم ويقال انه افضل من جميع الخلق الا ادم لانه قال انه سيد ولد ادم وادم ليس داخلا في المفضولين وهو قال انا سيد ولد ادم ولهذا فان اه ما نقله القرطبي آآ في التذكرة قال نقلا عن بعضهم قال انه يتوقف في تفضيل النبي صلى الله عليه وسلم على ادم لاجل هذا الحديث؟ والجواب انه توقف لا معنى له بصريح ما اخرج الامام الترمذي وحسنه من حديث ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال صلى الله عليه وسلم ما من نبي يومئذ ادم فمن سواه الا تحت لوائي. ونص الحديث دلالة على تفضيله صلى الله عليه وسلم وتقدمه واذا اضفت الى هذا الرواية الاخرى عند البخاري انا سيد الناس يوم القيامة دخل فيه ادم عليه السلام والتفضيل ها هنا محمول على المعنى الكبير الذي تقدم في جملة مناقبه وخصائصه صلى الله عليه واله وسلم. واما تفضيل البشر على الملائكة فقد تقدم انها معنى خلافي كبير بين اهل العلم. ويقال في تحقيقه ان معنى الافضلية هنا ان الله تعالى يجعل اولي الخلق من الانس ثوابا على الطاعة ما لا يناله غيرهم. وكذلك يقال في تفضيل الامكنة والازمنة انه يجعل فيها ثواب على الطاعة في هذا الزمان او في المكان اكثر من غيره. وهذا لا يتحقق في الملائكة. ولهذا يقول العز بن عبد السلام رحمه الله في قواعده ان الملائكة لا ثواب لهم على طاعتهم وعباداتهم. وعلى هذا يرتفع الخلاف في المفاضلة وذكر بعضهم انه بلى يكتب لهم الثواب برفع التكليف عنهم الى اخر ما هنالك مما لا يستطاع فيه الجزم بتفضيل نص صحيح فتبقى المسألة على الاحتمال الذي اشار اليه المصنف رحمه الله تعالى واما حديث لا تفضلوا بين الانبياء. فجوابه من اوجه ذكرتها في شرح المنهاج والتنبيه. هذه المسألة الرابعة متعلقة بالسيادة من المسائل المتعلقة بالسيادة لمحمد صلى الله عليه وسلم. كيف نجمع بين قوله انا سيد ولد ادم انا سيد الناس يوم قيامة ويثبت في هذا تفضيله وهو القائل عليه الصلاة والسلام لما استب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فحلف اليهودي فقالوا هو الذي فضل موسى فلطمه المسلم وغضب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تخيروني على موسى. الحديث في صحيح البخاري وفي رواية ابن الفضل قال لا تفضلوا بين انبياء الله. فعدم التفضيل بين الانبياء قد يبدو في ظاهره معارضا لصريح قوله انا سيد ولد ادم او سيد الناس. فكيف نفضله وهو القائل لا تفضل بين الانبياء؟ هذا اشكال اورده وهي مسألة متعلقة بهذه الخصيصة من الخصائص في السيادة. نعم. قال فجوابه فجوابه من اوجه ذكرتها في شرح المنهاج والتنبيه واقتصر البيهقي في دلائل النبوة على انه محمول على مجادلة اهل الكتاب في تفضيل نبينا على انبيائهم لئلا يؤدي الى الازراء ونقل ونقله عن الحليم ثم نقل عن الخطابي ايضا ان النهي عن ذلك خوف الازراء. نعم هذا جواب ان الوجه النهي هذا جمع يا اخوة باختلاف الوجه او جمع بين الحديثين بالاختلاف في حمل كل منهما على محمل لا يخالف الاخر قال هذا النهي محمود على المجادلة. واذا فهمت الجملة لا تفضل بين الانبياء وقال لا تفضلوني على موسى في سياق استباب المسلم مع اليهودي في القصة كما في صحيح البخاري ادركت ان المعنى ان التفظيل اذا كان سيؤدي الى منقصة في المفضول او ازراء فلا يحل لان الكل الا انبياء عليهم السلام فهذا وجه شرعي مفهوم تماما وعندئذ فلا منافاة بينه وبين اثبات السيادة التي لا تستلزم انتقاصا من سائر الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام. قال لان لا يؤدي بهم الى الازراء اذ الواجب يا كرام ان يحمل مقام الانبياء جميعا على مقام الاجلال والتوقير وانهم صفوة الله من الخلق. الله يصطفي من الملائكة رسلا ومن الناس ولهذا يقول الحافظ ابن حجر قال العلماء انما نهي عن ذلك من يقوله برأيه لا من يقوله بدليل وهذا جواب ثان ان النهي هنا عن التفضيل ان لم يستند الى دليل. او من يقوله يقول او من يقوله يعني التفضيل بحيث يؤدي الى تنقيص المفضول او يؤدي الى الخصومة والتنازع. وهذا وجه ايضا متفهم في سياق الحديث الذي جاء فيه النهي لا تفضلوني او لا قيروني على موسى. قال ونقل عن الخطابي ايضا ان النهي عن ذلك خوف الازراء. واما من ادرك المفاضلة بين الانبياء وانه امر قد ثبت شرعا بصريح قول الله جل جلاله تلك الرسل. فضلنا بعضهم على بعض فان هذا ثابت شرعا وهنا ينبغي ان تفهم وجها لطيفا اخرا. ايضا ذكره بعض اهل العلم ان قوله سبحانه وتعالى تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض صريح في اثبات التفضيل وهذا ينبغي اليقين به والانطلاق منه لفهم اصل المسألة هذا المعنى في اثبات اصل التفضيل ليس في اصل النبوة بل في اصل النبوة هم سواء لان النبوة ما هي؟ هي اصطفاء وهي وحي من الله وهذا القدر مشترك. فكل نبي كان تفضيله على سائر قومه بالنبوة التي هي اصطفاؤه ليكون رسول الله الى قومه فاصل النبوة لا تفضيل فيها وعليه يحمل النهي لانه لا تفاضل فيها. انما التفاضل بالخصائص وفضائل اخرى ولابد من اعتقاد التفضيل لان الله يقول تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض. فان كان التفضيل هنا بلا دليل فهو منهي عنه ان كان برأي مجرد وان كان بدليل وفضيلة ثبتت فهذا الذي يجوز. ثم ان كان هذا التفضيل مفضيا الى الازراء والانتقام من المفضول من سائر الانبياء فهو ايضا محل نهي لان الشريعة انما جاءت بمقام التوقير لهم جميعا. فمجمل القول ان قوله عليه الصلاة والسلام لا تفضلوني او لا تخيروني على موسى فان من اجوبته انه قال ذلك ادبا وتواضعا مع علمه بافضليته فيه صلى الله عليه وسلم. والثاني ان يقال ان النهي لان لا يؤدي الى الازراء بالمفضول. والثالث ان يقال لان لا يؤدي الى خصومة وفتنة كما في سياق الرجل المسلم مع اليهودي الذي استب معه في سبب الحديث الوارد. والرابع والخامس ما تقدم من الوجوه في هذا السياق والعلم عند الله قال الخطابي والجمع بين حديث ابي هريرة رضي الله عنه انا سيد ولد ادم وحديث ابن عباس ما ينبغي لعبد ان يقول انا وفي رواية اني خير من يونس ابن متى ظاهر هذه المسألة الخامسة من المسائل المتعلقة بالسيادة المحمدية. كيف تجمع بين قوله انا سيد الناس او سيد ولد وبين قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي اخرج البخاري في كتاب الانبياء قوله ما ينبغي لعبد يقول انا خير من يونس ابن متى او ما ينبغي لعبدي ان يقول اني خير في رواية اني خير من يونس ابن متى هذا صريح في انه نهى عن تفضيله وتقديمه وتخييره على نبي الله يونس عليه السلام. قال فجوابه ظاهر. نعم لان الاول اخبار عما اكرمه الله تعالى به من التفضيل والسؤدد. الاول يعني قوله انا سيد ولد ادم انا سيد الناس. هو محبول على اخباره كما تقدم بما فضله الله تعالى به. آآ لان الاول اخبار عما اكرمه الله تعالى به من التفضيل والسؤدد والثاني مؤول بوجهين. الثاني يعني حديث لا ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس او اني خير من يونس. قال مؤول بوجهين. احدهم ان المراد بالعبد من سواه دون نفسه. هذا وجه يا اخوة اجاب به بعض اهل العلم قوله ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من المقصود بأنا كلنا ما ينبغي لعبد ما ينبغي لي ولا لك ولا لاحد ان يقول عن نفسه العبد انا انا خير وهذا خطاب للمكلفين في الامة لئلا يقع في قلب احد ان ما حكى القرآن عن شأن نبي الله يونس عليه السلام الا يقع في قلب احد ازراء يظن به لحظة انه صلاحه وتقواه يكون خير من نبي عاتب في كتاب الله. قال الله تعالى وان يونس لمن المرسلين اذ ابق الى الفلك المشحون فساهم فكان من المدحدين وفي سورة القلم فلولا انه كان من المسبحين للبث في بطنه الى يوم يبعثون. فالمقصود حتى لا يقع في قلب احد ان انه خير من نبي الله يونس عليه السلام قال ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير او يقول اني خيرون. يعني انا وانت يا عبد الله ما ينبغي لنا ان يأتينا الشيطان في لحظة من اللحظات نظن من ظن شيطاني انه قد احدنا درجة يفوق بها ويفضل منزلة نبي الله يونس. فهذا وجه محمول عليه الحديث والسياق محتمل له تماما من دون تكلف كما ترى نعم ثانيهما وهو اولاهما انه قاله اظهارا للتواضع ويقول لا ينبغي لي ان اقول انا خير منه. لان الفضيلة التي نلتها كرامة من الله لا من قبل نفسي فليس لي ان افتخر بها وانما خص يونس بالذكر فيما نرى والله اعلم لما قد قص الله علينا من شأنه وما كان من قلة صبره وما كان من قلة صبره على اذى قومه. وخرج مغاضبا فلم يصبر كما صبر اولو العزم من الرسل. نعم. الوجه الثاني وهو الذي دمه المصنف رحمه الله وقال انه اولى انه عليه الصلاة والسلام قال ما ينبغي لعبد اذا حملنا العبد هنا في الحديث على قصده لنفسه صلى الله عليه وسلم. لا ينبغي لعبد ان يقول انا يعني يقصد نفسه عليه الصلاة والسلام انه قال ذلك تواضعا. والا وهو يعلم انه خير من يونس عليه السلام كما قال لا تخيروني على موسى فان احد الا وجه هناك انه قال ذلك تواضعا. ويكون الفضيلة التي نالها كرامة من الله لم تحمله على ولهذا هذا صريح قوله لما قال انا سيد ولد ادم يوم القيامة. واول من تشق عنه الارض واول شافع واول مشفع. وهو يقول ولا فخرا يقول انا سيد الناس يوم القيامة ولا فخرا فاثبت الفضيلة ونفى الفخر والعجب والكبرياء عن نفسه صلى الله عليه وسلم ومن هنا يقال ان قوله ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس يقوله تواضعا صلى الله عليه وسلم. لان الفضيلة التي نالها كرامة لا تستوجب افتخارا فلهذا نفى تفضيله مع علمه باستحقاقه لذلك عليه الصلاة والسلام. واما يونس عليه السلام فذكره تحديدا هنا لانه الموقف الذي ذكر فيه القرآن عتبا من الله جل جلاله على نبيه الكريم يونس عليه السلام لما كان قد من شأنه في خروجه عن قومه وركوبه البحر وما حكى الله عنه في ذلك السياق مع ما كتب كتب له من اجابة دعوته واسلام قومه وفوزه بهم بدخولهم في الدين. فعليه سلام الله وعلى سائر النبيين المرسلين وقال الخطابي في موضع اخر وجه الجمع بينهما ان هذه السيادة في القيامة اذا قدم في الشفاعة على جميع الانبياء وانما منع ان يفضل على غيره منهم في الدنيا وان كان مفضلا في الدارين من قبل الله ومعنى لا فخر اي لا اقول هذا القول على سبيل الفخر الذي يدخله الكبر واما قوله عليه الصلاة والسلام لما قال له ذلك الرجل يا خير البرية قال ذاك ابراهيم عليه السلام. رواه مسلم من حديث انس هذه سادس المسائل المتفرعة عن مسألة اثبات السيادة لنبينا صلى الله عليه وسلم وهو تفضيله على نبي الله ابراهيم عليه السلام وافهموا المقدمة السابقة ان عموم قوله انا سيد ولد ادم او سيد الناس عام لم يستثنى فيه احد فثبت فيه تفضيله على ادم وابراهيم وموسى ويونس جميعا وباقي الانبياء عليهم وعلى نبينا افضل الصلاة والسلام فقابل المصنف هذا العموم ببعض النصوص الخاصة. لا تخيروني على موسى فاجاب عنه ما ينبغي لعبد ان يقول انا خير من يونس واجاب عنه. هنا قال لما قال له الرجل والحديث ذكره الامام مسلم في صحيحه لما قال الرجل يا خير البرية قال ذاك ابراهيم عليه السلام ايضا فها هنا سؤال هل هذا استثناء انه خير من الجميع الا ابراهيم عليه السلام او ما الجواب؟ هنا ايضا اجاب المصنف رحمه الله باجابتين قال ففيه جوابان احدهما انه قاله تواضعا واحتراما لابراهيم عليه السلام. لخلته وابوته. يعني قاله كما تقدم في شأن موسى ويونس عليهما السلام قاله تواضعا صلى الله عليه وسلم اي مع اثبات افضليته وهذا ايضا يقابله احترام واجلال وتوقير من نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لابيه وابي الانبياء ابراهيم عليه السلام خليل الله وحبيب الله. فقال هو احتراما قال لخلته وابوته. لخلته لربه فابراهيم خليل الله واتخذ الله ابراهيم خليلا. وابوته يعني لنبينا صلى الله عليه وسلم. فابراهيم خليل الله وابو نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم فقال ذلك احتراما لهاتين المنقبتين الكريمتين لخليل الله ابراهيم عليه السلام وذكره البيهقي بنحوه في دلائل النبوة وثانيهما انه قاله قبل ان يعلم انه سيد ولد ادم. نعم هذا يقال ايضا احتمالا لانه يذكر ما ذكر في الاجابة السابق ان ذلك قاله قبل ان يعلم او يوحى اليه بمكانته في السيادة والتفضيل لئلا يؤدي الى تناقض الخبرين قال ذلك في موقف ثم لما اعلم بتفضيله قال انا سيد الناس صلى الله عليه وسلم. وجواب ثالث ذكره ابن العربي ان قوله ذاك ابراهيم يعني بعده وضعفه ابن دحية في كتابه المستوفى في اسماء المصطفى قال والصحيح الجواب الثاني. الثاني الذي حمله على التواضع كما تقدم. ذاك ابراهيم يعني بعده. يعني لما قال يا خير البرية قال ذاك ابراهيم يعني في تفضيل يجعل ابراهيم عليه السلام بعده. وبالتالي فلا تنافي بين الحديثين. قال وضعفه ابن دحية الجواب الثاني. نعم. فان قلت هذا خبر لا يدخله خلف ولا نسخ. هذه اخر المسائل وختم بها المصنف هذه المسألة في السيادة ان قوله انا سيد الناس خبر وينبغي في الاخبار الا تعارض ولا تخالف. والا يدخلها نسخ كما تقرر في احكام الاخبار لا يدخلها خلف يعني لا يخالف خبر خبرا اثباتا لعصمة الوحي وعدم تناقضه. ولا نسخى لان الاخبار ليست تحمل احكاما بل هي هي افادات ولا يدخل الاخبار الاخبار لا يدخلها النسخ لاثبات حكمة واحكام الشريعة والوحي. فكيف تجعل هذه الاخبار يقابل بعضها بعضا اقول لا هذا متقدم وهذا متأخر قاله قبل ان يعلم فلما علم قال بالسيادة اذا هل ينسخ المتأخر المتقدم؟ ان قلت نعم قال لك لا الاخبار لا يدخلها النسخ. نعم. قال فالجواب. قال قال فالجواب من وجهين احدهما ان المراد خير البرية الموجودين في عصره. لما قال يا خير البرية قال ذاك ابراهيم يعني في عصره فلا التناقض اذا بين المقامين واطلق العبارة الموهمة للعموم. لانه ابلغ في التواضع ثانيهما انه ان كان خبرا فالنسخ يدخله لان التفضيل يمنحه الله لمن يشاء. اراد ان الاخبار وان كان لا يدخلها النسخ لكن هذا الخبر يتضمن معنى يقبل نسخى وهو التفضيل والمفاضلة. فربما كانت الفضيلة في زمن مناطة بشخص او محل ثم يختلف ذلك فيدخل اسخو في ذلك المعنى فيكون عندئذ من الاخبار التي يدخلها النسخ ولا اشكال. هكذا اتم المصنف رحمه الله الحديث عن هذه المسألة السابعة عشرة وطال فيها المجلس لما تعلق بها من المسائل في اثبات السيادة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومنه لا ما يزال يقوله الخطباء والعلماء بقولهم سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه صاحب السيادة بنص الحديث وله المقام الجليل والشريف والرفيع بمقتضى هذا الحديث وتقدم ما يتعلق به من المسائل والحمد لله. المسألة الثامنة انه اكثر الانبياء اتباعا. وهذا ثبت بجملة من النصوص منها ما اخرج البخاري قال عرضت علي الامم فجعل النبي يمرون معهم الرهط الى ان قال وانا اكثر الانبياء تبعا. وفي حديث ابي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين قال ما من الانبياء نبي الا اعطي من الايات ما مثله واومنا او امن عليه البشر. وانما كان الذي اوتيته وحيا اوحاه الله الي ارجو ان اكون اكثرهم تابعا يوم القيامة وعند مسلم في صحيحه من حديث انس رضي الله عنه قال انا اكثر الناس تبعا يوم القيامة واول من يقرع باب الجنة. فهذه احاديث صريحة في اثبات اكثرية اتباعه يوم القيامة عليه الصلاة والسلام. وهذه من الكرامات والمناقب لهذه امتي كرامة لنبيها صلى الله عليه وسلم. المسألة التاسعة عشرة صفوف امته كصفوف الملائكة. وقد تقدمت هذه الخصيصة في مجلس ليلة الجمعة الماضية. وهي مسألة وقع فيها تكرار في ام المصنف رحمه الله تعالى؟ نعم. المسألة العشرون كان لا ينام قلبه وكذلك الانبياء عليهم السلام. كما اخرجه البخاري في حديث الاسراء في حديث الاسراء في قصته وفيها طول اخرجها البخاري ومسلم وفي لفظ البخاري من حديث انس رضي الله عنه قال وكذلك ذلك الانبياء تنام اعينهم ولا تنام قلوبهم. وهو حديث طويل في قصة الاسراء. والمقصود بقوله لا ينام قلبه انه واذا حان نومه صلى الله عليه وسلم وغفت عيناه فان النوم لا يصيب قلبه. قال اهل العلم وهذا لاتصاله بالوحي وهذا المعنى مشترك بين الانبياء الكرام عليهم السلام جميعا. فهي خصوصية له على امته صلى الله عليه وسلم. ويشاركه فيها غيره من الانبياء بنص الحديث الصحيح الذي سمعتم قبل قليل. لا ينام قلبه لاتصاله بالوحي. ومن هنا ايضا كان الحكم الفقهي انه كان ربما قام من نومه فصلى من غير وضوء عليه الصلاة والسلام. قال فانه تنام عيناي ولا ينام قلبي صلى الله عليه وسلم هذه تمام عشرين مسألة ويبقى مثلها او قريب منها في تتمة هذه المسائل من الخصائص تأتي عليها تباعا في ليالي الجمعة المقبلة بعون الله تعالى. وهي ليلة ما زال فيها متسع للاستكثار من الصلاة على الهدى وسيد الورى، صلى الله عليه وسلم. يا من يشفع بالصراط مجيرا، يرجو لامته الحساب يسيرا يا الثقلين يا خير الورى انا بنهجك نحتذيه مسيرا. يا من تحبون الامين محمدا صلوا عليه وسلموا تحبيرا فيا رب صل وسلم وبارك عليه اعظم صلاة واتمها وازكاها واهناها وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه اعلى الدرجات وارفع المقامات واجعلنا في خيرة امته اتباعا لسنته واستمساكا بهديه ورفعا لرايته وارزقنا شفاعته نحن والدينا وازواجنا وذرياتنا والمسلمين اجمعين. اللهم اجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا. ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. علمنا يا ربي ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا وزدنا علما يا رب العالمين. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلي يا ربي وسلم وبارك على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا وحبيبنا وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين