بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضى. واشهد وان لا اله الا الله وحده لا شريك له له الحمد في الاخرة والاولى. واشهد ان سيدنا ونبينا وامامنا وقدوتنا وقرة عيوننا محمدا عبد الله ورسوله صلى الله ربي وسلم وبارك عليه وعلى ال بيته وصحابته ومن تبعهم احسان الى يوم الدين. اما بعد ايها الاخوة الكرام فمن رحاب بيت الله الحرام ينعقد هذا المجلس الذي ما زلنا نتتابع فيه في مدارسة كتاب غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم للامام سراج الدين ابن ملقن الانصاري رحمة الله عليه. وهذا المجلس التاسع والعشرون هو المجلس قبل الاخير بعون الله تعالى في مدارسة هذا الكتاب واتمامه ومجلس الليلة بفضل الله جل جلاله نتم فيه مسائل القسم الاخير من الكتاب الذي عقده المصلى رحمه الله لبيان الخصائص المتعلقة بالمناقب والفضائل والكرامات في غير ما يتعلق بالنكاح وقد وقف بنا الحديث عند المسألة الخامسة والثلاثين سائلين الله التوفيق والسداد. مستكثرين في مجلسنا هذا من الصلاة والسلام على امام الهدى وسيدي الورى، صلى الله عليه وسلم، نرجو بركة هذه الليلة الشريفة المباركة. ونحن نتدارس هذا الكتاب اذكر شأنه وفضائله وكراماته عليه الصلاة والسلام بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين نبينا محمد عليه افضل الصلاة واتم التسليم اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللمستمعين قال المصنف رحمه الله تعالى المسألة الخامسة والثلاثون لا يجوز الجنون على الانبياء عليهم الصلاة والسلام بخلاف الاغماء كما اطلقه الرافعي وغيره وعن القاضي حسين انه حكى في كتاب الصوم عن الدارمي ان الاغماء انما يجوز عليهم ساعة او ساعتين فاما الشهر والشهران فلا كالجنون. هذه هي المسألة الخامسة والثلاثون عدم جواز الجنون على الانبياء عليهم السلام قال بخلاف الاغماء والدليل على ذلك ان تجويز الجنون حاشاهم عليهم الصلاة والسلام مفض مفض الى اثبات ما كان توبوا اليهم المكذبون من اقوامهم كذبا وزورا والله عز وجل قد تولى الدفاع عن انبيائه عليهم السلام. وذب هذه التهم عنهم. قال الله سبحانه وتعالى عن نبينا صلى الله عليه وسلم نون والقلم وما يسطرون ما انت بنعمة ربك بمجنون فهذا النفي للتهمة التي كانت قريش تروجها افكا وزورا في حق رسول الله صلى الله عليه وسلم. جاء القرآن بتفنيدها وكذلك الشأن في مزاعم الكفار في الامم السابقة. قال الله سبحانه وتعالى كذلك ما اتى الذين من قبلهم من رسول الا قالوا ساحر او مجنون اتواصوا به بل هم قوم طاغون. فاذا كانت هذه التهمة محل تفنيد في كتاب الله كريم. ثبت انها غير جائزة في حق الانبياء عليهم السلام. هذا الدليل شرعا واما عقلا فان اثبات الجنون يستلزم القدح في رسالة فان الجنون خروج عن دائرة التكليف وعدم اطاقة لما يحمله عقل المتكلم ولا دراية بما يصدر عنه وكل ذلك لو ثبت لكان قدحا في الكمال الذي جعل الله تعالى عليه الانبياء والرسل عليهم السلام. اما الاغماء قال فانه جائز عليهم لانه لا يتضمن هذا المعنى وهو اشبه بالنوم. خصوصا اذا كان مؤقتا كما قال المصنف ساعة او ساعتين قال فاما الشهر والشهران فلا لانه سيصبح في عداد حكم ما يؤثر على الرسالة وتبليغها. قال كالجنون لانه سيكون قادحا. ولهذا يقول الفقهاء ان الاغماء اذا استغرق كان كالجنون وله حتى في احكام المكلفين. في شأن العبادات وما يتصل بها يفرقون بين الاغماء قصيري والطويل فيجعلون المؤقت القصير فيما يلزم به قضاء الصلوات ونحوه ثابتا بخلاف ما اذا طالت الفترة باعتبار ان الاغماء اذا طال آآ خرج به العقل عن مظنة التكليف فكان اشبه بالجنون وهذا الذي يذكرونه بتفصيلات يأتي فيه آآ مسائل فقهية في كلام الفقهاء في عدد من الابواب فقها واصولا. نعم والاشهر امتناع الاحتلام عليهم كما قاله في الروضة قلت وفي الطبراني من حديث ابن عباس رفعه ما احتلم نبي قط انما الاحتلام من الشيطان وضعفه ابن دحية في كتابه المسمى بالايات البينات. ادرج المصنف رحمه الله مسألة الاحتلام مع المسألة الحالية الخامسة والثلاثين في الجنون. وبعض من كتب في الخصائص افردها مسألة مستقلة وهي الاشبه ان تكون مستقلة. قال الاشهر امتناع الاحتلام عليهم. يعني على الانبياء عليهم السلام. واتى بحديث اخرجه الطبراني وضعفه ابن دحية قال ما احتلم نبي قط انما الاحتلام من الشيطان. والثابت في الصحيح عند البخاري من حديث ابي قتادة الانصاري رضي الله عنه بلفظ الرؤيا من الله والحلم من الشيطان. لكنه ليس نصا في المسألة لان الحلم يعني ما يراه النائم وليس المراد به الاحتلام الذي هو خروج المني من النائم اثناء النوم من تلخيط واضغاث تكون من وساسة الشيطان ورؤيا ما يثير الشهوة ونحو ذلك فهل يجوز الاحترام على الانبياء؟ اختلف في ذلك كما قال المصنف عن الامام النووي رحم الله الجميع قال والاشهر الامتناع هذا هو الصواب القطع بامتناعه. والقول بجوازه غلط كما صرح به غير واحد. لان الاحتلام من تلاعب الشيطان بالنائم والشيطان لا سبيل له على الانبياء عليهم السلام ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها كما في الصحيح في شأن صيام النبي صلى الله عليه وسلم ومنه استنبط الحكم في عدم وجوب تسالي لصحة صوم الصائم اذا كان قد اصبح جنبا. تقول رضي الله عنها كان يصبح جنبا من جماع من غير احتلام فقول ومن غير احتلام ليس قيدا له مفهوم مخالفة. انما ارادت ان ان جنابته عليه الصلاة والسلام كانت من غير جماع لا من احتلام لئلا يقال ان قيدها يفهم منه انه ربما كان جنابته عليه الصلاة والسلام احيانا من احتلام فاردت في هذه الصورة بل هو كما ايقولون حالة لازمة لا تنفك وهو من حكاية الوصف الذي لا ينفك عنه من ام النبي صلى الله عليه وسلم يعني من غير احتلام ولذلك لم نقصد المقصود هنا الاستثناء لكنه الاجابة عن ذلك بان جماع النبي عليه الصلاة والسلام كان هو الذي يوجب والغسلة وليس الاحتلام وارادت به اثبات الجنابة التي لا تقدح في صحة صوم الصائم والعلم عند الله تعالى المسألة السادسة والثلاثون من رآه في المنام فقد رآه حقا فان الشيطان لا يتمثل في صورته كما صح في الحديث قال القاضي ابو بكر معناه ان رؤياه صحيحة ليست باضغاث. كما صح في الحديث يشير به الى الذي اخرجه الشيخان في الصحيحين وغيرهما من اصحاب السنن من الجوامع والمسانيد والموطئات وغيرها كثير من دواوين السنة. الحديث الصحيح الذي يقول فيه نبينا صلى الله عليه وسلم كما في رواية انس رضي الله عنه من رآني في المنام فقد رآني حقا فان الشيطان لا يتمثل بي ومن حديث ابي قتادة رضي الله عنه بلفظ من رآني فقد رأى الحق. وعند البخاري من حديث ابي سعيد رضي الله عنه من رآني فقد رأى الحق فان الشيطان لا يتكونني. وعند مسلم من حديث جابر رضي الله عنه من رآني في النوم فقد رآني فانه لا ينبغي للشيطان ان يتمثل في صورته. وفي رواية فانه لا ينبغي للشيطان ان يتشبه ابي وفي الصحيحين ايضا من حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رآني في المنام فسيراه في اليقظة لا يتمثل الشيطان بي. زاد مسلم او فكأنما رآني في اليقظة هكذا بالشك هذه الروايات ايها الكرام وغيرها كثير هي المستند لاثبات هذه المسألة السادسة والثلاثين من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقد رآه حقا. وهذه خصيصا ليست صورة شيطان تمثل بشخص رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم لقطع النص الصحيح فان الشيطان لا يتمثل بي قال فقد رآني حقا او قال فقد رأى الحق كل هذه النصوص بالفاظها المختلفة بروايات متعددة عن صحابة متعددين رضي الله عنهم اجمعين تثبت المسألة وهو ان من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من رآه في المنام فقد رأى الحق لان الشيطان لا في صورته وتبقى القضية المتعلقة بالمسألة وفيها يفيض المصنف رحمه الله في الاتي من كلامه وفيما ينقله عن اهل العلم ما معنى فقد رآني حقا هل يعني ان النبي عليه الصلاة والسلام بشخصه الشريف وبذاته الكريمة يأتي الى الرائي له في منامه فكيف يفهم هذا؟ هل هو بحقيقته فيخرج من قبره في حياته البرزخية ويأتي للنائم في منامه فيراه؟ ام هي صورة فان كانت صورة فما معنى ان الشيطان لا يتمثل بي؟ وكيف نفهمها مع باقي الروايات في قوله فقد رأى الحق فانه لا ينبغي الشيطان ان يتمثل في صورته وفي قوله الاخر فسيراني في اليقظة بل رآني في المنام فسيراني في اليقظة. هذا ما سينقله المصنف الله في تفسير اللفظة وكلام اهل العلم في معنى قوله من رآني في المنام فقد رآني حقا او فسيراني في اليقظة فان لا يتمثل بي. نعم. قال القاضي قال القاضي ابو بكر معناه ان رؤياه صحيحة ليست باضغاث وقال اخرون معناه رآه حقيقة قال القاضي عياض ويحتمل ان يكون المراد ما اذا رآه على صفته المعروفة له في حياته فان رآه على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة قال بعض العلماء قص عليه الصلاة والسلام بان رؤيته في المنام صحيحة ومنع الشيطان ان يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم كما منع ان يتصور في صورته في اليقظة اكراما له. نعم هذا النقل عن القاضي ابي بكر هو التأويل الذي عقب به الامام البخاري رحمه الله اثر اخراجه الحديث المذكور من رآني في المنام فقد رآني حقا فان الشيطان لا يتمثل بي. قال ابو عبد الله البخاري قال محمد بن سيرين اذا ارأه في صورته هل هذا قيد ام تفسير؟ نعم. اهل العلم يشترطون في تطبيق هذا الحديث الذي اخبر فيه النبي صلى الله عليه وسلم بان من رآه فقد رأى الحق ان هذا مقيد بما اذا رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام على صفته المروية. لان الرائي في المنام يا كرام احد اثنين. اما صحابي رأى النبي عليه الصلاة والسلام بام عينيه فاذا رآه في المنام فانه سيدرك حقا هل هو الذي طابقت رؤيا عينه في اليقظة ام هو خلافه واما الاخر فهو من عدا الصحابة من التابعين فمن بعدهم الى زمان الناس هذا اليوم من رأى النبي عليه الصلاة والسلام في المنام وهو لم يره حقيقة في اليقظة فليس له الا ان يحكم بما ذكر في صافيه الشريفة صلى الله عليه وسلم التي وصف فيها وجهه وكل شيء في جسده الطاهر عليه الصلاة والسلام. فاذا طابقت الاوصاف الرؤية التي رآها في المنام فقد رأى حقا قال الامام المازري رحمه الله اختلف المحققون في تأويل الحديث فذهب القاضي ابو بكر ابن الطيب الى ان المراد بقوله من رآني في المنام فقد رآني ان رؤياه صحيحة. لا تكون اضغاثا ولا من تشبيهات الشيطان قال ويعضضه قوله في بعض طرقه فقد رأى الحق في قوله فان الشيطان لا يتمثل بي. اشارة الى ان رؤياه لا تكون اضغاثا وقال اخرون بل الحديث محمول على ظاهره والمراد ان من رآه فقد ادركه. ولا مانع يمنع من ذلك قال واما كونه قد يرى على غير صفته او يرى في مكانين مختلفين معا فان ذلك غلط في صفته. وتخيل لها على غير ما هي عليه. وقد يظن بعض الخيالات لكون ما يتخيل مرتبطا بما يرى في العادة. فتكون ذاته الشريفة صلى الله عليه وسلم مرئية. وصفاته متخيلة غير مرئية والادراك لا يشترط فيه تحذيق المبصر ولا قرب المسافة ولا كون المرء ظاهرا على الارض او مدفونا وانما اشترطوا كونه موجودا. ولم يقم دليل على فناء جسمه صلى الله عليه وسلم. بل جاء في الخبر الصحيح ما يدل على بقائه ويكون ثمرة اختلاف الصفات اختلاف الدلالات وقال القاضي عياض يحتمل ان يكون معنى الحديث اذا رآه على الصفة التي كان عليها في حياته لا على صفة مضادة لحاله. فان رأى على غيرها كان رؤيا تأويل لا رؤية حقيقة. لان من الرؤيا ما يخرج على هيئته ومنها ما يحتاج الى تأويل يقول النووي معقبا هذا الذي قاله ضعيف. بل الصحيح انه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة او غيرها كما ذكر المازري ولاهل العلم كلام اخر ينقل المصنف ايضا بعضه فيما يأتي من كلامه. نعم اذا تقرر ذلك فما سمعه الرائي في المنام مما تعلق مما تتعلق به الاحكام لا يعمل به لعدم ضبط الراء لا للشك في الرؤيا فان الخبر لا يقبل الا من ظابط مكلف والنائم بخلافه هذا ما ذكره القاضي حسين في فتاويه في مسألة صيام رمضان واخرون من الاصحاب وجزم به في الروضة من زوائده في اوائل النكاح في الكلام على الخصائص. هذه مسألة آآ مهمة متفرعة على قضية رؤيا النبي عليه الصلاة والسلام في المنام وقد قال الغزالي رحمه الله ليس معنى قوله رآني اي رأى جسمي وبدني. وانما المراد انه رأى مثالا صار ذلك المثال يتأدى بها المعنى الذي في نفسي اليه وكذلك قوله فسيراني في اليقظة ليس المراد انه يرى جسمي وبدني. قال والالة تارة تكون حقيقية وتارة تكون خيالية. والنفس غير المثال فما رآه من الشكل ليس هو روح المصطفى صلى الله عليه وسلم ولا شخصه. بل هو مثال له على التحقيق. الى اخر ما قال رحمه الله السؤال الان يا كرام من رأى منا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فسمعه يقول له قولا او يأمره امرا او ينهاه نهيا هل هذا حجة؟ هل هو معتبر؟ هل هو دليل تتعلق به الاحكام؟ يعني هل له ان يقول رأيت النبي عليه الصلاة والسلام في المنام فقال لي طلق زوجتك فيكون هذا حكم لا خيار له فيه او يقول تزوج من كذا او اشتري كذا او بع كذا او يفعل كذا او لا تفعل هل هذا حكم كما لو كان عليه الصلاة والسلام حيا فخاطب احد صحابته امرا او ناهيا هذه مسألة مهمة. قال المصنف اذا تقرر ذلك يعني معنى رؤيته صلى الله عليه وسلم في المنام. فما سمعه الرائي في المنام. مما تتعلق به الاحكام لا يعمل به لم قال لعدم ضبط الراء لا للشك في الرؤيا. اتفقنا على ان الرؤيا حق اذا كان قد رأى النبي عليه الصلاة والسلام باوصافه الصحيحة الثابتة المعتبرة فاذا لا شك في الرؤيا فلماذا لا يعمل بها؟ قال لعدم ضبط الراء عندنا شيئان عندنا حقيقة في الرؤية او شك فيها. وهذه قد حسمت بانها لا شك فيها. والشيء الثاني ان الراعي هل ضبط ما سمعه استيقظ من منامه. فهل اضمن انا انه ضبط ما سمعه في رؤياه او استيقظ فحكى العبارة بلفظها بنحوها بمعناها ذكر شيئا وغاب عنه شيء لماذا نقول هذا بان من نقل الخبر حال اليقظة وهو مستيقظ لا يظبط لا يقبل خبره الا اذا تيقنا مسألة ظبطه هذا وهو مستيقظ. والمستيقظ يظبط خبره مع اتقان وظبط وعلم مكلف والنائم بخلافه. النائم غير مكلف اصلا وكونه نائما فما يراه في منامه لا سبيل الى ضبطه ولو قال انا اذكر رؤياي تماما. يقول هذا الذي ذكره القاضي حسين في فتاويه في مسألة صيام رمضان واخرون وجزم به في الروضة يعني النووي في الكلام على خصائص النبي صلى الله عليه وسلم. وسيزيد المصنف الان هنا نقل قاضي عياض الاجماع على ذلك وتأكيد النووي على المسألة ايضا. لانها محل اتفاق بين اهل العلم. وتغلق بابا مهما عند بعض الناس عندما يقول رأيت النبي عليه الصلاة والسلام فقال لي كذا. اعمل كذا ولا تفعل كذا. يا كرام الاحكام ليست تبنى على بل على الادلة وادلة الاحكام كتاب او سنة او اجماع او قياس. ولا سبيل الى اثبات حكم شرعي ولا عبادة ولا تكليف من تكاليف الا بطريقه الشرعي المعتبر والرؤى والمنامات ليس ان طريقا لبناء الاحكام عليها والله الموفق. نعم. ونقل القاضي رياض الاجماع عليه ونقل النووي ايضا في شرح مسلم في باب بيان ان الاسناد من الدين عن اصحابنا وغيرهم انهم نقلوا الاتفاق على انه لا يغير بسبب ما يراه النائم ما تقرر في الشرع ثم قال وهذا في منام يتعلق باثبات حكم على خلاف ما يحكم به لولاه واما اذا رآه وامره بفعل ما هو مندوب اليه او ينهاه عن منهي عنه او يرشده الى فعل او يرشده الى فعل مصلحة فلا خلاف في استحباب العمل على وفقه لان ذلك ليس حكما بمجرد المنام بل بما تقرر من اصل ذلك الشيء. نعم. هكذا نقل القاضي الاجماع على المسألة في عدم العمل بما يراه او يسمعه النائم في منامه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقل النووي في شرح مسلم في باب بيان ان الاسناد من الدين وهو يتكلم عند قول الامام مسلم ان حمزة الزيات اخبر انه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في فعرض عليه ما سمع من ابان احد رواة الحديث فما عرف منها الا شيئا يسيرا خمسة او ستة. قال النووي قال القاضي عياض رحمه الله هذا ومثله استئناس واستظهار على ما تقرر من ضعف ابان لا انه يقطع بامر المنام ولا انه تبطل بسببه سنة ولا تثبت به سنة لم تثبت وهذا باجماع العلماء هذا الضابط في كلام الامام النووي رحمه الله هو آآ الضابط في المسألة والفاصل فيها. قال لا تبطلوا بالمنام بسببه سنة ثبتت ولا تثبت به سنة لم تثبت طيب ماذا اذا كان في المنام سنة ثابتة جاء التأكيد عليها؟ فالجواب نعم لانها ليست تحكي شيئا جديدا. فاذا قام النائم قال اوصاني النبي عليه الصلاة والسلام في المنام بقيام الليل او بصلاة الوتر او بشيء من النوافل مما ثبت في السنة الصحيحة المروية فالجواب انعم واكرم ولن يكون المعول في العمل هي رؤيا بل ما ثبت في السنة وهذه استئناس واستظهار. وهذه تعظيد وحث وتثبيت للنفس المسلمة وحث لها على فعل الخيرات لكن لا يستيقظ من منامه يقول امرني النبي عليه الصلاة والسلام ان اصوم يوم كذا من شهر كذا وحدد يوما بعينه وقال لي ان اجره ثوابه كذا وكذا. فبناء الاحكام وفضائل الاعمال لا تثبتوا كما قلنا الا على الادلة لا على الرؤى والمنامات. نعم نعم عن فتاوى الحناطي من جلة اصحابنا ان انسانا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه على الصفة المنقولة عنه فسأله عن الحكم فافتاه بخلاف مذهبه وليس مخالفا لنص ولا اجماع فقال فيه وجهان احدهما يؤخذ بقوله لانه مقدم على القياس وثانيهما لا لان القياس دليل والاحلام لا تعويل عليها. فلا يترك من اجلها الدليل. هذا من تفريع الفقهاء رحمهم الله على مسألة في الاعتبار بما يسمعه او يراه الرائي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في منامه. في مسألة التمذهب وانه لا يجوز تركي لا يجوز ترك الانسان مذهبه او مذهب امامه الا بدليل فهل تكون الرؤيا دليلا؟ قال نعم يؤخذ بقوله في المنام لانه مقدم على القياس والثاني لا لانه سيبقى مناما في الحلم وهو لا تعويل عليه ولابد الا يترك حكما معتبرا الا بدليل معتبر والله اعلم وعن كتاب الجدل للاستاذ ابي اسحاق الاسبراييني حكاية وجهين في ان الرجل لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وامره بامر هل يجب عليه امتثاله اذا استيقظ كذا هو في مجموع عتيق في مجموع عتيق منسوب لابن الصلاح عنه. مجموع عتيق يعني يقصد قديما في آآ تدوينه وفي نسخته التي بين يدي المصنف. نعم. وفيه ايضا حكاية وجهين في وجوب التمسك من حيث هو في الحالة المذكورة وعن روضة الحكام للقاضي شريح من اصحابنا لو كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لفلان على فلان كذا هل للسامع ان يشهد لفلان على فلان كذا وجهان وقد سلفا فائدة واشار اليها فيما سبق ويعني في سياق هذا المنقول في كلام بعض الفقهاء في تفريعات المسألة التي تقرر اصلها وهو ان المنامات وان كان المرء فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليست طريقا لبناء الاحكام عليها لانها ليست دليلا تبنى عليه الاحكام. في سياق ذلك نقل الزركشي عن الشيخ عز الدين بن الخطيب الاشموني في كلامه على حديث المواقع في رمضان. قال اخبرني والدي ان انسانا رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام. وقال له اذهب الى موضع كذا وخذ ما فيه من ركاز ولا فعليك فيه وانه توجه اليه فوجده كما اخبره عليه الصلاة والسلام ثم استفتى الفقهاء بدمشق في مسألة هل يجب عليه اخراج الركاز اخراج الخمس من الركاز؟ لان هذا من زكاته الواجبة في الركاز الخمس وهي سنة ثابتة بالحديث المروي الثابت فهل قوله في المنام ولا ركاز عليك مسقط لهذا الواجب؟ قال فاستفتى الفقهاء بدمشق وكلهم افتاه بعدم يعني باسقاط وجوب الركاز عليه بناء على ما سمع في الرؤيا. قالوا وقد ظهرت دلائل صدق الرؤيا. انه رأى النبي عليه الصلاة والسلام فاذا لا يرى الا حقا ودله على مكان الركاز فوجده حقا. قال والشيطان لا يتمثل به. قال وافتاه شيخنا عز ابن عبد السلام بوجوب الخمس عليه. واستدل على ذلك بان طريق رفع القواعد النسخ ولا نسخ بعد انقطاع الوحي لموت صلى الله عليه وسلم قال ثم اني حكيت هذه الحكاية بين يدي شيخي لا تقي الدين بالفتح القشيري يعني ابن دقيق العيد قال فصدق روايتها وزاد على ذلك ان الشيخ عز الدين كان يرى ذلك من باب الترجيح على تقدير صدق المنام. قال واظن انه اراد بالترجيح ان رواية الجمهور وجوب الخمس نصا ورواية هذا شاذة في منام والاول ارجح قطعا فالعمل بها واجب والله اعلم اعلم فائدة روى الطبراني اظنه في اوسط معاجمه من حديث ابي سعيد الخدري انه صلى الله عليه وسلم قال من رآني في المنام فقد رآني فان الشيطان لا تمثل بي ولا بالكعبة ثم قال لا تحفظوا هذه اللفظة الا في هذا الحديث. يعني زيادة ولا بالكعبة فانها زيادة شاذة لا تحفظ الا في هذا الحديث كما قال الامام الطبراني رحمه الله تعالى عقب روايته لهذا الحديث وهي غريبة جدا. نعم. تنبيه جعل القضاعي هذه الخصوصية وصية مما خص بها دون غيره من الانبياء. قال رحمه الله تعالى انه حرم على الشيطان ان يتمثل برسول الله صلى الله عليه وسلم ونحتاج في اثباته في حق بقية الانبياء الكرام عليهم السلام الى اثبات الدليل وهو آآ غير والله اعلم المسألة السابعة والثلاثون ان الارض لا تأكل لحوم الانبياء. للحديث الصحيح في ذلك ذكره في الروضة الحديث الصحيح الذي اخرجه الامام ابو داوود. والامام النسائي والامام ابن ماجة عن اوس ابن اوس الثقفي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من افضل ايامكم يوم الجمعة فيه خلق ادم وفيه قبض وفيه النفخة وفيه الصعقة فاكثروا علي من الصلاة فيه فان صلاتكم معروضة علي. قالوا يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا وقد ارمت يعني وقد بليت او اكل التراب جسدك فقال كيف تعرض صلاتنا عليك وقد ارمت؟ يقولون بليت. فقال صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل حرم على الارض ان تأكل اجساد الانبياء عليهم الصلاة والسلام. فهذا لفظ الحديث وهو نص في المسألة وله ايضا في حديث اخرجه ابن سعد عن الحسن مرسلا قال افرشوا لي قطيفتين في لحدي فان الارض لم تسلط على اجسادي الانبياء والثابت في السنن اصلح من ذلك فيما سمعتم من حديث اوس ابن اوس الثقفي هذه خصيصة وهي حفظ الله جل جلاله لاجساد الانبياء عليهم السلام ان تأكلها الارض لكن ان كان هذا مختصا بهم فهي من الخصائص وان سبت لغيرهم فهذا يخرجها عن قيد الخصائص وربما شهد لذلك ايضا بعض الوقائع مع بعض الاثار المروية في حفظ الله تعالى لاجساد بعض من كتب الله عز وجل له حفظ جسده. كما في الشهداء مثلا وكما ثبت في التاريخ في شهداء غزوة احد لما جرفهم السيل في خلافة بعض حكام بني امية فارادوا نقلهم من بطن الوادي حيث دفنوا رضي الله عنهم هم في احد فنقلت اجسادهم واذا هي كما هي بعد دفنهم بعشرات السنين رضي الله عنهم وارضاهم. وعلى كل فالثابت نصا هو ما سمعتم في حق الانبياء عليهم السلام. نعم المسألة الثامنة والثلاثون ان الكذب عليه صلى الله عليه وسلم عمدا من الكبائر لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ان كذبا علي ليس ككذب على احد نعم لا يكفر فاعله على الصحيح وهو قول الجمهور وقال الشيخ ابو محمد هو كفر فان تاب قبلت توبته اذا حسنت حالته قال جماعة منهم الصيرفي اه قال جماعة منهم الصيرفي من اصحابنا لا تقبل روايته بعدها بخلاف الفسق. وبخلاف الشهادة وهو مذهب ابو احمد هذه المسألة الثامنة والثلاثون تحريم الكذب عمدا عليه صلى الله عليه وسلم وعده من الكبائر اما ان الكذب يا كرام حرام في الاسلام. الكذب عليه صلى الله عليه وسلم وعلى كل احد. حرام وليس وجه من الكذب مستباح الا ما رخصت فيه الشريعة في حدود ضيقة جدا. ليس هذا موطن ذكرها. اما الكذب في نقل الخبر ودعوى الاحكام وزعم المزاعم فذلك من اشنع القبائح التي حرمتها الشريعة ولكن الخصائص هنا او لكن المسألة المعدودة في الخصائص هنا ان الكذب عليه صلى الله عليه وسلم معدود في الكبائر. وهذا ايراد المسألة هنا. قوله صلى الله عليه وسلم ان كذبا علي ليس ككذب على احد. قال فمن كذب علي متعمدا ليتبوأ مقعده من النار هذا الحديث المعدود في اشهر احاديث التواتر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. حتى قال الامام النووي انه قيل انه جاء اعم مئتين من الصحابة فلو روى عن كل واحد من هؤلاء المائتين اثنان وثلاثة واربعة لدخلنا في عداد الوف الروايات التي نقلها جيل التابعين عن هذا العدد والجم الغفير وان كانت الاسانيد التي حفظت تتجاوز الستين صحابيا الذين رووا حديث من كذب علي متعمدا فوجه الخصوصية قوله ان كذبا علي ليس ككذب على احد ومعناه ان الكذب على الغير قد الف. واستسهل خطبه وليس الكذب علي بالغا مبلغ ذلك في السهولة هذا معنى الحديث وهذا اشد في الاثم وابلغ في التنفير منه وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. الكذب عليه كبيرة صلى الله عليه وسلم. والكذب على غيره من الصغيرة من الصغائر فهذا الفرق وهذا احد وجوه تفسير الحديث وبيان معناه وقيل بل لا يلزم من استواء الوعيد في حق من كذب عليه او كذب على غيره ان يكون درجة العقاب واحدة. لان من قوله فليتبوأ دلالة على منزلة مخصصة في العقاب والوعيد في نار جهنم عياذا بالله للكاذب على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. فليتبوأ يعني فليتخذ لنفسه منزلا. يقال تبوأ الرجل اذا اتخذ المكان مسكنا ونزل به عياذا بالله تعالى. يعني اشارة الى طول المقام واللبس في ذلك المقعد من النار عياذا بالله جل جلاله. وهذه من عظائم الذنوب في الاسلام ومن فروع المسألة هل يصل الى الكفر؟ هل يكفر متعمد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال النووي في الروضة لا يكفر على الصحيح وهو قول الجمهور اشارة الى من خالف هذا القول من الجمهور كمثل من سمى المصنف هنا. الامام ابا محمد الجويني والد امام الحرمين. قال هو كفر ونقل ذلك عنه ولده امام الحرمين. وانه كان يقول في درسه كثيرا من كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم عمدا كفر واريق دمه ثم انه يعني امام الحرمين ضعف قول ابيه وقال انه لم يوافق عليه ولم يره لغيره من اصحابه وان انه هفوة عظيمة هكذا نقل الحافظ ابن حجر عن امام الحرمين. قال وقد مال الى اختيار ابيه الامام ناصر الدين ابن المنير بان الكاذب عليه في تحليل حرام مثلا لا ينفك عن استحلال ذلك الحرام او الحمي بتلك الرواية على استحلاله واستحلال الحرام الكفر والحمل عليه ايضا كفر. وفي هذا نظر لا يخفى والجمهور كما تقدم انه لا يبلغ الكفر. قال فان تاب قبلت توبته واذا حسنت حاله هذه مسألة ماذا لو تاب الكاذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ الله يقبل توبة التائبين. بل يقبل اسلام من كفر عياذا بالله والله عز وجل يفتح باب التوبة والاقبال لمن اقبل عليه. لكن لا تقبل روايته بعدها. كما حكى الصيرفي وهو مذهب واحمد فان الكاذب في حديثه في الرواية عن رسول الله عليه الصلاة والسلام ترد رواياته مطلقا ولا يقبل منها شيء ولو تاب فاما توبته فلنفسه ولصلاح حاله واستقامة امره بخلاف الفسق والشهادة فان الفاسق مردود الرواية. فاذا صلح حاله قبلت ايته وكذلك ترد شهادته حال الفسق فاذا صلح حاله واستقام قبلت شهادته. لكن للكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة ان فارقت احوال الفاسق لانه تجاوز بفسقه تلك المراتب بكذبه على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لهذا قال العلماء من كذب ولو في حديث واحد فسقى وردت رواياته كلها وبطل الاحتجاج بجميعها. فان تاب وحسنت توبته قال احمد والصيرفي وابو بكر الحميدي وغيرهم لا تؤثر توبته في ذلك. وتبقى رواياته على الرد مطلقا ويتحتم جرحه دائما حتى قال الصيرفي كل من اسقطنا خبره من اهل النقل بكذب وجدناه عليه لم نعد لقبوله لم لم نعد لقبوله بتوبة تظهر ومن ضعفنا ومن ضعفنا نقله لم نجعله قويا بعد ذلك قال وذلك مما اقترنت فيه الرواية والشهادة. قال الامام النووي رحمه الله لم ار دليلا لمذهب هؤلاء. ويجوز ان يوجه بان ذلك لكي يجعل تغليظا وزجرا بليغا عن الكذب عليه صلى الله عليه وسلم لعظم مفسدته لانه يصير شرعا مستمرا الى يوم القيامة بخلاف افي الكذب على غيره او الفسق بالشهادة فان مفسدتها قاصرة. قال النووي وهذا الذي ذكره هؤلاء الائمة ضعيف مخالف للقوام الشرعية والمختار القطع بصحة توبته في هذا وقبول رواياته بعدها اذا صحت توبته بشروطها المعروفة وهي الاقلاع عن المعصية والندم على فعلها والعزم ان لا يعود اليها فهذا هو الجاري على قواعد الشرع وقد اجمعوا على صحة رواية من كان كافرا اسلم واكثر الصحابة كانوا بهذه الصفة فاجمعوا على قبول شهادته. قال ولا فرق بين الشهادة والرواية في هذا والله اعلم. نعم المسألة التاسعة والثلاثون قال الماوردي في تفسيره قال ابن ابي هريرة كان صلى الله عليه وسلم لا يجوز عليه الخطأ ويجوز على غيره من الانبياء لانه خاتم النبيين فليس بعده من يستدرك خطأه بخلافهم. فلذلك عصمه الله تعالى منه وقال الامام الحق انه لا يخطئ اجتهاده واختار الامدي وابن الحاجب انه يجوز عليه الخطأ بشرط الا يقر عليه. ونقله الامدي عن اكثر اصحابنا والحنابلة واصحاب الحديث واحتج الامدي باشياء منها قوله تعالى عفا الله عنك لما اذنت لهم. الاية. وقوله وقوله تعالى ما كان لنبي ان يكون له اسرى الاية فان عمر رضي الله عنه كان قد اشار بقتلهم فلم يقتلهم والحديث انما احكم بالظاهر والله اعلم. هل كان يخطئ النبي صلى الله عليه وسلم او هل يجوز عليه الخطأ؟ قال وردي نقلا عن ابن ابي هريرة الفقيه الشافعي لا يجوز عليه الخطأ ويجوز على غيره من الانبياء. علل ذلك بانه خاتم النبيين فلو افترظنا تجويز الخطأ فليس بعده نبي يستدرك الخطأ ويصوبه بخلاف الانبياء السابقين فلكل نبي من يعقوب مما لو كان خطأ لاستدركه وبينه. فلذلك كانت عصمة النبي صلى الله عليه وسلم من الخطأ. قال الامام في المحصول يعني الامام الرازي الحق انه لا يخطئ اجتهاده وجزم به البيضاوي وقبل السبكي هو الصواب وهو ما نعتقده وندين الله تعالى به وذهب الاصوليون او كثير منهم كالامدي وابن الحاجب. ونقله الامدي عن اكثر الشافعية وعن الحنابلة واصحاب الحديث الى تجويز الخطأ في اجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم بشرط الا يقر عليه. يعني ان ان يجتهد صلى الله عليه وسلم في رأي ثم يصوبه الوحي ولا يقر الخطأ وما ذهبوا الى التجويز الا من خلال ورود بعض الشواهد. فاما المانعون قالوا لو جاز تجويز الخطأ لمعنى كان معناه انه يأمرنا بخطأ ثم نحن مأمورون باتباعه كاننا نؤمر باتباع الخطأ. وان الخطأ في الحكم النبوي مخل بمقصود البعثة لان المقصود الاتباع في الاحكام ولو جاز خطؤه لم تحصل تلك الاحكام على مقصودها الشرعي. لكن القائلين اذ قالوا عتب الله جل جلاله في مثل قوله عفا الله عنك لما اذنت لهم في غزوة تبوك وقوله ما كان لنبي ان يكون له اسرى في اسارى بدر في غزوة بدر ونحوها دل على وقوع مثل ذلك لما خير بين قتل الاسارة والاطلاق والفداء واختار النبي عليه الصلاة والسلام ما اشار به ابو بكر دون ما اشار به عمر فلم يقتلهم وقبل الفداء. كان ذلك كمحل عتب ما كان لنبي ان يكون له اسرى حتى يثخن في الارض. وهذا وامثاله كمثل قوله انكم تختصمون الي ولعل بعضكم ان يكون الحن بحجته من بعض فاقضي له على نحو ما اسمع فان قضيت له بشيء من حق اخيه فلا يأخذه فانما اقطع له بقطعة من نار وفي مثل قوله انما احكم بالظاهر والله يتولى السرائر. هذه الادلة وغيرها آآ جواز الخطأ في فصل الخصومات استلزموا جواز الخطأ في الاحكام لكنها جاءت معقبة بانه لا يقر على الخطأ صلى الله عليه وسلم. ولذلك جاء العتب في شأن اه غزوة تبوك وفي شأن اسارى بدر فدل ذلك على ان تجويز الخطأ لا يستلزم المانع الذي استبعده المانعون بانه يفضي الى وقوع الخطأ في الاحكام لانهم قيدوا ذلك بعدم الاقرار عليه. والمسألة محل كل بسط ايضا في كتب اصول الفقه في مسألة حكم جواز الخطأ على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يعني في اجتهاده ولها طويلة في حكاية المسألة وما يترتب عليها وادلتها والترجيح فيها والعلم عند الله المسألة الاربعون يبلغه صلى الله عليه وسلم سلام الناس عليه بعد موته ويشهد لجميع النبيين بالاداء يوم القيامة. قاله الماوردي. هذه مسألة مناسبة ان نختم بها مجلس الليلة ايها الكرام وهي بلوغ سلامنا وسائر المسلمين على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته اليه عليه الصلاة والسلام اعطى الله سبحانه وتعالى ملكا من الملائكة اسماع الخلائق قائما على قبره الى يوم القيامة يبلغه صلاة امته عليه صلى الله عليه وسلم ولم ينقل ذلك في حصوله لغيره. دليل ذلك حديث عمار ابن ياسر رضي الله عنه عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل اعطى ملكا من الملائكة اسماع الخلائق. فهو قائم على قبره حتى ان تقوم الساعة فليس احد من امتي يصلي علي صلاة الا قال الملك يا احمد فلان ابن فلان باسمه واسم ابيه. صلى عليه كذا وكذا صلاة وضمن لي الرب عز وجل انه من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشرا. ومن زاد زاده الله عز عز وجل الحديث اخرجه ابن ابي عاصم في كتاب فضائل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وفي طرقه ضعف بمجموعها يتحسن الحديث وقد حسن الالباني رحمه الله اصل المسألة في اثبات هذه القضية الغيبية وهي من الشرف بمكان وما زال المصلون في التحيات يقولون السلام عليك ايها النبي فبلوغ سلامه على يد ملك ويدل حديث ابي داود ايضا ما منكم من احد يسلم علي الا رد الله علي روحي حتى ارد عليه السلام. تفرد به ابو داوود وصححه والحديث الاخر لا تجعلوا بيوتكم قبورا ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا علي فان صلاتكم تبلغني حيثما كنتم ايضا اخرجه ابو داوود وصححه النووي ايضا في الاذكار. فهذه ما زالت محمل خير لنا جميعا امة الاسلام على الاستكثار من الصلاة والسلام ونحن نستشعر الشرف الذي يحيط بنا بصلاتنا وسلامنا على نبي الامة وسيد البشر وهو يرد على من سلم عليه وله من ذلك من الفضل اضعاف الصلاة التي ثبتت في الاحاديث الاخر وبركاته التي وردت بها النصوص الشرعية. قال المصنف رحمه الله ويشهد لجميع النبيين بالاداء يوم القيامة قاله الماوردي وقد تقدم في مسألة سابقة ان امته شهيدة على الامم وهو ايضا عليه الصلاة والسلام كما في حديث مسند الامام احمد يدعى نوح يوم القيامة فيقال هل بلغت؟ يقول نعم فيدعا قومه فيقال لهم هل بلغكم فيقولون ما اتانا من نذير وما اتانا من احد فيقال لنوح من يشهد لك؟ فيقول محمد امته قال فكذلك قوله تعالى وكذلك جعلناكم امة وسطا. والحديث اخرجه البخاري وغيره. فيقول وما علمكم في رواية احمد من وجه اخر قال جاءنا نبينا فاخبرنا ان الرسل قد بلغوا صلوات الله وسلامه عليه. تبقى في هذه الخصائص صف خاتمة الكتاب مسألتان وخاتمة نجعلها لمجلس ليلة الجمعة المقبلة ان شاء الله تعالى مستكثرين دوما من الصلاة والسلام على حبيب قلوبنا وبهجة ارواحنا وسعدها نبينا صلى الله عليه وسلم مستكثرين في ذلك من صلاة ربنا علينا لا ينسى مسلم كلما اقبل بالصلاة على نبيه صلى الله عليه وسلم قوله في الوعد الكريم من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا. فيا رب صلي وسلم وبارك عليه عدد ما صلى عليه المصلون وصلي عليه عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون واجعلنا يا الهي بالصلاة والسلام عليه في خيرة عبادك واولاهم واقربهم مجلسا من نبيك صلى الله عليه وسلم يوم القيامة ربنا اتنا قنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين