فما يزال هذا المجلس منعقدا من رحاب بيت الله الحرام قرب الكعبة المعظمة بهذه الليالي المباركة من ليالي هذا الشهر الفضيل شهر رمضان المبارك سنة احدى واربعين واربعمائة والف من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم بهذه الليلة المباركة ليلة الجمعة. نلتمس من خيراتها ونقتنص من بركاتها ونصيب من حسناتها بكثرة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو القائل اكثروا من الصلاة علي. ليلة الجمعة ويوم الجمعة ان صلاتكم معروضة علي وحسبنا ان يكون هذا المجلس في اقل ما نحوز به من الخيرات والبركات استكثارنا فيه من الصلاة والسلام على رسول الهدى ونبي بالرحمة عليه الصلاة والسلام وقد انعقد المجلس المنصرم ليلة الجمعة الماضية في مطلع الحديث عن هذا الكتاب القيم للامام ابن القيم رحمه الله تعالى لقوا الافهام في فضل الصلاة والسلام على خير الانام. صلى الله عليه وسلم تقدم ايها المباركون ليلة الجمعة الماضية. الحديث عن هذا الكتاب في سياق جملة من تراث علماء امتنا المباركة التي في هذه العبادة الجليلة العظيمة عبادة الصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم. وكيف هي روايات الاحاديث الواردة فيه والفضل والاجر والمواطن والصيغ التي تتعلق بهذا كله وان كتاب الامام ابن القيم رحمه الله جلاء الافهام هو من افضل واجل ما كتب في هذا الباب. وقد استعرظنا ابواب الكتاب الخمسة ومضى ضمينها وما اشتملت عليه من فصول ومنهج الامام ابن القيم رحمه الله تعالى فيه ومضى ايضا معنا صدر من كتاب الامام في الباب الاول والباب الثاني. تقدم ان الباب الاول هو في ذكر الاحاديث والروايات الواردة في فضل الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه واله وسلم. وان الامام ابن القيم رحمه الله تعالى سمى اكثر من اربعين من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام رضوان الله عليهم اجمعين سماهم رواة لهذا الحديث المبارك في فضل الصلاة وصيغة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه واله وسلم. وسنستفتح كل جلسة ان شاء الله ببعض الروايات والاحاديث للانتقال منها الى اه باقي ابواب الكتاب وعرض ما جاء فيها. من اجل ان يكون لنا في كل مجلس مرور على بعض تلك الاحاديث ومعرفة الفاظ عوضا عن ان نسردها كلها تباعا في مجلس واحد. فمن ذلك ما تقدم من حديث ابي مسعود رضي الله عنه عند الامام مسلم في الصحيح وغيره من اصحاب السنن قال نحن اذا صلينا في صلاتنا وهم يسألون النبي عليه الصلاة والسلام قال اقبل رجل حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال يا رسول الله اما السلام عليك فقد عرفناه فكيف نصلي عليك اذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك قال فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى احببنا ان الرجل لم يسأله فقال اذا انتم صليتم علي فقولوا اللهم صلي على محمد النبي الامي وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وال ابراهيم وذكر الحديث هذا حديث ابي مسعود الانصاري رضي الله عنه. واما حديث ابي حميد الساعدي فرواه البخاري وغيره من اصحاب السنن. انهم قالوا يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال صلى الله عليه وسلم قولوا اللهم صلي على محمد وازواجه وذريته كما صليت على ال ابراهيم وبارك على محمد وازواجه وذريته كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد وليعلم اخوتنا الكرام ان ذكر مثل هذه الاحاديث بهذه الروايات الصحيحة المخرجة في الصحيحين وغيرهما ولمعرفتها ومعرفة ما جاء فيها اولا ثم لتطبيقها ثانيا. فان بعض الاخوة المسلمين لا يكاد يعرف من هذه الصيغ الا الصلاة الابراهيمية التي تقرأ في التشهد الاخير في الصلاة ومنها ايضا حديث كعب بن عجرة رضي الله عنه وقد اخرجه ايضا الامام البخاري ومسلم في الصحيحين قال رضي الله عنه عن ابن ابي ليلى قال لقيني كعب بن عجرة فقال الا اهدي لك هدية خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد عرفنا فقلنا قد عرفنا كيف نسلم عليك فكيف نصلي عليك قال قولوا اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم انك حميد مجيد اللهم بارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ال ابراهيم انك حميد مجيد هذه احاديث ثلاثة ابي مسعود وكعب بن عجرة وحديث ابي حميد الساعدي وللبقية من باقي الفاظ الروايات الواردة في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. نأتي عليها تباعا في ليالي المجالس المقبلة ان شاء الله تعالى واما الباب الثاني وهو الذي شرع فيه المصنف في شرح هذه الالفاظ الواردة في الحديث فانه قد ابتدأ اولا بلفظة اللهم كما تقدم ليلة الجمعة الماظية ثم تناول معنى الصلاة التي تضمنها الحديث اللهم صلي على محمد وخلاصة ذلك للتذكير به ان الصلاة التي تطلب من الله عز وجل لخلقه نوعان صلاة عامة صلاة الله على عباده هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات الى النور فهذه الصلاة بمعنى الرحمة صلاة الله على عباده الصلاة العامة هي بمعنى الرحمة لهم. ومنه الدعاء من النبي عليه الصلاة والسلام لبعض مثل قوله اللهم صلي على ال ابي اوفى النوع الثاني من صلاة الله على عباده الصلاة الخاصة بالانبياء والرسل عليهم السلام وبنبينا عليه الصلاة والسلام خاصة وهنا ساق المصنف اقوال اهل العلم. فمنهم من قال ان صلاة الله ايضا بمعنى الرحمة او قالوا بمعنى المغفرة وقد ضعف ذلك ابن القيم رحمه الله في هذا الكتاب من خمسة عشر وجها. وان الصلاة من الله على انبيائه هي ليست بمعنى الرحمة والمغفرة ومرادفة لها. لانها تأتي مغايرة اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة ولا يقال لمن رحم شخصا انه صلى عليه الى اخر الاوجه التي اجاب بها رحمه الله ورجح ان صلاة الله على انبيائه فثناؤه سبحانه وتعالى عليهم. هي رفعة ذكرهم وقدرهم هي الشرف الذي ينالهم من ربهم جل وعلا ونحن اذا صلينا على نبينا صلى الله عليه وسلم فانا نسأل الله وقد صلى عليه ان يزيده صلاة ان يزيده ثناء ان ارفع ذكره ومقامه عليه الصلاة والسلام عنده في عليين فان رفعة ذكره صلى الله عليه وسلم رفعة لامته شرف مقداره ينال امته ايضا صلوات ربي وسلامه عليه. ولنكمل تتمة ابواب او فصول الباب الثاني وهي مقصود الكتاب وهي شرح الفاظ الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. فشرح معنى اللهم وشرح معنى صلي. وينتقل الان الى محمد اسم رسول الله عليه الصلاة والسلام في ثالث فصول الكتاب ما معنى اسمه عليه الصلاة والسلام يا امة محمد صلى الله عليه وسلم. هذا اسم نبيكم فما معنى محمد ومن اين جاء هذا الاسم وما اشتقاقه؟ وما دلالته في اللغة؟ هذا نبينا نحبه عليه الصلاة والسلام، ونحب اسمه ونسمي اولادنا وبنينا باسمه صلى الله عليه وسلم. قال ابن القيم رحمه الله في الباب الاول الفصل الثالث في معنى اسم النبي صلى الله عليه وسلم واشتقاقه قال رحمه الله هذا الاسم هو اشهر اسمائه صلى الله عليه وسلم. وهو اسم من قول من الحمد في الاصل اسم مفعول من الحمد وهو يتضمن الثناء على المحمود ومحبته واجلاله وتعظيمه. هذا هو حقيقة الحمد وبني على زنة مفعل مثل معظم ومحبب ومسود ومبجل ونظائرها. لان هذا البناء موظوع للتكفير فان اشتق منه اسم فاعل فمعناه من كثر صدور هذا الفعل منه مرة بعد مرة. مثل معلم ومفهم ونحوها واذا اشتق منه اسم المفعول فمعناه من تكرر وقوع الفعل عليه وليس منه. مرة بعد اخرى فمحمد هو الذي كثر حمد الحامدين له مرة بعد اخرى او هو الذي يستحق ان يحمد مرة بعد اخرى. يقال حمد فهو محمد وهذا علم وصفة اجتمع فيه الامران في شأنه عليه الصلاة والسلام. وكذلك اسماء النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث عن جبير ابن مطعم انه صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين ان لي اسماء انا محمد وانا احمد وانا الماحي الذي يمحو الله به الكفر ثم استطرد المصنف رحمه الله في هذه القاعدة ليبين ان الاسماء الاعلام التي تشتمل على اوصاف تدل على الذات وتدل على الصفة التي تضمنها هذا الاسم وانطلق رحمه الله يقرر قاعدة جليلة في فهم وتفسير اسماء الله الحسنى. قال اسماء الرب كلها اسماء مدح ولو كانت الفاظا مجردة لم تدل على المدح ولله الاسماء الحسنى. فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في اسمائه. واطال رحمه الله في تقرير هذه القاعدة وانتقل الى ما يتعلق بها وهذا من جميل الفوائد التي توجد في هذا الكتاب حتى قال رحمه الله ولو لم يكن في كتابنا الا هذا الفصل وحده لكفى من له ذوق ومعرفة. والله الموفق للصواب ثم عاد الى اسم النبي عليه الصلاة والسلام قال فتسميته بهذا الاسم لما اشتمل عليه من سماه وهو الحمد نبينا عليه الصلاة والسلام محمد كثر حمد الناس له هو محمود عند الله ومحمود عند الملائكة ومحمود عند عباد الله المؤمنين وعند اخوانه من الانبياء والمرسلين محمود عند الخلق وان كفر به بعضهم فان ما فيه من صفات الكمال محمودة عند كل عاقل وان كابر عقله جحودا او عنادا او جهلا باتصافه بها. ولو علم اتصافه بها لحمده بها. فانه يحمد من اتصف فبصفات الكمال ويجهل وجودها فيه فهو في الحقيقة حامد له النبي عليه الصلاة والسلام اختص من مسمى الحمد بما لم يجتمع لغيره. وهنا معنى اللطيف بينه ابن القيم رحمه الله كيف ان اسم محمد لنبينا عليه الصلاة والسلام مناسب وملائم ولائق به من باكمل الوجوه. يقول اجتمع له من مسمى الحمد ما لم يجتمع لغيره فان اسمه محمد واحمد وامته الحمادون يحمدون الله تعالى في السراء والظراء. وصلاته وصلاة امته مفتتحة بالحمد وخطبه مفتتحة بالحمد وكتابه مفتتح بالحمد. هكذا كان عند الله تعالى في اللوح المحفوظ. ان خلفاءه واصحابه يكتبون المصحف مفتتحا بالحمد. وبيده صلى الله عليه وسلم يوم القيامة لواء الحمد. ولما يسجد بين يدي ربه شفاعتي ويؤذن له فيها يحمد ربه بمحامد يفتحها عليه حينئذ وهو صاحب المقام المحمود الذي يغبطه به الاولون والاخرون ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى ان يبعثك ربك مقاما محمودا. ثم قال رحمه الله في عبارات جميلة جليلة رائعة قال وهو صلى الله عليه وسلم محمود بما ملأ به الارض من الهدى والايمان والعلم النافع والعمل الصالح. وفتح به القلوب وكشف به الظلمة عن اهل الارض. واستنقذهم من اسر الشياطين ومن الشرك بالله اهو الكفر به والجهل به حتى نال به اتباعه شرف الدنيا والاخرة. فان رسالته وافت اهل الارض احوج ما كانوا اليها فانهم كانوا بين عباد اوثان وعباد صلبان وعباد نيران وعباد الكواكب ومغضوب عليهم قد باؤوا بغضب من الله وحيران لا يعرف ربا يعبده ولا بماذا يعبده والناس يأكل بعضهم بعضا من استحسن شيئا دعا اليه وقاتل من خالفه وليس في الارض موضع قدم مشرق بنور الرسالة وقد نظر الله سبحانه حينئذ الى اهل الارض فمقتهم عربهم وعجمهم ده بقايا اثى الا بقايا على اثار من دين صحيح فاغاث الله به البلاد والعباد وكشف به تلك الظلم واحيا به الخليقة بعد الموت فهدى به من الضلالة وعلم به من بعد الجهالة وكثر به من بعد قلة واعز به من بعد الذلة واغنى به بعد العيلة وفتح به اعينا عميا واذانا صما وقلوبا غلفا فعرف صلى الله عليه وسلم الناس ربهم ومعبودهم غاية ما يمكن ان تناله قواهم من المعرفة. وابدأ عاد واختصر واطنب في ذكر اسمائه وصفاته وافعاله واحكامه. حتى تجلت معرفة الرب سبحانه في قلوب عباده وانجلت وانجابت سحائب الشك والريب عنها كما ينجاب السحاب عن القمر ليلة ابداره. ولم يدع لامته حاجة تنفي هذا التعريف لا الى من قبله ولا الى من بعده بل كفاهم وشفاهم صلى الله عليه وسلم واغناهم عن كل من تكلم في هذا الباب اولم يكفهم انا انزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم ان في ذلك لرحمة وذكرى لقوم يؤمنون. عرفهم الطريق الموصل الى ربهم ورضوانه دار كرامته لم يدع حسنا الا امر به ولا قبيحا الا نهى عنه. كما قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي اخرج الطبراني في معجمه الكبير وابن حبان ما تركت من شيء يقربكم الى الجنة الا وقد امرتكم به. ولا من شيء يقربكم الى النار الا وقد نهيتكم عنه. قال ابو ذر رضي الله عنه لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما طائر جناحيه في السماء الا ذكر لنا منه علما قال وعرفهم حالهم بعد القدوم على ربهم اتم تعريف. كشف الامر واوضحه ولم يدع بابا من العلم النافع للعباد المقرب الى ربهم الا فتحه ولا مشكلا الا بينه وشرحه حتى هدى الله به القلوب من ضلالها وشفاها به من اسقامها غاثها به من جهلها فاي بشر احق ان يحمد منه صلى الله عليه وسلم وجزاه عن امته افضل الجزاء ولهذا قال حسان رضي الله عنه وشق له من اسمه ليجله فذو العرش محمود وهذا محمد. صلى الله عليه واله وسلم قال ابن القيم رحمه الله واصح القولين في قوله تعالى وما ارسلناك الا رحمة للعالمين لاحظتم ان الله وصفه برسالته كونه رحمة للعالمين. ولم يقل للمؤمنين فهل يشمل المؤمن والكافر والبر والفاجر والموافق والمخالف وما ارسلناك الا رحمة للعالمين يقول رحمه الله اصح القولين انه على عمومه فكيف يكون رحمة عليه الصلاة والسلام لغير المسلمين للكفار لمن كذب برسالته كيف يكون رحمة ورسالته رحمة؟ قال هنا وجهان احدهما ان عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته صلى الله عليه وسلم. اما اتباعه فنالوا كرامة الدنيا والاخرة واما اعداؤه فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم. لان حياتهم زيادة في تغليظ العذاب. وقد كتب عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم. واما المعاهدون له فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته. وهم اقل شرا بذلك العهد من المحاربين. واما المنافقون فحصل لهم باظهار الايمان حقن دمائهم واموالهم واحترامها. وجريان احكام المسلمين فهذا من الرحمة. واما الامم النائية عنه فان الله رفع برسالته صلى الله عليه وسلم العذاب العام. عن اهل الارض اصاب كل العالمين النفع برسالته النفع برسالته صلى الله عليه وسلم. اذا هو رحمة للعالمين مسلمهم وكافرهم على حد سواء. الوجه الثاني انه عليه الصلاة والسلام رحمة لكل احد. مسلما كان او كافرا. لكن المؤمن قبل هذه الرحمة فانتفع بها. في الدنيا وفي الاخرة. واما الكافر فردها فلم يخرج بذلك عن ان يكون رحمة له لكنه ما قبلها. كما يقال هذا دواء لهذا المرض وان لم يستعمله المريض او ينتفع به لم يخرج عن كونه دواء نافعا لهذا المرض. قال ومما يحمد عليه ايضا صلى الله عليه وسلم ما جبله الله عليه من مكارم الاخلاق وكرائم الشيم. فان من عرف اخلاقه وشيمه صلى الله عليه وسلم. علم ان انها خير اخلاق بني ادم فانه كان اعلم الخلق واعظمهم امانة واصدقهم حديثا واحلمهم صلى الله عليه سلم واجودهم واسخاهم واشدهم احتمالا واعظمهم عفوا ومغفرة صلى الله عليه وسلم. وكان لا يزيده شدة الجهل عليه الا حلما وقد ساق المصنف في هذا جملة من الاثار والروايات التي وصفت خلقه الكريم صلوات ربي وسلامه عليه. من ذلك قول علي رضي الله عنه فيما اخرج الترمذي في السنن وفي الشمائل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اجود الناس صدرا الناس لهجة والينهم عريكة واكرمهم عشرة من رآه بديهة هابه ومن خالطه معرفة احبه. يقول ناعيته لم ارى قبله ولا بعده مثله صلى الله عليه وسلم ما معنى قوله كان اجود الناس صدرا قال اراد به بر الصدر وكثرة خيره وان الخير يتفجر منه تفجيرا. وانه منطو على كل خلق جميل وعلى كل خير. كما قال بعض اهل العلم وهذه العبارة ما اروعها. يقول قال بعض اهل العلم ليس في الدنيا كلها محل كان اكثر خيرا من صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم. قد جمع الخير بحذافيره واودع في صدره صلى الله عليه واله وسلم ثم انتقل المصنف رحمه الله تعالى ايضا الى جملة من الروايات التي تبين كريم خلقه وطيب شمائله عليه الصلاة والسلام وانه عليه الصلاة والسلام وجد من محبة الله ومحبة الخلق ما حمد عليه فكان محمدا صلى الله عليه واله وسلم قال والمقصود ان كل محبة وتعظيم للبشر تجوز تبعا لمحبة الله وتعظيمه كمحبة رسوله صلى الله عليه وسلم تعظيمه وان النبي عليه الصلاة والسلام القى الله عليه من المهابة والمحبة ولكل مؤمن مخلص حظ من ذلك. قال الحسن البصري رحمه الله ان المؤمن رزق حلاوة ومهابة ولهذا قال عمرو بن العاص لم يكن شخص ابغض الي منه فلما اسلم قال لم يكن شخص احب الي منه ولا اجل في عيني منه صلى الله عليه وسلم قال ولو سئلت ان اصفه لكم ما اطقت لاني لم اكن املأ عيني منه اجلالا له صلى الله عليه واله وسلم. والحديث عند مسلم في صحيحه رحمه الله تعالى اذا هذا معنى محمد كثير الحمد وهو محمود عند الله محمود عند الخلق من وجوه عظيمة اجتمعت له صلوات الله وسلامه عليه لم تجتمع لغيره فانتم امة محمد صلى الله عليه وسلم امة حظية حفية بهذا النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ثم اورد المصنف رحمه الله هنا ايضا مسألة لطيفة. ما الفرق بين الاسمين محمد واحمد وكلاهما اسم له عليه الصلاة والسلام قال من وجهين الفرق من وجهين. احدهما ان محمدا يعني المحمود حمدا بعد حمد فهو دال على كثرة الحامدين له وكثرة حمدهم اياه مرة بعد مرة. وهذا يستلزم كثرة موجبات حمده عليه الصلاة والسلام اما احمد فهو افعل تفضيل من الحمد يدل على ان الحمد الذي يستحقه افضل مما يستحق غيره. فمحمد زيادة ذو حمد في الكمية واحمد زيادته في الكيفية. فيحمد اكثر حمد وافضل حمد حمده البشر. صلوات الله سلامه عليهم. هل الفرق الاول بين اسمي محمد واحمد وكلاهما اسم لرسول الله عليه الصلاة والسلام. قال الوجه الثاني من الفرق ان محمد بمعنى المحمود حمدا متكررا مرة بعد مرة كما تقدم. اما احمد فمعناه في هذا التفريق ان حمده لربه افضل من حمد الحامدين غيره فاحد الاسمين محمد يدل على كونه هو محمودا ودل الاسم الثاني احمد على كونه هو خير الحامدين لربه واعظمهم عليه الصلاة والسلام وساق هنا ايضا كلاما لطيف تنوا فوائد لغوية فيما يتعلق بالصياغة والوزن الصرفي والاشتقاق. ثم انتقل منها رحمه الله تعالى الى مسألة فيما يتعلق باسم النبي عليه الصلاة والسلام محمد ان تسميته باحمد كانت قبل تسميته بمحمد كما ذكر ابو القاسم السهيلي رحمه الله تعالى في الروض الانف يشرح سيرة ابن هشام قال ولهذا بشر به عيسى عليه السلام باسمه احمد كما في سورة الصف. واذ قال عيسى ابن مريم يا بني اسرائيل اني رسول الله اليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد. وفي حديث طويل اخرجه ابو نعيم وغيره وهو ضعيف السند لما قال تلك امة احمد يا موسى ثم ناقش المصنف هذا القول وان اسم احمد كان قبل اسم محمد له عليه الصلاة والسلام وناقشه من وجوه ان اسم محمد ايضا كان موجودا قبل الانجيل كما في التوراة وقر بهذا كل عالم من مؤمني اهل الكتاب وايضا نقل عن بعض شروح التوراة ما يدل على وجود اسم محمد فيها فيكون سابقا على اسم احمد لا كما يظن انه تقدم عليه واطال رحمه الله تعالى في هذا النقل وقرر بانه لا يصح التسليم بهذا على الاطلاق. وانما سمى عيسى عليه السلام نبينا احمد كما في القرآن فتسميته باحمد متأخرة عن تسميته محمدا في التوراة ومتقدمة على تسميته محمدا في القرآن فوقعت بين التسميتين محفوفة بهما وهذان الاسمان كما تقدم صفتان في الحقيقة تحملان معنى الحمد له والحمد منه عليه الصلاة والسلام وهذا كله من فوائد هذا الاسم الكريم لنبينا عليه الصلاة والسلام. اذا في الصيغة نقول اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم. اللهم وقد تقدم معناها وصلي وعرفنا معنى الصلاة. واما محمد فهذا كلامه في الفصل الثالث. في الفصل الرابع انتقل المصنف رحمه الله الى معنى اسم قال السنا نقول صل على محمد وعلى ال محمد فما معنى ال محمد؟ من اله عليه الصلاة والسلام؟ ومن اين جاءت هذه الكلمة لغة خصص الفصل الرابع رحمه الله في هذا الباب الثاني من الكتاب لبيان معنى الال واشتقاقه واحكامه. ثم نقل قولين لاهل اللغة ان كلمة ال اصلها اهل في القول الاول اهل الكلمة المعروفة ثم قلبت الهمزة ثم قلبت الهاء همزة ثم خففت الهمزة وسهلت على قياس امثالها فابدلت الفا فأصبحت ال. ثم ضعف هذا القول بانه آآ من وجوه لغوية عدة غير مسلم به. ثم قال وهذا يعود الى معنى ال بمعنى رجع. انتقل الى القول الثاني ان ال عائدة من الاولي وهو اصل اشتقاقها ثم آآ قلبت الواو ايضا فصارت اول وال الرجل بمعنى اهله وعياله وهي من الة يؤول بمعنى رجع. فال الرجل هم الذي يرجعون اليه ويظافون اليه ويؤولهم يعني يسوسهم فيكون مئالهم اليهم. اذا اما من اهل واما من اول بمعنى ال اي رجع اما معنى ذلك فقال بعض اهل العلم ال الرجل نفسه وال الرجل لمن يتبعه واله اهله واقاربه. اذا ال الشخص نفس الشخص واله ايضا اهله واهل واله ايضا اقاربه وعشيرته وجماعته. من ذلك قول النبي عليه الصلاة والسلام لما جاء ابو اوفى الصحابي الجليل بصدقته فقال عليه الصلاة والسلام اللهم صل على ال ابي اوفى وقال الله سلام على ال ياسين وفي قراءة صحيحة على ال ياسين. وقول النبي عليه الصلاة والسلام اللهم صل على محمد وعلى ال محمد الى اخرها فيكون الال هنا بمعنى الرجل نفسه واتباعه واسرته وجماعته وقرابته. وناقش المصنف رحمه الله ما علقوا بقراءة ال ياسين وال ياسين. قال ففصل النزاع بعد ما ذكر الخلاف ان الال ان افرد دخل في المضاف اليه لما في قوله تعالى ادخلوا ال فرعون اشد العذاب. فرعون داخل او غير داخل الجواب بلى قال اذا جاءت ال مفردة دخل فيها المضاف اليه ولا ريب في دخول فرعون في اله في قوله ادخلوا ال فرعون ومثله ولقد اخذنا ال فرعون بالسنين ونقص من الثمرات ففرعون داخل فيه. ومنه ايضا دعاء النبي عليه الصلاة والسلام قد تقدم قبل قليل. اللهم صل على ال ابي او فابو اوفى الصحابي نفسه الذي جاء بصدقته داخل في هذا الدعاء وان لم يسمه. فمعنى دخول الرجل في اله من باب باولى كما تقدم. لكن ان ذكر الرجل ثم ذكر اله لم يدخل فيهم فرق بين ان تقول اعطي هذا لزيد وال زيد فلما فصلت زيدا وحده فانه لن يدخل في قولك ال زيد. لانك قد نصصت عليه وخصصته. ولو قلت اعطي ال زيد دخل فيهم بلا خلاف كما تقدم من هم ال النبي عليه الصلاة والسلام اختلف في هذا كما قال ابن القيم رحمه الله على اربعة اقوال القول الاول هم الذين حرمت عليهم الصدقة وفيهم ثلاثة اقوال للعلماء انهم بنو هاشم وبنو المطلب وهذا مذهب ابو الشافعي واحمد في رواية عنه الثاني انهم بنو هاشم خاصة وهذا مذهب ابي حنيفة والرواية الثانية عن احمد والقول الثالث انهم بنو هاشم ومن فوقهم الى بني غالب فيدخل فيهم بنو المطلب وبنو امية وبنو نوفل ومن فوقهم الى بني غالب. وهذا اختيار بعض العلماء مثل اشهب من اصحاب الامام مالك وحكاه اللخمي في التبصرة عن اصبغ وهذا القول انهم من تحرم عليهم الصدقة هو قول الامام الشافعي المنصوص عنه قول احمد والاكثرين وهو اختيار جمهور اصحاب الامامين الشافعي واحمد رحم الله الجميع. اذا هذا القول الاول ان لما نقول الله اللهم صل على محمد وعلى ال محمد فاله كل من حرمت عليهم الصدقة بخلاف هل هم بنو هاشم فقط ام بنو هاشم وبنو المطلب ام بنو هاشم ومن فوقهم الى بني غالب وقد سمعتم الاقوال. القول الثاني ان ال النبي عليه الصلاة والسلام هم نيته وازواجه خاصة وليس كل بني هاشم ولا بني المطلب هم ازواجه وذريته خاصة. هذا القول حكاه الامام ابن عبدالبر في التمهيد. قال في باب عبدالله بن ابي بكر في شرح في حديث ابي حميد الساعدي استدل قوم بهذا الحديث على ان ال محمد هم ازواجه وذريته خاصة لانه قال في الحديث اللهم صل على محمد وعلى ال محمد وفي رواية ابي حميد اللهم صل على محمد وازواجه وذريته. فقال هذا تفسير ذلك حديث وان ال محمد في الرواية هم الذين ذكروا في الرواية الثانية ازواجه وذريته صلى الله عليه وسلم خاصة. فجائز ان يقول الرجل كل من كان من ازواج محمد صلى الله عليه وسلم ومن ذريته صلى الله عليك اذا واجهه وصلى الله عليه اذا غاب عنه قال ولا يجوز ذلك في غيرهم والال والاهل سواء والرجل واهله سواء وهم الازواج والذرية بدلالة هذا الحديث. اذا هذا القول الثاني القول الثالث ان ال النبي عليه الصلاة والسلام ليسوا فقط ازواجه وذريته وليسوا بني هاشم وبني المطلب فقط قال هم اتباعه من امته الى يوم القيامة هذا القول حكاه ابن عبدالبر ايضا عن بعض اهل العلم قال ابن القيم واقدم من روي عنه هذا القول جابر ابن عبد الله رضي الله عنه. ذكره البيهقي عنه يعني في السنن الكبرى وفي سنده عبدالله بن محمد بن عقيل فيه كلام ورواه ايضا عن سفيان الثوري وغيره. واختار هذا القول بعض اصحاب الشافعي حكاه ابو الطيب الطبري ورجحه الامام النووي في شرح مسلم واختاره الازهري. القول الرابع ان ال النبي عليه الصلاة والسلام ليسوا هم كل امته هم الاتقياء من امته حكاه القاضي حسين والراغب الاصفهاني جماعة. اذا اربعة اقوال يا امة محمد صلى الله عليه وسلم جاءت لاهل العلم في تفسير ال النبي عليه الصلاة والسلام نعيدها استذكارا واختصارا. القول الاول انهم بنو هاشم وبنو من حرمت عليهم الصدقة هل هم بنو هاشم وبنو المطلب خاصة؟ ام يزود فوقهم من اه بل فوق بني هاشم الى بني غالب القول الثاني ان ال النبي عليه الصلاة والسلام ازواجه وذريته خاصة. القول الثالث اتباعه من امته الى يوم القيامة. القول الرابع متقون الاتقياء من امته خاصة عليه الصلاة والسلام. وقد عرفت اصحاب الاقوال ومن يقول بكل قول ثم ثم انتقل رحمه الله في ذكر الحجج والادلة التي استدل بها اصحاب هذه الاقوال الاربعة وخص ذلك في اطال فيه رحمه الله تعالى القول وذكر الروايات واجاب عما يمكن الجواب عنه واختص من ذلك رحمه الله الله تعالى القول الاول والثاني لقوته وظهور ادلته. واطال رحمه الله تعالى في ذكر نقاش هذه الادلة الى ترجيح الراجح منها وتضعيف ما يراه ضعيفا رحمه الله تعالى. وانتقل كذلك بعدها الى الازواج وخصهم هنا فصلا لطيفا في بيان ازواج النبي عليه الصلاة والسلام. الازواج جمع زوج ويقال زوجة. والاول افصح. قال واصلحنا له وجهه اسكن وانت وزوجك الجنة. ومنه قول ابن عباس رضي الله عنه في عائشة رضي الله عنها انها زوجة نبيكم وصلى الله عليه وسلم في الدنيا وفي الاخرة وساق رحمه الله تعالى في فوائد لغوية معنى الزوج والزواج وما دلالته في اللغة وكيف يأتي في القرآن الكريم ووجدها فرصة رحمه الله في هذا الفصل بان يذكر امهات المؤمنين زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم. امهاتنا رضي الله عنهن وارضاهن واكرمهن في كما اكرمهن في الدنيا بصحبة رسولنا عليه الصلاة والسلام. قال فصل وهذا اليق المواضع بذكر ازواجه صلى الله عليه وسلم. ثم انتقل رحمه الله يسردهن ومناقبهن من خديجة بنت خويلد امنا رضي الله عنها الى ميمونة بنت الحارث رضي الله عنها ورضي عن امهات المؤمنين قال خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبدالعز بن قصي بن كلاب تزوجها بمكة وهو ابن خمس وعشرين سنة قيت معه الى ان اكرمه الله تعالى بالرسالة فامنت به ونصرته فكانت له وزير صدق وماتت قبل الهجرة بثلاث سنين في الاصح وقيل باربع وقيل بخمس ولها خصائص رضي الله عنها. منها انه لم يتزوج عليها غيرها يعني كل زوجاته اللاتي تزوجهن بعدها كانت بعد مماتها رضي الله عنها. فما تزوج عليها ضرة في حياتها. ومنها ان اولاده كلهم منها. من خديجة رضي الله عنها. الا ابراهيم فانه غان من مارية القبطي رضي الله عنها. ومنها ان امنا خديجة خير نساء الامة واختلف في تفضيلها على عائشة رضي الله عنها على ثلاثة اقوال هل هي افضل ام عائشة افضل؟ والقول الثالث عند اهل العلم بالتوقف يقول ابن القيم رحمه الله سألت شيخنا ابن تيمية رحمه الله فقال يعني التفضيل بين عائشة وخديجة رضي الله عنهما. فقال اختص كل واحدة منهما بخاصة فخديجة كان تأثيرها في اول الاسلام وكانت تسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وتثبته وتسكنه وتبذل دونه ما لها. فادركت غرة الاسلام. واحتملت الاذى في الله وفي رسوله صلى الله عليه وسلم. وكانت نصرتها للرسول صلى الله عليه وسلم في اعظم اوقات الحاجة. فلها من النصرة البذل ما ليس لغيرها. قال وعائشة رضي الله عنها تأثيرها كان في اخر الاسلام. فلها من التفقه في الدين وتبليغه الى امة وانتفاع بنيها بما ادت اليهم بنيها يعني نحن ابناؤها في الامة وانتفاع بنيها بما ادت اليهم من العلم ما ليس لغيره هذا معنى كلامه رضي الله عنه يقصد كلام شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية. قال ومن خصائصها ايضا ان الله بعث اليها بالسلام اجبريل فبلغها النبي عليه الصلاة والسلام ذلك كما في حديث ابي هريرة رضي الله عنه قال وهذه لعمر الله خاصة لم تكن لسواها واما عائشة رضي الله عنها فان جبريل سلم عليها على لسان النبي عليه الصلاة والسلام لما قال لها يوما يا عائش هذا جبرائيل يقرئك السلام فقالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته ترى ما لا ارى رسول الله صلى الله عليه وسلم. من خواص خديجة رضي الله عنها انها لم تسوءه قط ولم تغاضبه ولم ينلها منه ايلاء ولا عتب قط ولا هجر وكفى بهذه منقبة وفظيلة. من خواصها انها اول امرأة امنت في الامة بالله. وبرسوله صلى الله عليه وسلم اما بعدها فانها سودة بنت زمعة لما توفى الله خديجة تزوج عليه الصلاة والسلام سودة رضي الله عنها سودة بنت زمعة ابن قيس ابن عبد شمس ابن عبد ود ابن نصر ابن مالك ابن حسلب ابن عامر من ابن لؤي كبرت عنده واراد طلاقها فوهبت يومها لعائشة فامسكها. وهذا من خواصها انها اثرت بيومها احب النبي عليه الصلاة والسلام تقربا اليه وحبا له وايثارا لمقامها معه فكان يقسم لنسائه ولا يقسم لها وهي بذلك راضية مؤثرة لرضى رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها. الثالثة الصديقة بنت الصديق عائشة رضي الله عنها وعن ابيها تزوجها وهي بنت ست سنين قبل الهجرة بسنتين وقيل بثلاث وبنى بها يعني دخل بها في المدينة اول مقدمه في السنة الاولى وهي بنت تسع سنين مات عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة. وتوفيت بالمدينة ودفنت بالبقيع. اوصت ان يصلي عليها ابو هريرة رضي الله عنها سنة ثمان وخمسين. اما خصائصها فهي احب ازواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سئل اي الناس احب اليك؟ قال عائشة. قيل فمن الرجال؟ قال ابوها. من خصائصها انه ما تزوج صلى الله عليه وسلم امرأة بكرا غيرها وكان ينزل عليه الوحي وهو في لحافها دون غيرها. وان الله لما انزل عليه اية التخيير بين نسائه ان يخترن الدنيا او يخترن النبي عليه الصلاة والسلام بدأ بها فقال ولا عليك الا تعجلي حتى تستأمري ابويك. قالت افي هذا استأمر ابوي فاني اريد الله ورسوله والدار الاخرة فاستن بها بقية ازواجه صلى الله عليه وسلم وقلن كما قالت رضي الله عنها وعنهن. من خصائص امنا عائشة رضي الله عنها ان الله برأها مما رماها بها اهل الافك. وانزل في عذرها وبرائتها وحيا يتلى في محاريب المسلمين وصلواتهم الى يوم القيامة. شهد الله لها بانها من الطيبات ووعدها بالمغفرة والرزق الكريم. واخبر ان ما قيل قيل فيها من الافك كان خيرا لها ولم يكن الذي قيل شرا لها ولا عائبا لها ولا خافضا من شأنها بل رفعها الله بذلك واعلى قدرها ثم قال وتأمل هذا التشريف والاكرام الناشئ عن فرط تواضعها واستصغارها لما قالت ولشأني في نفسي كان احقر من ان تكلم الله في بوحي يتلى ولكني كنت ارجو ان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم رؤيا يبرئني الله بها قال فهذه صديقة الامة وام المؤمنين وحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها وارضاها واطال رحمه الله في ذكر فضلها ومناقبها وما خصها الله تعالى به. قال ومنها ان الاكابر من الصحابة كانوا اذا اشكل عليهم الامر من الدين يستفتونها فيجدون العلم عندها وان رسول الله عليه الصلاة والسلام مات في بيتها وفي يومها وبين سحرها ودفن في بيتها وان الملك ارى صورتها للنبي عليه الصلاة والسلام قبل ان يتزوجها في سرقة حرير قال ان انا هذا من عند الله يمضه والناس كانوا يتحرون بهداياهم يومها من رسول الله عليه الصلاة والسلام اما التي بعدها فحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها وعن ابيها. تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام وكانت قبله متزوجة خنيس ابن حذافة رضي الله عنه من اصحاب بدر توفيت سنة سبع او ثمان وعشرين. كانت حفصة رضي الله عنها كما في السيرة لابي محمد المقدسي طلقها النبي عليه الصلاة والسلام مرة فاتاه جبريل فقال ان الله يأمرك ان تراجع حفصة فانها صوامة قوامة وانها زوجتك في الجنة الحديث اخرجه الطبراني في الاوسط والضياء في المختارة وهو منكر بهذا الاسناد والصواب انه مرسل كما ذكر المحقق وذكر ايضا من آآ زوجات النبي عليه الصلاة والسلام ام حبيبة بنت ابي سفيان رضي الله عنها واسمها رملة. بنت صخر بن حرب بن امية ابن عبد شمس ابن عبد مناف كانت قبله متزوجة بعبيد الله بن جحش وهاجرت معه الى ارض الحبشة. فتنصر هناك واتم الله لها الاسلام. وفي ثبوت خبر لزوجها بالحبشة نظر كما ذكر المحقق. تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام وهي في الحبشة. ودفع صداقها النجاشي هناك اربعمائة دينار وبعث بها الى رسول الله عليه الصلاة والسلام مع عمرو بن امية الظمر الى ارض الحبشة وتولى نكاحها عثمان بن عفان وقيل خالد بن سعيد بن العاص ومن ازواج النبي عليه الصلاة والسلام ايضا فيما ساق المصنف رحمه الله تعالى في هذا الباب وهو يعدهن ويذكر فضائلهن ومناقبهن قد اطال فيما يتعلق بنكاح ام حبيبة والروايات الواردة وعلى طريقته في الاستطراد افاد واجاد رحمه الله في ذكر الروايات وكلام علماء ونقضي ذلك وتمحيصه. ثم قال ام سلمة واسمها هند بنت امية ابن المغيرة ابن عبد الله ابن عمر ابن مخزوم. كانت قبله متزوجة بابي سلمة بن عبدالاسد توفيت سنة اثنين وستين ودفنت بالبقيع وهي اخر ازواج النبي عليه الصلاة والسلام موتا وقيل بل ميمونة من خصائصها ان جبريل عليه السلام دخل على النبي عليه الصلاة والسلام وهي عنده فرأته في صورة دحية الكلبي كما في صحيح مسلم. زوجها ابنها عمر. كان وليا في نكاحها لما تزوجت برسول الله عليه الصلاة والسلام ورد بعض اهل العلم بادارك بانه لم يكن من السن حينئذ ما يعقل به التزويج وانتقل رحمه الله الله كذلك الى ذكر زينب بنت جحش من بني خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر بنت عمته اميمة. فزينب بنت جحش بنت عمة لرسول الله عليه الصلاة والسلام عمته اميمة بنت عبدالمطلب وهي التي كانت تزوجت قبله بزيد ابن حارثة فطلقها فتزوجها النبي عليه الصلاة والسلام من فوق سبع سماوات فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها كما في سورة الاحزاب وهي تقول زوجكن اهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماواته وهذا من خصائصه رضي الله عنها توفيت بالمدينة سنة عشرين ودفنت بالبقيع. ثم ذكر زينب بنت خزيمة وكانت تحت عبدالله بن جحش تزوجها سنة ثلاث من الهجرة وهي المسماة بام المساكين لكثرة اطعامها رضي الله عنها. لكنها لم تلبث عند رسول الله عليه الصلاة والسلام الا يسيرا شهرين او ثلاثة وتوفيت رضي الله عنها ثم ذكر جويرية بنت الحارث من بني المصطلق التي سبيت اسيرة في غزوة بني المصطلق. فقضى النبي عليه الصلاة والسلام كتابتها وتزوجها سنة ست من الهجرة وتوفي سنة ست وخمسين. بسببها اعتق المسلمون مائة اهل بيت من الرقيق. وقالوا اصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان هذا من بركتها على قومها. ثم ذكر بعدها صفية بنت حيي من ولد هارون ابن عمران اخي موسى عليهما السلام. تزوجها سنة سبع وهي من سبي خيبر وكانت متزوجة بكنانة ابن ابي الحقير من رؤوس اليهود الذي قتله النبي عليه الصلاة والسلام. ومن خصائصها ان النبي عليه الصلاة والسلام اعتقها وجعل عتقها صداقها. وكان هذا سنة للامة الى يوم القيامة. كما تولت بذلك الروايات وهذا من خصائصها رضي الله عنها. ثم ذكر اخيرا ميمونة بنت الحارث الهلالية التي تزوجها بسرف وبنى بها موضع قرب مكة عند الداخل اليها من جهة التنعيم من شمال مكة. وماتت بسرف على تسعة اميال من مكة وهي اخر من تزوج من من امهات المؤمنين رضي الله عنهن. توفيت سنة ثلاث وستين هي خالة عبد الله ابن عباس وخالد ابن الوليد. فان امه ام الفضل بنت الحاج وهي التي اختلف في نكاح النبي عليه الصلاة والسلام هل نكحها محرما او حلالا؟ قال فهؤلاء جملة من دخل بهن من النساء هن احدى عشرة امرأة رضي الله عنهن. قال ابو الحافظ ابو محمد المقدسي وعقد النبي عليه الصلاة والسلام على سبع ولم يدخل بهن. فالصلاة على ازواجه لما نقول اللهم صل على محمد وال محمد. او على محمد وازواجه وذريته. الصلاة على ازواجه تابعة لاحترامهن وتحريمهن على الامة. وانهن نساؤه صلى الله عليه وسلم في الدنيا والاخرة. فمن فارقها في حياتها ولم يدخل بها لم يثبت لها احكام زوجاته اللاتي دخل بهن ومات عنهن صلى الله عليه وعلى اله وازواجه وذريته وسلم تسليما كثيرا. وللفصول هذه بقية نأتي عليها في مجالس الجمع المقبلة ان شاء الله تعالى ليلة مباركة فاغتنموا بركتها بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه وسلم ولتضئ صحائفكم ليلة الجمعة ويوم الجمعة بكثرة ما تحوزون من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. فانه قد قال من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا الموفقون من امته من يحوز هذه الخيرات باحتياء باحتراز وحيازة هذه الصلوات عليه صلى الله عليه واله وسلم وارزقنا ربنا بالصلاة والسلام عليه اعلى الدرجات واسنى المقامات يا كريم يا قريب يا سميع يا مجيب الدعوات واجعل لنا ولامة الاسلام جميعا من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ومن كل بلاء عافية يا ارحم الراحمين. نسألك ربنا العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والاخرة. واصرف عنا وعن المسلمين شر الاوبئة والامراض والاسقام والادواء. اللهم في مبتلانا واشف مرضانا وارحم موتانا واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين. اللهم بارك لنا في هذا الشهر الفظيل وارزقنا فيه حسن الصيام والقيام وتقبل منا انك انت السميع العليم وتب علينا انك انت التواب الرحيم. اللهم فرج الغمة وارحم الامة. واسعد القلوب المؤمنة بانفراج الازمة والعودة الى ما كانت تعهده من ارتياد المساجد وشهود الجمع والجماعات وانت كريم رب رحيم ودود سبحانك وبحمدك لا نحصي ثناء عليك انت كما اثنيت على نفسك وصلي اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين