بسم الله الرحمن الرحيم اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه والصلاة والسلام الاتمان على خير خلق الله وامام انبيائه وخاتم رسله سيدنا وحبيبنا وقدوتنا وشفيعنا محمد بن عبدالله وعلى ال بيته وصحابته ومن استن بسنته واهتدى بهداه اما بعد معشر المسلمين تمرحان ببيت الله الحرام ومن جواركع المعظمة ما تزال هذه المجالس منعقدة في كل ليلة من ليالي الجمعة في عرض موجز ومضامين كتاب جلاء الافهام في فضل الصلاة والسلام على خير الانام صلى الله عليه واله وسلم الامام ابن قيم الجوزية رحمه الله تعالى ما يزال هذا المجلس متتابعا في كل ليلة من ليالي الجمعة. نلتمس بركتها بكثرة الصلاة والسلام عليه صلى الله عليه واله وسلم مستجيبين لترغيبه وحثه صلوات الله وسلامه عليه اذ يقول اكثروا من الصلاة علي يوم الجمعة وليلة الجمعة فان صلاتكم معروضة علي. وهو القائل في البشارة عليه الصلاة والسلام. فمن صلى علي صلاة صلى الله عليه بها فيها عشرا صلى الله عليه واله وسلم عدد ما صلى عليه المصلون وصلى الله عليه وسلم عدد ما غفل عن الصلاة عليه الغافلون وهذا المجلس الذي يأتي تباعا استكمالا لمجالس سبقت في عرض مضامين الكتاب. وقد تقدم بكم ايها المباركون ان الباب الاول من كتاب جلاء الافهام لابن القيم رحمه الله عقده المصنف رحمه الله تعالى في بيان المرويات في واثار الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام في فضلها وصيغتها. وتقدمت منها جملة جعل منها فصلا للاحاديث المرفوعة ساق فيها الروايات والمخارج وعدد الطرق وتكلم عنها. وجعل الفصل الثاني في الاثار الموقوفة والمقطوعة ما يتعلق بها. اما الباب الثاني فهو صلب الكتاب المعقود لبيان الفاظ صيغة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام تطرحها وتبين معناها وهو الذي نتوجه اليه حقيقة في صلب هذا الكتاب ان يكون احدنا معشر المسلمين. الذين يصلون على النبي عليه الصلاة والسلام في كل وقت وحين. نصلي عليه في التشهد الاخير داخل الصلوات. نصلي عليه كل ما سمعنا اسمه في الاذان والخطب وفي كل مجال ان نقول صلى الله عليه وسلم او اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم انك حميد مجيد فجعل المصنف رحمه الله الباب الثاني من الكتاب كما تقدم في مجالس سبقت لتناول الفاظ هذه الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام. وشرحها كلمة كلمة في فصول عشرة تقدم منها الفصل الاول المتعلق بشرح لفظة اللهم وتقدم الفصل الثاني الذي تناول فيه معنى الصلاة من الله سبحانه وتعالى واي معن تكون سواء كانت الصلاة العامة او الخاصة على الانبياء والرسل عليهم السلام. ثم تناولنا قوله محمد وهذا الاسم الكريم لنبينا صلى الله عليه وسلم. ودلالته وما معناه؟ ومن اين جاء الحمد منه؟ وعليه صلى الله عليه واله وسلم في معنى بديع تقدم في المجلس السابق. ثم حاولنا في الفصل الرابع معنى ال محمد من ال بيته عليه الصلاة والسلام؟ وما اقاويل اهل العلم في تحديدهم الخلاف الذي ذكره العلماء في بيان معنى اله عليه الصلاة والسلام. وعطفا على ذلك ختم الفصل الرابع رحمه الله بذكر ازواجه امهات المؤمنين رضي الله عنهن اجمعين وهذا المجلس الليلة معقود لبيان الفصول التالية من هذا الباب الثاني ومطلعها الفصل الخامس في ذكر ابراهيم خليل الرحمن عليه الصلاة والسلام لانك تقول صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم. فتكلم في هذا الفصل عن خليل الله ابراهيم عليه السلام قائلا ان ابراهيم بالسريانية معناه اب رحيم. ابراهيم اي اب رحيم. قال والله سبحانه جعل على ابراهيم عليه السلام الاب الثالث للعالم فان ابانا الاول ادم عليه السلام والاب الثاني نوح عليه السلام واهل الارض كلهم من ذريته كما قال تعالى وجعلنا ذريته هم الباقين قال فالاب الثالث ابو الاباء وعمود العالم وامام الحنفاء الذي اتخذه الله خليلا وجعل النبوة والكتاب في ذريته ذاك خليل الرحمن. وشيخ الانبياء كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فانه لما دخل الكعبة وجد المشركين قد صوروا فيها صورته وصورة اسماعيل ابنه وهما يستقسمان بالازلام فقال عليه الصلاة والسلام قاتلهم الله لقد علموا ان شيخنا لم يكن يستقسم بالازلام والحديث عند البخاري من حديث ابن باسم دون لفظة شيخنا قال لم يأمر الله سبحانه النبي عليه الصلاة والسلام ان يتبع ملة احد من الانبياء غير ابراهيم. فقال ثم اوحينا اليك ان اتبع ملة ابراهيم حنيفا وما انا من المشركين وكما امره الله امر امته قال هو اجتباكم وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة ابيكم ابراهيم هو سماكم المسلمين من قبل وملة منصوب على اظمار فعل اي اتبعوا والزموا ملة ابراهيم وقال ايضا كان النبي عليه الصلاة والسلام يوصي اصحابه اذا اصبحوا واذا امسوا بهذا الذكر والدعاء اصبحنا على فطرة الاسلام كلمة الاخلاص ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. وملة ابراهيم حنيفا مسلما. وما كان من المشركين هذا الربط الكريم من نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم لامته بابيه ابي الانبياء ابراهيم عليه السلام له دلالات تربطنا امة الاسلام بهذا النبي الكريم ابي الانبياء خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام. هذه نماذج يعرضها ابن القيم رحمه الله لبيان العلاقة الحميمية بين نبينا صلى الله عليه وسلم خاتم الانبياء. والخليل للرحمن عز وجل مع خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام هذان الخليلان تربطهما علاقة وثيقة تفوق علاقة النسب الذي يتصل فيه نسب نبينا محمد صلى صلى الله عليه وسلم بجده الخليل ابراهيم عليه السلام. ها هنا نقاط التقاء عظيمة جليلة بين الخليلين محمد وابراهيم عليهما وعلى سائر الانبياء افضل الصلاة واتم السلام قال تأمل في هذا الدعاء كيف جعل الفطرة للاسلام فانه فطرة الله وكلمة الاخلاص هي شهادة ان لا اله الا الله وجعل الملة لابراهيم ابراهيم عليه السلام فانه صاحب الملة. وهي التوحيد وعبادة الله وحده لا شريك له. ومحبته فوق كل محبة. وجعل الدين للنبي عليه الصلاة والسلام في القرآن سمى الله ابراهيم عليه السلام اماما وامة وقانتا وحنيفا. قال سبحانه واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن. قال اني جاعلك للناس اماما. قال ومن ذريتي؟ قال لا ينال عهدي الظالمين. فاخبر انه جعله اماما للناس. وان الظالم من ذريته لا يبلغ رتبة الامامة. قال سبحانه وتعالى ان ابراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين شاكرا لانعمه اجتباه وهداه الى صراط مستقيم. واتيناه في الدنيا حسنة وانه في الاخرة لمن الصالحين ما معنى امة؟ ان ابراهيم كان امة قال ابن القيم رحمه الله الامة هو القدوة المعلم للخير قانتا القانت المطيع لله الملازم لطاعة الله. حنيفا المقبل على الله تعالى المعرض عما سواه. ومن فسر المائل من فسر الحنيف بمعنى المائل لم يفسره بنفس موضوع اللفظ بل بلازمه فان الحنف هو الاقبال. ومن اقبل على شيء مال عن غيره ولابد والمقصود ان ابراهيم عليه السلام هو ابونا الثالث وهو امام الحنفاء وتسمية اهل الكتاب له عمود العالم وجميع اهل الملل متفقة على تعظيمه وتوليه محبته عليه السلام كان خير بنيه سيد ولد ادم محمد صلى الله عليه وسلم. كان يجله ويعظمه ويبجله ويحترمه وهذا ملحوظ في جملة وافرة من هدي المصطفى عليه الصلاة والسلام وعرض منها المصنف جملة في الصحيحين من حديث انس بن مالك رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي عليه الصلاة والسلام فقال يا خير البريء فقال صلى الله عليه وسلم ذاك ابراهيم وسماه شيخا كما تقدم وثبت في صحيح البخاري ايضا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ان النبي عليه الصلاة والسلام قال انكم محشورون حفاة عراة غرلا ثم قرأ كما بدأنا اول خلق نعيده وعدا علينا انا كنا فاعلين. واول من يكسى يوم يامتي ابراهيم عليه السلام. ومن مناقبه ايضا خليل الله ابراهيم عليه السلام. انه كان نبينا عليه الصلاة والسلام اشبه الخلق به كما في الصحيحين قال رأيت ابراهيم فاذا اقرب الناس شبها به صاحبكم يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وفي لفظ اخر قال فانظروا الى صاحبكم عليه الصلاة والسلام. كان صلى الله عليه وسلم يعوذ اولاد ابنته فاطمة الحسن والحسين رضي الله عنهما بتعويذ الخليل ابراهيم عليه السلام لابنيه اسماعيل واسحاق صلى الله الله عليهم وسلم. في صحيح البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال كان النبي عليه الصلاة والسلام يعوذ الحسن الحسين ويقول ان اباكما كان يعوذ بها اسماعيل واسحاق اعوذ بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة كان الخليل ابراهيم عليه السلام اول من قرأ الضيف واول من اختتن واول من رأى الشيب فقال ما هذا يا رب؟ قال وقار. قال رب زدني وقارا. والحديث اخرجه ما لك في والطأي وابن ابي شيبة في المصنف قال ابن القيم رحمه الله تأمل ثناء الله سبحانه على ابراهيم عليه السلام في اكرامه ضيفه من الملائكة هل اتاك حديث ضيف ابراهيم المكرمين اذ دخلوا عليه فقالوا سلاما. قال سلام قوم منكرون فراغ الى اهله جاء بعجل ثمين فقربه اليهم قال الا تأكلون ثم ذكر ابن القيم هذا الثناء الالهي من ربنا سبحانه على خليله ابراهيم عليه السلام في هذه الايات من وجوه متعددة ذكر منها ابن القيم رحمه الله خمسة عشر وجها تضمنت الايات ابرازها في الثناء على كرم وضيافة خليل الرحمن ابراهيم عليه السلام قال وقد شهد الله سبحانه انه وفى ما امر به فقال ام لم ينبأ بما في صحف موسى وابراهيم الذي وفى قال ابن عباس رضي الله عنهما وفى جميع شرائع الاسلام ووفى ما امر به من تبليغ الرسالة عليه السلام. قال تعالى لا واذ ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فاتمهن. قال اني جاعلك للناس اماما. فلما اتم ما امر وبه من الكلمات جعله الله اماما للخلائق اتمون به وكان ابراهيم عليه السلام كما قيل قلبه للرحمن وولده للقربان وبدنه للنيران وماله وللظيفان ولما اتخذه ربه خليلا والخلة هي كمال المحبة. وهي مرتبة لا تقبل المشاركة والمزاحمة وكان قد سأل ربه ان يهب له ولدا صالحا فوهب له اسماعيل الى ان قال وابراهيم عليه السلام هو الذي فتح للامة باب مناظرة المشركين واهل الباطل. وكسر حججهم ذكر الله في القرآن ومناظرته مع المشركين وكسر حججهم باحسن مناظرة فقال وتلك حجتنا اتيناها ابراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء. قال زيد بن اسلمة وغيره بالحجة والعلم. ولما غلب اعداء الله معه بالحجة وظهرت حجته عليهم وكسر اصنامهم وكسر حججهم ومعبودهم هموا بعقوبته والقائه في النار. هذا شأن المبطلين اذا غلبوا وقامت عليهم الحجة هموا بالعقوبة. كما قال فرعون لموسى لان اتخذت الها غيري لاجعلنك من المسجونين. اضرم لابراهيم عليه السلام والقوه في المنجنيق فكانت تلك السفرة كما يقول ابن القيم من اعظم سفرة سافرها وابركها عليه فانه ما سافر سفرة ابرك ولا اعظم ولا ارفع لشأنه واقر لعينه منها. في تلك السفرة عرض له جبريل بين السماء والارض فقال يا ابراهيم الك حاجة؟ قال اما اليك فلا. والحديث اخرجه الطبري في تفسيره مقطوعا. قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا. وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل قالها نبيكم وقالها ابراهيم حين القي في النار فجعل الله النار بردا وسلاما عليه ابراهيم عليه السلام هو الذي بنى بيت الله واذن في الناس بحجه وهذه نقطة التقاء وثيقة بين الخليلين محمد وابراهيم عليه السلام. هنا في مكة في بناء الكعبة في وما يتصل بتطهيرها واقامتها على التوحيد الخالص ودعوة الناس الى عبادة الله وحده انبثاقا من هذه البقعة الطاهرة فابراهيم بانيها بامر الله. المؤذن اليها بالحج كما امر الله عز وجل واذن في الناس بالحج. وجعل الله هذا البيت وهذه المباركة مهبط الوحي ومولد المصطفى صلى الله عليه واله وسلم قال فكل من حج البيت او اعتمر حصل لابراهيم من مزيد ثواب الله تعالى واكرامه بعدد الحجاج والمعتمرين قال تعالى واذ جعلنا البيت مثابة للناس وامنا. قال ابن عباس مثابة يثوبون اليه ولا يقظون منه وطرا اه يعني لا يشبعون ولا يملون كل ما جاءوا اليه اشتاقوا للعودة مرة اخرى اليه فامر الله عز وجل نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم وامته بقوله واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى امروا ان يتخذوا من مقام ابراهيم مصلى للاقتداء به واحياء اثاره صلى الله عليه وعلى نبينا وسلم مناقب هذا الامام الاعظم كما يقول ابن القيم رحمه الله اجل من ان يحيط بها كتاب. وان مد الله في العمر افردنا كتابا في لذلك يكون قطرة في بحر فضائله او اقل جعلنا الله تعالى ممن اتم به ولجعلنا ممن عدل عن ملته بمنه وكرمه قال ابن القيم وقد روى لنا عنه النبي صلى الله عليه وسلم حديثا وقع لنا متصلا الرواية اليه ورويناه في كتاب الترمذي وغيره من حديث القاسم ابن عبد عن ابيه عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيت ابراهيم ليلة اسري بي فقال يا محمد اقرئ امتك السلام واخبرهم ان الجنة طيبة التربة عذبة الماء وانها قيعان وان غراسها سبحان الله هو لا اله الا الله والله اكبر. قال الترمذي هذا حديث حسن ختم به المصنف هذا الفصل في اشارة لطيفة الى رواية وقعت لنا امة الاسلام متصلة السند بخليل الله ابراهيم عليه السلام. من خلال رحلة الاسراء والتقاء المصطفى صلى الله عليه وسلم به ثم انتقل المصنف رحمه الله الى الفصل السادس بذكر مسألة كثر فيها كلام العلماء ودققوا النظر في امر غامض دقيق خفي يتعلق بالصيغة في الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام ذلك اننا نقول فيها. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم الذي نطلبه من الله صلاة على النبي عليه الصلاة والسلام كمثل صلاته على ابراهيم عليه السلام وبركة لنبينا صلى الله عليه وسلم كمثل البركة التي كتبها الله لنبيه ابراهيم عليه السلام فماذا يفهم من هذا يقتضي التشبيه في اللغة ان المشبه به اعلى من المشبه لما تقول اعط فلانا كمثل فلان فانك تطلب ان تساوي المشبه به المشبه بالمشبه به. فدائما في التشبيه يكون المشبه به اعلى. وهذا يقتضي ان ابراهيم عليه السلام اعلى قدرا او ثناء عند الله او مكانة من نبينا صلى الله عليه وسلم وهذا يحتاج الى اجابة لان النصوص قد تظافرت على تفضيل نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم وان الله خصه بمناقب وفضائل ومكارم ارتقى بها على كل الانبياء عليه السلام وعليهم السلام جميعا. لكن هذا يحتاج الى جواب ولهذا قال الفصل السادس في ذكر المسألة المشهورة بين الناس وبيان ما فيها. وهي ان النبي صلى الله عليه وسلم افضل من ابراهيم فكيف طلب له صلى الله عليه وسلم من الصلاة ما لابراهيم عليه السلام مع ان المشبه به اصله ان يكون فوق المشبه. فكيف الجمع بين هذين الامرين المتنافيين ذكر رحمه الله تعالى جملة من اجابات اهل العلم ضعفها او بين وجوه ما يتطرق اليها من ضعف وخلل وختم بالجواب الذي الله راجحا وساعرض خلاصة هذا في الدقائق التالية. قال في الجواب الاول هذا بمعنى ان الصلاة التي قال فيها اللهم صلي على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم قال طائفة هذه الصلاة علمها النبي عليه الصلاة والسلام امته قبل ان يعرف انه سيد ولد ادم يعني هذا كان متقدما فلما علم عليه الصلاة والسلام انه سيد ولد ادم لم يكن هذا الجواب منه. يقول ابن القيم ولو سكت قائل هذا لكان اولى به وخيرا له. فان هذه هي الصلاة التي علمهم النبي عليه الصلاة والسلام اياها لما سألوه عن تفسير الاية ان الله وملائكته يصلون على النبي. يا ايها الذين امنوا صلوا عليه وسلموا تسليما قال فعلمهم هذه الصلاة وجعلها مشروعة في صلوات الامة الى يوم القيامة ونبينا لم يزل افضل ولد ادم قبل ان يعلم ذلك وبعده ثم قال وقالت طائفة اخرى هذا السؤال والطلب شرع ليتخذه الله خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا يعني ليست المقصود هنا تشبيه الصلاة بالصلاة بل المقصود السؤال له من الله ان يبلغه رتبة الخليل كما بلغ بها ابراهيم عليه السلام قال وفي الصحيح الا وان صاحبكم خليل الرحمن. قال ابن القيم وهذا الجواب من جنس ما قبله. لان مضمونه ان بعد ان اتخذه الله خليلا لا تشرع الصلاة عليه على هذا الوجه وهذا من ابطل الباطل قول ثالث لطائفة اخرى ان هذا التشبيه راجع الى المصلي انا وانت وكل من يقول اللهم صلي على محمد ان هذا الثواب او هذا التشبيه راجع الى المصلي فيما يحصل له من ثواب الصلاة عليه بمعنى اننا نطلب من ربنا ثوابا وهو ان يصلي عليه كما صلى على ال ابراهيم. ليس المقصود بالنسبة الى النبي عليه الصلاة والسلام فان المطلوب له من الصلاة اجل واعظم مما هو حاصل لغيره من العالمين. قال ابن القيم وهذا من جنس ما قبله او افسد فان تشبيه ليس فيما يحصل للمصلي بل فيما يحصل للمصلى عليه وهو النبي صلى الله عليه واله وسلم قال ولولا ان هذه الوجوه وامثالها قد ذكرها بعض الشراح وسودوا بها الطروس يعني الكتب والمصنفات واوهموا الناس ان فيها تحقيقا لكان الاظراب عنها صفحا او من ذكرها فان العالم يستحي من التكلم على هذا والاشتغال برده ثم عرض جوابا رابعا فقال وقالت طائفة اخرى التشبيه عائد الى الان فقط وان الكلام تم عند قولك اللهم صل على محمد ثم تقول وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم. فالتشبيه هنا لاله وليس له عليه الصلاة والسلام. قال وهذا قاله العمراني الفقيه عن الامام الشافعي وهو باطل عليه قطعا. فان الشافعي اجل من ان يقول مثل هذا ولا يليق هذا بعلمه وفصاحته فان هذا في غاية الركاكة والظعف. ثم بين ان الروايات الواردة جمعت بين الصلاة عليه والتشبيه بالصلاة على اله كما في قوله اللهم صلي على محمد كما صليت على ال ابراهيم مباشرة. وقال ان هذا في اللغة ايضا لا يستقيم لان العامل بقوله كما صليت يتعلق بما عطف عليه ولا يستقيم فصل الكلام على ما تم به تقرير هذا الجواب قبل قليل ثم انتقل رحمه والله تعالى الى جواب خامس قالت طائفة اخرى ان النبي عليه الصلاة والسلام له من الصلاة الخاصة به التي تلا يساويها صلاة ما لم يشركه فيها احد والمسؤول له في الدعاء انما هو صلاة زائدة على ما مضافا اليه. ويكون هذا القدر الزائد مشبها بالصلاة على ابراهيم وليس مستنكرا ان يسأل للفاضل فضيلة اعطيها المفضول منضما الى ما خص به من الفضل الذي لم يحصل غيره. مثل ان يعطي السلطان رجلا مالا عظيما ويعطي غيره دون ذلك المال فيسأل السلطان ان يعطي صاحب المال الكثير مثل ما اعطى من هو دونه. ليزداد اضافة فوق اضافة فيحصل له من مجموع العطائين مما حصل لغيره. قال ابن القيم وهذا ايضا ضعيف لان الله اخبر انه وملائكته يصلون عليه ثم امر بالصلاة ولا ريب ان المطلوب من الله هو نظير الصلاة المخبر بها ليس ما هو دونها. وانتقل بعد ذلك الى جواب سادس. قال طائفة التشبيه المذكور في اصل الصلاة لا في قدرها ولا في كيفيتها المسؤول في الطلب والدعاء يرجع الى الهيئة لا الى قدر الموهوب. كما تقول للرجل احسن الى ابنك كما احسنت الى فلان انت لا تريد قدر الاحسان وانما تريد اصل الاحسان ويحتج لذلك بقوله تعالى واحسن كما احسن الله اليك ولا ريب انه لا يقدر احد ان يحسن بقدر ما احسن الله تعالى. وانما المراد اصل الاحسان لا قدره. ومنه قوله تعالى انا اوحينا اليك كما اوحينا الى نوح والنبيين من بعده وظرب امثلة في شواهد من كتاب الله الكريم على هذا النحو ومنه في الحديث لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير. فالتشبيه هنا في اصل الرزق لا بقدره ولا كيفيته ونظائر ذلك هذا الجواب قد يبدو وجيها لكن ابن القيم رحمه الله ضعفه ايضا لوجوه قال ان ما ذكروه يجوز ان يستعمل في الاعلى والادنى والمساوي. فلو قلت احسن الى ابنك واهلك كما احسنت الى مركوبك وخادمك لكان جائزا. ومن المعلوم انه لو كان التشبيه في اصل الصلاة لكان يمكن ان تقول اللهم صل على محمد على ال محمد كما صليت على ال ابي اوفى مثلا فلماذا يخص ابراهيم عليه السلام فهذا يقدح في الجواب على هذا التقرير وذكر وجوها اخرى في التفريق بين الخبر وبين الطلب في التشبيه والمشبه به به هذا الوجه وانتهى الى جواب يراه رحمه الله تعالى ارجح من غيره بقوله قالت طائفة اخرى ان هذا التشبيه حاصل بالنسبة الى كل صلاة صلاة من صلوات المصلين. يعني انا اقول اللهم صل على محمد وانت تقول اللهم صل على محمد. وثالث تنفي الامة ورابع وعاشر والف ومئة الف واضعف ذلك فيحصل من كل واحد منا في الامة طلب مجموع ذلك يتضاعف. فيكون القدر الحاصل لنبينا عليه الصلاة والسلام. وان المشابهة بما حصل لابراهيم لكنه يتضاعف بتضاعف صلوات المصلين عليه صلى الله عليه واله وسلم. فكل صلى على النبي عليه الصلاة والسلام بهذه الصلاة فقد طلب من الله ان يصلي عليه مثل الصلاة الحاصدة لال ابراهيم اذا حصل من ذلك مجموع اضعاف مضاعفة لا تعد ولا تحصى وانتقل بعد ذلك رحمه الله مبينا عدم ارتضائه هذا الجواب تماما انتقل الى جواب ختم به الفصل فقال ال لما نقول كما صليت على ال ابراهيم من ال ابراهيم؟ قال ال ابراهيم فيهم الانبياء الذين لا يوجد في ال محمد مثلهم فاذا طلبنا للنبي عليه الصلاة والسلام ولاله صلاة مثل مال ال ابراهيم واله وفيهم انبياء حصل لال النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك ما يليق بهم. فانهم لا يبلغون مراتب الانبياء وتبقى الزيادة التي للانبياء من ذرية ابراهيم واله تبقى لمحمد صلى الله عليه وسلم فيحصل له مزية ما لم يحصل لغيره. قال واحسن من ذلك ان يقال محمد صلى الله عليه وسلم هو من ال ابراهيم ومن ولده بل هو خير ال ابراهيم. كما روى علي بن ابي طلحة عن ابن عباس ان الله اصطفى ادم ونوحا وال ابراهيم وال عمران على العالمين قال ابن عباس محمد من ال ابراهيم صلى الله عليه وسلم. والاثر اخرجه ابن ابي حاتم في تفسيره والطبري كذلك وسنده حسن قال هذا نص فاذا دخل غيره من الانبياء الذين هم من ذرية ابراهيم في ال ابراهيم فدخوله صلى الله عليه وسلم اولى طيب واذا فهمتم هذا؟ فيكون قولنا كما صليت على ال ابراهيم يتناوله عليه الصلاة والسلام. لانه من ال ابراهيم ثم قد امرنا الله ان نصلي عليه وعلى اله خصوصا بقدر ما صلينا عليه مع سائر ال إبراهيم عموما وهو فيهم فيحصل لاله من ذلك ما يليق بهم ويبقى الباقي كله له صلى الله عليه وسلم. فاذا لما نقول اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ال ابراهيم فاننا صلينا عليه مرتين. مرة بخصوصه صل على محمد. وطلبنا له من الصلاة مثل ما ابراهيم وهو داخل معهم ولا ريب ان الصلاة الحاصلة لال ابراهيم ورسولنا عليه الصلاة والسلام معهم اكمل من الصلاة التي تحصل يخودونهم في طلب له من الصلاة هذا الامر العظيم الذي هو افضل مما لخليل الله ابراهيم عليه السلام. وحينئذ تظهر فائدة التشبيه وجريانه على اصله وان المطلوب له من الصلاة بهذا اللفظ اعظم من المطلوب له بغيره اذا كان المطلوب بالدعاء هو مثل المشبه به وله منه اوفر نصيب. صار له من المشبه المطلوب اكثر مما لابراهيم وغيره ضاف الى ذلك ما له من المشبه به من الحصة التي لم تحصل لغيره. فظهر بهذا فضله وشرفه على ابراهيم. وعلى كل من اله وفيهم النبيون وصارت هذه الصلاة دالة على هذا التفظيل وتابعة له وهي من موجباته ومقتضياته فصلى الله عليه وعلى اله وسلم تسليما كثيرا. وجزاه عنا افضل ما جزى نبيا عن امته. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد كما صليت على ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ابراهيم انك حميد مجيد انتقل بعدها المصنف الى الفصل السابع وذكر فيها انه ذكر في الحديث الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام كمثل الصلاة على ال ابراهيم وقال رحمه الله ان اكثر الاحاديث الصحاح والحسان بل كلها مصرحة بذكر النبي عليه الصلاة والسلام وبذكر اله واما في حق مشبه به وهو ابراهيم واله فانما جاءت بذكر ال ابراهيم فقط دون ان يذكر ابراهيم. او بذكر ابراهيم فقط دون ذكر اله ولم يجيء حديث صحيح فيه لفظ ابراهيم وال ابراهيم كما تظاهرت على لفظ محمد وال محمد. وساق الفصل في بيان هذا المعنى. وقد اشار المحقق كتاب ان هذا من المصنف رحمه الله تعالى وهم تبع فيه في نفي ذلك شيخه شيخ الاسلام ابن تيمية وقد تعقب حفظوا الحنبلي بن رجب في القواعد الفقهية شيخ الاسلام في ذلك. وتعقب الحافظ بن حجر في شرحه فتحي الباري الامام ابن القيم في ذلك ايضا وان الاحاديث الصحيحة بل وردت بالجمع بين الصلاة على ابراهيم وال ابراهيم وبذلك لا يستقيم ما قرره في هذا الفصل واما الفصل الثامن الذي عقده بعده فانه تناول فيه رحمة الله عليه. مسألة لطيفة تتعلق بختام الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام واننا نقول في اخرها وبارك على محمد وعلى ال محمد وذكر البركة هنا وان حقيقتها الثبوت واللزوم والاستقرار. البركة النماء والزيادة والتبريك الدعاء بالبركة فاننا نطلب من الله بركة في صلاتنا على محمد صلى الله عليه واله وسلم وعلى اله كما كانت البركة حاصلة لابراهيم وال ابراهيم عليه السلام قال المصنف رحمه الله والمقصود بقولك وبارك على محمد وعلى ال محمد كما باركت على ال ابراهيم هذا الدعاء اعطاءه من الخير ما اعطى الله لال ابراهيم. وان يدوم ويثبت له ومضاعفته له وزيادته هذا البركة كما جاء في معان النصوص الاخرى التي جاء فيها ذكر البركة في ال النبي ابراهيم الكريم عليه السلام. ما البركة التي جعلها الله في ابراهيم واله حتى تطلب في الدعاء كما باركت على ابراهيم وعلى ال ابراهيم. عدد ابن القيم رحمه الله جملة لطيفة من قال لما كان هذا البيت المبارك يعني الكعبة اشرف بيوت العالم على الاطلاق خصهم الله تعالى بخصائص. جعل فيهم النبوة والكتاب فلم يؤت بعد ابراهيم نبي من النبوة الا من اهل بيته ومنها انه جعلهم ائمة يهدون بامره الى يوم القيامة ومنها انه اتخذ منهم الخليلين ابراهيم ومحمدا عليهما الصلاة والسلام وقال ان الله اتخذني خليلا كما اتخذ ابراهيم خليلا. ومنها انه جعل سبحانه صاحب هذا البيت اماما للعالمين. واجرى على يديه بناء به الذي جعله قياما للناس وقبلة لهم وحجا. وامر عباده ان يصلوا على اهل هذا البيت كما صلى على اهل بيتهم وسلفهم ابراهيم واله وهذه خاصية لهم. واخرج منهم الامتين العظيمتين اللتين لم تخرج من اهل بيت غيرهم. امة موسى امة محمد وامتنا تمام سبعين امة هم خيرها واكرمها على الله. ومنها انه جعل اهل هذا البيت فرقانا بين الناس. فالسعداء اتباعهم ومن تولاهم والاشقياء من ابغضهم واعرض عنهم وعداهم وجعل سبحانه ذكره مقرونا بذكرهم. فيقال ابراهيم خليل الرحمن ورسوله ومحمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وموسى كليم الله وقال سبحانه يذكر بهذه النعمة ورفعنا لك ذكرك. جعل سبحانه وتعالى ايضا كل طريق اليه مسدودا بينه وبين العالمين ولم يفتح لاحد قط الا من وبابهم وخصهم بما لم يخص اهل بيت سواهم من العالمين. وجعل سبحانه من خواصه من توحيده ومحبته. والاختصاص به ما لم يخص به اهل بيت سواهم ومكن لهم في الارض وايدهم ونصرهم وماحى بهم من اثار اهل الضلال والشرك وما يبغضه سبحانه ويمقته ما لم يتحقق بسواهم. ثم ذكر رحمه الله ان من بركات اهل هذا البيت انه سبحانه اظهر على ايديهم من بركات الدنيا والاخرة ما لم يظهره على اهل بيت غيرهم ورفع العذاب العام عن اهل الارض بهم وببعثتهم. واما قولنا في اخر الدعاء فانك حميد مجيد. فلان هذين الاسمين من اسماء الله يتظمنان معنى مناسبا للدعاء بالصلاة والبركة. فان حميد فعيل من الحمد بمعنى محمود ومجيد من المجد وهو العظمة والسعة والجلال فهو دال على صفات العظمة والجلال ولاننا افي دعائنا نطلب الصلاة على النبي وهي الثناء والتكريم ورفع الذكر وزيادة الحب كانت مشتملة على معنى الحمد والمجد فكأن المصلي طلب من الله ان يزيد في حمده ومجده لان الصلاة نوع حمد وتمجيد. فذكر هذين الاسمين المناسبين وهما الحميد والمجيد مناسبا للدعاء الذي نقول فيه. اللهم صل على محمد وعلى ال محمد. وتم بهذا للمصنف الفصل التاسع وجعلها قاعدة ختم بها الفصل العاشر في تمام الباب الثاني في مناسبة الاذكار والدعوات بان تختم من اسماء الله الحسنى بما يليق بها في المعنى الملائم لها. تم الباب الثاني وهو صب الكتاب كما تقدم. وفي الكتاب ابواب اخر نأتي عليها تباعا ان شاء الله تعالى هذه الليلة المباركة امة الاسلام حقها ان ننهل من بركاتها وان نحوز من خيراتها وان نقبل فيها على كثرة من صلاتنا وسلامنا على نبينا صلى الله عليه وسلم. حبا له ووفاء واداء لبعض حقه علينا. واداء لواجب بن يزيد في ايماننا ويقربنا من ربنا ونستنزل بها اضعافها عشرا من صلوات ربنا علينا كلما اشتغل عبد بالصلاة على عليه الصلاة والسلام امطرته صلوات ربه بعشرة اضعافها. فاللهم صل وسلم وبارك عليه كما تحب ان يصلى ويسلم عليه وارزقنا الهي بالصلاة والسلام عليه كرامات ودرجات رفيعة في الدنيا والاخرة. ربنا تقبل منا الصيام والقيام. واعنا على صالح العمل واختم لنا شهر رمضان بغفرانك والعتق من نيرانك يا حي يا قيوم. ربنا اتنا في الدنيا حسنة وفي الاخرة حسنة وقنا عذاب النار. وصل اللهم وسلم وبارك على عبدك ورسولك نبينا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين. والحمد لله رب العالمين